[ود]
¬| رُوحٌ مُحلِّقَة بَين أسْرآبِ الأمَل ✿ ،
الثلاثاء, 09 أغسطس 2011
استطلاع - أمل رجب:-- استبعد خبراء اقتصاديون ومحللون وجود تأثيرات مباشرة على اقتصاد السلطنة نتيجة لتداعيات خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لكنهم أشاروا إلى انه من المحتمل حدوث التأثيرات غير المباشرة على المديين المتوسط والطويل اذا تواصلت أزمة الديون في الولايات المتحدة منها ارتفاع اسعار الفائدة والتضخم وتراجع سعر النفط.
أما بالنسبة لارتباط الريال العماني بالدولار الامريكي ووجود استثمارات عمانية في سندات الخزانة الأمريكية فقد استبعد الخبراء ان يؤدي خفض التصنيف الأمريكي إلى تغيير عاجل في سياسات الاستثمار لأن مثل هذه القرارات تحتاج لتأنٍ ودراسة جيدة وهناك دول منها اليابان التي تعد ثاني أكبر حاملي سندات الخزينة الأمريكية بعد الصين اعلنت ان السندات ما زالت خيارا استثماريا آمنا وجذابا بالنسبة لها.
وأوضح خبراء ومحللون استطلعت «عمان» آراءهم في الأزمة الحالية التي نشبت عقب إعلان وكالة التصنيف ستاندرد اند بورز خفض تصنيف الديون الامريكية التي أدت لتراجع كبير في مختلف أسواق المال خلال اليومين الماضيين ان أهمية خفض التصنيف تنبع من كشفه عن وجود مشاكل حقيقية تواجه الاقتصاد العالمي ولابد من تصحيحها مشيرين إلى ان تراجع قيمة الدولار قد يؤدي على المدى الطويل لارتفاع فاتورة الاستيراد خاصة ان نسبة السلع المنتجة محليا منخفضة مقارنة بحجم ما يتم استيراده والطلب على المستورد قد يقل إذا ارتفعت الأسعار بشكل غير محتمل لكن على المدى البعيد فان هذا الارتفاع في الأسعار ربما يشجع وجود مزيد من الصناعات المحلية ويعطي حافزا أكبر لوجود استثمارات محلية تنتج سلعا ومنتجات تحل مكان تلك التي يتم استيرادها كما ان الشركات العمانية التي تستورد من الخارج قد تتوجه للتعامل مع اسواق جديدة في الدول غير مرتبطة بعملة الدولار.
وأكدوا ان هذه كلها تأثيرات على المدى المتوسط والبعيد إذا استمرت النظرة السلبية للاقتصاد الأمريكي لكن الولايات المتحدة التي تواجه خفض تصنيفها الائتماني للمرة الأولى من المرجح أنها ستسعى في الفترة المقبلة لاتباع سياسات تصحيحية بحثا عن تحسين تصنيفها الائتماني والحفاظ عليه.
أمريكا الأكثر تأثرا
وفي البداية أوضح الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية أن تأثيرات الأزمة الحالية ستكون في الولايات المتحدة أكثر من أي مكان آخر بالعالم وان احد التداعيات المهمة التي ستنتج عن هذه الأزمة هي تحديد مدى ثقة المستثمرين العالميين في الدولار الأمريكي وخاصة كبار المستثمرين في سندات الخزينة الأمريكية مثل الصين واليابان وبريطانيا.
وحول التأثير المتوقع للأزمة على السلطنة أشار إلى انه لا يتوقع حدث تأثيرات مباشرة حاليا لكن إذا استمرت الأزمة فمن الممكن أن يبدأ التأثير بعد عام من الآن حيث أعلنت وكالة ستاندرد اند بورز أنها ستراجع التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بعد عام من الآن ولابد من أن ينتبه الخبراء والمتابعون إلى أن هناك عدة وكالات تصنيف مهمة أخرى لم تقم بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
ومحليا أشار الشيخ محمد الحارثي إلى أن السياسة النقدية للسلطنة من حيث ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي تجعل حسابات الموازنة اكثر استقرارا وقابلية للتحكم وتكون اقرب للواقع وهناك دول مثل إيران قررت بيع نفطها عالميا باليورو بدلا من الدولار وما يحدث هو ان المشترين يدفعون فعليا بالدولار ثم يحولون لايران باليورو وهذا يعرضها للتعامل مع أكثر من عملة مما قد يخلق حالة من التذبذب كما انه يمكن القول إنه في نهاية الأمر فإنها من الناحية العملية تتعامل بالدولار أما بالنسبة للسلطنة فانه حتى عند التعامل مع جهات اسيوية يتم فتح حساب بالدولار مما يضمن استقرارا للتعاملات التجارية.
