دانة غزر
صاحبة الروح الطيّبة
بسم الله ..
بدأ قلبه يخفق خفقانا، واختلجت عيناه بعد ذلك خلجانا، فبالــكاد يحرك نصف جسده ؛ والمكان ضيق لـــزِبْ ،ظلام دامس يعصره ،يحاصره من كل جانب ،هو النفس بعد الأنفاس ،هو الكل ، والكل محيط به .
لم يكن سليم قادرا على الحراك ،افترشت على جسده كثلة صماء لايعلم كيف انغمس فيها ، بعد ساعات من الصراخ ،من الألم
والذعر ،وطلب للعون ،بدأت هواجس تشعره بظِلال الموت،وأصعب اللحظات أن تشعر بذنوك منها ،قُربهامنك،
ملامستها إيّاك ،أو أن تموت .
كان المسكين يشعر بالذل والانكسار ،بالوحدة،بالألم ،لايذكر ماجرى له ،ولايدرك ماحلّ به ،فالبارحة كان على فراشه ممدد،بيد أنّه الآن بين شِبرين أحجارا يتوسد.
لأول مرّة أحسّ سليم برهبة الانفراد ،بوحشة الظلام ،بضيق المكان ،عدا ذلك فحرية تحريك يديه وملامستها لجسده والميلان برأسه المتثاقل بالأحزان ثارة الى اليمن وأخرى شمالا ؛كانت تشعره بذرات الحياة الآسنة .
أيقن سليم أن الموت يغازله ،ينشد معه بطرب قصيدة الوداع ،يهمس في أذنه أن قل معي :
ألا موت لذيذ الطعم يأتي **يخلصني من الموت الكريه
أيقن ذلك حقا ،واستقر في خلجاته أنه يعانق اليأس، إنّه يختزل كل مرحلة من مراحل حياته ، يجذبها طواعية أو كرها ، تكلِّمه أمّه فتتناثر قطرات دمع حارة تدفء فؤاده ، بعد مدٍ وجزر بذكريات العمر يستسلم الرجل لبثِّه وآهاته ..
عشر ساعات وهو مقبور ، يترقب فيها ملكا رحيـــما يطمئنه أو شيطانا رجيما يفجعه ،يكتفي بالتيمم بتربة تجانبه ،ويصلي بجوانبه صلاة ميِّتٍ قبل الممات .
بينما هو كذلك ،يضع كفّه على صدره ،يتحسس دقات قلبه ،متى تتركه للسكون ،أحس ببرودة كالسيل تنحذر من أخمص قدميه ،شعر بتثاقل أنفاسه ،والهواء قليل ،أخيرا أغمض سليم أجفانه .
عشرساعات من الوحدة ،من الفناء في الظلام الموحش ،أعقبها نور تغلغل بانسياب بين كل أجزاء ذاك القبر ،ضياء محرق كصعقة كهرباء أعادت الحياة لميت ،كصفعة قابِلة قلبت الجنين أول قِبلةٍ له في الحياة،فيتبعها بصرخة ؛هي صرخة الحياة الثانية ،هي صرخة الأمل بعد اليأس .
عشرساعات من الحفر ،كانت كافية لإخراج سليم من بيته المنهار ، ففي الساعة الثالثة صباحا رجت الأض رجا ،زلزال خفيف كان كافيا لإسقاط بنايات عدّة ، إنهار منزل سليم ،ولحسن حظه أنّه كان نائما في إحدى زواياه ،فحال أحد أعمدته دون هلاكه، لم يدر الرجل ماحدث له .
أخرجه المسعفون بتلطف شديد ،تعجب كل من شاهده ،كيف نجى!
يخاطبه المسعف : خويا هل أنت بخير ؟ أتسمعني ؟
يكتفي سليم بالنظر لمن حولــه ،مندهشا ،لايزال بين الشك واليقين ، ولولا آلام ساقه وأوجاعه لما تردد قطعا في كونه يحلــــم أو أنّه قد هلك.
همس سليم مخافثا المسعف: أن ادنو مني قليلا ..
