جنح الفراشه
¬°•| عضو مبتدى |•°¬
-الشاعر سالم بن محمد الجمري العميمي .
- ولد سنة 1905 في دبي .
- تتلمذ على يد العالم الفقيه السيد محمد الشنقيطي .
- كان في الخامسة عشر لما بدأ في قرض الشعر بأنواعه الغزلي والحماسي والمديح والرثاء .
قد لا يعرف الكثير منا سالم الجمري تزوج خلال فترة حياته ثماني عشرة مرة ، رزق من هذه الزيجات جميعها بثلاثة أولاد هم : محمد وحمد وعجلان ، إضافة إلى ابنة فقد سماه على اسم صديقه الشاعر حمد بن سوقات ، بينما سمى عجلان على اسم أحمد أعز أصدقاءه الراحلين وهو عجلان بالرقاد .
وهو في زيجاته جميعها لم يجمع بين زوجتين معاً ، أما سبب كثر زواجه فهي الظروف التي عاشها من سفر وعد استقرار في حياته .
وكان من هواياته الصيد بالصقور ، وعي التي كان يمارسها منذ صغره ، وكان الشعر عشقه الكبير ، وهاجسه الذي لا يفارقه أينما حل ، كان يقول الشعر عندما يتخلى بنفسه ، ويتحدث عن تلك الأوقات المفضلة لديه عندما ينظم الشعر فيقول : عندما أختلي بنفسي ليلاً أو نهاراً في مكان هادئ لا أسمع شيئاً غير تردد أشعاري .
][.. لقـــائه مع بن روغــــــة ..][
قصة التقاء الجمري بعلي بالروغة فيقول الأول : (( كان بالروغة ولداً صغيراً يضرب على العود ولهجته لهجة أهل الجزيرة الحمراء ، وكان ذلك زمان في دبي في محلات هدى فون ، قلت له : هل تحفظ شيئاً من القصيدة ؟ قال : نعم .. أحفظ قصيدة سعودية تقول :
بسري بليل أغماسي قصدي أزور الحبيب
وبعد أن غنى فإذا صوته جميل ، فقلت له أنت ستنجح في الخليج ، لكن عليك باللهجة البدوية ، وأعطيته أشعاري ، وكلما غنى أغنية جاءت أحسن من التي سبقتها )) .
تلك كانت قصة لقاء بين الجمري وبالروغة كما رواها على لسانه ، وبعد ه>ا اللقاء بدأت سلسلة من اللقاءات الغنائية بين الاثنين من تاريخ الأغنية الشعبية في الإمارات .
كانت قصيدة (( يا علي اعزف بصوت وغن لي)) هي أول قصيدة تغنى بها علي بالروغة للشاعر الجمري ، وتقول كلماتها :
ياعلي إعزف بصوت وغني لي وأنس فوادي تراني مستهن
كود همي من فوادي ينجلي أطرب لصوتك وعزفك والحنين
ياعلي لي من عودك رن لي قلبي تذكر وهيضت الكنين
بي وله حب خـــــــل عدملي أدعج العينين وضاح الجبين
و من أشهر الأغنيات التي غناها من كلمات الجمري : يا حبيب الروح خبرني ، مشكور راعي الهدية ، ومن ضميري دار دولاب المثل ، هاض مابي والخلايق ذاهلين ، لي زارني عشوية ، ناح الحمام وشجاني ، هاض ما بي تعذابي ، لي حل بي ما حل بإنسان ، هاض ما بي والجفن زاد إحتراق ، ياطير سلم ع الحبيب ، تيمني ياعلي خود لفني ، ياونتي من ليعتي ، اسعفوني قبل لا ولي ، رفرف فوادي على المضنون رف وغيرهم الكثير
][.. تــــكــــريـــم الجـــمـــــري ..][
في السادس عشر من ديسمبر عام 1981 كرم الجمري في مهرجان الشعر النبطي الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وحضوره ، وكرم إلى جانبه شعراء آخرون هم : عجيل بن عبيد ، وراشد بن مكتوم وراشد بن طناف وياقوت بن سيف وسالم عبدالله خميس وسعيد علي صالح .
