بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
فـ دانيال عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل ممن لا يُعلم وقته على اليقين، إلا أنه كان في الزمن الذي بعد داود ، وقبل زكريا و يحيى عليهم السلام، وكان في الوقت الذي قدم فيه بختنصر إلى بيت المقدس وخربه، وقتل فيه من قتل من بني إسرائيل وسبى من سبى وأحرق التوراة. وقيل: إنه أسر دانيال الأصغر، وقيل: بل وجدوه ميتاً عندما دخل بختنصر بيت المقدس، والظاهر أنه كان في بني إسرائيل دانيال الأكبر و دانيال الأصغر. والله أعلم.
وقد أورد ابن أبي الدنيا بإسناده إلى عبد الله بن أبي الهذيل أن بختنصر سلط أسدين على دانيال بعد أن ألقاه في جُب -أي بئر- فلم يفعلا به شيئاً. فمكث ما شاء الله تعالى ثم اشتهى ما يشتهي الآدميون من الطعام والشراب، فأوحى الله إلى أرمياء وهو من أنبياء بني إسرائيل وهو بالشام أن أعد طعاماً وشراباً لـ دانيال . فقال: يا رب أنا بالأرض المقدسة، و دانيال بأرض بابل من أرض العراق، فأوحى الله إليه أن أعد ما أمرناك به فإنا سنرسل من يحملك ويحمل ما أعددت، ففعل وأرسل إليه من حمله وحمل ما أعده حتى وقف على رأس الجب، فقال دانيال من هذا؟ قال أنا أرمياء فقال: ما جاء بك؟ فقال: أرسلني إليك ربك، قال: وقد ذكرني ربي؟ قال: نعم. فقال دانيال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي يجيب من دعاه، والحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً. والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا وكربنا، والحمد لله الذي يقينا حين يسوء ظننا بأعمالنا، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا…
واشتهر أن الصحابة رضي الله عنهم عثروا على قبره عندما فتحوا (تستر) ثم أمرهم عمر بن الخطاب أن يغيبوا قبره خشية أن يتخذه الناس معبداً أو يشرك بالله عنده. وقيل إن الذي وجدوه رجلاً صالحاً. والأول أشهر.
وأخرج ابن أبي الدنيا بإسناد حسن -كما قال الحافظ ابن كثير- عن أبي الزناد قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسى الأشعري خاتما نقش فصه (أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل) قال أبو بردة وهذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم أهل هذه البلدة أنه دانيال أخذه أبو موسى يوم دفنه أي يوم دفن دانيال . قال أبو بردة فسأل أبو موسى علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا: إن الملك الذي كان دانيال في سلطانه، جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد كذا وكذا غلام يُذهب ملكك ويفسده، فقال الملك: والله لا يبقى تلك الليلة مولود إلا قتلته. إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه ولم يضراه. فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله بذلك حتى بلغ ما بلغ. قال أبو موسى : قال علماء تلك القرية: فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك.
هذا باختصار ما اقتبسته من تاريخ الحافظ ابن كثير (البداية والنهاية).
ولا يخفى أن ما جاء في قصته هو من أخبار بني إسرائيل التي لم يثبت فيها شيء عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلا حرج في روايتها لأنها لا تخالف شيئاً من شريعة الإسلام، وهذا داخل تحت عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " كما أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره.
كتبه الشيخ عبدالله الفقيه .
*********
قد يسأل البعض ما حكم تسمية المولود بـ (دانيال) ؟
فقد سئل الشيخ عبدالرحمن ناصر البراك ( لدي مولودة وأريد أن أسميها "دانيال"؛ وذلك نسبة للنبي "دانيال"، فهل يجوز؟ )
فقال : الحمد لله، الأسماء التي يتسمَّى بها الناس، ويسمون بها أولادهم منها ما هو مستحب كتسمية المولود عبد الله، أو عبد الرحمن، وكذلك التسمية بأسماء الأنبياء فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" (رواه مسلم: 2332 من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما).، وصح عنه أنه قال: "تسموا بأسماء الأنبياء" (رواه أبو داود: 4950، والنسائي: 3565 من حديث أبي وهب الجُشَمي رضي الله عنه).
