ما هي علامات توقير الله:
من علامات توقير الله سبحانه وتعالى:
(1) ألا تذكر اسمه مع المحقرات:
قال بعض السلف: ليعظم وقار الله في قلب أحدكم أن يذكره عند ما يستحي من ذكره.. فانظر الى مدى توقير السلف لربهم.. كانوا يستنزهون أن يوضع اسم الله بجوار ما يستقبح ذكره.. فيقرن اسمه به.. كأن يقول الرجل: قبّح الله الكلب والخنزير.. فيوقرون الله ان يوضع اسمه مع هذه الحيوانات.
(2) ألا تنسب الشر اليه:
إنّ من عقيدتنا أن الخير والشر من الله.. لكننا لا ننسب الشر الى الله تأدبا قال صلى الله عليه وسلم:"{ لبيك وسعديك الخير كله في يديك.. والشرّ ليس إليك" مسلم (771) كتاب صلاة المسافرين وقصرها.
وقال إبراهيم عليه السلام:{ والذي هو يطعمني ويسقين* وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 79-80] فلم يقل: وإذا أمرضني.. وإنما نسب الشر الى نفسه تأدبا مع الله.
وقال مؤمنو الجن:{ وأنّا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [الجن:1-]. فعند الرشد ذكروا ربهم.. وعند الشر بنوا الفعل للمجهول.
لكن أهل عصرنا على العكس.. تجد الرجل منهم يقول يا كاسر كل سليم يا رب..
فمن إذاً الذي يجبر المكسور ..؟ وكيف ينسب الشر الى الله...
وتجد من يقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. لماذا تذكر الله بالمكروه.. إننا لا نناقش هنا حرمة هذه الكلمة من حلها.. ولكننا نناقش السبب الذي من أجله نسبت الشر الى الله.. وكيف أن السلف كانوا يجلونه ويبجلونه لدرجة أنهم لا يذكرون بجوار اسم الجلالة أي لفظ يرون أنه لا يناسب عظمته عز وجل..هذا وإن كان الخير والشر منه سبحانه جل وعلا.
(3) من وقاره: ألا تعدل به شيئا من خلقه لا في اللفظ ولا في الفعل:
فلا تقل: ما شاء الله وشئت.. وهذا لأنه عندما قالها رجل لرسول الله قال صلى الله عليه وسلم :{ أجعلتني لله ندّا؟" البخاري (787) الأدب المفرد.
(4) من توقيره جل وعلا ألا تشرك معه شيئا في الحب والتعظيم والإجلال:
قال تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} [البقرة: 165]... سماهم مشركين.. كما في الطاعة.. فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله.. لا.. وإنما طاعة الله مطلقة في كل شيء.. وطاعة المخلوق مقيدة بالمعروف فالأب والأم والزوج والزوجة ومديرك في العمل.. العرف والتقاليد والمجتمع.. طاعة كل هؤلاء مقيدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" إنما الطاعة في المعروف" البخاري (7145) كتاب الأحكام. " ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" مسند الامام أحمد (1041) مسند المبشرين بالجنة.
فلا تجعل طاعتك لشيء لطاعة الله.. مهما كلفك ذلك..
(5) من توقيره جل وعلا ألا تجعل له الفضلة:
إنّ آفة أهل عصرنا ـ حتى الملتزمين منهم ـ أنهم يعطون الله الفضل: إذا بقي لديه وقت ليقوم الليل فيه.. قام وإلا تركه.. يجعل لله الفضلة.. إذا بقي عنده وقت للأذكار قالها.. وإلا غفل عنها.. وهكذا..
وقد قال تعالى:{ ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} [ البقرة:267].
هذا ليس من توقير الله.. بل من توقير الله أن تقتطع له من أعز الأوقات وقتا.. ومن أعز الأموال مالا.
