يعد مشروع "لؤلؤة دبي" أكبر مشروع عقاري تعثر بتاريخ إمارة دبي على مدى 4 أعوام متواصلة، فلم يسعفه بعد إطلاقه عام 2003 الدعم الحكومي المباشر، ولا الدعاية المهولة التي أحاطت به، فتعثر مرة أولى وثانية حتى كاد أن يسقط نهائيًّا، تاركا خلفه وصمة عار في مكان وصفه مطوره الأول شركة أومنيكس القطرية بأنه قلب دبي الحديث.
لكن ومنذ ديسمبر/ كانون الأول 2007 حدث تغير كبير، حين تصدى رجل أعمال يمتلك خبرة واسعة ومكانة قوية في السوق الإماراتية لمهمة إحياء المشروع والمباشرة في تطويره وإنجازه في 3 سنوات ليكون جاهزا عام 2010.
ولادة المشروع والغيبوبة
أطلق المشروع صيف 2003 وسط اهتمام كبير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية؛ حيث كان يعد حينها من أكبر المشاريع الاستثمارية التي ينفذها القطاع الخاص في دولة الإمارات، وهي كذلك واحدة من أكبر المشاريع الإنشائية في العالم، وكان من المتوقع أن يكتمل بمختلف مراحله في 2006.
وكانت تكاليف تطويره حينئذ 3 مليارات درهم على مساحة مبنية إجمالية تبلغ 14 مليون قدم مربع قبالة جزيرة نخلة الجميرا العملاقة بموازاة مدينة دبي للإعلام من جهة البحر.
وقالت وسائل إعلام، إن لؤلؤة دبي هو مشروع استثماري مشترك بين حكومة دبي وشركة "أومنكس" الدولية التابعة لرجل الأعمال القطري الفلسطيني جمال أبو عيسى، وكان المشروع مؤلفا من أبراج ومسارح وأول قاعة للأوبرا في منطقة الخليج ومركز للتكنولوجيا ومجمعات تجارية وفنادق في حرم منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والإعلام.
وكان الأمير الوليد بن طلال رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة ورئيس مجلس إدارة مجموعة المملكة للاستثمارات الفندقية أبرم اتفاقية مع أومنكس لإنشاء فندق موفنبيك الواقع في المشروع.
وحدثت تطورات سريعة وغريبة، حيث توقف المشروع فجأة، رغم أن أبرز مبانيه بلغت الطابق العاشر، وتسربت معلومات أن صاحب المشروع لن يستطيع الالتزام بتعهداته، لذلك توقف 4 سنوات.. لكن سرًّا ما ظلّ غامضا، لم يكشف عنه أي مسؤول حتى الآن.
إحياء لؤلؤة دبي
العام الماضي بدأت أعمال الهدم في مشروع "لؤلؤة دبي" تمهيدا للبدء بلؤلؤة جديدة، بعد أن انتقلت ملكية المشروع إلى ائتلاف تقوده مجموعة الفهيم، وتحت إدارة مباشرة من الاقتصادي المخضرم عبد المجيد الفهيم الذي خرج برؤية مختلفة وأضاف مرافق جديدة للمشروع، محافظا على أغلب مرافقه القديمة ومحدثا عليها.
ويقول الفهيم، الذي يترأس شركة "لؤلؤة دبي" ذ. م. م. في حديث خاص لـ"الأسواق.نت": «إن التعديلات التي أدخلناها على المشروع رفعت تكلفة الإنجاز إلى 14 مليار درهم (الدولار يعادل 3.67درهم) وهو أكبر استثمار لنا حتى الآن في الإمارات، وسيشمل المشروع على 24 مبنى، 4 منها متوازية يربطها في الطوابق العليا جسر فضائي ليس للمشاة فقط، بل يحتوي على مرافق سكنية وتجارية، سيكون كالتحفة لأن المباني تعلو 73 طابقا وتتيح رؤية بانورامية لنخلة الجميرا».
وسيضم المشروع أيضا 5 فنادق من فئة "5 نجوم" ستدار بطريقة عصرية هي الأولى من نوعها -وفقا للفهيم- في العالم، ويترك ذلك لغزا تتكشف تفاصيله في مؤتمر صحفي يعقد لاحقا هذا العام.
وستغازل مرافقه التجارية القائمين على صناعة الإعلام والتكنولوجيا لمحاذاة المشروع لمدينة دبي للإعلام ومدينة الإنترنت بحيث ستوفر كل ما يستلزم الصناعتين من مقومات العمل والإقامة، عندما تكون جاهزة في نهاية العام 2010.
تراث المرحلة الماضية
هذه الحماسة التي يظهرها الفهيم في المشروع بصورته الجديدة لم تكترث بالمشاكل التي انتقلت من المالك القديم إلى الإدارة الجديدة، وكانت تخص أكثر من 400 مستثمر ومشتري في لؤلؤة دبي القديمة فوفقا للفهيم تمت تسوية كل القضايا والإشكاليات وحلها بطرق ودية بعيدا عن أروقة المحاكم وبإشراف من منطقة دبي الحرة للإعلام والتكنولوجيا.
وهذا ما شجع على إطلاق البيع في المشروع على مراحل وحققت الشركة توقعاتها من عمليات البيع الحالية وبأسعار تبدو جدا معقولة بالنسبة للمنطقة التي تحتضن المشروع.
ويقول الفهيم "إن المشترين الجدد لا يعانون من أية هواجس لأن سمعتنا ومكانتنا وإمكانية تحقيق المشروع لعوائد جيدة كانت كفيلة بتبديد أية مخاوف قد تنشأ بالنظر إلى تاريخ المشروع والسمعة التي لحفته في عهد المطور السابق".
ويستمر العمل في المشروع على قدم وساق، وهو في طريقه إلى أن يصبح وســــطا تجــاريا راقيا في قلــب مـدينــة دبي الحديثــة ليضفي بعداً حضاريًّا على المشهد العقاري في دبي، بعد أن كان على وشك أن يتسبب في تلوثه.