قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إنما تنقض عرى الاسلام عروة عروة إذا نشأ في الاسلام من لا يعرف الجاهلية. ولهذا كان الصحابة اعرف الامة بالاسلام وتفاصيله وابوابه وطرقه وأشد الناس رغبة فيه ومحبة له وجهادا لاعدائه وتكلما بأعلامه وتحذيرا من خلافه لكمال علمهم بضده فجاءهم الإسلام وكل خصلة منه مضادة لكل خصلة مما كانوا عليه فازدادوا له معرفة وحباً وفيه جهاداً بمعرفتهم بضده وذلك بمنزلة من كان في حصر شديد وضيق ومرض وفقر وخوف ووحشة فقيض الله له من نقله منه الى فضاء وسعة وأمن وعافية وغنى وبهجة وسرور فإنه يزداد سروره وغبطته ومحبته بما نقل اليه بحسب معرفته بما كان فيه. وليس حال هذا كمن ولد في الامن والعافية والغنى والسرور فإنه لم يشعر بغيره وربما قيضت له اسباب تخرجه عن ذلك الى ضده وهو لا يشعر وربما ظن ان كثيرا من اسباب الهلاك والعطب تفضي به الى السلامة والامن والعافية فيكون هلاكه على يدي نفسه وهو لا يشعر وما اكثر هذا الضرب من الناس فإذا عرف الضدين وعلم مباينة الطرفين وعرف اسباب الهلاك على التفصيل كان احرى ان تدوم له النعمة مالم يؤثر اسباب زوالها على علم وفي مثل هذا قال القائل:
عرفت الشر لا للشر لكن لتقوقيه ... ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه.
وهذه حال المؤمن يكون فطنا حاذقا اعرف الناس بالشر وأبعدهم منه فإذا تكلم في الشر واسبابه ظننته من شر الناس فإذا خالطته وعرفت طويته رأيته من ابر الناس والمقصود ان من بلى بالافات صار من اعرف الناس بطرقها وامكنه ان يسدها على نفسه وعلى من استنصحه من الناس ومن لم يستنصحه.
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة/الجزء الأول/ الصفحة (295 - 296)
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت
دمتم في حفظ الله ورعايته.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: إنما تنقض عرى الاسلام عروة عروة إذا نشأ في الاسلام من لا يعرف الجاهلية. ولهذا كان الصحابة اعرف الامة بالاسلام وتفاصيله وابوابه وطرقه وأشد الناس رغبة فيه ومحبة له وجهادا لاعدائه وتكلما بأعلامه وتحذيرا من خلافه لكمال علمهم بضده فجاءهم الإسلام وكل خصلة منه مضادة لكل خصلة مما كانوا عليه فازدادوا له معرفة وحباً وفيه جهاداً بمعرفتهم بضده وذلك بمنزلة من كان في حصر شديد وضيق ومرض وفقر وخوف ووحشة فقيض الله له من نقله منه الى فضاء وسعة وأمن وعافية وغنى وبهجة وسرور فإنه يزداد سروره وغبطته ومحبته بما نقل اليه بحسب معرفته بما كان فيه. وليس حال هذا كمن ولد في الامن والعافية والغنى والسرور فإنه لم يشعر بغيره وربما قيضت له اسباب تخرجه عن ذلك الى ضده وهو لا يشعر وربما ظن ان كثيرا من اسباب الهلاك والعطب تفضي به الى السلامة والامن والعافية فيكون هلاكه على يدي نفسه وهو لا يشعر وما اكثر هذا الضرب من الناس فإذا عرف الضدين وعلم مباينة الطرفين وعرف اسباب الهلاك على التفصيل كان احرى ان تدوم له النعمة مالم يؤثر اسباب زوالها على علم وفي مثل هذا قال القائل:
عرفت الشر لا للشر لكن لتقوقيه ... ومن لا يعرف الشر من الناس يقع فيه.
وهذه حال المؤمن يكون فطنا حاذقا اعرف الناس بالشر وأبعدهم منه فإذا تكلم في الشر واسبابه ظننته من شر الناس فإذا خالطته وعرفت طويته رأيته من ابر الناس والمقصود ان من بلى بالافات صار من اعرف الناس بطرقها وامكنه ان يسدها على نفسه وعلى من استنصحه من الناس ومن لم يستنصحه.
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة/الجزء الأول/ الصفحة (295 - 296)
طبعة دار الكتب العلمية - بيروت
دمتم في حفظ الله ورعايته.