الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
ذيب حيل الركز
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="بيت حميد" data-source="post: 1177890" data-attributes="member: 4841"><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">الجزء الثاني</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">جاء آخر يوم عمل في الأسبوع، اليوم يشعر الذيب بشعور النشوة الذي يخالجه عادة في مثل هذا اليوم من كل أسبوع، هذا الشعور سيتصاعد في صدره كلما اقترب موعد لقائه بصاحبة تلك الخيمة على طرف الوادي، هناك شيء آخر معتاد يحدث في مثل هذا اليوم، هو شيء غريب حقاً لكنه يحدث على أية حال وفي نفس الموعد بالضبط.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">في الليلة السابقة إنطفأت أضواء الشارع التي تنير التقاطع المؤدي لقرية حيل الركز في الوقبة، هذا التقاطع خطير للغاية ولا يحتمل بأي حال تأجيل إصلاح الإنارة فيه، ولذلك إتصل أحد المواطنين الصالحين بفرع البلدية ليبلغ عن تعطل الأضواء في ذلك التقاطع، وعليه اتصل مدير الفرع بمركز البلدية بالمدينة لإرسال رافعة تصليح الإنارة على عجل….هذا ما يحدث كل أسبوع.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">مهمة فريق إصلاح الإنارة اليوم، كما يتصادف دائماً في نهاية كل أسبوع، هي قريب من قرية الذيب، ويتصادف أيضاً أنها قريب من “حيل وال” وهي قرية سائق الرافعة حميد، ويتصادف أيضاً أن العطل قريب من بيت مدير الفرع الذي طلب منهما في الأسبوع الماضي بعض السمك الطازج من الساحل……ولأن المسافة بعيدة ولأنها نهاية الأسبوع فلن يعود الإثنان إلا في بداية الأسبوع القادم.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">أكثر ما يكرهه الذيب في هذه الرحلة الأسبوعية هو عادة السائق حميد، وحميد هذا له مزاج غريب عندما يسوق لمسافة بعيدة، فهو يحب الإستماع للأغاني القديمة وبصوت مرتفع، وعندما تأخذه نشوة الغناء فإنه يترك المقود ويغمض عينيه ويصفق ويهتز كأنه ملتبس بجان……..لا يهم أين تأتيه تلك النشوة، حتى في المنعطفات الخطيرة لايبالي، هذا يترك الذيب في رعب شديد ، وعادة ما يضطر للإمساك بالمقود لكي لا تنحرف الرافعة عن الشارع إلى بطن أحد الأودية.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">في حوالي الساعة العاشرة صباحاً وقبل الوصول لتقاطع الشارع المؤدي لحيل الركز بقليل توقف حميد عند أحد الجسور، ونزل الذيب وهو يحمد الله على السلامة، وما إن عاد حميد بشاحنته للشارع حتى نزل الذيب تحت الجسر حاملاً معه حقيبتة الصغيرة ، وكما هي العادة فقد كان مسعود في الإنتظار…..واللقاء يكون حميماً في كل مرة.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">الوجهة التالية هي خيمة صبحا، يحب الذيب دوماً أن يتخيلها واقفة عند الخيمة وهي تنظر في اتجاه فرجة الجبل منتظرة فارسها وحبيبها، وبالرغم من أنه يحث الخطى قدر استطاعته خلف مسعود ذو الرجل الخشبية، إلا أنه لا يستطيع مجاراته في المشي على حصى الوادي، وفي كثير من الأحيان كان مسعود يتقدم الذيب بمسافة كبيرة تكفيه أن يقف ويعمر مدواخه ويدخن حتى يصل الذيب……كان كثيراً ما يمازحه على ذلك بقوله “مالك تبطئ السير؟