البريمي ستار
موقوف
- إنضم
- 9 أغسطس 2011
- المشاركات
- 129
بداية سطر
أطفالنا في رمضان وبقايا تقاليدنا
ما يبقى في الصغر هو حبّة القمح.أمّا الإنسان فإنّ صغره ينمحي ولا يبقى منه سوى الذكريات كبقاء الندى بعد هطول الغيث.
إنّ ذكريات الطفولة جميلة جدا،حكايات وألعاب وتضحيات ومخاطر تسجّل في الذاكرة طويلة المدى حسب العالم الشهير (هارفي) الذي قسم الذاكرة إلى قسمين أحدها قصير المدى والأخر طويل المدى.أتصور أن ذكريات الطفولة تخزن في الطويلة لما لها من أهمية في تكوين الطفل.وللذتها الرائعة تظل ذكراها رائحة طيبة تصاحبنا حتى الكبر.نعم يا حسرتاه على ألعاب الطفولة،حيث كان الصغار ينتظرون قدوم هلال رمضان بفارغ الصبر،لأنهم يضعون خططهم جاهزة فيما سيقدمونه خلال الشهر من خطط تتناسب وطفولتهم والشهر الكريم.
حين يطلق مدفع الصيام طلقات متكررة،نحسّ بالخوف في البداية ثم نطلق صيحات الفرح في حارتنا،فيعلو صوت الجميع كأنه من قلب رجل واحد،وبعد اليوم الأول من الشهر نخرج من المنزل قبل أن يفطر آباؤنا ونذهب إلى مكان عام نتجمع فيه مع أطفال القرية يسمى (الوذوون) المشتق من لفظة آذان،تاركين المجال للأهالي لأن يفطروا في راحتهم دون ضوضاء أو إزعاج.
عندما يؤذن المؤذن نهتف نحن أطفال القرية بأعلى أصواتناوذوون وذوون...) نكررها ليسمع الأطفال بأن الإفطار قد حان،لأن مكبرات الصوت حينها لم تكن موجودة لعدم وجود الكهرباء ربما،فكان (وذوون) عادة شعبية يستعاض بها عن مكبرات الصوت.يا لها من لحظات رائعة في أيام جميلة يفطر فيها الصائم على نغم أصوات الطفولة.
أمّا نحن الأطفال فنأخذ فطورنا ونتناوله خارج المنزل في تلك الساحة الكبيرة المعدة لذلك.نلعب ونهتف.فما أنقى القلوب وما أجمل أياما عشناها بطفولتها الرائعة بقيت محفورة في الأعماق.إنّها طفولة كانت سببا لتوثيق أواصر المحبة والمودة في حياة ملؤها بساطة الحياة خالية من التعقيدات.ولأذكر والدي يرحمه الله بعد أن توفي جارنا العزيز الذي كان يوقظ سكان الحارة للسحور بدأ هو كذلك أيضا يوقظ السكان حينما يرفع صوته في مسجد يتوسط الحارة فيقول:"تسحروا فإن في السحور بركة"، يرددها بعدة أشكال هكذا بأريحية تامة دون خوف من أحد بل بمنتهى الجدية والبساطة وأحيانا يبدأ في قرع طبل صغير ليوقظ الناس،فيستيقظون فرحين والوناسة رفيقهم دون أن يكتنفهم غموض أو بغض.
تعجّ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح،وبعد الصلاة نبدأ في إحضار القهوة على ساحة (الوذون) ليشاركنا جميع الأهالي في تناول قهوة رمضان ذات نكهة خاصة،وتحضر كل أسرة بأكلات رمضانية مخصصة.يجتمع الكلّ اجتماع أخوّة يطرحون فيه خبراتهم ويتشاورون في أمورهم العامّة ونصح أطفال القرية ليهتموا بدروسهم ويحافظوا على صلواتهم.ثم يبدءون في زيارة الأرحام وعيادة المرضى والمسنين،الذين لم يشاركوهم الفرحة.
هكذا كانت حياتنا البسيطة ممتلئة بقيم توارثناها من أباء أكل التراب أبدانهم دون أفكاركم. فهنيئا لهم لخلودهم وهنيئا لهم لحضارتهم وثقافتهم التي ما اندثرت.إنّهم قدوة أحسنوا تربيتنا،وهل ينتظر ممّن حسنت تربيته إلا نقل السلوك الطّيّب إلى خلفه؟ على كلّ حال غرست فينا طفولتنا ذكريات بقيت عالقة في أذهاننا وأفعالنا تدل على بقائها.