تأثيرات على المدى المتوسط والطويل
واستبعد حسن أحمد محسن الرئيس التنفيذي لشركة الآفاق للأوراق المالية ان يشهد اقتصاد السلطنة تأثيرا مباشرا بسبب الأزمة الحالية وخاصة في ظل ارتباط الريال العماني بالدولار الأمريكي لكنه أشار إلى أن هناك العديد من التأثيرات المحتملة غير المباشرة على المديين المتوسط والطويل منها ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والتباطؤ الاقتصادي وتراجع سعر النفط.
وأوضح أن خطورة خفض التصنيف هي انه يحد من قدرة الولايات المتحدة على إصدار سندات والحصول على تمويل لموازنتها كما ان التمويل المتاح في الفترة المقبلة سيكون مكلفا بالنسبة لها وهذا قد يدفعها لرفع سعر الفائدة على سندات الخزانة حتى تكون السندات مغرية بالنسبة لحائزيها وهذا الخيار قد يضر تماما بالاقتصاد العالمي خاصة أن الدول المتقدمة تتبع توجها لخفض أسعار الفائدة لمحاولة مواجهة الركود العالمي منذ نشوب الأزمة الاقتصادية في 2008 وما تبعها من أزمات مالية في منطقة اليورو.
وأشار إلى أن هبوط قيمة الدولار يمكن ان يؤدي لرفع معدل التضخم على المدى الطويل وضعف قدرة أمريكا على إصدار السندات سيؤثر على حجم إنفاقها العام والخاص وهو ما سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي حيث ان الولايات المتحدة تعد المغذي الأول للاقتصاد العالمي وهي من أكبر الأسواق التي تتوجه إليها الصادرات الأسيوية .
سياسات تصحيحية
وأكد هذه كلها تأثيرات من المحتمل حدوثها على المدى المتوسط والبعيد إذا استمرت النظرة السلبية للاقتصاد الأمريكي لكن الولايات المتحدة التي تواجه خفض تصنيفها الائتماني للمرة الأولى من المرجح أنها ستسعى في الفترة المقبلة لاتباع سياسات تصحيحية بحثا عن تحسين تصنيفها الائتماني والحفاظ عليه.
وبالنسبة للتأثيرات المتوقعة على النفط أوضح حسن أحمد محسن انه من المعروف ان احد العوامل المهمة التي تؤثر على سعر النفط عالميا هو النمو الاقتصادي واذا استمرت مشاكل الاقتصاد الامريكي فقد يحدث تراجع للنمو في الولايات المتحدة ويمتد لخارجها وهذا يؤدي لتراجع الطلب على النفط وهبوط أسعاره وبالتالي قد تنخفض الإيرادات العامة للدول المصدرة للنفط.
وعلى المدى القصير تنبع أهمية خفض التصنيف من كشفه عن وجود مشاكل حقيقية تواجه الاقتصاد العالمي ولا بد من تصحيحها.
أما بالنسبة لارتباط الريال بالدولار ووجود استثمارات عمانية في سندات الخزانة الأمريكية فليس من المرجح أن يؤدي خفض التصنيف الأمريكي إلى تغيير عاجل في سياسات الاستثمار لان مثل هذه القرارات تحتاج لتأنٍ ودراسة جيدة وهناك دول منها اليابان التي تعد ثاني اكبر حاملي سندات الخزينة الأمريكية بعد الصين أعلنت عن تمسكها بسندات الخزانة الأمريكية رغم قرار وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني خفض علامة الديون السيادية للولايات المتحدة مؤكدة انها مازالت تعتبر سندات الخزينة الأمريكية منتجا ماليا جذابا .