……أم أن ليونة الساحل دخلت عظامك؟”، لم يعلق الذيب على مزحة مسعود فقد كان مشغولاً باللهاث، تابعا السير حتى مخرج الوادي من الجبل حيث توقف مسعود وطلب من الذيب الإنتظار، بخفة القط كان مسعود يصعد الجبل ، يقفز من حجر إلى حجر ، وكأن رجله الخشبية زادته خفة ورشاقة، وقف على صخرة كبيرة نافرة من الجبل، كان يبدو من الأسفل وكأنه نسر حط لتوه على تلك الصخرة، تناول شيئاً كان يخبأه خلفها ونزل، كانت سلة جلدية يستخدمها مسعود لوضع خلايا العسل، وكان قد قطف خلية ممتازة يوم أمس فأحب أن يهديها للذيب عند عودته.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">بعد أن عبرا فج الجبل انفرج أمامهما الوادي، وشيئاً فشياً ازدادت فسحة المكان وتزينت الأرض بعقد من أشجار السدر والغاف شديدة الخضرة، سارا بمحاذاة الجبل حيث مازال بعض الظل يسترخي على حصباء الوادي الناعمة، وأحياناً ينتقلان للمشي في وسط الوادي تحاشياً للبرك والغدران.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">كانت لدى مسعود أخبار جديدة لم يصبر عليها حتى يصلان للخيمة، وعوضاً عن كلامه المعتاد عن عدوهما المشترك الشيخ خميس ومساوءه وتمنياته المبطنة بأن يقعده المرض أو الكبر عن الظلم، كان لدى مسعود كلام عن سالم إبن الشيخ خميس.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">-لقد عاد ذلك الشيطان ابن الشيطان.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">-من تقصد…..سالم؟!؟!….لا حول ولا قوة إلا بالله.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">وقف الذيب في مكانه، انتبه مسعود الذي كان يمشي في المقدمة لتوقف خطوات الذيب فالتفت إليه ليلاقي نظراته المندهشة القلقة.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">-نعم هو….وهذه المرة لم يكتفِ بهدم حظيرتي وإلقاء أشيائي، بل أحرق الحظيرة وكسر زجاجات العسل……هذه المرة لديه سيارة ويدخل للوادي بسيارته…..بالأمس رأيته توقف بالقرب من خيمة صبحا….</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">كأن حيّة لدغت الذيب عندما سمع آخر مقالة مسعود، انطلق مسرعاً يعدو، لم يسلك الطريق المعتاد بل كان يتخطى الحجارة الوعرة وهو لا يبالي، مسعود انطلق خلفه لكنه لم يستطع إدراكه لمسافة طويلة…….كان يحاول استمهاله لكنه لم يكن يلوي على شيء……كم يخاف عليها!!!…… كان يقطع عيدان السمر الممتدة في طريق مشيها مخافة أن تؤذيها بأشواكها….كان لا يرى حجراً ناشزاً من الأرض بالقرب من خيمتها إلا اقتلعه وألقاه بعيدة خوفاً من أن يؤذي قدميها إذا مشت ليلاً…..فكيف يفعل إذن عندما يقترب منها سالم……</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">سالم إبن الشيخ خميس نشأ وهو يرى سيطرة أبيه الكاملة على أهالي حيل الركز، فصار يقلد أباه ويعاملهم باستعلاء منذ صغره، كان يسخر بشدة من مسعود بسبب رجله الخشبية، وفي مرات عدة هدم حظيرته وألقى بأشياءه بعيداً، كل ذلك ولم يكن مسعود أو غيره يجرؤ للشكوى منه عند أبيه لأنه سيشجعه على المزيد من الظلم.