Samt Sohar
¬°•| عضــو مــهــم|•°¬
جديدي ^^
منذ فتره من الزمن ..
كلما هممت بكتابة يومياتي تخونني الكلمات ..
وكأن كل ما يربط مشاعري بحروفي قد مات .. او ربما تآه في دهاليز متاهة داخلي لا ادري كنهها ..
كم من مرة حاولت اترجم ما بي .. ولكنها حاله قد تكون اشبه بفقدان الذات .. تماما كفقدان الذاكره ..
لا استطيع ترجمتي !!! يا الهي كم هو قاس هذا الشعور
ذكرني حالي هذا بجدي الثمانيني العمر ..
فقد كنا بزيارة لبيت جدي منذ اسبوع
من عرف جدي طوال حياته لم يكن ليصدق ما حل به الآن ..
فجدي حافظ لكثير من آيات و سور كتاب الله .. مثقف الى حد كبير .. و ربان في عالم الشعر
يعرف من الابيات اكثر مما يمكنني ان اعرفه انا طوال عمري و ان مُدّ بعمري كثيرا !!!
يعرف من ضروب المثل من كل انواعه و اشكاله وفي كل المناسبات ..
كم هو رائع جدي .. هكذا كما هو ..
اقسم لو كانت اعضاء جدي الداخليه من حجاره لكانت تفتت من شدة البؤس و الصدمات التي عاشها طوال حياته
كيف لا وكان حياته الدراميه اشبه ما تكون بفلم هندي يمتد ل 80 سنه او اكثر ..
منذ الأبد او كما يخيل لي الأبد بعمري الصغير نقشت حكاية جدي في قلبي
فقد أُحرق اباه و اخاه في مجزرة دير ياسين .. و وكان هو ميراث عائلته الوحيد .. و كنز والدته و اخواته الثمين
وسنون توالت ليفقد جدي بعض اخواته كما يفقد الطفل سنونه في اعوامه الاولى .. ولكن مسكين جدي .. لم تظهر له اخوات جديدات يفرح لرؤيتهن .. فقد كانت خساره في طريق واحد ولا مجال ابدا للكسب من جديد ..
ثروة جدي من الاصدقاء تكاد لا تحصى .. فأنا لا اعرف احدا لا يعرفه .. فكأن صورته نقشت على علم فلسطين او رواياته خلدت مع اساطير العظماء ..او لربما سيرته كفايروس " فخر " منتشر بالهواء .. يصيب الصغير كما الكبير
كان جدي ولا زال رائعا بحق ..
كان ابي هو مركز قوة جدي الوحيده .. او كما كنت ارى فهو السور الذي يحمي قلعة جدي .. ومنذ اربع سنوات اشتاق ابي لملاقاة ربي .. فقد آثرته السماوات و اعتلى ليسكن خيرا من بيتنا ..
كانت هذه الفاجعه الي اطاحت بجدي فمن حينها لم يعد ذاك العجوز الاسطوري كما كان ..
لم ارى جدي ابدا بتلك الحال .. بائس لا تتسع يأسه كل بحور الدنيا ولا كل جبالها .. ضاقت به الارض بما رحبت ..
ولأن الله ازا احب عبدا ابتلاه .. التحقت جدتي الغاليه بأبي الحبيب .. وسافرت من كانت رفيقة الدرب ل 60 عاما .. لم يمر خلالها لا نهار ولا ليل بدون ان تتبادل اعينهما كلام الغزل ..
اذكر مره بأننا كنا نزور جدتي في المستشفى ... واصطحبنا جدي لزيارتها .. على طول الطريق من البيت للمستشفى اقسم بأن جدي كان يبكي .. لم استطع يومها ان اتبين اكانت دموع الحزن و الانين على حبيبته التي تلازم المشفى ام دموع الحب و الفرح للقائها بعد حين من الغياب ..
