[ود]
¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
ستة عشرة عاما على مهرجان مسقط شاهد على ثراء التراث العماني والتواصل مع الشعوب
Thu, 26 يناير 2012
قـراءة: أحمد بن عبدالله الحسني:-- مهرجان مسقط 2012 يأتي بعد 16 عاما من انطلاقته في عام 1996 بمهرجان محلي اقتصر على فعاليات مبسطة، وبعدها ترسخت الفكرة لدى بلدية مسقط ليكون مهرجانا سنويا، وقد عزمت البلدية بعد انطلاقة الضوء الاخضر في عام 96 لتدشن اول مهرجان في عام 1998 في حديقة القرم الطبيعية فعاليات متنوعة شهدها نصف مليون زائر، هذه الرحلة السنوية لمهرجان مسقط تعتبر متحفا حيا شاهد على ثراء التراث العماني وفضاء رحبا للتواصل بين كافة الشعوب والأمم، واصبحت الفعاليات السنوية في المهرجان تتنوع من سنة الى اخرى بين التسوق والفعاليات الترفيهية والفنية والثقافية والرياضية، وابرازها على الصعيدين الاقليمي والعالمي بما يعكس ملامح السلطنة في كافة الجوانب المتعددة، اما على الصعيد المحلي فما زال مهرجان مسقط السنوي ثمرة تعاون بين العديد من القطاعات بما يخدم المجالات السياحية والاقتصادية والثقافية، ومنذ انطلاق الدورة الاولى حرصت بلدية مسقط على ان تكون فعالياته تظاهرة اِحتفاليّة وثقافيّة يتنادى إليها النّاس من داخل البلاد وخارجها، وظاهرة تجد فيها كلّ فئات الزوّار مبتغاهم، وبشكل سنوي يولي مهرجان مسقط اهتمام خاصا لكلّ مفردات التّراث العُماني التّي خصّها بالقرية التّراثيّة في حديقة القرم الطبيعيّة، حيث الزّائر على موعد مع الفنون والحِرف التّقليديّة، وأساليب حياة الإنسان العُماني، وأنماط عمارته سواء في الرّيف أو السّاحل أو الصحراء.
إنّها رحلة بهيجة وسط أجواء تعبق برائحة البخور واللّبان، رحلة تتخلّلها أصوات قرع الطّبول، والأهازيج التّقليديّة، والاِستمتاع برؤية الأنامل العُمانيّة وهي تتفنّن في تشكيل مصنوعات حِرفيّة تحكي بروعتها أمجاد الأجداد، واعتزاز الأبناء والأحفاد.
خطـــوات الرحلــــة
تفاصيل رحلة مهرجان مسقط كانت الخطوة الاولى في عام 1996 حيث نظمت بلدية مسقط مهرجان للتضامن مع ذوي الاحتياجات الخاصة تحت عنوان (مدينة بلا حواجز) واستمر من 5 إلى 15 مارس وقد تم خلال برنامج فعاليات المهرجان إقامة العديد من العروض والمسابقات خصص ريعها لدعم وتطوير الخدمات التي تقدم للمعاقين، والارتقاء بمسيرة العمل التطوعي لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة في السلطنة، واشتملت على عروض لمسرح العرائس ومسرح التمثيل الصامت، وفقرات ولوحات غنائية قام بأدائها طلبة وطالبات المدارس المشاركين في فعاليات المهرجان، كما أقيمت مسابقات للأطفال وأقيمت عروض للقرية التراثية نظمت ركوب الجمال والخيول وعروض تلوين الوجه ورسم البورتريه، بالإضافة إلى إقامة معرض للفنون التشكيلية بميدان اليوبيل الفضي في حديقة القـرم الطبيعية، هذا إلى جانب العديد من الفعاليات والمعارض الأخرى المصاحبة كالمعرض الزراعي والمعرض التجاري، وكانت الطموحات منذ البداية في تنظيم المهرجان بكل ما يحتويه من زخم وتنوع في الفعاليات والمواقع مستلهما حضور التاريخ العماني العريق وتفاعله مع الحضارات والشعوب الأخرى، وكانت هذه الأرضية التي انطلقت منها تلك الطموحات وأخذت تشكل واقعا في تفكير بلدية مسقط،لإقامة مهرجان سنوي شامل يساهم في إبراز السلطنة سياحيا وثقافيا وحضاريا وترفيهيا لكافة شرائح المجتمع من مواطنين ومقيمين وزوار من خارج السلطنة واستغلالا للمقومات التي تتمتع بها مدينة مسقط حضارياً وتاريخياً في نموذج بديع بين الأصالة والمعاصرة والأجواء الشتوية المثالية التي تسودها في هذا الفصل، وبعد ذلك، اي في عام 1998، انطلقت الفكرة لتصبح واقعاً مع مهرجان مسقط الأول الذي نظم في شهر فبراير عام 1998 في فعاليات حاشدة شهدتها حديقة القرم الطبيعية، وتنوعت بين البرامج والفقرات التراثية والترفيهية والفنية، وغيرها