فينبغي ألا تجعل لله الفضلة في الوقت.. ولا في الجهد.. ولا في الصحة.. ولا في المال.. ولا في الكلام والذكر.. فما الذي يشغلك..؟؟
أهي الدنيا..؟ والله ما خلقت لها.. { وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56].. وقد يندهش بعض الناس حين نقول: ينبغي أن تكثر من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتنفل.. فيقول: أين الوقت الذي يسع كل هذا..؟ وهل خلقت لغير هذا..؟ ثم إنّ البركة من الله..
اللهم بارك لنا في أوقاتنا..
والإعانة والتوفيق من الله.. إنك إذا ظننت أنك تقوم بحولك وقوتك. فأنت فاشل مخدوع.. أما إذا اعتقدت بأنك تستعين بالقوي المتين.. فإنه يعينك ويقيمك ويبارك لك..
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
(6) من التوقير: ألا تقدم حق المخلوق على حق الله:
قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا ين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1].. أي لا تقدم أمرا بين يدي أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. ولا حبّا بين يدي حب الله ورسوله.. لا تجعل أمام الله أحدا بل أول شيء هو الله..
قرأت استطلاعا للرأي على طلبة إحدى الجامعات.. عن المثل الأعلى والقدوة وأهم المحبوبات فوجدوا أن الترتيب كما يلي:
1) الفنانين
2) لاعبي الكرة
3) المشاهير من الاعلاميين
4) الله ورسوله
فإذا كان الله في التفضيل هو الرابع ترتيبا فأين يكون التوقير..؟ أين يكون الحب والإجلال..؟
أين يقع الأمر بأن تجعل الله ورسوله قبل كل شيء.. في الطاعة.. الحب.. الخوف.. الرجاء.. التوكل عليه... الإنابة إليه..؟
(7) من توقيره جل وعلا: أن تختار حده وجنبه وناحيته من ناحية الناس وجنبهم:
قال تعالى:{ ومن يشاقق الله والرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء 115].
وقال تعالى:{ ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأنّ له نار جهنّم خالدا فيها، ذلك الخزي العظيم} [التوبة: 63].
ومعنى: {يحادد} أي: أن يكون الله ورسوله في حدّ.. والمخلوق في حدّ آخر.. فكن مع الله يكن معك.. بل كن في الحدّ والناحية التي فيها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. وإن كنت وحدك.
(8) من توقير الله: بذل البدن والقلب والروح في خدمته تعالى:
كان سلفنا رضوان الله عليهم ينتصبون في الخدمة.. فلا يرعون السمع إلا لكلام الله ولا يسلمون القلب إلا لأوامر الله.. فإذا كانوا في الصلاة فلا تسل عن الخشوع والخضوع.. وإذا كانوا في الصيام فلا تقل عن الإخلاص والورع.. وغيره من الذكر والصدقة.
أما حالنا اليوم فيندى له الجبين خجلا.. فإذا كلمك أحد الناس.. انتبهت اليه بكل جوارحك.. وإذا وقفت بين يدي الله وقفت بجسدك فقط.. فعقلك وقلبك في شغل عنه.. وتأمل ذلك في صلاتك.. صيامك.. وغيرها من العبادات..
(9) من توقير الله: ألا تقدم مراد نفسك على مراد ربك:
ما لم توقر الله سقطت من عين الله.. فلا يجعل الله لك في قلوب الناس وقارا ولا هيبة.. بل يسقط وقارك وهيبتك من قلوبهم.. وإن وقروك مخافة شرك.. فذاك وقار بغض.. لا وقار حب وتعظيم.
(10) من وقاره جل وعلا: الحياء من أن يطلع على قلبك فيرى منك ما يكره:
فإذا اطلع الله على ما في قلبك.. لا يجد إلا الغرور والعجب.. وحب الدنيا وحب المعاصي.. واسنثقال الطاعات.. أفلا تستحي من الله... أخرج خذا من قلبك حتى لا يراه الله في قلبك..
المصيبة أن يستحي العبد من الناس ولا يستحي من الله.. قال تعالى:{ وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} [الأحزاب: 37] وقال عز من قائل:{ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} [النساء: 108].
