الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ترحال" data-source="post: 602135" data-attributes="member: 3060"><p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">بين الدور الثالث حيث تقيم أم عصام، والدور الثاني حيث تقيم عائلة الدكتور إياد، مسافة قصيرة لا تحتاج لقطعها أكثر من لحضات قليلة، لكن أم عصام قطعت في خيالها خلال هذه اللحضات ربع قرن من الزمان، حافل بالذكريات والأحداث، وكلما هبطت في السلم درجة تراجعت في خضم السنين عاماً أو أكثر.. تذكرت خطبتها وزفافها.. تذكرت حملها وولادتها.. وتذكرت عصاماً من الميلاد حتى الشباب.. تذكرته وليداً يبكي، وتذكرته طفلاً يحبو.. تذكرته صبياً يلعب وتذكرته فتى ينمو، وتذكرته شابا يافعاً يسمو بأخلاقه وذكائه ونبوغه.. وعندما وصلت إلى الدور الثاني كانت نفسها قد تخففت من كل الهموم والأحزان، وتهيأت لتستقبل الفرحة الجديدة بكل ما أوتيت حواسها من إرهاف، وتخيلت ابنها عريساً وسيماً يزف إلى عروسه الجميلة ففاضت نفسها بالبشر والسرور، وطفح قلبها بالسعادة، ورفت على شفتيها ابتسامة طاغية لم تجد لإخفائها سبيلاً.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وتقدم عصام من الباب فقرع الجرس ثم تنحى ليقف خلف أمه.. وفُتح الباب فأطل منه الدكتور إياد وزوجته وقد تأهبا لهذه الزيارة الموعودة، ولسانهما يلهج بكلمات الترحيب الحار، ونظراتهما تشع بالحب والاحترام العميق.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">واستقر بهم المجلس.. وتشعبت بهم الأحاديث.. فتبادلوا عبارات المودة وأشادوا بعلاقة الجوار الجديدة التي جمعتهم وشرعوا يتكلمون عن الماضي والحاضر، فذكروا الراحلين ومآثرهم وتحدثوا عن الآباء ونوادرهم ووقفوا طويلا عند حديث الأبناء ومشاكلهم، وكلما أوغلوا في السمر شعروا بالألفة تزداد وتتوطد بينهم. وحانت برهة صمت طارئة فانتهزتها أم عصام قائلة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ليتكم تسمحون لي بكلمة...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">شعر عصام بأن اللحضات الفاصلة قد أزفت فتعالى وجيب قلبه، وتململ من شدة الارتباك، بينما قال الدكتور إياد وقد لاحظ ارتباكه:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أنت سيدة المجلس يا أم عصام، فكيف نعطيك الإذن بالحديث؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- قالت أم عصام وملامحها تنطق بالسرور:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- الله يبارك فيك يا حضرة الدكتور..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ثم تابعت في تدفق وحماس:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((تعلمون أنه ليس لي في الدنيا أعز من ولدي عصام، ولن تكتمل سعادتي إلا بتمام سعادته وعما قريب سوف يتخرج –بإذن الله- ولم يبق أمامه إلا الزواج وقد فكرت في الأمر فلم أجد له خيراً من ابنتكم المصونة سامية التي لن أجد فتاة بمثل تربيتها وأخلاقها، لذلك فإني أتشرف بخطبتها بابني لما علمت من ارتياحه لها، وإعجابه بسلوكها المحتشم وخلقها الأصيل.. هذا كل ما عندي، فلا أدري ما هو الرأي عندكم؟..)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ابتسم الدكتور إياد ابتسامته المألوفة، وقال دون أن يفاجئه الكلام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أشكرك بالنيابة عنا جميعاً على مدحك لابنتنا سامية وتربيتها، واعلمي أنها ابنتك كما هي ابنتنا، وإذا أردت رأيي بالموضوع فإني ألخصه لك في كلمة واحدة. إنني أنا الذي أخطب ابنك عصام لابنتي سامية، لأنني أكون بذلك قد توخيت الرجولة والأخلاق والشرف، ولا أطلب لابنتي أكثر من ذلك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وأردفت زوجة الدكتور إياد:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- قد تكون معرفتي بعصام قليلة، لكنني بعد ما سمعته عنه وعن أخلاقه، وبعد أن تعرفت بأختي ((أم عصام)) وخبرت أخلاقها ومعاملتها الكريمة، فإني أتشرف أن يكون الدكتور عصام زوجاً لابنتي أأتمنه عليها.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قال عصام بنبرات مرتجفة خنقها الانفعال:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أرجو أن أكون عند حسن ظنكم جميعاً.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت أم عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هل نفهم...؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">لكن الدكتور إياد سرعان ما التقط الحديث منها ليزيد موقفه إيضاحاً وتفصيلاً:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((أرجو أن يكون الأمر كما يتمنى الجميع، لكن رأينا يبقى ثانويا بالنسبة لرأي الفتاة، فهي صاحبة الشأن في هذا الأمر، وتبقى الكلمة الأخيرة الحاسمة لأنها حرَّة في حياتها وفيمن تختاره شريكاً لها وليس لنا إلا أن ننصحها ونوجهها.. أليس كذلك يا عصام؟.. تبدو خجولاً هذه الليلة!)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ضحك الجميع لهذه الدعابة بينما أرسل عصام ابتسامة عريضة فضحت ما يجول في داخله من سرور وارتياح لهذا المنحى الذي يسلكه الحديث، وقال وهو يفرك يديه ليداري انفعالاته:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((إني أوافقك على ما تقول، فاستشارة الفتاة في أمر الزواج مبدأ أصيل من مبادئ الإسلام)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وأضافت أم عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هل نؤجل الموضوع يوماً أو أكثر حتى تعرفوا رأي الفتاة؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">أجاب الدكتور بعد أن تبادل مع زوجته نظرة تفاهم:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- (( لا داعي للتأجيل.. سنسألها عن رأيها الآن، فأنا واثق من قدرة ابنتي على اتخاذ قراراتها بشجاعة ووضوح، وإذا ما أرادت مهلة لتحديد موقفها أمهلناها،.. عن إذنكم... )).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ثم أومأ لزوجته فلحقت به..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">كانت غرفة سامية قريبة من الصالة بحيث كانت تستمع لكل ما يقال، ورغم أنّها كانت تتوقع هذا الحدث وتترقبه، إلاّ أنّ الأمر أربكها تماماً، ووضعها فجأة في مواجهة حلم لذيذ. وسرت الفرحة في أوصالها، فاجتاحتها موجة من السعادة والحبور. وأرادت أن تستعلي على مشاعرها المتدفقة لتبدو في تماسك طبيبة رصينة توشك أن تحتل موقعها المميز في المجتمع، لكن الفرحة كانت أقوى منها، فأطلّت من عينيها، ورفرفت فوق شفتيها، وعندما سمعت وقع أقدام أبويها وهي تقترب من حجرتها، حاولت عبثاً إخفاء الفرح والسعادة التي أشرق بها وجهها، لكنها لم تستطع، فتضرجت وجنتاها بحمرة الحياء وخشيت أن تفضح ملامحها مشاعرها، فتناولت كتاباً وتظاهرت بأنها منهمكة في قراءته.. وسمعت طرقاً خفيفاً على الباب فاضطربت له، وماتت الكلمات على شفتيها فلم تنبس. وفتح الباب فخفق قلبها بعنف وانتشرت أمواج الانفعال في أغوارها وراحت تضغط على صدرها فأرسلت تنهيدة لتنفس بها عن جيشان مشاعرها المستبدة العارمة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">أغلقت أمها الباب، وقالت مداعبة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لا تقولي بأنك منهمكة في القراءة، لا بد أنك سمعت حديثنا مع عصام وأمه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">لم تجرأ سامية أن ترفع رأسها من شدة الحياء، فلاذت بالصمت والإطراق، وازدادت ابتسامتها اتساعاً: ووجنتاها احمراراً، وأحاسيسها اضطراماً.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قال الأب وقد فهم موقف ابنته الذي خمنه منذ مدة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هل أفهم أنك موافقة؟.. فالسكوت علامة الرضا.