الهاجس
¬°•| حكاية تميز |•°¬
- إنضم
- 7 نوفمبر 2010
- المشاركات
- 11,079
*^*(( بناء الشخصية الاجتماعية ))*^*
يعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقّين ، (الأول) : إشباع حاجاته النفسية ، و(الثاني) : إعداده لممارسة حياته المستقبلية .
ا- إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية : إن هذه الحاجات قد يعيش الإنسان بدونها ، ولكن لن يكون شخصاً سوياً أبداً إذا فقدها أو فقد بعضها ، وسنعرضها باختصار:
(أ) حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال : وإشباع هذه الحاجة يعني قَبوله اجتماعياً وزرع الثقة به واكتساب ثقته ، وقد حفلَت السنّة بمظاهر احترام الطفل : كسلام النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان ومنادتهم بكُنىً جميلة واحترام حقوقهم في المجالس فقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم الغلام أن يُعطي الأشياخ قبله ، وكان هو الجالس عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم
والاحترام لابد أن يكون نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء ، فالطفل وإن كان صغيراً فإنه يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء . وإضافة إلى السلام عليه ومناداته بأحب الأسماء واحترام حقوقه ، إجابة أسئلته وسماع حديثه وشكره إذا أحسن والدعاء له والثناء عليه وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه وإبداء رأيه وسماع مشورته .
وأما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيجب أن يتفاعل المربي مع ولده تفاعلاً عاطفياً وعملياً ، إذ يصادقه ويرافقه في السفر ويشاركه في اللعب المباح والعمل والقراءة ، ويسمع شكواه وإذا اختلف المربي معه في الرأي فبينهما الحوار الهادئ واحترام كل للآخر إلا أن للوالدين حق الطاعة والبر .
كما على المربي أن يتقبل فكرة وقوع ولده في الخطأ ، وأن يتذكر أن الخطأ ربما كان طريقاً للنجاح واستدراك الفائت ، فلا يشنَع عليه ويتيح له فرصة الرجوع والتوبة ؛ ليستعيد توازنه النفسي . وقد أشارت الدراسات إلى أن الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء ، ويشاركونهم في اللعب والعمل كالأصدقاء .
وإذا فقدت هذه الصداقة وجدت الطفل في مراهقته يتعلق بزميل أو معلم أو قريب ، وقد يكتسب خبرات سيئة كان الأولى أن يكتسبها من والده لو أن الصداقة عقدت بينهما .
كما أن احتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته والرغبة في العزلة ومن جهة أخرى يقوّي صلته برفاقه الذين يعجبون به ، وقد يكون هؤلاء رفقة سيئة فينساق معهم وينحرف ، والواقع يشهد بمئات الأمثلة .
وقد تختلف شخصية الطفل وتفكيره عن والده فعندها يجب أن تظل بينهما أواصر الصداقة والمحبة ، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورةً عن أبيه ولكن المهم المحافظة على حالته النفسية .
وأما الاستقلال فيبدأ عند الطفل في سن مبكرة ، إذ يحاول الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء الثياب وعلى الأم أن تساعده على الاستقلال والاعتماد على النفس وسيكون أمراً صعباً يحتاج إلى صبر ، وينبغي ألا تقدم له المساعدة إلا إذا كان العمل عسيراً لا يستطيعه ، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله ، مما يدعم ثقته بنفسه ويسهل تكيفه مع المجتمع .
(ب) حاجته إلى الحب والحنان : وهي من أهم الحاجات النفسية ، ولذا حَفلت السنّة بكثير من مظاهر هذا الحب ، وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة لمرحلة ، ففي مرحلة الطفولة المبكرة يَلَذُّ للمربي ملاعبة الطفل وترقيصه ومداعبته بأرقِّ العبارات وتقبيله وضمه ، وبعد أن يبلغ خمس سنوات يحب الطفل أن يجلس قريباً من الوالدين أو يضع رأسه على فخذ أحدهما أو يقبلهما أو غير ذلك ، بل إنه تشتد حاجته عند رجوعه من المدرسة أو من مكان لم يصحب فيه والديه أو عند وجود مشكلة خارج البيت أو داخله .
