جعلاني ولي الفخر
✗ ┋ جًعًلٌأَنٌيِ وَلِيَ أُلّفّخِرَ أُلٌمًسًرًۇۈۉرً
15 مليون عامل و45 مليار دولار إجمالي تحويلات الأجانب بنهاية 2008
اقتصاديون يؤيدون تحديد فترة بقاء الأيدي العاملة الأجنبية ويدعون لإجراءات أوسع لتنظيم أسواق العمل الخليجية
(المنامة) ـ حسن العالي : أعاد تصريح وزير العمل السعودي المهندس عادل فقيه حول عدم السماح بالتجديد للأيدي العاملة الوافدة التي أمضت ست سنوات في المملكة تسليط الأضواء على قضية يتواصل الجدل حولها على مستوى كافة دول مجلس التعاون منذ نحو ثماني سنوات دون حسم.
ويأتي القرار على خلفية توقيع دول مجلس التعاون على اتفاقات دولية تحكم هذا الأمر من بينها اتفاق دولي تقر الدول الموقعة عليه بأنه في حال بقاء العامل الوافد لفترة تصل بين 5 و6 سنوات يتحول لعامل مهاجر ولا يحق للدولة التي يعمل بها إجباره على المغادرة، كما أن له الحقوق السياسية الممنوحة للمواطن ذاته، وهو الأمر الذي لا تريده دول المجلس.
ووفقا لمحللين فإن هذه القضية تعود للعام 2004 ثم أعيد طرحها بشكل واسع وعلى مستوى دول مجلس التعاون الخليجي في 2008، وتم إقرارها من وزراء العمل الخليجيين في البحرين إلا أنه تم تأجيلها بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وأيضاً بسبب تحفظ بعض الدول الخليجية عليه في ذلك الوقت.
واتفق وزراء العمل الخليجيون في 2008 خلال اجتماع ضمهم في العاصمة السويسرية جنيف على رفع توصية تحديد مدة بقاء العامل الأجنبي لفترة خمس سنوات للقمة الخليجية وهو ما حدث في اجتماع لهم عقد في (نوفمبر) من العام نفسه في العاصمة القطرية الدوحة إذ تم إقرار التوصية رسمياً ورفعت لوضعها على جدول أعمال القمة التي عقدت في العاصمة العُمانية مسقط، غير أن القمة لم توافق على توصية وزراء العمل حينذاك، وفضّلت تأجيل اتخاذ القرار عبر درسه مجدداً.
وأشار هؤلاء المحللون بأن هذا التوجه سوف يلقى معارضة شديدة من رجال الأعمال بشأن القرار، وسوف يسعون لتأجيله أو إلغائه، كما حدث في السابق.
إلا أن اقتصاديين يقولون على الرغم من عدم إنكار الدور الهام الذي تقوم به الأيدي العاملة الوافدة من خلال مشاركتها في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومساهمتها في سد النقص الكلي في الأيدي العاملة الوطنية التي تحتاجها التنمية المتسارعة، إلا أنه في المقابل هناك آثار سلبية خلفتها الأيدي العاملة الأجنبية التي لم تكن تخضع لخطط مدروسة ومعايير واضحة ومحددة لاستقطابها أدى لاستقرارها في هذه الدول لسنوات طويلة مما خلق العديد من الآثار السلبية على اقتصاديات ومجتمعات دول المجلس .
ويشيرون إلى تطور نسبة الأيدي العاملة الوافدة في كل دولة من دول مجلس التعاون حسب إحصائيات الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي وتقارير وزارات العمل في هذه الدول ما بين عامي 2001 و 2008 أن حجم الأيدي العاملة ألأجنبية ارتفع إلى نحو 15 مليون عامل وأن نسبة هذه الأيدي العاملة من إجمالي الأيدي العاملة في مملكة البحرين كانت 58.8% عام 2001 ثم ارتفعت إلى 79% ، وفي المملكة العربية السعودية ارتفعت من 50,2% إلى 70% وفي السلطنة زادت من 79% إلى 81.5% وفي دولة قطر طفرت من 53,9% إلى 84.8% وأخيرًا دولة الكويت زادت من 80,4% إلى 84.8% وتشير تلك الإحصائيات بأن تطور الأيدي العاملة الوافدة في دولة الإمارات العربية المتحدة بلغت أقصاها وبنسبة 90% من إجمالي القوى العاملة.