من الفعاليات التي فاق زوارها النصف مليون زائر، وتميزت فعاليات مهرجان مسقط الأول بالتنوع ومناسبتها وملاءمتها لكافة أنواع الأذواق والشرائح الاجتماعية، المهرجان الاول الذي استمر قرابة ثلاثة أسابيع تظاهرة عمانية عاشتها مسقط عامرة بالفرح والتسلية وطرحت في خضمها العديد من الأهداف البناءة في إبراز الحضارة والتراث العماني بصورة متجددة ومشرقة استطاعت أن تنال إعجاب الزوار والإشادة بدور بلدية مسقط الأساسي في تنظيم هذه التظاهرة، وبعد ذلك ونظرا للنجاح الكبير الذي حققه مهرجان مسقط عام 1998 انطلق مهرجان مسقط الثاني عام 1999م والذي جاءت فعالياته لتضيف إلى الطموح نجاحات تكرس من اجل الرقي بهذه الاحتفالية الحضارية والثقافية العمانية واستطاع من خلال ذلك ان يوجد نمطاُ للسياحة الهادفة والترفيه الثقافي والحضاري ومد جو التواصل مع ثقافات الدول والشعوب الأخرى من خلال المهرجان الدولي الذي أصبح يرافق مهرجان مسقط كل عام وبمشاركة العديد من الدول العربية الشقيقة والدول الأجنبية الصديقة، وهو ما كرس مبدأ التواصل الحضاري لثقافات متنوعة في الإطار الإنساني الشامل للبشرية جمعاء، أما مهرجان مسقط 2000 (الثالث) فقد جاء معززاً بثراء فعالياته بعد الدورتين السابقتين للمهرجان وكان منها تطوير القرية التراثية العمانية بحديقة القرم الطبيعية والتي عكست ملامح مشابهة لأنماط القرى العمانية في بيئاتها الثلاث البدوية والزراعية والساحلية، ونظراً للظروف التي عاشتها المنطقة خلال عامي 2001 و2002 فقد توقف المهرجان لتبدأ دورته الرابعة عام 2003، حيث عكست هذه الدورة تطورا ملحوظاً في سعي السلطنة المتواصل والحثيث للتضامن والتمازج الثقافي والحضاري بين كافة الشعوب والأمم من خلال المهرجان الدولي للحرف والفنون الشعبية والتي هي مرآة عاكسة لثقافات وفنون هذه الشعوب ووسيلة وصل وتقارب بين مختلف الأمم بصرف النظر عن جنسها أو دينها أو لونها وتوالت بعد ذلك دورات مهرجان مسقط تباعاً، لنصل إلى مهرجان مسقط 2012 وهو يشهد تطوراً جديداً وملموسا في كل دورة جديدة من دوراته السنوية المتعاقبة، كما يزداد رواده ومرتادوه من داخل السلطنة وخارجها والذين تجاوزوا المليونين في مهرجان مسقط 2008، ولعل التطوير الأبرز والاهم الذي تم في مهرجان مسقط 2008 وما قبله، هو تطوير القرية التراثية العمانية بحديقة القرم الطبيعية والفعاليات التراثية العديدة التي تقام طوال فترة المهرجان والتي تمثل مختلف ولايات ومحافظات ومناطق السلطنة، إلى جانب نماذج من الأسواق الحرفية المشهورة في الوطن العربي التي تآخت مع القرية التراثية العمانية كسوق الحميدية في دمشق وخان الخليلي بالقاهرة، وأسواق صنعاء القديمة، والمغرب وغيرها من الأسواق التقليدية العربية والأجنبية التي تتناغم مع إيقاعات القرية التراثية العمانية، كما تم التركيز على الجانب الثقافي وتطويره بشكل يتناسب مع أهداف مهرجان مسقط الثقافية والتي تزداد تطوراً وتفاعلاً ومشاركة وتنظيما وحضوراً جماهيريا مميزاً في كل دورة جديدة للمهرجان، ويشتمل هذا الجانب على العديد من الفعاليات الثقافية كالأمسيات الشعرية والندوات والمحاضرات الفكرية للعديد من رواد الفكر في الوطن العربي بالإضافة إلى المعارض الفنية والتشكيلية المحلية والعالمية، وقد كان لهذا التركيز والأهمية في الجانب الثقافي دور بارز في نشر الوعي الثقافي في أوساط المجتمع، وفي مختلف مجالات الشأن الثقافي، مما ساهم في تنشيط الحركة الثقافية في المجتمع، وايجاد ذلك التفاعل والتناغم بين الحركة الثقافية في السلطنة بشكل خاص ووطنا العربي بشكل عام، وقد كان للجانب الثقافي بروزه الواضح على خارطة المهرجان وفعالياته المختلفة، ومحور للمتابعة من قبل المبدعين والمثقفين وذوي الاهتمام بالشأن الثقافي نظرا لثرائه سواء بالأسماء التي يستقطبها أو طبيعة مشاركتهم ودرجة تمثيلها للواقع الثقافي العماني والعربي عموما.