ومنها ما هو مكروه أو خلاف الأولى، كالتسمية بما يتضمن التزكية للمسمى مثل بر وبرة وإيمان وهدى ورباح.
ومنها ما هو جائز كالتسمية بالأسماء المعروفة المشهورة مثل علي وعمر وعثمان، ومن أسماء النساء منى وسعاد وزينب.
ومن الأسماء ما هو محرم كالأسماء المعبدة لغير الله كعبد النبي، وعبد الحسين، وقد أجمع العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله.
ومن الأسماء الحسنة ما كان معبداً لاسم من أسماء الله كعبد العزيز وعبد الملك وعبد الرحيم وعبد الجبار.
ومن أحسن الأسماء ما كان مطابقاً لواقع الإنسان كحارث وهمام، كما قال صلى الله عليه وسلم في الأسماء: "وأصدقها حارث وهمام" (سبق تخريجه).
ومن الأسماء المستكرهة التسمية بالأسماء الدالة على معانٍ مكروهة مثل حرب ومرة.
وأما ما سألت عنه من تسمية المولود أو المولودة باسم النبي "دانيال" فلا بأس به خصوصاً إذا كان المولود ذكراً، أما إذا كان أنثى فلا ينبغي أن تسمى "دانيال"؛ لأنه لا يليق أن تسمى الأنثى باسم نبي من الأنبياء، لأن الأنبياء كلهم رجال، كما لا يليق أن تسمى الأنثى بعمر وعثمان لأن هذه من أسماء الرجال، فلو سميت بها الأنثى لكان بذلك لبس وتوهيم للسامع، والله أعلم.
هذا وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.
فـ دانيال عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل ممن لا يُعلم وقته على اليقين، إلا أنه كان في الزمن الذي بعد داود ، وقبل زكريا و يحيى عليهم السلام، وكان في الوقت الذي قدم فيه بختنصر إلى بيت المقدس وخربه، وقتل فيه من قتل من بني إسرائيل وسبى من سبى وأحرق التوراة. وقيل: إنه أسر دانيال الأصغر، وقيل: بل وجدوه ميتاً عندما دخل بختنصر بيت المقدس، والظاهر أنه كان في بني إسرائيل دانيال الأكبر و دانيال الأصغر. والله أعلم.
وقد أورد ابن أبي الدنيا بإسناده إلى عبد الله بن أبي الهذيل أن بختنصر سلط أسدين على دانيال بعد أن ألقاه في جُب -أي بئر- فلم يفعلا به شيئاً. فمكث ما شاء الله تعالى ثم اشتهى ما يشتهي الآدميون من الطعام والشراب، فأوحى الله إلى أرمياء وهو من أنبياء بني إسرائيل وهو بالشام أن أعد طعاماً وشراباً لـ دانيال . فقال: يا رب أنا بالأرض المقدسة، و دانيال بأرض بابل من أرض العراق، فأوحى الله إليه أن أعد ما أمرناك به فإنا سنرسل من يحملك ويحمل ما أعددت، ففعل وأرسل إليه من حمله وحمل ما أعده حتى وقف على رأس الجب، فقال دانيال من هذا؟ قال أنا أرمياء فقال: ما جاء بك؟ فقال: أرسلني إليك ربك، قال: وقد ذكرني ربي؟ قال: نعم. فقال دانيال : الحمد لله الذي لا ينسى من ذكره، والحمد لله الذي يجيب من دعاه، والحمد لله الذي من وثق به لم يكله إلى غيره، والحمد لله الذي يجزي بالإحسان إحساناً. والحمد لله الذي يجزي بالصبر نجاة، والحمد لله الذي هو يكشف ضرنا وكربنا، والحمد لله الذي يقينا حين يسوء ظننا بأعمالنا، والحمد لله الذي هو رجاؤنا حين تنقطع الحيل عنا…
واشتهر أن الصحابة رضي الله عنهم عثروا على قبره عندما فتحوا (تستر) ثم أمرهم عمر بن الخطاب أن يغيبوا قبره خشية أن يتخذه الناس معبداً أو يشرك بالله عنده. وقيل إن الذي وجدوه رجلاً صالحاً. والأول أشهر.
