المرتاح
موقوف
الجزء الاول
المساء هادي بهدوء برودة ديسمبر منتصف كل عام ، أضواء الحارة باهتة ، بعض البيوت كأنما لا كهرباء في داخلها ، كأنها أكواخ من عصر الخمسينات من القرن الحالي . لا حركة أنفس ولا نسمة ريح ، غير أزيز الحشرات .. والأضواء تبدو منكسرة واهية ، مشيتُ أحاول اخترق الظلمة ، انظر إلى ردهات البيوت إلى مداخل طرقاتها الضيقة المظلمة .. مساحة منبسطة ليستْ كبيرة بين بيتنا وبيتهم .. وصلتُ على عجلٍ وخطواتي تتسارع كأنها تطوي الأرض ، بين الركض والمشي . أهرول تكاد قدماي لا تلامس التراب ، كمتسابقٍ يتسلق الأمواج ، لم يكد يلامس الموجة ليقفز للموجة الأخرى .. وصلتُ البيت ، ضغطتُ على زر الجرس ، أخذتْ تُحرر المِزلاج الداخلي قبل ان تصل إلى الباب الرئيسي .. تُدير المفتاح من الداخل وبصوتها العذب :
- ادخل ، ادخل ، حبيبي ، أنا انتظرك ..
رفعتْ رأسها في استقامة ضاغطة على رِجْليها ، واقفة على أطراف أصابع قدميها .. على وجهها ابتسامة وفرحة كبيرة بادية على مُحيّاها .. أدخل ، حيّاك الله ،محظوظ هذا البيت التي تحط فيه أقدامك ، حاولتُ افتح الباب ، كان ثقيلاً بعض الشيء ، لم استطع فتحه ، لأني كنت رقيقاً معه إلى حدٍ كبير ، كنت أداريه إلى ابعد الحدود ، ولم لا ، فأنا في بيت فتاة رائعة ، عليها مَسْحة من قطوفٍ دانيةٍ من الرقّة ومُحيّاها الجميل يُشعرك بأنك على زرع وارفٍ من المحبة والمودة الناعمة .. ناهيكَ عن كوني في ضيافتها ، ولا يُمكن أن أظهر حماقة أو تصرف ربما لا تُحبّذهُ ولا تستحسنه .. وبصوت عالي ، انتظرني ، سأفتحه لك .. يا حبيبي ، أنت خائف من الباب ، ولماذا الخوف .؟! إنه مجرّد باب ، ادفعه بقوة .. وبصوتها الأنثوي العذب : ولكن .. ولكن ماذا..؟! قُل أنكَ غير قادر لفتحه أو لنزع " المِرْجام " مزلاج الباب ، ليبقى مُغلقاً مُحْكماً وأبوابه غير مُشرعةٌ للسائر والغادي .. ألقتْ بنظرة عينها الناعسة ، ضعيف هو جسدكَ ، كأنّه ليسَ به قُوة.. تصوّر لو أنّى منحتك ثقتي ، كيف يُمكنك الولوج إلى حيث دفئي وباب
بيتنا ، لم تستطع تحرير مزلاجه..؟!