وفي مرحلة المراهقة يظل محتاجاً إلى الحنان والحب من والديه ، وذلك أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة وبخاصة إذا كان والداه ينتقدان حاجته للحب أو ينكران أن يقبّلهما أو يسند رأسه إليهما أو يحسان بالانزعاج والتضايق عندما يعبّر عن حبه لهما .
وعدم إشباع هذه الحاجة يؤدي إلى انعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس ، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر ، بل يعدّ الحرمان من الحب أهم أسباب الإصابة بمرض الاكتئاب في المستقبل ومن الناحية الاجتماعية تحدث فجوة بين المربي والطفل عندما لا تشبعُ حاجته إلى الحنان فيحس الطفل بالانقباض تجاه والديه ويستقل بمشكلاته أو يفضي بها للآخرين دون والديه ، ويصبح عنده جوعة عاطفية تجعله مستعداً للتعلق بالآخرين ، والتعلق يتخذ صوراً كالإعجاب والحب المفرط المؤدي إلى العشق المحرم والشذوذ الجنسي .
وفي مقابل ذلك فإن الإفراط في الحب وفي التعبير عنه ، يمنع المربي من الحزم في تربية الطفل ويعرض الطفل للأمراض النفسية فقد يكون التدليل وتلبية الرغبات وتوفير أكثر الحاجات الضرورية والكمالية سببا في إفساد الطفل ، لأنه يتعود على الترف ، ويعجز في مستقبله عن مواجهة الواقع ولن يستطيع تحمل المسئوليات لأن حب الوالدين له زاد عن حده وجملهما يمنعانه من الاستقلال وتحمل المسئولية والقيام بالأعمال .
ج- حاجته إلى اللعب : يحقق اللعب للطفل فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية ، منها:
(1) استنفاد الجهد الفائض والتنفيس عن التوتر الذي يتعرض له الطفل فيضرب اللعبة متخيلاً أنه يضرب شخصا أساء إليه أو شخصاً وهميّاً عرفه في خياله وفيما يُحكى له من الحكايات .
(2) تعلم الخطأ والصواب وبعض الأخلاق كالصدق والعدل والأمانة وضبط النفس عن طريق اللعب الجماعي ، وبناء العلاقات الاجتماعية ، إذ يتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين ، كما يتعلم دوره المستقبلي ، إذ تمثل الفتاة دور الأم ويمثل الصبي دور الأب ، وقد يمثلان مهنة من المهن .
(3) يدل اللعب بكثرة على توَقّد الذكاء والفطنة ويساعد على نمو العضلات وتجديد النشاط ، وتنمية المهارات المختلفة * ضوابط اللعب : للعبِ ضوابط منها :
(أ) ضوابط شرعية :
فقد تكون اللُّعبة محرمة في حد ذاتها ، كالنرد والقمار واللعب بالحمام ويدخل تحت ذلك اليانصيب والرِّهان غير المشروع ، وقد تكون اللعبة حراماً لأنها تشغل عن الواجبات الشرعية ، أو لأنها تؤذي الجسم وتعرضه للهلاك ، أو أنه يقترن بها محرم ككشف عورة أو لعن أو شتم أو معاداة لمسلم أو موالاة لكافر ، أو صورة ذات رُوح أو صليب أو غير ذلك من المحرمات .
والقاعدة في ذلك : أن كل لعبة مباحة إلا لعبَةَ حرَّمها الشارع ، أو اقترن بها محرم أو أدت إلى فوات واجب أو ارتكاب محرم .
(ب) ضوابط صحية :
منها ما ورد في النهي عن اللعب بعد المغرب إلى العشاء ، لأن تلك الساعة تنتشر فيها الشياطين فهذا الخطر معلوم شرعاً ، وهناك أخطار معلومة بالعقل والتجربة كاللعب بالأدوات الحادة أو في الأماكن الخطرة .
(ج) ضوابط تربوية منها :
* تَنَاسُبُ اللعبة مع عمر الطفل ، ففي السنة الأولى يميل الطفل إلى الألعاب البسيطة كالمكعبات وكرة البلاستيك ، ثم يتطور فيصبح بإمكانه اللعب بالتركيبات وأدوات الحَفْر ، والبنت تميل إلى اللعب بالدُّمى وأدوات المطبخ ، ويمكن تعليمه مسك القلم ومشاهدة الكتب المصورة ، وتعد الألعاب الصامتة من أهم الألعاب ، لأنها تحتاج إلى تخيل وتمرين وتتيح للطفل فرصة الابتكار وتستحوذ على اهتمامه مدة أطول من الألعاب المتحركة .
