الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
[you] إقرأ معي ، قصة ( العَرْبانه ) من تأليفي ، انتظرك .!
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="المرتاح" data-source="post: 1176063" data-attributes="member: 4611"><p>اقتباس:</p><p><span style="font-size: 22px"><em>المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المرتاح </em></span><a href="http://www.buraimi.net/vb/showthread.php?p=1171714#post1171714"><span style="font-size: 22px"><em><img src="http://www.buraimi.net/vb/buraimi-2011/images/buttons/viewpost.gif" alt="" class="fr-fic fr-dii fr-draggable " style="" /></em></span></a></p><p><em><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: blue">الجزء الاول ..</span></span></span></em></p><p></p><p><em><span style="font-family: 'Arial'"><span style="color: olive"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: purple">قصة ( العَرْبانه ) من تأليفي .. المرتاح</span></span></span></span></span></em></p><p></p><p></p><p></p><p><em><span style="font-family: 'Arial'"><span style="color: olive"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">دفعت بعربتي، وأخذتُ أجرّها، وأجرجرها، كأني أُجرجر وراءها <span style="color: indigo">خيبة عُمر امتدّت إليه أُمنيات ضحلة ، أُمنيات لا تَتحسّن بل تزداد سُوءً بعد سُوء.. أتردد على سُوق المدينة ، أحمل أكياس وأشياء أخرى ، أرميها في القمامة .. أحملها من دكاكين ومحلات الخضار مُقابل ثمن بخس ، مائة بيسة ، عن</span> كل حِمْلٍ ثقيل ، يكسر ظهري ويُقوّس عموده الفقري .. كانت القمامة أو حاوية المزابل القذرة ، تبعد عن السوق ، بمقدار 50 متر أو يزيد .. في كل صباح باكرٍ، أنظر إلى الحاوية الكبيرة، حاوية جمع القاذورات والأوساخ والقمامة العفنة، أنها مصدر رزقي الوحيد، وأنا أسعى جاهداً لأكون صديقاً قذراً مِثْلها، بعد أن صكّت كُل الأعمال <span style="color: indigo">في وجهي .. وحين أتساءل ، لماذا .؟ لا إجابة شافية، غير هذه.. رُبما قدركَ المنحوس أودَى بكَ أن تكون هذه الأمكنة التي لجأتَ إليها ، كنايةً تُذكّرك بأن الحياة لحظات مدّ وجزْر وصُعود ونُزول ، لا تتوقف عند حدّ مُعيّن ، ورُبما انكَ أول من استقبلتَ الحياة بوجهك ورُبّما تذكرك برضاعة حلمة أمكَ ، تُذكّرك أول رضعةٍ من ثدْيها ، لا اعرف مُجمل هذه الكنايات ، لكنّي أكاد أُجزم لا يقينَ فيه ، بأنّ أمّك قد ولّتْ بوجهكَ ناحية القمامة لحظة الولادة العَسيرة ، أو تكون قد نستْ أو تناستْ لحظتها بأن تُغيّر وجهتكَ شطراً آخر غير شطر القمامة..! رُبما ذاك سبب رئيس جعلك تُعظّم المزابل وتتعلّق بحاويات القمامة .. ترددتُ كثيراً كيف أردّ على محاور خفيّ ، لا أعرف كنهه</span> .. ثم قلت بعد إلحاح داخلي : أمي ، لا اعتقد ذلك .. أعقبتُها بسكتة ، ثمّ أردفتُ ، إنني مُتيقنٌ أن أمي تُيمّم وجهها شطر القُبلة وتُصلي بصوت خافت وتفيض عينها بالدموع، كنت أرى ذلك وأنا في حُضنها، ارضع الحلمة وأمصّها بقوة مجنونة.. قد يكون الأمر مُثار علاقة خاصة ، إذ كان بيتنا قُبالة مزبلة المدينة .. فرد الصوت قبل ان أُكمل<span style="color: indigo"> ، رُبما أنت مُحقاً في هذه ..! لا زلتُ أتذكّر يومَ رفض الميسورين وكبار المدينة الاقتراب من هذا المكان ولم يبقى إلا لأمثالنا مكاناً نختبئ فيه ويضمّنا فهو أقرب إلى نفسيّتنا ، كما هي فلسفة أؤلئك الكبار .. على اثر هذه التذكّر من الماضي القاسي ، ذهب الصوت الخفيّ واختفى وبقيت لوحدي .. أتفكّر في كل شيء ، يمر شريط ذكرياته أمام عيني ، بوضوح لا يقبل إنكاره .. عندها بدت قناعتي بالاستلام إلى الإيمان الذي يدفعني إلى تغييرها إلى سُلوكٍ لا يحمل عدائية ، بدت خطواتها تتعثّر ، تتلاشى ، تُمزقها جراحات</span> سُنون الهموم والغصص ، وبدا غموض يسكنني . أتساءل ، إلى هذا الحد الحياة تكره عائلتي ..بقيتُ واجماً مكلوماً بجراحات السنين .. تلكم السنون التي حملت شقاوة أيامها وأنا صغير ، لم أتلذذ بطفولتي وبراءتها ..