وألقى كل شاعر في هذا المهرجان قصيدة غزلية ، عدا الجمري الذي ألقى قصيدة الحكمة والمثل ، نظراً لحبه وميله إلى هذا النوع من الشعر ، وفي هذا المهرجان ذاته أعلن عن مسابقة للشعر تقام بعد سنة من تاريخ المهرجان ، واشترك في تلك المسابقة التي أعلنت نتائجها في 4/5/1982 ، وحصل على المركز الثاني بقصيدته التي يقول فيها :
غنى الحمام وهيج القلب بغناه وادعى فـــــــــــــوادي عاشق يرف
متولع يبكي على فقده مضناه والدمع من عيني جرى ما بعد حف
وهذه القصيدة تغنى بها المطرب ميحد حمد فيما بعد ، أما المركز الأول في تلك المسابقة فقد كان من نصيب زميله الشاعر محمد الكوس .
][.. إبتعاده عن الأضواء ..][
في عام 1983 توقف الجمري عن الاشتراك في برامج الشعر الشعبي ، ومع توقفه هذا كان السؤال المطروح :
لماذا توقف ؟
هل التقدم في السن ؟ هل لأن معظم أصدقائه الشعراء الذين بدؤوا معه رحلو؟ هل تغيرت عليه الوجوه التي اعتاد رؤيتها ؟
يقول الجمري ( العمر له أحكام ، وأريد ترك فرصة للشعراء الشباب )) هكذا أجاب حين سئل ، وهكذا ابتعد عن الأضواء والشهرة والإعلام في هدوء ، وإن كنت أرى أن وفاة عدد من أصدقائه الشعراء أمثال راشد الخضر الذي توفي 22/10/1980 والشاعر أحمد الهاملي الذي توفي في 1/1/1982 ، وابتعاد بعض الشعراء كالشاعر حمد بن خليفة بوشهاب ، ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى ابتعاده .
وقد كان يقضي أيامه بعد ذلك بين زيارة أصدقائه الشعراء ، والخروج إلى المناطق الصحراوية العذراء ، يتذكر فيها أيامه وسني حياته .
الشاعران محمد سوقات ومحمد الكوس كانا من أعز أصدقائه ، وأقربهم له ، كانا دائمي الزيارة له ، فقد كان يحس معها برائحة الماضي وذكرياته .
وفي أيامه الأخيرة، كان يشعر بالوحدة ، إذ أقعده في السن عن الحركة ، وألزمه الفراش ، وأصبح أسيرا للوحدة .
وقبل وفاته بأشهر قليلة زاره الشاعر علي بن سلطان بن بخيت للسلام عليه ، فجلس عنده وأخذ يتحدث ويتحاور معه حول قضايا الشعر ، وطلب الجمري من زائره أن يسمعه شيئاً من أشعاره ، فذكر الضيف قصيدة له يضرب في احمد ابياتها مثلاً بالجمري ، وحالته التي
وكم قال الجمري أمثالي لأصدقائه وجملة أندامه
وكم نادم طيب الفالي سولعي ضافي لثامه
ويم ترك رد الأمثالي وصلته قلت أرحامه
وصل إليها بعد مشيبه وكبر سنه ، فقال :
وبعد انتهى الزائر من قصيدته بكى الجمري ، فقال :
(( أرجوك يا علي ألا تعيد هذا البيت مرة ثانية )) ، إذ لامس البيت إحساس الجمري بالوحدة ، والوضع الذي يعيشه وآل إليه مؤخراً ، وكانت دموعه التعبير الوحيد الذي لم يستطع كتمانه ومنعه .