فهم المسعف مغزاه فدنى منه منصتا
سليم ببسمة يخالطها الأنين : واجعل رجاءَك دون يأسك جُنَّةً ***حـتى تـزولَ بهمـكَ الأوقاتُ
بدأ قلبه يخفق خفقانا، واختلجت عيناه بعد ذلك خلجانا، فبالــكاد يحرك نصف جسده ؛ والمكان ضيق لـــزِبْ ،ظلام دامس يعصره ،يحاصره من كل جانب ،هو النفس بعد الأنفاس ،هو الكل ، والكل محيط به .
لم يكن سليم قادرا على الحراك ،افترشت على جسده كثلة صماء لايعلم كيف انغمس فيها ، بعد ساعات من الصراخ ،من الألم
والذعر ،وطلب للعون ،بدأت هواجس تشعره بظِلال الموت،وأصعب اللحظات أن تشعر بذنوك منها ،قُربهامنك،
ملامستها إيّاك ،أو أن تموت .
كان المسكين يشعر بالذل والانكسار ،بالوحدة،بالألم ،لايذكر ماجرى له ،ولايدرك ماحلّ به ،فالبارحة كان على فراشه ممدد،بيد أنّه الآن بين شِبرين أحجارا يتوسد.
لأول مرّة أحسّ سليم برهبة الانفراد ،بوحشة الظلام ،بضيق المكان ،عدا ذلك فحرية تحريك يديه وملامستها لجسده والميلان برأسه المتثاقل بالأحزان ثارة الى اليمن وأخرى شمالا ؛كانت تشعره بذرات الحياة الآسنة .
أيقن سليم أن الموت يغازله ،ينشد معه بطرب قصيدة الوداع ،يهمس في أذنه أن قل معي :
ألا موت لذيذ الطعم يأتي **يخلصني من الموت الكريه
أيقن ذلك حقا ،واستقر في خلجاته أنه يعانق اليأس، إنّه يختزل كل مرحلة من مراحل حياته ، يجذبها طواعية أو كرها ، تكلِّمه أمّه فتتناثر قطرات دمع حارة تدفء فؤاده ، بعد مدٍ وجزر بذكريات العمر يستسلم الرجل لبثِّه وآهاته ..
عشر ساعات وهو مقبور ، يترقب فيها ملكا رحيـــما يطمئنه أو شيطانا رجيما يفجعه ،يكتفي بالتيمم بتربة تجانبه ،ويصلي بجوانبه صلاة ميِّتٍ قبل الممات .
بينما هو كذلك ،يضع كفّه على صدره ،يتحسس دقات قلبه ،متى تتركه للسكون ،أحس ببرودة كالسيل تنحذر من أخمص قدميه ،شعر بتثاقل أنفاسه ،والهواء قليل ،أخيرا أغمض سليم أجفانه .
عشرساعات من الوحدة ،من الفناء في الظلام الموحش ،أعقبها نور تغلغل بانسياب بين كل أجزاء ذاك القبر ،ضياء محرق كصعقة كهرباء أعادت الحياة لميت ،كصفعة قابِلة قلبت الجنين أول قِبلةٍ له في الحياة،فيتبعها بصرخة ؛هي صرخة الحياة الثانية ،هي صرخة الأمل بعد اليأس .
عشرساعات من الحفر ،كانت كافية لإخراج سليم من بيته المنهار ، ففي الساعة الثالثة صباحا رجت الأض رجا ،زلزال خفيف كان كافيا لإسقاط بنايات عدّة ، إنهار منزل سليم ،ولحسن حظه أنّه كان نائما في إحدى زواياه ،فحال أحد أعمدته دون هلاكه، لم يدر الرجل ماحدث له .
أخرجه المسعفون بتلطف شديد ،تعجب كل من شاهده ،كيف نجى!
يخاطبه المسعف : خويا هل أنت بخير ؟ أتسمعني ؟
يكتفي سليم بالنظر لمن حولــه ،مندهشا ،لايزال بين الشك واليقين ، ولولا آلام ساقه وأوجاعه لما تردد قطعا في كونه يحلــــم أو أنّه قد هلك.
همس سليم مخافثا المسعف: أن ادنو مني قليلا ..
فهم المسعف مغزاه فدنى منه منصتا
سليم ببسمة يخالطها الأنين : واجعل رجاءَك دون يأسك جُنَّةً ***حـتى تـزولَ بهمـكَ الأوقاتُ
إنتهـــــــــــــــــــــــــــى
منقول
منقول