`¤*«مُحمدْ البادِيْ»*-¤
¬°•| غَيثُ مِن الَعطاء ُ|•°¬
في الشارع، طوقت سيارتان شاحنة السمك، وعلى حاجز تفتيش راقب الشرطي بمصباحه أكوام السمك في الثلج، كان الشرطي عريض المنكبين، وتختفي تقاسيم وجهه في ظل المصباح، الذي يرفعه مرة في وجهه السائق، ولا يلبث أن يدور به حول الشاحنة، وينظر مرة إلى الإطارات، ويعود مرة، ويسلطه على وجه الرجل الذي بدا وجهه خلف قناع من الصلب، وعيناه تترقرقان وقبضتا يديه ضغطتا على مقود السيارة، الرخصة والملكية؟ يقرأ الشرطي البطاقتين ثم يذهب بهما إلى صاحبه في إحدى السيارتين، ويتناجيان ويبدو أنهما يقومان ببعض الإتصالات، كانت سيارة الشرطة الأخرى في مكانها أمام الشاحنة، ولا يبدو أن لدى قاطنيها رغبة في الخروج كزميلهما الآخر. أعاد الشرطي البطاقتين إلى الرجل في الشاحنة، وأشار بيده إليه وشغل الرجل الشاحنة وتحرك، كانت أنوار الشارع تنير المكان، وبعض الحشرات تتطاير تحت وقع المصباح، ورياح باردة بدأت تعصف في المكان، كان الشرطي يحتفظ بقطعة خبز محشاة بقطعٍ من الدجاج المشوي وبعض الصلصة، فيما بدا له أن ليلته لم تبدأ بعد وبجوار زميله الذي انكفأ خلف عجلة القيادة، التفت زميله إليه مع تقافز ضوء اللاسلكي
الأعناق تتطاول إلى صاحب الخطوات التي أحالت الهدوء إلى صمت قاتل، وصوت فرقعة ولاعة يتعالى لهيبها باعثا البهجة في العيون التي تشوشت الصور في شبكياتها، بحذائه الأسود اللامع خطى صاحب الولاعة بين الجموع الخرساء، حتى إذا ما تطاول على مرمى من أبي رسيل حتى جذب يده وساره في أذنه، تراقصت ابتسامة على شفتي أبي رسيل، وأسر في أذن سيادة الوزير شيئا ثم افترقا، وقف أبو رسيل ينظر نحو الفنر وأضواءه الراقصة تنجذب نحو جدار الحجرة، ثم تمتم: معهم الله
بجنب هاتف شارع، ازدحمت يدان تضغطان أزراره 9999، وتهمسان فيه، كان ثان واقف في منتصف الشارع بجنب الهاتف، وثالث جالس على كرسي على قارعة الطريق، متلفعا بمعطفه الذي تكاد الرياح الباردة تحيله إلى فتات، وصاحب اليدين يهمس في السماعة: أقول لك أن البضاعة لا تزال في الشاحنة، أنت أعمى فتش بين السمك، ويضع السماعة برقة، ويفرقع بولاعته في الهواء البادر فيتحرك الإثنان الآخران كل في طريقه
لا تزال شطيرة الدجاج لما تصل نحو فم الشرطي حتى ولع اللاسلكي بصوته القبيح إبش إبش إيش، بلاغ بلاغ بلاغ، كان الشرطي ولم يبق على نوبته أن تنقضي إلا طلوع الشمس، ويتنفس الصعداء، نظر إلى الساعة التي انتحت عقاربها نحو الثانية والربع، وبأف مع تنهيدة وضع الشطيرة في حجره، وأدار المحرك، وتحرك
سيادة الوزير ذو الياقة السوداء يمشي بين جدارين في زقاق، ثم وقف ينظر بطرف عينه نحو الهاتف المثبت على طرف أحد الجدارين، وشبحان واحد واقف في منتصف الطريق والآخر متلفع بمعطفه الذي تكاد الرياح الباردة أن تطيره من على جسده،
دفع شباب باب الصف الذي اهتز قليلا بصرير مزعج، وجموع الطلبة تتهامس فيما بينها، وقع خطوات الفتى جذبت انتباه آخرين يجلس أحدهما في يمين الصف في الأمام والآخر في نهايته على اليسار، منعزلان عن البقية.
تتعالى الهمسات: سمعت بأنهم أمسكوا البارحة بشاحنة سمك محملة بمخدرات في أمعاء السمك،
هيه هيه، أخي في المركز يقول بأنهم تلقوا ثلاثة اتصالات من ثلاثة أمكنة عن الشاحنة
أيوه نعم، سمعت عنها، وأخبرني شخص عن أحد من أهله (......)
تتعالى الهمسات: سمعت بأنهم أمسكوا البارحة بشاحنة سمك محملة بمخدرات في أمعاء السمك،
هيه هيه، أخي في المركز يقول بأنهم تلقوا ثلاثة اتصالات من ثلاثة أمكنة عن الشاحنة
أيوه نعم، سمعت عنها، وأخبرني شخص عن أحد من أهله (......)
مر الفتى ونقر على طاولة عتيج أن شويناها السمكة ، ثم فرقع بأصبعيه إلى الراصد في الخلف
التعديل الأخير بواسطة المشرف: