الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
..استضافة الجن..
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="زمردة71" data-source="post: 1168707" data-attributes="member: 4193"><p><span style="color: #ff0000">الجزء السابع</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">توقفنا في الجزء السابق حين دخل "طارخ" إلى المجلس موجهاً كلامه إلى خالد و إلى الحضور: حياكم الله جميعاً على العشاء في الغرفة الأخرى تفضلوا...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">قام ملك الجن و هو يردد: مرحباً بك يا خالد في قبيلتنا... تفضل...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تحرك خالد معهم إلى الغرفة الأخرى و في طريقه ألتفت إلى الخلف فرأى الجن خلفه زرافات...</span></p><p><span style="color: #ff0000">المتشكلون بصورة مطابقة لصور البشر يسيرون خلفه مباشرة, أما الذين تنقصهم الموهبة في التشكل فهم في الصفوف الخلفية...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">وصل خالد فوجد نفسه أمام ممر طويل .. فيه غرفتين متجاورتين...</span></p><p><span style="color: #ff0000">دخل خالد و من معه إلى الغرفة الأولى و واصل الغير متشكلين من الجن طريقهم إلى الغرفة الثانية...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">حين دخل خالد الغرفة وجد فيها صنوفاً من أجود الطعام و الكثير من الفاكهة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">غرفة كبيرة تم ترتيب الصحون فيها بشكل منسق...</span></p><p><span style="color: #ff0000">على كل صحن شاة كاملة و ضعت على كمية من الأرز الذي يبدو من شكله أنه شهي جداً</span></p><p><span style="color: #ff0000">توزع الجن بنفس الطريقة السابقة</span></p><p><span style="color: #ff0000">المطابقين لشكل البشر مع خالد في نفس الغرفة و الناقصين في الغرفة الأخرى...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">شمر خالد عن ساعديه و سمى ( بسم الله الرحمن الرحيم) ...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ألقى نظرة خاطفة على ساعة يده و لأول مرة منذ وطأت قدمه الوادي يفكر في الوقت...</span></p><p><span style="color: #ff0000">كانت الساعة تشير إلى الثانية و النصف ليلاً في حين أنه بدأ رحلته بعد صلاة العشاء...</span></p><p><span style="color: #ff0000">اليوم هو الجمعة و غداً سيكون السبت أول أيام الأسبوع... يوم عمل...</span></p><p><span style="color: #ff0000">فكر خالد قليلاً: لا مشكلة سأغيب عن العمل يوم غد...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أقبل خالد على الطعام بنفسٍ مفتوحة... كان الطعام لذيذاً جداً...</span></p><p><span style="color: #ff0000">بنفس الطريقة التي يحبها خالد, أو كما يحب خالد تسميته, "طعام ضيف إبراهيم"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لاحظ خالد أن الكل يكرمه .. كما اعتاد على موائد الطعام في قبيلته..</span></p><p><span style="color: #ff0000">عليك أن تؤثر الضيف على نفسك و تقطع له من اللحم أطيبه...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ليس هذا وجه الغرابة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">الغريب هو أن الجن الموجودين مع خالد على المائدة يزيلون اللحم من على العظم بعناية فائقة فيقدمون اللحم لخالد بينما يضعون العظم بترتيب غريب في صحن كبير مطلقين ما يشبه الفحيح الخافت...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">التفت خالد للمائدة المجاورة فوجدهم يفعلون ذات الشيء و بطريقة شبه آلية...</span></p><p><span style="color: #ff0000">يزيلون اللحم عن العظم ويرتبون العظم بعناية في صحن كبير جوارهم بينما يضعون اللحم جانباً دون أن يأكلوا شيئاً...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">لا يدري خالد هل يفعلون نفس الأمر في الغرفة الأخرى أم لا , لكن ما يعرفه أن الأمر هناك مختلف, فهو يسمع أصواتهم و كأنهم وحوش يتنافسون على فريسة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أصواتهم غريبة.. زمجرة و صياح خافت..كلمات غير مفهومة و أصوات مختلفة..</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">كان خالد يأخذ بعض الطعام و يحشره في فم "زيزفونة" و التي تأخذه على مضض و تمضغه بتمهل و كأنها لا تشتهيه...</span></p><p><span style="color: #ff0000">كذلك يفعل ملك القبيلة و "هيدبا" و "طارخ"... يمضغون و يبلعون ببطء شديد...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">كان خالد يجلس و على يمينه جلست "زيزفونة" و طارخ في الجهة اليسرى... يقابله على نفس المائدة, مللك الجن و "هيدبا"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">معهم أيضاً و على نفس المائدة,أربعة من الجن القريبين جداً من شكل البشر إن لم يكونوا مطابقين</span></p><p><span style="color: #ff0000">ما يثبت أنهم ليسوا بشراً هي تلك الحركة الآلية في فصل اللحم عن العظم إضافة إلى الفحيح الخافت...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أكل خالد بنهم فقد بلغ منه الجوع مبلغه إضافة إلى لذة الطعام...لم يشغل خالد عن ذلك إلا ثعبان ضخم جداً كان يزحف ماراً من أمام باب الغرفة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">توقف الثعبان متفحصاً من في الغرفة ليراه خالد برأسين بشريين...</span></p><p><span style="color: #ff0000">صمت خالد برهة يفكر قبل أن يلكزه "طارخ" هامساً: كلمه يا خالد دله إلى غرفة الطعام</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">نظر خالد إلى "زيزفونة" بهدوء قبل أن ينظر إلى الثعبان قائلاً و بسكون عجيب: الطعام في الغرفة الثانية...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ضحكت "زيزفونة" ليرفع خالد صدره و يقول بثقة أكبر: المتشكلون هنا و الأخوان الغير متشكلين في الغرفة الأخرى ليأخذوا راحتهم...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">التفت ملك الجن و "هيدبا" إلى حيث الثعبان ثم عادا ينظران إلى خالد مبتسمين ...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال "طارخ" ضاحكاً : جميل جداً يا خالد, أصبحت لا تخاف الآن</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب خالد: من يخشى الله لا يُخشى منه الضرر و أرى فيكم حباً للخير و بعداً عن الأذية...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">راق الكلام لكل من في المجلس من الجن لكن خالد أطرق برأسه إلى الأرض قليلاً و قال بصوت هادئ و هو يهز رأسه رافعاً سبابته قال: سبحان الله...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب "هيدبا": خير ما قلت يا خالد.. سبحان الله...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تدخل ملك الجن قائلاً: ملكوت الله كبير يا خالد و قدرته لا تحدها حدود...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قالت زيزفونة بصوتها الطفولي:</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أكمل خالد طعامه سعيداً بحفظ الله له في هذا المكان و سعيداً بإخوانه في الدين و إن كانوا من الجن...</span></p><p><span style="color: #ff0000">حين شبع خالد و تأكد من أن الجن ينتظرون منه الإذن, و كما أعتاد من عادات قبيلته حمد الله ثم كرَّم قائلاً: الحمد لله .. أكرمك الله يا ملك الجن و أكرمكم الله جميعاً...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجابوه جميعاً: بالهناء و عافية...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">حملت كل مجموعة من الجن الصحن الخاص بها و الذي امتلأ عظاماً جرداء ليس فيها مزغة لحم...</span></p><p><span style="color: #ff0000">انطلقوا خارج المجلس.. سمع خالد لهم جلبة خافتة و لغط...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تأكد حينها أن عشاءهم قد بدأ للتو...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">بقي مع خالد ملك الجن , " هيدبا" ,"طارخ" و "زيزفونة"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">اتجه خالد إلى حيث الماء و غسل يديه...</span></p><p><span style="color: #ff0000">عاد إليهم ليتوجهوا سوياً إلى المجلس الذي كانوا فيه قبل العشاء...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">وجد خالد المجلس و قد أعيد ترتيبه بشكلٍ مختلف...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أصبحت الجلسة أكثر راحة حيث تعطي خالد أكبر قدر من الحرية في الجلوس و خاصة بعد تلك الوجبة الدسمة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">جلس خالد و دارت فناجين القهوة و الشاي على الحضور...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سعادة خالد لا توصف و هو يرى نفسه في هذا العالم المختلف...</span></p><p><span style="color: #ff0000">و الأجمل أنه بين مخلوقات يجمعهم دين واحد...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أصبح خالد أكثر راحة و أكثر حرية...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تلفت حوله فلم يجد زيزفونة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سأل خالد ملك الجن: أين زيزفونة؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجابه الملك: ستأتي حالاً...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">ما هي إلا دقائق حتى دخلت "زيزفونة" و قد بدلت ملابسها و تبدلت تسريحة شعرها...</span></p><p><span style="color: #ff0000">هذه المرة كانت ترتدي لباساً أزرق اللون و بأكمام طويلة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أما شعرها فقد قُسِم إلى جديلتين رآهما خالد أكثر طولاً و لمعاناً...</span></p><p><span style="color: #ff0000">بدت أكثر طفولة... بل .. أكثر سحراً...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">حين اقتربت "زيزفونة" أحتضنها خالد بقوة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">كان سعيداً بحضورها ثم قبلها و أجلسها جواره...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أمسك بكفها و هي بدورها ضمت أصابعه بيدها الصغيرة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تكلم "هيدبا" موجهاً كلامه إلى خالد: لماذا تُقَبِل زيزفونة؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب خالد مستغرباً و بسرعة: إنها أجمل و أروع طفلة رأيتها في حياتي...</span></p><p><span style="color: #ff0000">التقط ملك الجن طرف الحديث و باغت خالد بسؤال: هل تتزوجها؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد متعجباً: أتزوج من؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن: هل تتزوج من ابنتي"زيزفونة"؟</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">صمت خالد و في وجهه ابتسامة ممزوجة بحذر...</span></p><p><span style="color: #ff0000">فهو يخشى أن يتعرض لمشكلة ما إن هو رفض...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لكن كيف يتزوج بطفلة؟</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">قال "طارخ" و هو يبتسم في وجه خالد بصوتٍ أكثر وداً: لا تقلق يا خالد, أجب شيخ القبيلة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تكلم"هيدبا" والد طارخ قائلاً: تكلم يا خالد, فوالله لو طلبت منا كنوز المشرق و المغرب لأحضرنا لك ما تسعنا القدرة عليه...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">قال ملك القبيلة:يا خالد, إن لك علينا دين كبير و فضل بعد الله, فلو وقعت "زيزفونة" بين أيديهم لصرنا في همٍ و ابتلاء عظيم بين طاعة الله أو قبول حكمهم فينا بخدمة السحرة لأذية عباد الله المسلمين...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب خالد قائلاً: كيف أتزوج من طفلة؟ّ</span></p><p><span style="color: #ff0000">رد عليه ملك الجن قائلاً: يا خالد.. زيزفونة ليست طفلة</span></p><p><span style="color: #ff0000">إنها في الـــ20 من عمرها بحساب أعمار البشر,لكنه شكل ارتضته لتجعلك تشعر بقدرٍ أكبر من الاطمئنان...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب خالد ببرود و في وجهه نظرة حمقاااااااء لأنه لم يفهم الكلام جيداً, أجاب قائلاً: لا تعني مساعدتي لها أنني ملكتها إنما فعلت ذلك لوجه الكريم و أشكرها على ما فعَلَته فقد شعرت في وجهها بالأمان...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أحس خالد "بزيزفونة" و هي تسحب كفها من بين أصابعه بهدوء...</span></p><p><span style="color: #ff0000">نظر إليها ليجد وجهها و قد اكتسى بحمرة خجل آسرة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">رأى في عينيها نظرة ساحرة لم يفهمها و لم يرى مثلها قط...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ابتعدت "زيزفونة" قليلاً عن خالد...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">لم يعي خالد ما يحدث لكنه و رغم ذلك قربها منه و أمسك بكفها من جديد فإن كان سيبحث عن الأمان فهذا هو وقته خصوصاً بعد رفضه الزواج منها...</span></p><p><span style="color: #ff0000">نظرت "زيزفونة" إلى خالد بنظرة شبه مكسورة إلا أنها لم تسحب يدها هذه المرة فهي تشعر أن الخوف بدأ يسري في قلب خالد...</span></p><p><span style="color: #ff0000">هم خالد بتقبيلها لكنها أشاحت بوجهها بعيداً عنه بدلال و عزةِ نفس لا تصدر عن طفلة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">ابتسم طارخ و قال بصوت هامس استطاع خالد سماعه: البشر دائماً على عجل...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سمعت زيزفونة كلمات طارخ فاطرقت برأسها إلى الأرض و تنهدت بابتسامة مكسورة دون أن تُعلِق...</span></p><p><span style="color: #ff0000">نظر شيخ القبيلة إلى "زيزفونة" و هو يقول: نعم أنتِ أجمل طفلة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">لحظات من الصمت مرت قطعها صوت أحدهم و هو يدخل المجلس صائحاً: القوة لله.. القوة لله.. القوة لله ثم لقبيلتنا</span></p><p><span style="color: #ff0000">اقترب الشخص من الملك و قال: أيها الملك"خوصان", لقد استسلموا و وافقوا على شروطنا...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">هب ملك القبيلة واقفاً و هو يردد الله أكبر.. الله أكبر...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ضج المجلس بالتكبير و التهليل فرحاً بهذا الخبر...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لم يفهم خالد جيداً لكن عرف أن "خوصان" هو أسم ملك القبيلة و والد "زيزفونة"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">احتضن ملك الجن شقيقه"هيدبا" و تعانق أفراد القبيلة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">اقترب "طارخ" من خالد و طبع قبلة على رأسه و هو يقول: يسلم رأسك يا خالد...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سأل خالد فرحاً : ماذا فعلت لأستحق هذا الشرف...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال الشيخ و هو يحتضن خالد: هذه أخرى من مآثرك يا خالد...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لقد استسلمت قبيلة الجن الكافرة و استجابت لشرطنا بالرجوع عن أذية الأنس و مداواة من كانوا سبباً في شقاءه ولم يكن ليتسنى ذلك لولا الله ثم وجودك...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال "طارخ" سعيداً: و هي جولة من البطولة و النصر تكتب لقبيلتنا </span></p><p><span style="color: #ff0000">تكلم"هيدبا" و هو يرفع بصره إلى السماء: اسأل الله لك أجر كل من شفي يا خالد...</span></p><p><span style="color: #ff0000">الكل احتضن خالد و قبله إلا زيزفونة فقد قبَّلت يده مما جعله يشعر بسعادة و فخر أكبر...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تغيرت حركة الجن في المجلس بشكل غريب...</span></p><p><span style="color: #ff0000">فكَّت "زيزفونة" من جدائلها و نثرت شعرها على كتفيها ثم تقدمت إلى منتصف المجلس...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تُرى ماذا حدث و لماذا تتصرف زيزفونة بهذه الطريقة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سنعرف ذلك في الجزء القادم</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">يتبع</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">الجزء الثامن</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تغيرت حركة الجن في المجلس بشكل غريب...</span></p><p><span style="color: #ff0000">فكَّت "زيزفونة" من جدائلها و نثرت شعرها على كتفيها ثم تقدمت إلى منتصف المجلس...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أغمضت عينيها قبل أن تفتحهما و ترفع رأسها </span></p><p><span style="color: #ff0000">جلست"زيزفونة" على ركبتيها و أمسكت برقبتها و كأنها تحاول خنق نفسها...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تقدم منها شيخ القبيلة و انحنى ليطبع قبلة على رأسها و ليس على جبينها أما زيزفونة فقد مسحت على جبين والدها بيدها اليسرى و الأخرى ما زالت على رقبتها...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تقدم منها عمها"هيدبا" و انحنى ليطبع ذات القبلة على رأسها و تقوم هي بالمسح على جبينه بيسراها... ثم تقدم ابن عمها"طارخ" و قام بنفس الحركة لترد عليه بمسحة من يدها على جبينه...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تقدم باقي الجن ليقوموا بنفس الحركة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">طقوس غريبة و بنفس الطريقة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">بعد أن قام آخر من في المجلس بالطقس نفسه تقدم منها شيخ القبيلة من جديد...</span></p><p><span style="color: #ff0000">هذه المرة جلس أمامها على ركبتيه...</span></p><p><span style="color: #ff0000">مسح الشيخ"غوصان" على شعر ابنته"زيزفونة" برقة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">و أمسك يدها الموضوعة على رقبتها بكلتا يديه و أبعدها...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قامت"زيزفونة" على قدميها و أمسكت برأس والدها قبل أن ترفع يدها بإجلال...</span></p><p><span style="color: #ff0000">صاح "طارخ" بحماس: و عادت الكرامة لقبيلتنا و ثأرنا من محاولة الاعتداء على ابنة ملكنا...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ضج المجلس بعدها بصيحات النصر و الحماس...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">من تلك الحركات عرف خالد أنها من عادات الجن و أن "زيزفونة" تعني أنها تعرضت للأذى و ضرر الأذى بشدة الموت خنقاً, و بعد الثأر لكرامتها يقوم كبير القوم بأبعاد يدها ما يعني أنه قد ثأر لها و لكرامتها و أن الضرر قد زال... ثم تقوم هي و تمسك برأس الشخص تعبيراً عن تقدير رأسه...</span></p><p><span style="color: #ff0000">فرح خالد من ذلك كثيراً و حمد الله على فضله و أن جعله سبباً لهذا الأمر كله...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">في هذه الأثناء فوجئ خالد بشابين جميلي الطلعة و في مقتبل العمر يدخلان إلى المجلس...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لأحدهما شعر أسود طويل منسدل على كتفيه و بنيته متناسقة أكحل العينين...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أما الثاني فكانت عيناه واسعتان له هيبة قوية و عارض خفيف زاده غموضاًً, حين يبتسم تجد أن لأسنانه الأمامية فالجٌ يكسبه وسامة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">ما أن رآهم "طارخ" حتى أقبل عليهما بفرح و احتضنهما ليتعانقوا جميعاً فيداعبه أحدهم قائلاً: هذا هو" طارخ", فارس فرسان الجن و قاهر الأعداء...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">توجه الشابان إلى شيخ القبيلة و قبَّلا رأسه باحترام قبل أن يقولا: مبارك لك أيها الشيخ"خوصان" نصر الله لك...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجابهم الشيخ مرحباً بمقدمهم فقال: بارك الله فيكما و أشكركما على حضوركما لنجدتنا لكن الله كفانا شر الحرب و أكرمنا باستسلامهم...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">استأذن "طارخ" من الشيخ و أخذهما إلى حيث يقف خالد...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال "طارخ"موجهاً كلامه لخالد: أعرف باثنين من خيرة شباب الجن و فرسانهم.. و قد حضروا على رأس جنودٍ من قبيلتيهما لمساعدتنا إذا استدعت الحاجة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">الأول "صاحب الشعر الطويل" و اسمه, (ضعفن)</span></p><p><span style="color: #ff0000">أما الثاني "صاحب العارض" فاسمه(شرعيل)</span></p><p><span style="color: #ff0000">رحب بهما خالد فبادلاه الترحيب حيث قال "شرعيل": أهلاً بك يا خالد, يسعدني أن أراك و أشكرك على ما فعلته للجن...</span></p><p><span style="color: #ff0000">رد خالد باسماً: الشكر لله فلم أفعل إلا ما وجب فعله...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">جلسوا جميعاً فرحين بنصر الله لهم...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تحدثوا عما سيفعلونه في أمر الهدنة و طريقة صياغة الشروط...</span></p><p><span style="color: #ff0000">كان خالد يستمع إليهم صامتاً متعجب...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لاحظ الشيخ "خوصان" أن خالد أصبح و كأنه خارج دائرة ضيافتهم</span></p><p><span style="color: #ff0000">فأقبل عليه بوجهٍ مبتسم و دار بينهما الحوار التالي بينما بقية الجن يستمعون بمحبة لخالد و إجلالٍ للشيخ "خوصان"...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان": يا خالد, سأعلمك أربعة أمور تكون لك عوناً و حافظاً من الجن بعد الله...</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: تفضل أيها الملك...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان":يا خالد, ليس أفضل من أن يخبرك من تخشاه بأمورٍ يخشاها فيك و يعلمك بمواطن قوتك..</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: صدقت أيها الملك...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان":أنتم يا خالد تخشون الجن أليس كذلك؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد باهتمام: بلى نحن نخاف من الجن...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان":ما رأيك لو أخبرتك أن الجن يخشون فيكم أموراً كما يستغلون فيكم مداخلاً</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: و هل من الجن من يخشى الأنس رغم هذه القوة؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان": نعم يا خالد من مصادر قوتك أمور سأكتفي منها بأمرين...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تابع الملك كلامه قائلاً: الأمر الأول , حافظ على صلاتك في وقتها تكن في حفظ الله دوماً...</span></p><p><span style="color: #ff0000">و الأمر الثاني, لا بد أنك تحفظ آية الكرسي</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: نعم أحفظها...</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان": إذاً أقرأها على أسماعنا...</span></p><p><span style="color: #ff0000">بدأ خالد في قراءة آية الكرسي فأطرق الجن و أصغوا السمع جميعاً: بسم الله الرحمن الرحيم (الله لا اله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات و الأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم) صدق الله العظيم </span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان": صدق الله العظيم, يا خالد هذه آية الكرسي(من قالها حين يصبح أُجير من الجن حتى يمسي.. ومن قالها حين يمسي أجير منهم حتى يصبح) رواه الحاكم.</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: جزاك الله خيراً أيها الملك و بارك لك في ملكك...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أردف خالد قائلاً: و ما هي نقاط ضعفي حتى أسدها على العُصاة من الجن؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">ملك الجن"خوصان": الأمر الأول, حافظ على الطهارة و احرص على أن لا تركن ساعة و أنت جُنُب</span></p><p><span style="color: #ff0000">الأمر الثاني, تذكر الله و اذكره في لحظات الخوف الشديد و في لحظات الفرح الشديد...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">نظر خالد إلى ملك الجن بتعجب و هو ينتظر تفسير هذا الكلام...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تابع الملك كلامه فقال: من لحظات ضعف البشر و التي يتلبس فيها الجن بالإنس لحظات الخوف الشديد من الظلام أو المجهول و لحظات الطرب و الفرح الشديد...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">سمع خالد تلك الكلمات و وعاها جيداً...</span></p><p><span style="color: #ff0000">وعد أن يظل في حفظ الله دوماً بإتباع ما يزيده قوة و الابتعاد عما يزيده ضعفاً و هواناً...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سمع خالد ملك الجن و هو يقرأ كفارة المجلس( سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك).</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">وقف ملك الجن أمام خالد و قال: يا خالد وجب عليّ أن أغادر إلى مصلاي فقد تأخرت عن صلاة الليل و قد أقترب وقت صلاة الفجر و قد لا ألقاك بعد الصلاة لأنني أجلس في المسجد حتى الإشراق و نحن يا خالد لا نظهر بعد شروق الشمس...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تابع الملك كلامه قائلاً: شرفنا يا خالد أن تكون بيننا.. و نشكرك على صنيعك فينا و حسن مساعدتك لنا...</span></p><p><span style="color: #ff0000">سيبقى معك "طارخ" و الفرسان حتى صلاة الفجر, بعدها تستطيع أن تنام في خير و أمان و تغادر متى شئت فأنت في حمانا و ستجدنا يا خالد متى احتجت إلينا عون لك على الطاعة ...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أقترب ملك الجن من خالد و احتضنه و في عينيه دمعة ثم تقدم "هيدبا" و احتضن خالد و هو يقول: سأغادر أنا أيضا يا خالد.. لقد أحببتك فنعم الفتى أنت.. اسأل الله أن يعز الإسلام بأهله...</span></p><p><span style="color: #ff0000">غادر ملك الجن"خوصان" و معه شقيقه"هيدبا"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تبعهما خمسة من الجن كالحرس الذي يحمي الملوك...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">أطرق خالد برأسه قليلاً إلى الأرض و هو يفكر في هذا العالم الغريب...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تنبه إلى أن "زيزفونة" ليست في المجلس...</span></p><p><span style="color: #ff0000">و تنبه إلى أن ملك الجن قد غادر لتوه مع "هيدبا" ثالث وجه يشعر فيه بالأمان...</span></p><p><span style="color: #ff0000">برغم ذلك و مع غياب من يشعر في وجوههم بالأمان لم يكن خالد خائف أبداً ربما لأن في الشابين ما يدل على أنهم من البشر مثله...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">نظر خالد إلى "طارخ" و إلى" ضعفن و " شرعيل " ليجد في وجوههم قدر كبير من الراحة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">أقبل عليهم فأجلسوه في وسط المجلس و هم يتحدثون معه مبتسمين..</span></p><p><span style="color: #ff0000">كان خالد مستغرباً من أمر "ضعفن و " شرعيل " لذلك بادرهم بسؤال </span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">سأل خالد قائلاً: هل أنتما من البشر؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب "ضعفن": لا يا خالد نحن من الجن و من قبائل الجن العربية الأصيلة...</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: لا أعتقد.. فأشكالكما مطابقة تماماً لأشكال البشر حتى أنكما أقرب من "طارخ" إلى الشكل الحقيقي للبشر...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">ابتسم"شرعيل" و هو يقول: يا خالد, نحن أبناء الملوك لنا ميزات على باقي الجن فالمُلك أمرٌ جلل و يكفي قوله تعالى(قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير) و هذا يدل على أن الملك خاصية يختص بها الله من يشاء زيادة في الابتلاء و الامتحان و ليجزي من أحسن و يأخذ من أساء بجريرة...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">قال خالد موجهاً كلامه إلى طارخ: إذاً لماذا لا تتشكل مثلهم و بنفس الإتقان ؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">أجاب طارخ: أنا من بيت الملك فعلاً لكنني لست أبن الملك و لو كان للوقت متسع و تمكنت من رؤية إتقان"زيزفونة" للتشكل لتعجبتَ مما أكسبها الله...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">قال" شرعيل " و هو يضحك: دعك منه يا خالد.. سيكون "لطارخ" شأن كبير فهو من سيكون خليفة للملك بعد الشيخ"خوصان" فوالد "طارخ" الشيخ "هيدبا" منح الخلافة ل"طارخ"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال"ضعفن": حينها سيكون "طارخ" أكثر منا في فضل الله بكثير...</span></p><p><span style="color: #ff0000">فهو أبن الوزير شقيق الملك و هو خليفة الملك و هو أيضاً من أسرة حاكمة منذ القَدَم و قبل أن توجد قبيلتانا بكثير...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال" شرعيل " و هو يغمز "طارخ" إضافة إلى أنه أشجع فارس في قبائل الجن قاطبة... مثل عنترة في عالمكم...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">قلَّبَ خالد بصره بينهم قبل أن يقول بتردد: كيف هي أشكالكم الحقيقية؟ هل هي مرعبة كثيراً بحيث أنني لن أستطيع تحملها؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">تعجب الجن من كلام خالد لكن "ضعفن " أجاب مبتسماً: يا خالد لا تشغل نفسك بمعرفة كل شئ أو محاولة معرفة كل شي ,استمتع فقط...</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد: استمتع بماذا؟</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال" شرعيل ": اعتبر نفسك في رحلة خاصة جداً على أرض العجائب.. جولة في عالم الجن. عالمٌ يتمنى الكثير من بني البشر أن يسبروا أغواره لكنهم إذا دخلوه لا يجدون الوقت الكافي ليحكوا ما رأوا</span></p><p><span style="color: #ff0000">تكلم "طارخ" ممازحاً خالد: و إذا دخلوه كانوا أغراباً منبوذين, بعكسك أنت حين دخلت فأحببناك...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">التقط "ضعفن " طرف الحديث و هو يقول: رحلتك هذه يفقد فيها الكثير من بني البشر عقولهم و ألبابهم...</span></p><p><span style="color: #ff0000">تابع "ضعفن" قائلا: عش اللحظة يا خالد..لتحكي لأحفادك عن عجائب الدنيا...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال "طارخ": نصيحة من أخ محب لك يا خالد, أجعلها في كل أمورك</span></p><p><span style="color: #ff0000">خالد:تفضل يا "طارخ"...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال "طارخ": دع عنك ما رده في كتاب الله قوله تعالى: (يا أيها الذين امنوا لا تسالوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم)</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تكلم "ضعفن" قائلاً: يا خالد كفانا حديثاً عن عالم الجن...</span></p><p><span style="color: #ff0000">قال" شرعيل ": نحن فتية فدعنا نتحدث في أمورٍ تهم مرحلة الشباب...</span></p><p><span style="color: #ff0000">لم يعترض خالد فاندمجوا جميعاً في أحاديث شيقة في عالم الأنس أبعدت عن خالد كل الهواجس...</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">تكلموا في كل شئ , تكلموا عن الحب و عن الصحة و عن الدين حتى عن كرة القدم...</span></p><p><span style="color: #ff0000">انضم إليهم عدد من الجن المتواجدين في المجلس مقبلين بحديثهم إلى خالد بكل حب و مودة و هو في وسط المجلس و وسط اهتمامهم...</span></p><p><span style="color: #ff0000">شعر خالد انه يعرفهم منذ زمن طويل</span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000"></span></p><p><span style="color: #ff0000">شيء واحد كان يشغل تفكير خالد لكن ما هو</span></p><p><span style="color: #ff0000">لا أحد يعرف غير الله ثم ضوء</span></p><p><span style="color: #ff0000">إذاً انتظروها في الجزء القادم فقد حانت لحظات الفراق و الألم</span></p><p></p><p></p><p><span style="color: red"><strong>الجزء التاسع</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>شعر خالد انه يعرفهم منذ زمن طويل,</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>شيء واحد كان يشغل بال خالد....</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ظل يفكر في الأمر و يعجز عن الإفصاح عنه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ما كان يشغل بال خالد هو أن "زيزفونة" ليست هنا...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و مع شروق الشمس سيختفون جميعاً و يظل هو وحيداً دون حتى أن يودع طفولتها المشرقة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تفرع بهم الحديث و تشعب حتى نسي خالد أنه في عالم الجن و أنه بينهم...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أخذوا يتبادلون النكات و التعليقات و يتناقشون و خالد في صدر المجلس يشعر باهتمامهم و تقديرهم و حبهم له...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>يرى خالد في وجوه الفرسان الثلاثة كل علامات الرجولة و الشهامة و الفروسية...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تناهى إلى سمع خالد صوت المؤذن و هو يرفع أذان صلاة الفجر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صمتوا جميعاً و هم يرددون خلف المؤذن...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حين انتهى الأذان, وقف الجن مودعين خالد فقد حان وقت الرحيل...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال "شرعيل": أسعدنا يا خالد أن نلقاك بعد أن سمعنا عنك و أتمنى أن أجلس معك أكثر, لكن حان وقت الصلاة .. وبعد الصلاة علي العودة إلى قبيلتي مع رجالي قبل شروق الشمس , فنحن من جن بلاد المغرب و سنستغرق بعض الوقت للوصول إلى ديارنا...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال خالد سعيداً: أسعدني وجودك يا "شرعيل".. و شرفني أن ألقاك و أتعرف بك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تقدم "ضعفن" من خالد و هو يقول: و أنا أيضاً سأغادر قبل شروق الشمس فأنا يا خالد من جن العراق و المسافة أقرب إلى ديارنا لكن سأنهي أموراً أوصاني بها "طارخ" في قبيلة الجن الكافر, لكن يعلم الله يا خالد إنني أحببتك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجاب خالد: أحبك الله الذي أحببتني فيه</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تدخل في الحديث "شرعيل" قائلاً: لقد أتينا و لك في قلوبنا تقديراً و أجلال و التقيناك فازددنا لك حباً, حتى جنودي أحبوك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: شكراً لك يا "شرعيل"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابع خالد مبتسماً و هو يوجه كلامه إلى طارخ: أليس معك جنداً يا "ضعفن"؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رد "ضعفن" قائلاً: بلا يا خالد. لقد جئتُ من بلادي و معي 300 ألف فارس و مع "شرحيل" 100 ألف إضافة إلى 700 ألف فارس من فرسان هذه القبيلة, لذلك حين سمعت القبيلة الكافرة بعددنا استسلمت و رضخت رغم أن من أجتمع لهم من حلفائهم يفوق عددنا لكن كان الله معنا...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال "شرعيل" و هو يربت على كتف خالد: سنصلي الفجر و نغادر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تكلم طارخ قائلاً: باسمي و اسم قبيلتنا أشكركما يا"شرعيل" و" ضعفن" على حضوركما و باسم كل قبائل الجن المسلمة أشكرك يا خالد على صنيعك و نثمن لك وجودك , الفضل بعد الله لك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كانت فتائل للحرب لا تخمد لكن الله يسرك لتكون العزة لمن ارتضى و تثبت هزيمتهم في أصقاع المعمورة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجاب خالد: إن الشرف لي , فمن يتسنى له هذا الشرف ليكون في ضيافة الجن... و أي جن؟ ..جنٌ ملكوا كل الشهامة و الكرم...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"طارخ":هيا يا خالد ..أدخل و توضأ...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قد لا نلتقي بعد الصلاة.. فنم قرير العين و تستطيع الرحيل متى شئت...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>دخل خالد و توضأ...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حين خرج وجد نفسه أمام مفاجأة جديدة... كان كل شيء مختلفاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>مشهدٌ غريب بحق جعل خالد يتعثر و هو يحاول العودة إلى الحمام...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وجد المجلس خاوياً خالياً... لا أحد فيه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لم يجد إلا شخصاً واحداً يقف في إحدى أركان الغرفة و ملصقاً وجهه بالجدار... لم يكن هذا الشخص سوى فتاة في ريعان الصبا, شعرها أسود طويل يتجاوز ظهرها ليصل إلى عجزها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هم خالد بالعودة إلى الحمام فلا بد أنه خرج من باب آخر و إلى مكانٍ آخر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فالغرفة تبدوا أصغر كثيراً من المجلس الذي كان فيه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>إضافةً إلى أن لا أحد من الجن هنا, لا "طارخ و لا شرعيل و لا ضعفن"</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لا أحد سوى هذه الفتاة الجديدة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تعثر خالد و هو يحاول العودة إلى الحمام و كاد أن يسقط على وجهه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خاطبته الفتاة قائلة: على رسلك يا خالد.. ما بك؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>توقف خالد و التفت إليها مطرقاً يرأسه إلى الأرض و قال: آسف.. فلا بد أنني خرجت إلى مكانٍ آخر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته الفتاة: لا تقلق يا خالد, هو نفس المكان...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تلعثم خالد قبل أن يسأل قائلاً: و هل تعرفين أسمي؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نعم أعرف أسمك, و أنت ألا تعرف أسمي.؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجاب خالد : لا...أبداً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ضحكت الفتاة قبل أن تقول: هل نسيتني بهذه السرعة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابعت كلامها قائلة: ما فتأت تقبلني يا خالد منذ رأيتني أول مرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نظر خالد إلى الفتاة بطرف عينه و هو يقول: هل تعنيني أنك "زيزفونة"؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابت الفتاة و هي تبتسم: نعم يا خالد,أنا "زيزفونة"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نظر إليها خالد فأسره ما رآه ..</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فتاةٌ جميلة... بل رائعة الحسن, لم ير خالد مثلها قط...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ترتدي ثوباً أسود طويل بأكمامٍ قصيرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>عيناها واسعتان...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>يتماوج فيهما لون أخضر ممزوج بسوادٍ آسر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>بيضاء كالقمر يوم تمامه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>يظهرها ثوبها الأسود و كأنها هالة نور تنبعث من بين السحب...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>شعرها الطويل يتلألأ و كأنه أمواج تعكس أنوار النجوم الخافتة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وجهها صافٍ كوجه الوليد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و حمرة تنبعث من وجنتيها و كأنهما زهرتين ورديتين...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نقشُ حناء على كفيها يصل إلى نصف الساعدين...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نقشٌ و كأنه أغصاناً تشابكت لترسم للجمال صورة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نظر خالد إلى قدميها ليراهما بلونِ شمس الصباح و بنقش حناءٍ يأسر اللب و يوهن الفؤاد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>عاد خالد ينظر إلى وجهها من جديد ليُقابل بنظرات أقل ما يقال عنها أنها تجعل اللبيب المفوه يعجز عن كل قول سوى التسبيح...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و هذا ما فعله خالد إذ قال: سبحان الخلاق..</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أردف قائلاً: هل أنتي "زيزفونة" الطفلة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته ضاحكة: نعم يا خالد.. أنا الطفلة"زيزفونة" التي رفضت الزواج بها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال خالد بسرعة: أوافق أنا موافق...