رفض الرئيس السوري بشار الأسد أمس مطالب اسرائيل بأن تتخلى دمشق عن تحالفها مع طهران كشرط للتوصل لاتفاق سلام، وأبلغ وفداً برلمانياً بريطانياً بأن حكومته تعتزم الاحتفاظ بعلاقات طبيعية مع إيران رغم المحادثات غير المباشرة الجارية مع إسرائيل لاستعادة مرتفعات الجولان المحتلة.
وكانت وزيرة الخارجية الاسرائيلية قالت إن اتفاق السلام مرهون بأن تنأى سوريا بنفسها عن ايران، وتقطع الروبط مع ''حزب الله'' اللبناني، وحركة ''حماس الفلسطينية''.
لكن مصدراً رسمياً نقل عن الأسد قوله: ''إن سوريا لديها علاقات طبيعية مع إيران، وإن أي اقتراح للتخلي عن تلك العلاقات لن يكون طلباً معقولاً''، وأضاف: ''إنه إذا كان لاسرائيل أن ترتاب في علاقات سوريا مع ايران فإنه يمكن لسوريا عندئذ أن ترتاب في روابط اسرائيل مع دول اخرى خصوصاً الولايات المتحدة''.
وأكد الأسد للوفد البريطاني ضرورة ان يكون السلام عادلاً وشاملاً، وأن تعود جميع الحقوق لأصحابها (في إشارة الى مسعى الفلسطينيين لاقامة دولة على جميع الاراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في حرب 1967)، واضاف أن التقدم في مسار السلام السوري الاسرائيلي سيشجع لبنان واسرائيل على الشروع في محادثات ثنائية.
وكانت سوريا واسرائيل أعلنتا الاسبوع الماضي عن اجراء محادثات غير مباشرة بوساطة تركيا، وذلك في أول تأكيد لأي محادثات بين البلدين منذ عام .2000 في وقت زار وزير الدفاع السوري حسن تركماني طهران حيث وقع على مذكرة تعاون دفاعية تشدد على دعم كل من البلدين استقلال الآخر ووحدة وسلامة أراضيه في الهيئات الدولية والإقليمية.
وقالت مصادر سورية مسؤولة لـ''وكالة الانباء الالمانية'' إن مسار مفاوضات السلام بين دمشق وتل أبيب لن يؤثر على المسار الفلسطيني، ولن يكون هناك أي توقيع سوري إسرائيلي على حساب الفلسطينيين، وأضافت أن التفاوض ينطلق من قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد والعودة إلى حدود الرابع من يونيو .1967
وأبلغت مصادر تركية الوكالة أن الوفدين السوري والإسرائيلي في الجولة السابقة كانا يقيمان في فندق واحد في تركيا، كل منهما في طابق مستقل عن الآخر، وأن المفاوض التركي كان ينقل بينهما مجريات المحادثات، ولم تستبعد المصادر إجراء مباحثات سورية إسرائيلية مباشرة خلال الفترة المقبلة. فيما أشارت معلومات إلى أن جولة المفاوضات الثانية قد تبدأ خلال الأسبوعين المقبلين.
واعتبر وزير الإعلام السوري السابق مهدي دخل الله من جانبه أن الضجة الإعلامية تبدو صاخبة، وهي أكثر حضوراً من التحولات الواقعية في الموقف الإسرائيلي من السلام، وقال في تصريح للوكالة الألمانية إنه بالنسبة لسوريا، فهي منذ زمن تعمل وتطرح أنها مع سلام استراتيجي عادل وشامل ووفق قرارات الشــــــرعية الدولية، مؤكداً أنه وبغض النظر عن ثقة سوريا بإسرائيل فإن ســـــــوريا تعمل للسلام.
وأبدى دخل الله خشية بلاده من أن تكون إسرائيل بحكومتها الضعيفة حالياً مع غياب للدور الأميركي أحد الأسباب المعرقلة للسلام الذي تنشده سوريا، واضاف أن التوجه الحقيقي هو أن يكون لدى إسرائيل حكومة قوية. مشيرا الى أنه من غير الوارد أن يكون هناك تفاوض مع إسرائيل خارج إطار حدود الرابع من يونيو.
وقال دخل الله: ''أنا لا أعتقد أن سوريا لديها أي تفكير خارج هذا الإطار''، وأبدى عدم تفاؤله بما وصفه بـ''حكومة ايهود أولمرت المهزوزة''، وسخر من الكلام الذي قيل في الإعلام من أنه قد يتم استئجار الجولان أو بعض الأراضي من قبل إسرائيل لمدة 25 عاماً أو أكثر، وقال: ''إن سوريا ليست لديها أراض للإيجار''، وأضاف: ''المطلوب من إسرائيل في مفاوضات السلام أن يكون لديها القدرة والرغبة، فالقدرة وحدها لا تكفي، المطلوب أن يكون هناك رغبة مصحوبة بالإرادة من أجل السلام''.