الوطن موال اخضر
¬°•| عضو مميز |•°¬
منذ أن انتقلت الثقافة الإنسانية من مستواها الشفوي إلى مستواها الكتابي،أصبحت علامات الترقيم ضرورية لتحديد مفاصل الكلام،وتسييج الجمل، واسترسال المعنى، ضماناً للتواصل الجيد بين الكاتب والقارئ.
ولا يهمنا في هذه الوقفة السريعة التأريخ لتلك العلامات ،ولا رصد مختلف التطورات التي مرت منها، ولا تِبيان كيفية الاصطلاح عليها في اللغة الواحدة ،ثم في بقية اللغات...فذلك مبحث لن يتسع له المجال هنا...ولكننا نكتفي بالإشارة فقط إلى أن اللغة العربية كانت في بدايات عصر التدوين تكتب دون إعجام ودون تنقيط ودون إعراب...إذ كانت كل الحروف تكتب وهي مهملة تماما...ولم يكن ذلك يطرح – آنذاك - أي مشكل بالنسبة للقارئ العربي ،الذي كان يستطيع القراءة دون الوقوع في التصحيف ، فيتوصل بيسر وسهولة إلى التمييز بين معاني الكلمات...حتى وُصِفت العربية بأنها اللغة التي على قارئها أن يَفهم أولا قبل أن يقرأ...وتلك معادلة صعبة...بالنظر إلى أن الهدف من القراءة أصلا هو الفهم وليس العكس...
ودعونا الآن نعود إلى فاصلتنا...فهي على صغر حجمها وضآلة شكلها ، إلا أن شأنها عظيم من حيث موقعها في الجملة ، وتأثيرها على المعنى ، وتغييرها للدلالة أحيانا رأسا على عقب...
ومع خطورة شأنها وجلال قدرها فنحن في كتاباتنا قلما نـُعِـيرها اهتماما...وحتى في دروسنا الإنشائية والإملائية نادرا ما كان أساتذتنا ينبهوننا إلى أهميتها البالغة ، هي وسائر علامات التنقيط ،من نقطة وعلامة تعجب وعلامة استفهام ونقطتي التفسير ونقط الحذف والقوسين والمزدوجتين ... وغيرها من العلامات التي لا تقل وزنا عن إشارات المرور على الطريق ، والتي يؤدي عدم احترامها في الغالب إلى وقوع حوادث اصطدام قد لا تحمد عقباها...
ولكن لماذا الفاصلة بالذات؟ لأنها ببساطة ارتبطت بحكاية طريفة...ولكن نهايتها مأساوية...ففي عهد ملك فرنسا "لويس السادس عشر" تقدم أحد المحكومين بالإعدام إلى الملك بالتماس عفو ، عززه بعدد من الحيثيات التي أغفلها القاضي عند إصداره حكم الإعدام...وبعد اطلاع الملك على ذلك الالتماس ودراسة الحيثيات المرفقة به اقتنع ببراءة المتهم وأحقيته بالعفو... فوقع في أسفل الملتمس العبارة التالية:"العفو ، مستحيل إعدامه."
وعندما قـُدِّمت القرارات الملكية إلى الكاتبة لنسخها كتبت في النسخة التي حررتها العبارة التالية :"العفو مستحيل ، إعدامه."
فكان أن تم إعدام الرجل المسكين بسبب سوء تقدير الكاتبة لموقع الفاصلة في الجملة واستهانتها بالدور الذي يمكن أن تقوم به تلك الفاصلة في تغيير المعنى المقصود تماما من الكلام...
فهل بعد هذا نحتاج إلى دليل آخر على أهمية علامات الترقيم، بل وحتى الإعراب ، في كتاباتنا... إذا كنا ، حقيقة ، نتوخى التواصل مع مخاطـَبينا بكل وضوح وفي مأمن من كل حادث طريف أو مأساوي...
ولا يهمنا في هذه الوقفة السريعة التأريخ لتلك العلامات ،ولا رصد مختلف التطورات التي مرت منها، ولا تِبيان كيفية الاصطلاح عليها في اللغة الواحدة ،ثم في بقية اللغات...فذلك مبحث لن يتسع له المجال هنا...ولكننا نكتفي بالإشارة فقط إلى أن اللغة العربية كانت في بدايات عصر التدوين تكتب دون إعجام ودون تنقيط ودون إعراب...إذ كانت كل الحروف تكتب وهي مهملة تماما...ولم يكن ذلك يطرح – آنذاك - أي مشكل بالنسبة للقارئ العربي ،الذي كان يستطيع القراءة دون الوقوع في التصحيف ، فيتوصل بيسر وسهولة إلى التمييز بين معاني الكلمات...حتى وُصِفت العربية بأنها اللغة التي على قارئها أن يَفهم أولا قبل أن يقرأ...وتلك معادلة صعبة...بالنظر إلى أن الهدف من القراءة أصلا هو الفهم وليس العكس...
ودعونا الآن نعود إلى فاصلتنا...فهي على صغر حجمها وضآلة شكلها ، إلا أن شأنها عظيم من حيث موقعها في الجملة ، وتأثيرها على المعنى ، وتغييرها للدلالة أحيانا رأسا على عقب...
ومع خطورة شأنها وجلال قدرها فنحن في كتاباتنا قلما نـُعِـيرها اهتماما...وحتى في دروسنا الإنشائية والإملائية نادرا ما كان أساتذتنا ينبهوننا إلى أهميتها البالغة ، هي وسائر علامات التنقيط ،من نقطة وعلامة تعجب وعلامة استفهام ونقطتي التفسير ونقط الحذف والقوسين والمزدوجتين ... وغيرها من العلامات التي لا تقل وزنا عن إشارات المرور على الطريق ، والتي يؤدي عدم احترامها في الغالب إلى وقوع حوادث اصطدام قد لا تحمد عقباها...
ولكن لماذا الفاصلة بالذات؟ لأنها ببساطة ارتبطت بحكاية طريفة...ولكن نهايتها مأساوية...ففي عهد ملك فرنسا "لويس السادس عشر" تقدم أحد المحكومين بالإعدام إلى الملك بالتماس عفو ، عززه بعدد من الحيثيات التي أغفلها القاضي عند إصداره حكم الإعدام...وبعد اطلاع الملك على ذلك الالتماس ودراسة الحيثيات المرفقة به اقتنع ببراءة المتهم وأحقيته بالعفو... فوقع في أسفل الملتمس العبارة التالية:"العفو ، مستحيل إعدامه."
وعندما قـُدِّمت القرارات الملكية إلى الكاتبة لنسخها كتبت في النسخة التي حررتها العبارة التالية :"العفو مستحيل ، إعدامه."
فكان أن تم إعدام الرجل المسكين بسبب سوء تقدير الكاتبة لموقع الفاصلة في الجملة واستهانتها بالدور الذي يمكن أن تقوم به تلك الفاصلة في تغيير المعنى المقصود تماما من الكلام...
فهل بعد هذا نحتاج إلى دليل آخر على أهمية علامات الترقيم، بل وحتى الإعراب ، في كتاباتنا... إذا كنا ، حقيقة ، نتوخى التواصل مع مخاطـَبينا بكل وضوح وفي مأمن من كل حادث طريف أو مأساوي...