تثاءبتُ وأنا أنظر إلى أبنت أخي .. ومعظم كلماتها تضيع في أذني.. أحسستُ بخدر غريب يتسرب في أوصالي.... وأنا أقلب صفحات كتاب الكيميــاء التحليلية ..لم يتبقى سوى صفحتين ، وددتُ لو انتهى من قراءتها لألقي برأسي المتعب على الوسادة وأنام نوما عميقا ينسيني هذا التعب.. حاولت أكثر من مرة أن أنبه أبنت أخي إلى نعاسي فلم أفلح.. كان محور حديثها يدور حول مغامراتها الخيالية للعالم الخارجي
استمعتُ لكلامها ومثلته في نعاسي أشباحا غير مرئية أخذت تزيد من تعبي.....
* * *
انتعشتُ أخيرا على صوت دقدقات متواصله على باب غرفتي.. قمتُ مترنحه أفتح الباب وأنا أحاول طرد الخدر المتسرب إليّ.. ففوجئتُ بغادة، هيفاء تلمع عيناها في جوف الليل المظلم.
- أتسمحي لي بالدخول ؟
وجمتً للهجتها الودية وهي تبعدني عن الباب برفق، وبدأتُ استيقظ رويدا رويدا.. دخلت وأشارت بيدها كأنها تعطي أمرا لمن خلفها وإذا بأربعة يدخلون، أربعة أشباح متطاولة مسربلة بالسواد لم ألحظهم في عتم الليل استيقظت جميع حواسي دفعة واحدة، حدقتُ إليها بإمعان، بدأ وجهها مألوف لدي ... نعم إنها تشبه صديقتي الراحله
- من أنتم وماذا تريدون ؟
- لا تخافي.. جئنا إليكم في حاجة صغيرة ولن نزعجكم كثيرا..
فوجئت أبنت أخي بالغرباء ولم تتحرك خشية أن يستاءوا من حركتها.
- نريد محلولا كيميائيا لإسعاف مرضى في حالة خطرة.. دمكم لا يتأثر بالأشعة الكونية ولن يفسد بسرعة إذا حفظ في مكان مناسب..
- وأين مرضاكم ؟
- سنخبركم كل شيء بالتفصيل..
أحسستُ بخدر غريب يتمشى في أوصالي وكحلم مزعج أحس أنه يطير فوقنا في ليل مبهم، تهب نسائمه البارده على وجهي الشاحب..
* * *
مجموعة من الخيالات المبهمة بدأت تلفنا... تتقدم الفتاة مني وأنا خامدة الحركة فاقدة القوى، تشمر عن ساعدي تزرع في ذراعي إبرا كثيرة، احس بعدها بالنشوة والألم.. حاولتُ أن أصرخ فلم استطيع، قواي لا تزال مفقودة !! يا لذاك الكابوس الشيطاني ؟
نظرتُ من حولي، لاحظتُ العيون البارقة الحادة، فبدأ قلبي يخفق وأنا أحدق بالفتاة تبتسم ابتسامتها العذبة.. ما الذي يشدها إليّ ؟! أيعقل أن يكون حب الكيمياء يجمعنا !!!! .. أحسست أن جاذبيتها تسع العالم كله.. تقول:
- نحن من كوكب بعيد خارج مجموعتكم الشمسية، إنه كوكب الكيمياء... نتجول في المجرة قدمنا إلى هنا بعدما تعطلت القوة الدافعة في سفينتنا هبطنا مضطرين إلى كوكبكم تعرضنا لهجمات ضارية من قوى مجهولة أرسلت علينا الشواظ والقنابل المدمرة.. ولكننا تمكنا من الإفلات واللجوء إلى أحد الأودية العميقة حيث خرجنا نفتش عن علاج يعجل في شفاء بعض مهندسي الفلك الرئيسين في محطة الاستقبال المرئي.