سأتقدم طالباً يدك من جديد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>زيزفونة: و هل ستعود و تخبره أنك ستتزوج من طفلة؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صمت خالد برهة قبل أن يقول: ألهذا كان يقول والدك أنك لستِ بطفلة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته: نعم و لهذا كان ينظر إليك أهل القبيلة بحنق...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: كل تلك النظرات الغاضبة كانت حاقدة عليّ</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": نعم .. الم تكن تُقَبِل ابنة مليكهم الطفلة و التي لم تكن في حقيقة الأمر سوى فتاة بلغت سن الرشد؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد بتعجب:يا إلهي ألهذا غضب "طارخ"؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": هذا صحيح يا خالد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سأل خالد بحزن: وهل يغار عليك "طارخ"</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته "زيزفونة"قائلة: و لَم لا... الستُ ابنة عمه؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صمت خالد قبل أن يقول و كأنه يبغي إجابة معينة: لا بد أن من الجن من خطبك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت زيزفونة" و بلا مبالاة: نعم هم كُثر و قد كُنت أنت المقدم عليهم و الأحق بالأمر منهم...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد بتعجب: أنا؟ مقدم على باقي الجن؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت زيزفونة بهدوء: كان لك الأفضلية حتى على "طارخ"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد بانكسار: هل تعنين أنك ستتزوجين "طارخ"؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ردت "زيزفونة" قائلة:لا.. "طارخ" يحب "راما" و سيتزوجها دمت أنا من تسعى له في الموضوع...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: من "راما" هذه؟ هل هي أختك؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابت "زيزفونة" قائلة: "راما" ؟ لا يُذكر الجمال في عالم الجن إلا و ذكرت "راما"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد متعجباً: و هل هناك من هي أجمل منكِ؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت "زيزفونة" بثقة: بالتأكيد لا... فبلا فخر يا خالد.. أنا أجمل فتاة في قبائل الجن, وهذا ليس رأيي بل هو رأي فرسان قبائل الجن و تصنيف مجلس الجن...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>اكتسى وجه خالد حزناً و هو يسأل: إذاً ستتزوجين واحداً من الذين تقدموا لخطبتك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت "زيزفونة" باسمة: كلهم يا خالد أقل من أن يُذكروا إلا "ضعفن"... </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سأل خالد: و هل طلبك "ضعفن" للزواج؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": نعم .. طلبني أكثر من مرة لكنني لم أوافق.. و هذا ما جعلني أغادر حين حضر, فتخيل أنك قبَّلتني في حضوره ماذا تتوقع أن يحدث لقلبه؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد: و هل يحبك "ضعفن " لهذه الدرجة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أومأت "زيزفونة برأسها إيجاباً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابع خالد كلامه فقال: لكن لماذا لم توافقي ؟فيه عيب أليس كذلك؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت "زيزفونة": على العكس يا خالد.. لا عيب في "ضعفن" أبداً بل فيه كل الصفات التي تتمناها أي"جنية" في فارس أحلامها فهو واحدٌ من أفضل الشباب و أوسمهم و من أشجع الفرسان بعد "طارخ"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: إذاً لماذا لم توافقي عليه؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابت زيزفونة: لأنني أعتبره مثل أخي فقد تربى "ضعفن" في قبيلتنا معي و مع "طارخ" منذ الطفولة حتى أشتد عوده, وكنت أراه أخاً لي لا أكثر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد بتوجس: و هل في قلبك أحد من الجن يا"زيزفونة"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته: و هي تنظر إليه باسمة:حتى الآن لا... قلبي خالي...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال خالد و بسرعة: إذاً هل تقبلين الزواج بي؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ثم تابع موضحاً كلامه: لو طلبتك من الشيخ" خوصان" هل ستوافقين؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تنهدت "زيزفونة" قبل أن تقول: لن يستقيم الأمر يا خالد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد بحزن: لماذا؟ هل لأنني لست أبن ملك؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": ليس للمُلك عندي أهمية </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد و قد برقت في عينيه لمحة أمل: إذا سيستقيم الأمر يا"زيزفونة"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ضحكت زيزفونة قبل أن تقول بألم: و من سيسكن في عالم الآخر؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>من سيتخلى عن حياته ليلتحق بالآخر؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و هل تستطيع أن تعيش في عالمنا؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجاب خالد: و هل أعيش معكم في الليل ثم تختفون و تتركونني نهاراً</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابع خالد بتردد: أرى أن الزوجة هي من تلتحق بزوجها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت زيزفونة وبابتسامة مكسورة: لن تستطيع أن توفر لي أبسط احتياجاتي يا خالد, المأكل و المشرب...خالد: ماذا تعنين؟ لم أفهم </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": كيف أأكل و أشرب؟ هل تستطيع أن توفر لي طعامي؟ أم تريدني أن أرجع إلى قبيلتي كلما اشتهيت الطعام؟ و هل تظن أن أباً سيقبل بذلك؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: بل سأوفر لك طعامك بالتأكيد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": إذاً لضربوا عليك حكماً قاطعاً بجنونٍ أو بِرِدة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: لماذا؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>"زيزفونة": هل تعرف يا خالد ما هو طعامنا نحن الجن؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجاب خالد بلهجة الواثق:نعم, العظام؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت"زيزفونة": العظام و أشياء أخرى فهل ستبحث عنها عند القصابين و على أطراف المقابر؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لو فعلتها يا خالد لحكموا عليك انك ساحر</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أكملت زيزفونة كلامها بجدية قائلة: و الأهم من ذلك, هل تستطيع أن توفر لي ما أحتاج إليه من "الزئبق الأحمر"؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد بتعجب: أنا أعرف الزئبق, لكن "زئبق أحمر" </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لم أسمع به قبلاً, فما هو...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته "زيزفونة": هو غير الزئبق الذي تعرفه, هذه المادة مهمة في عالم الجن, و مهمة جداً لملوك الجن و لمردة الشياطين على حدٍ سواء... لا يملكها إلا قليل في عالم الجن, و لا يعرف أماكن تواجدها أنسٌ و لا جان, إلا أن يجدها من حالفه الحظ, وهذه المادة محور حروبٍ طاحنة بين الجن منذ القدم يستخدمون معها كل شيء و يستعين البعض من أجلها بالسحرة و بإبليس نفسه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>همت "زيزفونة" بتكملة حديثها عن الزئبق الأحمر</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>غير أنها صمتت فجأة و كأن أمراً وصلها بعدم الإفصاح أكثر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تناهى إلى سمه خالد صوت المؤذن و هو يقيم الصلاة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هم خالد بالخروج غير أن "زيزفونة" سدت الطريق في وجهه</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>الجزء العاشر</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و الأخير</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال خالد: "زيزفونة" ستفوتني صلاة الجماعة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته"زيزفونة" و هي تشير إلى اتجاه القبلة: صلي هنا و هذا اتجاه مكة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد متعجباً: و هل أصلي وحدي و أضيع أجر الجماعة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>زيزفونة: منذ متى تهتم بصلاة الجماعة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابها باسماً: من اليوم, فبعد أن رأيت ما رأيته في عالمكم سألازم باب مؤذن حينا...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ضحكت "زيزفونة" من كلام خالد وهي تقول: لكنك لن تستطيع أن تصلي معنا؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سألها خالد: و لماذا ؟ هل صلاتكم مختلفة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته زيزفونة: لا ليست مختلفة, لكن أنت تعرف يا خالد أن الصلاة إقبالٌ على الله بكل الجوارح و التجرد من كل أمور الدنيا, لا رياء و لا ادعاء فكيف سنتشكل في الصلاة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خالد: صدقتِ يا "زيزفونة": فبأس العبد من يرضي الناس على حساب مولاه... إذا سأصلي هنا...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>بعد الصلاة, تستطيع أن تنام يا خالد و إذا استيقظت لصلاة الظهر تستطيع أن تكمل نومك أو تتابع سفرك متى شئت فنحن لن نكون هنا لأننا لا نظهر بعد شروق الشمس...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال خالد بحزن: هل هو الفراق يا "زيزفونة"؟ ألن أراكي من جديد؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أجابته "زيزفونة" و في وجهها مسحة حزن: لا يا خالد ليس الفراق...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حين ترحل تستطيع زيارتنا إذا أردت...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ما عليك إلا أن تتحرى ليالي غياب القمر و تحضر إلى أطراف الوادي ليلاً و نحن سنرسل أليك من يحضرك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابعت "زيزفونة" كلامها و هي تقول: سأعود إليك بعد أن تصلي...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>غادرت "زيزفونة" و أغلقت الباب بهدوء ليشعر خالد أن روحه قد غادرت معها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وقف خالد باتجاه القبلة و استعد للصلاة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هم بالتكبير لكنه تذكر "زيزفونة"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أغلق عينيه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>جمع صورتها مع كل ما يشغل باله و طرحه جانباً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أقبل خالد على ربه بكل جوارحه و بخشوع و سكينة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>همس بقوله: اللهم أحسن وقوفنا بين يديك...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صلى صلاته في سكينة... </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حين انتهى ذكر الله وشكره على نعمه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حمد الله على فضله و على حفظه له...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>انتظر حضور "زيزفونة" بقلبٍ حزين...تأخرت فبكى من الشوق...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ألن تحضر ليودعها ؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ألن يراها لآخر مرة؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>استلقى مكانه و بدأ النوم يداعب جفونه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تنبه إلى قرعٍ على الباب... رفع رأسه بتثاقل و هو يقول: تفضل...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فُتِح الباب فدخلت زيزفونة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رآها كما رآها أول مرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فتاة صغيرة في الثانية و النصف أو الثالثة من عمرها... كالقمر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ترتدي جلباباً أبيض مائل إلى الحُمرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>شعرها كستنائي اللون ممتد على ظهرها بشكل جديلة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تأكد خالد من شعوره بجمالها و ولوجها إلى الروح دون عناء...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كانت تمسك في يدها وسادة بالكاد تسحبها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تقدمت منه و هي تناوله الوسادة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>جلس خالد على ركبتيه و حين اقتربت "زيزفونة" أحتضنها بقوة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أخذ يقبلها فسكنت بين يديه كطفلٍ وديع...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وجدها رقيقة كنسمات الصباح...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أستنشقها بقوة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رائحتها عبِقة, ليست رائحة عِطرٍ أو طيب.. و لا رائحة العشب الأخضر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هذه المرة كانت برائحة ماء السماء... رائحة المطر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ضمها خالد إليه بقوى فبكى...