وأخرج ابن أبي الدنيا بإسناد حسن -كما قال الحافظ ابن كثير- عن أبي الزناد قال: رأيت في يد أبي بردة بن أبي موسى الأشعري خاتما نقش فصه (أسدان بينهما رجل يلحسان ذلك الرجل) قال أبو بردة وهذا خاتم ذلك الرجل الميت الذي زعم أهل هذه البلدة أنه دانيال أخذه أبو موسى يوم دفنه أي يوم دفن دانيال . قال أبو بردة فسأل أبو موسى علماء تلك القرية عن نقش ذلك الخاتم فقالوا: إن الملك الذي كان دانيال في سلطانه، جاءه المنجمون وأصحاب العلم فقالوا له: إنه يولد كذا وكذا غلام يُذهب ملكك ويفسده، فقال الملك: والله لا يبقى تلك الليلة مولود إلا قتلته. إلا أنهم أخذوا دانيال فألقوه في أجمة الأسد فبات الأسد ولبوته يلحسانه ولم يضراه. فجاءت أمه فوجدتهما يلحسانه فنجاه الله بذلك حتى بلغ ما بلغ. قال أبو موسى : قال علماء تلك القرية: فنقش دانيال صورته وصورة الأسدين يلحسانه في فص خاتمه لئلا ينسى نعمة الله عليه في ذلك.
هذا باختصار ما اقتبسته من تاريخ الحافظ ابن كثير (البداية والنهاية).
ولا يخفى أن ما جاء في قصته هو من أخبار بني إسرائيل التي لم يثبت فيها شيء عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومع هذا فلا حرج في روايتها لأنها لا تخالف شيئاً من شريعة الإسلام، وهذا داخل تحت عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: " وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج " كما أشار إلى هذا المعنى الحافظ ابن كثير في مقدمة تفسيره.
كتبه الشيخ عبدالله الفقيه .
*********
قد يسأل البعض ما حكم تسمية المولود بـ (دانيال) ؟
فقد سئل الشيخ عبدالرحمن ناصر البراك ( لدي مولودة وأريد أن أسميها "دانيال"؛ وذلك نسبة للنبي "دانيال"، فهل يجوز؟ )
فقال : الحمد لله، الأسماء التي يتسمَّى بها الناس، ويسمون بها أولادهم منها ما هو مستحب كتسمية المولود عبد الله، أو عبد الرحمن، وكذلك التسمية بأسماء الأنبياء فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن" (رواه مسلم: 2332 من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما).، وصح عنه أنه قال: "تسموا بأسماء الأنبياء" (رواه أبو داود: 4950، والنسائي: 3565 من حديث أبي وهب الجُشَمي رضي الله عنه).
ومنها ما هو مكروه أو خلاف الأولى، كالتسمية بما يتضمن التزكية للمسمى مثل بر وبرة وإيمان وهدى ورباح.
ومنها ما هو جائز كالتسمية بالأسماء المعروفة المشهورة مثل علي وعمر وعثمان، ومن أسماء النساء منى وسعاد وزينب.
ومن الأسماء ما هو محرم كالأسماء المعبدة لغير الله كعبد النبي، وعبد الحسين، وقد أجمع العلماء على تحريم كل اسم معبد لغير الله.
ومن الأسماء الحسنة ما كان معبداً لاسم من أسماء الله كعبد العزيز وعبد الملك وعبد الرحيم وعبد الجبار.
ومن أحسن الأسماء ما كان مطابقاً لواقع الإنسان كحارث وهمام، كما قال صلى الله عليه وسلم في الأسماء: "وأصدقها حارث وهمام" (سبق تخريجه).
ومن الأسماء المستكرهة التسمية بالأسماء الدالة على معانٍ مكروهة مثل حرب ومرة.
وأما ما سألت عنه من تسمية المولود أو المولودة باسم النبي "دانيال" فلا بأس به خصوصاً إذا كان المولود ذكراً، أما إذا كان أنثى فلا ينبغي أن تسمى "دانيال"؛ لأنه لا يليق أن تسمى الأنثى باسم نبي من الأنبياء، لأن الأنبياء كلهم رجال، كما لا يليق أن تسمى الأنثى بعمر وعثمان لأن هذه من أسماء الرجال، فلو سميت بها الأنثى لكان بذلك لبس وتوهيم للسامع، والله أعلم.
هذا وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.