الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
.| البُرِيِمِي العَـامِـهْ|.
,, البُريمِي لِـ/ الهَمسَات الإسلَامية ,,
●●هَمٌّ فحزنٌ فعجزٌ فكسلٌ●●
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="بقـــ gro07 ــايا" data-source="post: 764897" data-attributes="member: 3616"><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">هَمٌّ فحزنٌ فعجزٌ فكسلٌ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">هؤلاء الكلمات الأربع كان كثيراً ما يستعيذ منهن النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يخبرنا بذلك خادمه أنس بن مالك -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري (كنت أسمعه يكثر أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل...) الحديث.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">ولنا وقفات مع هؤلاء الكلمات الأربع:</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">فالهم هو شغل الفكر والعقل والقلب، وغالباً هو بداية الحزن، فيهتم الشخص أولاً، ثم يحزن تبعاً لهمه. وليس كل هم مذموم، بل إن الهم الذي يؤدي إلى الحزن هو المذموم، ولا يكون ذلك الهم الا هم الدنيا، فكل هموم الدنيا تؤدى إلى الحزن؛ وذلك لأمور:</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- أن هموم الدنيا متفرقة متشعبة فيتشتت المرء فيها فيشقى ويحزن.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- أن باهتمامه بالدنيا انشغل عما خلق له من عباده ربه فكان الشقاء جزاءه.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- أن من جعل الدنيا همه لا يكاد يهنأ، بل هو في شقاء دائم؛ لأنه دائماً يرى فقره بين عينيه، وكأنه لم يحصل شيء، فلا يقنع بشيء ولا يرضى بحال.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">ما أخبرت به، وما لم أخبر هو مصداق حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: (من أصبح والدنيا همه فرق الله شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يؤته من الدنيا ألا ما كتب له).</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">أما الهم الذي لا يؤدي إلى الحزن هو أن يترك الإنسان همه، ويكون مهتماً بما خلق له، وبما يخبره أن السعادة تكون فيه، وهذا لا يكون إلا أن يجعل همه هم الآخرة، وهذا أيضاً مصداق حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: (ومن جعل الآخرة همه جمع الله شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة وجعل غناه في قلبه).</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- أما الحزن فليس مقصود في ذاته ولا يتعبد به، إذ كيف يتعبد به والنبي –صلى الله عليه وسلم- استعاذ منه، لكن قد يحدث الحزن اتفاقاً، فينهى عن التمادي الذي يؤدي إلى المغالاة، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا) فهذه أكمل الحالات حزن قلب؛ لأنه المناسب للرحمة التي خلقت فيه، ثم هذا القلب أيضاً ممتلئ بالرضا عن الله، فيتحقق التوازن والتناسب. </span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">وأما الفرق بين الحزن والخوف، فالحزن يكون على فوات شيء مضى أو على مكروه وقع. أما الخوف فهو لتوقع مكروه في المستقبل، وهما منفيان عن أهل الآخرة، بل تأتي بنفيهما البشرى من الملائكة عن السياق (ألا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)، وهو كذلك حال المؤمن الذي عمل الصالحات في الدنيا، إذ كيف يحزن وهو عبد لرب يتوكل عليه، ويرضى به، ويرجوه ويستغفره، ويتوب إليه. فإن كان يحزن لذنب أصابه فباب التوبة مفتوح، وإن كان يحزن لمكروه وقع فباب الرضى ميسور، وان كان يخاف من مستقبل مجهول فأين توكله على ربه؟ فضلاً أن قد وحد همه وهو هم الآخرة، فبالتالي قد وحدت أحزانه ومخاوفه، فإيمانه وعمله الصالح، وتوكله على ربه، ورضاه به، ورجاؤه إياه حائلاً بينه وبين الخوف والحزن، بل هو يعيش حياة طيبة في الدنيا، ثم ينقلب إلى حياه أطيب وأسعد في الآخرة (من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97)</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- ومع كل ما ذكرنا فنحن لا ننفي ورود هذه المخاوف والأحزان حتى على من حصل الإيمان والعمل الصالح، لكن ما نؤكده ونقرره أن أفضل من يستطيع مواجهتها وإبدالها بضدها هم هؤلاء من حصَّلوا الإيمان والعمل الصالح، وإلا فإن السادة الأتقياء الأولياء قد أصابهم من ذلك، فهذا موسى قد خاف، وهذا يعقوب قد حزن، وهذا ذا النون قد أصابه الغم، وهذا أيوب قد أصابه الضر، انظر إليهم وقد أصابهم كل هذا، لكن أيضاً انظر إلى أحوال قلوبهم؛ لتعلم يقيناً ما أخبرك به، فهم قد ابتلوا بذلك لأنهم في هذه الدنيا وهى دار ذلك، دار البلاء والهموم والأحزان، دار قضى فيها البلاء بالخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- نقول ذلك لأن أغلب البشر عندما أرادوا إزالة هذه المخاوف والأحزان، سلكوا سبيلاً به تزيد عليهم أضعافاً مضاعفة، فوقعوا فيما فروا فيه، وداروا في دائرة لا نهاية لها من زيادة الأحزان والهموم والمخاوف؛ لأنهم سلكوا سبيل البعد عن حالتهم وما خلقوا له.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">لكن انظر إلى من وحَّد هدفه ومراده وغايته، فلا يريد إلا الله، ولا يريد إلا ما يريده مولاه، فهو لله وبالله ومع الله، وقد توكل عليه ولجأ إليه واستغنى به، وعز به، وقوى به، حينها لا يحمل هماً ولا حزناً ولا خوفاً، إذ كيف يصيبه الحزن والغم وإلهه إله غني قادر قوي عزيز، مالك لكل شئ. وهو يسير على مراد مولاه؛ لعلمه بكمال حكمته في شرعه وقدره، وكمال علمه وعدله. فهو يحب ربه، ويحبه ربه، فيعلم أن لا يقضي له إلا الخير، وأن يبعده عن كل شيء، ويحميه منه، حتى وإن ظهر عكس ذلك، ثم هو كذلك لعلمه بنفسه خالفها، ولم يتبع هواها، وحارب عدوه وشيطانه.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">فانظر إلى حال هذا العبد الذي كلما حقق من كمال العبودية، كلما انقضى عنه من الهم والحزن في الدنيا والآخرة (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82) </span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- ثم تأمل معي في معنى العجز والكسل، وسر اقترانهما؛ لتعلم أن هذا الدعاء فيه سر عجيب، فالعجز هو وجود إرادة للفعل مع عدم وجود قدرة لإنجازه أو قدرة ضعيفة.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">أما الكسل فهو انتفاء تلك الإرادة، فأي فعل هو اجتماع الإرادة مع القدرة، بمعنى أنك تريد وترغب، فتتحول إرادتك، لإنجاز عمل ما، ثم لو صادفت هذه الإرادة والرغبة قدرة عندك لتم الفعل ولابد؛ فالإنسان إذا توافرت له الإرادة، فقد خرج من دائرة الكسل، فإذا كان عنده القدرة فقد خرج؟ أيضاً من دائرة العجز فيتم الفعل ولا بد.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">فانظر كيف رتب النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءه لتقف معي على هذا السر البديع ممن أوتى جوامع الكلم. فالإنسان إذا اهتم بالدنيا حزن عليها. فأصابه العجز عن عمل الآخرة، فيولد ذلك الكسل فلا يريد الآخرة -والعياذ بالله-، وهذا هو ما رتب به النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءه فبدأ بالاستعاذة من الهم الذي يولد الحزن، وهذا الحزن يصيب صاحبه بالعجز، ومن ثم يصاب بالكسل. والله أعلم. </span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">وعلاج العجز وضحه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (استعن بالله ولا تعجز)، فيكون بالاقتصاد التام، والانكسار الكامل والاستعانة المطلقة بالله، ولا يكون ذلك إلا بتمام اليأس من النفس وحولها وقوتها. والاعتقاد الجازم بمدى فقرها وعجزها وذلها لربها وخالقها.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">فليس علاج العجز كما قد يظن هو بدفع مزيد الثقة في النفس ورؤية كمالاتها، لا ليس كذلك، بل هو برؤية فضل الله وكمال غناه وعزه، وأنه عبد لهذا الرب الغني القادر العزيز، الذي بيده كل شيء، وإليه يرجع كل أمر، حينها يأخذ ربه بيده ويعلمه ويوفقه، ويرزقه القدرة والعمل، ولا يمنع ذلك أن يذكِّر نفسه بما منَّ الله عليه من قبل، ليعرف ما وهبه الله من كمالات فيشغلها ويحسن توجيها، حتى لا يصاب باليأس المقعد عن العمل، فالأمر وسط وهو بين طرفي نقيض، فلا يعجب بنفسه وينسب لها كل كمال، ولا ييأس منها بحيث يترك العمل. </span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">- وأما الكسل وهو عدم إرادة الآخرة، وتسويف عمل الآخرة، فسببه أن الإنسان قد يأتيه أرادات الخير والصلاح، فيردها ولا يريدها، ويعجز عنها فيعاقب بتقليب القلب، فلا يريد الآخرة، ولا يسعى لها كما قال الله -عز وجل-: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الأنعام:110).</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">فهؤلاء قد عوقبوا بتقليب القلوب والأبصار عن الحق والإيمان؛ لأنهم جاءهم منادي الإيمان أول مرة فردوه، ولم يستجيبوا له كحال أغلب الناس اليوم، نجد قلوبهم مليئة بإرادات الدنيا وشهواتها، وليس في قلوبهم إرادة للخير، بل نجدهم قد يحاربون الخير، وتنتكس قلوبهم، فيرون المعروف منكراً والمنكر معروفاً، نجدهم كما وصفهم النبي –صلى الله عليه وسلم- عالمين بأمر الدنيا، أجهل ما يكون بأمر الآخرة، يحقرون العظيم وهي الآخرة، ويعظمون الحقير وهى الدنيا.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">وكل الخلق -نعمة من الله وفضلاً، وإقامة للحجة عليهم- قد أتاهم هذا النداء، نداء الإيمان والحق، لكنهم قتلوا هذا النداء في قلوبهم، ولم يستجيبوا له، فعقوبوا بصرف قلوبهم عن إرادة الآخرة، فإرادة الخير في نفسك هي نعمة من عند الله يجب عليها شكرها بالاستجابة السريعة الفورية لها، حتى لا تعاقب بزوال هذه الإرادات من قلبك، وتستبدل بإرادات الدنيا وشهواتها، وتكسل عن عمل الآخرة.</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">فإذا أتتك بادرة الخير من صلاة أو صيام أو زكاة وغيرها من الطاعات، وحدثتك نفسك بها فبادرها، واستغلها، ولا تتكاسل عنها، واستجب لنداءات ربك في كتابه: (وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133).</span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px"></span></span></p><p><span style="font-family: 'System'"><span style="font-size: 18px">وصلِّ اللهم وسلِّم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.</span></span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="بقـــ gro07 ــايا, post: 764897, member: 3616"] [FONT="System"][SIZE="5"]هَمٌّ فحزنٌ فعجزٌ فكسلٌ الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد، هؤلاء الكلمات الأربع كان كثيراً ما يستعيذ منهن النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يخبرنا بذلك خادمه أنس بن مالك -رضي الله عنه- كما في صحيح البخاري (كنت أسمعه يكثر أن يقول: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل...) الحديث. ولنا وقفات مع هؤلاء الكلمات الأربع: فالهم هو شغل الفكر والعقل والقلب، وغالباً هو بداية الحزن، فيهتم الشخص أولاً، ثم يحزن تبعاً لهمه. وليس كل هم مذموم، بل إن الهم الذي يؤدي إلى الحزن هو المذموم، ولا يكون ذلك الهم الا هم الدنيا، فكل هموم الدنيا تؤدى إلى الحزن؛ وذلك لأمور: - أن هموم الدنيا متفرقة متشعبة فيتشتت المرء فيها فيشقى ويحزن. - أن باهتمامه بالدنيا انشغل عما خلق له من عباده ربه فكان الشقاء جزاءه. - أن من جعل الدنيا همه لا يكاد يهنأ، بل هو في شقاء دائم؛ لأنه دائماً يرى فقره بين عينيه، وكأنه لم يحصل شيء، فلا يقنع بشيء ولا يرضى بحال. ما أخبرت به، وما لم أخبر هو مصداق حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: (من أصبح والدنيا همه فرق الله شمله، وجعل فقره بين عينيه، ولم يؤته من الدنيا ألا ما كتب له). أما الهم الذي لا يؤدي إلى الحزن هو أن يترك الإنسان همه، ويكون مهتماً بما خلق له، وبما يخبره أن السعادة تكون فيه، وهذا لا يكون إلا أن يجعل همه هم الآخرة، وهذا أيضاً مصداق حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: (ومن جعل الآخرة همه جمع الله شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة وجعل غناه في قلبه). - أما الحزن فليس مقصود في ذاته ولا يتعبد به، إذ كيف يتعبد به والنبي –صلى الله عليه وسلم- استعاذ منه، لكن قد يحدث الحزن اتفاقاً، فينهى عن التمادي الذي يؤدي إلى المغالاة، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا) فهذه أكمل الحالات حزن قلب؛ لأنه المناسب للرحمة التي خلقت فيه، ثم هذا القلب أيضاً ممتلئ بالرضا عن الله، فيتحقق التوازن والتناسب. وأما الفرق بين الحزن والخوف، فالحزن يكون على فوات شيء مضى أو على مكروه وقع. أما الخوف فهو لتوقع مكروه في المستقبل، وهما منفيان عن أهل الآخرة، بل تأتي بنفيهما البشرى من الملائكة عن السياق (ألا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)، وهو كذلك حال المؤمن الذي عمل الصالحات في الدنيا، إذ كيف يحزن وهو عبد لرب يتوكل عليه، ويرضى به، ويرجوه ويستغفره، ويتوب إليه. فإن كان يحزن لذنب أصابه فباب التوبة مفتوح، وإن كان يحزن لمكروه وقع فباب الرضى ميسور، وان كان يخاف من مستقبل مجهول فأين توكله على ربه؟ فضلاً أن قد وحد همه وهو هم الآخرة، فبالتالي قد وحدت أحزانه ومخاوفه، فإيمانه وعمله الصالح، وتوكله على ربه، ورضاه به، ورجاؤه إياه حائلاً بينه وبين الخوف والحزن، بل هو يعيش حياة طيبة في الدنيا، ثم ينقلب إلى حياه أطيب وأسعد في الآخرة (من أمن بالله واليوم الأخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (النحل:97) - ومع كل ما ذكرنا فنحن لا ننفي ورود هذه المخاوف والأحزان حتى على من حصل الإيمان والعمل الصالح، لكن ما نؤكده ونقرره أن أفضل من يستطيع مواجهتها وإبدالها بضدها هم هؤلاء من حصَّلوا الإيمان والعمل الصالح، وإلا فإن السادة الأتقياء الأولياء قد أصابهم من ذلك، فهذا موسى قد خاف، وهذا يعقوب قد حزن، وهذا ذا النون قد أصابه الغم، وهذا أيوب قد أصابه الضر، انظر إليهم وقد أصابهم كل هذا، لكن أيضاً انظر إلى أحوال قلوبهم؛ لتعلم يقيناً ما أخبرك به، فهم قد ابتلوا بذلك لأنهم في هذه الدنيا وهى دار ذلك، دار البلاء والهموم والأحزان، دار قضى فيها البلاء بالخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات. - نقول ذلك لأن أغلب البشر عندما أرادوا إزالة هذه المخاوف والأحزان، سلكوا سبيلاً به تزيد عليهم أضعافاً مضاعفة، فوقعوا فيما فروا فيه، وداروا في دائرة لا نهاية لها من زيادة الأحزان والهموم والمخاوف؛ لأنهم سلكوا سبيل البعد عن حالتهم وما خلقوا له. لكن انظر إلى من وحَّد هدفه ومراده وغايته، فلا يريد إلا الله، ولا يريد إلا ما يريده مولاه، فهو لله وبالله ومع الله، وقد توكل عليه ولجأ إليه واستغنى به، وعز به، وقوى به، حينها لا يحمل هماً ولا حزناً ولا خوفاً، إذ كيف يصيبه الحزن والغم وإلهه إله غني قادر قوي عزيز، مالك لكل شئ. وهو يسير على مراد مولاه؛ لعلمه بكمال حكمته في شرعه وقدره، وكمال علمه وعدله. فهو يحب ربه، ويحبه ربه، فيعلم أن لا يقضي له إلا الخير، وأن يبعده عن كل شيء، ويحميه منه، حتى وإن ظهر عكس ذلك، ثم هو كذلك لعلمه بنفسه خالفها، ولم يتبع هواها، وحارب عدوه وشيطانه. فانظر إلى حال هذا العبد الذي كلما حقق من كمال العبودية، كلما انقضى عنه من الهم والحزن في الدنيا والآخرة (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82) - ثم تأمل معي في معنى العجز والكسل، وسر اقترانهما؛ لتعلم أن هذا الدعاء فيه سر عجيب، فالعجز هو وجود إرادة للفعل مع عدم وجود قدرة لإنجازه أو قدرة ضعيفة. أما الكسل فهو انتفاء تلك الإرادة، فأي فعل هو اجتماع الإرادة مع القدرة، بمعنى أنك تريد وترغب، فتتحول إرادتك، لإنجاز عمل ما، ثم لو صادفت هذه الإرادة والرغبة قدرة عندك لتم الفعل ولابد؛ فالإنسان إذا توافرت له الإرادة، فقد خرج من دائرة الكسل، فإذا كان عنده القدرة فقد خرج؟ أيضاً من دائرة العجز فيتم الفعل ولا بد. فانظر كيف رتب النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءه لتقف معي على هذا السر البديع ممن أوتى جوامع الكلم. فالإنسان إذا اهتم بالدنيا حزن عليها. فأصابه العجز عن عمل الآخرة، فيولد ذلك الكسل فلا يريد الآخرة -والعياذ بالله-، وهذا هو ما رتب به النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاءه فبدأ بالاستعاذة من الهم الذي يولد الحزن، وهذا الحزن يصيب صاحبه بالعجز، ومن ثم يصاب بالكسل. والله أعلم. وعلاج العجز وضحه النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (استعن بالله ولا تعجز)، فيكون بالاقتصاد التام، والانكسار الكامل والاستعانة المطلقة بالله، ولا يكون ذلك إلا بتمام اليأس من النفس وحولها وقوتها. والاعتقاد الجازم بمدى فقرها وعجزها وذلها لربها وخالقها. فليس علاج العجز كما قد يظن هو بدفع مزيد الثقة في النفس ورؤية كمالاتها، لا ليس كذلك، بل هو برؤية فضل الله وكمال غناه وعزه، وأنه عبد لهذا الرب الغني القادر العزيز، الذي بيده كل شيء، وإليه يرجع كل أمر، حينها يأخذ ربه بيده ويعلمه ويوفقه، ويرزقه القدرة والعمل، ولا يمنع ذلك أن يذكِّر نفسه بما منَّ الله عليه من قبل، ليعرف ما وهبه الله من كمالات فيشغلها ويحسن توجيها، حتى لا يصاب باليأس المقعد عن العمل، فالأمر وسط وهو بين طرفي نقيض، فلا يعجب بنفسه وينسب لها كل كمال، ولا ييأس منها بحيث يترك العمل. - وأما الكسل وهو عدم إرادة الآخرة، وتسويف عمل الآخرة، فسببه أن الإنسان قد يأتيه أرادات الخير والصلاح، فيردها ولا يريدها، ويعجز عنها فيعاقب بتقليب القلب، فلا يريد الآخرة، ولا يسعى لها كما قال الله -عز وجل-: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (الأنعام:110). فهؤلاء قد عوقبوا بتقليب القلوب والأبصار عن الحق والإيمان؛ لأنهم جاءهم منادي الإيمان أول مرة فردوه، ولم يستجيبوا له كحال أغلب الناس اليوم، نجد قلوبهم مليئة بإرادات الدنيا وشهواتها، وليس في قلوبهم إرادة للخير، بل نجدهم قد يحاربون الخير، وتنتكس قلوبهم، فيرون المعروف منكراً والمنكر معروفاً، نجدهم كما وصفهم النبي –صلى الله عليه وسلم- عالمين بأمر الدنيا، أجهل ما يكون بأمر الآخرة، يحقرون العظيم وهي الآخرة، ويعظمون الحقير وهى الدنيا. وكل الخلق -نعمة من الله وفضلاً، وإقامة للحجة عليهم- قد أتاهم هذا النداء، نداء الإيمان والحق، لكنهم قتلوا هذا النداء في قلوبهم، ولم يستجيبوا له، فعقوبوا بصرف قلوبهم عن إرادة الآخرة، فإرادة الخير في نفسك هي نعمة من عند الله يجب عليها شكرها بالاستجابة السريعة الفورية لها، حتى لا تعاقب بزوال هذه الإرادات من قلبك، وتستبدل بإرادات الدنيا وشهواتها، وتكسل عن عمل الآخرة. فإذا أتتك بادرة الخير من صلاة أو صيام أو زكاة وغيرها من الطاعات، وحدثتك نفسك بها فبادرها، واستغلها، ولا تتكاسل عنها، واستجب لنداءات ربك في كتابه: (وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:133). وصلِّ اللهم وسلِّم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.[/SIZE][/FONT] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
.| البُرِيِمِي العَـامِـهْ|.
,, البُريمِي لِـ/ الهَمسَات الإسلَامية ,,
●●هَمٌّ فحزنٌ فعجزٌ فكسلٌ●●
أعلى