-ماذا يُمكنني أن افعل به .. ؟! أكسرهُ ، لتعلمي أني قوي ، أهذه هي الثقة التي تُريدين ، اكسره لتكون لدي القوة . " كنت أفهم ما ترمي إليه ، لكني تجاهلت الرد المُباشر"
- أين هيَ عبقرية التصرف .. ماذا لو واجهتك مشكلة ما ، أكبر منها .. فماذا أنت فاعل حينها ، وكيف تتصرّف .. ؟؟ تصوّر أن ما بيدك انشطر ، أو انكسر ثم تحطّم .. كيف يُمكن إصلاحه .؟! أو بمعنى آخر ، كيف يُمكن أن تُعيد إليه عافيته بعد وعكته .؟! كيف يُمكنني أكون قريبة وسعيدة وأنا ألحظُ عليك تصرفاً ، تُغلق فيه كل رغبة وتقتل فيها كل مُهجة .. ماذا لو شعرتَ بقطرات المطر تنهمر عليكَ ، ماذا آنت فاعلٌ .؟!! أتغلقَه بلُطف سَعياً نحو لُطف حثيث.!؟ كيف يُمكن أن تنتشل الخوف من نفسك وتكون رجلاً على قدّ المسؤولية .؟! كيف أثق في تصرفّك ، فأجدكَ على استعداد لمواجهة التحديات بقدر ما تملكه من إرادة إنسانية ..!؟ فلو عرّفنا أن الحُب إرادة ، كيف تُحرر هذه الإرادة وأنت واقع في بُغيتها .. أعني كيف تتصرّف بإرادتك هنا ، في اللحظة الآمرة.؟؟!سكتُ ولم انبس بحرف .. لأني لا اعرف ماذا أقول .. أو بماذا أرد عليها ، وكيف أجيب .؟! لقد طافتْ بي بعيداً رغم فهمي لها ، لكن كلامها كان كبيراً جداً .. فقلت في نفسي ، علّها تهذي أو أنها تختبرني .. لذا يجب عليّ الصمت فهو خير من الثرثرة التي هي اقرب إلى طريق مسدود ـ ربما ـ فلماذا لا أسدّ هذه الثغرة خوفاً من تسريب شيء من تنافُرٍ عَبر اختلافنا ، فلا يصح ان نختلف ، من أول يوم أزورها فيه ، وغلقِ هذا الباب هو خير لمودّتنا ، فلماذا لا اختار الخير ، وابتعد عن الأدنى الذي هو شر..! بقيت صامتاً .. وفي نفسي ضيقٌ ولا يكاد يخفى على احدٌ فطنٌ ، قوي الملاحظة ، فتغيرات ملامحي واضحة ، وضوح الشمس في كبد النهار.. كسرتْ صَمتي:
- تكلّم ، قُل ولا تخف .. لا تصمت ، فإنّا سنعيد رغبتنا بإرادة صَلبة دون انكسار أو انشطار . فالمهم أن تكون مَسروراً غير مُحطّم .! واعلم بأنّ الشجاعة قدر الفُحولة القوية والجرأة سمةٌ تفتخر به كُل رجولة شامخة .
- لم أرد عليها .. يا إلهي ، مالذي دَهاني كيف اعرف هذه المتفلسفة ، ذي القوة الناشطة ، بل هي على غير عادة نسوتها الأخريات اللواتي يُكفكفن دموعهن ويتدثّرن بالخجل ، ويَقْتلن عواطفهن في حُجورهنّ لأنها أول فتاةٍ تسير بِغَير هدْي تقاليد مجتمعها ، توافرتْ فيها كل مُقومات الانسياق العاطفي ، وبرزتْ جُرأتها ككيان مُتميّز ومُستقل بإرادته .. لماذا هي اليوم على غير عادتها .. ؟؟لماذا تتحدّث بكلمات فلسفية ، فعباراتها تحتاج إلى فك غُموضها كأنّما يَعتريها غُموض ترمزُ إليه ما أنا بقادرٍ لفكّ إيحاءاته ، فهل ابقى مكتوف الايدى ، لا أحرّك سكون شفرتها ولو بفرطٍ غير محمود . ألمْ تكنْ هي التي دعتني " ضحكت ههه " أم غيرها تحمل صُورتها ، ولكن لماذا كشفتْ عن وجهها ..!؟ ولماذا أحدثتْ ربْكاً في نفسي ..؟! ألستُ أنا الذي ارتبكَ أمره فيها واختلط عليه أَمْرُها، فلماذا أَعِيبُها ؟! نعمْ ، يجب ان اتخلّص من ربْغها ..؟! نظرتُ إلى وجهها وجسدها ، قرأتها من أخمص قدميها حتى آخر شعرة نافذة من وجهها ، فبانتْ لي ، ناعمةٌ كربيع مُزهر مُخصب .. تساءلتُ ، كيف أُحلّ رِبْقتها ، كيف أفرّج عن كُربة عاطفتها .. ؟! إنها تُغريني .. ولكنها لمْ تُبَيّنُ لي بياناً مُباشراً .. أتحتاج أنْ ادخل عليها هكذا بلا سمتٍ ولا أدب .. هززتُ رأسي ولوّحت بيدى مُتعجبٌ ، على غرابة من أمْرها ، إذاً من أي باب ادخل ..؟! تذكّرتُ أنّها ليست كأي فتاةٍ ، إنها فتاةٌ ماكرة ، ذات كيدٍ عتيد .. ظهرتْ لي بعبقرية حيوات المرأة الازلية ، في ثوبٍ جديد، فأضحتْ أكثر دهاءً مِمّا ظهرتْ عليه إمرأة العزيزفي زمانها .. !!