* تعويد الطفل على اللعب بمفرده إذا كان وحيداً ، وعلى الأم ألا تشارك ولدها اللعب إلا كتمهيد ثم تنسحب تدريجيَا ، ليتعلم كيف يلعب وحده ويعتمد على نفسه
* اللعب مع الحيوانات الأليفة ، مع ضرورة الانتباه إلى الرعاية الصحية ، وهي تكفل للطفل متعة وفائدة لا تحد
* إخفاء بعض الألعاب حتى يشتاق إليها ثم إعادتها إليه
* عدم الإغراق في شراء ألعاب الحرب لأنها تزيد العدوان عند الطفل
* تهيئة مكان للعب الطفل ، ويحسن أن يكون واسعا مفتوحاً وهذا يكفل سلامة الطفل وترتيب البيت وسلامة الألعاب
2- إعداده لممارسة حياته المستقبلية :
ولن يكون هذا ا لإعداد إلا بزرع الثقه في نفس الطفل وتعويده الاعتماد على النفس وتقوية إرادته وعزيمته وتنمية مواهبه ، وهناك وسائل تساعد على ذلك منها :
احترام الطفل : وهذا الاحترام يحمل على إكرام الطفل وعدم السخرية منه ولو أخفق في عمل ما ، بل إن احترامه يقتضي الثناء عليه عند نجاحه ، واستشارته في بعض الأمور ، واستحسان رأيه الصائب ، وإرشاده برفق إلى خطأ رأيه وإذا كان أحد الوالدين أو بعض الأقرب يستهزئ بالطفل أو يواجهه بالنقذ الجارح كانتقاد الشكل أو العقل ، فعلى الأطراف الأخرى أن تدعم الطفل وتنمي ثقته بنفسه وتمدحه وتمنع الأطراف الأخرى من الانتقاص من الطفل لأن ذلك يضعف ثقته بنفسه في المستقبل ويهز شخصيته ويجعله مستعداً للتخلي عن أفكاره بسرعة إذا انتقده الآَخرون ولو كانت تلك الأفكار صائبة لأنه لم يتعود على الثقة بالنفس واحترامها منذ الطفولة .
تكليفه ببعض الأعمال :
وأول خطوة في ذلك : استغلال رغبته في الاستقلال وتأكيد الذات . فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الطفل يسعى إلى الاستقلال في سن مبكرة ، فيحاول الأكل وحده وغسل يديه وتمشيط شعره وارتداء ملابسه ، ويجب مساعدة الآخرين ، وعلى الأم خاصة أن تُرضي هذه الحال فتعص أطفالها حريتهم في الاستقلال وتساعدهم دون سخرية ولا تدللهم بدافع المحبة الزائدة
* وتأتي الخطوة الثانية في : تعويد الطفل على ترتيب غرب4 وقضاء حوائجه الخاصة ، وإذا كان في البيت خدم فينبغي أن يعلم أن الخدم للبيت عامة ، وعلى كل فرد القيام بعمله وحوائجه .
* الخطوة الثالثة : تتمثل في أشياء كثيرة منها : استئمانه على الودائع وتكليفه بالبيع والشراء ، وأعمال أخرى بحسب قدرة الطفل وقوته .
* اختلاطه بالناس لأن الحياة مدرسة لن يتعلم الطفل إلا من ممارستها فيعوَّدُ الطفل على حضور المجالس ومصاحبة والده في زياراته وحضور الولائم والأعراس بشروطه وضوابطه ، لأن هناك جوانب لن تتضح إلا إذا خرج الطفل من البيت والتقى بالغرباء ، وقد يأتي بعادات سيئة أو كلمات بذيئة ليس لهما علاج إلا التصحيح .
السريع وأما منعه من ذلك فخطأ جسيم يمنعه من تعلم أشياء كثيرة ومن ثم يصعب عليه التكيُّف مع الآَخرين .