دلتنا الأجهزة على أن العلاج الوحيد الملائم هو أخذ حقنة من دم كيميائي !!!
آه يا الهي ما أعذبها وهي تتحدث.... أتعني بأن دميّ مشابه لدم سكان كوكب الكيمياء... كم أنا سعيدة ... أهي فتاة حقيقية، أم أنها خيال لكائن تقمص شخصية بشرية لطمأنة من حوله؟!!
- أسئلة كثيرة تدور في أذهانكم، سنحاول الإجابة عنها، فقط أعطونا ثقتكم، الخوف والرعب والنوايا الخبيثة تفسد الدم البشري، وبالتالي فالعلاج يكون ذا تأثير سلبي على مرضى كوكب الكيمياء..
حديثها عذب، التقطتُ كلماتها بشغف وأنا أحدق في وجهها.. لم أعد أخاف مطلقاً من هذه الكائنات بل أحسستُ أن الفتاة قريبة جداً إليّ ... فأنا سكون مسرورة اذا تبرعتُ بدمي لمرضى كوكب الكيمياء....ولكن لماذا تتحدث بلغة الجمع إلينا، إنها تعبر عن الاحترام والتعظيم.. أبنت أخي رفضت دمها الكائنات، لانه ليس له صله بالكيمياء كما قالت أجهزتهم التحليلية، أما أنا فكان الجميع يبتسمون لي..
حلم جميل عشته وأنا ارقب ابتسامة أشباح الكيمياء إليّ، همست ليّ وهي تسحب آخر قطرات من محلولي الكيميائي: » حين تحدقي في كوكب لامع مضيء في ليلة ظلماء في نحو الواحدة بعد منتصف الليل، من الجهة الغربية من الأفق تذكري أن كائنا يحيا من محلولكِ الكيميائي في عالم آخر، ولن ينساكِ أبدا.. «.
فكرتُ: ( ولماذا الساعة الواحدة بالضبط) ؟ ابتسمت ابتسامتها العذبة وهي تقول وقد التقطت فكرتي: لأن كوكب الكيمياء يكون عندها في أعلى درجة لمعان يشاهد فيها من الأرض..
* * *
أحس برعشة مفاجئة تعتريني، غرقت في سبات عميق، رأيتُ نفسي. في واحة كيميائية جميلة مزهرة تصدح من حوله الطيور البيضاء. حاملة رموزا كيميائية لها دلالات خاصة ..فجأه رأيتُ الفتاة الغريبة تقتربُ مني.. ابتسامتها تسع الوجود تضع في يدي شيئا ثم تختفي..
* * *
استيقظتُ ... لقد كان حلما جميلا ...ولكن أصابعي كانت تقبض على شيء صلب فتحتها فوجدتُ ميدالية صغيرة بدأت تنبعث منها موسيقى عذبة تختلف عن أية موسيقى سمعتها، ومعها بطاقة صغيرة مكتوب عيها » الجزء يتمم الكل وحين يبدأ البشر في التخلص من أنانيتهم وحبهم لأنفسهم ينجحون في تخطي الزمن وقطف ثمار حضارة جديدة لها مكانتها بين حضارات العوالم الأخرى..
الكائن المنعزل كائن غير فاعل، والكل لا يكمل بدون الأجزاء.. «.
أحس أن ما شاهدته كان حقيقة، لو تحدثتُ به لأي إنسان لما صدقه.. والغريب أن البطاقه كانت مشابه تماما للبطاقة التي أهدتني إياها صديقتي الراحله .....
* * *
قضيتُ يومي بأكمله ذاهلة، شاردة، دون أن استطيع البوح بالحلم الذي اذهلني لأحد ، وفي الواحدة من صباح يوم جديد حدقتُ في الأفق الغربي نحن كوكب لامع رسمته بخيالي وتذكرتُ كلام المخلوقة العذبة:» إن كائنا سيحيا من محلولكِ الكيميائي في عالم آخر ولن ينساك أبداً«..
