جعلاني ولي الفخر
✗ ┋ جًعًلٌأَنٌيِ وَلِيَ أُلّفّخِرَ أُلٌمًسًرًۇۈۉرً
مع بدء موجة من الغلاء في العالم
محللون واقتصاديون يحذرون من التضخم المستورد
منظمات ومؤسسات عالمية تؤكد ضرورة إيجاد بدائل وحلول سريعة لمواجهة ارتفاع الأسعار المحتمل
رئيس اللجنة الاقتصادية بـ(الشورى): ضرورة اتخاذ خطوات استباقية للتعامل مع الارتفاعات المحتملة لأسعار المواد الغذائية
كتب ـ سامح أمين:حذر العديد من دول العالم من أن الفترة القادمة من العام الجاري ستشهد موجة ارتفاع في أسعار الغذاء ما ينذر بموجة غلاء عالمية.
وناشدت هذه المنظمات دول العالم أخذ إجراءات احترازية لمواجهة موجة ارتفاع الاسعار الذي يتوقع ان تطول عددا كبيرا من السلع خاصة اسعار الغذاء.
ودعت "الفاو" المجتمع الدولي للاستعداد لأوقات عصيبة قادمة ما لم يُسجِّل إنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية زيادات كبرى في خلال هذا العام، في حين وصل تضخم اسعار الغذاء في العديد من دول اسيا ومنها الصين والهند إلى خانة العشرات، مما حدا بعدد من المحللين الى القول بان احتمال حدوث ارتفاع في أسعار المنتجات الزراعية والمواد الغذائية على مستوى العالم يعود الى العديد من الاسباب والتي سيكون لها انعكاساتها على الأسعار في جميع أنحاء العالم بما فيها دول مجلس التعاون ومنها السلطنة ذلك لانها تعتمد بشكل كبير في توفير احتياجاتها من الخارج.
وأشار تقرير معهد التمويل الدولي عن المراجعة الاقتصادية العالمية لشهر يناير الى ان دول المجلس تواجه خلال العام الجاري تحديا كبيرا ويتمثل في إحداث توازن بين النشاط الاقتصادي والسياسات النقدية بهدف مراقبة معدلات التضخم التي من المتوقع ان تشهد زيادة، بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً وضعف قيمة الدولار في الأسواق، كما توقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل التضخم في السلطنة إلى 3.3% في العام 2011، وهو نفس المعدل الذي انهى به عام 2010 وذلك بحسب البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني والتي اوضحت ان التضخم في السلطنة سجل انخفاضاً من 4ر3 بالمائة في عام 2009م إلى 3ر3 بالمائة في عام 2010م.
"الوطن الاقتصادي" استطلع آراء بعض المحللين والاقتصاديين في السلطنة حول توقعاتهم عما يمكن ان تشهده معدلات التضخم خلال الفترة القادمة وكيف يرون مدى فعالية الجهود التي تبذلها السلطنة للحد من تبعات موجة الارتفاع الذين توقعوا ان تطول عددا من السلع الرئيسية في الاسواق المحلية.
قال سعادة فؤاد بن جعفر ساجواني رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى ان التقارير الواردة من المؤسسات الدولية تشير الى حدوث موجات جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والمواد الغذائية على مستوى العالم وذلك منذ منتصف سنة 2010 ووصلت الى مستويات قياسية في يناير من هذا العام خصوصا أسعار القمح والسكر والذرة والزيوت والحليب ومشتقاته، وربما ستستمر تلك الارتفاعات في الأسعار حتى الصيف المقبل إلا إذا شهد العالم تحسنا ملحوظا في المناخ والانتاج.