حملت وأثقلتُ نفسي بالهم والكدح والغصة لا تفارقني ، أثقلتني سِنينها وأيامها ، ساعاتها ودقائقها ، بكل ما تحمله من وزْر استثنائي لهذه العائلة المَكلومة بغصص الذلّ والمهانة ، والمقرونة بطرّفات بيئتها المكانية المُقرفة ، <span style="color: indigo">وتُرّهات شراهة حقارة الزمن البائس ، وحدنا من استثنى قاعدة التوافق مع خط الزمن الحسنَ الذي يعيشه الآخرين ويتلذذون بمذاقه .. وقفت وقد صُعقت بالذكريات المَشئومة التي طافت على مُخيلتي ، تخيلتها فكان وقعها كالصاعقة .. ضللتُ أبحث في فَهْمها ، عن وميضٍ أمل ، عن مخرجٍ يَلوح لي ولو من بعيد ، ولا يلوح .. تبتعد الأُمنيات الحالمة بلياليها العجاف ، وتمتص نهاراتها ببياض لا ينقش على جُدرانها بقاءً .. غير هذا البقاء الذي أنا عليه من الأماني</span> العِجاف ، أماني من بدايتها حقيرة ، ذات شُؤمٌ ، فظّةٌ ، غليظة ، أسقمتني ، وأثقلتني ، حتى صار حالي استثنائي بعربانةٍ لا أجدُ غيرها .. تهزّني الأماني السّقيمة ، وترتجف ذكرياتي ، تتساقط دقائق أيام انتظاري .. وأحلامي تتهشّم ، تتلاشى أمانيها ، تبددت مآربها المرجوّة ، حينَ دوت صواعقها المرعوبة بذكريات منحوسة ، أقرفتني طوال <span style="color: indigo">سُنون الانتظار المَشحون بزخم لم تَعْتد به ، رغم ان شَعري الأبيض ، ينتشر في أماكن شتّى مُظلمة ، خفيتْ عن كثير واندسّتْ عن كل عين إلا عن عيني .. أخفيته كصمتي ، فاستحضرت التأزّم التالي .. ما بال ذلك الشّيب يشتعل برأسي كأنه عازم على قهري ، أيريد قَتْلني أم بيّت نيّته ليقتل كل ذرّة طَيّبةٍ من جمالي الآدمي ، ذلكم الجمال الذي أكرمني به ربي ، ليزعزعَ كل علاقة مُتصلة بي ، فلا</span> تجد تناغماً يكفل لها عطاءً غير مجذوذ ، إلا حنق الشيب الذي يُطوقني ، أتراهُ يحسبني متاعاً في السوق ، أم انتهتْ صلاحية علاقة سواده بي ..؟! أم آنَ الآوان لتبيضه بتركيزٍ وعزْمٍ أكيدٍ من ثبات الوتدِ على شعُيراتي الشائبة كيْ لا تجدَ ما يُمنّيها وتُبْعدها عن عزيمتها الجادّة وتحنثْ عن قسمَها الذي أمدّته بيمينها لتعاهدني عليه حتى الساعة الأكيدة ، بعيداً عن عزاء الشيب الذي تغلغلَ في شُعيرات إبْطي ببياضٍ يُلاحقني ، قبل أن يَقطع عَسَبُه <span style="color: navy">ويشقّ عليّ النّسْل فلا تنال شيء من مُبتغاها ، كما تُمنيها أنوثتها وحيث تمنّيات كل اُنثى ، تلكم الأماني غير منزوعة الألفة ببياض شعرٍ يأكلني بسُحنته المُكتظة بسوادٍ حيّ ، قبل بضع سنين ولكن ماذا هيَ بادية على فِعله إذا ولّتْ صلاحيتي ـ ولو كان اعتقاداً ـ ألا يحق لها أن تهنأ بما تمنّته لنفسها من حياةٍ أُمتّعها بها وإن بانَ لها ظاهرٍ سوادٍ في رأسي</span> ، وغطاؤه قائماً بنبتةٍ سائرة إلى تبييضه ، فهل يحقّ لها لأن تُمْلي شُروطها إلى هذه المودّة ، كأنْ يخلو هذا الشيب الذي اكتظّ بشراسته على كل أنحاء جسمي الظاهرة والخفيّة ، فأفقدتني شرعية مُبتغاها دون فضاءٍ أمَنّيها بها ، فكل نفس رطبةٍ راغبة إلى شيء يَسْكنها .. !</span></span></span></span></em></p><p><em><span style="font-family: 'Arial'"><span style="color: olive"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">كان ذلك الهذيان <span style="color: navy">عبارة عن صخْب عالي جداً ، مرّرته قسوة الأيام حتى صار مَثار حديثٍ يختلج إلى ذاتي وتنشره عبر مونولوج بَرْمَجتها اللوغورتمية يوم انهجستُ عن أمرها وارتددتُ عن فهمها</span> ، نظراً لما لأيامئذٍ من شدائد ومحنٍ ، وودتُ لو لمْ يَخْتمر عجينها إلى الأبد ، فَصَخْبها عارمٍ دفينٍ في نفسي ، وكثيراً ما تختلط أصواتها بلا هَجْعةٍ أُمَنّي بها نفسي وحين ألوذ إلى هَجْعِها تخدعني فأستسلم إلى نهار مليء بصخب عالي يدق ناقوس خطره في نفسي ، ورغم ذلك فأنا استمسك بِعُروة الأمل ليكون موثقَ ليلها أقرب وأقرب .. هكذا أبدو <span style="color: navy">كمتشائم ومتفائل في بِضْع هفواتٍ قاتمة أو لحظاتٍ سعيدة من ليل بائس وسخيم ، أو دافئ وسعيدٍ .. كل ذلك يحدث ، حين أفقد هدوء رُجولتي في ليلي البغيض ،</span> بهكذا مُعالجة فظّة ولذيذة ، أحاول اجمع بَعْضي إلى بَعْضه ..! وأعيد مُحاولتها ، فأتناغم مع مُختلفها ، ألمس في لمْحةٍ ملامح شَبقها - حيناً - أو اختلس نظرةٍ غِرّةٍ في حين آخر ، أنشدَ ضِلّ حياةٍ مَسْكونة بهاجس الوُد والسّكن المُطمئن ..!؟ حديث مكتوم في داخلي لم أُفْضي به إلى<span style="color: navy"> غيري .. ليبقيَ سُؤالي قائماً ، تُرى كيف انزرعَ بياض الشّيْب في رأسي وإبْطي وأنا ما زلتُ غِراً ، لم أتجاوز الثلاثين من حياتي التعيسة . نكّستُ رأسي ، وإذا بصدري يشتعل بياضاً ، فاهتزّ جسدي خوفاً .. قلقتُ كثيراً وترددت بتصويب نظرتي مرة أخرى .. كي لا ازداد</span> خوفاً أو سُوءاً فتتبدّل حياتي إلى أكثر تعاسة من ذي قبل .! وذهبتُ إلى حيث أيام أمي التي لم تألو جُهداً أو تعبٍ أو خِدْمة إلا وفَعَلتها لتبقى كرامتنا محفوظة ، ولكنها العُمر تقدّم بها ، كأنه يَرقبها ، يتلصّص عليها ، كيْ تبقى التعاسة بوابة الشُّؤْمٍ التي نكرهها .. أتذكّر بقوة ساعة قِيَامها بالبحث عن