شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
كثيرة هي معجزات البشر، والقوى الغامضة التي يتمتع بها بعض الناس، قصص أقرب الى الخيال هي تلك التي تروى عن أفعال هؤلاء، فهذا الذي يستطيع أن يثني قضبان الحديد بالنظر إليها دون لمسها، وذلك الذي يجري العمليات للمرضى بمد يده داخل البطن دون أن يفتحها، ودون إستخدام البنج أو التخدير.
إحدى أكثر القصص الخيالية التي تروى في ألمانيا وتحديداً في إقليم الجنوب البافاري، هي تلك التي جرت أحداثها في إحدى القرى الريفية المتاخمة لجبال الألب، فقبل قرنين من الزمن عاشت ماريا فوتنر السيدة القروية دون أي طعام مدة 52 عاماً، مكتفية بشرب الماء فقط! ولم يستطع العلم قديماً ولا حديثاً فك هذا اللغز، إذ أنه من المستحيل أن يبقى الإنسان على قيد الحياة دون طعام إلا لأيام معدودة.
طفلة عادية ولكن..
ولدت ماريا فوتنر عام 1821، في قرية "فرازادورف" في ريف بافاريا، ولم يلاحظ والديها أي شئ غير عادي عليها، وظلت تمارس حياتها كطفلة عادية لكنها أصيبت بداء الجدري، وما لبثت ان شفيت منه بعد فترة. وترك المرض أثره عليها على شكل ندبات حادة في وجهها، وكان هذا كل ما لاحظه الأهل عليها، لكن تحولاً أخر كان قد حدث في حياتها بعد المرض، فهي لم تعد راغبة في تناول الطعام وانتهى بها الأمر الى مقاطعة الطعام بشكل كامل، وظلت على هذه الحالة حتى وفاتها عام 1884.
ولم يكن بمقدور أي شخص تصديق تلك الرواية في حينها، إلا أنها كانت قصة إمرأة حقيقية عاشت في تلك الفترة، ولم يستطيع العلماء ولا الدراسات فك هذا اللغز المحير ورغم ذلك لا تزال الأبحاث مستمرة لكشف الحقيقة.
قصة واقعية جداً!
ما زال أقارب ماريا يعيشون في نفس القرية التي عاشت فيها، وهم يحتفظون بصنبور المياه نفسه الذي كانت تشرب منه، وهم يتحدثون عن أن "القصة واقعية جداً وحقيقية ، لكن ليس لدينا أي تفسير لذلك الشئ". ويشير أحد أقارب ماريا إلى صنبور المياه ويقول:"إن أجدادنا ذكروا أنها فقط كانت تتناول هذا الماء كشراب وطعام في الوقت نفسه، ولم تتناول أي طعام آخر حتى وفاتها".
مرت سنوات كثيرة ولم يعط أحد تفسيراً منطقياً لتلك الحالة العجيبة، غير أن كثير من الألمان ما زالوا يتسائلون هل هي فعلاً معجزة طبية أم خداع قامت به تلك المرأة؟ وحتى هذه اللحظة لم يستطع أي إنسان أو باحث الاجابة على هذا السؤال حول كيفية بقاء السيدة طوال هذه الفترة على قيد الحياة وهي تتناول الماء فقط دون أي طعام.
إعجاز طبي؟
باتت هذه المرأة الريفية تعتبر حالة إعجاز طبي مستمر منذ ظهورها. ففي سنة 1843 وصلت أخبارها إلى ملك بافاريا الذي أمر أطباءه باستدعائها إلى ميونيخ العاصمة، لدراسة حالتها. وعندما وصلت ماريا إلى المستشفى أُخضعت لرقابة صارمة لمنع أي طعام عنها، وتم فقط إمدادها بالماء والعصائر، وظلت على هذا الحال خمسة أسابيع، غير أن تغيرات طفيفة طرأت عليها نظراً الى عدم شربها الماء من نفس ماء العين التي كانت تشرب منها في قريتها.
ولم يجد الأطباء بعد خمسة أسابيع، أي تفسير لتجربتهم معها، وكتبوا في التقرير الذي رفع إلى الملك أنها حالة استثنائية لا يجدون لها أي تفسير علمي منطقي. وأشاروا أيضاً إلى أنه لم يثبت لديهم أي دلائل على أن المراة تمارس أي نوع من الدجل أو الخداع لأنها لا تحاول الربح أو الكسب من هذه الظاهرة التي تنفرد بها.
عادت ماريا إلى قريتها، وظلت تتناول الماء حتى لقبت "بشاربة الماء"، وبعد اثنين وخمسين عاما عاشتها على شرب الماء فقط، لم يستطع أي عالم أن يعطي تفسيرا لهذه الظاهرة. أحد هؤلاء العلماء الذين درسوا حالة ماريا هو البروفوسير "هارولد فالاخ" من جامعة فرانكفورت وهو يرى أن هناك احتمال أن يستطيع الإنسان العيش على شرب الماء، لكن مع تناول قطع قليلة من الخبز مثلاً، لكنه لم يستطع تقديم تفسير مقنع لحالة ماريا ويقول صراحة إنه لا يملك مثل هذا التفسير.
السر يكمن في المياه
وفاة ماريا ما زال البافاريون والسياح يزورون قبرها وصنبور الماء الذي كانت تشرب منه، وهم يعتبرونها قديسة أو انها أوتيت قوة لم تمنح لبشر مثلها. كثيرون أيضاً يزورون قبرها ويتبركون بالمياه التي شربت منها ، وقد دون على شاهد قبرها مختصر للإعجاز الذي تمتعت به. وحتى هذه اللحظة لا يزال الماء ينساب من الصنبور ذاته الذي كانت ماريا تشرب المياه منه كل هذه السنوات. يميل بعض المهتمين بهذه القصة الى الحديث عن كون السر يكمن في الماء، فقد يكون ماءً خاصاً لهذا يقبل الكثير من السياح على زيارة صنبور الماء والشرب منه مع اعتقادا منهم أنه ينظف الجسم ويعالج الروح.