في أصول البرتوكول والاتيكيت
هل وصلتك يوماً بطاقة دعوة لحفل عام لك ولزوجتك مذيلة بعبارة "يرجى التقيد باللباس الرسمي"؟، كل من عمل عملاً حكومياً أو خاصاً لا بد أنه تلقى مثل هذه البطاقة، السؤال الآخر هو كم من الأشخاص تقيد باللباس الرسمي؟ الجواب: غالبيتهم، ولكن هل هذا التقيد ناجم عن معرفة دقيقة بماهية اللباس الرسمي وضرورته في المناسبات؟ أم أن شيئاً يعود للفطرة والحس العام يقودنا إلى السلوك الصحيح؟
بغض النظر عن إتباعنا للسلوك الصحيح والتقيد بالتعليمات وفقا لنص البطاقة، فإن مفارقة هامة لابد من الحديث عنها وهي أن كل الرجال والنساء تقريباً يعرفون أن اللباس الرسمي للرجل هو البزة الداكنة السوداء أو الكحلية في المناسبات التي تتم نهاراً أو مساءً وقد يكون اللون الرمادي الغامق وارداً أيضاً في المناسبات التي تتم نهاراً، لكن من النادر ما يعرف الرجال والنساء على حد سواء ما هو اللباس الرسمي المناسب للمرأة.
من خلال التجربة وسؤال مختلف الشرائح ثبت أن نسبة تكاد تكون معدومة ممن تم سؤالهم عن اللباس الرسمي للمرأة يعرفون الجواب الصحيح، الجواب ببساطة: لا يوجد لباس رسمي للمرأة، فقد تُرك الأمر لحسها وذوقها انطلاقاً من أنها الأقدر على معرفة ما يناسب أناقتها وهي الأدرى بما يليق بجسدها ومكانتها وسنها والمطلوب فقط مراعاة المناسبة والالتزام بما يتوافق مع الحشمة والاعتدال وبالتالي هي صاحبة القرار دوماً في اختيار اللون ونوعية الأقمشة والتصميم الذي تظن أنه الأنسب، إضافة إلى الحلي والإكسسوارات التي تعتقد أنها تلائم ما ترتدي ..... الخيارات كثيرة وفقا للمناسبات وأوقاتها.
هذا الاستهلال الذي أسلفته حول موضوع "اللباس الرسمي" يقودنا للحديث عن البروتوكول وآداب السلوك أو (الإيتكيت)، حيث ثمة نقصاً ملحوظاً في المعرفة بهذه الأمور وهو أمر ملموس وظاهر لدى الكثير من الأفراد وفي العديد من الإدارات والمؤسسات الرسمية والخاصة.
لفظة بروتوكول protocol ويقابلها في العربية المراسم أو التشريفات أصلها يوناني هو "protocollon" وهو اسم لنوع من الأشجار وضعت إحدى أوراقها يوماً ما على إحدى الاتفاقات الهامة ومدون عليها كيفية تطبيق بعض بنود تلك الاتفاقية، ومن ثم درجت العادة على إطلاق هذه التسمية على ما يتعلق بالتوضيحات وكيفية التصرف حيال تنفيذ التفاهمات والاتفاقات وصولاً إلى كيفية تنظيم أي حدث أو مناسبة والتعامل مع المعطيات الخاصة بالضيوف والمنظمين.
العلاقة بين البروتوكول والإتيكيت
هي العلاقة ما بين العام والخاص أو بين المجمل والتفصيل. أما لفظة "إتيكيت Etiquette" ويقابلها في العربية آداب السلوك فمصدرها فرنسي وتعني في الأصل البطاقة التي تلصق على طرد أو زجاجة لتعرف بالمحتوى ثم استعملت هذه اللفظة للدلالة إلى البطاقات التي كانت توزع على المدعوين إلى القصور الملكية الفرنسية للتقيد بالتعليمات المدونة عليها في حضرة الملك وكبار الحاشية من أمراء ووزراء وتوسع الأمر وصولاً إلى المحاكم والحفلات الرسمية والآداب.