ماضــي الأجــداد
كان ولا يزال مهرجان مسقط بمختلف جوانبه، ومنذ انطلاقته الأولى في عام 1998م، يلعب دورا بارزا في الشأن السياحي والثقافي للتعريف بسلطنة عمان ومخزونها الثقافي ودورها الحضاري في هذه المنطقة خلال الحقب التاريخية المختلفة التي مرت بها إلى جانب تعريف هذا الجيل بماضي أجداده الذين صنعوا هذه الحضارة، وكابدوا من أجل لقمة العيش، وهو ما يعطي هذا الجيل حافزاً قـوياً للتعلم من الأجداد، وماضيهم العريق كي نبني الحاضر ونصنع المستقبل لهذا الجيل والأجيال القادمة، ويعتبر مهرجان مسقط ثمرة تعاون بين العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بما يخدم ويروج للمجلات السياحية والاقتصادية والثقافية والحضارية عامة لسلطنة عمان وإبرازها على الصعيدين الإقليمي والعالمي وبما يعكس ملامح التراث والتاريخ العماني في جوانبه المتعددة، إن هذا الاهتمام بما هو ثقافي وفكري وإبداعي والذي تطرحه دورات المهرجان يشير إلى إن هذا البعد العميق سيتواصل بشكل مؤثر في كل مهرجانات مسقط القادمة وهو بُعد يمنح المهرجان وزنه وثقله ويعطيه الزخم الفكري اللازم والثراء الثقافي المطلوب.
زخــم من الفعاليات
مهرجان مسقط يحتوي على زخم من الفعاليات العديدة والمتنوعة، منها الاسواق والتي تعتبر ملتقى للدول العربيّة والأجنبيّة والتي دأبت على الوقوع تحت تأثير سحر مسقط كلّ عام، فتشدّ الرّحال الى مسقط لتعرض ما تزخر به موروثاتها من إبداعات حرفيّة وفنون تقليديّة، ليكون العالم في قرية واحدة، اما الثقافة فانها تحتل حيّزًا مهمًّا ضمن فعاليّات مهرجان مسقط، حيث تعقد النّدوات الفكريّة والأدبيّة والأمسيّات الشعريّة والقصصيّة، وتُقام المعارض وورش العمل التعليميّة والفنيّة التي يشارك فيها نخبة من المفكّرين والأدباء والفنّانين العمانيّين والعرب، اما بالنسبة للطفل والاسرة فانهما ينتظران بشوق وحنين جارفين المهرجان في كل عام، ولا عجب في ذلك، لأنّه مهرجان بَهجتهم، وحديقة غبطتهم، يخلّصهم من «أسْر» جدران البيت ويُطلق العنان لحيويّتهم اليافعة، بالألعاب المتنوّعة، وعروض التّسلية، والمسرحيّات، والمسابقات، انّه عرسُ الطّفولة والاسرة بشكل عام من خلال فضاءات التسوّق والتسليّة والالعاب والمحاضرات الخاصّة بشؤون الأسرة والمرأة والطّفل، بالاضافة الى العديد من الفعاليات المتجددة مثل فن الطبخ العماني والطواف بالدراجات النارية وعروض الازياء.
Thu, 26 يناير 2012
قـراءة: أحمد بن عبدالله الحسني:-- مهرجان مسقط 2012 يأتي بعد 16 عاما من انطلاقته في عام 1996 بمهرجان محلي اقتصر على فعاليات مبسطة، وبعدها ترسخت الفكرة لدى بلدية مسقط ليكون مهرجانا سنويا، وقد عزمت البلدية بعد انطلاقة الضوء الاخضر في عام 96 لتدشن اول مهرجان في عام 1998 في حديقة القرم الطبيعية فعاليات متنوعة شهدها نصف مليون زائر، هذه الرحلة السنوية لمهرجان مسقط تعتبر متحفا حيا شاهد على ثراء التراث العماني وفضاء رحبا للتواصل بين كافة الشعوب والأمم، واصبحت الفعاليات السنوية في المهرجان تتنوع من سنة الى اخرى بين التسوق والفعاليات الترفيهية والفنية والثقافية والرياضية، وابرازها على الصعيدين الاقليمي والعالمي بما يعكس ملامح السلطنة في كافة الجوانب المتعددة، اما على الصعيد المحلي فما زال مهرجان مسقط السنوي ثمرة تعاون بين العديد من القطاعات بما يخدم المجالات السياحية والاقتصادية والثقافية، ومنذ انطلاق الدورة الاولى حرصت بلدية مسقط على ان تكون فعالياته تظاهرة اِحتفاليّة وثقافيّة يتنادى إليها النّاس من داخل البلاد وخارجها، وظاهرة تجد فيها كلّ فئات الزوّار مبتغاهم، وبشكل سنوي يولي مهرجان مسقط اهتمام خاصا لكلّ مفردات التّراث العُماني التّي خصّها بالقرية التّراثيّة في حديقة القرم الطبيعيّة، حيث الزّائر على موعد مع الفنون والحِرف التّقليديّة، وأساليب حياة الإنسان العُماني، وأنماط عمارته سواء في الرّيف أو السّاحل أو الصحراء.
إنّها رحلة بهيجة وسط أجواء تعبق برائحة البخور واللّبان، رحلة تتخلّلها أصوات قرع الطّبول، والأهازيج التّقليديّة، والاِستمتاع برؤية الأنامل العُمانيّة وهي تتفنّن في تشكيل مصنوعات حِرفيّة تحكي بروعتها أمجاد الأجداد، واعتزاز الأبناء والأحفاد.
خطـــوات الرحلــــة
تفاصيل رحلة مهرجان مسقط كانت الخطوة الاولى في عام 1996 حيث نظمت بلدية مسقط مهرجان للتضامن مع ذوي الاحتياجات الخاصة تحت عنوان (مدينة بلا حواجز) واستمر من 5 إلى 15 مارس وقد تم خلال برنامج فعاليات المهرجان إقامة العديد من العروض والمسابقات خصص ريعها لدعم وتطوير الخدمات التي تقدم للمعاقين، والارتقاء بمسيرة العمل التطوعي لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة في السلطنة، واشتملت على عروض لمسرح العرائس ومسرح التمثيل الصامت، وفقرات ولوحات غنائية قام بأدائها طلبة وطالبات المدارس المشاركين في فعاليات المهرجان، كما أقيمت مسابقات للأطفال وأقيمت عروض للقرية التراثية نظمت ركوب الجمال والخيول وعروض تلوين الوجه ورسم البورتريه، بالإضافة إلى إقامة معرض للفنون التشكيلية بميدان اليوبيل الفضي في حديقة القـرم الطبيعية، هذا إلى جانب العديد من الفعاليات والمعارض الأخرى المصاحبة كالمعرض الزراعي والمعرض التجاري، وكانت الطموحات منذ البداية في تنظيم المهرجان بكل ما يحتويه من زخم وتنوع في الفعاليات والمواقع مستلهما حضور التاريخ العماني العريق وتفاعله مع الحضارات والشعوب الأخرى، وكانت هذه الأرضية التي انطلقت منها تلك الطموحات وأخذت تشكل واقعا في تفكير بلدية مسقط،لإقامة مهرجان سنوي شامل يساهم في إبراز السلطنة سياحيا وثقافيا وحضاريا وترفيهيا لكافة شرائح المجتمع من مواطنين ومقيمين وزوار من خارج السلطنة واستغلالا للمقومات التي تتمتع بها مدينة مسقط حضارياً وتاريخياً في نموذج بديع بين الأصالة والمعاصرة والأجواء الشتوية المثالية التي تسودها في هذا الفصل، وبعد ذلك، اي في عام 1998، انطلقت الفكرة لتصبح واقعاً مع مهرجان مسقط الأول الذي نظم في شهر فبراير عام 1998 في فعاليات حاشدة شهدتها حديقة القرم الطبيعية، وتنوعت بين البرامج والفقرات التراثية والترفيهية والفنية، وغيرها من الفعاليات التي فاق زوارها النصف مليون زائر، وتميزت فعاليات مهرجان