تجد أحدهم يرى من يوقره فيلقي السيجارة من يده.. وينسى أن الله يراه.. يرى من يوقره فيتوارى وهو على الذنب.. ويواجه الله بالمعصية بلا حياء..
(11) من وقاره: أن يستحي منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس.
(12) ومن وقاره: أن يكون همه الأول طلب رضا الله.
أخي في الله.. إنني أريد منك الآن أن تأتي بورقة وقلم.. وتبدأ في كتابة همومك الشاغلة.. وتضعها مرتبة حسب الأولويات.. وأنا أقصد الهم الذي يشغل بالك.. وتجري وتتحرك في نطاق هذا الهم.
أريدك أن تصدق مع الله.. لأنه من السهل أن تكتب أنك تحمل هم الاسلام.. ولا يخطر لك هذا على بال أصلا..
أريدك أن تنفرد بنفسك.. أن تتقي الله عز وجل.. وتنظر فعلا.. ما الذي يهمّك..؟
هل ستجد ما يهمك هو هم الاسلام .. هم العقيدة.. هم الدين.. أو أننا سنفاجأ بأن الهموم قد تشعبت.. هم الوظيفة.. هم الزواج.. طلب الرزق.. التعليم...
لا شك أن الاسلام سيأتي.. ولكن ربما في المرتبة الرابعة.. الخامسة.. وربما بعد ذلك.. هذا إن كنا صادقين.
وكل هذا نتيجة لعدم توقير الله في قلبك حق الوقار وحق التعظيم.
المطلوب أن يكون طلب رضا الله هو الهم الأول والأوسط والأخير.. بمعنى ان يكون الهم كله.. في كل مناحي الحياة.. هو طلب رضا الملك جل جلاله.. ومن جعل الهموم همّا واحدا كفاه الله همّه.
فهذا أول ما يصح به مطالعتك لجنايتك.. بتعظيم الحق وتوقيره.. فإذا عرفت الله حق معرفته.. بأسمائه وصفاته.. عرفت الله حق معرفته.. بتوحيد ألوهيته وتوحيد ربوبيته.. فإنه حين ذاك يعظم الله في قلبك.. ويقع وقاره في قلبك.. فإذا وقرت الله بقلبك.. عظمت عندك مخالفته.. لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من دونه.. قال الله تعالى:{ وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}. [ الأنعام: 91] وقال جل وعلا:{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عمّا يشركون} [الزمر: 67].
وقال سبحانه وتعالى:{ وما قدروا الله حق قدره، إنّ الله لقوي عزيز} [الحج: 74].
بعد أن تحداهم ربنا جل جلاله في قوله:{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا الذباب ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب} [الحج: 73].
نعم إنك حين تقدر الله حق قدره.. وتعرف أنه أنزل الكتب.. وأرسل الرسل.. وشرع الشرائع.. وخلق الجنة والنار.. أمر أوامر ونهى عن نواه.. وألزم عباده أشياء.. حاكم بالعدل.. قائم بالقسط.. جل جلاله..
حين تقدر الله حق قدره.. تعرف أنه ما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا والله خلقها وعليه رزقها.. ويعلم مستقرها ومستودعها.. فبه سبحانه وتعالى وبإعانته وبإحيائه لها تعيش. أي دابة صغرت أم كبرت. على ظهر الأرض أو في السماء.. سبحانه قائم على كل نفس بما كسبت.. جل جلاله.. قيّوم السموات والأرض.. به يقوم كل شيء.. ولا يحتاج الى شيء.. فهو العزيز.. وهو الغني.. حين تعرف الله وتقدره حق قدره.. تعلم أن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا.. فبه بقاؤهما وبه دورانهما.. وبه حياة ما فيهما.. والمراد إليه جل جلاله.. فهو الأول والآخر .. {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن 26-27].