وأرجع ساجواني ارتفاع الأسعار الى جملة من العوامل منها مشاكل العرض في السوق الدولية نتيجة الظروف المناخية التي شهدتها بعض بلدان العالم مثل موجات الجفاف في روسيا في الصيف الفائت والفياضانات في أستراليا في الشهر الماضي وما يترتب على ذلك من قيام الدول بفرض قيود على التصدير بل وحاجتها الى الاستيراد بغرض سد النقص المحلي، واستخدام بعض المحاصيل في إنتاج بدائل للطاقة، وارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة والتي تؤدي إلى إرتفاع تكاليف التشغيل والشحن، وتراجع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل بعض العملات الرئيسية مثل اليورو وتأثير ذلك على اسعار المواد الغذائية نظرا لارتباط الريال العماني بالدولار الأميركي وحاجة البلاد الى إستيراد الكثير من إحتياجاتها من الخارج، اضافة الى الزيادة السكانية والاتجاهات الاستهلاكية في البلدان المنتجة وخاصة في دول شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا والتي أصبحت تستهلك جزءا مهما من إنتاجها المحلي خصوصا مع تنامي الطبقة المتوسطة لديها نتيجة معدلات النمو المرتفعة التي تحققها تلك البلدان، الى جانب هجرة المزارعين المستمرة فيها من المناطق الريفية الى المناطق الحضرية بحثا عن حياة أكثر إستقرارا ورفاهية، بالاضافة الى انتشار الأوبئة والأمراض التي تصيب الحيوانات.
عوامل .. تنعكس على الأسعار
وأشار سعادته أنه لهذه العوامل إنعكاساتها على الأسعار في جميع أنحاء العالم بما فيها دول مجلس التعاون ومنها السلطنة لأنها تعتمد بشكل كبير في توفير إحتياجاتها من المواد الغذائية من الخارج.
وأوضح سعادة فؤاد ساجواني أن هناك نوعين من الحلول لإحتواء تأثيرات مثل هذه الظواهر النوع الأول من الحلول طويل المدى ويرتبط باستراتيجية الامن الغذائي التي تمثل أحد أهم التحديات ليس فقط للسلطنة بل أيضا لغيرها من الدول خصوصا ذات الطبيعة المشابهة موضحا ان الحكومة قد قامت فعلا بوضع خطة استراتيجية طموحة للتعامل مع هذه القضية وأن برامج التطبيق تسير بشكل منهجي لايجاد الاستقرار في إمدادات المواد الغذائية للبلاد وباسعار مناسبة، ومن هذه البرامج تعزيز مستويات تخزين المواد الغذائية الرئيسية وتحسين ورفع مستويات الانتاجية والبحث عن البدائل والأولويات في إستخدام الأراضي الزراعية المتوفرة واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة لتحقيق الاستفادة القصوى من الأراضي الزراعية وكميات المياه المتوفرة وتقليل الفاقد وتطوير انواع من الزراعات التي تسقى بالمياه المالحة. وكذلك دعم الأنشطة المتعلقة بإنتاج المواد الغذائية.
ومن هذه الحلول ايضا الاستزراع السمكي لان السلطنة وكما هو معروف تمتاز بطول سواحلها لتوفير كميات اضافية من الاسماك واستقطاب استثمارات خارجية، الى جانب عقد إتفاقات مع بعض الدول التي تملك مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية لتخصيص بعض الرقع الزراعية والقيام بزراعتها للاستفادة منها في السلطنة.
أما النوع الثاني وهو قصير المدى ويتضمن مجموعة من الخطوات منها استقراء لاتجاهات العرض والطلب في السوق العالمية وهو أمر يتطلب شراء وتخزين بعض السلع التي لها طبيعة ملحة مؤكدا ان الحكومة تقوم بمثل هذا الاجراء بشكل مستمر وبكميات كافية لفترات زمنية طويلة ضمانا لتوفر هذه السلع في السوق المحلية وبأسعار مناسبة، ودعم بعض شرائح المجتمع خصوصا من ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان من خلال إعادة ما يسمى بالعبوة الآقتصادية مع ضرورة إستحداث الآليات المناسبة للمنتفعين منها، وقيام الهيئة العامة بالاحتياط الغذائي بتوفير بعض السلع الأساسية باسعار مناسبة، ومراقبة ومتابعة مستمرة للأسواق بغرض التحقق من مستويات الأسعار السائدة والأرباح التي تحققها الشركات المتعاملة بالمواد الغذائية والاستهلاكية الرئيسية الأخرى، وتفعيل دور جمعية حماية المستهلك، وفرض قيود موسمية على تصدير بعض المنتجات الغذائية، وإعادة النظر في شبكة مراكز التسويق الزراعي وفتح أسواق مركزية للأسماك وللمنتجات الحيوانية الأخرى في مختلف مناطق السلطنة.