مسقط الأول بالتنوع ومناسبتها وملاءمتها لكافة أنواع الأذواق والشرائح الاجتماعية، المهرجان الاول الذي استمر قرابة ثلاثة أسابيع تظاهرة عمانية عاشتها مسقط عامرة بالفرح والتسلية وطرحت في خضمها العديد من الأهداف البناءة في إبراز الحضارة والتراث العماني بصورة متجددة ومشرقة استطاعت أن تنال إعجاب الزوار والإشادة بدور بلدية مسقط الأساسي في تنظيم هذه التظاهرة، وبعد ذلك ونظرا للنجاح الكبير الذي حققه مهرجان مسقط عام 1998 انطلق مهرجان مسقط الثاني عام 1999م والذي جاءت فعالياته لتضيف إلى الطموح نجاحات تكرس من اجل الرقي بهذه الاحتفالية الحضارية والثقافية العمانية واستطاع من خلال ذلك ان يوجد نمطاُ للسياحة الهادفة والترفيه الثقافي والحضاري ومد جو التواصل مع ثقافات الدول والشعوب الأخرى من خلال المهرجان الدولي الذي أصبح يرافق مهرجان مسقط كل عام وبمشاركة العديد من الدول العربية الشقيقة والدول الأجنبية الصديقة، وهو ما كرس مبدأ التواصل الحضاري لثقافات متنوعة في الإطار الإنساني الشامل للبشرية جمعاء، أما مهرجان مسقط 2000 (الثالث) فقد جاء معززاً بثراء فعالياته بعد الدورتين السابقتين للمهرجان وكان منها تطوير القرية التراثية العمانية بحديقة القرم الطبيعية والتي عكست ملامح مشابهة لأنماط القرى العمانية في بيئاتها الثلاث البدوية والزراعية والساحلية، ونظراً للظروف التي عاشتها المنطقة خلال عامي 2001 و2002 فقد توقف المهرجان لتبدأ دورته الرابعة عام 2003، حيث عكست هذه الدورة تطورا ملحوظاً في سعي السلطنة المتواصل والحثيث للتضامن والتمازج الثقافي والحضاري بين كافة الشعوب والأمم من خلال المهرجان الدولي للحرف والفنون الشعبية والتي هي مرآة عاكسة لثقافات وفنون هذه الشعوب ووسيلة وصل وتقارب بين مختلف الأمم بصرف النظر عن جنسها أو دينها أو لونها وتوالت بعد ذلك دورات مهرجان مسقط تباعاً، لنصل إلى مهرجان مسقط 2012 وهو يشهد تطوراً جديداً وملموسا في كل دورة جديدة من دوراته السنوية المتعاقبة، كما يزداد رواده ومرتادوه من داخل السلطنة وخارجها والذين تجاوزوا المليونين في مهرجان مسقط 2008، ولعل التطوير الأبرز والاهم الذي تم في مهرجان مسقط 2008 وما قبله، هو تطوير القرية التراثية العمانية بحديقة القرم الطبيعية والفعاليات التراثية العديدة التي تقام طوال فترة المهرجان والتي تمثل مختلف ولايات ومحافظات ومناطق السلطنة، إلى جانب نماذج من الأسواق الحرفية المشهورة في الوطن العربي التي تآخت مع القرية التراثية العمانية كسوق الحميدية في دمشق وخان الخليلي بالقاهرة، وأسواق صنعاء القديمة، والمغرب وغيرها من الأسواق التقليدية العربية والأجنبية التي تتناغم مع إيقاعات القرية التراثية العمانية، كما تم التركيز على الجانب الثقافي وتطويره بشكل يتناسب مع أهداف مهرجان مسقط الثقافية والتي تزداد تطوراً وتفاعلاً ومشاركة وتنظيما وحضوراً جماهيريا مميزاً في كل دورة جديدة للمهرجان، ويشتمل هذا الجانب على العديد من الفعاليات الثقافية كالأمسيات الشعرية والندوات والمحاضرات الفكرية للعديد من رواد الفكر في الوطن العربي بالإضافة إلى المعارض الفنية والتشكيلية المحلية والعالمية، وقد كان لهذا التركيز والأهمية في الجانب الثقافي دور بارز في نشر الوعي الثقافي في أوساط المجتمع، وفي مختلف مجالات الشأن الثقافي، مما ساهم في تنشيط الحركة الثقافية في المجتمع، وايجاد ذلك التفاعل والتناغم بين الحركة الثقافية في السلطنة بشكل خاص ووطنا العربي بشكل عام، وقد كان للجانب الثقافي بروزه الواضح على خارطة المهرجان وفعالياته المختلفة، ومحور للمتابعة من قبل المبدعين والمثقفين وذوي الاهتمام بالشأن الثقافي نظرا لثرائه سواء بالأسماء التي يستقطبها أو طبيعة مشاركتهم ودرجة تمثيلها للواقع الثقافي العماني والعربي عموما.