يالله من جفن جفا وحارب النوم بايت سهير والخلايق نياماً
لي من غضت عيني ترواي لي حلوم من جور دهري عقب سبعين عاما
أتذكر أيامي وأنا كنت شغموم عصر الصبا ومسامرات النشامي
إمسج في غي الهوى والطرب دوم مع سيدات الفن ياما وياما
شلت الهوى يوم الهوى عدل بعزوم والمصعبات اللي إتن في الولاما
كم ليلة سامرت زينات لوشوم وكم انظرت عيني حبايب نداما
وكم ليلة جاوزتها بين لقروم في ظهور هجن في دجايا الظاما
لي من بدا لازم علينا بملزوم ندي حقوقه الوافية بالتزاما
وكم غصت بحر لجته ديه انجوم اجني من اللولو رفيع المساما
ولاهمني بحر وبرد ولاغيوم لو كان غمق مثل غبة سلاما
واليوم غالتني الحوادث ولاروم انهض يلي مني بغيت القياما
الراس شاب ومني العضد محطوم طايح على وسادي وعظامي حطاما
والعين ماتنظر اطلال ولاحزوم من زود ماتذرف عيوني تعامى
وتبدلو ناس معي كلهم قوم صبح وعصر وليل عندي دواما
وآخر يلي مروا بعيد لهم شوم أبداً ولايلفون لي بالسلاما
مالي بهم حاجة ولاعازة السوم والقلب مايعتب عليهم حشاما
لكن عتبي فل تفريج لهموم والأفهم عندي عزاز كراما
وش حيلة أبنيدوم لي عاد مهموم ؟ والعرق ينظح من صليل البهاما
لقد استطاع في قصيدته هذه أن يحكي قصة حياته ومعاناته في ثمانية عشر بيتاً بتصوير دقيق معبر ورائع ، فبدأها لنا بوصف دقيق معبر ورائع ، فبدأ لنا بوصف حالته وهو في أيامه الأخيرة بجفاء النوم لعينيه ، وإذا ما أتاهما كانت الأحلام والهواجس كفيلة بإيقاظهما ، ثم ذكر مرحلة صباه ورحلاته في البر والبحر ، ثم ما وصل إليه حال اليوم ، وكانت شكواه من قلة زيارة أصدقائه له ، وكان رجاؤه في عودتهم لزيارته .. رافعاً جميع أسباب العتب وأنواعه عنهم ، فهل كان مطلبه مشروعاً؟
][.. آخــــــــــــــر الـــــــــدرب ..][
على بخت من بيعود به بعض ما راحي ليل تقضت بالزخرف والأفراحي
أيام سعد لمها الأنس والهنا على عشرة وناس، ومع كل مزاحي
وعشنا بها في غاية الأنس والطرب ثلاثين حجة في مناعير وسلاحي
ربينا على عشرة أكرام نعهدهم ضراغيم قوم شانهم ماله كفاحي
هذا أخو هذا وهذاك شفنا وهذا بني عمنا ورفيق ونصاحي
أحرار ربوا في ذروة المج والعلا ربوا في ظهور الخيل صبح ومرواحي
وهجن جنوهن لابتي للوازم حموا حيهم عن كلمة اللوم والآحي
مجالس للضيف عادات مجدنا بنوهن أكرام ما بغن فك مفتاحي
يشرغ بهن ((جا)) من البعد جايع ويمسي عقب صوعه أمين ومرتاحي
ونصبح نساير مع أشراف حينا ونمسي نغني مع خوندات الأملاحي
ولا فكرنا أن الليالي تضدنا ولاظننا أن الرسم ذاك ينماحي
وآخر تبدل عصرنا ضد مجدنا وجتنا ليال كدرت ذيك الأفراحي
الأيام تمضي أناس يذهبون وأنا يأتون ، هذه سنة الحياة ، وهو الرحيل الذي لا مفر منه ، والنهاية الحتمية لكل مخلوق .
الزمان : الثامن والعشرون من فبراير عام 1991 ، والمكان منزل الشاعر سالم الجمري .. أما الحدث فهو رحيل الجمري في صباح ذلك اليوم عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاما .
وبرحيله أفل أحد نجون الشعر من سماء الإمارات ، فبكاه الشعر يومها كما لم يبك من قبل ، وقد كان لوفاته أكبر الأثر فيمن بقي من زملائه الشعراء الذي عاصروه وكانوا قريبين منه .
يقول عبدالله بن سوقات ابن الشاعر الإماراتي الكبير محمد بن سوقات / منذ أن توفي الجمري ووالدي في حال غير التي كان عليها سابقاً ، إذ اعتزال الناس والشعر، وتأثرت حالته النفسية كثيراً ، ولا يزال على هذا الحال حتى اليوم .