كنت معتاده دائما على سماع جدي و جدتي يلقون بكلام الغزل لبعضهم فقد كان يناديها ب " غزالتي " و كانت هي دائما ترسم ابتسامه مخلوطه بحمرة الخجل وكانها تسمعا لأول مره !!! في كل مره كانت تعتلي وجنتيها حمرة الحياااااء ..
عندما دخلنا غرفة جدتي اسرع جدي لسريرها .. جلس بجانبها لم يستطع ان ينطق .. فقد امسك وجهها بكلتا يديه و قبلها على جبينها وسط دموع كل من بالغرفه
.. والله لقد كان منظرا شاعريا اكثر مما يمكن ان تحتويه كل الافلام السينمائيه في هذا العصر !!!
و غادرنا.. و قلبه ما زال معلقا بتلك الغرفه .. متشبثا بالملاءات البيضاء .. متمنيا لو كان عصفورا على شباك غرفتها ليراها كل صباح !!!
عندما غادرته حبيبة العمر .. اصيب جدي بالزهايمر ..
كل ما كان في حياته .. كل ما احتوته ال 80 عاما من العظمه و الحب و الثقافه و الحنان و اللهفه و الضياع و كل مغامرات الشباب و مآسي الماضي و الشوق و البكاء .. كلها كانت ضحايا لمرض جدي !!!
فجدي الآن لا يميزني .. لا يعرف من كان يحملها اياما لتنام في حجره .. ولا من كانت تنتظره بالساعات على عتبة الباب
لتحصل على قبلة آخر النهار و " الشيكل " اليومي !!! لا يميز من فرح لنجاحها ولا من حزن لمرضها ولا من اشتاق وجودها !!!
جدي لا يعرفني .... تخونه الكلمات عندما يراني .. و دائما ما تخونني الدموع !!!
اشعر بك جدي .. اشعر بك ايها الغآلي ..
فأنا اليوم لا اميز نفسي و انا من كنت اعيشني !! و تماما مثلك تخونني الكلمات .. و تخونني الدموع ..
وأبكي .. !!
16|7|2011
بقلــمــيــ
منذ فتره من الزمن ..
كلما هممت بكتابة يومياتي تخونني الكلمات ..
وكأن كل ما يربط مشاعري بحروفي قد مات .. او ربما تآه في دهاليز متاهة داخلي لا ادري كنهها ..
كم من مرة حاولت اترجم ما بي .. ولكنها حاله قد تكون اشبه بفقدان الذات .. تماما كفقدان الذاكره ..
لا استطيع ترجمتي !!! يا الهي كم هو قاس هذا الشعور
ذكرني حالي هذا بجدي الثمانيني العمر ..
فقد كنا بزيارة لبيت جدي منذ اسبوع
من عرف جدي طوال حياته لم يكن ليصدق ما حل به الآن ..
فجدي حافظ لكثير من آيات و سور كتاب الله .. مثقف الى حد كبير .. و ربان في عالم الشعر
يعرف من الابيات اكثر مما يمكنني ان اعرفه انا طوال عمري و ان مُدّ بعمري كثيرا !!!
يعرف من ضروب المثل من كل انواعه و اشكاله وفي كل المناسبات ..
كم هو رائع جدي .. هكذا كما هو ..
اقسم لو كانت اعضاء جدي الداخليه من حجاره لكانت تفتت من شدة البؤس و الصدمات التي عاشها طوال حياته
كيف لا وكان حياته الدراميه اشبه ما تكون بفلم هندي يمتد ل 80 سنه او اكثر ..
منذ الأبد او كما يخيل لي الأبد بعمري الصغير نقشت حكاية جدي في قلبي
فقد أُحرق اباه و اخاه في مجزرة دير ياسين .. و وكان هو ميراث عائلته الوحيد .. و كنز والدته و اخواته الثمين
وسنون توالت ليفقد جدي بعض اخواته كما يفقد الطفل سنونه في اعوامه الاولى .. ولكن مسكين جدي .. لم تظهر له اخوات جديدات يفرح لرؤيتهن .. فقد كانت خساره في طريق واحد ولا مجال ابدا للكسب من جديد ..