الاقتصاديات الرسمالية
من جانبه قال الدكتور محمد رياض حمزة الخبير بوزارة القوى العاملة ان حدوث موجة من ارتفاع الأسعار في الأسواق (التضخم) كان متوقعا في الاقتصاديات التي تحسن أداؤها وتعافت قبل غيرها من الاقتصاديات العالمية، ولعل الاقتصادين الصيني والهندي يواجهان اليوم مخاطر التضخم على مسيرة انتعاش الاقتصاد العالمي الذي يقودانه، وبالرغم من وفرة الإنتاج في قطاعي الزراعة والصناعة على مستوى العالم، إلا أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، صار واقعا يوميا في الصين والهند، إذ تجاوز مؤشر التضخم في كل منهما 10%، كمعدل سنوي، وهو آخذ بالتصاعد.
واضاف محمد حمزة ان الاقتصاديات الرأسمالية الكبرى مثل (الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان)، وعدد من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة (كوريا الجنوبية والبرازيل والأرجنتين)، فما زال معدل التضخم منسجما مع بطء تعافي تلك الاقتصاديات، التي ما إن ظهرت بادرة تحسن في أداء تلك الاقتصاديات حتى أعاقته أزمة مشتقة من الأزمة المالية العالمية (2008) التي لا تزال بعض تبعاتها تتفاعل هنا وهناك، كأزمة الدول ذات المديونيات الكبيرة في الاتحاد الأوروبي التي أدت إلى أزمة ضعف صرف اليورو. ففي الدول الرأسمالية الصناعية، كان التضخم ولا يزال مسيطرا عليه، إذ أن لدى هذه الدول من الخبرة ما يجنبها حدوثه المفاجئ أو العارم وكانت دائما قادرة على تحجيمه.
واوضح انه وبما أن التضخم اليوم آسيوي، وأن اقتصاديات دول الخليج العربية واقتصاد السلطنة إحداها تعتمد بنسبة عالية على تموين وارداتها من الأغذية من الدول الآسيوية، وأن أسعار الحبوب ومعظم السلع الاستهلاكية الغذائية في مناشئ تصديرها تتعرض لقفزات يوما بيوم، فالمتوقع أن يكون التضخم المستورد سببا بدفع بعض الأسعار إلى الارتفاع.
نمو اقتصادي
وأضاف محمد حمزة انه استنادا إلى توقعات وزارة الاقتصاد الوطني فإن الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة قد حقق نموا سنويا متواصلا فاق 3% وهو المعدل المحدد في التقديرات الأولية للخطة الخمسية الثامنة، كما بلغ معدل النمو بالأسعار الثابتة تواليا للأعوام 2006م 5,5%، وفي عام 2007م 6.8% وفي عام 2008م 12.8% وفي أوائل تلك السنة سجل المعدل السنوي للتضخم 14% وأن النمو عام 2009م سجل 3.7% ويتوقع ان يسجل الاقتصاد نموا بمقدار 6.1% خلال العام الجاري 2011. كما تواصل تراجع معدلات التضخم إلى متوسط بلغ نحو 2.9% في نهاية أغسطس من عام 2010م، ويتوقع ان يسجل الاقتصاد نموا بالأسعار الثابتة يبلغ نحو 6.1% في نهاية العام الحالي.
الخطة الخمسية الثامنة.
واوضح انه يمكن القول أن التناسب بين تطور معدل التضخم السنوي منسجم ويتطابق مع توقعات وزارة الإقتصاد الوطني، إلا ان التدابير التي اتخذت خلال عامي 2007 و2008 للحد من التضخم لم تكن فاعلة فسجل المعدل السنوي للتضخم 14%، وإن هبوطه إلى أقل من 2% على مدى عام 2009 كان بتأثير الأزمة المالية العالمية وتراجع معظم اقتصاديات العالم، ومن المؤمل أن تعمل المؤسسات الحكومية المعنية بالتجارة الخارجية وبالتعاون مع القطاع التجاري الخاص من خلال غرفة تجارة وصناعة عمان على الحد من آثار التضخم المستورد.