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">خلال السنين الأربع الماضية ابتعد سالم عن حيل الركز ، وصار لا يرى إلا مرة كل شهرين أو ثلاثة، والعام الماضي طلق زوجته وأم طفليه بعد أن هجرها لفترة طويلة، أقاويل كثيرة تتردد عنه، منها أنه طرد من عمله بالشرطة بسبب سكره ومغامراته ، وهذا القول الأخير بالتحديد كان الذيب قد سمعه من حميد الذي نقله عن أخيه الذي يعمل في الشرطة.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">لشدما حاول مسعود أن يوقف الذيب، إلا أن الذيب كان كأنه يطير من سرعته، في إحدى القفزات الواسعة التي قفزها ليتحاشى بركة اعترضت طريقه فقد توازنه وسقط في البركة، كاد مسعود أن يسقط فوقه لولا أن مهارته أنقذته، استطاع بأعجوبة أن يرتكز على رجله الخشبية ويستدير برجله الأخرى كعقرب الساعة ثقم ليقف متزناً.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">قام الذيب من البركة وأخرج حقيبته من الماء، لم يلتفت لسلة العسل التي أعطاه إياها مسعود وتركها طافية فوق الماء وتابع طريقة، حمل مسعود العسل وقرر أن يمشي على مهله إلى الخيمة التي أضحت قريبة.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">وصل الذيب لخيمة صبحا، وقف في الفضاء الذي أمامها ليتنفس وكأنه لم يتنفس منذ أن بدأ الركض، أطلق الحقيبة التي كانت تقطر من الماء لتستقر على الأرض، اتخذ وضعية الركوع ليتمكن من التنفس بشكل أفضل، بدأ يجول ببصره …… كومة الحطب انتقلت إلى داخل الخيمة، لابد أنها أمطرت البارحة، رفع بصره للسمرة حيث تعودت أن تعلق وعاء تجفيف الجبن فلم يجده، دليل آخر على أنها أمطرت البارحة…..في لحظة تفكره وتحليله للأدلة تلك وصل مسعود، أراد الذيب أن يبهره فبادره باستنتاجه عن سقوط المطر ليلة البارحة، لكن مسعود، وبعد لحظة من الوجوم، أطلق ضحكة ساخرة وقال للذيب “فماذا تقول إذن عن البرك التي مررنا بها على طول الوادي، وخصوصاً الأخيرة التي مازالت ثيابك تقطر من مياهها”</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">سكت الذيب واعتدل في وقفته وهو يحدث نفسه بجهل مسعود للمنهج الصحيح في الملاحظة والتحليل، ثم أطلق صيحة قوية ينادي صبحا ووجّهها نحو الجبل ، أخذت أصداء صيحته تتردد بين الجبال وهو مسعود يصيخان السمع في انتظار استجابة من صبحا، لكن ظهور طلائع قطيع الأغنام العادية نحو الخيمة أغنتهم عن الإنتظار، فلابد أن صبحا خلف القطيع وستنزل من فرجة الشعبة بعد قليل….وماهي إلا دقيقة حتى نزلت نجمة الصبح….واتسعت عيناه لتأخذ من نورها ماستطاعت….أحس أن جسمه أصبح خفيفاً …. وأن ريحاً خفيفة تحمله فوق الأرض بمسافة قليلة….ثم تدفعه ليلاقيها قبل أن تصل….كان قطيع الغنم ينقسم عنه ذات اليمين وذات الشمال حتى التقاها.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">يعتريها شعور غريب عندما تلتقيه بعد غياب، تشعر أنها تراه للمرة الأولى في حياتها، لا تستطيع إلا أن تستر فمها بطرف غطاء رأسها حياءً، تكلمه وهي تنظر للأرض، وإن كان الغياب طويلاً فإنها تستر صفحة وجهها كاملة وتكلمه وهي معرضة عنه.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">وهو أيضاً يعتريه نفس الشعور، لكن بعد ذلك تعود الأمور لطبيعتها، وستبدأ بسؤاله عن كل شيء، منذ مغادرته وحتى عودته، وهو يجيبها بإجابات يحفظها كلاهما…..