شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
الزواج في الاسلام رباط محكم يقوم على المودة والوفاق واحترام الحقوق والواجبات وخير من يحقق كل ذلك الزوجة الصالحة ذات الدين والاخلاق
كثرت مشكلات الحياة الزوجية في هذه الايام وارتفعت معدلات ازماتها المؤدية للطلاق, وأسباب ذلك كثيرة اهمها الزواج غير الموفق الذي يقوم على الرغبة العمياء وتحكيم الهوى والتسرع في الاختيار. ان الزواج في الاسلام رباط مقدس يقوم على المودة والوفاق, وأساس كل ذلك هو اختيار الزوجة, وقد وضع الاسلام لاختيار الزوجة اسساً وقواعد عليه تدوم السعادة الزوجية وتستقر بالهناء والسرور.. تعالوا نعرف شيئاً عن الموضوع وعن اول خطوة نحو حياة زوجية مستقرة وسعيدة.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا) - سورة النساء/.1
نعم, ان الزواج في شرعة الاسلام رباط محكم, وعقد ملزم تترتب عليه حقوقه, وواجباته, ولذلك سماه الله في كتابه عقدة فقال تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب اجله...) البقرة/,235 وليس مقصد الاسلام من الزواج مجرد المتعة وهي غريزة فطرية, ولكن مقصد الاسلام وغايته من الزواج سكون النفس وطمأنينة القلب وراحة البال, والتعاون على متاعب الحياة واعبائها تعاوناً قوامه المودة والرحمة, والقيام على تربية الذرية تربية صالحة كريمة, وقد بين الله عز وجل ذلك في كتابه العزيز فقال: (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) - سورة الروم/.21
وأثنى الله تعالى على نفر من عبادة فقال (والذين يقولون ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين...) الفرقان/,74 ذلك مقصد الاسلام من الزواج - وأوثق الاسباب التي تحكم هذا الرباط وتديم المودة, وتحسن العشرة, حسن اختيار الزوجين احدهما للاخر قبل الاقدام على الزواج.
وأول ما ينبغي مراعاته من الخطوات التي تؤدي رعايتها الى نجاح الحياة الزوجية, وتدعيم استقرارها على اساس من الوفاق والمودة, ان يكون اختيار الزوجة على اساس من المعرفة بها والوقوف على طباعها واخلاقها, وفي السنة الصحيحة توجيهات كثيرة تبيح للزوج ان يرى زوجته التي يريد البناء بها, كقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (اذا خطب احدكم المرأة, فقدر ان ينظر منها بعض ما يدعوه الى زواجها فليفعل) رواه ابو داود والترمذي. وقد صح ان المغيرة بن شعبة, خطب امرأة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (انظر اليها, فإنه احرى ان يؤدم بينكما) رواه احمد والنسائي, اي انظر الى المرأة من اجل الزواج فذلك ادعى الى ان يبارك عليكما, فتجتمعا على الخير والوفاق, وتتعاونا على ما فيه صلاح امركما, فتدوم الحياة الزوجية وتستقر بتوفيق الله. ومن هنا فإن لهما ان يرى كل منهما صاحبه, وان يستمع الى حديثه في جمع يضم بعض الاهل والاقارب من اجل تعارف كريم, في ظلال الخلق والدين والشريعة تمنع الخلوة خشية النوازع البشرية وهذا ما يرتبط بنظرة الاسلام الى الحفاظ على السمعة والعرض, يقول صلى الله عليه وسلم (لا يخلون رجل امرأة الا مع ذي محرم) رواه البخاري.
وثاني هذه الاسس التي يقوم عليها بناء الزوجية الموفقة ما يوصي به الرسول الكريم في اختيار ذات الدين والخلق القويم, وما يحذر من خطر الاعتماد على مجرد الجمال او الحسب او المال, فإن ذات الدين لها من دينها وخلقها خير هاد الى تقدير هذه الرابطة, تقديرا يدفع الى القيام بواجباتها, والمحافظة على حقوقها والتزام آدابها, وفي هذا المقام يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها, فاظفر بذات الدين تربت يداك) - رواه الشيخان.
وليس معنى هذا التوجيه النبوي اهمال جانب الجمال, فهو من بواعث الالفة والمحبة, والشعور بالجمال فطرة في الطبيعة الانسانية, وانما القصد ان المسلم الفاهم لا يخضع في الزواج لمجرد الجمال او المال او الحسب اذا اقترن بسوء الخلق, وليس من شك في ان سوء الخلق يقضي على كل مزية, ويبعث الريبة في كل مظهر حسن, وعندئذ لا ينفع مال ولا جمال في انشاء هذه الرابطة الشريفة.
ان المرأة الصالحة هي خير متاع الدنيا, وهي المرأة المقصودة في توجيه الرسول الكريم عند اختيار الزوجة.. اذ يقول (ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجة صالحة, ان نظر اليها سرته, وان امرها اطاعته, وان غاب عنها حفظته في نفسها وماله) - رواه ابن ماجه, وما اعجب ان يكون اول خلال المرأة الصالحة, انها تسر زوجها بمرآها, ولن يتحقق ذلك الا اذا تجملت وتزينت له, وهي امور تستدعيها فطرة المرأة السوية, وحرص الدين القيم على سعادة الاسرة وسلامة البيت وحسن العشرة.
اما ثالث الاسس في اختيار الزوجة, فإنه كفاءتها مع الزوج من ناحية النضج والتفكير والاخلاق والسلوك ذلك بأن من اسباب الالفة والتوفيق, تقارب المنزلة والوسط الاجتماعي, والعادات وما إليها, فهذا التماثل يشكل دوام الحياة الزوجية, ويهيئ فرص التقارب العقلي والعاطفي بين الزوجين, يقول الرسول الكريم: (انكحوا الاكفاء, وانكحوا اليهم) - رواه الحاكم.
ويقول صلى الله عليه وسلم (اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه, الا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد) - رواه الترمذي.
توجيهات الإسلام
ان التوجيهات الاسلامية تركز في اختيار الزوجة على الاسس التي تديم عشرتها, وتسدد خطاها, وهي الخلق والدين, لتكون بهذا شريكة للزوج, تقابل الحلو والمر, والغنى والفقر, والصحة والمرض, معتصمة بسناء قلبها المفعم بالمحبة والرضا والوفاء والايثار, فاذا اضيف الى الخلق الحسن, ان تكون ذات جمال او مال او حسب, فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وتفضيل الاسلام لذات الخلائق المحمودة, انما هو بصر دقيق بالجمال الحق, الذي يشرق في كل لحظة على النفس والزوج والولد بجمال متجدد, هو جمال الروح, الذي يملأ القلوب بهجة وجمالا, وسعادة وحبورا.
الا ان حسن الاختيار, واقامته على اساس من طاعة الله والرسول هو بلا شك اهدى السبل, وأنجح الادوية لكثير من مشكلات الزواج وادوئه, وسد محكم لذرائع الانهيار البغيض الى الله والى الناس... وهو الطلاق.
خلاصة القول: إن المرأة الصالحة هي التي تصلح البيت والزوج والاولاد.. بها تحلو الحياة وتدوم السعادة وتستقر الامور في هناء وسرور.. انها الزوجة الصالحة ذات الدين والاخلاق.