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">أردفت الأم :</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- يجب أن تحددي موقفك، فالجماعة بانتظار جوابك.. عصام شاب ممتاز تعرفين عنه أكثر مما أعرف، وأمه سيدة طيبة.. إنكما لائقان ببعضكما فلا داعي للتردد. هل أفهم اعتصامك بالصمت على أنه الجواب؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">صمت الأبوان بانتظار جواب ابنتهما غير أنها داومت الصمت والإطراق وأخذ الحياء منها كل مأخذ فمدّ الأب يده إلى وجهها المورد ورفعه من ذقنها فأمالت رأسها في دلال وأسبلت جفنيها في وداعة، وقد أشرق وجهها بابتسامة تشي بالرضا والقبول، وأذاعت ملامحها الباسمة السعيدة السر المكنون، ونطقت بالقرار.. فامتلأت نفس الدكتور إياد بالغبطة وقال وهو يطبع على جبينها قبلة حانية:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- مبروك يا ابنتي.. مبروك.. وفقك الله وكتب لكما السعادة والهناء.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">بينما مالت الأم على ابنتها وراحت تمطرها بالقبلات.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">* * *</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">كان قلب عصام يخفق بشدة رغم أنه كان موقناً بالموافقة، أم الأم فقد كانت تنتظر الجواب على أحر من الجمر، فلقد أحبّت سامية وشعرت نحوها بارتياح عجيب إنها تشفق أن تفلت هذه الفتاة من يدها، لأنها أنسب من رأت لابنها الحبيب الذي باتت تشعر بأحاسيسه وتفكر بعقله وتنطق بلسانه وتنظر إلى الوجود بعينيه، وما إن عاد الدكتور إياد حتى تعلقت العيون بشفتيه الباسمتين أن تنفرج عن القرار الأخير.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((مبروك يا بني.. على بركة الله...)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">هكذا هتف الدكتور إياد وهو يتجه إلى عصام.. وتصافح الرجلان، وشد كل منهما على يد الآخر في ود وحرارة وقال عصام بنبرات منفعلة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- بارك الله فيك يا عماه.. أطمئنك بأني سأضع سامية في عيني هاتين، وسأسعى لإسعادها السعادة التي تليق بها، ليس لأنها ستكون زوجتي الغالية فحسب، ولكن لأنها إبنة الرجل الذي هو في مقام والدي – رحمه الله - .</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- رحمهُ الله رحمهُ الله .. أنا واثق من أن سامية قد أحسنت الإختيار.. بارك الله لكما في زواجكما ومد في عمركما حتى تفرحا بأولادكما وأحفادكما يا.. يا صهري العزيز.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ولم تستطع الأم أن تلجم فرحتها فأرسلت لسانها بالزغاريد، وعندما حاولت أن تبارك لابنها خانها لسانها، فهبت دموع الفرح لتكون ابلغ تهنئة في هذه المناسبة السعيدة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ودخلت زوجة الدكتور إياد والفرحة تطل في عينيها وهتفت في نبرات تضج بالسرور:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- مبروك يا عصام.. لكم يسعدني أن تكون زوجاً لابنتي سامية.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وصاح الدكتور إياد في إنكار تصنع ليداعب القلوب الفرحة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ألا تجلسون؟.. لستم أول من خطب وتزوج!!.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ثم وهو يرفع صوته أكثر:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- سامية.. أين الشاي يا سامية؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وقالت زوجته ترجوه:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- بالله عليك لا تحرجها هكذا..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ثم وهي تتجه بالحديث إلى أم عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لو ترين وجهها ونحن نسألها عن رأيها.. إنه بحمرة الورد من شدة الحياء..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت أم عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لأنها فتاة أصيلة ومرباة. لو تعلمين كم أحببتها.. لقد دخلت إلى قلبي منذ أن رأيتها أول مرة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ثم وقد جلست بجانب ابنها الذي كان يعاني من الارتباك والخجل:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- والآن ما رأيكما لو نتحدث عن المهر والذهب وكتب الكتاب وغير ذلك من الأمور؟...