</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">مسعود يعرف خصوصية هذه الدقائق الأولى بين الذيب وصبحا، ولذلك يتظاهر دوماً بأنه يجمع الحطب من السمرات القريبة لإعداد القهوة، وعندما يعود للخيمة ستسخر منه صبحا لأنه لم يلاحظ كومة الحطب الموجودة…..طقوس تعود عليها الثلاثة ويمارسونها بكل احترام.</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial Narrow'"><span style="font-size: 18px">يتبع.....</span> </span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="بيت حميد, post: 1177890, member: 4841"] [FONT=Arial Narrow][SIZE=5]الجزء الثاني[/SIZE] [SIZE=5]جاء آخر يوم عمل في الأسبوع، اليوم يشعر الذيب بشعور النشوة الذي يخالجه عادة في مثل هذا اليوم من كل أسبوع، هذا الشعور سيتصاعد في صدره كلما اقترب موعد لقائه بصاحبة تلك الخيمة على طرف الوادي، هناك شيء آخر معتاد يحدث في مثل هذا اليوم، هو شيء غريب حقاً لكنه يحدث على أية حال وفي نفس الموعد بالضبط.[/SIZE] [SIZE=5]في الليلة السابقة إنطفأت أضواء الشارع التي تنير التقاطع المؤدي لقرية حيل الركز في الوقبة، هذا التقاطع خطير للغاية ولا يحتمل بأي حال تأجيل إصلاح الإنارة فيه، ولذلك إتصل أحد المواطنين الصالحين بفرع البلدية ليبلغ عن تعطل الأضواء في ذلك التقاطع، وعليه اتصل مدير الفرع بمركز البلدية بالمدينة لإرسال رافعة تصليح الإنارة على عجل….هذا ما يحدث كل أسبوع.[/SIZE] [SIZE=5]مهمة فريق إصلاح الإنارة اليوم، كما يتصادف دائماً في نهاية كل أسبوع، هي قريب من قرية الذيب، ويتصادف أيضاً أنها قريب من “حيل وال” وهي قرية سائق الرافعة حميد، ويتصادف أيضاً أن العطل قريب من بيت مدير الفرع الذي طلب منهما في الأسبوع الماضي بعض السمك الطازج من الساحل……ولأن المسافة بعيدة ولأنها نهاية الأسبوع فلن يعود الإثنان إلا في بداية الأسبوع القادم.[/SIZE] [SIZE=5]أكثر ما يكرهه الذيب في هذه الرحلة الأسبوعية هو عادة السائق حميد، وحميد هذا له مزاج غريب عندما يسوق لمسافة بعيدة، فهو يحب الإستماع للأغاني القديمة وبصوت مرتفع، وعندما تأخذه نشوة الغناء فإنه يترك المقود ويغمض عينيه ويصفق ويهتز كأنه ملتبس بجان……..لا يهم أين تأتيه تلك النشوة، حتى في المنعطفات الخطيرة لايبالي، هذا يترك الذيب في رعب شديد ، وعادة ما يضطر للإمساك بالمقود لكي لا تنحرف الرافعة عن الشارع إلى بطن أحد الأودية.[/SIZE] [SIZE=5]في حوالي الساعة العاشرة صباحاً وقبل الوصول لتقاطع الشارع المؤدي لحيل الركز بقليل توقف حميد عند أحد الجسور، ونزل الذيب وهو يحمد الله على السلامة، وما إن عاد حميد بشاحنته للشارع حتى نزل الذيب تحت الجسر حاملاً معه حقيبتة الصغيرة ، وكما هي العادة فقد كان مسعود في الإنتظار…..واللقاء يكون حميماً في كل مرة.[/SIZE] [SIZE=5]الوجهة التالية هي خيمة صبحا، يحب الذيب دوماً أن يتخيلها واقفة عند الخيمة وهي تنظر في اتجاه فرجة الجبل منتظرة فارسها وحبيبها، وبالرغم من أنه يحث الخطى قدر استطاعته خلف مسعود ذو الرجل الخشبية، إلا أنه لا يستطيع مجاراته في المشي على حصى الوادي، وفي كثير من الأحيان كان مسعود يتقدم الذيب بمسافة كبيرة تكفيه أن يقف ويعمر مدواخه ويدخن حتى يصل الذيب……كان كثيراً ما يمازحه على ذلك بقوله “مالك تبطئ السير؟