وأضاف حسن أحمد محسن أن احد الأسباب المهمة لإعلان دول عن تمسكها باستثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية هو عدم وجود بديل فمنطقة اليورو تعاني من مشاكل اقتصادية عميقة والاقتصاديات الناشئة لديها مشاكلها هي الأخرى ولذلك تبقي السندات الامريكية بديلا جيدا رغم خفض التصنيف وليس هناك جهة تستثمر في هذه السندات ستقوم بتسييلها بشكل فوري لكن على المدى الطويل قد يلجأ حائزو السندات لسياسات احترازية لتفادي مثل هذه الأزمات منها اجراء تغيير في تركيبة استثمارها واحداث مزيد من التنوع فيها والبحث عن ادوات جديدة آمنة للاستثمار فيها.
وبالنسبة لارتباط الريال بالدولار الأمريكي فهي سياسة نقدية تتبعها السلطنة منذ سنوات وليس من المتوقع أيضا أن تشهد أي تغيير قريبا وما يحدث من تغيير للدولار ينعكس بالطبع على سعر صرف الريال العماني وقد يلجأ المستثمرون في الفترة المقبلة لتقليل حيازتهم من الدولار اذا تواصلت الأزمة.
اما ما يتعلق بالتضخم فإن السلع المستوردة من منطقة اليورو واسيا قد ترتفع أسعارها وقد يتواصل هذا الارتفاع اذا تفاعلت أزمة الديون الامريكية أكثر وخاصة ان نسبة السلع المنتجة محليا منخفضة مقارنة بحجم ما يتم استيراده والطلب على المستورد قد يقل اذا ارتفعت الأسعار بشكل غير محتمل لكن على المدى البعيد فان هذا الارتفاع في الأسعار ربما يشجع وجود مزيد من الصناعات المحلية ويعطي حافزا أكبر لوجود استثمارات محلية تنتج سلعا ومنتجات تحل مكان تلك التي يتم استيرادها.
تنويع الاستثمارات
الدكتور سهيل مقابلة الخبير الاقتصادي يتفق على أن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة سيؤثر على كافة دول العالم لان سندات الخزانة الامريكية كان ينظر اليها على انها أفضل استثمار في العالم على المدى الطويل ومن المنتظر ان يؤدي خفض التصنيف إلى تقليل الثقة الاستثمارية في الاقتصاد الامريكي ويقلل من جاذبية الاقتصاد وهذا ما يخيف المستثمرين في مختلف انحاء العالم خاصة ان الاقتصاد الامريكي يمثل نحو ربع اقتصاد العالم وأي تطورات سلبية يشهدها سيكون لها تداعياتها على جميع اقتصاديات العالم.ويدفع إلى تراجع قيمة الدولار ثم انخفاض الريال تبعا لذلك وهو ما يعني ارتفاع الضغوط التضخمية في الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى كثير من دول العالم ومن بينها السلطنة لديها استثمارات في سندات الخزانة الأمريكية واذا استمرت أزمة الديون الأمريكية فإن حائزي السندات قد يتجهون على المدى المتوسط والطويل إلى تنويع استثماراتهم كما ان البنك المركزي قد يلجأ إلى تنويع اكثر لما لديه من احتياطي عملات وخفض ما لديه من عملة الدولار الامريكي.
وعلى المستوى المحلي يمكن ان تحدث تأثيرات أخرى منها ان تسعير النفط مقيم بالدولار وقد تتراجع إيرادات النفط نتيجة تراجع قيمة العملة الامريكية كما ان اي ركود عالمي قد يدفع لانخفاض الطلب على النفط.
توجه الشركات لاسواق جديدة
اما فاتورة الاستيراد فقد تشهد ارتفاعا كبيرا اذ ان السلطنة تقوم باستيراد سلع متعددة ومتنوعة من دول لا يرتبط اقتصادها بالدولار وارتفاع الفاتورة قد يحدث تأثيرات على الشركات المحلية التي تستورد مواد خام او سلع كاملة التصنيع من هذه الدول غير الدولارية لان اسعار السلع سترتفع مما يخفض من الطلب عليها وهنا قد تسعى هذه الشركات للتوجه للاستيراد من الدول غير المرتبطة بعملة الدولار.
التضخم تحد رئيسي يواجه السياسة النقدية
وكان احدث تقرير للبنك المركزي العماني حول اداء الاقتصاد الوطني في عام 2010 قد أشار إلى انه رغم ان توقعات التضخم في سلطنة عمان ظلت تحت السيطرة إلى حد كبير فان مخاطر ارتفاع التضخم قد زادت بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية في الاسواق العالمية مدعومة بارتفاع مستوى الطلب الحلي ومن هنا فإن ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا سيظل موضع اهتمام من قبل البنك المركزي نظرا لان السلطنة تستورد معظم احتياجاتها من السلع الأساسية.
وأضاف التقرير إلى انه علاوة على ذلك قد يتعرض سعر صرف الريال العماني إلى ضغوط اذا كان الفرق بين معدل التضخم في السلطنة ومعدل التضخم في الولايات المتحدة (بلد المثبت) يتسع بقدر أكبر ومن ثم فإن التحدي الرئيسي الذي يواجه السياسة النقدية للبنك المركزي يتمثل في التحكم في معدل التضخم ومن هنا فان البنك المركزي يقوم بمراقبة الأسعار في السوق المحلية وايضا في الاسواق العالمية عن كثب وذلك لاتخاذ الاجراء المناسب دون اعاقة النمو في الاقتصاد.
وبالنسبة لسعر الصرف تتبني السلطنة نظام سعر الصرف الثابت من خلال ربط عملته الوطنية بالدولار الامريكي وذلك منذ عام 1973 وتم خفض القيمة التعادلية (سعر الصرف الرسمي) للريال العماني في أول يناير 1986 إلى 2,6008 دولار للريال وهو السعر الذي استمر حتى الآن.
ويهدف نظام سعر الصرف الثابت إلى تحقيق الاستقرار النقدي في البلاد ومن هنا تبرز أهمية المحافظة على مصداقية مثبت سعر الصرف ليس فقط لتحقيق الانضباط النقدي لكن أيضا لتشجيع التجارة والاستثمار وفي ظل نظام الصرف الثابت يصبح هدف السياسة النقدية هو ضمان توفر مستوى ملائم من السيولة في النظام المصرفي حتى يمكن تجنب الاختلالات الداخلية والخارجية.
ولتحقيق ذلك يستخدم البنك المركزي أدوات السياسة النقدية المباشرة وأيضا غير المباشرة للتحكم في مستوى السيولة وتشمل الادوات غير المباشرة بصفة أساسية شهادات الإيداع التي يصدرها البنك مرة اسبوعيا لامتصاص فائض السيولة لدى البنوك التجارية كما يقد تسهيلات إعادة الشراء (ريبو) لضخ السيولة للنظام المصرفي ان اقتضى الأمر إلى جانب تسهيل مقايضة العملات الاجنبية اما الأدوات المباشرة فتشمل الاحتياطي النقدي الإلزامي ونسبة التسليف (نسبة القروض للودائع ) وغيرها.
ويذكر انه رغم ارتفاع فاتورة الاستيراد في السلطنة لكن هناك عديد من عوامل القوة التي تدعم الاقتصاد المحلي منها عدم انفتاحه بشكل قوي على الأسواق الخارجية وعدم وجود مشاكل هيكلية في الموازنة العامة للدولة او بالنظام المالي كما ان قوة الطلب المحلي بفضل خطة الإنفاق العام التوسعية التي تتبناها السلطنة منذ نهاية عام 2008 كما أن زيادة الرواتب والمزايا الاجتماعية في بداية العام الحالي تقدم دعما إضافيا لاستمرار نمو الاقتصاد وفيما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد العام فان معدل النمو الاقتصادي يعد مرضيا حسب رؤية الخبراء الاقتصاديين كما ان وزارة المالية قد سبق أن أعلنت أن عجز الموازنة العام الحالي نتيجة زيادة الإنفاق العام يقف عند حدود مقبولة وسيتم تمويله من فائض عائدات النفط.