من علامات توقير الله سبحانه وتعالى:
(1) ألا تذكر اسمه مع المحقرات:
قال بعض السلف: ليعظم وقار الله في قلب أحدكم أن يذكره عند ما يستحي من ذكره.. فانظر الى مدى توقير السلف لربهم.. كانوا يستنزهون أن يوضع اسم الله بجوار ما يستقبح ذكره.. فيقرن اسمه به.. كأن يقول الرجل: قبّح الله الكلب والخنزير.. فيوقرون الله ان يوضع اسمه مع هذه الحيوانات.
(2) ألا تنسب الشر اليه:
إنّ من عقيدتنا أن الخير والشر من الله.. لكننا لا ننسب الشر الى الله تأدبا قال صلى الله عليه وسلم:"{ لبيك وسعديك الخير كله في يديك.. والشرّ ليس إليك" مسلم (771) كتاب صلاة المسافرين وقصرها.
وقال إبراهيم عليه السلام:{ والذي هو يطعمني ويسقين* وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 79-80] فلم يقل: وإذا أمرضني.. وإنما نسب الشر الى نفسه تأدبا مع الله.
وقال مؤمنو الجن:{ وأنّا لا ندري أشرّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا} [الجن:1-]. فعند الرشد ذكروا ربهم.. وعند الشر بنوا الفعل للمجهول.
لكن أهل عصرنا على العكس.. تجد الرجل منهم يقول يا كاسر كل سليم يا رب..
فمن إذاً الذي يجبر المكسور ..؟ وكيف ينسب الشر الى الله...
وتجد من يقول الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.. لماذا تذكر الله بالمكروه.. إننا لا نناقش هنا حرمة هذه الكلمة من حلها.. ولكننا نناقش السبب الذي من أجله نسبت الشر الى الله.. وكيف أن السلف كانوا يجلونه ويبجلونه لدرجة أنهم لا يذكرون بجوار اسم الجلالة أي لفظ يرون أنه لا يناسب عظمته عز وجل..هذا وإن كان الخير والشر منه سبحانه جل وعلا.
(3) من وقاره: ألا تعدل به شيئا من خلقه لا في اللفظ ولا في الفعل:
فلا تقل: ما شاء الله وشئت.. وهذا لأنه عندما قالها رجل لرسول الله قال صلى الله عليه وسلم :{ أجعلتني لله ندّا؟" البخاري (787) الأدب المفرد.
(4) من توقيره جل وعلا ألا تشرك معه شيئا في الحب والتعظيم والإجلال:
قال تعالى:{ ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله} [البقرة: 165]... سماهم مشركين.. كما في الطاعة.. فتطيع المخلوق في أمره ونهيه كما تطيع الله.. لا.. وإنما طاعة الله مطلقة في كل شيء.. وطاعة المخلوق مقيدة بالمعروف فالأب والأم والزوج والزوجة ومديرك في العمل.. العرف والتقاليد والمجتمع.. طاعة كل هؤلاء مقيدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
" إنما الطاعة في المعروف" البخاري (7145) كتاب الأحكام. " ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق" مسند الامام أحمد (1041) مسند المبشرين بالجنة.
فلا تجعل طاعتك لشيء لطاعة الله.. مهما كلفك ذلك..
(5) من توقيره جل وعلا ألا تجعل له الفضلة:
إنّ آفة أهل عصرنا ـ حتى الملتزمين منهم ـ أنهم يعطون الله الفضل: إذا بقي لديه وقت ليقوم الليل فيه.. قام وإلا تركه.. يجعل لله الفضلة.. إذا بقي عنده وقت للأذكار قالها.. وإلا غفل عنها.. وهكذا..
وقد قال تعالى:{ ولا تيمّموا الخبيث منه تنفقون} [ البقرة:267].
هذا ليس من توقير الله.. بل من توقير الله أن تقتطع له من أعز الأوقات وقتا.. ومن أعز الأموال مالا.
فينبغي ألا تجعل لله الفضلة في الوقت.. ولا في الجهد.. ولا في الصحة.. ولا في المال.. ولا في الكلام والذكر.. فما الذي يشغلك..؟؟
أهي الدنيا..؟ والله ما خلقت لها.. { وما خلقت الجنّ والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات:56].. وقد يندهش بعض الناس حين نقول: ينبغي أن تكثر من الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتنفل.. فيقول: أين الوقت الذي يسع كل هذا..؟ وهل خلقت لغير هذا..؟ ثم إنّ البركة من الله..