الفرق بين المدلولَين
يمكن القول أن البروتوكول أمر يتعلق عموماً بالإجراءات والتنظيم، في حين أن الاتيكيت أو آداب السلوك يتعلق بتنفيذ التفاصيل وكيفية الالتزام بها، وإذا كان البروتوكول يقتضي الالتزام باللباس الرسمي في حفلة رسمية تدعى إليها فإن التفاصيل المتعلقة بنوع اللباس الرسمي بما في ذلك اللون والطراز ونوعية القماش هي أمور تدخل في باب الاتيكيت، وإذا كنت مدعواً إلى عشاء يقيمه شخص رفيع المستوى فالبروتوكول يقتضي التقيد بالموعد وقيمة صاحب الدعوة لكنّ كيفية أداء التحية كعدم التقبيل أو عدم الضغط على اليد بقوة وغير ذلك يندرج في مجال الاتيكيت، فالعلاقة إذاً بين البروتوكول والإتيكيت هي العلاقة ما بين العام والخاص أو بين المجمل والتفصيل.
القاعدة الثابتة في البروتوكول والإتيكيت هي: تصرف في روما كما يتصرف الرومان
قواعد متغيرة
في الواقع تتغير قواعد البروتوكول والإتيكيت وفقا للجغرافيا والتاريخ، أي أن المكان والزمان يفرضان شروطهما فإذا ما سلمنا أن اللون الأسود هو لون الحداد في غالبية مناطق العالم فإن اللون الأصفر هو لون الحداد في الفلبين وعدد من دول شرق وجنوب شرق آسيا وفي حين أن قواعد البروتوكول في فرنسا في زمن الملك لويس الثالث عشر اقتضت أن يضطجع الملك على فراش مجاور وهو يزور الكاردينال روشبالو الراقد على فراشه بسبب المرض حيث لم يكن وارداً أبداً أن يكون الملك واقفاً وغيره جالس أو مضطجع ثم تبدل هذا الأمر مع الزمن وأصبحت زيارات الملوك والرؤساء وكبار المسؤولين للمرضى وهم على أسرّتهم أمر يدل على التواضع والاهتمام بالجانب الإنساني والاجتماعي وملامسة قضايا الناس.
إذا فقواعد البروتوكول غير ثابتة وإنما متبدلة والقاعدة الثابتة هي (تصرف في روما كما يتصرف الرومان) فلكل مكان وزمان قواعده المحددة في البروتوكول التي يجب التعرف عليها واتباعها درءاً لأي حرج.
أ.رياض نوفل
عن مجلة ميديا &pr /العدد الرابع [/RIGHT][/RIGHT]
هل وصلتك يوماً بطاقة دعوة لحفل عام لك ولزوجتك مذيلة بعبارة "يرجى التقيد باللباس الرسمي"؟، كل من عمل عملاً حكومياً أو خاصاً لا بد أنه تلقى مثل هذه البطاقة، السؤال الآخر هو كم من الأشخاص تقيد باللباس الرسمي؟ الجواب: غالبيتهم، ولكن هل هذا التقيد ناجم عن معرفة دقيقة بماهية اللباس الرسمي وضرورته في المناسبات؟ أم أن شيئاً يعود للفطرة والحس العام يقودنا إلى السلوك الصحيح؟
بغض النظر عن إتباعنا للسلوك الصحيح والتقيد بالتعليمات وفقا لنص البطاقة، فإن مفارقة هامة لابد من الحديث عنها وهي أن كل الرجال والنساء تقريباً يعرفون أن اللباس الرسمي للرجل هو البزة الداكنة السوداء أو الكحلية في المناسبات التي تتم نهاراً أو مساءً وقد يكون اللون الرمادي الغامق وارداً أيضاً في المناسبات التي تتم نهاراً، لكن من النادر ما يعرف الرجال والنساء على حد سواء ما هو اللباس الرسمي المناسب للمرأة.
من خلال التجربة وسؤال مختلف الشرائح ثبت أن نسبة تكاد تكون معدومة ممن تم سؤالهم عن اللباس الرسمي للمرأة يعرفون الجواب الصحيح، الجواب ببساطة: لا يوجد لباس رسمي للمرأة، فقد تُرك الأمر لحسها وذوقها انطلاقاً من أنها الأقدر على معرفة ما يناسب أناقتها وهي الأدرى بما يليق بجسدها ومكانتها وسنها والمطلوب فقط مراعاة المناسبة والالتزام بما يتوافق مع الحشمة والاعتدال وبالتالي هي صاحبة القرار دوماً في اختيار اللون ونوعية الأقمشة والتصميم الذي تظن أنه الأنسب، إضافة إلى الحلي والإكسسوارات التي تعتقد أنها تلائم ما ترتدي ..... الخيارات كثيرة وفقا للمناسبات وأوقاتها.