مأوى لنا يَحمينا من برد شتاء قارس ، فنعيش كباقي <span style="color: navy">الوجوه الآدمية ، وهكذا تمرّ السنين طويلة ومُتهالكة ، تتقلّبُ بأوجاعها ومَصائبها العصيّة ، استبدلتْ أُمي بيتنا ذات العِمارة الطينية المُتشرذمة ، كأسنان ذاك العجوزٍ الذ</span>ي كان يجلس كل صباح ومساء قُدّام بيتنا ، فنتقاسم معه الطعام والشراب .. وحين كبرتُ وصرت شاباً يُعْتد به ، علمتُ انه أبي .. فقدَ ذاكرته أثر صَدمته بقيام جرّافة كبيرة ، هشّمت بيته الذي ضمِنَ أنه أماناً على حياتنا ، بحجة المصلحة<span style="color: navy"> الوطنيّة .. لكن أبي رفض رفضاً قاطعاً النزول إلى حيث الحجج الواهية التي قال عنها القائمون على المشروع يومها</span> <span style="color: darkgreen">،</span><span style="color: black"> أنها</span><span style="color: black"> حُجج باهتة ، بل هي أشبهَ بعش الغُراب ..! فكلّ ما في الأمر ، هو مُصادرة مراعينا والقضاء على أمكنتنا وتفتيت بُنيتنا ، وطَمْس مَوْروث أجدادنا وانتزاع حق الآباء قهراً وإذلالاً ، وإقصاء الأحفاد بعيداً كي لا يَعْلموا بعد عِلْمٍ شيئاً .!!</span></span></span></span></span></em></p><p></p><p></p><p><em><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="color: olive">للقصة بقية ..</span></span> </span></em></p><p><em><span style="font-size: 22px">__________</span></em></p><p></p><p><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: red">الجزء الثاني</span> </span></span></p><p><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: black">لنْ نسمح لأحدٍ <span style="color: navy">أياً كانْ ، بِمُصادرة مَراعينا ومحوَ أمكنتنا وتفتيت بُنيتها ، فتكون كأنّها لمْ تكنْ من قبْل ، ولن نرضى بطَمْس</span> مَوْروث أجدادنا وانتزاع حق آبائنا قهراً وإذلالاً ، وإقصاء أحفادنا بعيداً ، كيْ لا يَعْلموا شيئاً بعد أنْ عَلِمْنا كُلّ شيء.!! توقف بُرهة ثم واصل " لنْ نقبلَ بحُجج<span style="color: navy"> واهية ، فجّة كهذه ، إنّها حُججٍ أقربَ بهاتةً إلى عُش الغُراب</span> ..!</span> "</span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">قالتْ عمّتي خديجة التي تكبُر أبي سناً ، هامسة وقد شدّتني من كتفي ، إفْهم أمك جيداً ، فقد آثرت كل شيء من أجلك <span style="color: navy">ولم تبخل ، بذلتْ كُلّ غالٍ ونفيس لتبقى .. كانتْ تدعو لك أن يجعلك الله في نعمة وفضلٍ وفي مسرّة</span> الحال وعفّة النّفس وفي عِلْمٍ ومعرفةٍ مُتواصلة غير منقطعة ، يكفيكَ دُعائها قبل ان تقدم لك الحياة وتُهديك إياها ، كما لو كان ذلك عيداً من أيامها الباقية ، ولهذا السبب خُذ بنصيحتي ولا تعجل ، فإياك وتجعل عينيها تلتقي في عينيك ، فإن التقتا ، فاخفضْهما<span style="color: navy"> حالاً ، ولا تهجس أمامها ، كُن مُستمعاً ومُنْصتاً .. نظرتُ</span> إلى عمتي خديجة التي لا تزال تحتفظ بجمالها الفطري رغم تقدّمها في السن ، وأنا اُشنّك حاجبيْ وزوايا شفتيّ ترصّ على بعضها .. وبصوت خافضٍ على غير عادة صَوتي الجهوري :</span></span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px">- طيب كلميني عن أبي والمال والجرافات والبساتين الجميلة وأهل القرية<span style="color: navy"> ، وأسباب تحدّيهم .</span></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial'"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: navy"> ابتسمتْ ، أحسستُ بإشفاقٍ فُجائي</span> ناحيتها ، لا اعرف سببه ، لكنها طمأنتني .. وأردفت ، كانتْ أُمّك أولّ من واستْ أبيك بِنَهْنِهةَ دمعةٍ سقطتْ من مُقلتيها ، فأنشأتْ بدمعتها التي أخفتْها عن عين أبيك ولم تستطع أنْ تُخفيها ، فكان مُذْ صِغرهِ دقيق المُلاحظة ، شديد الحَدس ، حادّ النظْرة .. وحيث أنهما كانا كتوأم يفهما بعضهما ، أو كأنّهما قدْ ولدتهما أماً واحدة .. فهو بطبيعته العاطفية <span style="color: navy">يميل إليه ويُرغبها ، وهيَ بحبها تعشقه وتتغنّى به ، سعيدة معه لم يُكدرها شيء منذ أن تزوجا ، ولم ينجبا غيرك</span> في الحياة .. أنت يا أحمد وحيدهما ، أتذكّر يوم ذاك ، يوم أن أخذتْ تُسلّيه تعزّياً .. فتبادلا نظرات غائمة ، كانت هي حرنةً وهو واجماً مأخوذاً بتدافع الجرّافات التي تُهشّم بيتهما ، بحجة انه اُقيم في وقتٍ كانتْ أعين المصلحة الوطنية نائمة وها هي الآن قد استيقظتْ ورأت ما لم تره عين ولكنه خطرَ على قلب بشر .. حين أراد أخي عبدالله ، توقيف العمل القائم على تهشيم البيت ، إذ كان بيت أخي عبدالله <span