اللهم بارك لنا في أوقاتنا..
والإعانة والتوفيق من الله.. إنك إذا ظننت أنك تقوم بحولك وقوتك. فأنت فاشل مخدوع.. أما إذا اعتقدت بأنك تستعين بالقوي المتين.. فإنه يعينك ويقيمك ويبارك لك..
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
(6) من التوقير: ألا تقدم حق المخلوق على حق الله:
قال تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا ين يدي الله ورسوله} [الحجرات: 1].. أي لا تقدم أمرا بين يدي أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. ولا حبّا بين يدي حب الله ورسوله.. لا تجعل أمام الله أحدا بل أول شيء هو الله..
قرأت استطلاعا للرأي على طلبة إحدى الجامعات.. عن المثل الأعلى والقدوة وأهم المحبوبات فوجدوا أن الترتيب كما يلي:
1) الفنانين
2) لاعبي الكرة
3) المشاهير من الاعلاميين
4) الله ورسوله
فإذا كان الله في التفضيل هو الرابع ترتيبا فأين يكون التوقير..؟ أين يكون الحب والإجلال..؟
أين يقع الأمر بأن تجعل الله ورسوله قبل كل شيء.. في الطاعة.. الحب.. الخوف.. الرجاء.. التوكل عليه... الإنابة إليه..؟
(7) من توقيره جل وعلا: أن تختار حده وجنبه وناحيته من ناحية الناس وجنبهم:
قال تعالى:{ ومن يشاقق الله والرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى ونصله جهنم وساءت مصيرا} [النساء 115].
وقال تعالى:{ ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأنّ له نار جهنّم خالدا فيها، ذلك الخزي العظيم} [التوبة: 63].
ومعنى: {يحادد} أي: أن يكون الله ورسوله في حدّ.. والمخلوق في حدّ آخر.. فكن مع الله يكن معك.. بل كن في الحدّ والناحية التي فيها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. وإن كنت وحدك.
(8) من توقير الله: بذل البدن والقلب والروح في خدمته تعالى:
كان سلفنا رضوان الله عليهم ينتصبون في الخدمة.. فلا يرعون السمع إلا لكلام الله ولا يسلمون القلب إلا لأوامر الله.. فإذا كانوا في الصلاة فلا تسل عن الخشوع والخضوع.. وإذا كانوا في الصيام فلا تقل عن الإخلاص والورع.. وغيره من الذكر والصدقة.
أما حالنا اليوم فيندى له الجبين خجلا.. فإذا كلمك أحد الناس.. انتبهت اليه بكل جوارحك.. وإذا وقفت بين يدي الله وقفت بجسدك فقط.. فعقلك وقلبك في شغل عنه.. وتأمل ذلك في صلاتك.. صيامك.. وغيرها من العبادات..
(9) من توقير الله: ألا تقدم مراد نفسك على مراد ربك:
ما لم توقر الله سقطت من عين الله.. فلا يجعل الله لك في قلوب الناس وقارا ولا هيبة.. بل يسقط وقارك وهيبتك من قلوبهم.. وإن وقروك مخافة شرك.. فذاك وقار بغض.. لا وقار حب وتعظيم.
(10) من وقاره جل وعلا: الحياء من أن يطلع على قلبك فيرى منك ما يكره:
فإذا اطلع الله على ما في قلبك.. لا يجد إلا الغرور والعجب.. وحب الدنيا وحب المعاصي.. واسنثقال الطاعات.. أفلا تستحي من الله... أخرج خذا من قلبك حتى لا يراه الله في قلبك..
المصيبة أن يستحي العبد من الناس ولا يستحي من الله.. قال تعالى:{ وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه} [الأحزاب: 37] وقال عز من قائل:{ يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} [النساء: 108].