للقصة بقية فتابعووها...
المساء هادي بهدوء برودة ديسمبر منتصف كل عام ، أضواء الحارة باهتة ، بعض البيوت كأنما لا كهرباء في داخلها ، كأنها أكواخ من عصر الخمسينات من القرن الحالي . لا حركة أنفس ولا نسمة ريح ، غير أزيز الحشرات .. والأضواء تبدو منكسرة واهية ، مشيتُ أحاول اخترق الظلمة ، انظر إلى ردهات البيوت إلى مداخل طرقاتها الضيقة المظلمة .. مساحة منبسطة ليستْ كبيرة بين بيتنا وبيتهم .. وصلتُ على عجلٍ وخطواتي تتسارع كأنها تطوي الأرض ، بين الركض والمشي . أهرول تكاد قدماي لا تلامس التراب ، كمتسابقٍ يتسلق الأمواج ، لم يكد يلامس الموجة ليقفز للموجة الأخرى .. وصلتُ البيت ، ضغطتُ على زر الجرس ، أخذتْ تُحرر المِزلاج الداخلي قبل ان تصل إلى الباب الرئيسي .. تُدير المفتاح من الداخل وبصوتها العذب :
- ادخل ، ادخل ، حبيبي ، أنا انتظرك ..
رفعتْ رأسها في استقامة ضاغطة على رِجْليها ، واقفة على أطراف أصابع قدميها .. على وجهها ابتسامة وفرحة كبيرة بادية على مُحيّاها .. أدخل ، حيّاك الله ،محظوظ هذا البيت التي تحط فيه أقدامك ، حاولتُ افتح الباب ، كان ثقيلاً بعض الشيء ، لم استطع فتحه ، لأني كنت رقيقاً معه إلى حدٍ كبير ، كنت أداريه إلى ابعد الحدود ، ولم لا ، فأنا في بيت فتاة رائعة ، عليها مَسْحة من قطوفٍ دانيةٍ من الرقّة ومُحيّاها الجميل يُشعرك بأنك على زرع وارفٍ من المحبة والمودة الناعمة .. ناهيكَ عن كوني في ضيافتها ، ولا يُمكن أن أظهر حماقة أو تصرف ربما لا تُحبّذهُ ولا تستحسنه .. وبصوت عالي ، انتظرني ، سأفتحه لك .. يا حبيبي ، أنت خائف من الباب ، ولماذا الخوف .؟! إنه مجرّد باب ، ادفعه بقوة .. وبصوتها الأنثوي العذب : ولكن .. ولكن ماذا..؟! قُل أنكَ غير قادر لفتحه أو لنزع " المِرْجام " مزلاج الباب ، ليبقى مُغلقاً مُحْكماً وأبوابه غير مُشرعةٌ للسائر والغادي .. ألقتْ بنظرة عينها الناعسة ، ضعيف هو جسدكَ ، كأنّه ليسَ به قُوة.. تصوّر لو أنّى منحتك ثقتي ، كيف يُمكنك الولوج إلى حيث دفئي وباب
بيتنا ، لم تستطع تحرير مزلاجه..؟!
-ماذا يُمكنني أن افعل به .. ؟! أكسرهُ ، لتعلمي أني قوي ، أهذه هي الثقة التي تُريدين ، اكسره لتكون لدي القوة . " كنت أفهم ما ترمي إليه ، لكني تجاهلت الرد المُباشر"
- أين هيَ عبقرية التصرف .. ماذا لو واجهتك مشكلة ما ، أكبر منها .. فماذا أنت فاعل حينها ، وكيف تتصرّف .. ؟؟ تصوّر أن ما بيدك انشطر ، أو انكسر ثم تحطّم .. كيف يُمكن إصلاحه .؟! أو بمعنى آخر ، كيف يُمكن أن تُعيد إليه عافيته بعد وعكته .؟! كيف يُمكنني أكون قريبة وسعيدة وأنا ألحظُ عليك تصرفاً ، تُغلق فيه كل رغبة وتقتل فيها كل مُهجة .. ماذا لو شعرتَ بقطرات المطر تنهمر عليكَ ، ماذا آنت فاعلٌ .؟!! أتغلقَه بلُطف سَعياً نحو لُطف حثيث.!؟ كيف يُمكن أن تنتشل الخوف من نفسك وتكون رجلاً على قدّ المسؤولية .؟! كيف أثق في تصرفّك ، فأجدكَ على استعداد لمواجهة التحديات بقدر ما تملكه من إرادة إنسانية ..!؟ فلو عرّفنا أن الحُب إرادة ، كيف تُحرر هذه الإرادة وأنت واقع في بُغيتها .. أعني كيف تتصرّف بإرادتك هنا ، في اللحظة الآمرة.؟؟!سكتُ ولم انبس بحرف .. لأني لا اعرف ماذا أقول .. أو بماذا أرد عليها ، وكيف أجيب .؟! لقد طافتْ بي بعيداً رغم فهمي لها ، لكن كلامها كان كبيراً جداً .. فقلت في نفسي ، علّها تهذي أو أنها تختبرني .. لذا يجب عليّ الصمت فهو خير من الثرثرة التي هي اقرب إلى طريق مسدود ـ ربما ـ فلماذا لا أسدّ هذه الثغرة خوفاً من تسريب شيء من تنافُرٍ عَبر اختلافنا ، فلا يصح ان نختلف ، من أول يوم أزورها فيه ، وغلقِ هذا الباب هو خير لمودّتنا ، فلماذا لا اختار الخير ، وابتعد عن الأدنى الذي هو شر..! بقيت صامتاً .. وفي نفسي ضيقٌ ولا يكاد يخفى على احدٌ فطنٌ ، قوي الملاحظة ، فتغيرات ملامحي واضحة ، وضوح الشمس في كبد النهار.. كسرتْ صَمتي:
- تكلّم ، قُل ولا تخف .. لا تصمت ، فإنّا سنعيد رغبتنا بإرادة صَلبة دون انكسار أو انشطار . فالمهم أن تكون مَسروراً غير مُحطّم .! واعلم بأنّ الشجاعة قدر الفُحولة القوية والجرأة سمةٌ تفتخر به كُل رجولة شامخة .
- لم أرد عليها .. يا إلهي ، مالذي دَهاني كيف اعرف هذه المتفلسفة ، ذي القوة الناشطة ، بل هي على غير عادة نسوتها الأخريات اللواتي يُكفكفن دموعهن ويتدثّرن بالخجل ، ويَقْتلن عواطفهن في حُجورهنّ لأنها أول فتاةٍ تسير بِغَير هدْي تقاليد مجتمعها ، توافرتْ فيها كل مُقومات الانسياق العاطفي ، وبرزتْ جُرأتها ككيان مُتميّز ومُستقل بإرادته .. لماذا هي اليوم على غير عادتها .. ؟؟لماذا تتحدّث بكلمات فلسفية ، فعباراتها تحتاج إلى فك غُموضها كأنّما يَعتريها غُموض ترمزُ إليه ما أنا بقادرٍ لفكّ إيحاءاته ، فهل ابقى مكتوف الايدى ، لا أحرّك سكون شفرتها ولو بفرطٍ غير محمود . ألمْ تكنْ هي التي دعتني " ضحكت ههه " أم غيرها تحمل صُورتها ، ولكن لماذا كشفتْ عن وجهها ..!؟ ولماذا أحدثتْ ربْكاً في نفسي ..؟! ألستُ أنا الذي ارتبكَ أمره فيها واختلط عليه أَمْرُها، فلماذا أَعِيبُها ؟! نعمْ ، يجب ان اتخلّص من ربْغها ..؟! نظرتُ إلى وجهها وجسدها ، قرأتها من أخمص قدميها حتى آخر شعرة نافذة من وجهها ، فبانتْ لي ، ناعمةٌ كربيع مُزهر مُخصب .. تساءلتُ ، كيف أُحلّ رِبْقتها ، كيف أفرّج عن كُربة عاطفتها .. ؟! إنها تُغريني .. ولكنها لمْ تُبَيّنُ لي بياناً مُباشراً .. أتحتاج أنْ ادخل عليها هكذا بلا سمتٍ ولا أدب .. هززتُ رأسي ولوّحت بيدى مُتعجبٌ ، على غرابة من أمْرها ، إذاً من أي باب ادخل ..؟! تذكّرتُ أنّها ليست كأي فتاةٍ ، إنها فتاةٌ ماكرة ، ذات كيدٍ عتيد .. ظهرتْ لي بعبقرية حيوات المرأة الازلية ، في ثوبٍ جديد، فأضحتْ أكثر دهاءً مِمّا ظهرتْ عليه إمرأة العزيزفي زمانها .. !!
للقصة بقية فتابعووها...