* ويجب أن يعلِّم المربي ولده آداب المجالس والحديث ويتركه يعتمد على نفسه فلا يلقنه الإجابة إذا سُئل ، ويحذره من الثرثرة ويطلب منه المشاركة في الحديث .
* تقوية إرادته عن طريق : تعويده الصبر وإبعاده عن الترف . ويتعلم الطفل الصبر وضبط السلوك في الشهور الأولى من حياته إذا تريثت الأم قليلاً في إجابة ندائه وتحقيق طلباته من طعام أو شراب أو غير ذلك ، وهذا التريث قليل لا يصل إلى حد الإضرار به وكذلك : عدم إجابة طلباته وحرمانه من بعض الكماليات حتى لا يفسد بالترف .
* تعويده الخضوع للسلطة المرشدة التي تضبط سلوكه وتحد من رغباته المتهورة ، وعلى يدها يتعلم السلوك الصحيح ويتوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه بخضوعه قيم الاجتماعية المتعارف ويستحسن أن يُقنِع المربي ولده بالعادات الاجتماعية، وأما التكاليف الشرعية فليس ضرورياً أن يقتنع بها ، بل ينبغي أن يعلم حرمتها ويحترم كونها أمراً شرعيا" .
* ينبغي أن يختلف إعداد الفتى عن الفتاة ، فلابد من منع الطفلة من مجالسة الرجال إذا بلغت الرابعة أو الخامسة ومن الخروج إلى الشارع ، وتُعَلَّم الأدب والحشمة والحياء ، وتُلزَمَ بالحجاب ، وتُعلَّم أعمال المنزل وكل ما يساعدها لتكون زوجة ناجحة وأماً مثالية ومن الواجب أن تكون الأم صديقة لبنتها فتشركها معها في أعمال المنزل والتزيُّن والمكوث في البيت وتشابه اللباس . والأب يصادق ولده ويخرج معه إلى قضاء الحوائج والصلاة ويلبس مثله ، ولكن ليحذر من أخذه معه في رحلات أصدقائه لأنه قد يتعلق بأحدهم وبخاصة إذا كان مراهقاً ويحدُث الانحراف من حيث لم يحذر الوالد .
يعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقّين ، (الأول) : إشباع حاجاته النفسية ، و(الثاني) : إعداده لممارسة حياته المستقبلية .
ا- إشباع الحاجات النفسية والاجتماعية : إن هذه الحاجات قد يعيش الإنسان بدونها ، ولكن لن يكون شخصاً سوياً أبداً إذا فقدها أو فقد بعضها ، وسنعرضها باختصار:
(أ) حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال : وإشباع هذه الحاجة يعني قَبوله اجتماعياً وزرع الثقة به واكتساب ثقته ، وقد حفلَت السنّة بمظاهر احترام الطفل : كسلام النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان ومنادتهم بكُنىً جميلة واحترام حقوقهم في المجالس فقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم الغلام أن يُعطي الأشياخ قبله ، وكان هو الجالس عن يمين الرسول صلى الله عليه وسلم
والاحترام لابد أن يكون نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء ، فالطفل وإن كان صغيراً فإنه يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء . وإضافة إلى السلام عليه ومناداته بأحب الأسماء واحترام حقوقه ، إجابة أسئلته وسماع حديثه وشكره إذا أحسن والدعاء له والثناء عليه وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه وإبداء رأيه وسماع مشورته .
وأما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيجب أن يتفاعل المربي مع ولده تفاعلاً عاطفياً وعملياً ، إذ يصادقه ويرافقه في السفر ويشاركه في اللعب المباح والعمل والقراءة ، ويسمع شكواه وإذا اختلف المربي معه في الرأي فبينهما الحوار الهادئ واحترام كل للآخر إلا أن للوالدين حق الطاعة والبر .
كما على المربي أن يتقبل فكرة وقوع ولده في الخطأ ، وأن يتذكر أن الخطأ ربما كان طريقاً للنجاح واستدراك الفائت ، فلا يشنَع عليه ويتيح له فرصة الرجوع والتوبة ؛ ليستعيد توازنه النفسي . وقد أشارت الدراسات إلى أن الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء ، ويشاركونهم في اللعب والعمل كالأصدقاء .