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تململت قليلاً ثم ابتعدت... رأى في عينيها دمعة حائرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قالت"زيزفونة" بألم: لا يصح يا خالد فلا عذر لك بعد الآن...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابعت قائلة: لن يعذرك أهل القبيلة و قد علمت الآن أنني لست بطفلة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>سالت دمعة على خد خالد و هو يقول: أهو الفراق؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لم تجبه "زيزفونة"على سؤاله لكنها اقتربت منه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أمسكت رأسه بكلتا يديها...طبعت قبلة حانية على جبينه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أمالت "زيزفونة" رأس خالد فاستجاب لها و استلقى على الوسادة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>جلست جوار رأسه... نظرت إلى عينيه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كان يستجديها ببصره...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>مسحت دموعه بكفها الصغير...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>مدت يدها في الهواء لتسحب غطاءً لم يكن موجوداً و كأنها أحضرته من الفراغ...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>غطته و دون أن تتكلم أشاحت بوجهها بعيداً و أغمضت عينيها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>بدت و كأنها تسبح بأذكار الصباح...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و رغم شعور خالد بالتعب إلا أن النوم قد جافاه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ما زالت عيناه مفتوحتان...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فجأة نظرت إليه"زيزفونة" لتجده ينظر إليها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ابتسمت.. تنهدت بانكسار...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>اقتربت من رأسه فنفخت في وجهه رائحة كالريحان ليغط بعدها في نومٍ عميق... </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لم يشعر خالد إلا بأشعة الشمس و هي تلفح وجهه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فتح عينيه ليصطدم بصره بالشمس و هي في كبد السماء...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نظر حوله ليجد نفسه في صحراء قاحلة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أرتعب خالد خاصة حين وجد نفسه مغطاً بالرمال إلى رقبته...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أما الوسادة, فلم تكن أكثر من صخرة كبيرة ملساء تم اختيارها بعناية...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أزاح خالد الرمال التي كانت بمثابة الغطاء من على جسده...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حاول زعزعة الصخرة فوجدها ثقيلة جداً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وجد أثراً للصخرة ما يعني أنه تم سحبها من مكانٍ بعيد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وجد خالد انه تحت جبل صغير و الذي كان يقيه الشمس منذ الصباح و حتى الآن...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نظر إلى ساعته ليجد أن الوقت هو وقت صلاة الظهر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تلفت خالد حوله مرة أخرى فلم يجد أثراً لحياة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خفق قلبه رعباً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>طار صوابه, غير إن نسمة باردة لامست وجهه فهدأ قليلاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قرر أن يغادر و أن يصلي الظهر في أقرب استراحة في الطريق...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قام من مرقده فوجد آثاره القديمة حين حضر, ولا خطوة أخرى معه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تبع خطواته رغبة في العودة إلى حيث سيارته...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>مشى و هو يفكر, هل كان هذا حلمٌ أم تراه مشى هائماً دون أن يدري؟</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هل ما عاشه حقيقة أم مجرد خيال و تصورات؟ </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>توقف خالد في نقطة معينة... إذاً لم يكن حلماً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هنا قابل ذلك المخلوق الذي أراد أن يريه الشكل الحقيقي للجن...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>عرف ذلك من آثاره حين جلس.. و حين بكى.. و حين حبى, لكن..</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لا آثار للجني...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هناك فقط آثارٌ يعرفها جيداً... آثار أقدام صغيرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هي ..آثار "زيزفونة" و في نفس المكان فقط ثم انقطعت...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كانت حقيقة إذاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>واصل خالد طريقه ليصل إلى حيث شجرة كبيرة... جرداء من الورق.. ليس فيها إلا أغصان جافة... في قمة الشجرة, غراب كبير ينعق... هنا كان الجني المأسور قابعاً و إلى هذه الشجرة كان مربوطاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أطلق خالد ساقيه للريح و هو يقرأ آية الكرسي...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خرج خالد من بين جبلين ليجد سيارته في نفس المكان الذي نزلا منها في هو و "طارخ" بعد وصولهما ليلاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ركب خالد سيارته و أدار محركها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قبل أن ينطلق ألقى نظرة إلى الخارج ليفاجأ بأمرٍ آخر...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لاحظ أن هناك خطوات كانت تتبعه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>خطوات كانت ترافق خطواته دون أن ينتبه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لاحظ أيضاً أن الخطوات وصلت معه إلى باب سيارته ثم انحرفت باتجاه مؤخرة السيارة ...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أرتعب خالد من أمر هذه الخطوات كثيراً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>(لحظة), هي كلمة قالها خالد فالخطوات لقدمين صغيرتين...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نعم.. إنها خطوات"زيزفونة"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نزل خالد من السيارة على عجل...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تبع الخطوات باتجاه مؤخرة السيارة ليجدها و قد توقفت خلف السيارة تماماً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>امتقع وجه خالد فصاح"يا الله"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>في الخلف, لم تكن خطوات زيزفونة وحدها... بل معها خطوات مرعبة.. كبيرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قدمٌ ممسوخة بثلاثة أصابع كأصابع الدجاج و أصبع رابع يبدو أنه ينبت من باطن القدم لينغرس في الأرض مع كل خطوة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>اختلطت تلك الخطوات مع خطوات زيزفونة لتنقطع الخطوات الصغيرة على مسافة قريبة باتجاه الصحراء و تظل الخطوات الكبيرة و التي بدورها تلاشت على بعد خطوات في غياهب الصحراء...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صاح خالد و هو يردد"زيزفونة"</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لا بد أن القبيلة الأخرى أخذتها أسيرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>يتخيلها في قبضة قبيلة الجن الكافرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>يتخيل أجمل فتاة في يد من لا يرعون براءة و لا ذمة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>يراها في يد ابن ملك القبيلة الكافرة... لن يرحموها فهي ابنة ملك الجن...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تخيل حال والدها الشيخ "صوخان" و حال شقيقه" هيدبا"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تخيل اغتمام "طارخ" و حزن "شرعيل" </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تخيل بكاء "ضعفن" على حبه و حلمه الذي ضاع...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تخيل انكسار فرسان القبيلة و رجالها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>شعر خالد بقشعريرة قوية تسري في جسده...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أحس و كأن شخصاً يحاول لمسه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رفع خالد صوته مكبراً و مهللاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قال بصوت عالٍ: يا الله</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قرأ المعوذتين و صدح بآية الكرسي...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>عاد إلى سيارته... ركبها خائفاً و جلاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>بكى بصمت حتى حجبت الدموع عنه الرؤيا...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>بل شعر بشي أبيض يتساقط من سقف سيارته...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رفع خالد رأسه ليفاجأ بمادة بيضاء كالدقيق تسقط على رأسه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>استنشق من تلك المادة دون أن ينتبه فوجد لها رائحة قوية جداً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>هم خالد بالنزول من السيارة , و ما أن فتح الباب حتى سقط على جنبه لا يقوى حراكاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رأى خالد كما يرى النائم...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أو لنقل أنه رأى و كأن شاشة كبيرة قد فتحت أمام ناظريه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رأى في الشاشة عجباً... رأى فيها كل شيء...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رأى خالد نفسه حين استيقظ و هو مغطى برمال الصحراء...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رأى الصورة كما عاشها تماماً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رأى خوفه و هلعه... رأى محاولته زحزحة الصخرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كل شي كما حدث تماماً إلا أمر واحد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>في الشاشة يرى أنه لم يكن لوحده...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كانت "زيزفونة" عند رأسه حين استيقظ...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رآها تضحك منه و هو يحاول تحريك الصخرة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و حين سكن الخوف في قلبه, رآها تنفخ في وجهه بهدوء فسكن خوفه قليلاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كانت تتبعه بطفولة بريئة... وحين وصل الشجرة كانت جواره...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أما ما رآه غراباً ففي الحقيقة هو جني يحرس حدود القبيلة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>حين وصل إلى سيارته أيضاً كانت معه و حين نزل يتبع خطواتها إلى مؤخرة السيارة أيضاً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و ما ظنه خالد فرد من القبيلة الكافرة لم يكن في الحقيقة إلا وجهٌ يعرفه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كان أيضاً من الجن لكن الوجه وجه "طارخ" أما الجسد فكان غريباً جداً...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كائن طويل, يمتد عنقه بعيداً في السماء... له ثلاث أجنحة لحمية عظيمة كأجنحة الخفافيش...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>بأصبع كبير في باطن قدمه يغوص في عمق الأرض ليزيد الجسد ثباتاً على الأرض...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>كائن تظهر على ملامحه القوة و انه شديد البأس...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>إذاً فقد حضرت زيزفونة تودعه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أما شعوره بالقشعريرة و إحساسه بأن هناك من يحاول لمسه فهو صحيح...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لأنه حين خاف, حاولت "زيزفونة" أن تحتضنه و تنفخ في وجهه ليهدأ غير إن طارخ منعها...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رأى "زيزفونة" تركض و جوارها طارخ الذي فرد جناحه و هو يحيط زيزفونة بعنقه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>ركبت زيزفونة على ظهره و وقفا ينظران إلى خالد...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>و حين صاح خالد قائلاً: يا الله...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رق قلب "طارخ" له خاصة و أن خالد ظهر كمن بدأ يفقد عقله...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>فنفث "طارخ" من أنفه مادة بيضاء استنشقها خالد لتعيد له صورة ما حصل فيطمئن قلبه...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تحرك خالد و عدل من جلسته...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>نظر حوله... ابتسم براحة تامة...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>رفع يده ملوحاً في كل الجهات...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صاح بأعلى صوته: مع السلامة يا"زيزفونة" إلى اللقاء يا "طارخ"...