بسم الله الرحمن الرحيم
ثوان ، دقائق ، ساعات
أوقاتٌ تمُرّ من حياتِنا ،وكلها محسوبة
نتذكّر مانُريد ، ونتجاهل مالا نُريد
أوقاتٌ يتخلّلُها الفرح ، الحُزن ، السعادة ، والأمل
لحظات كُره ، ولحظات حُبّ، نُصّورها ونضعها في ألبوم ذكرياتنا
بمرور الوقت... تتساقط الصور من الألبوم... كتساقط الأوراق في فصلِ الخريف ... الورق لا يعود .... الوقت لا يعود
بينما الذكرى تضّلّ تتشّبث جذورها في أذهاننا
واليوم اخترت لكمـ صورة مريم
اضطرت لقبول تلك الفُرصة في مكان بعيد عدّة ساعات من قريتها، وصلت إلى وجهتها ، ولكن وجدت المكان على
غير ماتخيّلت ، خالي من الطالبات، ربُما لأن اليوم كان إجازة ، والطالِبات الموجودات من قبل لم
يصلن من مناطقهن، وقفت حائرة في الممر بعد أن تم اطلاعُها على غُرفتها بالسكن الداخلي، يُخيّل لها صورة والديها من بعيد ، بضحكاتهم وجمعتهم ، تترقرق عيناها بالدموع ، وتشرد بذِهنها إلى حيثُ هُم، يقطع شرودها وصول عدد من الفتيات
بأصواتهن العالية يملئ أصواتهُن كُل أنواع الاحتجاجات على مُشرفة السكن ، لإعطاء الطالبات الجديدات بعض الفراش القديم ، المُشرفة مس ريتا ، المعروفة بشِّدّتها ، وعصبيتها، وعدم تفهّمها لاحتياجات الطالبات، هذا غير عدم
إتاحة الفُرصة للطالبات للتعبير عن آرائهُنّ، وفي مُقدّمة تِلك الطالبات مريم، هي من كان صوتها عالي، مُدافِعاً عن احتياجات الزميلات، وبالرغم من محاولة مس ريتا لتبرير موقِفها ، وإخراج نفسها مِن الموضوع ، إلا أن مريم ظلّت
على موقِفها، إلى أن حصلت لطالبات على ما أردن، عندها شعرت مها بارتياح ، وأيقنت بأن هُناك من سوف يحميها
في حالة تعرضَها لموقفٍ ما، مرّت الأيام ، وأصبحت مها صديقةً لِمريم، وأصبحن كروح واحدة في جسدين، رُبما الفارق الوحيد الذي كان بينهُّن أن مها كانت مازالت مُبتدِئة في التدريب، ومريم في السنة الأخيرة ، ولم يبقى لها سوى فصل واحد وسوف تتخرّج، وبالرغم مِن ذلِك ، كانت مريم خير عون لِمها، تذاكر لها دروسها ، وتُذلل كُلّ الصعاب من أجل تجاوز صديقتها مها صعوبات بداية الدراسة، وأصبحت لها الأم والأخت لبُعد أهلها عنها ، ولعدم تمكنها من رؤيتهم إلا كُلّ ثلاثة أشهُر، تجد مها في ذلِك اليوم، ورُبمّا يومين قبلِه لا تذق طعم النوم، لأنها سوف ترى
أهلها الذين غابت عنهُم، وفي الفترة التي يتأخر فيها بعض الطالبات من الذهاب إلى منازِلهن يستغللن ذلِك في بعض التسلية والترفيه، من القيام ببعض الألعاب المُسلّية مِن لعِب كُرة السلة ، أو كُرة اليد، أو إعداد بعض الوجبات الخفيفة
لأن أكل بابوه صاحب المطعم يصبح مُملاً خصوصاً في أيام العُطل التي يلتم فيها الأهل ويتناولون ألذّ الأكلات ،ماعدا يوم الخميس فأن أكلهُ يكون مُحبباً لدى الطالبات ، لأن السكن يبقى فيه القليل منهُنّ، وبالتالي ، فأنهُ يتفنن في قلي البرجر المثلجة ، فتجد الطالبات يأخُذن ضِعف مايكفي حاجتهُن من البرجر والبطاطا المقلية، وعلبة بيبسي، ويجلسن في قاعة واحدة صغيرة بانتظار فيلم السهرة ، حتى يقضين على ماتبقى لديهن من ساندويجات قد تكون غير مُستساغة
ولكن اندماجهُن مع الفيلم يجعلهُن يشعرن بأنهُ أفضل برجرخصوصاً لأنهُن في ذلك اليوم يتخلصن من الفاصوليا والبيض المسلوق. تسمع قهقهاتهُن وصرخاتهُنّ من بعيد، يبدأ الفيلم وينتهي وهُن على نفس الحال ، ولا واحِده مِنهُنّ فهمت الفيلم عن ماذا أو عمّا تدور أحداثه، تنسحب كُلّ واحِدة منهُن بعد انتهاء الفيلم وهي غير قادِرة حتى على المشي .