وإذا فقدت هذه الصداقة وجدت الطفل في مراهقته يتعلق بزميل أو معلم أو قريب ، وقد يكتسب خبرات سيئة كان الأولى أن يكتسبها من والده لو أن الصداقة عقدت بينهما .
كما أن احتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته والرغبة في العزلة ومن جهة أخرى يقوّي صلته برفاقه الذين يعجبون به ، وقد يكون هؤلاء رفقة سيئة فينساق معهم وينحرف ، والواقع يشهد بمئات الأمثلة .
وقد تختلف شخصية الطفل وتفكيره عن والده فعندها يجب أن تظل بينهما أواصر الصداقة والمحبة ، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورةً عن أبيه ولكن المهم المحافظة على حالته النفسية .
وأما الاستقلال فيبدأ عند الطفل في سن مبكرة ، إذ يحاول الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء الثياب وعلى الأم أن تساعده على الاستقلال والاعتماد على النفس وسيكون أمراً صعباً يحتاج إلى صبر ، وينبغي ألا تقدم له المساعدة إلا إذا كان العمل عسيراً لا يستطيعه ، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله ، مما يدعم ثقته بنفسه ويسهل تكيفه مع المجتمع .
(ب) حاجته إلى الحب والحنان : وهي من أهم الحاجات النفسية ، ولذا حَفلت السنّة بكثير من مظاهر هذا الحب ، وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة لمرحلة ، ففي مرحلة الطفولة المبكرة يَلَذُّ للمربي ملاعبة الطفل وترقيصه ومداعبته بأرقِّ العبارات وتقبيله وضمه ، وبعد أن يبلغ خمس سنوات يحب الطفل أن يجلس قريباً من الوالدين أو يضع رأسه على فخذ أحدهما أو يقبلهما أو غير ذلك ، بل إنه تشتد حاجته عند رجوعه من المدرسة أو من مكان لم يصحب فيه والديه أو عند وجود مشكلة خارج البيت أو داخله .
وفي مرحلة المراهقة يظل محتاجاً إلى الحنان والحب من والديه ، وذلك أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة وبخاصة إذا كان والداه ينتقدان حاجته للحب أو ينكران أن يقبّلهما أو يسند رأسه إليهما أو يحسان بالانزعاج والتضايق عندما يعبّر عن حبه لهما .
وعدم إشباع هذه الحاجة يؤدي إلى انعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس ، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر ، بل يعدّ الحرمان من الحب أهم أسباب الإصابة بمرض الاكتئاب في المستقبل ومن الناحية الاجتماعية تحدث فجوة بين المربي والطفل عندما لا تشبعُ حاجته إلى الحنان فيحس الطفل بالانقباض تجاه والديه ويستقل بمشكلاته أو يفضي بها للآخرين دون والديه ، ويصبح عنده جوعة عاطفية تجعله مستعداً للتعلق بالآخرين ، والتعلق يتخذ صوراً كالإعجاب والحب المفرط المؤدي إلى العشق المحرم والشذوذ الجنسي .
وفي مقابل ذلك فإن الإفراط في الحب وفي التعبير عنه ، يمنع المربي من الحزم في تربية الطفل ويعرض الطفل للأمراض النفسية فقد يكون التدليل وتلبية الرغبات وتوفير أكثر الحاجات الضرورية والكمالية سببا في إفساد الطفل ، لأنه يتعود على الترف ، ويعجز في مستقبله عن مواجهة الواقع ولن يستطيع تحمل المسئوليات لأن حب الوالدين له زاد عن حده وجملهما يمنعانه من الاستقلال وتحمل المسئولية والقيام بالأعمال .
ج- حاجته إلى اللعب : يحقق اللعب للطفل فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية ، منها:
(1) استنفاد الجهد الفائض والتنفيس عن التوتر الذي يتعرض له الطفل فيضرب اللعبة متخيلاً أنه يضرب شخصا أساء إليه أو شخصاً وهميّاً عرفه في خياله وفيما يُحكى له من الحكايات .
(2) تعلم الخطأ والصواب وبعض الأخلاق كالصدق والعدل والأمانة وضبط النفس عن طريق اللعب الجماعي ، وبناء العلاقات الاجتماعية ، إذ يتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين ، كما يتعلم دوره المستقبلي ، إذ تمثل الفتاة دور الأم ويمثل الصبي دور الأب ، وقد يمثلان مهنة من المهن .