استطلاع - أمل رجب:-- استبعد خبراء اقتصاديون ومحللون وجود تأثيرات مباشرة على اقتصاد السلطنة نتيجة لتداعيات خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لكنهم أشاروا إلى انه من المحتمل حدوث التأثيرات غير المباشرة على المديين المتوسط والطويل اذا تواصلت أزمة الديون في الولايات المتحدة منها ارتفاع اسعار الفائدة والتضخم وتراجع سعر النفط.
أما بالنسبة لارتباط الريال العماني بالدولار الامريكي ووجود استثمارات عمانية في سندات الخزانة الأمريكية فقد استبعد الخبراء ان يؤدي خفض التصنيف الأمريكي إلى تغيير عاجل في سياسات الاستثمار لأن مثل هذه القرارات تحتاج لتأنٍ ودراسة جيدة وهناك دول منها اليابان التي تعد ثاني أكبر حاملي سندات الخزينة الأمريكية بعد الصين اعلنت ان السندات ما زالت خيارا استثماريا آمنا وجذابا بالنسبة لها.
وأوضح خبراء ومحللون استطلعت «عمان» آراءهم في الأزمة الحالية التي نشبت عقب إعلان وكالة التصنيف ستاندرد اند بورز خفض تصنيف الديون الامريكية التي أدت لتراجع كبير في مختلف أسواق المال خلال اليومين الماضيين ان أهمية خفض التصنيف تنبع من كشفه عن وجود مشاكل حقيقية تواجه الاقتصاد العالمي ولابد من تصحيحها مشيرين إلى ان تراجع قيمة الدولار قد يؤدي على المدى الطويل لارتفاع فاتورة الاستيراد خاصة ان نسبة السلع المنتجة محليا منخفضة مقارنة بحجم ما يتم استيراده والطلب على المستورد قد يقل إذا ارتفعت الأسعار بشكل غير محتمل لكن على المدى البعيد فان هذا الارتفاع في الأسعار ربما يشجع وجود مزيد من الصناعات المحلية ويعطي حافزا أكبر لوجود استثمارات محلية تنتج سلعا ومنتجات تحل مكان تلك التي يتم استيرادها كما ان الشركات العمانية التي تستورد من الخارج قد تتوجه للتعامل مع اسواق جديدة في الدول غير مرتبطة بعملة الدولار.
وأكدوا ان هذه كلها تأثيرات على المدى المتوسط والبعيد إذا استمرت النظرة السلبية للاقتصاد الأمريكي لكن الولايات المتحدة التي تواجه خفض تصنيفها الائتماني للمرة الأولى من المرجح أنها ستسعى في الفترة المقبلة لاتباع سياسات تصحيحية بحثا عن تحسين تصنيفها الائتماني والحفاظ عليه.
أمريكا الأكثر تأثرا
وفي البداية أوضح الشيخ محمد بن عبدالله الحارثي رئيس الجمعية الاقتصادية العمانية أن تأثيرات الأزمة الحالية ستكون في الولايات المتحدة أكثر من أي مكان آخر بالعالم وان احد التداعيات المهمة التي ستنتج عن هذه الأزمة هي تحديد مدى ثقة المستثمرين العالميين في الدولار الأمريكي وخاصة كبار المستثمرين في سندات الخزينة الأمريكية مثل الصين واليابان وبريطانيا.
وحول التأثير المتوقع للأزمة على السلطنة أشار إلى انه لا يتوقع حدث تأثيرات مباشرة حاليا لكن إذا استمرت الأزمة فمن الممكن أن يبدأ التأثير بعد عام من الآن حيث أعلنت وكالة ستاندرد اند بورز أنها ستراجع التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بعد عام من الآن ولابد من أن ينتبه الخبراء والمتابعون إلى أن هناك عدة وكالات تصنيف مهمة أخرى لم تقم بخفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة.
ومحليا أشار الشيخ محمد الحارثي إلى أن السياسة النقدية للسلطنة من حيث ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي تجعل حسابات الموازنة اكثر استقرارا وقابلية للتحكم وتكون اقرب للواقع وهناك دول مثل إيران قررت بيع نفطها عالميا باليورو بدلا من الدولار وما يحدث هو ان المشترين يدفعون فعليا بالدولار ثم يحولون لايران باليورو وهذا يعرضها للتعامل مع أكثر من عملة مما قد يخلق حالة من التذبذب كما انه يمكن القول إنه في نهاية الأمر فإنها من الناحية العملية تتعامل بالدولار أما بالنسبة للسلطنة فانه حتى عند التعامل مع جهات اسيوية يتم فتح حساب بالدولار مما يضمن استقرارا للتعاملات التجارية.
