شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
قالت صحيفة بريطانية إن الثغرات التي لم تكن تُلاحَظ في السابق عُثِر عليها في قلب الرياضيات، وأن الطريقة الوحيدة لإصلاح تلك الثغرات تتم من خلال اللانهايات الوحشية الغامضة.
وأوضحت الصحيفة أنه ولكي يتم فهم تلك الثغرات، ينبغي فهم ما يجعل علم الرياضيات علماً مختلفاً عن باقي العلوم. ورأت كذلك أن هذا الاختلاف يُمَثِّل دليلاً. وقد قضى علماء آخرون وقتهم في جمع الأدلة من العالم المادي واختبار الفرضيات ضدها، في الوقت الذي يتم فيه بناء الرياضيات الصرفة باستخدام الاستنتاج الصرف.
لكن البراهين يجب أن تبدأ في مكان ما. فعلم الرياضيات، ورغم تطوره، ليس علم الخيمياء (الكيمياء القديمة)، وهو ما يعني أنه من الصعب استحضار الحقائق من الفراغ. أي أن كل دليل لابد وأن يكون مستنداً على بعض الافتراضات الأساسية، أو البديهيات.
لكن اليوم، وفي الوقت الذي يقول فيه كثيرون إنهم لا يفهمون بصورة تامة الأرقام العادية كلها 1-2-3-4-5 ... أو الطرق القديمة التي تجمع بينها مثل عمليات الجمع والضرب، قالت التلغراف إن علماء الرياضيات توصلوا على مدار قرون إلى بديهيات أساسية يجب أن تلتزم بها الأرقام، ومعظمها بديهيات بسيطة.
لكن عندما اهتم المختص النمساوي بعلم المنطق، كورت غودل، بهذا الأمر عام 1931، اكتشف ثغرة في صميم تصورنا الخاص بالأرقام. وأظهرت نظرياته الخاصة التي عُرِفَت بـ "نظريات النقص" أن الحساب لا يمكن أن يكون له على الإطلاق أسساً متينة بالفعل.
وطبقاً لما خلص إليه غودل أيضاً في نظرياته البحثية، فإنه ومهما كانت البديهيات التي يتم استخدامها، فستكون هناك ثغرات على الدوام، وستكون هناك دائماً حقائق عن الأرقام، لا يمكن استنتاجها من بديهياتنا التي قمنا باختيارها.
وأشارت الصحيفة في السياق ذاته كذلك إلى أن نظريات غودل أظهرت أيضاً أن علم الرياضيات يعني أن علماء الرياضيات لا يمكنهم أن يأملوا بإثبات كل بيان صحيح: حيث ستكون هناك دائماً "نظريات غير قابلة للإثبات"، لا يمكن استنتاجها من البديهيات المعتادة.
وصحيح أن معظم الأمثلة المعروفة لن تُغَيِّر من الطريقة التي تقوم من خلالها بجمع فاتورة تسوقك. ولأغراض عملية، تبدو قوانين الحساب جيدة بما فيه الكفاية. ومع هذا، فقد تمكن الباحث هارفي فريدمان، كما ورد في كتابه الذي سيصدر خلال الفترة المقبلة، من اكتشاف حقائق متعلقة بالأرقام، قال إنها حقائق أكثر من مقلقة. فمثل بيانات غودل غير القابلة للبرهان، خلص فريدمان إلى أن الأرقام تهوى بين الثغرات الموجودة بين البديهيات.
ومضت الصحيفة تقول إن نظريات فريدمان عبارة عن نظريات"ملموسة"، بمعنى أنها تحتوي على معلومات مثيرة للاهتمام حقاً بشأن الأنماط الموجودة بين الأرقام، التي يجب أن تظهر دائماً بمجرد أن يتم استيفاء شروط معينة. ومع هذا، فإن الحقيقة التي تقول إن مثل هذه الأنماط تظهر دائماً لا تتبع القوانين المعتادة للحساب.
وفي غضون ذك، أشارت الصحيفة إلى أن تلك الأنماط لم تؤثر بعد على علماء الفيزياء أو المهندسين، لكن علماء الرياضيات مطالبون بأن يتعاملوا مع مسألة "البرهنة" على محمل الجد، لاسيما بعد ظهور نتائج جديدة، كتلك التي توصل إليها فريدمان، والتي أثارت الاحتمالية المحرجة المتمثلة في أن قوانين الرياضيات القياسية قد لا تقدم حلاً.
بعدها، أوضحت الصحيفة أن هناك طريقة سهلة واحدة لجعل النظرية غير القابلة للإثبات قابلة للإثبات، تتمثل في إضافة المزيد من البديهيات. لكن الصحيفة تساءلت:" ما هي البديهيات التي نحتاج إليها؟"، وأجابت بقولها إن البديهيات الجديدة تتطلب نظرة فاحصة على واحدة من القضايا الأكثر إثارةً للجدل في علم الرياضيات، ألا وهي مسألة اللانهاية.
هذا وقد عرف علماء الرياضيات على مدار ما يزيد عن 100 عام أن هناك أنواعاً وأحجاماً مختلفةً للانهاية. كما علموا أن اللانهاية تشبه السلم، حيث تتقابل أدنى الدرجات مع المستوى الأكثر ألفة للانهاية، وهي المتعلقة بالأرقام العادية الكاملة مثل 1،2،3 ... وفي الدرجة التالية، توجد المجموعة الخاصة بكل الخيوط العشرية اللانهائية الممكنة، وهي مجموعة لانهائية أكبر بشكل غير محدود، وهلم جرا، إلى الأبد.
وأشارت الصحيفة في الختام إلى أن الكشف المذهل جاء ليثير العديد من التساؤلات الجديدة، مثل: هل هناك كذلك مستويات أعلى لا يمكن بلوغها على الإطلاق بتلك الطريقة ؟ - وهنا أعقبت الصحيفة بقولها إن مثل هذه الكيانات المبهمة الغامضة تُعرَف بـ "الأعداد الترتيبية الكبيرة". وأشارت إلى أن المشكلة المتعلقة بما إن كانت تحظى مثل هذه الكيانات بتواجد أم لا هي قضية في ما وراء المبادئ الخاصة بعلم الرياضيات.