- ولد سنة 1905 في دبي .
- تتلمذ على يد العالم الفقيه السيد محمد الشنقيطي .
- كان في الخامسة عشر لما بدأ في قرض الشعر بأنواعه الغزلي والحماسي والمديح والرثاء .
قد لا يعرف الكثير منا سالم الجمري تزوج خلال فترة حياته ثماني عشرة مرة ، رزق من هذه الزيجات جميعها بثلاثة أولاد هم : محمد وحمد وعجلان ، إضافة إلى ابنة فقد سماه على اسم صديقه الشاعر حمد بن سوقات ، بينما سمى عجلان على اسم أحمد أعز أصدقاءه الراحلين وهو عجلان بالرقاد .
وهو في زيجاته جميعها لم يجمع بين زوجتين معاً ، أما سبب كثر زواجه فهي الظروف التي عاشها من سفر وعد استقرار في حياته .
وكان من هواياته الصيد بالصقور ، وعي التي كان يمارسها منذ صغره ، وكان الشعر عشقه الكبير ، وهاجسه الذي لا يفارقه أينما حل ، كان يقول الشعر عندما يتخلى بنفسه ، ويتحدث عن تلك الأوقات المفضلة لديه عندما ينظم الشعر فيقول : عندما أختلي بنفسي ليلاً أو نهاراً في مكان هادئ لا أسمع شيئاً غير تردد أشعاري .
][.. لقـــائه مع بن روغــــــة ..][
قصة التقاء الجمري بعلي بالروغة فيقول الأول : (( كان بالروغة ولداً صغيراً يضرب على العود ولهجته لهجة أهل الجزيرة الحمراء ، وكان ذلك زمان في دبي في محلات هدى فون ، قلت له : هل تحفظ شيئاً من القصيدة ؟ قال : نعم .. أحفظ قصيدة سعودية تقول :
بسري بليل أغماسي قصدي أزور الحبيب
وبعد أن غنى فإذا صوته جميل ، فقلت له أنت ستنجح في الخليج ، لكن عليك باللهجة البدوية ، وأعطيته أشعاري ، وكلما غنى أغنية جاءت أحسن من التي سبقتها )) .
تلك كانت قصة لقاء بين الجمري وبالروغة كما رواها على لسانه ، وبعد ه>ا اللقاء بدأت سلسلة من اللقاءات الغنائية بين الاثنين من تاريخ الأغنية الشعبية في الإمارات .
كانت قصيدة (( يا علي اعزف بصوت وغن لي)) هي أول قصيدة تغنى بها علي بالروغة للشاعر الجمري ، وتقول كلماتها :
ياعلي إعزف بصوت وغني لي وأنس فوادي تراني مستهن
كود همي من فوادي ينجلي أطرب لصوتك وعزفك والحنين
ياعلي لي من عودك رن لي قلبي تذكر وهيضت الكنين
بي وله حب خـــــــل عدملي أدعج العينين وضاح الجبين
و من أشهر الأغنيات التي غناها من كلمات الجمري : يا حبيب الروح خبرني ، مشكور راعي الهدية ، ومن ضميري دار دولاب المثل ، هاض مابي والخلايق ذاهلين ، لي زارني عشوية ، ناح الحمام وشجاني ، هاض ما بي تعذابي ، لي حل بي ما حل بإنسان ، هاض ما بي والجفن زاد إحتراق ، ياطير سلم ع الحبيب ، تيمني ياعلي خود لفني ، ياونتي من ليعتي ، اسعفوني قبل لا ولي ، رفرف فوادي على المضنون رف وغيرهم الكثير
][.. تــــكــــريـــم الجـــمـــــري ..][
في السادس عشر من ديسمبر عام 1981 كرم الجمري في مهرجان الشعر النبطي الذي أقيم تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وحضوره ، وكرم إلى جانبه شعراء آخرون هم : عجيل بن عبيد ، وراشد بن مكتوم وراشد بن طناف وياقوت بن سيف وسالم عبدالله خميس وسعيد علي صالح .