تأثيرات على المدى المتوسط والطويل
واستبعد حسن أحمد محسن الرئيس التنفيذي لشركة الآفاق للأوراق المالية ان يشهد اقتصاد السلطنة تأثيرا مباشرا بسبب الأزمة الحالية وخاصة في ظل ارتباط الريال العماني بالدولار الأمريكي لكنه أشار إلى أن هناك العديد من التأثيرات المحتملة غير المباشرة على المديين المتوسط والطويل منها ارتفاع أسعار الفائدة والتضخم والتباطؤ الاقتصادي وتراجع سعر النفط.
وأوضح أن خطورة خفض التصنيف هي انه يحد من قدرة الولايات المتحدة على إصدار سندات والحصول على تمويل لموازنتها كما ان التمويل المتاح في الفترة المقبلة سيكون مكلفا بالنسبة لها وهذا قد يدفعها لرفع سعر الفائدة على سندات الخزانة حتى تكون السندات مغرية بالنسبة لحائزيها وهذا الخيار قد يضر تماما بالاقتصاد العالمي خاصة أن الدول المتقدمة تتبع توجها لخفض أسعار الفائدة لمحاولة مواجهة الركود العالمي منذ نشوب الأزمة الاقتصادية في 2008 وما تبعها من أزمات مالية في منطقة اليورو.
وأشار إلى أن هبوط قيمة الدولار يمكن ان يؤدي لرفع معدل التضخم على المدى الطويل وضعف قدرة أمريكا على إصدار السندات سيؤثر على حجم إنفاقها العام والخاص وهو ما سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي حيث ان الولايات المتحدة تعد المغذي الأول للاقتصاد العالمي وهي من أكبر الأسواق التي تتوجه إليها الصادرات الأسيوية .
سياسات تصحيحية
وأكد هذه كلها تأثيرات من المحتمل حدوثها على المدى المتوسط والبعيد إذا استمرت النظرة السلبية للاقتصاد الأمريكي لكن الولايات المتحدة التي تواجه خفض تصنيفها الائتماني للمرة الأولى من المرجح أنها ستسعى في الفترة المقبلة لاتباع سياسات تصحيحية بحثا عن تحسين تصنيفها الائتماني والحفاظ عليه.
وبالنسبة للتأثيرات المتوقعة على النفط أوضح حسن أحمد محسن انه من المعروف ان احد العوامل المهمة التي تؤثر على سعر النفط عالميا هو النمو الاقتصادي واذا استمرت مشاكل الاقتصاد الامريكي فقد يحدث تراجع للنمو في الولايات المتحدة ويمتد لخارجها وهذا يؤدي لتراجع الطلب على النفط وهبوط أسعاره وبالتالي قد تنخفض الإيرادات العامة للدول المصدرة للنفط.
وعلى المدى القصير تنبع أهمية خفض التصنيف من كشفه عن وجود مشاكل حقيقية تواجه الاقتصاد العالمي ولا بد من تصحيحها.
أما بالنسبة لارتباط الريال بالدولار ووجود استثمارات عمانية في سندات الخزانة الأمريكية فليس من المرجح أن يؤدي خفض التصنيف الأمريكي إلى تغيير عاجل في سياسات الاستثمار لان مثل هذه القرارات تحتاج لتأنٍ ودراسة جيدة وهناك دول منها اليابان التي تعد ثاني اكبر حاملي سندات الخزينة الأمريكية بعد الصين أعلنت عن تمسكها بسندات الخزانة الأمريكية رغم قرار وكالة ستاندرد اند بورز للتصنيف الائتماني خفض علامة الديون السيادية للولايات المتحدة مؤكدة انها مازالت تعتبر سندات الخزينة الأمريكية منتجا ماليا جذابا .
