رحآيل
¬°•| مُشْرِفة سابقة |•°¬
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الحديث آلم قلبي كثــيراً . . تأملوا فيه جيداً . .
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة من أدم ،
إذ مررتُ فسمع صوتي فقال : ( يا عوف بن مالك ، ادخل ) .
فقلت : يا رسول الله ، أكلّي أم بعضي ؟
فقال : ( بل كلك ) .
قال : فدخلت فقال : ( يا عوف ، اعدد ستّاً بين يدي الساعة ) .
فقلت : ما هُنَّ يا رسول الله ؟ .
قال : ( موت رسول الله ) ، فبكى عوف ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قُلْ إحدى ) ،
قلت : إحدى ، ثم قال : ( وفتح بيت المقدس ، قل اثنين ) ،
قلت : اثنين .
قال : ( وموت يكون في أمتي كعقاص الغنم ، قل ثلاث ) قلت : ثلاث .
قال : ( وتفتح لهم الدنيا حتى يُعطى الرجل المائة فيسخطها ، قل أربع ) ، قلت : أربع .
( وفتنة لا يبقى أحد من المسلمين إلا دخلت عليه بيته ، قل خمس ) ، قلت: خمس .
( وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ، يأتونكم على ثمانين غاية ، كل غاية اثنا عشر ألفاً ثم يغدرون بكم ) (1) .
فأفتى صلى الله عليه وسلم عوفاً عمّا أجملهُ في قوله : ( اعدد ستاً بين يدي الساعة ) ، وذلك بعد استفتائه إياه عنهن .
وهذه العلامات السّت التي أخبر صلى الله عليه وسلم بوقوعها بين يدي الساعة قد ظهرت جميعها (2) ، دون
الأخيرة منهن ، وتفصيلها مع ما يعضدها من نصوص - إن تيسر - على النحو التالي :
فأما موت النبي صلى الله عليه وسلم فهو أعظم تلك العلامات وقوعاً ، وأشدها وقعاً ؛ إذ بوفاته صلى الله عليه
وسلم جاءت المحن ، وتتابعت الفتن ، وظهرت الأهواء ، وتباينت الآراء ،فكان وجوده صلى الله عليه وسلم
صمام أمان من كل ذلك .
قال صلى الله عليه وسلم : ( النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعَد ، وأنا أمنة
لأصحابي ، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعَدون ، وأصحابي أمنة لأمتي ، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي
ما يوعدون ) (3) .
وأما فتح بيت المقدس : فقد تحقق وقوعُه في عهد الخليفة الراشِد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في
السنة الخامسة عشرة من الهجرة (4) .
وأما الثالثة : فطاعون عمواس (5)، وإليه الإشارة في قوله صلى الله عليه وسلم :
( وموت يكون في أمتي كعقاص(6) الغنم ) .
قال الحافظ ابن حجَر : "ويُقال : إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس، في خلافة عمر ، وكان ذلك بعد
فتح بيت المقدس " (7) في السنة الثامنة عشرة من الهجرة (8) ، وفيه توفي عدد من فضلاء
الصحابة وكبارهم .
والرابعة : استفاضة المال وكثرته .
قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة .. وحتى يكثر فيكم المال فيفيض …) (9) .
وهذه العلامة "ظهرت في خلافة عثمان عند تلك الفتوح العظيمة" (10) كما قاله الحافظ ابن حجر
- رحمه الله - .
والخامسة : فتنة لا تُبقي بيتاً من العرب إلا دخلته .
وهذه الفتنة المنصوص عليها ابتدئت بالخروج على عثمان رضي الله عنه، وافتتحت بقتله ، واستمرت بعد
ذلك الفتن (11) وتوالت حتى آلت إلى القتال بين الصحابة رضي الله عنهم ، وجرى أثناء ذلك ما جرى .
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذه الفتنة ، وما يعقبها من فتن عندما أشرف صلى الله عليه وسلم على
أطم (12) من آطام المدينة ثم قال : ( إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم ، كمواقع القطر ) (13) .
قال الحافظ ابن حجَر : " وقد ظهر مصداق ذلك من قتل عثمان ، وهَلُمَّ جرّاً .. " (14) .
وقال النووي - رحمه الله - : " والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم ، أي أنها كثيرة وتعمّ الناس
، لا تختص بها طائفة ، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم ، كوقعة الجمل ، وصفين ، والحرة ،
ومقتل عثمان ، ومقتل الحسين - رضي الله عنهما - وغير ذلك " (15) .
فوضح بشرح العلماء لهذا الحديث ، المراد بالفتنة - في حديث عوف - التي لا تبقي بيتاً من العرب إلا دخلته .
والسادسة : قيام صلح آمن بين المسلمين والروم .
وهذه لم تجيء بعد (16) .
قال ابن المنيِّر - رحمه الله - : " أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن ، ولا بلغنا أنهم غزوا في البرِّ في هذا
العدد ، فهي من الأمور التي لم تقع بعد " (17) .
وفي هذا الصلح المذكور يقول صلى الله عليه وسلم: ( ستصالحون الروم صلحاً آمناً ، فتغزون أنتم وهم
عدوّاً من ورائكم ، فتُنْصَرون ، وتَغْنَمون ، وتَسْلَمون ، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج (18) ذي تلول
(19) ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب ، فيقول : غلب الصليب ، فيغضب رجل من المسلمين
فيدقه ، فعند ذلك تغدر الروم ، وتجمع للملحمة) (20).
فاتضح بهذا معنى الفتيا وما اشتملت عليه من العلامات الصغرى للساعة .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الحديث آلم قلبي كثــيراً . . تأملوا فيه جيداً . .
عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة من أدم ،
إذ مررتُ فسمع صوتي فقال : ( يا عوف بن مالك ، ادخل ) .
فقلت : يا رسول الله ، أكلّي أم بعضي ؟
فقال : ( بل كلك ) .
قال : فدخلت فقال : ( يا عوف ، اعدد ستّاً بين يدي الساعة ) .
فقلت : ما هُنَّ يا رسول الله ؟ .
قال : ( موت رسول الله ) ، فبكى عوف ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قُلْ إحدى ) ،
قلت : إحدى ، ثم قال : ( وفتح بيت المقدس ، قل اثنين ) ،
قلت : اثنين .
قال : ( وموت يكون في أمتي كعقاص الغنم ، قل ثلاث ) قلت : ثلاث .
قال : ( وتفتح لهم الدنيا حتى يُعطى الرجل المائة فيسخطها ، قل أربع ) ، قلت : أربع .
( وفتنة لا يبقى أحد من المسلمين إلا دخلت عليه بيته ، قل خمس ) ، قلت: خمس .
( وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ، يأتونكم على ثمانين غاية ، كل غاية اثنا عشر ألفاً ثم يغدرون بكم ) (1) .
فأفتى صلى الله عليه وسلم عوفاً عمّا أجملهُ في قوله : ( اعدد ستاً بين يدي الساعة ) ، وذلك بعد استفتائه إياه عنهن .
وهذه العلامات السّت التي أخبر صلى الله عليه وسلم بوقوعها بين يدي الساعة قد ظهرت جميعها (2) ، دون
الأخيرة منهن ، وتفصيلها مع ما يعضدها من نصوص - إن تيسر - على النحو التالي :
فأما موت النبي صلى الله عليه وسلم فهو أعظم تلك العلامات وقوعاً ، وأشدها وقعاً ؛ إذ بوفاته صلى الله عليه
وسلم جاءت المحن ، وتتابعت الفتن ، وظهرت الأهواء ، وتباينت الآراء ،فكان وجوده صلى الله عليه وسلم
صمام أمان من كل ذلك .
قال صلى الله عليه وسلم : ( النجوم أمنة للسماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعَد ، وأنا أمنة
لأصحابي ، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعَدون ، وأصحابي أمنة لأمتي ، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي
ما يوعدون ) (3) .
وأما فتح بيت المقدس : فقد تحقق وقوعُه في عهد الخليفة الراشِد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في
السنة الخامسة عشرة من الهجرة (4) .
وأما الثالثة : فطاعون عمواس (5)، وإليه الإشارة في قوله صلى الله عليه وسلم :
( وموت يكون في أمتي كعقاص(6) الغنم ) .
قال الحافظ ابن حجَر : "ويُقال : إن هذه الآية ظهرت في طاعون عمواس، في خلافة عمر ، وكان ذلك بعد
فتح بيت المقدس " (7) في السنة الثامنة عشرة من الهجرة (8) ، وفيه توفي عدد من فضلاء
الصحابة وكبارهم .
والرابعة : استفاضة المال وكثرته .
قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تقوم الساعة .. وحتى يكثر فيكم المال فيفيض …) (9) .
وهذه العلامة "ظهرت في خلافة عثمان عند تلك الفتوح العظيمة" (10) كما قاله الحافظ ابن حجر
- رحمه الله - .
والخامسة : فتنة لا تُبقي بيتاً من العرب إلا دخلته .
وهذه الفتنة المنصوص عليها ابتدئت بالخروج على عثمان رضي الله عنه، وافتتحت بقتله ، واستمرت بعد
ذلك الفتن (11) وتوالت حتى آلت إلى القتال بين الصحابة رضي الله عنهم ، وجرى أثناء ذلك ما جرى .
وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى هذه الفتنة ، وما يعقبها من فتن عندما أشرف صلى الله عليه وسلم على
أطم (12) من آطام المدينة ثم قال : ( إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم ، كمواقع القطر ) (13) .
قال الحافظ ابن حجَر : " وقد ظهر مصداق ذلك من قتل عثمان ، وهَلُمَّ جرّاً .. " (14) .
وقال النووي - رحمه الله - : " والتشبيه بمواقع القطر في الكثرة والعموم ، أي أنها كثيرة وتعمّ الناس
، لا تختص بها طائفة ، وهذا إشارة إلى الحروب الجارية بينهم ، كوقعة الجمل ، وصفين ، والحرة ،
ومقتل عثمان ، ومقتل الحسين - رضي الله عنهما - وغير ذلك " (15) .
فوضح بشرح العلماء لهذا الحديث ، المراد بالفتنة - في حديث عوف - التي لا تبقي بيتاً من العرب إلا دخلته .
والسادسة : قيام صلح آمن بين المسلمين والروم .
وهذه لم تجيء بعد (16) .
قال ابن المنيِّر - رحمه الله - : " أما قصة الروم فلم تجتمع إلى الآن ، ولا بلغنا أنهم غزوا في البرِّ في هذا
العدد ، فهي من الأمور التي لم تقع بعد " (17) .
وفي هذا الصلح المذكور يقول صلى الله عليه وسلم: ( ستصالحون الروم صلحاً آمناً ، فتغزون أنتم وهم
عدوّاً من ورائكم ، فتُنْصَرون ، وتَغْنَمون ، وتَسْلَمون ، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج (18) ذي تلول
(19) ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب ، فيقول : غلب الصليب ، فيغضب رجل من المسلمين
فيدقه ، فعند ذلك تغدر الروم ، وتجمع للملحمة) (20).
فاتضح بهذا معنى الفتيا وما اشتملت عليه من العلامات الصغرى للساعة .