ثروة جدي من الاصدقاء تكاد لا تحصى .. فأنا لا اعرف احدا لا يعرفه .. فكأن صورته نقشت على علم فلسطين او رواياته خلدت مع اساطير العظماء ..او لربما سيرته كفايروس " فخر " منتشر بالهواء .. يصيب الصغير كما الكبير
كان جدي ولا زال رائعا بحق ..
كان ابي هو مركز قوة جدي الوحيده .. او كما كنت ارى فهو السور الذي يحمي قلعة جدي .. ومنذ اربع سنوات اشتاق ابي لملاقاة ربي .. فقد آثرته السماوات و اعتلى ليسكن خيرا من بيتنا ..
كانت هذه الفاجعه الي اطاحت بجدي فمن حينها لم يعد ذاك العجوز الاسطوري كما كان ..
لم ارى جدي ابدا بتلك الحال .. بائس لا تتسع يأسه كل بحور الدنيا ولا كل جبالها .. ضاقت به الارض بما رحبت ..
ولأن الله ازا احب عبدا ابتلاه .. التحقت جدتي الغاليه بأبي الحبيب .. وسافرت من كانت رفيقة الدرب ل 60 عاما .. لم يمر خلالها لا نهار ولا ليل بدون ان تتبادل اعينهما كلام الغزل ..
اذكر مره بأننا كنا نزور جدتي في المستشفى ... واصطحبنا جدي لزيارتها .. على طول الطريق من البيت للمستشفى اقسم بأن جدي كان يبكي .. لم استطع يومها ان اتبين اكانت دموع الحزن و الانين على حبيبته التي تلازم المشفى ام دموع الحب و الفرح للقائها بعد حين من الغياب ..
كنت معتاده دائما على سماع جدي و جدتي يلقون بكلام الغزل لبعضهم فقد كان يناديها ب " غزالتي " و كانت هي دائما ترسم ابتسامه مخلوطه بحمرة الخجل وكانها تسمعا لأول مره !!! في كل مره كانت تعتلي وجنتيها حمرة الحياااااء ..
عندما دخلنا غرفة جدتي اسرع جدي لسريرها .. جلس بجانبها لم يستطع ان ينطق .. فقد امسك وجهها بكلتا يديه و قبلها على جبينها وسط دموع كل من بالغرفه
.. والله لقد كان منظرا شاعريا اكثر مما يمكن ان تحتويه كل الافلام السينمائيه في هذا العصر !!!
و غادرنا.. و قلبه ما زال معلقا بتلك الغرفه .. متشبثا بالملاءات البيضاء .. متمنيا لو كان عصفورا على شباك غرفتها ليراها كل صباح !!!
عندما غادرته حبيبة العمر .. اصيب جدي بالزهايمر ..
كل ما كان في حياته .. كل ما احتوته ال 80 عاما من العظمه و الحب و الثقافه و الحنان و اللهفه و الضياع و كل مغامرات الشباب و مآسي الماضي و الشوق و البكاء .. كلها كانت ضحايا لمرض جدي !!!
فجدي الآن لا يميزني .. لا يعرف من كان يحملها اياما لتنام في حجره .. ولا من كانت تنتظره بالساعات على عتبة الباب
لتحصل على قبلة آخر النهار و " الشيكل " اليومي !!! لا يميز من فرح لنجاحها ولا من حزن لمرضها ولا من اشتاق وجودها !!!
جدي لا يعرفني .... تخونه الكلمات عندما يراني .. و دائما ما تخونني الدموع !!!
اشعر بك جدي .. اشعر بك ايها الغآلي ..
فأنا اليوم لا اميز نفسي و انا من كنت اعيشني !! و تماما مثلك تخونني الكلمات .. و تخونني الدموع ..
وأبكي .. !!
16|7|2011
بقلــمــيــ