وأضاف حسن أحمد محسن أن احد الأسباب المهمة لإعلان دول عن تمسكها باستثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية هو عدم وجود بديل فمنطقة اليورو تعاني من مشاكل اقتصادية عميقة والاقتصاديات الناشئة لديها مشاكلها هي الأخرى ولذلك تبقي السندات الامريكية بديلا جيدا رغم خفض التصنيف وليس هناك جهة تستثمر في هذه السندات ستقوم بتسييلها بشكل فوري لكن على المدى الطويل قد يلجأ حائزو السندات لسياسات احترازية لتفادي مثل هذه الأزمات منها اجراء تغيير في تركيبة استثمارها واحداث مزيد من التنوع فيها والبحث عن ادوات جديدة آمنة للاستثمار فيها.
وبالنسبة لارتباط الريال بالدولار الأمريكي فهي سياسة نقدية تتبعها السلطنة منذ سنوات وليس من المتوقع أيضا أن تشهد أي تغيير قريبا وما يحدث من تغيير للدولار ينعكس بالطبع على سعر صرف الريال العماني وقد يلجأ المستثمرون في الفترة المقبلة لتقليل حيازتهم من الدولار اذا تواصلت الأزمة.
اما ما يتعلق بالتضخم فإن السلع المستوردة من منطقة اليورو واسيا قد ترتفع أسعارها وقد يتواصل هذا الارتفاع اذا تفاعلت أزمة الديون الامريكية أكثر وخاصة ان نسبة السلع المنتجة محليا منخفضة مقارنة بحجم ما يتم استيراده والطلب على المستورد قد يقل اذا ارتفعت الأسعار بشكل غير محتمل لكن على المدى البعيد فان هذا الارتفاع في الأسعار ربما يشجع وجود مزيد من الصناعات المحلية ويعطي حافزا أكبر لوجود استثمارات محلية تنتج سلعا ومنتجات تحل مكان تلك التي يتم استيرادها.
تنويع الاستثمارات
الدكتور سهيل مقابلة الخبير الاقتصادي يتفق على أن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة سيؤثر على كافة دول العالم لان سندات الخزانة الامريكية كان ينظر اليها على انها أفضل استثمار في العالم على المدى الطويل ومن المنتظر ان يؤدي خفض التصنيف إلى تقليل الثقة الاستثمارية في الاقتصاد الامريكي ويقلل من جاذبية الاقتصاد وهذا ما يخيف المستثمرين في مختلف انحاء العالم خاصة ان الاقتصاد الامريكي يمثل نحو ربع اقتصاد العالم وأي تطورات سلبية يشهدها سيكون لها تداعياتها على جميع اقتصاديات العالم.ويدفع إلى تراجع قيمة الدولار ثم انخفاض الريال تبعا لذلك وهو ما يعني ارتفاع الضغوط التضخمية في الاقتصاد المحلي.
وأشار إلى كثير من دول العالم ومن بينها السلطنة لديها استثمارات في سندات الخزانة الأمريكية واذا استمرت أزمة الديون الأمريكية فإن حائزي السندات قد يتجهون على المدى المتوسط والطويل إلى تنويع استثماراتهم كما ان البنك المركزي قد يلجأ إلى تنويع اكثر لما لديه من احتياطي عملات وخفض ما لديه من عملة الدولار الامريكي.
وعلى المستوى المحلي يمكن ان تحدث تأثيرات أخرى منها ان تسعير النفط مقيم بالدولار وقد تتراجع إيرادات النفط نتيجة تراجع قيمة العملة الامريكية كما ان اي ركود عالمي قد يدفع لانخفاض الطلب على النفط.
توجه الشركات لاسواق جديدة
اما فاتورة الاستيراد فقد تشهد ارتفاعا كبيرا اذ ان السلطنة تقوم باستيراد سلع متعددة ومتنوعة من دول لا يرتبط اقتصادها بالدولار وارتفاع الفاتورة قد يحدث تأثيرات على الشركات المحلية التي تستورد مواد خام او سلع كاملة التصنيع من هذه الدول غير الدولارية لان اسعار السلع سترتفع مما يخفض من الطلب عليها وهنا قد تسعى هذه الشركات للتوجه للاستيراد من الدول غير المرتبطة بعملة الدولار.