……أم أن ليونة الساحل دخلت عظامك؟”، لم يعلق الذيب على مزحة مسعود فقد كان مشغولاً باللهاث، تابعا السير حتى مخرج الوادي من الجبل حيث توقف مسعود وطلب من الذيب الإنتظار، بخفة القط كان مسعود يصعد الجبل ، يقفز من حجر إلى حجر ، وكأن رجله الخشبية زادته خفة ورشاقة، وقف على صخرة كبيرة نافرة من الجبل، كان يبدو من الأسفل وكأنه نسر حط لتوه على تلك الصخرة، تناول شيئاً كان يخبأه خلفها ونزل، كانت سلة جلدية يستخدمها مسعود لوضع خلايا العسل، وكان قد قطف خلية ممتازة يوم أمس فأحب أن يهديها للذيب عند عودته.[/SIZE] [SIZE=5]بعد أن عبرا فج الجبل انفرج أمامهما الوادي، وشيئاً فشياً ازدادت فسحة المكان وتزينت الأرض بعقد من أشجار السدر والغاف شديدة الخضرة، سارا بمحاذاة الجبل حيث مازال بعض الظل يسترخي على حصباء الوادي الناعمة، وأحياناً ينتقلان للمشي في وسط الوادي تحاشياً للبرك والغدران.[/SIZE] [SIZE=5]كانت لدى مسعود أخبار جديدة لم يصبر عليها حتى يصلان للخيمة، وعوضاً عن كلامه المعتاد عن عدوهما المشترك الشيخ خميس ومساوءه وتمنياته المبطنة بأن يقعده المرض أو الكبر عن الظلم، كان لدى مسعود كلام عن سالم إبن الشيخ خميس.[/SIZE] [SIZE=5]-لقد عاد ذلك الشيطان ابن الشيطان.[/SIZE] [SIZE=5]-من تقصد…..سالم؟!؟!….لا حول ولا قوة إلا بالله.[/SIZE] [SIZE=5]وقف الذيب في مكانه، انتبه مسعود الذي كان يمشي في المقدمة لتوقف خطوات الذيب فالتفت إليه ليلاقي نظراته المندهشة القلقة.[/SIZE] [SIZE=5]-نعم هو….وهذه المرة لم يكتفِ بهدم حظيرتي وإلقاء أشيائي، بل أحرق الحظيرة وكسر زجاجات العسل……هذه المرة لديه سيارة ويدخل للوادي بسيارته…..بالأمس رأيته توقف بالقرب من خيمة صبحا….[/SIZE] [SIZE=5]كأن حيّة لدغت الذيب عندما سمع آخر مقالة مسعود، انطلق مسرعاً يعدو، لم يسلك الطريق المعتاد بل كان يتخطى الحجارة الوعرة وهو لا يبالي، مسعود انطلق خلفه لكنه لم يستطع إدراكه لمسافة طويلة…….كان يحاول استمهاله لكنه لم يكن يلوي على شيء……كم يخاف عليها!!!…… كان يقطع عيدان السمر الممتدة في طريق مشيها مخافة أن تؤذيها بأشواكها….كان لا يرى حجراً ناشزاً من الأرض بالقرب من خيمتها إلا اقتلعه وألقاه بعيدة خوفاً من أن يؤذي قدميها إذا مشت ليلاً…..فكيف يفعل إذن عندما يقترب منها سالم……[/SIZE] [SIZE=5]سالم إبن الشيخ خميس نشأ وهو يرى سيطرة أبيه الكاملة على أهالي حيل الركز، فصار يقلد أباه ويعاملهم باستعلاء منذ صغره، كان يسخر بشدة من مسعود بسبب رجله الخشبية، وفي مرات عدة هدم حظيرته وألقى بأشياءه بعيداً، كل ذلك ولم يكن مسعود أو غيره يجرؤ للشكوى منه عند أبيه لأنه سيشجعه على المزيد من الظلم.[/SIZE] [SIZE=5]خلال السنين الأربع الماضية ابتعد سالم عن حيل الركز ، وصار لا يرى إلا مرة كل شهرين أو ثلاثة، والعام الماضي طلق زوجته وأم طفليه بعد أن هجرها لفترة طويلة، أقاويل كثيرة تتردد عنه، منها أنه طرد من عمله بالشرطة بسبب سكره ومغامراته ، وهذا القول الأخير بالتحديد كان الذيب قد سمعه من حميد الذي نقله عن أخيه الذي يعمل في الشرطة.