style="color: navy">هو أول</span><span style="color: navy"> بيت تُهشمه المصالح الوطنية ويسقط أمام مرأى الأعين حُطاماً ، إذْ كان في نظر القائمون على المصلحة</span> الوطنية ، أنه بيت أقيم بطريقة لم تكن مُستقيمة يومذاك غير قانونية رغم شرعيتها الدينية ، فالبيت قد مرت عليه أكثر من عقدين من الزمن ، ولكنها اليوم أضحت ممتلكات خارجة عن القانون <span style="color: navy">، لا وجه حق في قيامها من وجهة نظر المصلحة الوطنية ، ولم يكتفوا بإزالة البيت والبستان ومزرعة</span> صغيرة اتخذها أبوك زريبة للأغنام ، فقد أصدرتْ الجهات المعنية أمراً مُلزماً لجميع ساكني هذه القرية الضارب أطنابها في أعماق الزمن الغابرة ، بتوقيف وسجن كل من يلحق الأذى أو يُعطّل عاملي المصلحة الوطنية حتى ولو كان بحجة شرعية ، فلا شيء فوق القانون .!! والحقوق مكفولة بعد التنفيذ .. <span style="color: navy">يكفلها القانون فقط لا غير ..!! لكن أخي عارض هذا الرأي ومعه رجالٌ ، قاموا معه ، وظنوا أن إخراجهم من</span> ديارهم مذلّة لهم ، وفي الأثر " من يمت دون ماله أو عِرْضه فهو شهيد .." وأبوك يا أحمد شهيداً في الجنة ، لأنه حضيَ بالاثنين معاً ومات دونهما ..!! <span style="color: navy">فضلاً عن أنّ الجراّفات دأبتْ على ترويع وإزعاج مواطني</span> هذه الوطنية المُهشمة بقوةٍ لا غالبَ لها غير القوة الشرعية التي يتمسّك بها الرجال ويعتدّون بها .. وقفتْ عمتي ، وشرعتْ كالخطيب بين المصلين <span style="color: navy">.. لو كان ربّي يأخذهم على أخطائهم لما بقيَ أحد منهم في الحال ولفنيَ الناس ولم يبقى احد على البسيطة</span> ولكن يُؤخّر ذلك عنده في كتاب ، لتُجزى كُلّ نفسٍ بما عملت ويُقضى بين المُتخاصمين ، يوم ذاك يوماً أغرّ لا قوة ولا سُلطة أقوى من الحق المُبين ، يوم ينظرون فيما قالوا وما عملوا وما كانوا يفعلون ، اليومَ فقط تقول النفس الأمارة بالسوء ، ربي ارجعون ، أعمل صالحاً ، وأغيّر نظرتي ، لعلّ أكون راشدة لنفسي وصالحة لغيري ، ولكن القوة <span style="color: navy">الصادحة في هذا اليوم ، لا ظُلْم اليوم ، فأين هُم المُعْتبرون حقاً .. بكتْ عمتي ، وغمغمت ..ثم أردفتْ :</span> أنهم يظنون بفعْلهم يُجانبون الصواب ويُحسنون صُنْعاً ، لكن هيْت لهم ، فإزعاج المَغْلوب على أمره وتهشيم جُدران بيته وسحق بُستانه بالجرّافات ليستْ من<span style="color: navy"> الحَصافة الإنسانية وليستْ من القِيم الوطنية والمُثَلِ المُتوارثة .. كان أبوك لا يَرتدّ عن قول الحق ، تُنازعه نفسه إنْ لم يقلها علناً يقول الحقيقة ولو على نفسه ،</span> هكذا عهدناهُ مذ صِغره ، لا يخشى لَوْمة لائم ، تفزّ الكلمات من فمه عامرة بالإيمان ، لكنه للأسف لم يُتمّهُنّ لم يستطع ولم يَقْدر ، كأنما أمرٌ كمّمَ فاهُ ، لثغ لسانه وتثاقل .. ارتجفتْ شفتاه ، واهتزت <span style="color: navy">أطرافها ، قلت لعمتي وأنا إلى جانبها وقد ارتصّ ثوبها التقليدي بجسدها ، ثم تابعتْ تُكْمل حديثها .. لكني قاطعتها</span> ، نعم يا عمّتي أتذكر ذاك الموقف جيداً .. دمدمتْ عمتي برأسها إلى صَدْرها واغرورقتْ عينيها بالدمع ، ماءً ينسكب من حُجر مُقلتيها ، بلّل <span style="color: navy">ثوبها البلدي الأنيق بزركشته الجميلة ، التي قلّ أنْ تجد مثله زيّاً نسوياً فضفاضاً ، حافظت عليه المرأة في</span> حارتنا الكبيرة .. أغمضتُ عيني فكأنّي أراهُ حاضراً غير غائب .. تابعتُ بدقة تفاصيل انقطاعه عن البُكاء ثمّ غَمْغم كأنما شيء يَنْفجر في داخله <span style="color: navy">، ينشطر .. يتقطّع فلم تعُدْ أحبال صَوته فاعلة ولم تكنْ</span> دَمْعته حاضرة ، توقف فجأة .. شخصتْ عينيه وقد صَوّبها تجاه الحقْل والجدار ثم وَمَضتْ عينه إلى أمي .. ساعتئذٍ قد اصفرّ وجهه وتجمّد جسده .. <span style="color: navy">صاحتْ أمي بغضبْ .. وشفتاها تتشنّجان وغدا وجهها احمر ..أحسّت بإشفاقٍ فُجائي ، إشفاقٌ غير مُبين ، لم</span> تُظهره لغيره من قبْل هذه الحالة المُريبة التي أزعجتها .. بَهَتتْ وحَمْلقتْ ، ثم وضعتْ يدها فوق عينيه وأرْخَتْهُما إلى تحت ، فأغمضتهما بيدها ، كأنها تمسح عليها مسحة أخيرة ، مَسْحة بقتْ ذِكْراها تحمل قيَم الوُدّ ودفء السّكن وحُسن العِشْرة ، متنسمةً بالفضْل والإحسان والمعروف الذي لا يُنسى أبداً .. حملتْ شيئاً <span style="color: navy">ثقيلاً وألْقتهُ على جسده ، فكان غطاءً سميكًا ، سحبته من علياء رأسه حتى أخمص قدميه وكتمتْ غيضاً . تنفست وسحبت هواءً عميقاً ، كأنما آلة كهربائية تشفط</span> شيء بقوتها .! وعلى أثر هذه الكلمات ، انسحبتْ عمتي ، وأخذت تسير بخطوات <span style="color: navy">ثقيلة ، إلى خارج دارنا ، كمن يُجرّ إلى حتْف اُنْفه ..! ارقب ثوبها وقد تبلّل لحافها واختلطت دُموعها بِمُخاطها .!