وألقى كل شاعر في هذا المهرجان قصيدة غزلية ، عدا الجمري الذي ألقى قصيدة الحكمة والمثل ، نظراً لحبه وميله إلى هذا النوع من الشعر ، وفي هذا المهرجان ذاته أعلن عن مسابقة للشعر تقام بعد سنة من تاريخ المهرجان ، واشترك في تلك المسابقة التي أعلنت نتائجها في 4/5/1982 ، وحصل على المركز الثاني بقصيدته التي يقول فيها :
غنى الحمام وهيج القلب بغناه وادعى فـــــــــــــوادي عاشق يرف
متولع يبكي على فقده مضناه والدمع من عيني جرى ما بعد حف
وهذه القصيدة تغنى بها المطرب ميحد حمد فيما بعد ، أما المركز الأول في تلك المسابقة فقد كان من نصيب زميله الشاعر محمد الكوس .
][.. إبتعاده عن الأضواء ..][
في عام 1983 توقف الجمري عن الاشتراك في برامج الشعر الشعبي ، ومع توقفه هذا كان السؤال المطروح :
لماذا توقف ؟
هل التقدم في السن ؟ هل لأن معظم أصدقائه الشعراء الذين بدؤوا معه رحلو؟ هل تغيرت عليه الوجوه التي اعتاد رؤيتها ؟
يقول الجمري ( العمر له أحكام ، وأريد ترك فرصة للشعراء الشباب )) هكذا أجاب حين سئل ، وهكذا ابتعد عن الأضواء والشهرة والإعلام في هدوء ، وإن كنت أرى أن وفاة عدد من أصدقائه الشعراء أمثال راشد الخضر الذي توفي 22/10/1980 والشاعر أحمد الهاملي الذي توفي في 1/1/1982 ، وابتعاد بعض الشعراء كالشاعر حمد بن خليفة بوشهاب ، ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى ابتعاده .
وقد كان يقضي أيامه بعد ذلك بين زيارة أصدقائه الشعراء ، والخروج إلى المناطق الصحراوية العذراء ، يتذكر فيها أيامه وسني حياته .
الشاعران محمد سوقات ومحمد الكوس كانا من أعز أصدقائه ، وأقربهم له ، كانا دائمي الزيارة له ، فقد كان يحس معها برائحة الماضي وذكرياته .
وفي أيامه الأخيرة، كان يشعر بالوحدة ، إذ أقعده في السن عن الحركة ، وألزمه الفراش ، وأصبح أسيرا للوحدة .
وقبل وفاته بأشهر قليلة زاره الشاعر علي بن سلطان بن بخيت للسلام عليه ، فجلس عنده وأخذ يتحدث ويتحاور معه حول قضايا الشعر ، وطلب الجمري من زائره أن يسمعه شيئاً من أشعاره ، فذكر الضيف قصيدة له يضرب في احمد ابياتها مثلاً بالجمري ، وحالته التي
وكم قال الجمري أمثالي لأصدقائه وجملة أندامه
وكم نادم طيب الفالي سولعي ضافي لثامه
ويم ترك رد الأمثالي وصلته قلت أرحامه
وصل إليها بعد مشيبه وكبر سنه ، فقال :
وبعد انتهى الزائر من قصيدته بكى الجمري ، فقال :
(( أرجوك يا علي ألا تعيد هذا البيت مرة ثانية )) ، إذ لامس البيت إحساس الجمري بالوحدة ، والوضع الذي يعيشه وآل إليه مؤخراً ، وكانت دموعه التعبير الوحيد الذي لم يستطع كتمانه ومنعه .
يالله من جفن جفا وحارب النوم بايت سهير والخلايق نياماً
لي من غضت عيني ترواي لي حلوم من جور دهري عقب سبعين عاما
أتذكر أيامي وأنا كنت شغموم عصر الصبا ومسامرات النشامي
إمسج في غي الهوى والطرب دوم مع سيدات الفن ياما وياما
شلت الهوى يوم الهوى عدل بعزوم والمصعبات اللي إتن في الولاما
كم ليلة سامرت زينات لوشوم وكم انظرت عيني حبايب نداما
وكم ليلة جاوزتها بين لقروم في ظهور هجن في دجايا الظاما
لي من بدا لازم علينا بملزوم ندي حقوقه الوافية بالتزاما
وكم غصت بحر لجته ديه انجوم اجني من اللولو رفيع المساما
ولاهمني بحر وبرد ولاغيوم لو كان غمق مثل غبة سلاما
واليوم غالتني الحوادث ولاروم انهض يلي مني بغيت القياما
الراس شاب ومني العضد محطوم طايح على وسادي وعظامي حطاما
والعين ماتنظر اطلال ولاحزوم من زود ماتذرف عيوني تعامى
وتبدلو ناس معي كلهم قوم صبح وعصر وليل عندي دواما
وآخر يلي مروا بعيد لهم شوم أبداً ولايلفون لي بالسلاما
مالي بهم حاجة ولاعازة السوم والقلب مايعتب عليهم حشاما
لكن عتبي فل تفريج لهموم والأفهم عندي عزاز كراما
وش حيلة أبنيدوم لي عاد مهموم ؟ والعرق ينظح من صليل البهاما
لقد استطاع في قصيدته هذه أن يحكي قصة حياته ومعاناته في ثمانية عشر بيتاً بتصوير دقيق معبر ورائع ، فبدأها لنا بوصف دقيق معبر ورائع ، فبدأ لنا بوصف حالته وهو في أيامه الأخيرة بجفاء النوم لعينيه ، وإذا ما أتاهما كانت الأحلام والهواجس كفيلة بإيقاظهما ، ثم ذكر مرحلة صباه ورحلاته في البر والبحر ، ثم ما وصل إليه حال اليوم ، وكانت شكواه من قلة زيارة أصدقائه له ، وكان رجاؤه في عودتهم لزيارته .. رافعاً جميع أسباب العتب وأنواعه عنهم ، فهل كان مطلبه مشروعاً؟
][.. آخــــــــــــــر الـــــــــدرب ..][
على بخت من بيعود به بعض ما راحي ليل تقضت بالزخرف والأفراحي
أيام سعد لمها الأنس والهنا على عشرة وناس، ومع كل مزاحي
وعشنا بها في غاية الأنس والطرب ثلاثين حجة في مناعير وسلاحي
ربينا على عشرة أكرام نعهدهم ضراغيم قوم شانهم ماله كفاحي
هذا أخو هذا وهذاك شفنا وهذا بني عمنا ورفيق ونصاحي
أحرار ربوا في ذروة المج والعلا ربوا في ظهور الخيل صبح ومرواحي
وهجن جنوهن لابتي للوازم حموا حيهم عن كلمة اللوم والآحي
مجالس للضيف عادات مجدنا بنوهن أكرام ما بغن فك مفتاحي
يشرغ بهن ((جا)) من البعد جايع ويمسي عقب صوعه أمين ومرتاحي
ونصبح نساير مع أشراف حينا ونمسي نغني مع خوندات الأملاحي
ولا فكرنا أن الليالي تضدنا ولاظننا أن الرسم ذاك ينماحي
وآخر تبدل عصرنا ضد مجدنا وجتنا ليال كدرت ذيك الأفراحي
الأيام تمضي أناس يذهبون وأنا يأتون ، هذه سنة الحياة ، وهو الرحيل الذي لا مفر منه ، والنهاية الحتمية لكل مخلوق .
الزمان : الثامن والعشرون من فبراير عام 1991 ، والمكان منزل الشاعر سالم الجمري .. أما الحدث فهو رحيل الجمري في صباح ذلك اليوم عن عمر ناهز الواحد والثمانين عاما .
وبرحيله أفل أحد نجون الشعر من سماء الإمارات ، فبكاه الشعر يومها كما لم يبك من قبل ، وقد كان لوفاته أكبر الأثر فيمن بقي من زملائه الشعراء الذي عاصروه وكانوا قريبين منه .
يقول عبدالله بن سوقات ابن الشاعر الإماراتي الكبير محمد بن سوقات / منذ أن توفي الجمري ووالدي في حال غير التي كان عليها سابقاً ، إذ اعتزال الناس والشعر، وتأثرت حالته النفسية كثيراً ، ولا يزال على هذا الحال حتى اليوم .