ماخطى قلبي ولامره خطى
¬°•| عضو مبتدى |•°¬
البنوك والبنوك الإسلامية.. السياسة والإقتصاد (3-3) الأربعاء, 11 مايو/آيار 2011 05:50 خالد العزري
-
ليست لديّ –كما لدى غيري على الأرجح- معلومات فيما اذا كانت بنوكنا المحلية والبنك المركزي بخاصة قد استوعبت درس المظاهرات التي عبرت البلاد. كان أملي أن أرى مطالبات أخرى للناس لكي تعاد صياغة السياسة البنكية، والسياسة الاقتصادية في عمان، وليس الاكتفاء بالمطالبة بالبنوك الإسلامية. لكن لا يمكن تعليق اللوم على الناس البسطاء. بنوك بلا فوائد، كما هو شعار البنوك الإسلامية مُغرٍ، خاصة بالنســـبة لأسر استهلكتها الديــون و"المشروعات" الاقتصادية الفاشلة، من قبيل "الجمعيات" المالية التي ظهرت مع بداية الألفية الجديدة، وسرقت أموال وأحلام كثير من البسطاء. الحاجة وفق ما أرى تكمن في إعادة هيكلة سياسة السلف أو القروض، وسياسة الفوائد وسياسة الخدمات التي تقدمها البنوك للعملاء في عمان، وربط هذه الأمور بواقع المجتمع وخاصة واقع الأسرة العمانية وقدرتها المالية. هذه قضايا ملحة، وينبغي نقاشها بصورة علنية وبكثير من الشفافية. لقد لعبت البنوك دورا حيويا في عملية التطوير والتحول الاجتماعي والاقتصادي في عمان، لكنها كذلك مثلت دور الضاغط على الإنسان العماني، لكي يقبل بما تراه الحكومة من املاءات، وضغوط وسياسات اقتصادية وسياسية واجتماعية. لقد ارتبطت السياسة بالاقتصاد. وهكذا فمنذ السبعينات تحول الإنسان العماني إلى شخص يريد تحقيق حياة رفاه دون التفكير بمقدراته المالية وامكانياته البسيطة. كيف له أن يفعل ذلك والبنك على استعداد بمنحه ما يشاء من مبالغ بعيد أول أسبوع من استلامه للوظيفة الحكومية. يتبعها في الإسبوع الأول من التعيين شراء سيارة، ثم بعد قليل شراء زواج فاخر، يليه شراء سيارة ومن ثم بناء بيت وأطفال وكثير من المصروفات الأخرى في الوقت الذي لا يملك الإنسان العماني شيئا من المال الذي يبدده يوميا ومن دون قدرة على التوقف والتفكر في سياسته الاقتصادية المتغيرة هذه!
خلقت هذه السياسة وخلال عمر قصير نوعين من العمانيين ونوعين من الثقافة: العماني المفلس والخاوي في العمق، والمتباهي والواهم في الخارج، وبالتالي ثقافة الفهلوة والتباهي والخواء. والنوع الثاني: هو العماني المتضخم ماليا بثـقافة الجشع المطالِبة بالمزيد. النوعان والثقافتان دخيلتان على المجتمع العماني السابق لعصر النهضة العمانية. وفي الوقت الذي يعلو فيه خطاب الهوية والتراث والثقافة العمانية وخصوصيتها، كان الإقتصاد وحركة البنوك وضياع الأخلاق وارتباط العاملين الاجتماعي والاقتصادي بالعامل السياسي خارج إطار التغطية والنقاش أو حتى التفكير. لقد بقيت منطقة محرم التفكير فيها. هكذا ففي حين كان الفقر هو السمة التي يشترك فيها جل أهل عمان إلى بعيد عام 1970، فقد أدت السياسة الاقتصادية والبنكية بصورة خاصة التي تمّ اتبّاعها خلال سنوات ما بعد 1970 إلى خلق إنسان عماني آخر مختلف به تشوهات وغير قادر على فهم أمراضه التي يعاني منها، لأنه يحسب أن له خصوصية متميزة لا يضاهيه فيها أحد. إنه أشبه بمن أصابه مرض قاتل لكنه فضّل عدم الاعتراف به حتى أدى المرض إلى مقتله.
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ *** والماء فوق ظهورها محمول.
المؤسف حقا هو أنه وخلال الفترة الماضية من عمر البناء والتحول تم كسر قيم وفضائل حقيقية خلقية جميلة تحلى بها الإنسان العماني من دون أن تتخلق لها بدائل أفضل، في ظل عجلة اقتصاد ينهب العقل والجيب، بصورة يومية ومتسارعة.
لم تبرز المظاهرات والاعتصامات الأخيرة في السلطنة حجم الفـقر والحاجة التي يعيشهما الإنسان العماني فقط، ولا ينبغي أن يفهم الأمر على هذا الأساس وحده. بل في العمق؛ فإنه ينبغي تشريح وتحليل وفهم الدواعي والأسباب التي أوصلت أقل من مليونين من الناس، إلى الفقر وإلى الشكوى منه علنا. ثمة حاجة والوضع كذلك إلى إعادة النظر في السياسة الاقتصادية والبنكية في البلاد. إن المطالبة بمحاسبة المفسدين –رغم وجاهتها وقيمتها السياسية- إلا أنه من غير المعروف -فيما إن حصلت- كيف يمكن لها تنتشل الأسر العمانية من المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها. بالاضافة إلى إعادة هيكلة السياسة الاقتصادية–الاجتماعية في المرحلة المقبلة، فإن البلاد والعباد بحاجة الى مكاشفات مستمرة ومعالجات متواصلة، ونقاشات في المال والاقتصاد: سهلة وتعريفية وتوضيحية متكررة للأوضاع الاقتصادية في عمان وخارجها وتأثير هذه على تلك والعكس. لقد حان الوقت لكي نتعلم من أخطائنا قبل فوات الوقت.