</span></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial'"></span></p><p><span style="font-family: 'Arial'"><span style="color: #000080"><span style="font-family: 'Comic Sans MS'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: red">للقصة</span> <span style="color: darkgreen">بقية ..</span></span></span></span></span></p><p><span style="font-family: 'Arial'"></span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="المرتاح, post: 1176063, member: 4611"] اقتباس: [SIZE=6][I]المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المرتاح [/I][/SIZE][URL="http://www.buraimi.net/vb/showthread.php?p=1171714#post1171714"][SIZE=6][I][IMG]http://www.buraimi.net/vb/buraimi-2011/images/buttons/viewpost.gif[/IMG][/I][/SIZE][/URL] [I][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=blue]الجزء الاول ..[/COLOR][/SIZE][/FONT][/I] [I][FONT=Arial][COLOR=olive][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=purple]قصة ( العَرْبانه ) من تأليفي .. المرتاح[/COLOR][/SIZE][/FONT][/COLOR][/FONT][/I] [I][FONT=Arial][COLOR=olive][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]دفعت بعربتي، وأخذتُ أجرّها، وأجرجرها، كأني أُجرجر وراءها [COLOR=indigo]خيبة عُمر امتدّت إليه أُمنيات ضحلة ، أُمنيات لا تَتحسّن بل تزداد سُوءً بعد سُوء.. أتردد على سُوق المدينة ، أحمل أكياس وأشياء أخرى ، أرميها في القمامة .. أحملها من دكاكين ومحلات الخضار مُقابل ثمن بخس ، مائة بيسة ، عن[/COLOR] كل حِمْلٍ ثقيل ، يكسر ظهري ويُقوّس عموده الفقري .. كانت القمامة أو حاوية المزابل القذرة ، تبعد عن السوق ، بمقدار 50 متر أو يزيد .. في كل صباح باكرٍ، أنظر إلى الحاوية الكبيرة، حاوية جمع القاذورات والأوساخ والقمامة العفنة، أنها مصدر رزقي الوحيد، وأنا أسعى جاهداً لأكون صديقاً قذراً مِثْلها، بعد أن صكّت كُل الأعمال [COLOR=indigo]في وجهي .. وحين أتساءل ، لماذا .؟ لا إجابة شافية، غير هذه.. رُبما قدركَ المنحوس أودَى بكَ أن تكون هذه الأمكنة التي لجأتَ إليها ، كنايةً تُذكّرك بأن الحياة لحظات مدّ وجزْر وصُعود ونُزول ، لا تتوقف عند حدّ مُعيّن ، ورُبما انكَ أول من استقبلتَ الحياة بوجهك ورُبّما تذكرك برضاعة حلمة أمكَ ، تُذكّرك أول رضعةٍ من ثدْيها ، لا اعرف مُجمل هذه الكنايات ، لكنّي أكاد أُجزم لا يقينَ فيه ، بأنّ أمّك قد ولّتْ بوجهكَ ناحية القمامة لحظة الولادة العَسيرة ، أو تكون قد نستْ أو تناستْ لحظتها بأن تُغيّر وجهتكَ شطراً آخر غير شطر القمامة..! رُبما ذاك سبب رئيس جعلك تُعظّم المزابل وتتعلّق بحاويات القمامة .. ترددتُ كثيراً كيف أردّ على محاور خفيّ ، لا أعرف كنهه[/COLOR] .. ثم قلت بعد إلحاح داخلي : أمي ، لا اعتقد ذلك .. أعقبتُها بسكتة ، ثمّ أردفتُ ، إنني مُتيقنٌ أن أمي تُيمّم وجهها شطر القُبلة وتُصلي بصوت خافت وتفيض عينها بالدموع، كنت أرى ذلك وأنا في حُضنها، ارضع الحلمة وأمصّها بقوة مجنونة.. قد يكون الأمر مُثار علاقة خاصة ، إذ كان بيتنا قُبالة مزبلة المدينة .. فرد الصوت قبل ان أُكمل[COLOR=indigo] ، رُبما أنت مُحقاً في هذه ..! لا زلتُ أتذكّر يومَ رفض الميسورين وكبار المدينة الاقتراب من هذا المكان ولم يبقى إلا لأمثالنا مكاناً نختبئ فيه ويضمّنا فهو أقرب إلى نفسيّتنا ، كما هي فلسفة أؤلئك الكبار .. على اثر هذه التذكّر من الماضي القاسي ، ذهب الصوت الخفيّ واختفى وبقيت لوحدي .. أتفكّر في كل شيء ، يمر شريط ذكرياته أمام عيني ، بوضوح لا يقبل إنكاره .. عندها بدت قناعتي بالاستلام إلى الإيمان الذي يدفعني إلى تغييرها إلى سُلوكٍ لا يحمل عدائية ، بدت خطواتها تتعثّر ، تتلاشى ، تُمزقها جراحات[/COLOR] سُنون الهموم والغصص ، وبدا غموض يسكنني . أتساءل ، إلى هذا الحد الحياة تكره عائلتي ..بقيتُ واجماً مكلوماً بجراحات السنين .. تلكم السنون التي حملت شقاوة أيامها وأنا صغير ، لم أتلذذ بطفولتي وبراءتها ..