(3) يدل اللعب بكثرة على توَقّد الذكاء والفطنة ويساعد على نمو العضلات وتجديد النشاط ، وتنمية المهارات المختلفة * ضوابط اللعب : للعبِ ضوابط منها :
(أ) ضوابط شرعية :
فقد تكون اللُّعبة محرمة في حد ذاتها ، كالنرد والقمار واللعب بالحمام ويدخل تحت ذلك اليانصيب والرِّهان غير المشروع ، وقد تكون اللعبة حراماً لأنها تشغل عن الواجبات الشرعية ، أو لأنها تؤذي الجسم وتعرضه للهلاك ، أو أنه يقترن بها محرم ككشف عورة أو لعن أو شتم أو معاداة لمسلم أو موالاة لكافر ، أو صورة ذات رُوح أو صليب أو غير ذلك من المحرمات .
والقاعدة في ذلك : أن كل لعبة مباحة إلا لعبَةَ حرَّمها الشارع ، أو اقترن بها محرم أو أدت إلى فوات واجب أو ارتكاب محرم .
(ب) ضوابط صحية :
منها ما ورد في النهي عن اللعب بعد المغرب إلى العشاء ، لأن تلك الساعة تنتشر فيها الشياطين فهذا الخطر معلوم شرعاً ، وهناك أخطار معلومة بالعقل والتجربة كاللعب بالأدوات الحادة أو في الأماكن الخطرة .
(ج) ضوابط تربوية منها :
* تَنَاسُبُ اللعبة مع عمر الطفل ، ففي السنة الأولى يميل الطفل إلى الألعاب البسيطة كالمكعبات وكرة البلاستيك ، ثم يتطور فيصبح بإمكانه اللعب بالتركيبات وأدوات الحَفْر ، والبنت تميل إلى اللعب بالدُّمى وأدوات المطبخ ، ويمكن تعليمه مسك القلم ومشاهدة الكتب المصورة ، وتعد الألعاب الصامتة من أهم الألعاب ، لأنها تحتاج إلى تخيل وتمرين وتتيح للطفل فرصة الابتكار وتستحوذ على اهتمامه مدة أطول من الألعاب المتحركة .
* تعويد الطفل على اللعب بمفرده إذا كان وحيداً ، وعلى الأم ألا تشارك ولدها اللعب إلا كتمهيد ثم تنسحب تدريجيَا ، ليتعلم كيف يلعب وحده ويعتمد على نفسه
* اللعب مع الحيوانات الأليفة ، مع ضرورة الانتباه إلى الرعاية الصحية ، وهي تكفل للطفل متعة وفائدة لا تحد
* إخفاء بعض الألعاب حتى يشتاق إليها ثم إعادتها إليه
* عدم الإغراق في شراء ألعاب الحرب لأنها تزيد العدوان عند الطفل
* تهيئة مكان للعب الطفل ، ويحسن أن يكون واسعا مفتوحاً وهذا يكفل سلامة الطفل وترتيب البيت وسلامة الألعاب
2- إعداده لممارسة حياته المستقبلية :
ولن يكون هذا ا لإعداد إلا بزرع الثقه في نفس الطفل وتعويده الاعتماد على النفس وتقوية إرادته وعزيمته وتنمية مواهبه ، وهناك وسائل تساعد على ذلك منها :
احترام الطفل : وهذا الاحترام يحمل على إكرام الطفل وعدم السخرية منه ولو أخفق في عمل ما ، بل إن احترامه يقتضي الثناء عليه عند نجاحه ، واستشارته في بعض الأمور ، واستحسان رأيه الصائب ، وإرشاده برفق إلى خطأ رأيه وإذا كان أحد الوالدين أو بعض الأقرب يستهزئ بالطفل أو يواجهه بالنقذ الجارح كانتقاد الشكل أو العقل ، فعلى الأطراف الأخرى أن تدعم الطفل وتنمي ثقته بنفسه وتمدحه وتمنع الأطراف الأخرى من الانتقاص من الطفل لأن ذلك يضعف ثقته بنفسه في المستقبل ويهز شخصيته ويجعله مستعداً للتخلي عن أفكاره بسرعة إذا انتقده الآَخرون ولو كانت تلك الأفكار صائبة لأنه لم يتعود على الثقة بالنفس واحترامها منذ الطفولة .