[/SIZE] [SIZE=5]لشدما حاول مسعود أن يوقف الذيب، إلا أن الذيب كان كأنه يطير من سرعته، في إحدى القفزات الواسعة التي قفزها ليتحاشى بركة اعترضت طريقه فقد توازنه وسقط في البركة، كاد مسعود أن يسقط فوقه لولا أن مهارته أنقذته، استطاع بأعجوبة أن يرتكز على رجله الخشبية ويستدير برجله الأخرى كعقرب الساعة ثقم ليقف متزناً.[/SIZE] [SIZE=5]قام الذيب من البركة وأخرج حقيبته من الماء، لم يلتفت لسلة العسل التي أعطاه إياها مسعود وتركها طافية فوق الماء وتابع طريقة، حمل مسعود العسل وقرر أن يمشي على مهله إلى الخيمة التي أضحت قريبة.[/SIZE] [SIZE=5]وصل الذيب لخيمة صبحا، وقف في الفضاء الذي أمامها ليتنفس وكأنه لم يتنفس منذ أن بدأ الركض، أطلق الحقيبة التي كانت تقطر من الماء لتستقر على الأرض، اتخذ وضعية الركوع ليتمكن من التنفس بشكل أفضل، بدأ يجول ببصره …… كومة الحطب انتقلت إلى داخل الخيمة، لابد أنها أمطرت البارحة، رفع بصره للسمرة حيث تعودت أن تعلق وعاء تجفيف الجبن فلم يجده، دليل آخر على أنها أمطرت البارحة…..في لحظة تفكره وتحليله للأدلة تلك وصل مسعود، أراد الذيب أن يبهره فبادره باستنتاجه عن سقوط المطر ليلة البارحة، لكن مسعود، وبعد لحظة من الوجوم، أطلق ضحكة ساخرة وقال للذيب “فماذا تقول إذن عن البرك التي مررنا بها على طول الوادي، وخصوصاً الأخيرة التي مازالت ثيابك تقطر من مياهها”[/SIZE] [SIZE=5]سكت الذيب واعتدل في وقفته وهو يحدث نفسه بجهل مسعود للمنهج الصحيح في الملاحظة والتحليل، ثم أطلق صيحة قوية ينادي صبحا ووجّهها نحو الجبل ، أخذت أصداء صيحته تتردد بين الجبال وهو مسعود يصيخان السمع في انتظار استجابة من صبحا، لكن ظهور طلائع قطيع الأغنام العادية نحو الخيمة أغنتهم عن الإنتظار، فلابد أن صبحا خلف القطيع وستنزل من فرجة الشعبة بعد قليل….وماهي إلا دقيقة حتى نزلت نجمة الصبح….واتسعت عيناه لتأخذ من نورها ماستطاعت….أحس أن جسمه أصبح خفيفاً …. وأن ريحاً خفيفة تحمله فوق الأرض بمسافة قليلة….ثم تدفعه ليلاقيها قبل أن تصل….كان قطيع الغنم ينقسم عنه ذات اليمين وذات الشمال حتى التقاها.[/SIZE] [SIZE=5]يعتريها شعور غريب عندما تلتقيه بعد غياب، تشعر أنها تراه للمرة الأولى في حياتها، لا تستطيع إلا أن تستر فمها بطرف غطاء رأسها حياءً، تكلمه وهي تنظر للأرض، وإن كان الغياب طويلاً فإنها تستر صفحة وجهها كاملة وتكلمه وهي معرضة عنه.[/SIZE] [SIZE=5]وهو أيضاً يعتريه نفس الشعور، لكن بعد ذلك تعود الأمور لطبيعتها، وستبدأ بسؤاله عن كل شيء، منذ مغادرته وحتى عودته، وهو يجيبها بإجابات يحفظها كلاهما…..[/SIZE] [SIZE=5]مسعود يعرف خصوصية هذه الدقائق الأولى بين الذيب وصبحا، ولذلك يتظاهر دوماً بأنه يجمع الحطب من السمرات القريبة لإعداد القهوة، وعندما يعود للخيمة ستسخر منه صبحا لأنه لم يلاحظ كومة الحطب الموجودة…..طقوس تعود عليها الثلاثة ويمارسونها بكل احترام.[/SIZE] [SIZE=5]يتبع.....[/SIZE] [/FONT] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
ذيب حيل الركز
أعلى