المرتاح
موقوف
سأعود للحكمة السائرة .. والتي يحفظها الجميع .. ( من طلب شيء قبل اوانه عُوقب بحرمانه ) وبعضهم يقولون ( من تعجّل شيء قبل اوانه عُوقب بحرمانه ) .
طيب ، ما أعرفه ، قطعاً ، أن الحُب ، شعور لذيذ وجميل ، يريح النفس ويجعلها في مراتب التوسع الذاتي الايجابي .. وفي نفس الوقت هو مُؤلم وقاسٍ في بيئة القلب ، حين يُعشش على المشاعر بنسبةٍ كبيرة .. أو حين يُفكّر الإنسان بسوداوية ينعكس على مرئيا ته ويفقد عقله ..ويضيق صدره ، ويرى الأشياء جميعها في تقزّم وان الأفهام جميعها لا تَعي ولا تَسْمع ولا تُفكّر .. تتسارع نبضات القلب .. كُلما رأى الحبيب / القريب . المُريد . وترتاح نفسه كُلما مرّ طيفه على خياله . واجتاح مشاعره .. تُرى ما هي الأدوات السّلبية التي لا يقبلها عقل المُحب من المَحْبوب ..؟؟ وكيف يُفكّر المحبوب بردّة الفِعْل ـ إيجاباً وسلباً ـ للمُحب ..؟؟ وكيف يُرضيه ..؟؟! كيف يُمكن لهما أن يتعايشا بسلام وأمانٍ واطمئنان ..؟!!
سأذكر هُنا ، قصة للحب .. وهذه القصة حقيقية . وأنا أعرفها عن قرب . فتاة مُهذّبة وعلى خُلق رفيع .. نحتْ للعُزلة ومالتْ للانطواء .. ذلك بسبب شُعورها النفسي تجاه حبيبها الذي أحبّته بقلبها وجوارحها وبعقلها وفكرها ، ولكنها لم تشأ أن تُخبره عن هذا الحب ، تماشياً مع الحشمة ، واقتداء بالحياء الذي سكنَها منذ طفولتها ، فقد تربّت على الحياء وعلى الممنوع وعلى العيب ..! كان هذا المُحب ، زميل لها في مقاعد الدراسة .. مُتفوّق ووسيم .. لم ينتبه إلى إشاراتها التي صدرتْ من قبلها ،وامتنع لسانها عن البوح ، فقطعت أنفاسها ، وحبستْ انطلاق هواء لانفراج الكلمات من الخروج لمصارحته .. شيء في داخلها ، كأنه يقضم كبدها بقبضته ، وداءٌ يعتصرها ، يأكل فؤادها ، تتعذّب في داخلها فلا يفطن لها .. حاصرته بنظراته .. لكن أبواب الحشمة ألزمتها .. والحياء يتقاطع مع قوة انجذابها .. ترى هل تموت مشاعرها من أجل هذا الحياء الذي سكنها ، كيف لها أن تبقى مُعذبة ، كأنما ترى بأم عينيها الدود تنخر روزنامة صورة اعتزازها ولم تُحرك ساكن .. هل تبقى هكذا .. وهل العيب هي ثقافة واجبة أم هي ثقافة سلبية .!!؟ قالت عن نفسها يوماً . انا أعقل البنات . أعقل عن أخريات ، أعقل عن بنات جنسي المستهجنات .. كيف أكلّم رجلٌ ليس لي صِلة به . من أين اكتسبتُ هذا الحق .!!؟ أخشى أن يُحاصرني بنظراته وقوة سُلطته الذكورية ، فانجذب إليه فيخدش حيائي .. فأصير امرأة عَفِنة ، لا قِبَل لي بمواجهة تلك التّربية التي تربّيت عليها ، حياءً وخلقاً .. تنهدتْ وشعرتْ بالألم في صدرها ، سقطتْ دمعة من عينها الغائرتان .. حينها قالت .. هل الحب حرام .؟؟! بقتْ على هذا المنوال ، تدفع بنفسها وتتراجع . ثم أخفقتْ في دراستها ، فلم تعرف ماذا تذاكر .. ولم تستطع أن تفهم أمرها . هل تُقحم نفسها إليه لتبقى الإنسانة القوية ، فتسترخص كل غالٍ وتدوس على كل نفيس أوتبيع حُبّها فيذهب عنها بلا مُقابل لتبقى وحدها تتعذّب أم تدفع بكل ثمين لديها لتقول على الملأ بصراحة وشفافية وأمانة ، أنها تُحبّه.. فالحب لا يأتي بثمنٍ بخس ولا يُباع بدراهم ولا يُشترى ، دون أن يكون هناك تبادل معرفي وعاطفي للتقارب الحياة ، فيفهم الأول الثاني ..فسكوتي هذا ، ليس له ما يُبرره . لكنها ضلّتْ صامته ، أوقفتْ نفسها وفق بيئتها التي تربّت عليها ، تخرّجَ الشاب وبقيت هي تُعيد مرحلتها ، تحمل على ظهرها مواد رسبتْ فيها منذ أن خطفتها ريح العاطفة ، فطارتْ منها ، سألت عنه لم تجده ، اشتغل وتزوّج لكنه لم ينساها فكان يعلم في سريرته انه يُحبها هو الآخر .. لكنه ضغط على قلبه لأنها لم تُبادله ولم تُرسل له إشارة الموافقة ، ولذا ضلّ هو الآخر حبيس تطلعاته ... في إحدى المواقف .. وحين تسلّم الشهادة العليا ، التقيا ، كلّمها ، فباح لها عن كل شيء .. انه كان ينتظرها ، لكنه فقد كل الآمال .. فتزوج من أخرى ، طالبة مثلها تخرّجت معه في نفس السنة ..وقال ، أقسم اني كنت أحبك . سقطتْ الفتاة منهارة ، حُملتْ على الفور إلى المستشفى ، أصيبتْ بجلطة ، قال عنها الاطباء ، لا شفاء لها في القريب العاجل .؟؟!
ننتظر آراؤكم ومقترحاتكم وتعقيباتكم وردودكم ومشاركاتكم .. إنني احتاج إليها كما لو كنت احتاج إلى فهمكم المتواصل فقراءتكم للقصة تجعل المُهتمين في استمرارية التفكير نحو إيجاد مخرج لتذويب الفجوة بين حياة الشراكة القائمة على المودة وعلاقتها بين بين الرجل والمرأة.!
للعلم هذه القصة ستكون مشروع روائي مستقل أو أحاول توظيفها في مشروعي القصصي الحالي .