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تابع خالد كلامه بصوت عالٍ فقال: بلغوا شكري للشيخ"خوصان" و للشيخ هيدبا... </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>أغمض عينيه قليلاً قبل أن يصيح قائلاً: شكراً لكم جميعاً يا أهل الوادي</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>تذكر خالد قول الله تعالى( و إنه كان رجال من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقا)...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>صمت خالد قبل أن يحمد الله...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>لم ينسى خالد أن يستعيذ بالله من شر ما خلق و ذرأ و برأ... </strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>قرأ خالد دعاء السفر و انطلق متابعاً رحلته...</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>وهذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين</strong></span></p><p><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>اتمنى انها تعجبكم</strong></span><span style="color: red"><strong></strong></span></p><p><span style="color: red"><strong>انتظر ردودكم </strong></span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="زمردة71, post: 1168707, member: 4193"] [COLOR=#ff0000]الجزء السابع توقفنا في الجزء السابق حين دخل "طارخ" إلى المجلس موجهاً كلامه إلى خالد و إلى الحضور: حياكم الله جميعاً على العشاء في الغرفة الأخرى تفضلوا... قام ملك الجن و هو يردد: مرحباً بك يا خالد في قبيلتنا... تفضل... تحرك خالد معهم إلى الغرفة الأخرى و في طريقه ألتفت إلى الخلف فرأى الجن خلفه زرافات... المتشكلون بصورة مطابقة لصور البشر يسيرون خلفه مباشرة, أما الذين تنقصهم الموهبة في التشكل فهم في الصفوف الخلفية... وصل خالد فوجد نفسه أمام ممر طويل .. فيه غرفتين متجاورتين... دخل خالد و من معه إلى الغرفة الأولى و واصل الغير متشكلين من الجن طريقهم إلى الغرفة الثانية... حين دخل خالد الغرفة وجد فيها صنوفاً من أجود الطعام و الكثير من الفاكهة... غرفة كبيرة تم ترتيب الصحون فيها بشكل منسق... على كل صحن شاة كاملة و ضعت على كمية من الأرز الذي يبدو من شكله أنه شهي جداً توزع الجن بنفس الطريقة السابقة المطابقين لشكل البشر مع خالد في نفس الغرفة و الناقصين في الغرفة الأخرى... شمر خالد عن ساعديه و سمى ( بسم الله الرحمن الرحيم) ... ألقى نظرة خاطفة على ساعة يده و لأول مرة منذ وطأت قدمه الوادي يفكر في الوقت... كانت الساعة تشير إلى الثانية و النصف ليلاً في حين أنه بدأ رحلته بعد صلاة العشاء... اليوم هو الجمعة و غداً سيكون السبت أول أيام الأسبوع... يوم عمل... فكر خالد قليلاً: لا مشكلة سأغيب عن العمل يوم غد... أقبل خالد على الطعام بنفسٍ مفتوحة... كان الطعام لذيذاً جداً... بنفس الطريقة التي يحبها خالد, أو كما يحب خالد تسميته, "طعام ضيف إبراهيم"... لاحظ خالد أن الكل يكرمه .. كما اعتاد على موائد الطعام في قبيلته.. عليك أن تؤثر الضيف على نفسك و تقطع له من اللحم أطيبه... ليس هذا وجه الغرابة... الغريب هو أن الجن الموجودين مع خالد على المائدة يزيلون اللحم من على العظم بعناية فائقة فيقدمون اللحم لخالد بينما يضعون العظم بترتيب غريب في صحن كبير مطلقين ما يشبه الفحيح الخافت... التفت خالد للمائدة المجاورة فوجدهم يفعلون ذات الشيء و بطريقة شبه آلية... يزيلون اللحم عن العظم ويرتبون العظم بعناية في صحن كبير جوارهم بينما يضعون اللحم جانباً دون أن يأكلوا شيئاً... لا يدري خالد هل يفعلون نفس الأمر في الغرفة الأخرى أم لا , لكن ما يعرفه أن الأمر هناك مختلف, فهو يسمع أصواتهم و كأنهم وحوش يتنافسون على فريسة... أصواتهم غريبة.. زمجرة و صياح خافت..كلمات غير مفهومة و أصوات مختلفة.. كان خالد يأخذ بعض الطعام و يحشره في فم "زيزفونة" و التي تأخذه على مضض و تمضغه بتمهل و كأنها لا تشتهيه... كذلك يفعل ملك القبيلة و "هيدبا" و "طارخ"... يمضغون و يبلعون ببطء شديد... كان خالد يجلس و على يمينه جلست "زيزفونة" و طارخ في الجهة اليسرى... يقابله على نفس المائدة, مللك الجن و "هيدبا"... معهم أيضاً و على نفس المائدة,أربعة من الجن القريبين جداً من شكل البشر إن لم يكونوا مطابقين ما يثبت أنهم ليسوا بشراً هي تلك الحركة الآلية في فصل اللحم عن العظم إضافة إلى الفحيح الخافت... أكل خالد بنهم فقد بلغ منه الجوع مبلغه إضافة إلى لذة الطعام...لم يشغل خالد عن ذلك إلا ثعبان ضخم جداً كان يزحف ماراً من أمام باب الغرفة... توقف الثعبان متفحصاً من في الغرفة ليراه خالد برأسين بشريين... صمت خالد برهة يفكر قبل أن يلكزه "طارخ" هامساً: كلمه يا خالد دله إلى غرفة الطعام نظر خالد إلى "زيزفونة" بهدوء قبل أن ينظر إلى الثعبان قائلاً و بسكون عجيب: الطعام في الغرفة الثانية... ضحكت "زيزفونة" ليرفع خالد صدره و يقول بثقة أكبر: المتشكلون هنا و الأخوان الغير متشكلين في الغرفة الأخرى ليأخذوا راحتهم... التفت ملك الجن و "هيدبا" إلى حيث الثعبان ثم عادا ينظران إلى خالد مبتسمين ... قال "طارخ" ضاحكاً : جميل جداً يا خالد, أصبحت لا تخاف الآن أجاب خالد: من يخشى الله لا يُخشى منه الضرر و أرى فيكم حباً للخير و بعداً عن الأذية... راق الكلام لكل من في المجلس من الجن لكن خالد أطرق برأسه إلى الأرض قليلاً و قال بصوت هادئ و هو يهز رأسه رافعاً سبابته قال: سبحان الله... أجاب "هيدبا": خير ما قلت يا خالد.. سبحان الله... تدخل ملك الجن قائلاً: ملكوت الله كبير يا خالد و قدرته لا تحدها حدود... قالت زيزفونة بصوتها الطفولي: أكمل خالد طعامه سعيداً بحفظ الله له في هذا المكان و سعيداً بإخوانه في الدين و إن كانوا من الجن... حين شبع خالد و تأكد من أن الجن ينتظرون منه الإذن, و كما أعتاد من عادات قبيلته حمد الله ثم كرَّم قائلاً: الحمد لله .. أكرمك الله يا ملك الجن و أكرمكم الله جميعاً... أجابوه جميعاً: بالهناء و عافية... حملت كل مجموعة من الجن الصحن الخاص بها و الذي امتلأ عظاماً جرداء ليس فيها مزغة لحم... انطلقوا خارج المجلس.. سمع خالد لهم جلبة خافتة و لغط... تأكد حينها أن عشاءهم قد بدأ للتو... بقي مع خالد ملك الجن , " هيدبا" ,"طارخ" و "زيزفونة"... اتجه خالد إلى حيث الماء و غسل يديه... عاد إليهم ليتوجهوا سوياً إلى المجلس الذي كانوا فيه قبل العشاء... وجد خالد المجلس و قد أعيد ترتيبه بشكلٍ مختلف... أصبحت الجلسة أكثر راحة حيث تعطي خالد أكبر قدر من الحرية في الجلوس و خاصة بعد تلك الوجبة الدسمة... جلس خالد و دارت فناجين القهوة و الشاي على الحضور... سعادة خالد لا توصف و هو يرى نفسه في هذا العالم المختلف... و الأجمل أنه بين مخلوقات يجمعهم دين واحد... أصبح خالد أكثر راحة و أكثر حرية... تلفت حوله فلم يجد زيزفونة... سأل خالد ملك الجن: أين زيزفونة؟ أجابه الملك: ستأتي حالاً... ما هي إلا دقائق حتى دخلت "زيزفونة" و قد بدلت ملابسها و تبدلت تسريحة شعرها... هذه المرة كانت ترتدي لباساً أزرق اللون و بأكمام طويلة... أما شعرها فقد قُسِم إلى جديلتين رآهما خالد أكثر طولاً و لمعاناً... بدت أكثر طفولة... بل .. أكثر سحراً... حين اقتربت "زيزفونة" أحتضنها خالد بقوة... كان سعيداً بحضورها ثم قبلها و أجلسها جواره... أمسك بكفها و هي بدورها ضمت أصابعه بيدها الصغيرة... تكلم "هيدبا" موجهاً كلامه إلى خالد: لماذا تُقَبِل زيزفونة؟ أجاب خالد مستغرباً و بسرعة: إنها أجمل و أروع طفلة رأيتها في حياتي... التقط ملك الجن طرف الحديث و باغت خالد بسؤال: هل تتزوجها؟ خالد متعجباً: أتزوج من؟ ملك الجن: هل تتزوج من ابنتي"زيزفونة"؟ صمت خالد و في وجهه ابتسامة ممزوجة بحذر... فهو يخشى أن يتعرض لمشكلة ما إن هو رفض... لكن كيف يتزوج بطفلة؟ قال "طارخ" و هو يبتسم في وجه خالد بصوتٍ أكثر وداً: لا تقلق يا خالد, أجب شيخ القبيلة... تكلم"هيدبا" والد طارخ قائلاً: تكلم يا خالد, فوالله لو طلبت منا كنوز المشرق و المغرب لأحضرنا لك ما تسعنا القدرة عليه... قال ملك القبيلة:يا خالد, إن لك علينا دين كبير و فضل بعد الله, فلو وقعت "زيزفونة" بين أيديهم لصرنا في همٍ و ابتلاء عظيم بين طاعة الله أو قبول حكمهم فينا بخدمة السحرة لأذية عباد الله المسلمين... أجاب خالد قائلاً: كيف أتزوج من طفلة؟ّ رد عليه ملك الجن قائلاً: يا خالد.. زيزفونة ليست طفلة إنها في الـــ20 من عمرها بحساب أعمار البشر,لكنه شكل ارتضته لتجعلك تشعر بقدرٍ أكبر من الاطمئنان... أجاب خالد ببرود و في وجهه نظرة حمقاااااااء لأنه لم يفهم الكلام جيداً, أجاب قائلاً: لا تعني مساعدتي لها أنني ملكتها إنما فعلت ذلك لوجه الكريم و أشكرها على ما فعَلَته فقد شعرت في وجهها بالأمان... أحس خالد "بزيزفونة" و هي تسحب كفها من بين أصابعه بهدوء... نظر إليها ليجد وجهها و قد اكتسى بحمرة خجل آسرة... رأى في عينيها نظرة ساحرة لم يفهمها و لم يرى مثلها قط... ابتعدت "زيزفونة" قليلاً عن خالد... لم يعي خالد ما يحدث لكنه و رغم ذلك قربها منه و أمسك بكفها من جديد فإن كان سيبحث عن الأمان فهذا هو وقته خصوصاً بعد رفضه الزواج منها... نظرت "زيزفونة" إلى خالد بنظرة شبه مكسورة إلا أنها لم تسحب يدها هذه المرة فهي تشعر أن الخوف بدأ يسري في قلب خالد... هم خالد بتقبيلها لكنها أشاحت بوجهها بعيداً عنه بدلال و عزةِ نفس لا تصدر عن طفلة... ابتسم طارخ و قال بصوت هامس استطاع خالد سماعه: البشر دائماً على عجل... سمعت زيزفونة كلمات طارخ فاطرقت برأسها إلى الأرض و تنهدت بابتسامة مكسورة دون أن تُعلِق... نظر شيخ القبيلة إلى "زيزفونة" و هو يقول: نعم أنتِ أجمل طفلة... لحظات من الصمت مرت قطعها صوت أحدهم و هو يدخل المجلس صائحاً: القوة لله.. القوة لله.. القوة لله ثم لقبيلتنا اقترب الشخص من الملك و قال: أيها الملك"خوصان", لقد استسلموا و وافقوا على شروطنا... هب ملك القبيلة واقفاً و هو يردد الله أكبر.. الله أكبر... ضج المجلس بالتكبير و التهليل فرحاً بهذا الخبر... لم يفهم خالد جيداً لكن عرف أن "خوصان" هو أسم ملك القبيلة و والد "زيزفونة"... احتضن ملك الجن شقيقه"هيدبا" و تعانق أفراد القبيلة... اقترب "طارخ" من خالد و طبع قبلة على رأسه و هو يقول: يسلم رأسك يا خالد... سأل خالد فرحاً : ماذا فعلت لأستحق هذا الشرف... قال الشيخ و هو يحتضن خالد: هذه أخرى من مآثرك يا خالد... لقد استسلمت قبيلة الجن الكافرة و استجابت لشرطنا بالرجوع عن أذية الأنس و مداواة من كانوا سبباً في شقاءه ولم يكن ليتسنى ذلك لولا الله ثم وجودك... قال "طارخ" سعيداً: و هي جولة من البطولة و النصر تكتب لقبيلتنا تكلم"هيدبا" و هو يرفع بصره إلى السماء: اسأل الله لك أجر كل من شفي يا خالد... الكل احتضن خالد و قبله إلا زيزفونة فقد قبَّلت يده مما جعله يشعر بسعادة و فخر أكبر... تغيرت حركة الجن في المجلس بشكل غريب... فكَّت "زيزفونة" من جدائلها و نثرت شعرها على كتفيها ثم تقدمت إلى منتصف المجلس... تُرى ماذا حدث و لماذا تتصرف زيزفونة بهذه الطريقة... سنعرف ذلك في الجزء القادم يتبع الجزء الثامن تغيرت حركة الجن في المجلس بشكل غريب... فكَّت "زيزفونة" من جدائلها و نثرت شعرها على كتفيها ثم تقدمت إلى منتصف المجلس... أغمضت عينيها قبل أن تفتحهما و ترفع رأسها جلست"زيزفونة" على ركبتيها و أمسكت برقبتها و كأنها تحاول خنق نفسها... تقدم منها شيخ القبيلة و انحنى ليطبع قبلة على رأسها و ليس على جبينها أما زيزفونة فقد مسحت على جبين والدها بيدها اليسرى و الأخرى ما زالت على رقبتها... تقدم منها عمها"هيدبا" و انحنى ليطبع ذات القبلة على رأسها و تقوم هي بالمسح على جبينه بيسراها... ثم تقدم ابن عمها"طارخ" و قام بنفس الحركة لترد عليه بمسحة من يدها على جبينه... تقدم باقي الجن ليقوموا بنفس الحركة... طقوس غريبة و بنفس الطريقة... بعد أن قام آخر من في المجلس بالطقس نفسه تقدم منها شيخ القبيلة من جديد... هذه المرة جلس أمامها على ركبتيه... مسح الشيخ"غوصان" على شعر ابنته"زيزفونة" برقة... و أمسك يدها الموضوعة على رقبتها بكلتا يديه و أبعدها... قامت"زيزفونة" على قدميها و أمسكت برأس والدها قبل أن ترفع يدها بإجلال... صاح "طارخ" بحماس: و عادت الكرامة لقبيلتنا و ثأرنا من محاولة الاعتداء على ابنة ملكنا... ضج المجلس بعدها بصيحات النصر و الحماس... من تلك الحركات عرف خالد أنها من عادات الجن و أن "زيزفونة" تعني أنها تعرضت للأذى و ضرر الأذى بشدة الموت خنقاً, و بعد الثأر لكرامتها يقوم كبير القوم بأبعاد يدها ما يعني أنه قد ثأر لها و لكرامتها و أن الضرر قد زال... ثم تقوم هي و تمسك برأس الشخص تعبيراً عن تقدير رأسه... فرح خالد من ذلك كثيراً و حمد الله على فضله و أن جعله سبباً لهذا الأمر كله... في هذه الأثناء فوجئ خالد بشابين جميلي الطلعة و في مقتبل العمر يدخلان إلى المجلس... لأحدهما شعر أسود طويل منسدل على كتفيه و بنيته متناسقة أكحل العينين... أما الثاني فكانت عيناه واسعتان له هيبة قوية و عارض خفيف زاده غموضاًً, حين يبتسم تجد أن لأسنانه الأمامية فالجٌ يكسبه وسامة... ما أن رآهم "طارخ" حتى أقبل عليهما بفرح و احتضنهما ليتعانقوا جميعاً فيداعبه أحدهم قائلاً: هذا هو" طارخ", فارس فرسان الجن و قاهر الأعداء... توجه الشابان إلى شيخ القبيلة و قبَّلا رأسه باحترام قبل أن يقولا: مبارك لك أيها الشيخ"خوصان" نصر الله لك... أجابهم الشيخ مرحباً بمقدمهم فقال: بارك الله فيكما و أشكركما على حضوركما لنجدتنا لكن الله كفانا شر الحرب و أكرمنا باستسلامهم... استأذن "طارخ" من الشيخ و أخذهما إلى حيث يقف خالد... قال "طارخ"موجهاً كلامه لخالد: أعرف باثنين من خيرة شباب الجن و فرسانهم.. و قد حضروا على رأس جنودٍ من قبيلتيهما لمساعدتنا إذا استدعت الحاجة... الأول "صاحب الشعر الطويل" و اسمه, (ضعفن) أما الثاني "صاحب العارض" فاسمه(شرعيل) رحب بهما خالد فبادلاه الترحيب حيث قال "شرعيل": أهلاً بك يا خالد, يسعدني أن أراك و أشكرك على ما فعلته للجن... رد خالد باسماً: الشكر لله فلم أفعل إلا ما وجب فعله... جلسوا جميعاً فرحين بنصر الله لهم... تحدثوا عما سيفعلونه في أمر الهدنة و طريقة صياغة الشروط... كان خالد يستمع إليهم صامتاً متعجب... لاحظ الشيخ "خوصان" أن خالد أصبح و كأنه خارج دائرة ضيافتهم فأقبل عليه بوجهٍ مبتسم و دار بينهما الحوار التالي بينما بقية الجن يستمعون بمحبة لخالد و إجلالٍ للشيخ "خوصان"... ملك الجن"خوصان": يا خالد, سأعلمك أربعة أمور تكون لك عوناً و حافظاً من الجن بعد الله... خالد: تفضل أيها الملك... ملك الجن"خوصان":يا خالد, ليس أفضل من أن يخبرك من تخشاه بأمورٍ يخشاها فيك و يعلمك بمواطن قوتك.. خالد: صدقت أيها الملك... ملك الجن"خوصان":أنتم يا خالد تخشون الجن أليس كذلك؟ خالد باهتمام: بلى نحن نخاف من الجن... ملك الجن"خوصان":ما رأيك لو أخبرتك أن الجن يخشون فيكم أموراً كما يستغلون فيكم مداخلاً خالد: و هل من الجن من يخشى الأنس رغم هذه القوة؟ ملك الجن"خوصان": نعم يا خالد من مصادر قوتك أمور سأكتفي منها بأمرين... تابع الملك كلامه قائلاً: الأمر الأول , حافظ على صلاتك في وقتها تكن في حفظ الله دوماً... و الأمر الثاني, لا بد أنك تحفظ آية الكرسي خالد: نعم أحفظها... ملك الجن"خوصان": إذاً أقرأها على أسماعنا... بدأ خالد في قراءة آية الكرسي فأطرق الجن و أصغوا السمع جميعاً: بسم الله الرحمن الرحيم (الله لا اله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السماوات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السماوات و الأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلي العظيم) صدق الله العظيم ملك الجن"خوصان": صدق الله العظيم, يا خالد هذه آية الكرسي(من قالها حين يصبح أُجير من الجن حتى يمسي.. ومن قالها حين يمسي أجير منهم حتى يصبح) رواه الحاكم. خالد: جزاك الله خيراً أيها الملك و بارك لك في ملكك... أردف خالد قائلاً: و ما هي نقاط ضعفي حتى أسدها على العُصاة من الجن؟ ملك الجن"خوصان": الأمر الأول, حافظ على الطهارة و احرص على أن لا تركن ساعة و أنت جُنُب الأمر الثاني, تذكر الله و اذكره في لحظات الخوف الشديد و في لحظات الفرح الشديد... نظر خالد إلى ملك الجن بتعجب و هو ينتظر تفسير هذا الكلام... تابع الملك كلامه فقال: من لحظات ضعف البشر و التي يتلبس فيها الجن بالإنس لحظات الخوف الشديد من الظلام أو المجهول و لحظات الطرب و الفرح الشديد... سمع خالد تلك الكلمات و وعاها جيداً... وعد أن يظل في حفظ الله دوماً بإتباع ما يزيده قوة و الابتعاد عما يزيده ضعفاً و هواناً... سمع خالد ملك الجن و هو يقرأ كفارة المجلس( سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك). وقف ملك الجن أمام خالد و قال: يا خالد وجب عليّ أن أغادر إلى مصلاي فقد تأخرت عن صلاة الليل و قد أقترب وقت صلاة الفجر و قد لا ألقاك بعد الصلاة لأنني أجلس في المسجد حتى الإشراق و نحن يا خالد لا نظهر بعد شروق الشمس... تابع الملك كلامه قائلاً: شرفنا يا خالد أن تكون بيننا.. و نشكرك على صنيعك فينا و حسن مساعدتك لنا... سيبقى معك "طارخ" و الفرسان حتى صلاة الفجر, بعدها تستطيع أن تنام في خير و أمان و تغادر متى شئت فأنت في حمانا و ستجدنا يا خالد متى احتجت إلينا عون لك على الطاعة ... أقترب ملك الجن من خالد و احتضنه و في عينيه دمعة ثم تقدم "هيدبا" و احتضن خالد و هو يقول: سأغادر أنا أيضا يا خالد.. لقد أحببتك فنعم الفتى أنت.. اسأل الله أن يعز الإسلام بأهله... غادر ملك الجن"خوصان" و معه شقيقه"هيدبا"... تبعهما خمسة من الجن كالحرس الذي يحمي الملوك... أطرق خالد برأسه قليلاً إلى الأرض و هو يفكر في هذا العالم الغريب... تنبه إلى أن "زيزفونة" ليست في المجلس... و تنبه إلى أن ملك الجن قد غادر لتوه مع "هيدبا" ثالث وجه يشعر فيه بالأمان... برغم ذلك و مع غياب من يشعر في وجوههم بالأمان لم يكن خالد خائف أبداً ربما لأن في الشابين ما يدل على أنهم من البشر مثله... نظر خالد إلى "طارخ" و إلى" ضعفن و " شرعيل " ليجد في وجوههم قدر كبير من الراحة... أقبل عليهم فأجلسوه في وسط المجلس و هم يتحدثون معه مبتسمين.. كان خالد مستغرباً من أمر "ضعفن و " شرعيل " لذلك بادرهم بسؤال سأل خالد قائلاً: هل أنتما من البشر؟ أجاب "ضعفن": لا يا خالد نحن من الجن و من قبائل الجن العربية الأصيلة... خالد: لا أعتقد.. فأشكالكما مطابقة تماماً لأشكال البشر حتى أنكما أقرب من "طارخ" إلى الشكل الحقيقي للبشر... ابتسم"شرعيل" و هو يقول: يا خالد, نحن أبناء الملوك لنا ميزات على باقي الجن فالمُلك أمرٌ جلل و يكفي قوله تعالى(قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك على كل شيء قدير) و هذا يدل على أن الملك خاصية يختص بها الله من يشاء زيادة في الابتلاء و الامتحان و ليجزي من أحسن و يأخذ من أساء بجريرة... قال خالد موجهاً كلامه إلى طارخ: إذاً لماذا لا تتشكل مثلهم و بنفس الإتقان ؟ أجاب طارخ: أنا من بيت الملك فعلاً لكنني لست أبن الملك و لو كان للوقت متسع و تمكنت من رؤية إتقان"زيزفونة" للتشكل لتعجبتَ مما أكسبها الله... قال" شرعيل " و هو يضحك: دعك منه يا خالد.. سيكون "لطارخ" شأن كبير فهو من سيكون خليفة للملك بعد الشيخ"خوصان" فوالد "طارخ" الشيخ "هيدبا" منح الخلافة ل"طارخ"... قال"ضعفن": حينها سيكون "طارخ" أكثر منا في فضل الله بكثير... فهو أبن الوزير شقيق الملك و هو خليفة الملك و هو أيضاً من أسرة حاكمة منذ القَدَم و قبل أن توجد قبيلتانا بكثير... قال" شرعيل " و هو يغمز "طارخ" إضافة إلى أنه أشجع فارس في قبائل الجن قاطبة... مثل عنترة في عالمكم... قلَّبَ خالد بصره بينهم قبل أن يقول بتردد: كيف هي أشكالكم الحقيقية؟ هل هي مرعبة كثيراً بحيث أنني لن أستطيع تحملها؟ تعجب الجن من كلام خالد لكن "ضعفن " أجاب مبتسماً: يا خالد لا تشغل نفسك بمعرفة كل شئ أو محاولة معرفة كل شي ,استمتع فقط... خالد: استمتع بماذا؟ قال" شرعيل ": اعتبر نفسك في رحلة خاصة جداً على أرض العجائب.. جولة في عالم الجن. عالمٌ يتمنى الكثير من بني البشر أن يسبروا أغواره لكنهم إذا دخلوه لا يجدون الوقت الكافي ليحكوا ما رأوا تكلم "طارخ" ممازحاً خالد: و إذا دخلوه كانوا أغراباً منبوذين, بعكسك أنت حين دخلت فأحببناك... التقط "ضعفن " طرف الحديث و هو يقول: رحلتك هذه يفقد فيها الكثير من بني البشر عقولهم و ألبابهم... تابع "ضعفن" قائلا: عش اللحظة يا خالد..لتحكي لأحفادك عن عجائب الدنيا... قال "طارخ": نصيحة من أخ محب لك يا خالد, أجعلها في كل أمورك خالد:تفضل يا "طارخ"... قال "طارخ": دع عنك ما رده في كتاب الله قوله تعالى: (يا أيها الذين امنوا لا تسالوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم) تكلم "ضعفن" قائلاً: يا خالد كفانا حديثاً عن عالم الجن... قال" شرعيل ": نحن فتية فدعنا نتحدث في أمورٍ تهم مرحلة الشباب... لم يعترض خالد فاندمجوا جميعاً في أحاديث شيقة في عالم الأنس أبعدت عن خالد كل الهواجس... تكلموا في كل شئ , تكلموا عن الحب و عن الصحة و عن الدين حتى عن كرة القدم... انضم إليهم عدد من الجن المتواجدين في المجلس مقبلين بحديثهم إلى خالد بكل حب و مودة و هو في وسط المجلس و وسط اهتمامهم... شعر خالد انه يعرفهم منذ زمن طويل شيء واحد كان يشغل تفكير خالد لكن ما هو لا أحد يعرف غير الله ثم ضوء إذاً انتظروها في الجزء القادم فقد حانت لحظات الفراق و الألم[/COLOR] [COLOR=red][B]الجزء التاسع شعر خالد انه يعرفهم منذ زمن طويل, شيء واحد كان يشغل بال خالد.... ظل يفكر في الأمر و يعجز عن الإفصاح عنه... ما كان يشغل بال خالد هو أن "زيزفونة" ليست هنا... و مع شروق الشمس سيختفون جميعاً و يظل هو وحيداً دون حتى أن يودع طفولتها المشرقة... تفرع بهم الحديث و تشعب حتى نسي خالد أنه في عالم الجن و أنه بينهم... أخذوا يتبادلون النكات و التعليقات و يتناقشون و خالد في صدر المجلس يشعر باهتمامهم و تقديرهم و حبهم له... يرى خالد في وجوه الفرسان الثلاثة كل علامات الرجولة و الشهامة و الفروسية... تناهى إلى سمع خالد صوت المؤذن و هو يرفع أذان صلاة الفجر... صمتوا جميعاً و هم يرددون خلف المؤذن... حين انتهى الأذان, وقف الجن مودعين خالد فقد حان وقت الرحيل... قال "شرعيل": أسعدنا يا خالد أن نلقاك بعد أن سمعنا عنك و أتمنى أن أجلس معك أكثر, لكن حان وقت الصلاة .. وبعد الصلاة علي العودة إلى قبيلتي مع رجالي قبل شروق الشمس , فنحن من جن بلاد المغرب و سنستغرق بعض الوقت للوصول إلى ديارنا... قال خالد سعيداً: أسعدني وجودك يا "شرعيل".. و شرفني أن ألقاك و أتعرف بك... تقدم "ضعفن" من خالد و هو يقول: و أنا أيضاً سأغادر قبل شروق الشمس فأنا يا خالد من جن العراق و المسافة أقرب إلى ديارنا لكن سأنهي أموراً أوصاني بها "طارخ" في قبيلة الجن الكافر, لكن يعلم الله يا خالد إنني أحببتك... أجاب خالد: أحبك الله الذي أحببتني فيه تدخل في الحديث "شرعيل" قائلاً: لقد أتينا و لك في قلوبنا تقديراً و أجلال و التقيناك فازددنا لك حباً, حتى جنودي أحبوك... خالد: شكراً لك يا "شرعيل"... تابع خالد مبتسماً و هو يوجه كلامه إلى طارخ: أليس معك جنداً يا "ضعفن"؟ رد "ضعفن" قائلاً: بلا يا خالد. لقد جئتُ من بلادي و معي 300 ألف فارس و مع "شرحيل" 100 ألف إضافة إلى 700 ألف فارس من فرسان هذه القبيلة, لذلك حين سمعت القبيلة الكافرة بعددنا استسلمت و رضخت رغم أن من أجتمع لهم من حلفائهم يفوق عددنا لكن كان الله معنا... قال "شرعيل" و هو يربت على كتف خالد: سنصلي الفجر و نغادر... تكلم طارخ قائلاً: باسمي و اسم قبيلتنا أشكركما يا"شرعيل" و" ضعفن" على حضوركما و باسم كل قبائل الجن المسلمة أشكرك يا خالد على صنيعك و نثمن لك وجودك , الفضل بعد الله لك... كانت فتائل للحرب لا تخمد لكن الله يسرك لتكون العزة لمن ارتضى و تثبت هزيمتهم في أصقاع المعمورة... أجاب خالد: إن الشرف لي , فمن يتسنى له هذا الشرف ليكون في ضيافة الجن... و أي جن؟ ..جنٌ ملكوا كل الشهامة و الكرم... "طارخ":هيا يا خالد ..أدخل و توضأ... قد لا نلتقي بعد الصلاة.. فنم قرير العين و تستطيع الرحيل متى شئت... دخل خالد و توضأ... حين خرج وجد نفسه أمام مفاجأة جديدة... كان كل شيء مختلفاً... مشهدٌ غريب بحق جعل خالد يتعثر و هو يحاول العودة إلى الحمام... وجد المجلس خاوياً خالياً... لا أحد فيه... لم يجد إلا شخصاً واحداً يقف في إحدى أركان الغرفة و ملصقاً وجهه بالجدار... لم يكن هذا الشخص سوى فتاة في ريعان الصبا, شعرها أسود طويل يتجاوز ظهرها ليصل إلى عجزها... هم خالد بالعودة إلى الحمام فلا بد أنه خرج من باب آخر و إلى مكانٍ آخر... فالغرفة تبدوا أصغر كثيراً من المجلس الذي كان فيه... إضافةً إلى أن لا أحد من الجن هنا, لا "طارخ و لا شرعيل و لا ضعفن" لا أحد سوى هذه الفتاة الجديدة... تعثر خالد و هو يحاول العودة إلى الحمام و كاد أن يسقط على وجهه... خاطبته الفتاة قائلة: على رسلك يا خالد.. ما بك؟ توقف خالد و التفت إليها مطرقاً يرأسه إلى الأرض و قال: آسف.. فلا بد أنني خرجت إلى مكانٍ آخر... أجابته الفتاة: لا تقلق يا خالد, هو نفس المكان... تلعثم خالد قبل أن يسأل قائلاً: و هل تعرفين أسمي؟ نعم أعرف أسمك, و أنت ألا تعرف أسمي.؟ أجاب خالد : لا...أبداً... ضحكت الفتاة قبل أن تقول: هل نسيتني بهذه السرعة؟ تابعت كلامها قائلة: ما فتأت تقبلني يا خالد منذ رأيتني أول مرة... نظر خالد إلى الفتاة بطرف عينه و هو يقول: هل تعنيني أنك "زيزفونة"؟ أجابت الفتاة و هي تبتسم: نعم يا خالد,أنا "زيزفونة"... نظر إليها خالد فأسره ما رآه .. فتاةٌ جميلة... بل رائعة الحسن, لم ير خالد مثلها قط... ترتدي ثوباً أسود طويل بأكمامٍ قصيرة... عيناها واسعتان... يتماوج فيهما لون أخضر ممزوج بسوادٍ آسر... بيضاء كالقمر يوم تمامه... يظهرها ثوبها الأسود و كأنها هالة نور تنبعث من بين السحب... شعرها الطويل يتلألأ و كأنه أمواج تعكس أنوار النجوم الخافتة... وجهها صافٍ كوجه الوليد... و حمرة تنبعث من وجنتيها و كأنهما زهرتين ورديتين... نقشُ حناء على كفيها يصل إلى نصف الساعدين... نقشٌ و كأنه أغصاناً تشابكت لترسم للجمال صورة... نظر خالد إلى قدميها ليراهما بلونِ شمس الصباح و بنقش حناءٍ يأسر اللب و يوهن الفؤاد... عاد خالد ينظر إلى وجهها من جديد ليُقابل بنظرات أقل ما يقال عنها أنها تجعل اللبيب المفوه يعجز عن كل قول سوى التسبيح... و هذا ما فعله خالد إذ قال: سبحان الخلاق.. أردف قائلاً: هل أنتي "زيزفونة" الطفلة؟ أجابته ضاحكة: نعم يا خالد.. أنا الطفلة"زيزفونة" التي رفضت الزواج بها... قال خالد بسرعة: أوافق أنا موافق...سأتقدم طالباً يدك من جديد... زيزفونة: و هل ستعود و تخبره أنك ستتزوج من طفلة؟ صمت خالد برهة قبل أن يقول: ألهذا كان يقول والدك أنك لستِ بطفلة؟ أجابته: نعم و لهذا كان ينظر إليك أهل القبيلة بحنق... خالد: كل تلك النظرات الغاضبة كانت حاقدة عليّ "زيزفونة": نعم .. الم تكن تُقَبِل ابنة مليكهم الطفلة و التي لم تكن في حقيقة الأمر سوى فتاة بلغت سن الرشد؟ خالد بتعجب:يا إلهي ألهذا غضب "طارخ"؟ "زيزفونة": هذا صحيح يا خالد... سأل خالد بحزن: وهل يغار عليك "طارخ" أجابته "زيزفونة"قائلة: و لَم لا... الستُ ابنة عمه؟ صمت خالد قبل أن يقول و كأنه يبغي إجابة معينة: لا بد أن من الجن من خطبك... قالت زيزفونة" و بلا مبالاة: نعم هم كُثر و قد كُنت أنت المقدم عليهم و الأحق بالأمر منهم... خالد بتعجب: أنا؟ مقدم على باقي الجن؟ قالت زيزفونة بهدوء: كان لك الأفضلية حتى على "طارخ"... سألها خالد بانكسار: هل تعنين أنك ستتزوجين "طارخ"؟ ردت "زيزفونة" قائلة:لا.. "طارخ" يحب "راما" و سيتزوجها دمت أنا من تسعى له في الموضوع... خالد: من "راما" هذه؟ هل هي أختك؟ أجابت "زيزفونة" قائلة: "راما" ؟ لا يُذكر الجمال في عالم الجن إلا و ذكرت "راما"... سألها خالد متعجباً: و هل هناك من هي أجمل منكِ؟ قالت "زيزفونة" بثقة: بالتأكيد لا... فبلا فخر يا خالد.. أنا أجمل فتاة في قبائل الجن, وهذا ليس رأيي بل هو رأي فرسان قبائل الجن و تصنيف مجلس الجن... اكتسى وجه خالد حزناً و هو يسأل: إذاً ستتزوجين واحداً من الذين تقدموا لخطبتك... قالت "زيزفونة" باسمة: كلهم يا خالد أقل من أن يُذكروا إلا "ضعفن"... سأل خالد: و هل طلبك "ضعفن" للزواج؟ "زيزفونة": نعم .. طلبني أكثر من مرة لكنني لم أوافق.. و هذا ما جعلني أغادر حين حضر, فتخيل أنك قبَّلتني في حضوره ماذا تتوقع أن يحدث لقلبه؟ سألها خالد: و هل يحبك "ضعفن " لهذه الدرجة؟ أومأت "زيزفونة برأسها إيجاباً... تابع خالد كلامه فقال: لكن لماذا لم توافقي ؟فيه عيب أليس كذلك؟ قالت "زيزفونة": على العكس يا خالد.. لا عيب في "ضعفن" أبداً بل فيه كل الصفات التي تتمناها أي"جنية" في فارس أحلامها فهو واحدٌ من أفضل الشباب و أوسمهم و من أشجع الفرسان بعد "طارخ"... خالد: إذاً لماذا لم توافقي عليه؟ أجابت زيزفونة: لأنني أعتبره مثل أخي فقد تربى "ضعفن" في قبيلتنا معي و مع "طارخ" منذ الطفولة حتى أشتد عوده, وكنت أراه أخاً لي لا أكثر... سألها خالد بتوجس: و هل في قلبك أحد من الجن يا"زيزفونة"... أجابته: و هي تنظر إليه باسمة:حتى الآن لا... قلبي خالي... قال خالد و بسرعة: إذاً هل تقبلين الزواج بي؟ ثم تابع موضحاً كلامه: لو طلبتك من الشيخ" خوصان" هل ستوافقين؟ تنهدت "زيزفونة" قبل أن تقول: لن يستقيم الأمر يا خالد... سألها خالد بحزن: لماذا؟ هل لأنني لست أبن ملك؟ "زيزفونة": ليس للمُلك عندي أهمية خالد و قد برقت في عينيه لمحة أمل: إذا سيستقيم الأمر يا"زيزفونة"... ضحكت زيزفونة قبل أن تقول بألم: و من سيسكن في عالم الآخر؟ من سيتخلى عن حياته ليلتحق بالآخر؟ و هل تستطيع أن تعيش في عالمنا؟ أجاب خالد: و هل أعيش معكم في الليل ثم تختفون و تتركونني نهاراً تابع خالد بتردد: أرى أن الزوجة هي من تلتحق بزوجها... قالت زيزفونة وبابتسامة مكسورة: لن تستطيع أن توفر لي أبسط احتياجاتي يا خالد, المأكل و المشرب...خالد: ماذا تعنين؟ لم أفهم "زيزفونة": كيف أأكل و أشرب؟ هل تستطيع أن توفر لي طعامي؟ أم تريدني أن أرجع إلى قبيلتي كلما اشتهيت الطعام؟ و هل تظن أن أباً سيقبل بذلك؟ خالد: بل سأوفر لك طعامك بالتأكيد... "زيزفونة": إذاً لضربوا عليك حكماً قاطعاً بجنونٍ أو بِرِدة... خالد: لماذا؟ "زيزفونة": هل تعرف يا خالد ما هو طعامنا نحن الجن؟ أجاب خالد بلهجة الواثق:نعم, العظام؟ قالت"زيزفونة": العظام و أشياء أخرى فهل ستبحث عنها عند القصابين و على أطراف المقابر؟ لو فعلتها يا خالد لحكموا عليك انك ساحر أكملت زيزفونة كلامها بجدية قائلة: و الأهم من ذلك, هل تستطيع أن توفر لي ما أحتاج إليه من "الزئبق الأحمر"؟ سألها خالد بتعجب: أنا أعرف الزئبق, لكن "زئبق أحمر" لم أسمع به قبلاً, فما هو... أجابته "زيزفونة": هو غير الزئبق الذي تعرفه, هذه المادة مهمة في عالم الجن, و مهمة جداً لملوك الجن و لمردة الشياطين على حدٍ سواء... لا يملكها إلا قليل في عالم الجن, و لا يعرف أماكن تواجدها أنسٌ و لا جان, إلا أن يجدها من حالفه الحظ, وهذه المادة محور حروبٍ طاحنة بين الجن منذ القدم يستخدمون معها كل شيء و يستعين البعض من أجلها بالسحرة و بإبليس نفسه... همت "زيزفونة" بتكملة حديثها عن الزئبق الأحمر غير أنها صمتت فجأة و كأن أمراً وصلها بعدم الإفصاح أكثر... تناهى إلى سمه خالد صوت المؤذن و هو يقيم الصلاة... هم خالد بالخروج غير أن "زيزفونة" سدت الطريق في وجهه الجزء العاشر و الأخير قال خالد: "زيزفونة" ستفوتني صلاة الجماعة... أجابته"زيزفونة" و هي تشير إلى اتجاه القبلة: صلي هنا و هذا اتجاه مكة... سألها خالد متعجباً: و هل أصلي وحدي و أضيع أجر الجماعة؟ زيزفونة: منذ متى تهتم بصلاة الجماعة؟ أجابها باسماً: من اليوم, فبعد أن رأيت ما رأيته في عالمكم سألازم باب مؤذن حينا... ضحكت "زيزفونة" من كلام خالد وهي تقول: لكنك لن تستطيع أن تصلي معنا؟ سألها خالد: و لماذا ؟ هل صلاتكم مختلفة؟ أجابته زيزفونة: لا ليست مختلفة, لكن أنت تعرف يا خالد أن الصلاة إقبالٌ على الله بكل الجوارح و التجرد من كل أمور الدنيا, لا رياء و لا ادعاء فكيف سنتشكل في الصلاة... خالد: صدقتِ يا "زيزفونة": فبأس العبد من يرضي الناس على حساب مولاه... إذا سأصلي هنا... بعد الصلاة, تستطيع أن تنام يا خالد و إذا استيقظت لصلاة الظهر تستطيع أن تكمل نومك أو تتابع سفرك متى شئت فنحن لن نكون هنا لأننا لا نظهر بعد شروق الشمس... قال خالد بحزن: هل هو الفراق يا "زيزفونة"؟ ألن أراكي من جديد؟ أجابته "زيزفونة" و في وجهها مسحة حزن: لا يا خالد ليس الفراق... حين ترحل تستطيع زيارتنا إذا أردت... ما عليك إلا أن تتحرى ليالي غياب القمر و تحضر إلى أطراف الوادي ليلاً و نحن سنرسل أليك من يحضرك... تابعت "زيزفونة" كلامها و هي تقول: سأعود إليك بعد أن تصلي... غادرت "زيزفونة" و أغلقت الباب بهدوء ليشعر خالد أن روحه قد غادرت معها... وقف خالد باتجاه القبلة و استعد للصلاة... هم بالتكبير لكنه تذكر "زيزفونة"... أغلق عينيه... جمع صورتها مع كل ما يشغل باله و طرحه جانباً... أقبل خالد على ربه بكل جوارحه و بخشوع و سكينة... همس بقوله: اللهم أحسن وقوفنا بين يديك... صلى صلاته في سكينة... حين انتهى ذكر الله وشكره على نعمه... حمد الله على فضله و على حفظه له... انتظر حضور "زيزفونة" بقلبٍ حزين...تأخرت فبكى من الشوق... ألن تحضر ليودعها ؟ ألن يراها لآخر مرة؟ استلقى مكانه و بدأ النوم يداعب جفونه... تنبه إلى قرعٍ على الباب... رفع رأسه بتثاقل و هو يقول: تفضل... فُتِح الباب فدخلت زيزفونة... رآها كما رآها أول مرة... فتاة صغيرة في الثانية و النصف أو الثالثة من عمرها... كالقمر... ترتدي جلباباً أبيض مائل إلى الحُمرة... شعرها كستنائي اللون ممتد على ظهرها بشكل جديلة... تأكد خالد من شعوره بجمالها و ولوجها إلى الروح دون عناء... كانت تمسك في يدها وسادة بالكاد تسحبها... تقدمت منه و هي تناوله الوسادة... جلس خالد على ركبتيه و حين اقتربت "زيزفونة" أحتضنها بقوة... أخذ يقبلها فسكنت بين يديه كطفلٍ وديع... وجدها رقيقة كنسمات الصباح... أستنشقها بقوة... رائحتها عبِقة, ليست رائحة عِطرٍ أو طيب.. و لا رائحة العشب الأخضر... هذه المرة كانت برائحة ماء السماء... رائحة المطر... ضمها خالد إليه بقوى فبكى... تململت قليلاً ثم ابتعدت... رأى في عينيها دمعة حائرة... قالت"زيزفونة" بألم: لا يصح يا خالد فلا عذر لك بعد الآن... تابعت قائلة: لن يعذرك أهل القبيلة و قد علمت الآن أنني لست بطفلة... سالت دمعة على خد خالد و هو يقول: أهو الفراق؟ لم تجبه "زيزفونة"على سؤاله لكنها اقتربت منه... أمسكت رأسه بكلتا يديها...طبعت قبلة حانية على جبينه... أمالت "زيزفونة" رأس خالد فاستجاب لها و استلقى على الوسادة... جلست جوار رأسه... نظرت إلى عينيه... كان يستجديها ببصره... مسحت دموعه بكفها الصغير... مدت يدها في الهواء لتسحب غطاءً لم يكن موجوداً و كأنها أحضرته من الفراغ... غطته و دون أن تتكلم أشاحت بوجهها بعيداً و أغمضت عينيها... بدت و كأنها تسبح بأذكار الصباح... و رغم شعور خالد بالتعب إلا أن النوم قد جافاه... ما زالت عيناه مفتوحتان... فجأة نظرت إليه"زيزفونة" لتجده ينظر إليها... ابتسمت.. تنهدت بانكسار... اقتربت من رأسه فنفخت في وجهه رائحة كالريحان ليغط بعدها في نومٍ عميق... لم يشعر خالد إلا بأشعة الشمس و هي تلفح وجهه... فتح عينيه ليصطدم بصره بالشمس و هي في كبد السماء... نظر حوله ليجد نفسه في صحراء قاحلة... أرتعب خالد خاصة حين وجد نفسه مغطاً بالرمال إلى رقبته... أما الوسادة, فلم تكن أكثر من صخرة كبيرة ملساء تم اختيارها بعناية... أزاح خالد الرمال التي كانت بمثابة الغطاء من على جسده... حاول زعزعة الصخرة فوجدها ثقيلة جداً... وجد أثراً للصخرة ما يعني أنه تم سحبها من مكانٍ بعيد... وجد خالد انه تحت جبل صغير و الذي كان يقيه الشمس منذ الصباح و حتى الآن... نظر إلى ساعته ليجد أن الوقت هو وقت صلاة الظهر... تلفت خالد حوله مرة أخرى فلم يجد أثراً لحياة... خفق قلبه رعباً... طار صوابه, غير إن نسمة باردة لامست وجهه فهدأ قليلاً... قرر أن يغادر و أن يصلي الظهر في أقرب استراحة في الطريق... قام من مرقده فوجد آثاره القديمة حين حضر, ولا خطوة أخرى معه... تبع خطواته رغبة في العودة إلى حيث سيارته... مشى و هو يفكر, هل كان هذا حلمٌ أم تراه مشى هائماً دون أن يدري؟ هل ما عاشه حقيقة أم مجرد خيال و تصورات؟ توقف خالد في نقطة معينة... إذاً لم يكن حلماً... هنا قابل ذلك المخلوق الذي أراد أن يريه الشكل الحقيقي للجن... عرف ذلك من آثاره حين جلس.. و حين بكى.. و حين حبى, لكن.. لا آثار للجني... هناك فقط آثارٌ يعرفها جيداً... آثار أقدام صغيرة... هي ..آثار "زيزفونة" و في نفس المكان فقط ثم انقطعت... كانت حقيقة إذاً... واصل خالد طريقه ليصل إلى حيث شجرة كبيرة... جرداء من الورق.. ليس فيها إلا أغصان جافة... في قمة الشجرة, غراب كبير ينعق... هنا كان الجني المأسور قابعاً و إلى هذه الشجرة كان مربوطاً... أطلق خالد ساقيه للريح و هو يقرأ آية الكرسي... خرج خالد من بين جبلين ليجد سيارته في نفس المكان الذي نزلا منها في هو و "طارخ" بعد وصولهما ليلاً... ركب خالد سيارته و أدار محركها... قبل أن ينطلق ألقى نظرة إلى الخارج ليفاجأ بأمرٍ آخر... لاحظ أن هناك خطوات كانت تتبعه... خطوات كانت ترافق خطواته دون أن ينتبه... لاحظ أيضاً أن الخطوات وصلت معه إلى باب سيارته ثم انحرفت باتجاه مؤخرة السيارة ... أرتعب خالد من أمر هذه الخطوات كثيراً... (لحظة), هي كلمة قالها خالد فالخطوات لقدمين صغيرتين... نعم.. إنها خطوات"زيزفونة"... نزل خالد من السيارة على عجل... تبع الخطوات باتجاه مؤخرة السيارة ليجدها و قد توقفت خلف السيارة تماماً... امتقع وجه خالد فصاح"يا الله"... في الخلف, لم تكن خطوات زيزفونة وحدها... بل معها خطوات مرعبة.. كبيرة... قدمٌ ممسوخة بثلاثة أصابع كأصابع الدجاج و أصبع رابع يبدو أنه ينبت من باطن القدم لينغرس في الأرض مع كل خطوة... اختلطت تلك الخطوات مع خطوات زيزفونة لتنقطع الخطوات الصغيرة على مسافة قريبة باتجاه الصحراء و تظل الخطوات الكبيرة و التي بدورها تلاشت على بعد خطوات في غياهب الصحراء... صاح خالد و هو يردد"زيزفونة" لا بد أن القبيلة الأخرى أخذتها أسيرة... يتخيلها في قبضة قبيلة الجن الكافرة... يتخيل أجمل فتاة في يد من لا يرعون براءة و لا ذمة... يراها في يد ابن ملك القبيلة الكافرة... لن يرحموها فهي ابنة ملك الجن... تخيل حال والدها الشيخ "صوخان" و حال شقيقه" هيدبا"... تخيل اغتمام "طارخ" و حزن "شرعيل" تخيل بكاء "ضعفن" على حبه و حلمه الذي ضاع... تخيل انكسار فرسان القبيلة و رجالها... شعر خالد بقشعريرة قوية تسري في جسده... أحس و كأن شخصاً يحاول لمسه... رفع خالد صوته مكبراً و مهللاً... قال بصوت عالٍ: يا الله قرأ المعوذتين و صدح بآية الكرسي... عاد إلى سيارته... ركبها خائفاً و جلاً... بكى بصمت حتى حجبت الدموع عنه الرؤيا... لكن لم يتوقف الأمر عند هذا الحد... بل شعر بشي أبيض يتساقط من سقف سيارته... رفع خالد رأسه ليفاجأ بمادة بيضاء كالدقيق تسقط على رأسه... استنشق من تلك المادة دون أن ينتبه فوجد لها رائحة قوية جداً... هم خالد بالنزول من السيارة , و ما أن فتح الباب حتى سقط على جنبه لا يقوى حراكاً... رأى خالد كما يرى النائم... أو لنقل أنه رأى و كأن شاشة كبيرة قد فتحت أمام ناظريه... رأى في الشاشة عجباً... رأى فيها كل شيء... رأى خالد نفسه حين استيقظ و هو مغطى برمال الصحراء... رأى الصورة كما عاشها تماماً... رأى خوفه و هلعه... رأى محاولته زحزحة الصخرة... كل شي كما حدث تماماً إلا أمر واحد... في الشاشة يرى أنه لم يكن لوحده... كانت "زيزفونة" عند رأسه حين استيقظ... رآها تضحك منه و هو يحاول تحريك الصخرة... و حين سكن الخوف في قلبه, رآها تنفخ في وجهه بهدوء فسكن خوفه قليلاً... كانت تتبعه بطفولة بريئة... وحين وصل الشجرة كانت جواره... أما ما رآه غراباً ففي الحقيقة هو جني يحرس حدود القبيلة... حين وصل إلى سيارته أيضاً كانت معه و حين نزل يتبع خطواتها إلى مؤخرة السيارة أيضاً... و ما ظنه خالد فرد من القبيلة الكافرة لم يكن في الحقيقة إلا وجهٌ يعرفه... كان أيضاً من الجن لكن الوجه وجه "طارخ" أما الجسد فكان غريباً جداً... كائن طويل, يمتد عنقه بعيداً في السماء... له ثلاث أجنحة لحمية عظيمة كأجنحة الخفافيش... بأصبع كبير في باطن قدمه يغوص في عمق الأرض ليزيد الجسد ثباتاً على الأرض... كائن تظهر على ملامحه القوة و انه شديد البأس... إذاً فقد حضرت زيزفونة تودعه... أما شعوره بالقشعريرة و إحساسه بأن هناك من يحاول لمسه فهو صحيح... لأنه حين خاف, حاولت "زيزفونة" أن تحتضنه و تنفخ في وجهه ليهدأ غير إن طارخ منعها... رأى "زيزفونة" تركض و جوارها طارخ الذي فرد جناحه و هو يحيط زيزفونة بعنقه... ركبت زيزفونة على ظهره و وقفا ينظران إلى خالد... و حين صاح خالد قائلاً: يا الله... رق قلب "طارخ" له خاصة و أن خالد ظهر كمن بدأ يفقد عقله... فنفث "طارخ" من أنفه مادة بيضاء استنشقها خالد لتعيد له صورة ما حصل فيطمئن قلبه... تحرك خالد و عدل من جلسته... نظر حوله... ابتسم براحة تامة... رفع يده ملوحاً في كل الجهات... صاح بأعلى صوته: مع السلامة يا"زيزفونة" إلى اللقاء يا "طارخ"... تابع خالد كلامه بصوت عالٍ فقال: بلغوا شكري للشيخ"خوصان" و للشيخ هيدبا... أغمض عينيه قليلاً قبل أن يصيح قائلاً: شكراً لكم جميعاً يا أهل الوادي تذكر خالد قول الله تعالى( و إنه كان رجال من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقا)... صمت خالد قبل أن يحمد الله... لم ينسى خالد أن يستعيذ بالله من شر ما خلق و ذرأ و برأ... قرأ خالد دعاء السفر و انطلق متابعاً رحلته... وهذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين اتمنى انها تعجبكم[/B][/COLOR][COLOR=red][B] انتظر ردودكم [/B][/COLOR] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
..استضافة الجن..
أعلى