إن استمرار هيمنة الأيدي العاملة الوافدة واستحواذها على هيكل وتركيبة سوق الأيدي العاملة الخليجية خصوصـًا لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص أدى إلى تفاقم مشكلة الباحثين عن عمل بين مواطني دول المجلس وبلغت كمتوسط عام حوالي 7 % على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي وتتفاوت نسبة الباحثين عن عمل من دولة لأخرى.
كما أدت تلك الهيمنة إلى زيادة التحويلات المالية للأيدي العاملة الوافدة إلى بلدنها، حيث بلغت هذه التحويلات خلال الفترة 1975- 2002 أكثر من 413 مليار دولار من الدول ، موزعة بين المملكة العربية السعودية بنحو 260 مليار دولار، الإمارات بنحو 65 مليار دولار، الكويت بنحو 29 مليار دولار، السلطنه بنحو 26 مليار دولار، قطر بنحو 23 مليار دولار، وأخيراً البحرين بنحو 11 مليار دولار، كما أن حجم تحويلات الأجانب في دول الخليج بلغت نحو 45 مليار دولار عام 2008. وهناك تحويلات تمت بصورة غير رسمية بلغت حوالي 10 مليارات دولار بالنسبة لدول المجلس الست مجتمعة وتشكل هذه التحويلات استنزافـًا للمزيد من موارد دول مجلس التعاون وتسرب مخزون كبير من العملات الأجنبية الصعبة إلى خارج بلدانها.
كما تؤدي تلك الهيمنة أيضا إلى زيادة الضغط على السلع والخدمات والأجور حيث تحصل الأيدي العاملة الوافدة وأسرهم على خدمات التعليم والصحة واستخدام المرافق العامة دون مقابل أو بمقابل رمزي واستفادتهم من الدعم المقدم من دول المجلس لكثير من الخدمات مما يحد من قدرة دول المجلس على توفير المزيد من فرص العمل للمواطنين والخريجين الداخلين لسوق العمل، كما يولد اختناقات في عرض الخدمات الصحية والسكن وغيرها .
كما برز في الآونة الأخيرة تأثير سلبي آخر هو تزايد الضغوطات الدولية على دول المجلس سواء من قبل منظمة العمل الدولية أو المنظمات المعنية بحقوق العمال وتوجيه اتهاماتها بانتهاك حقوق العمال وممارسة التمييز وضرورة تحسين أوضاعها والسماح بتجنيس بعضها، وهو ما أوقع دول المجلس أمام تحديات خطيرة تهدد بفتح باب للتدخل الدولي ليس في قضايا التنمية الخليجية فحسب، بل وفي تركيبة مجتمعاتها السكانية والثقافية والاجتماعية, ولربما تطال التركيبة السياسية أيضا.
وتأثير آخر لا يقل خطورة وهو إثارة الاضطرابات العمالية والإضراب عن العمل والقيام بأعمال تخريب وحرق للممتلكات العامة والخاصة ، كما حدث مؤخرًا في دولة الإمارات العربية المتحدة وتحت عناوين مختلفة منها المطالبة بتحسين الوضع والأجور.
لقد سعت دول الخليج العربية للتنسيق بينها لاتخاذ العديد من الخطوات للحد من تفاقم معدلات الباحثين عن عمل وتقليل الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة ، ومنها السعي لوضع قيود على جلب الأيدي العاملة الأجنبية، وتشجيع توطين الوظائف.