تمرُّ الأيام تِلو الأُخرى ، تتخرّج مريم وتضلُّ مها في السكن وحيدة، بعد أن أهدتها خاتم، ولوحة بِها منظر طبيعي،وبِطاقة صغيرة كتبت عليها، لن أنساكِ ياأُختي. توّظفت مريم وأصبحت تتصل بمها كُل ماوجدت فُرصة ... وكانت في إحدى اتصالاتها ، تقول لمها عندما أتزوج أُريدك أن تجلسي معنا في بيت أهلي فترة طويلة، كي تُشاركيني فرحتي، مها في السنه الثالثة، تخرّجت بعد أن
اجتازت تدريباتها ، وتوظّفت ، واستمرت عِلاقتها مع مريم على حالِها، ولكن للأسف
لم يتسنّى لها رؤيتها، فكانت تفتقدها كصديقة وأخت ،ولم تسمع صوتها لانشغال كِلاهُن
عندها قرّرت أن تتصل مها بها، ولكن كُلّما تتصل تجد الهاتف مشغولاً ، فتعاود الاتصال في اليوم الثاني وعلى نفس الحال. بعدها تذكّرت بِأنها كانت قد نسيت رقم وأبدلتهُ بِرقمٍ آخر، ولكن في نفس اليوم اتصلت لها احدى صديقاتها، وأخذن يُثرثرن عن الدوام ، ووووو ألخ، وفي نهاية الُمكالمة التي دامت قرابة النصف ساعة، قالت الصديقة لمها نسيت أن أخبرك بأن مريم ماتت في حادث سيارة عندما كانت ذاهِبة إلى الدوام، عِندها صُعِقت مها لهول الخبر ، لم تُصدِق بأنها كانت تتصل لصديقتها وصديقتها توفت
قبل أسبوعين ، توفّت وهي لم تراها ولم تسمع صوتها ولم تحضر زفافها..
سنيناً مرّت على موت مريم ولكن صورتها التي تحمل ابتسامتها ماتزال مُعلّقة على جدران الحياة
ثوان ، دقائق ، ساعات
أوقاتٌ تمُرّ من حياتِنا ،وكلها محسوبة
نتذكّر مانُريد ، ونتجاهل مالا نُريد
أوقاتٌ يتخلّلُها الفرح ، الحُزن ، السعادة ، والأمل
لحظات كُره ، ولحظات حُبّ، نُصّورها ونضعها في ألبوم ذكرياتنا
بمرور الوقت... تتساقط الصور من الألبوم... كتساقط الأوراق في فصلِ الخريف ... الورق لا يعود .... الوقت لا يعود
بينما الذكرى تضّلّ تتشّبث جذورها في أذهاننا
واليوم اخترت لكمـ صورة مريم
التحقت مها بأحد أماكن التدريب بعد تخرّجها من الثانوية، ولعدم وجود ذلك النوع من الأماكن في بلدتِها اضطرت لقبول تلك الفُرصة في مكان بعيد عدّة ساعات من قريتها، وصلت إلى وجهتها ، ولكن وجدت المكان على
غير ماتخيّلت ، خالي من الطالبات، ربُما لأن اليوم كان إجازة ، والطالِبات الموجودات من قبل لم
يصلن من مناطقهن، وقفت حائرة في الممر بعد أن تم اطلاعُها على غُرفتها بالسكن الداخلي، يُخيّل لها صورة والديها من بعيد ، بضحكاتهم وجمعتهم ، تترقرق عيناها بالدموع ، وتشرد بذِهنها إلى حيثُ هُم، يقطع شرودها وصول عدد من الفتيات
بأصواتهن العالية يملئ أصواتهُن كُل أنواع الاحتجاجات على مُشرفة السكن ، لإعطاء الطالبات الجديدات بعض الفراش القديم ، المُشرفة مس ريتا ، المعروفة بشِّدّتها ، وعصبيتها، وعدم تفهّمها لاحتياجات الطالبات، هذا غير عدم
إتاحة الفُرصة للطالبات للتعبير عن آرائهُنّ، وفي مُقدّمة تِلك الطالبات مريم، هي من كان صوتها عالي، مُدافِعاً عن احتياجات الزميلات، وبالرغم من محاولة مس ريتا لتبرير موقِفها ، وإخراج نفسها مِن الموضوع ، إلا أن مريم ظلّت
على موقِفها، إلى أن حصلت لطالبات على ما أردن، عندها شعرت مها بارتياح ، وأيقنت بأن هُناك من سوف يحميها