أحسستُ بالحنين وذرفتُ الدمع وأنا احدق في ذلك الكوكب اللامع وطيفها العذب يعاودني بتفاصيله كافة فيزدني حزنا لفقدان صديقتي الكيميائية !!!!..
24/5/2008م
استمعتُ لكلامها ومثلته في نعاسي أشباحا غير مرئية أخذت تزيد من تعبي.....
* * *
انتعشتُ أخيرا على صوت دقدقات متواصله على باب غرفتي.. قمتُ مترنحه أفتح الباب وأنا أحاول طرد الخدر المتسرب إليّ.. ففوجئتُ بغادة، هيفاء تلمع عيناها في جوف الليل المظلم.
- أتسمحي لي بالدخول ؟
وجمتً للهجتها الودية وهي تبعدني عن الباب برفق، وبدأتُ استيقظ رويدا رويدا.. دخلت وأشارت بيدها كأنها تعطي أمرا لمن خلفها وإذا بأربعة يدخلون، أربعة أشباح متطاولة مسربلة بالسواد لم ألحظهم في عتم الليل استيقظت جميع حواسي دفعة واحدة، حدقتُ إليها بإمعان، بدأ وجهها مألوف لدي ... نعم إنها تشبه صديقتي الراحله
- من أنتم وماذا تريدون ؟
- لا تخافي.. جئنا إليكم في حاجة صغيرة ولن نزعجكم كثيرا..
فوجئت أبنت أخي بالغرباء ولم تتحرك خشية أن يستاءوا من حركتها.
- نريد محلولا كيميائيا لإسعاف مرضى في حالة خطرة.. دمكم لا يتأثر بالأشعة الكونية ولن يفسد بسرعة إذا حفظ في مكان مناسب..
- وأين مرضاكم ؟
- سنخبركم كل شيء بالتفصيل..
أحسستُ بخدر غريب يتمشى في أوصالي وكحلم مزعج أحس أنه يطير فوقنا في ليل مبهم، تهب نسائمه البارده على وجهي الشاحب..
* * *
مجموعة من الخيالات المبهمة بدأت تلفنا... تتقدم الفتاة مني وأنا خامدة الحركة فاقدة القوى، تشمر عن ساعدي تزرع في ذراعي إبرا كثيرة، احس بعدها بالنشوة والألم.. حاولتُ أن أصرخ فلم استطيع، قواي لا تزال مفقودة !! يا لذاك الكابوس الشيطاني ؟
نظرتُ من حولي، لاحظتُ العيون البارقة الحادة، فبدأ قلبي يخفق وأنا أحدق بالفتاة تبتسم ابتسامتها العذبة.. ما الذي يشدها إليّ ؟! أيعقل أن يكون حب الكيمياء يجمعنا !!!! .. أحسست أن جاذبيتها تسع العالم كله.. تقول:
- نحن من كوكب بعيد خارج مجموعتكم الشمسية، إنه كوكب الكيمياء... نتجول في المجرة قدمنا إلى هنا بعدما تعطلت القوة الدافعة في سفينتنا هبطنا مضطرين إلى كوكبكم تعرضنا لهجمات ضارية من قوى مجهولة أرسلت علينا الشواظ والقنابل المدمرة.. ولكننا تمكنا من الإفلات واللجوء إلى أحد الأودية العميقة حيث خرجنا نفتش عن علاج يعجل في شفاء بعض مهندسي الفلك الرئيسين في محطة الاستقبال المرئي.
دلتنا الأجهزة على أن العلاج الوحيد الملائم هو أخذ حقنة من دم كيميائي !!!
آه يا الهي ما أعذبها وهي تتحدث.... أتعني بأن دميّ مشابه لدم سكان كوكب الكيمياء... كم أنا سعيدة ... أهي فتاة حقيقية، أم أنها خيال لكائن تقمص شخصية بشرية لطمأنة من حوله؟!!
