القصة ورد ما يشبهها في "صحيح مسلم" برقم (2236)-كتاب الحيوان، باب قتل الحيات وغيرها-:
أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته، قال فوجدته يصلي، فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته، فسمعت تحريكًا في عراجين في ناحية البيت، فالتفت فإذا حية، فوثبت لأقتلها، فأشار إلي أن اجلس، فجلست.
فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار، فقال: أترى هذا البيت؟ فقلت: نعم. فقال: كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس، قال: فخرجنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الخندق، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله، فاستأذنه يومًا، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " خُذ عليك سلاحَك، فإني أخشى عليك قُريظة "، فأخذ الرجل سلاحه، ثم رجع فإذا امرأته بين البابين قائمة، فأهوى إليها الرُّمح ليطعنها به، وأصابته غَيرة، فقالت له: اكفف عليك رمحك، وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني. فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش. فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به، ثم خرج فركزه في الدَّار، فاضطربت عليه. فما يدري أيهما كان أسرع موتًا؛ الحية أم الفتى؟
قال: فجئنا إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- فذكرنا له، وقلنا : ادع الله يحييه لنا، فقال: " استغفروا لصاحبكم "، ثم قال: " إن بالمدينة جنًّا قد أسلموا، فإذا رأيتم منهم شيئًا فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه؛ فإنما هو شيطان ".
ومعنى الحديث أنقلُه لكِ من شرح الإمام النووي على "صحيح مسلم"؛ قال -رحمهُ الله-:
(( قولُه -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: "فآذنوه ثلاثة أيام، فإن بدا لكم بعد ذلك؛ فاقتُلوه؛ فإنَّما هو شيطان"؛ قال العلماء: معناه: وإذا لم يذهب بالإنذارِ؛ علِمتُم أنه ليس من عوامر البيوت، ولا ممن أسلمَ من الجن؛ بل هو شيطان؛ فلا حُرمةَ عليكم؛ فاقتُلوه، ولن يجعل الله له سبيلًا للانتِصار عليكم بثأرِه، بخلاف العوامر، ومَن أسلم. والله أعلم )).
وهذه فتوى للشيخ ابن باز -رحمه الله- لعل فيها مزيد توضيح:
س/ جاء في صحيح البخاري حديث أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقتل الحيات كلها، فقال له أحد أصحابه: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل جنان البيوت، سؤالي: ما هي جنان البيوت؟
ج/ هذا صحيح، والذي نهاه أبو لبابة الأنصاري وجُنَّان* البيوت هم المقيمون بها، الساكنون فيها مثل الحيات. إذاً الصحيح: أن نقول جُنَّان البيوت ؟ نعم، يستأذن ويقال له إن عدت قتلناك ثلاث مرات فإن عاد قتل، أمر النبي صلى الله عليه وسلم- أن يحذر ثلاث مرات، وينذر ثلاث مرات فإن عاد قتل، وأما إذا وجد في الصحراء أو في الطريق أو في المسجد يقتل، لأنه يؤذي الناس.
* قال النووي في ضبطِها: (( قوله: "نهى عن قتلِ الجِنَان": هو بجيمٍ مكسورة، ونون مفتوحة ، وهي الحيات، جمع جان، وهي الحية الصغيرة، وقيل: الدقيقة الخفيفة، وقيل: الدقيقة البيضاء )).
بارك الله فيكِ