تجد أحدهم يرى من يوقره فيلقي السيجارة من يده.. وينسى أن الله يراه.. يرى من يوقره فيتوارى وهو على الذنب.. ويواجه الله بالمعصية بلا حياء..
(11) من وقاره: أن يستحي منه في الخلوة أعظم مما يستحي من أكابر الناس.
(12) ومن وقاره: أن يكون همه الأول طلب رضا الله.
أخي في الله.. إنني أريد منك الآن أن تأتي بورقة وقلم.. وتبدأ في كتابة همومك الشاغلة.. وتضعها مرتبة حسب الأولويات.. وأنا أقصد الهم الذي يشغل بالك.. وتجري وتتحرك في نطاق هذا الهم.
أريدك أن تصدق مع الله.. لأنه من السهل أن تكتب أنك تحمل هم الاسلام.. ولا يخطر لك هذا على بال أصلا..
أريدك أن تنفرد بنفسك.. أن تتقي الله عز وجل.. وتنظر فعلا.. ما الذي يهمّك..؟
هل ستجد ما يهمك هو هم الاسلام .. هم العقيدة.. هم الدين.. أو أننا سنفاجأ بأن الهموم قد تشعبت.. هم الوظيفة.. هم الزواج.. طلب الرزق.. التعليم...
لا شك أن الاسلام سيأتي.. ولكن ربما في المرتبة الرابعة.. الخامسة.. وربما بعد ذلك.. هذا إن كنا صادقين.
وكل هذا نتيجة لعدم توقير الله في قلبك حق الوقار وحق التعظيم.
المطلوب أن يكون طلب رضا الله هو الهم الأول والأوسط والأخير.. بمعنى ان يكون الهم كله.. في كل مناحي الحياة.. هو طلب رضا الملك جل جلاله.. ومن جعل الهموم همّا واحدا كفاه الله همّه.
فهذا أول ما يصح به مطالعتك لجنايتك.. بتعظيم الحق وتوقيره.. فإذا عرفت الله حق معرفته.. بأسمائه وصفاته.. عرفت الله حق معرفته.. بتوحيد ألوهيته وتوحيد ربوبيته.. فإنه حين ذاك يعظم الله في قلبك.. ويقع وقاره في قلبك.. فإذا وقرت الله بقلبك.. عظمت عندك مخالفته.. لأن مخالفة العظيم ليست كمخالفة من دونه.. قال الله تعالى:{ وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء ، قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون}. [ الأنعام: 91] وقال جل وعلا:{ وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه، سبحانه وتعالى عمّا يشركون} [الزمر: 67].
وقال سبحانه وتعالى:{ وما قدروا الله حق قدره، إنّ الله لقوي عزيز} [الحج: 74].
بعد أن تحداهم ربنا جل جلاله في قوله:{ يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إنّ الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا الذباب ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب} [الحج: 73].
نعم إنك حين تقدر الله حق قدره.. وتعرف أنه أنزل الكتب.. وأرسل الرسل.. وشرع الشرائع.. وخلق الجنة والنار.. أمر أوامر ونهى عن نواه.. وألزم عباده أشياء.. حاكم بالعدل.. قائم بالقسط.. جل جلاله..
حين تقدر الله حق قدره.. تعرف أنه ما من دابة في الأرض ولا في السماء إلا والله خلقها وعليه رزقها.. ويعلم مستقرها ومستودعها.. فبه سبحانه وتعالى وبإعانته وبإحيائه لها تعيش. أي دابة صغرت أم كبرت. على ظهر الأرض أو في السماء.. سبحانه قائم على كل نفس بما كسبت.. جل جلاله.. قيّوم السموات والأرض.. به يقوم كل شيء.. ولا يحتاج الى شيء.. فهو العزيز.. وهو الغني.. حين تعرف الله وتقدره حق قدره.. تعلم أن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا.. فبه بقاؤهما وبه دورانهما.. وبه حياة ما فيهما.. والمراد إليه جل جلاله.. فهو الأول والآخر .. {كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن 26-27].