تكليفه ببعض الأعمال :
وأول خطوة في ذلك : استغلال رغبته في الاستقلال وتأكيد الذات . فقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الطفل يسعى إلى الاستقلال في سن مبكرة ، فيحاول الأكل وحده وغسل يديه وتمشيط شعره وارتداء ملابسه ، ويجب مساعدة الآخرين ، وعلى الأم خاصة أن تُرضي هذه الحال فتعص أطفالها حريتهم في الاستقلال وتساعدهم دون سخرية ولا تدللهم بدافع المحبة الزائدة
* وتأتي الخطوة الثانية في : تعويد الطفل على ترتيب غرب4 وقضاء حوائجه الخاصة ، وإذا كان في البيت خدم فينبغي أن يعلم أن الخدم للبيت عامة ، وعلى كل فرد القيام بعمله وحوائجه .
* الخطوة الثالثة : تتمثل في أشياء كثيرة منها : استئمانه على الودائع وتكليفه بالبيع والشراء ، وأعمال أخرى بحسب قدرة الطفل وقوته .
* اختلاطه بالناس لأن الحياة مدرسة لن يتعلم الطفل إلا من ممارستها فيعوَّدُ الطفل على حضور المجالس ومصاحبة والده في زياراته وحضور الولائم والأعراس بشروطه وضوابطه ، لأن هناك جوانب لن تتضح إلا إذا خرج الطفل من البيت والتقى بالغرباء ، وقد يأتي بعادات سيئة أو كلمات بذيئة ليس لهما علاج إلا التصحيح .
السريع وأما منعه من ذلك فخطأ جسيم يمنعه من تعلم أشياء كثيرة ومن ثم يصعب عليه التكيُّف مع الآَخرين .
* ويجب أن يعلِّم المربي ولده آداب المجالس والحديث ويتركه يعتمد على نفسه فلا يلقنه الإجابة إذا سُئل ، ويحذره من الثرثرة ويطلب منه المشاركة في الحديث .
* تقوية إرادته عن طريق : تعويده الصبر وإبعاده عن الترف . ويتعلم الطفل الصبر وضبط السلوك في الشهور الأولى من حياته إذا تريثت الأم قليلاً في إجابة ندائه وتحقيق طلباته من طعام أو شراب أو غير ذلك ، وهذا التريث قليل لا يصل إلى حد الإضرار به وكذلك : عدم إجابة طلباته وحرمانه من بعض الكماليات حتى لا يفسد بالترف .
* تعويده الخضوع للسلطة المرشدة التي تضبط سلوكه وتحد من رغباته المتهورة ، وعلى يدها يتعلم السلوك الصحيح ويتوافق مع المجتمع الذي يعيش فيه بخضوعه قيم الاجتماعية المتعارف ويستحسن أن يُقنِع المربي ولده بالعادات الاجتماعية، وأما التكاليف الشرعية فليس ضرورياً أن يقتنع بها ، بل ينبغي أن يعلم حرمتها ويحترم كونها أمراً شرعيا" .
* ينبغي أن يختلف إعداد الفتى عن الفتاة ، فلابد من منع الطفلة من مجالسة الرجال إذا بلغت الرابعة أو الخامسة ومن الخروج إلى الشارع ، وتُعَلَّم الأدب والحشمة والحياء ، وتُلزَمَ بالحجاب ، وتُعلَّم أعمال المنزل وكل ما يساعدها لتكون زوجة ناجحة وأماً مثالية ومن الواجب أن تكون الأم صديقة لبنتها فتشركها معها في أعمال المنزل والتزيُّن والمكوث في البيت وتشابه اللباس . والأب يصادق ولده ويخرج معه إلى قضاء الحوائج والصلاة ويلبس مثله ، ولكن ليحذر من أخذه معه في رحلات أصدقائه لأنه قد يتعلق بأحدهم وبخاصة إذا كان مراهقاً ويحدُث الانحراف من حيث لم يحذر الوالد .
منقووول