-
ليست لديّ –كما لدى غيري على الأرجح- معلومات فيما اذا كانت بنوكنا المحلية والبنك المركزي بخاصة قد استوعبت درس المظاهرات التي عبرت البلاد. كان أملي أن أرى مطالبات أخرى للناس لكي تعاد صياغة السياسة البنكية، والسياسة الاقتصادية في عمان، وليس الاكتفاء بالمطالبة بالبنوك الإسلامية. لكن لا يمكن تعليق اللوم على الناس البسطاء. بنوك بلا فوائد، كما هو شعار البنوك الإسلامية مُغرٍ، خاصة بالنســـبة لأسر استهلكتها الديــون و"المشروعات" الاقتصادية الفاشلة، من قبيل "الجمعيات" المالية التي ظهرت مع بداية الألفية الجديدة، وسرقت أموال وأحلام كثير من البسطاء. الحاجة وفق ما أرى تكمن في إعادة هيكلة سياسة السلف أو القروض، وسياسة الفوائد وسياسة الخدمات التي تقدمها البنوك للعملاء في عمان، وربط هذه الأمور بواقع المجتمع وخاصة واقع الأسرة العمانية وقدرتها المالية. هذه قضايا ملحة، وينبغي نقاشها بصورة علنية وبكثير من الشفافية. لقد لعبت البنوك دورا حيويا في عملية التطوير والتحول الاجتماعي والاقتصادي في عمان، لكنها كذلك مثلت دور الضاغط على الإنسان العماني، لكي يقبل بما تراه الحكومة من املاءات، وضغوط وسياسات اقتصادية وسياسية واجتماعية. لقد ارتبطت السياسة بالاقتصاد. وهكذا فمنذ السبعينات تحول الإنسان العماني إلى شخص يريد تحقيق حياة رفاه دون التفكير بمقدراته المالية وامكانياته البسيطة. كيف له أن يفعل ذلك والبنك على استعداد بمنحه ما يشاء من مبالغ بعيد أول أسبوع من استلامه للوظيفة الحكومية. يتبعها في الإسبوع الأول من التعيين شراء سيارة، ثم بعد قليل شراء زواج فاخر، يليه شراء سيارة ومن ثم بناء بيت وأطفال وكثير من المصروفات الأخرى في الوقت الذي لا يملك الإنسان العماني شيئا من المال الذي يبدده يوميا ومن دون قدرة على التوقف والتفكر في سياسته الاقتصادية المتغيرة هذه!
خلقت هذه السياسة وخلال عمر قصير نوعين من العمانيين ونوعين من الثقافة: العماني المفلس والخاوي في العمق، والمتباهي والواهم في الخارج، وبالتالي ثقافة الفهلوة والتباهي والخواء. والنوع الثاني: هو العماني المتضخم ماليا بثـقافة الجشع المطالِبة بالمزيد. النوعان والثقافتان دخيلتان على المجتمع العماني السابق لعصر النهضة العمانية. وفي الوقت الذي يعلو فيه خطاب الهوية والتراث والثقافة العمانية وخصوصيتها، كان الإقتصاد وحركة البنوك وضياع الأخلاق وارتباط العاملين الاجتماعي والاقتصادي بالعامل السياسي خارج إطار التغطية والنقاش أو حتى التفكير. لقد بقيت منطقة محرم التفكير فيها. هكذا ففي حين كان الفقر هو السمة التي يشترك فيها جل أهل عمان إلى بعيد عام 1970، فقد أدت السياسة الاقتصادية والبنكية بصورة خاصة التي تمّ اتبّاعها خلال سنوات ما بعد 1970 إلى خلق إنسان عماني آخر مختلف به تشوهات وغير قادر على فهم أمراضه التي يعاني منها، لأنه يحسب أن له خصوصية متميزة لا يضاهيه فيها أحد. إنه أشبه بمن أصابه مرض قاتل لكنه فضّل عدم الاعتراف به حتى أدى المرض إلى مقتله.
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ *** والماء فوق ظهورها محمول.
المؤسف حقا هو أنه وخلال الفترة الماضية من عمر البناء والتحول تم كسر قيم وفضائل حقيقية خلقية جميلة تحلى بها الإنسان العماني من دون أن تتخلق لها بدائل أفضل، في ظل عجلة اقتصاد ينهب العقل والجيب، بصورة يومية ومتسارعة.
لم تبرز المظاهرات والاعتصامات الأخيرة في السلطنة حجم الفـقر والحاجة التي يعيشهما الإنسان العماني فقط، ولا ينبغي أن يفهم الأمر على هذا الأساس وحده. بل في العمق؛ فإنه ينبغي تشريح وتحليل وفهم الدواعي والأسباب التي أوصلت أقل من مليونين من الناس، إلى الفقر وإلى الشكوى منه علنا. ثمة حاجة والوضع كذلك إلى إعادة النظر في السياسة الاقتصادية والبنكية في البلاد. إن المطالبة بمحاسبة المفسدين –رغم وجاهتها وقيمتها السياسية- إلا أنه من غير المعروف -فيما إن حصلت- كيف يمكن لها تنتشل الأسر العمانية من المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها. بالاضافة إلى إعادة هيكلة السياسة الاقتصادية–الاجتماعية في المرحلة المقبلة، فإن البلاد والعباد بحاجة الى مكاشفات مستمرة ومعالجات متواصلة، ونقاشات في المال والاقتصاد: سهلة وتعريفية وتوضيحية متكررة للأوضاع الاقتصادية في عمان وخارجها وتأثير هذه على تلك والعكس. لقد حان الوقت لكي نتعلم من أخطائنا قبل فوات الوقت.