- أسئلة كثيرة تدور في أذهانكم، سنحاول الإجابة عنها، فقط أعطونا ثقتكم، الخوف والرعب والنوايا الخبيثة تفسد الدم البشري، وبالتالي فالعلاج يكون ذا تأثير سلبي على مرضى كوكب الكيمياء..
حديثها عذب، التقطتُ كلماتها بشغف وأنا أحدق في وجهها.. لم أعد أخاف مطلقاً من هذه الكائنات بل أحسستُ أن الفتاة قريبة جداً إليّ ... فأنا سكون مسرورة اذا تبرعتُ بدمي لمرضى كوكب الكيمياء....ولكن لماذا تتحدث بلغة الجمع إلينا، إنها تعبر عن الاحترام والتعظيم.. أبنت أخي رفضت دمها الكائنات، لانه ليس له صله بالكيمياء كما قالت أجهزتهم التحليلية، أما أنا فكان الجميع يبتسمون لي..
حلم جميل عشته وأنا ارقب ابتسامة أشباح الكيمياء إليّ، همست ليّ وهي تسحب آخر قطرات من محلولي الكيميائي: » حين تحدقي في كوكب لامع مضيء في ليلة ظلماء في نحو الواحدة بعد منتصف الليل، من الجهة الغربية من الأفق تذكري أن كائنا يحيا من محلولكِ الكيميائي في عالم آخر، ولن ينساكِ أبدا.. «.
فكرتُ: ( ولماذا الساعة الواحدة بالضبط) ؟ ابتسمت ابتسامتها العذبة وهي تقول وقد التقطت فكرتي: لأن كوكب الكيمياء يكون عندها في أعلى درجة لمعان يشاهد فيها من الأرض..
* * *
أحس برعشة مفاجئة تعتريني، غرقت في سبات عميق، رأيتُ نفسي. في واحة كيميائية جميلة مزهرة تصدح من حوله الطيور البيضاء. حاملة رموزا كيميائية لها دلالات خاصة ..فجأه رأيتُ الفتاة الغريبة تقتربُ مني.. ابتسامتها تسع الوجود تضع في يدي شيئا ثم تختفي..
* * *
استيقظتُ ... لقد كان حلما جميلا ...ولكن أصابعي كانت تقبض على شيء صلب فتحتها فوجدتُ ميدالية صغيرة بدأت تنبعث منها موسيقى عذبة تختلف عن أية موسيقى سمعتها، ومعها بطاقة صغيرة مكتوب عيها » الجزء يتمم الكل وحين يبدأ البشر في التخلص من أنانيتهم وحبهم لأنفسهم ينجحون في تخطي الزمن وقطف ثمار حضارة جديدة لها مكانتها بين حضارات العوالم الأخرى..
الكائن المنعزل كائن غير فاعل، والكل لا يكمل بدون الأجزاء.. «.
أحس أن ما شاهدته كان حقيقة، لو تحدثتُ به لأي إنسان لما صدقه.. والغريب أن البطاقه كانت مشابه تماما للبطاقة التي أهدتني إياها صديقتي الراحله .....
* * *
قضيتُ يومي بأكمله ذاهلة، شاردة، دون أن استطيع البوح بالحلم الذي اذهلني لأحد ، وفي الواحدة من صباح يوم جديد حدقتُ في الأفق الغربي نحن كوكب لامع رسمته بخيالي وتذكرتُ كلام المخلوقة العذبة:» إن كائنا سيحيا من محلولكِ الكيميائي في عالم آخر ولن ينساك أبداً«..
أحسستُ بالحنين وذرفتُ الدمع وأنا احدق في ذلك الكوكب اللامع وطيفها العذب يعاودني بتفاصيله كافة فيزدني حزنا لفقدان صديقتي الكيميائية !!!!..
24/5/2008م