حملت وأثقلتُ نفسي بالهم والكدح والغصة لا تفارقني ، أثقلتني سِنينها وأيامها ، ساعاتها ودقائقها ، بكل ما تحمله من وزْر استثنائي لهذه العائلة المَكلومة بغصص الذلّ والمهانة ، والمقرونة بطرّفات بيئتها المكانية المُقرفة ، [COLOR=indigo]وتُرّهات شراهة حقارة الزمن البائس ، وحدنا من استثنى قاعدة التوافق مع خط الزمن الحسنَ الذي يعيشه الآخرين ويتلذذون بمذاقه .. وقفت وقد صُعقت بالذكريات المَشئومة التي طافت على مُخيلتي ، تخيلتها فكان وقعها كالصاعقة .. ضللتُ أبحث في فَهْمها ، عن وميضٍ أمل ، عن مخرجٍ يَلوح لي ولو من بعيد ، ولا يلوح .. تبتعد الأُمنيات الحالمة بلياليها العجاف ، وتمتص نهاراتها ببياض لا ينقش على جُدرانها بقاءً .. غير هذا البقاء الذي أنا عليه من الأماني[/COLOR] العِجاف ، أماني من بدايتها حقيرة ، ذات شُؤمٌ ، فظّةٌ ، غليظة ، أسقمتني ، وأثقلتني ، حتى صار حالي استثنائي بعربانةٍ لا أجدُ غيرها .. تهزّني الأماني السّقيمة ، وترتجف ذكرياتي ، تتساقط دقائق أيام انتظاري .. وأحلامي تتهشّم ، تتلاشى أمانيها ، تبددت مآربها المرجوّة ، حينَ دوت صواعقها المرعوبة بذكريات منحوسة ، أقرفتني طوال [COLOR=indigo]سُنون الانتظار المَشحون بزخم لم تَعْتد به ، رغم ان شَعري الأبيض ، ينتشر في أماكن شتّى مُظلمة ، خفيتْ عن كثير واندسّتْ عن كل عين إلا عن عيني .. أخفيته كصمتي ، فاستحضرت التأزّم التالي .. ما بال ذلك الشّيب يشتعل برأسي كأنه عازم على قهري ، أيريد قَتْلني أم بيّت نيّته ليقتل كل ذرّة طَيّبةٍ من جمالي الآدمي ، ذلكم الجمال الذي أكرمني به ربي ، ليزعزعَ كل علاقة مُتصلة بي ، فلا[/COLOR] تجد تناغماً يكفل لها عطاءً غير مجذوذ ، إلا حنق الشيب الذي يُطوقني ، أتراهُ يحسبني متاعاً في السوق ، أم انتهتْ صلاحية علاقة سواده بي ..؟! أم آنَ الآوان لتبيضه بتركيزٍ وعزْمٍ أكيدٍ من ثبات الوتدِ على شعُيراتي الشائبة كيْ لا تجدَ ما يُمنّيها وتُبْعدها عن عزيمتها الجادّة وتحنثْ عن قسمَها الذي أمدّته بيمينها لتعاهدني عليه حتى الساعة الأكيدة ، بعيداً عن عزاء الشيب الذي تغلغلَ في شُعيرات إبْطي ببياضٍ يُلاحقني ، قبل أن يَقطع عَسَبُه [COLOR=navy]ويشقّ عليّ النّسْل فلا تنال شيء من مُبتغاها ، كما تُمنيها أنوثتها وحيث تمنّيات كل اُنثى ، تلكم الأماني غير منزوعة الألفة ببياض شعرٍ يأكلني بسُحنته المُكتظة بسوادٍ حيّ ، قبل بضع سنين ولكن ماذا هيَ بادية على فِعله إذا ولّتْ صلاحيتي ـ ولو كان اعتقاداً ـ ألا يحق لها أن تهنأ بما تمنّته لنفسها من حياةٍ أُمتّعها بها وإن بانَ لها ظاهرٍ سوادٍ في رأسي[/COLOR] ، وغطاؤه قائماً بنبتةٍ سائرة إلى تبييضه ، فهل يحقّ لها لأن تُمْلي شُروطها إلى هذه المودّة ، كأنْ يخلو هذا الشيب الذي اكتظّ بشراسته على كل أنحاء جسمي الظاهرة والخفيّة ، فأفقدتني شرعية مُبتغاها دون فضاءٍ أمَنّيها بها ، فكل نفس رطبةٍ راغبة إلى شيء يَسْكنها .. ![/SIZE][/FONT][/COLOR][/FONT][/I] [I][FONT=Arial][COLOR=olive][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]كان ذلك الهذيان [COLOR=navy]عبارة عن صخْب عالي جداً ، مرّرته قسوة الأيام حتى صار مَثار حديثٍ يختلج إلى ذاتي وتنشره عبر مونولوج بَرْمَجتها اللوغورتمية يوم انهجستُ عن أمرها وارتددتُ عن فهمها[/COLOR] ، نظراً لما لأيامئذٍ من شدائد ومحنٍ ، وودتُ لو لمْ يَخْتمر عجينها إلى الأبد ، فَصَخْبها عارمٍ دفينٍ في نفسي ، وكثيراً ما تختلط أصواتها بلا هَجْعةٍ أُمَنّي بها نفسي وحين ألوذ إلى هَجْعِها تخدعني فأستسلم إلى نهار مليء بصخب عالي يدق ناقوس خطره في نفسي ، ورغم ذلك فأنا استمسك بِعُروة الأمل ليكون موثقَ ليلها أقرب وأقرب .. هكذا أبدو [COLOR=navy]كمتشائم ومتفائل في بِضْع هفواتٍ قاتمة أو لحظاتٍ سعيدة من ليل بائس وسخيم ، أو دافئ وسعيدٍ .. كل ذلك يحدث ، حين أفقد هدوء رُجولتي في ليلي البغيض ،[/COLOR] بهكذا مُعالجة فظّة ولذيذة ، أحاول اجمع بَعْضي إلى بَعْضه ..! وأعيد مُحاولتها ، فأتناغم مع مُختلفها ، ألمس في لمْحةٍ ملامح شَبقها - حيناً - أو اختلس نظرةٍ غِرّةٍ في حين آخر ، أنشدَ ضِلّ حياةٍ مَسْكونة بهاجس الوُد والسّكن المُطمئن ..!؟ حديث مكتوم في داخلي لم أُفْضي به إلى[COLOR=navy] غيري .. ليبقيَ سُؤالي قائماً ، تُرى كيف انزرعَ بياض الشّيْب في رأسي وإبْطي وأنا ما زلتُ غِراً ، لم أتجاوز الثلاثين من حياتي التعيسة . نكّستُ رأسي ، وإذا بصدري يشتعل بياضاً ، فاهتزّ جسدي خوفاً .. قلقتُ كثيراً وترددت بتصويب نظرتي مرة أخرى .. كي لا ازداد[/COLOR] خوفاً أو سُوءاً فتتبدّل حياتي إلى أكثر تعاسة من ذي قبل .! وذهبتُ إلى حيث أيام أمي التي لم تألو جُهداً أو تعبٍ أو خِدْمة إلا وفَعَلتها لتبقى كرامتنا محفوظة ، ولكنها العُمر تقدّم بها ، كأنه يَرقبها ، يتلصّص عليها ، كيْ تبقى التعاسة بوابة الشُّؤْمٍ التي نكرهها .. أتذكّر بقوة ساعة قِيَامها بالبحث عن مأوى لنا