في حالة تعرضَها لموقفٍ ما، مرّت الأيام ، وأصبحت مها صديقةً لِمريم، وأصبحن كروح واحدة في جسدين، رُبما الفارق الوحيد الذي كان بينهُّن أن مها كانت مازالت مُبتدِئة في التدريب، ومريم في السنة الأخيرة ، ولم يبقى لها سوى فصل واحد وسوف تتخرّج، وبالرغم مِن ذلِك ، كانت مريم خير عون لِمها، تذاكر لها دروسها ، وتُذلل كُلّ الصعاب من أجل تجاوز صديقتها مها صعوبات بداية الدراسة، وأصبحت لها الأم والأخت لبُعد أهلها عنها ، ولعدم تمكنها من رؤيتهم إلا كُلّ ثلاثة أشهُر، تجد مها في ذلِك اليوم، ورُبمّا يومين قبلِه لا تذق طعم النوم، لأنها سوف ترى
أهلها الذين غابت عنهُم، وفي الفترة التي يتأخر فيها بعض الطالبات من الذهاب إلى منازِلهن يستغللن ذلِك في بعض التسلية والترفيه، من القيام ببعض الألعاب المُسلّية مِن لعِب كُرة السلة ، أو كُرة اليد، أو إعداد بعض الوجبات الخفيفة
لأن أكل بابوه صاحب المطعم يصبح مُملاً خصوصاً في أيام العُطل التي يلتم فيها الأهل ويتناولون ألذّ الأكلات ،ماعدا يوم الخميس فأن أكلهُ يكون مُحبباً لدى الطالبات ، لأن السكن يبقى فيه القليل منهُنّ، وبالتالي ، فأنهُ يتفنن في قلي البرجر المثلجة ، فتجد الطالبات يأخُذن ضِعف مايكفي حاجتهُن من البرجر والبطاطا المقلية، وعلبة بيبسي، ويجلسن في قاعة واحدة صغيرة بانتظار فيلم السهرة ، حتى يقضين على ماتبقى لديهن من ساندويجات قد تكون غير مُستساغة
ولكن اندماجهُن مع الفيلم يجعلهُن يشعرن بأنهُ أفضل برجرخصوصاً لأنهُن في ذلك اليوم يتخلصن من الفاصوليا والبيض المسلوق. تسمع قهقهاتهُن وصرخاتهُنّ من بعيد، يبدأ الفيلم وينتهي وهُن على نفس الحال ، ولا واحِده مِنهُنّ فهمت الفيلم عن ماذا أو عمّا تدور أحداثه، تنسحب كُلّ واحِدة منهُن بعد انتهاء الفيلم وهي غير قادِرة حتى على المشي .
تمرُّ الأيام تِلو الأُخرى ، تتخرّج مريم وتضلُّ مها في السكن وحيدة، بعد أن أهدتها خاتم، ولوحة بِها منظر طبيعي،وبِطاقة صغيرة كتبت عليها، لن أنساكِ ياأُختي. توّظفت مريم وأصبحت تتصل بمها كُل ماوجدت فُرصة ... وكانت في إحدى اتصالاتها ، تقول لمها عندما أتزوج أُريدك أن تجلسي معنا في بيت أهلي فترة طويلة، كي تُشاركيني فرحتي، مها في السنه الثالثة، تخرّجت بعد أن
اجتازت تدريباتها ، وتوظّفت ، واستمرت عِلاقتها مع مريم على حالِها، ولكن للأسف
لم يتسنّى لها رؤيتها، فكانت تفتقدها كصديقة وأخت ،ولم تسمع صوتها لانشغال كِلاهُن
عندها قرّرت أن تتصل مها بها، ولكن كُلّما تتصل تجد الهاتف مشغولاً ، فتعاود الاتصال في اليوم الثاني وعلى نفس الحال. بعدها تذكّرت بِأنها كانت قد نسيت رقم وأبدلتهُ بِرقمٍ آخر، ولكن في نفس اليوم اتصلت لها احدى صديقاتها، وأخذن يُثرثرن عن الدوام ، ووووو ألخ، وفي نهاية الُمكالمة التي دامت قرابة النصف ساعة، قالت الصديقة لمها نسيت أن أخبرك بأن مريم ماتت في حادث سيارة عندما كانت ذاهِبة إلى الدوام، عِندها صُعِقت مها لهول الخبر ، لم تُصدِق بأنها كانت تتصل لصديقتها وصديقتها توفت
قبل أسبوعين ، توفّت وهي لم تراها ولم تسمع صوتها ولم تحضر زفافها..
سنيناً مرّت على موت مريم ولكن صورتها التي تحمل ابتسامتها ماتزال مُعلّقة على جدران الحياة
التعديل الأخير: