للكاتب : سعيد البادي
المصدر : جريدة الإتحاد
http://www.alittihad.ae/details.php?id=98816&y=2011
وجدت نفسي في محطة لا تبعد كثيراً عن مدينة صغيرة تدعى “ستينس” تقبع وحيدة معزولة وسط الصحراء في مكان ما من ولاية أريزونا الأميركية.. مضت أكثر من ساعة ولم يصل القطار الذي يتجه إلى لاس فيجاس كما قال لي آمر المحطة، والذي قررت أن أستقله بالرغم من أن وجهتي ليست إلى هناك.
شعرت بالملل من الانتظار فعدت إلى الرجل العجوز الذي لا يزال يقبع في مكتبه الصغير في المحطة، سألته عن القطار الذي تأخر وعن موعد وصوله، فضحك مرة أخرى وقال ساخراً: إنكم معشر الشباب دائما على عجل ولا تعرفون معنى الانتظار، إذا أردت شيئاً فعليك التحلي بكثير من الصبر، القطار حتماً سيصل في النهاية، لا تستعجل فكلنا راحلون!
لم أفهم ماذا يقصد وتركته ليكمل ضحكاته المجلجلة، تجولت في المحطة بحثاً عن أحد غيره لأسأله، ولم يكن في المحطة أحد غيري وذلك العجوز الساخر وكلب عجوز هزيل بائس، مشيت قليلا خارج المحطة باتجاه الغرب ووجدتني أكمل طريقي سيرا على الأقدام نحو أقرب بلدة من هذه المحطة والتي لا تبعد كثيرا كما كتب على لافتة خشبية بائسة. الطريق موحش وسط هذه الصحراء القاحلة وشعرت كأنني محتجز في لقطة من أفلام “الويسترن”، وتمنيت لو أن لدي حصاناً لأعبر به هذه الفيافي القفار.
ثمة زوابع رملية على شكل دوامات تعبر لتتماهى في الصحراء في الجهة الأخرى من الطريق الذي يبدو طويلا لا نهائياً وهو يتلوى ككائن أسطوري أسود وسط هذه الصحراء اللامتناهية.. تعززت لدي هواجس الضياع في هذه الصحراء والشمس تقترب من المغيب، فشعرت بالندم لمغادرة المحطة وفكرت في العودة غير أن أضواء البلدة بدأت تظهر أمامي.
عندما وصلت إلى البلدة كان مظهري لا يختلف كثيراً عن السكان المحليين فكان سهلاً أن أندمج وسط الناس كأي عابر سبيل قادم من القرى أو البلدات المجاورة، دخلت إلى المقهى الوحيد في البلدة وتناولت الطعام ثم دلتني السيدة البدينة اللطيفة التي تدير المقهى على النزل الوحيد في البلدة ويديره رجل مظهره نحيف وبائس، لم يعرني أي اهتمام، تحدث معي بالإسبانية وهو يناولني مفتاح غرفة أرضية في الباحة الخلفية.
رغم الإرهاق جافاني النوم تلك الليلة، وخرجت مبكراً من النزل وعدت إلى السيدة اللطيفة في المقهى تناولت الإفطار وسألتها عن كيفية مغادرة هذه البلدة! فنصحتني بأن أستقل حافلة ستغادر البلدة قريبا إلى سيلفر سيتي، ووصفت الحافلة بأنها وسيلة المواصلات الوحيدة المتوافرة لهذا اليوم
اقرأ المزيد : إلى مدينة الفضة - جريدة الاتحاد http://www.alittihad.ae/details.php?id=98816&y=2011#ixzz1breQcwHz
المصدر : جريدة الإتحاد
http://www.alittihad.ae/details.php?id=98816&y=2011
وجدت نفسي في محطة لا تبعد كثيراً عن مدينة صغيرة تدعى “ستينس” تقبع وحيدة معزولة وسط الصحراء في مكان ما من ولاية أريزونا الأميركية.. مضت أكثر من ساعة ولم يصل القطار الذي يتجه إلى لاس فيجاس كما قال لي آمر المحطة، والذي قررت أن أستقله بالرغم من أن وجهتي ليست إلى هناك.
شعرت بالملل من الانتظار فعدت إلى الرجل العجوز الذي لا يزال يقبع في مكتبه الصغير في المحطة، سألته عن القطار الذي تأخر وعن موعد وصوله، فضحك مرة أخرى وقال ساخراً: إنكم معشر الشباب دائما على عجل ولا تعرفون معنى الانتظار، إذا أردت شيئاً فعليك التحلي بكثير من الصبر، القطار حتماً سيصل في النهاية، لا تستعجل فكلنا راحلون!
لم أفهم ماذا يقصد وتركته ليكمل ضحكاته المجلجلة، تجولت في المحطة بحثاً عن أحد غيره لأسأله، ولم يكن في المحطة أحد غيري وذلك العجوز الساخر وكلب عجوز هزيل بائس، مشيت قليلا خارج المحطة باتجاه الغرب ووجدتني أكمل طريقي سيرا على الأقدام نحو أقرب بلدة من هذه المحطة والتي لا تبعد كثيرا كما كتب على لافتة خشبية بائسة. الطريق موحش وسط هذه الصحراء القاحلة وشعرت كأنني محتجز في لقطة من أفلام “الويسترن”، وتمنيت لو أن لدي حصاناً لأعبر به هذه الفيافي القفار.
ثمة زوابع رملية على شكل دوامات تعبر لتتماهى في الصحراء في الجهة الأخرى من الطريق الذي يبدو طويلا لا نهائياً وهو يتلوى ككائن أسطوري أسود وسط هذه الصحراء اللامتناهية.. تعززت لدي هواجس الضياع في هذه الصحراء والشمس تقترب من المغيب، فشعرت بالندم لمغادرة المحطة وفكرت في العودة غير أن أضواء البلدة بدأت تظهر أمامي.
عندما وصلت إلى البلدة كان مظهري لا يختلف كثيراً عن السكان المحليين فكان سهلاً أن أندمج وسط الناس كأي عابر سبيل قادم من القرى أو البلدات المجاورة، دخلت إلى المقهى الوحيد في البلدة وتناولت الطعام ثم دلتني السيدة البدينة اللطيفة التي تدير المقهى على النزل الوحيد في البلدة ويديره رجل مظهره نحيف وبائس، لم يعرني أي اهتمام، تحدث معي بالإسبانية وهو يناولني مفتاح غرفة أرضية في الباحة الخلفية.
رغم الإرهاق جافاني النوم تلك الليلة، وخرجت مبكراً من النزل وعدت إلى السيدة اللطيفة في المقهى تناولت الإفطار وسألتها عن كيفية مغادرة هذه البلدة! فنصحتني بأن أستقل حافلة ستغادر البلدة قريبا إلى سيلفر سيتي، ووصفت الحافلة بأنها وسيلة المواصلات الوحيدة المتوافرة لهذا اليوم
اقرأ المزيد : إلى مدينة الفضة - جريدة الاتحاد http://www.alittihad.ae/details.php?id=98816&y=2011#ixzz1breQcwHz