يَحمينا من برد شتاء قارس ، فنعيش كباقي [COLOR=navy]الوجوه الآدمية ، وهكذا تمرّ السنين طويلة ومُتهالكة ، تتقلّبُ بأوجاعها ومَصائبها العصيّة ، استبدلتْ أُمي بيتنا ذات العِمارة الطينية المُتشرذمة ، كأسنان ذاك العجوزٍ الذ[/COLOR]ي كان يجلس كل صباح ومساء قُدّام بيتنا ، فنتقاسم معه الطعام والشراب .. وحين كبرتُ وصرت شاباً يُعْتد به ، علمتُ انه أبي .. فقدَ ذاكرته أثر صَدمته بقيام جرّافة كبيرة ، هشّمت بيته الذي ضمِنَ أنه أماناً على حياتنا ، بحجة المصلحة[COLOR=navy] الوطنيّة .. لكن أبي رفض رفضاً قاطعاً النزول إلى حيث الحجج الواهية التي قال عنها القائمون على المشروع يومها[/COLOR] [COLOR=darkgreen]،[/COLOR][COLOR=black] أنها[/COLOR][COLOR=black] حُجج باهتة ، بل هي أشبهَ بعش الغُراب ..! فكلّ ما في الأمر ، هو مُصادرة مراعينا والقضاء على أمكنتنا وتفتيت بُنيتنا ، وطَمْس مَوْروث أجدادنا وانتزاع حق الآباء قهراً وإذلالاً ، وإقصاء الأحفاد بعيداً كي لا يَعْلموا بعد عِلْمٍ شيئاً .!![/COLOR][/SIZE][/FONT][/COLOR][/FONT][/I] [I][SIZE=6][FONT=Comic Sans MS][COLOR=olive]للقصة بقية ..[/COLOR][/FONT] [/SIZE][/I] [I][SIZE=6]__________[/SIZE][/I] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=red]الجزء الثاني[/COLOR] [/SIZE][/FONT] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=black]لنْ نسمح لأحدٍ [COLOR=navy]أياً كانْ ، بِمُصادرة مَراعينا ومحوَ أمكنتنا وتفتيت بُنيتها ، فتكون كأنّها لمْ تكنْ من قبْل ، ولن نرضى بطَمْس[/COLOR] مَوْروث أجدادنا وانتزاع حق آبائنا قهراً وإذلالاً ، وإقصاء أحفادنا بعيداً ، كيْ لا يَعْلموا شيئاً بعد أنْ عَلِمْنا كُلّ شيء.!! توقف بُرهة ثم واصل " لنْ نقبلَ بحُجج[COLOR=navy] واهية ، فجّة كهذه ، إنّها حُججٍ أقربَ بهاتةً إلى عُش الغُراب[/COLOR] ..![/COLOR] "[/SIZE][/FONT] [FONT=Arial][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]قالتْ عمّتي خديجة التي تكبُر أبي سناً ، هامسة وقد شدّتني من كتفي ، إفْهم أمك جيداً ، فقد آثرت كل شيء من أجلك [COLOR=navy]ولم تبخل ، بذلتْ كُلّ غالٍ ونفيس لتبقى .. كانتْ تدعو لك أن يجعلك الله في نعمة وفضلٍ وفي مسرّة[/COLOR] الحال وعفّة النّفس وفي عِلْمٍ ومعرفةٍ مُتواصلة غير منقطعة ، يكفيكَ دُعائها قبل ان تقدم لك الحياة وتُهديك إياها ، كما لو كان ذلك عيداً من أيامها الباقية ، ولهذا السبب خُذ بنصيحتي ولا تعجل ، فإياك وتجعل عينيها تلتقي في عينيك ، فإن التقتا ، فاخفضْهما[COLOR=navy] حالاً ، ولا تهجس أمامها ، كُن مُستمعاً ومُنْصتاً .. نظرتُ[/COLOR] إلى عمتي خديجة التي لا تزال تحتفظ بجمالها الفطري رغم تقدّمها في السن ، وأنا اُشنّك حاجبيْ وزوايا شفتيّ ترصّ على بعضها .. وبصوت خافضٍ على غير عادة صَوتي الجهوري :[/SIZE][/FONT] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6]- طيب كلميني عن أبي والمال والجرافات والبساتين الجميلة وأهل القرية[COLOR=navy] ، وأسباب تحدّيهم .[/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=navy] ابتسمتْ ، أحسستُ بإشفاقٍ فُجائي[/COLOR] ناحيتها ، لا اعرف سببه ، لكنها طمأنتني .. وأردفت ، كانتْ أُمّك أولّ من واستْ أبيك بِنَهْنِهةَ دمعةٍ سقطتْ من مُقلتيها ، فأنشأتْ بدمعتها التي أخفتْها عن عين أبيك ولم تستطع أنْ تُخفيها ، فكان مُذْ صِغرهِ دقيق المُلاحظة ، شديد الحَدس ، حادّ النظْرة .. وحيث أنهما كانا كتوأم يفهما بعضهما ، أو كأنّهما قدْ ولدتهما أماً واحدة .. فهو بطبيعته العاطفية [COLOR=navy]يميل إليه ويُرغبها ، وهيَ بحبها تعشقه وتتغنّى به ، سعيدة معه لم يُكدرها شيء منذ أن تزوجا ، ولم ينجبا غيرك[/COLOR] في الحياة .. أنت يا أحمد وحيدهما ، أتذكّر يوم ذاك ، يوم أن أخذتْ تُسلّيه تعزّياً .. فتبادلا نظرات غائمة ، كانت هي حرنةً وهو واجماً مأخوذاً بتدافع الجرّافات التي تُهشّم بيتهما ، بحجة انه اُقيم في وقتٍ كانتْ أعين المصلحة الوطنية نائمة وها هي الآن قد استيقظتْ ورأت ما لم تره عين ولكنه خطرَ على قلب بشر .. حين أراد أخي عبدالله ، توقيف العمل القائم على تهشيم البيت ، إذ كان بيت أخي عبدالله [COLOR=navy]هو أول[/COLOR][COLOR=navy] بيت تُهشمه المصالح الوطنية ويسقط أمام مرأى الأعين حُطاماً ، إذْ كان في نظر القائمون على المصلحة[/COLOR] الوطنية ، أنه بيت أقيم بطريقة لم تكن مُستقيمة يومذاك غير قانونية رغم شرعيتها الدينية ، فالبيت قد مرت عليه أكثر من عقدين من الزمن ، ولكنها اليوم أضحت ممتلكات خارجة عن