أطفالنا في رمضان وبقايا تقاليدنا
ما يبقى في الصغر هو حبّة القمح.أمّا الإنسان فإنّ صغره ينمحي ولا يبقى منه سوى الذكريات كبقاء الندى بعد هطول الغيث.
إنّ ذكريات الطفولة جميلة جدا،حكايات وألعاب وتضحيات ومخاطر تسجّل في الذاكرة طويلة المدى حسب العالم الشهير (هارفي) الذي قسم الذاكرة إلى قسمين أحدها قصير المدى والأخر طويل المدى.أتصور أن ذكريات الطفولة تخزن في الطويلة لما لها من أهمية في تكوين الطفل.وللذتها الرائعة تظل ذكراها رائحة طيبة تصاحبنا حتى الكبر.نعم يا حسرتاه على ألعاب الطفولة،حيث كان الصغار ينتظرون قدوم هلال رمضان بفارغ الصبر،لأنهم يضعون خططهم جاهزة فيما سيقدمونه خلال الشهر من خطط تتناسب وطفولتهم والشهر الكريم.
حين يطلق مدفع الصيام طلقات متكررة،نحسّ بالخوف في البداية ثم نطلق صيحات الفرح في حارتنا،فيعلو صوت الجميع كأنه من قلب رجل واحد،وبعد اليوم الأول من الشهر نخرج من المنزل قبل أن يفطر آباؤنا ونذهب إلى مكان عام نتجمع فيه مع أطفال القرية يسمى (الوذوون) المشتق من لفظة آذان،تاركين المجال للأهالي لأن يفطروا في راحتهم دون ضوضاء أو إزعاج.
عندما يؤذن المؤذن نهتف نحن أطفال القرية بأعلى أصواتناوذوون وذوون...) نكررها ليسمع الأطفال بأن الإفطار قد حان،لأن مكبرات الصوت حينها لم تكن موجودة لعدم وجود الكهرباء ربما،فكان (وذوون) عادة شعبية يستعاض بها عن مكبرات الصوت.يا لها من لحظات رائعة في أيام جميلة يفطر فيها الصائم على نغم أصوات الطفولة.
أمّا نحن الأطفال فنأخذ فطورنا ونتناوله خارج المنزل في تلك الساحة الكبيرة المعدة لذلك.نلعب ونهتف.فما أنقى القلوب وما أجمل أياما عشناها بطفولتها الرائعة بقيت محفورة في الأعماق.إنّها طفولة كانت سببا لتوثيق أواصر المحبة والمودة في حياة ملؤها بساطة الحياة خالية من التعقيدات.ولأذكر والدي يرحمه الله بعد أن توفي جارنا العزيز الذي كان يوقظ سكان الحارة للسحور بدأ هو كذلك أيضا يوقظ السكان حينما يرفع صوته في مسجد يتوسط الحارة فيقول:"تسحروا فإن في السحور بركة"، يرددها بعدة أشكال هكذا بأريحية تامة دون خوف من أحد بل بمنتهى الجدية والبساطة وأحيانا يبدأ في قرع طبل صغير ليوقظ الناس،فيستيقظون فرحين والوناسة رفيقهم دون أن يكتنفهم غموض أو بغض.
تعجّ المساجد بالمصلين لأداء صلاة التراويح،وبعد الصلاة نبدأ في إحضار القهوة على ساحة (الوذون) ليشاركنا جميع الأهالي في تناول قهوة رمضان ذات نكهة خاصة،وتحضر كل أسرة بأكلات رمضانية مخصصة.يجتمع الكلّ اجتماع أخوّة يطرحون فيه خبراتهم ويتشاورون في أمورهم العامّة ونصح أطفال القرية ليهتموا بدروسهم ويحافظوا على صلواتهم.ثم يبدءون في زيارة الأرحام وعيادة المرضى والمسنين،الذين لم يشاركوهم الفرحة.
هكذا كانت حياتنا البسيطة ممتلئة بقيم توارثناها من أباء أكل التراب أبدانهم دون أفكاركم. فهنيئا لهم لخلودهم وهنيئا لهم لحضارتهم وثقافتهم التي ما اندثرت.إنّهم قدوة أحسنوا تربيتنا،وهل ينتظر ممّن حسنت تربيته إلا نقل السلوك الطّيّب إلى خلفه؟ على كلّ حال غرست فينا طفولتنا ذكريات بقيت عالقة في أذهاننا وأفعالنا تدل على بقائها.