ماضــي الأجــداد
كان ولا يزال مهرجان مسقط بمختلف جوانبه، ومنذ انطلاقته الأولى في عام 1998م، يلعب دورا بارزا في الشأن السياحي والثقافي للتعريف بسلطنة عمان ومخزونها الثقافي ودورها الحضاري في هذه المنطقة خلال الحقب التاريخية المختلفة التي مرت بها إلى جانب تعريف هذا الجيل بماضي أجداده الذين صنعوا هذه الحضارة، وكابدوا من أجل لقمة العيش، وهو ما يعطي هذا الجيل حافزاً قـوياً للتعلم من الأجداد، وماضيهم العريق كي نبني الحاضر ونصنع المستقبل لهذا الجيل والأجيال القادمة، ويعتبر مهرجان مسقط ثمرة تعاون بين العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص بما يخدم ويروج للمجلات السياحية والاقتصادية والثقافية والحضارية عامة لسلطنة عمان وإبرازها على الصعيدين الإقليمي والعالمي وبما يعكس ملامح التراث والتاريخ العماني في جوانبه المتعددة، إن هذا الاهتمام بما هو ثقافي وفكري وإبداعي والذي تطرحه دورات المهرجان يشير إلى إن هذا البعد العميق سيتواصل بشكل مؤثر في كل مهرجانات مسقط القادمة وهو بُعد يمنح المهرجان وزنه وثقله ويعطيه الزخم الفكري اللازم والثراء الثقافي المطلوب.
زخــم من الفعاليات
مهرجان مسقط يحتوي على زخم من الفعاليات العديدة والمتنوعة، منها الاسواق والتي تعتبر ملتقى للدول العربيّة والأجنبيّة والتي دأبت على الوقوع تحت تأثير سحر مسقط كلّ عام، فتشدّ الرّحال الى مسقط لتعرض ما تزخر به موروثاتها من إبداعات حرفيّة وفنون تقليديّة، ليكون العالم في قرية واحدة، اما الثقافة فانها تحتل حيّزًا مهمًّا ضمن فعاليّات مهرجان مسقط، حيث تعقد النّدوات الفكريّة والأدبيّة والأمسيّات الشعريّة والقصصيّة، وتُقام المعارض وورش العمل التعليميّة والفنيّة التي يشارك فيها نخبة من المفكّرين والأدباء والفنّانين العمانيّين والعرب، اما بالنسبة للطفل والاسرة فانهما ينتظران بشوق وحنين جارفين المهرجان في كل عام، ولا عجب في ذلك، لأنّه مهرجان بَهجتهم، وحديقة غبطتهم، يخلّصهم من «أسْر» جدران البيت ويُطلق العنان لحيويّتهم اليافعة، بالألعاب المتنوّعة، وعروض التّسلية، والمسرحيّات، والمسابقات، انّه عرسُ الطّفولة والاسرة بشكل عام من خلال فضاءات التسوّق والتسليّة والالعاب والمحاضرات الخاصّة بشؤون الأسرة والمرأة والطّفل، بالاضافة الى العديد من الفعاليات المتجددة مثل فن الطبخ العماني والطواف بالدراجات النارية وعروض الازياء.