التضخم تحد رئيسي يواجه السياسة النقدية
وكان احدث تقرير للبنك المركزي العماني حول اداء الاقتصاد الوطني في عام 2010 قد أشار إلى انه رغم ان توقعات التضخم في سلطنة عمان ظلت تحت السيطرة إلى حد كبير فان مخاطر ارتفاع التضخم قد زادت بسبب ارتفاع اسعار المواد الغذائية وغيرها من السلع الأساسية في الاسواق العالمية مدعومة بارتفاع مستوى الطلب الحلي ومن هنا فإن ارتفاع أسعار السلع الأساسية عالميا سيظل موضع اهتمام من قبل البنك المركزي نظرا لان السلطنة تستورد معظم احتياجاتها من السلع الأساسية.
وأضاف التقرير إلى انه علاوة على ذلك قد يتعرض سعر صرف الريال العماني إلى ضغوط اذا كان الفرق بين معدل التضخم في السلطنة ومعدل التضخم في الولايات المتحدة (بلد المثبت) يتسع بقدر أكبر ومن ثم فإن التحدي الرئيسي الذي يواجه السياسة النقدية للبنك المركزي يتمثل في التحكم في معدل التضخم ومن هنا فان البنك المركزي يقوم بمراقبة الأسعار في السوق المحلية وايضا في الاسواق العالمية عن كثب وذلك لاتخاذ الاجراء المناسب دون اعاقة النمو في الاقتصاد.
وبالنسبة لسعر الصرف تتبني السلطنة نظام سعر الصرف الثابت من خلال ربط عملته الوطنية بالدولار الامريكي وذلك منذ عام 1973 وتم خفض القيمة التعادلية (سعر الصرف الرسمي) للريال العماني في أول يناير 1986 إلى 2,6008 دولار للريال وهو السعر الذي استمر حتى الآن.
ويهدف نظام سعر الصرف الثابت إلى تحقيق الاستقرار النقدي في البلاد ومن هنا تبرز أهمية المحافظة على مصداقية مثبت سعر الصرف ليس فقط لتحقيق الانضباط النقدي لكن أيضا لتشجيع التجارة والاستثمار وفي ظل نظام الصرف الثابت يصبح هدف السياسة النقدية هو ضمان توفر مستوى ملائم من السيولة في النظام المصرفي حتى يمكن تجنب الاختلالات الداخلية والخارجية.
ولتحقيق ذلك يستخدم البنك المركزي أدوات السياسة النقدية المباشرة وأيضا غير المباشرة للتحكم في مستوى السيولة وتشمل الادوات غير المباشرة بصفة أساسية شهادات الإيداع التي يصدرها البنك مرة اسبوعيا لامتصاص فائض السيولة لدى البنوك التجارية كما يقد تسهيلات إعادة الشراء (ريبو) لضخ السيولة للنظام المصرفي ان اقتضى الأمر إلى جانب تسهيل مقايضة العملات الاجنبية اما الأدوات المباشرة فتشمل الاحتياطي النقدي الإلزامي ونسبة التسليف (نسبة القروض للودائع ) وغيرها.
ويذكر انه رغم ارتفاع فاتورة الاستيراد في السلطنة لكن هناك عديد من عوامل القوة التي تدعم الاقتصاد المحلي منها عدم انفتاحه بشكل قوي على الأسواق الخارجية وعدم وجود مشاكل هيكلية في الموازنة العامة للدولة او بالنظام المالي كما ان قوة الطلب المحلي بفضل خطة الإنفاق العام التوسعية التي تتبناها السلطنة منذ نهاية عام 2008 كما أن زيادة الرواتب والمزايا الاجتماعية في بداية العام الحالي تقدم دعما إضافيا لاستمرار نمو الاقتصاد وفيما يتعلق بمؤشرات الاقتصاد العام فان معدل النمو الاقتصادي يعد مرضيا حسب رؤية الخبراء الاقتصاديين كما ان وزارة المالية قد سبق أن أعلنت أن عجز الموازنة العام الحالي نتيجة زيادة الإنفاق العام يقف عند حدود مقبولة وسيتم تمويله من فائض عائدات النفط.