أسباب وعوامل
وقال لؤي بديع بطاينة هناك عدة اسباب ساهمت في زيادة مستويات التضخم وارتفاع معدلاته في الآونة الأخيرة ومنها الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية للواردات وخصوصاً المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة الرئيسية الدولار الأميركي والمقوم بها الريال العُماني أمام العملات الأخرى وخصوصاً اليورو والين الياباني وزيادة مستويات العرض النقدي أو ما يسمى M1& M2 وارتفاع التكاليف الأولية للصناعات المحلية نتيجة إرتفاع كلفها في بلدان المنشأ، موضحا ان هناك دائما علاقة واضحة فيما بين مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار الواردات, وهناك اتجاه تصاعدي لكلف الإنتاج ومعدلات التضخم ومستوياته في السلطنة والدول الأخرى إقليمياً وعالمياً، الى جانب ذلك ومن الاسباب الرئيسية الجديدة لارتفاع معدلات الأسعار ونسب التضخم هو ما جاء حديثاً بما يسمى بحرب العملات.
واوضح لؤي بطاينة انه من الممكن أن يؤدي التضخم الى توقف العديد من مصادر الإنتاج والشركات والمصانع عن العمل لعدم قدرتها على تمرير ارتفاع كلف الانتاج المستوردة (التضخم المستورد) الى المستهلكين وبالتالي فشلها والبدء بتحقيق خسائر مالية متتالية وان تحل محلها بضائع أجنبية مستوردة بنوعيات متدنية ومنافسة للمواد والمنتجات المحلية، مشيرا الى ان التضخم يؤدي الى تآكل الأجور وبالتالي يؤدي الى معاناة الأفراد وبالتالي يؤدي الى الضغط نحو الدول والشركات لزيادة الرواتب والأجور وبالتالي تحقيق عجوزات متتالية ومستمرة وبالتالي تؤدي الى إنخفاض القوة الشرائية للعملات المحلية.
سياسات مالية ونقدية مناسبة
وعن الحلول قال: يمكن الحد من معدلات التضخم باتخاذ السياسات المالية والنقدية المناسبة لكل دولة ومن ضمنها السلطنة حيث تضع وزارة المالية السياسة المالية للدولة من خلال تمويل العجز بإصدار السندات مما يؤدي إلى تقليل حجم السيولة المتاحة، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى خفض معدل التضخم عن طريق قيام وزارات المالية لتلك الدول ببيع أدوات الدين العام (السندات الحكومية) إلى المستثمرين والمؤسسات الإستثمارية وبالتالي سحب النقد المتوفر في الأسواق ليحد ذلك من النقد المعروض وبالتالي تخفيض حجم وقيمة السيولة المتوفرة في السوق النقدي. ومن السياسات أيضاً زيادة الضرائب الحكومية على السلع الكمالية التي تتداولها قلة من السكان من أصحاب الدخول المرتفعة وذلك لمحاولة التقليل من الميل الحدي للإستهلاك، ومن الممكن أيضاً القيام بخفض الانفاق الحكومي والذي يعد (الانفاق الحكومي) أحد الأسباب المؤدية إلى زيادة النقد المتداول في السوق، وبالتالي فإن الحد من هذا الانفاق وتقليصه سيؤدي إلى خفض النقد المتداول في الأسواق.
دور مهم ومحوري
ومن الحلول ايضا أن يكون هنالك دور مهم ومحوري ورئيسي للتجار انطلاقا من مسؤوليتهم الاجتماعية في خفض الاسعار من خلال التحكم في هوامش الربحية ضمن مستويات معقولة ومن غير مغالاة، وكذلك الالتزام بأخلاقيات المهنة في تقديم البضائع والسلع دون المساس بجودتها او مواصفاتها، ويستطيع المستهلكون ان يتجاوبوا مع ارتفاع الاسعار والإستمرار بدراسة مختلف الحلول والبدائل من خلال مراجعة أنماط وأذواق الشراء بحيث يكون وفقا للحاجة الفعلية والتوقف عن الشراء البذخي والتفكير في امكانية استخدام سلع بديلة تخدم الغرض بينما تكون اقل سعرا ومنها على سبيل المثال البدائل الغذائية للمستهلكين من مواد مختلفة وبنفس المواصفات ولكن من منشأ مختلف، ان السلوك الاستهلاكي المتوازن يسهم في تنظيم ميزانيات الافراد والاسر توافقا مع ظروف ارتفاع الاسعار، ويساهم ايضا في مكافحة الإرتفاع غير المبرر للاسعار.