هذا الاستهلال الذي أسلفته حول موضوع "اللباس الرسمي" يقودنا للحديث عن البروتوكول وآداب السلوك أو (الإيتكيت)، حيث ثمة نقصاً ملحوظاً في المعرفة بهذه الأمور وهو أمر ملموس وظاهر لدى الكثير من الأفراد وفي العديد من الإدارات والمؤسسات الرسمية والخاصة.
لفظة بروتوكول protocol ويقابلها في العربية المراسم أو التشريفات أصلها يوناني هو "protocollon" وهو اسم لنوع من الأشجار وضعت إحدى أوراقها يوماً ما على إحدى الاتفاقات الهامة ومدون عليها كيفية تطبيق بعض بنود تلك الاتفاقية، ومن ثم درجت العادة على إطلاق هذه التسمية على ما يتعلق بالتوضيحات وكيفية التصرف حيال تنفيذ التفاهمات والاتفاقات وصولاً إلى كيفية تنظيم أي حدث أو مناسبة والتعامل مع المعطيات الخاصة بالضيوف والمنظمين.
العلاقة بين البروتوكول والإتيكيت
هي العلاقة ما بين العام والخاص أو بين المجمل والتفصيل. أما لفظة "إتيكيت Etiquette" ويقابلها في العربية آداب السلوك فمصدرها فرنسي وتعني في الأصل البطاقة التي تلصق على طرد أو زجاجة لتعرف بالمحتوى ثم استعملت هذه اللفظة للدلالة إلى البطاقات التي كانت توزع على المدعوين إلى القصور الملكية الفرنسية للتقيد بالتعليمات المدونة عليها في حضرة الملك وكبار الحاشية من أمراء ووزراء وتوسع الأمر وصولاً إلى المحاكم والحفلات الرسمية والآداب.
الفرق بين المدلولَين
يمكن القول أن البروتوكول أمر يتعلق عموماً بالإجراءات والتنظيم، في حين أن الاتيكيت أو آداب السلوك يتعلق بتنفيذ التفاصيل وكيفية الالتزام بها، وإذا كان البروتوكول يقتضي الالتزام باللباس الرسمي في حفلة رسمية تدعى إليها فإن التفاصيل المتعلقة بنوع اللباس الرسمي بما في ذلك اللون والطراز ونوعية القماش هي أمور تدخل في باب الاتيكيت، وإذا كنت مدعواً إلى عشاء يقيمه شخص رفيع المستوى فالبروتوكول يقتضي التقيد بالموعد وقيمة صاحب الدعوة لكنّ كيفية أداء التحية كعدم التقبيل أو عدم الضغط على اليد بقوة وغير ذلك يندرج في مجال الاتيكيت، فالعلاقة إذاً بين البروتوكول والإتيكيت هي العلاقة ما بين العام والخاص أو بين المجمل والتفصيل.
القاعدة الثابتة في البروتوكول والإتيكيت هي: تصرف في روما كما يتصرف الرومان
قواعد متغيرة
في الواقع تتغير قواعد البروتوكول والإتيكيت وفقا للجغرافيا والتاريخ، أي أن المكان والزمان يفرضان شروطهما فإذا ما سلمنا أن اللون الأسود هو لون الحداد في غالبية مناطق العالم فإن اللون الأصفر هو لون الحداد في الفلبين وعدد من دول شرق وجنوب شرق آسيا وفي حين أن قواعد البروتوكول في فرنسا في زمن الملك لويس الثالث عشر اقتضت أن يضطجع الملك على فراش مجاور وهو يزور الكاردينال روشبالو الراقد على فراشه بسبب المرض حيث لم يكن وارداً أبداً أن يكون الملك واقفاً وغيره جالس أو مضطجع ثم تبدل هذا الأمر مع الزمن وأصبحت زيارات الملوك والرؤساء وكبار المسؤولين للمرضى وهم على أسرّتهم أمر يدل على التواضع والاهتمام بالجانب الإنساني والاجتماعي وملامسة قضايا الناس.
إذا فقواعد البروتوكول غير ثابتة وإنما متبدلة والقاعدة الثابتة هي (تصرف في روما كما يتصرف الرومان) فلكل مكان وزمان قواعده المحددة في البروتوكول التي يجب التعرف عليها واتباعها درءاً لأي حرج.
أ.رياض نوفل
عن مجلة ميديا &pr /العدد الرابع [/RIGHT][/RIGHT]