القانون [COLOR=navy]، لا وجه حق في قيامها من وجهة نظر المصلحة الوطنية ، ولم يكتفوا بإزالة البيت والبستان ومزرعة[/COLOR] صغيرة اتخذها أبوك زريبة للأغنام ، فقد أصدرتْ الجهات المعنية أمراً مُلزماً لجميع ساكني هذه القرية الضارب أطنابها في أعماق الزمن الغابرة ، بتوقيف وسجن كل من يلحق الأذى أو يُعطّل عاملي المصلحة الوطنية حتى ولو كان بحجة شرعية ، فلا شيء فوق القانون .!! والحقوق مكفولة بعد التنفيذ .. [COLOR=navy]يكفلها القانون فقط لا غير ..!! لكن أخي عارض هذا الرأي ومعه رجالٌ ، قاموا معه ، وظنوا أن إخراجهم من[/COLOR] ديارهم مذلّة لهم ، وفي الأثر " من يمت دون ماله أو عِرْضه فهو شهيد .." وأبوك يا أحمد شهيداً في الجنة ، لأنه حضيَ بالاثنين معاً ومات دونهما ..!! [COLOR=navy]فضلاً عن أنّ الجراّفات دأبتْ على ترويع وإزعاج مواطني[/COLOR] هذه الوطنية المُهشمة بقوةٍ لا غالبَ لها غير القوة الشرعية التي يتمسّك بها الرجال ويعتدّون بها .. وقفتْ عمتي ، وشرعتْ كالخطيب بين المصلين [COLOR=navy].. لو كان ربّي يأخذهم على أخطائهم لما بقيَ أحد منهم في الحال ولفنيَ الناس ولم يبقى احد على البسيطة[/COLOR] ولكن يُؤخّر ذلك عنده في كتاب ، لتُجزى كُلّ نفسٍ بما عملت ويُقضى بين المُتخاصمين ، يوم ذاك يوماً أغرّ لا قوة ولا سُلطة أقوى من الحق المُبين ، يوم ينظرون فيما قالوا وما عملوا وما كانوا يفعلون ، اليومَ فقط تقول النفس الأمارة بالسوء ، ربي ارجعون ، أعمل صالحاً ، وأغيّر نظرتي ، لعلّ أكون راشدة لنفسي وصالحة لغيري ، ولكن القوة [COLOR=navy]الصادحة في هذا اليوم ، لا ظُلْم اليوم ، فأين هُم المُعْتبرون حقاً .. بكتْ عمتي ، وغمغمت ..ثم أردفتْ :[/COLOR] أنهم يظنون بفعْلهم يُجانبون الصواب ويُحسنون صُنْعاً ، لكن هيْت لهم ، فإزعاج المَغْلوب على أمره وتهشيم جُدران بيته وسحق بُستانه بالجرّافات ليستْ من[COLOR=navy] الحَصافة الإنسانية وليستْ من القِيم الوطنية والمُثَلِ المُتوارثة .. كان أبوك لا يَرتدّ عن قول الحق ، تُنازعه نفسه إنْ لم يقلها علناً يقول الحقيقة ولو على نفسه ،[/COLOR] هكذا عهدناهُ مذ صِغره ، لا يخشى لَوْمة لائم ، تفزّ الكلمات من فمه عامرة بالإيمان ، لكنه للأسف لم يُتمّهُنّ لم يستطع ولم يَقْدر ، كأنما أمرٌ كمّمَ فاهُ ، لثغ لسانه وتثاقل .. ارتجفتْ شفتاه ، واهتزت [COLOR=navy]أطرافها ، قلت لعمتي وأنا إلى جانبها وقد ارتصّ ثوبها التقليدي بجسدها ، ثم تابعتْ تُكْمل حديثها .. لكني قاطعتها[/COLOR] ، نعم يا عمّتي أتذكر ذاك الموقف جيداً .. دمدمتْ عمتي برأسها إلى صَدْرها واغرورقتْ عينيها بالدمع ، ماءً ينسكب من حُجر مُقلتيها ، بلّل [COLOR=navy]ثوبها البلدي الأنيق بزركشته الجميلة ، التي قلّ أنْ تجد مثله زيّاً نسوياً فضفاضاً ، حافظت عليه المرأة في[/COLOR] حارتنا الكبيرة .. أغمضتُ عيني فكأنّي أراهُ حاضراً غير غائب .. تابعتُ بدقة تفاصيل انقطاعه عن البُكاء ثمّ غَمْغم كأنما شيء يَنْفجر في داخله [COLOR=navy]، ينشطر .. يتقطّع فلم تعُدْ أحبال صَوته فاعلة ولم تكنْ[/COLOR] دَمْعته حاضرة ، توقف فجأة .. شخصتْ عينيه وقد صَوّبها تجاه الحقْل والجدار ثم وَمَضتْ عينه إلى أمي .. ساعتئذٍ قد اصفرّ وجهه وتجمّد جسده .. [COLOR=navy]صاحتْ أمي بغضبْ .. وشفتاها تتشنّجان وغدا وجهها احمر ..أحسّت بإشفاقٍ فُجائي ، إشفاقٌ غير مُبين ، لم[/COLOR] تُظهره لغيره من قبْل هذه الحالة المُريبة التي أزعجتها .. بَهَتتْ وحَمْلقتْ ، ثم وضعتْ يدها فوق عينيه وأرْخَتْهُما إلى تحت ، فأغمضتهما بيدها ، كأنها تمسح عليها مسحة أخيرة ، مَسْحة بقتْ ذِكْراها تحمل قيَم الوُدّ ودفء السّكن وحُسن العِشْرة ، متنسمةً بالفضْل والإحسان والمعروف الذي لا يُنسى أبداً .. حملتْ شيئاً [COLOR=navy]ثقيلاً وألْقتهُ على جسده ، فكان غطاءً سميكًا ، سحبته من علياء رأسه حتى أخمص قدميه وكتمتْ غيضاً . تنفست وسحبت هواءً عميقاً ، كأنما آلة كهربائية تشفط[/COLOR] شيء بقوتها .! وعلى أثر هذه الكلمات ، انسحبتْ عمتي ، وأخذت تسير بخطوات [COLOR=navy]ثقيلة ، إلى خارج دارنا ، كمن يُجرّ إلى حتْف اُنْفه ..! ارقب ثوبها وقد تبلّل لحافها واختلطت دُموعها بِمُخاطها .![/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Comic Sans MS][SIZE=6] [/SIZE][/FONT] [COLOR=#000080][FONT=Comic Sans MS][SIZE=6][COLOR=red]للقصة[/COLOR] [COLOR=darkgreen]بقية ..[/COLOR][/SIZE][/FONT][/COLOR] [/FONT] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
[you] إقرأ معي ، قصة ( العَرْبانه ) من تأليفي ، انتظرك .!
أعلى