محللون واقتصاديون يحذرون من التضخم المستورد
منظمات ومؤسسات عالمية تؤكد ضرورة إيجاد بدائل وحلول سريعة لمواجهة ارتفاع الأسعار المحتمل
رئيس اللجنة الاقتصادية بـ(الشورى): ضرورة اتخاذ خطوات استباقية للتعامل مع الارتفاعات المحتملة لأسعار المواد الغذائية
كتب ـ سامح أمين:حذر العديد من دول العالم من أن الفترة القادمة من العام الجاري ستشهد موجة ارتفاع في أسعار الغذاء ما ينذر بموجة غلاء عالمية.
وناشدت هذه المنظمات دول العالم أخذ إجراءات احترازية لمواجهة موجة ارتفاع الاسعار الذي يتوقع ان تطول عددا كبيرا من السلع خاصة اسعار الغذاء.
ودعت "الفاو" المجتمع الدولي للاستعداد لأوقات عصيبة قادمة ما لم يُسجِّل إنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية زيادات كبرى في خلال هذا العام، في حين وصل تضخم اسعار الغذاء في العديد من دول اسيا ومنها الصين والهند إلى خانة العشرات، مما حدا بعدد من المحللين الى القول بان احتمال حدوث ارتفاع في أسعار المنتجات الزراعية والمواد الغذائية على مستوى العالم يعود الى العديد من الاسباب والتي سيكون لها انعكاساتها على الأسعار في جميع أنحاء العالم بما فيها دول مجلس التعاون ومنها السلطنة ذلك لانها تعتمد بشكل كبير في توفير احتياجاتها من الخارج.
وأشار تقرير معهد التمويل الدولي عن المراجعة الاقتصادية العالمية لشهر يناير الى ان دول المجلس تواجه خلال العام الجاري تحديا كبيرا ويتمثل في إحداث توازن بين النشاط الاقتصادي والسياسات النقدية بهدف مراقبة معدلات التضخم التي من المتوقع ان تشهد زيادة، بسبب ارتفاع الأسعار عالمياً وضعف قيمة الدولار في الأسواق، كما توقع صندوق النقد الدولي أن يصل معدل التضخم في السلطنة إلى 3.3% في العام 2011، وهو نفس المعدل الذي انهى به عام 2010 وذلك بحسب البيانات الصادرة عن وزارة الاقتصاد الوطني والتي اوضحت ان التضخم في السلطنة سجل انخفاضاً من 4ر3 بالمائة في عام 2009م إلى 3ر3 بالمائة في عام 2010م.
"الوطن الاقتصادي" استطلع آراء بعض المحللين والاقتصاديين في السلطنة حول توقعاتهم عما يمكن ان تشهده معدلات التضخم خلال الفترة القادمة وكيف يرون مدى فعالية الجهود التي تبذلها السلطنة للحد من تبعات موجة الارتفاع الذين توقعوا ان تطول عددا من السلع الرئيسية في الاسواق المحلية.
قال سعادة فؤاد بن جعفر ساجواني رئيس اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى ان التقارير الواردة من المؤسسات الدولية تشير الى حدوث موجات جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية والمواد الغذائية على مستوى العالم وذلك منذ منتصف سنة 2010 ووصلت الى مستويات قياسية في يناير من هذا العام خصوصا أسعار القمح والسكر والذرة والزيوت والحليب ومشتقاته، وربما ستستمر تلك الارتفاعات في الأسعار حتى الصيف المقبل إلا إذا شهد العالم تحسنا ملحوظا في المناخ والانتاج.
وأرجع ساجواني ارتفاع الأسعار الى جملة من العوامل منها مشاكل العرض في السوق الدولية نتيجة الظروف المناخية التي شهدتها بعض بلدان العالم مثل موجات الجفاف في روسيا في الصيف الفائت والفياضانات في أستراليا في الشهر الماضي وما يترتب على ذلك من قيام الدول بفرض قيود على التصدير بل وحاجتها الى الاستيراد بغرض سد النقص المحلي، واستخدام بعض المحاصيل في إنتاج بدائل للطاقة، وارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة والتي تؤدي إلى إرتفاع تكاليف التشغيل والشحن، وتراجع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل بعض العملات الرئيسية مثل اليورو وتأثير ذلك على اسعار المواد الغذائية نظرا لارتباط الريال العماني بالدولار الأميركي وحاجة البلاد الى إستيراد الكثير من إحتياجاتها من الخارج، اضافة الى الزيادة السكانية والاتجاهات الاستهلاكية في البلدان المنتجة وخاصة في دول شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا والتي أصبحت تستهلك جزءا مهما من إنتاجها المحلي خصوصا مع تنامي الطبقة المتوسطة لديها نتيجة معدلات النمو المرتفعة التي تحققها تلك البلدان، الى جانب هجرة المزارعين المستمرة فيها من المناطق الريفية الى المناطق الحضرية بحثا عن حياة أكثر إستقرارا ورفاهية، بالاضافة الى انتشار الأوبئة والأمراض التي تصيب الحيوانات.
عوامل .. تنعكس على الأسعار
وأشار سعادته أنه لهذه العوامل إنعكاساتها على الأسعار في جميع أنحاء العالم بما فيها دول مجلس التعاون ومنها السلطنة لأنها تعتمد بشكل كبير في توفير إحتياجاتها من المواد الغذائية من الخارج.
وأوضح سعادة فؤاد ساجواني أن هناك نوعين من الحلول لإحتواء تأثيرات مثل هذه الظواهر النوع الأول من الحلول طويل المدى ويرتبط باستراتيجية الامن الغذائي التي تمثل أحد أهم التحديات ليس فقط للسلطنة بل أيضا لغيرها من الدول خصوصا ذات الطبيعة المشابهة موضحا ان الحكومة قد قامت فعلا بوضع خطة استراتيجية طموحة للتعامل مع هذه القضية وأن برامج التطبيق تسير بشكل منهجي لايجاد الاستقرار في إمدادات المواد الغذائية للبلاد وباسعار مناسبة، ومن هذه البرامج تعزيز مستويات تخزين المواد الغذائية الرئيسية وتحسين ورفع مستويات الانتاجية والبحث عن البدائل والأولويات في إستخدام الأراضي الزراعية المتوفرة واستخدام التقنيات الحديثة في الزراعة لتحقيق الاستفادة القصوى من الأراضي الزراعية وكميات المياه المتوفرة وتقليل الفاقد وتطوير انواع من الزراعات التي تسقى بالمياه المالحة. وكذلك دعم الأنشطة المتعلقة بإنتاج المواد الغذائية.
ومن هذه الحلول ايضا الاستزراع السمكي لان السلطنة وكما هو معروف تمتاز بطول سواحلها لتوفير كميات اضافية من الاسماك واستقطاب استثمارات خارجية، الى جانب عقد إتفاقات مع بعض الدول التي تملك مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية لتخصيص بعض الرقع الزراعية والقيام بزراعتها للاستفادة منها في السلطنة.
أما النوع الثاني وهو قصير المدى ويتضمن مجموعة من الخطوات منها استقراء لاتجاهات العرض والطلب في السوق العالمية وهو أمر يتطلب شراء وتخزين بعض السلع التي لها طبيعة ملحة مؤكدا ان الحكومة تقوم بمثل هذا الاجراء بشكل مستمر وبكميات كافية لفترات زمنية طويلة ضمانا لتوفر هذه السلع في السوق المحلية وبأسعار مناسبة، ودعم بعض شرائح المجتمع خصوصا من ذوي الدخل المحدود وأسر الضمان من خلال إعادة ما يسمى بالعبوة الآقتصادية مع ضرورة إستحداث الآليات المناسبة للمنتفعين منها، وقيام الهيئة العامة بالاحتياط الغذائي بتوفير بعض السلع الأساسية باسعار مناسبة، ومراقبة ومتابعة مستمرة للأسواق بغرض التحقق من مستويات الأسعار السائدة والأرباح التي تحققها الشركات المتعاملة بالمواد الغذائية والاستهلاكية الرئيسية الأخرى، وتفعيل دور جمعية حماية المستهلك، وفرض قيود موسمية على تصدير بعض المنتجات الغذائية، وإعادة النظر في شبكة مراكز التسويق الزراعي وفتح أسواق مركزية للأسماك وللمنتجات الحيوانية الأخرى في مختلف مناطق السلطنة.
الاقتصاديات الرسمالية
من جانبه قال الدكتور محمد رياض حمزة الخبير بوزارة القوى العاملة ان حدوث موجة من ارتفاع الأسعار في الأسواق (التضخم) كان متوقعا في الاقتصاديات التي تحسن أداؤها وتعافت قبل غيرها من الاقتصاديات العالمية، ولعل الاقتصادين الصيني والهندي يواجهان اليوم مخاطر التضخم على مسيرة انتعاش الاقتصاد العالمي الذي يقودانه، وبالرغم من وفرة الإنتاج في قطاعي الزراعة والصناعة على مستوى العالم، إلا أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية، صار واقعا يوميا في الصين والهند، إذ تجاوز مؤشر التضخم في كل منهما 10%، كمعدل سنوي، وهو آخذ بالتصاعد.
واضاف محمد حمزة ان الاقتصاديات الرأسمالية الكبرى مثل (الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي واليابان)، وعدد من الدول ذات الاقتصاديات الناشئة (كوريا الجنوبية والبرازيل والأرجنتين)، فما زال معدل التضخم منسجما مع بطء تعافي تلك الاقتصاديات، التي ما إن ظهرت بادرة تحسن في أداء تلك الاقتصاديات حتى أعاقته أزمة مشتقة من الأزمة المالية العالمية (2008) التي لا تزال بعض تبعاتها تتفاعل هنا وهناك، كأزمة الدول ذات المديونيات الكبيرة في الاتحاد الأوروبي التي أدت إلى أزمة ضعف صرف اليورو. ففي الدول الرأسمالية الصناعية، كان التضخم ولا يزال مسيطرا عليه، إذ أن لدى هذه الدول من الخبرة ما يجنبها حدوثه المفاجئ أو العارم وكانت دائما قادرة على تحجيمه.
واوضح انه وبما أن التضخم اليوم آسيوي، وأن اقتصاديات دول الخليج العربية واقتصاد السلطنة إحداها تعتمد بنسبة عالية على تموين وارداتها من الأغذية من الدول الآسيوية، وأن أسعار الحبوب ومعظم السلع الاستهلاكية الغذائية في مناشئ تصديرها تتعرض لقفزات يوما بيوم، فالمتوقع أن يكون التضخم المستورد سببا بدفع بعض الأسعار إلى الارتفاع.
نمو اقتصادي
وأضاف محمد حمزة انه استنادا إلى توقعات وزارة الاقتصاد الوطني فإن الناتج المحلي الإجمالي في السلطنة قد حقق نموا سنويا متواصلا فاق 3% وهو المعدل المحدد في التقديرات الأولية للخطة الخمسية الثامنة، كما بلغ معدل النمو بالأسعار الثابتة تواليا للأعوام 2006م 5,5%، وفي عام 2007م 6.8% وفي عام 2008م 12.8% وفي أوائل تلك السنة سجل المعدل السنوي للتضخم 14% وأن النمو عام 2009م سجل 3.7% ويتوقع ان يسجل الاقتصاد نموا بمقدار 6.1% خلال العام الجاري 2011. كما تواصل تراجع معدلات التضخم إلى متوسط بلغ نحو 2.9% في نهاية أغسطس من عام 2010م، ويتوقع ان يسجل الاقتصاد نموا بالأسعار الثابتة يبلغ نحو 6.1% في نهاية العام الحالي.
الخطة الخمسية الثامنة.
واوضح انه يمكن القول أن التناسب بين تطور معدل التضخم السنوي منسجم ويتطابق مع توقعات وزارة الإقتصاد الوطني، إلا ان التدابير التي اتخذت خلال عامي 2007 و2008 للحد من التضخم لم تكن فاعلة فسجل المعدل السنوي للتضخم 14%، وإن هبوطه إلى أقل من 2% على مدى عام 2009 كان بتأثير الأزمة المالية العالمية وتراجع معظم اقتصاديات العالم، ومن المؤمل أن تعمل المؤسسات الحكومية المعنية بالتجارة الخارجية وبالتعاون مع القطاع التجاري الخاص من خلال غرفة تجارة وصناعة عمان على الحد من آثار التضخم المستورد.
أسباب وعوامل
وقال لؤي بديع بطاينة هناك عدة اسباب ساهمت في زيادة مستويات التضخم وارتفاع معدلاته في الآونة الأخيرة ومنها الارتفاع الحاد في الأسعار العالمية للواردات وخصوصاً المواد الغذائية وانخفاض قيمة العملة الرئيسية الدولار الأميركي والمقوم بها الريال العُماني أمام العملات الأخرى وخصوصاً اليورو والين الياباني وزيادة مستويات العرض النقدي أو ما يسمى M1& M2 وارتفاع التكاليف الأولية للصناعات المحلية نتيجة إرتفاع كلفها في بلدان المنشأ، موضحا ان هناك دائما علاقة واضحة فيما بين مؤشر أسعار المستهلك ومؤشر أسعار الواردات, وهناك اتجاه تصاعدي لكلف الإنتاج ومعدلات التضخم ومستوياته في السلطنة والدول الأخرى إقليمياً وعالمياً، الى جانب ذلك ومن الاسباب الرئيسية الجديدة لارتفاع معدلات الأسعار ونسب التضخم هو ما جاء حديثاً بما يسمى بحرب العملات.
واوضح لؤي بطاينة انه من الممكن أن يؤدي التضخم الى توقف العديد من مصادر الإنتاج والشركات والمصانع عن العمل لعدم قدرتها على تمرير ارتفاع كلف الانتاج المستوردة (التضخم المستورد) الى المستهلكين وبالتالي فشلها والبدء بتحقيق خسائر مالية متتالية وان تحل محلها بضائع أجنبية مستوردة بنوعيات متدنية ومنافسة للمواد والمنتجات المحلية، مشيرا الى ان التضخم يؤدي الى تآكل الأجور وبالتالي يؤدي الى معاناة الأفراد وبالتالي يؤدي الى الضغط نحو الدول والشركات لزيادة الرواتب والأجور وبالتالي تحقيق عجوزات متتالية ومستمرة وبالتالي تؤدي الى إنخفاض القوة الشرائية للعملات المحلية.
سياسات مالية ونقدية مناسبة
وعن الحلول قال: يمكن الحد من معدلات التضخم باتخاذ السياسات المالية والنقدية المناسبة لكل دولة ومن ضمنها السلطنة حيث تضع وزارة المالية السياسة المالية للدولة من خلال تمويل العجز بإصدار السندات مما يؤدي إلى تقليل حجم السيولة المتاحة، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى خفض معدل التضخم عن طريق قيام وزارات المالية لتلك الدول ببيع أدوات الدين العام (السندات الحكومية) إلى المستثمرين والمؤسسات الإستثمارية وبالتالي سحب النقد المتوفر في الأسواق ليحد ذلك من النقد المعروض وبالتالي تخفيض حجم وقيمة السيولة المتوفرة في السوق النقدي. ومن السياسات أيضاً زيادة الضرائب الحكومية على السلع الكمالية التي تتداولها قلة من السكان من أصحاب الدخول المرتفعة وذلك لمحاولة التقليل من الميل الحدي للإستهلاك، ومن الممكن أيضاً القيام بخفض الانفاق الحكومي والذي يعد (الانفاق الحكومي) أحد الأسباب المؤدية إلى زيادة النقد المتداول في السوق، وبالتالي فإن الحد من هذا الانفاق وتقليصه سيؤدي إلى خفض النقد المتداول في الأسواق.
دور مهم ومحوري
ومن الحلول ايضا أن يكون هنالك دور مهم ومحوري ورئيسي للتجار انطلاقا من مسؤوليتهم الاجتماعية في خفض الاسعار من خلال التحكم في هوامش الربحية ضمن مستويات معقولة ومن غير مغالاة، وكذلك الالتزام بأخلاقيات المهنة في تقديم البضائع والسلع دون المساس بجودتها او مواصفاتها، ويستطيع المستهلكون ان يتجاوبوا مع ارتفاع الاسعار والإستمرار بدراسة مختلف الحلول والبدائل من خلال مراجعة أنماط وأذواق الشراء بحيث يكون وفقا للحاجة الفعلية والتوقف عن الشراء البذخي والتفكير في امكانية استخدام سلع بديلة تخدم الغرض بينما تكون اقل سعرا ومنها على سبيل المثال البدائل الغذائية للمستهلكين من مواد مختلفة وبنفس المواصفات ولكن من منشأ مختلف، ان السلوك الاستهلاكي المتوازن يسهم في تنظيم ميزانيات الافراد والاسر توافقا مع ظروف ارتفاع الاسعار، ويساهم ايضا في مكافحة الإرتفاع غير المبرر للاسعار.