وعلى صعيد التجارب الوطنية تبرز تجربة المملكة العربية السعودية في مجال التوطين حيث وضعت سياسة تقوم على أساس التحكم في معدلات الباحثين عن عمل من خلال عدة إجراءات ، منها تنفيذ حملة وطنية لحصر وتسجيل وتوظيف المواطنين السعوديين في القطاع الخاص ودعم تدريب وتوظيف السعوديين في القطاع الخاص بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية الذي يهدف إلى توفير الظروف المناسبة لاستيعاب السعوديين في هذا القطاع. علاوة على ذلك، تم إنشاء مركز الملك فهد للتوظيف تحت إشراف وإدارة صندوق تنمية الموارد البشرية بهدف دعم الجهود المبذولة في تسهيل توظيف السعوديين . كذلك تطبيق إجراءات وضوابط محددة لترشيد الاستقدام بغرض الحد من تدفق الأيدي العاملة الوافدة بأعداد كبيرة تزيد عن الحاجة الفعلية إليها وتعيق توظيف الأيدي العاملة الوطنية.
كما تم قصر العمل في بعض الأنشطة والمهن على السعوديين وفقـًا لقرار من مجلس الوزراء السعودي بشأن زيادة توظيف السعوديين في منشآت القطاع الخاص كما تم أيضا إنشاء مجلس استشاري لوزارة العمل يضم نخبة من رجال الأعمال لتقديم المشورة والرأي للوزارة حول قضايا التوظيف والاستقدام .
ومع الإقرار بأهمية تحديد فترة زمنية لبقاء العامل الأجنبي في البلد منعـًا لتوطينه مستقبلا ً والإصرار على تعريف الأيدي العاملة الأجنبية بأنها مؤقتة وليست مهاجرة، يرى هؤلاء الاقتصاديون أن تنظيم أسواق العمل الخليجية وإعادة هيكلتها يتطلب إجراءات أوسع من مجرد هذا الإجراء حيث يتوجب كذلك مراجعة النظم الخاصة بالكفيل والإقامة والتنقل بين الوظائف. وفي نفس الوقت يجب فتح أسواق العمل أمام الأيدي العاملة الخليجية ومعاملتها المعاملة المحلية من حيث الرواتب والمزايا وتشريعات العمل والضمان الاجتماعي وغيره بما سهم في توطينها في دول المجلس ويسهم في تجسيد أهم مقومات السوق الخليجية المشتركة.
ويدعو هؤلاء الاقتصاديون أيضا إلى ضرورة أن يقوم مجلس التعاون الخليجي بوضع استراتيجية تعاونية شاملة ومتكاملة وتشتمل على الخطط الزمنية والإجراءات العملية ذات الرؤية الواضحة والجادة في التنفيذ، تستهدف الحد من تدفق الأيدي العاملة الوافدة وإحلال وتوطين الأيدي العاملة الوطنية بدلاً منها. ويشمل ذلك الاهتمام بأساليب تخطيط القوى العاملة وربطها بخطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقـًا لأولوياتها المستقبلية. كذلك تكوين أجهزة متخصصة في وزارات العمل في دول مجلس التعاون الخليجي لتجميع إحصائيات سوق العمل والمعلومات المرتبطة بالموارد البشرية ، والربط الالكتروني بين هذه الأجهزة بما يسهم في التعرف على حركة الأيدي العاملة الوافدة بين دول المجلس واتجاهاتها ومعدلات نموها خاصة مع قيام السوق الخليجية المشتركة .
كما يدعمون زيادة كلفة الأيدي العاملة الوافدة ولكن بصورة متوازنة مع توسيع وتطوير برامج التدريب والتأهيل الأيدي العاملة الوطنية في كافة المهن وذلك بغرض الإحلال التدريجي للقوى العاملة الخليجية محل الأيدي العاملة الأجنبية والإصلاح المستمر للنظام التعليمي وتطوير مناهج وبرامج التعليم وتحسين مخرجاته بما يتلاءم واحتياجات سوق العمل. ولكن على القطاع الخاص رفع معدلات الرواتب والمزايا بما يقارب من القطاع الحكومي لجذب المزيد من الأيدي العاملة الوطنية.