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قال الدكتور إياد بعد أن تبادل مع زوجته نظرة فهمت مرماها فوافقته بإيماءة من رأسها:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((أرجو أن تسمعا رأيي في هذه الأمور.. أنا لا أحب الوقوف عن المسائل المادية كثيرا، لا سيما مع من أحبهم واحترمهم وأثق بمعاملتهم.. مهر هذه الفتاة خاتم من الذهب، هذا المقدم، أما المتأخر فأترك تقديره لعصام، على أن لا يتجاوز المقدار المتوسط الذي اعتاد عليه الناس في مجتمعنا، وبعد ذلك فإن عصاماً حر فيما يقدمه لبيته وزوجته، أما بالنسبة لكتب الكتاب فأرجو أن يتم في أسرع وقت ممكن، حتى يتاح للعريسين حرية الالتقاء في ظلال الشرع والحلال، أما العرس فيتم حسب اتفاق العروسين.. بقي شئ آخر.. هديتي لابنتي سامية بمناسبة زواجها ستكون الشقة المقابلة للشقة التي تقيمان بها، وسأكتبها باسمها في أقرب وقت.. هذه شروط لا أتنازل عنها بحال.. ثمة رجاء أخير.. أرجو من عصام وسامية أن لا تلهيهما الخطبة والزواج عند دراستهما وطموحاتهما الكبيرة، التي تحتاج إلى جهد كبير، هذا كل ما عندي بصراحة وإصرار)).</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ترحال, post: 602135, member: 3060"] [CENTER][COLOR="DarkOrchid"]بين الدور الثالث حيث تقيم أم عصام، والدور الثاني حيث تقيم عائلة الدكتور إياد، مسافة قصيرة لا تحتاج لقطعها أكثر من لحضات قليلة، لكن أم عصام قطعت في خيالها خلال هذه اللحضات ربع قرن من الزمان، حافل بالذكريات والأحداث، وكلما هبطت في السلم درجة تراجعت في خضم السنين عاماً أو أكثر.. تذكرت خطبتها وزفافها.. تذكرت حملها وولادتها.. وتذكرت عصاماً من الميلاد حتى الشباب.. تذكرته وليداً يبكي، وتذكرته طفلاً يحبو.. تذكرته صبياً يلعب وتذكرته فتى ينمو، وتذكرته شابا يافعاً يسمو بأخلاقه وذكائه ونبوغه.. وعندما وصلت إلى الدور الثاني كانت نفسها قد تخففت من كل الهموم والأحزان، وتهيأت لتستقبل الفرحة الجديدة بكل ما أوتيت حواسها من إرهاف، وتخيلت ابنها عريساً وسيماً يزف إلى عروسه الجميلة ففاضت نفسها بالبشر والسرور، وطفح قلبها بالسعادة، ورفت على شفتيها ابتسامة طاغية لم تجد لإخفائها سبيلاً. وتقدم عصام من الباب فقرع الجرس ثم تنحى ليقف خلف أمه.. وفُتح الباب فأطل منه الدكتور إياد وزوجته وقد تأهبا لهذه الزيارة الموعودة، ولسانهما يلهج بكلمات الترحيب الحار، ونظراتهما تشع بالحب والاحترام العميق. واستقر بهم المجلس.. وتشعبت بهم الأحاديث.. فتبادلوا عبارات المودة وأشادوا بعلاقة الجوار الجديدة التي جمعتهم وشرعوا يتكلمون عن الماضي والحاضر، فذكروا الراحلين ومآثرهم وتحدثوا عن الآباء ونوادرهم ووقفوا طويلا عند حديث الأبناء ومشاكلهم، وكلما أوغلوا في السمر شعروا بالألفة تزداد وتتوطد بينهم. وحانت برهة صمت طارئة فانتهزتها أم عصام قائلة: - ليتكم تسمحون لي بكلمة... شعر عصام بأن اللحضات الفاصلة قد أزفت فتعالى وجيب قلبه، وتململ من شدة الارتباك، بينما قال الدكتور إياد وقد لاحظ ارتباكه: - أنت سيدة المجلس يا أم عصام، فكيف نعطيك الإذن بالحديث؟ - قالت أم عصام وملامحها تنطق بالسرور: - الله يبارك فيك يا حضرة الدكتور.. ثم تابعت في تدفق وحماس: - ((تعلمون أنه ليس لي في الدنيا أعز من ولدي عصام، ولن تكتمل سعادتي إلا بتمام سعادته وعما قريب سوف يتخرج –بإذن الله- ولم يبق أمامه إلا الزواج وقد فكرت في الأمر فلم أجد له خيراً من ابنتكم المصونة سامية التي لن أجد فتاة بمثل تربيتها وأخلاقها، لذلك فإني أتشرف بخطبتها بابني لما علمت من ارتياحه لها، وإعجابه بسلوكها المحتشم وخلقها الأصيل.. هذا كل ما عندي، فلا أدري ما هو الرأي عندكم؟..)). ابتسم الدكتور إياد ابتسامته المألوفة، وقال دون أن يفاجئه الكلام: - أشكرك بالنيابة عنا جميعاً على مدحك لابنتنا سامية وتربيتها، واعلمي أنها ابنتك كما هي ابنتنا، وإذا أردت رأيي بالموضوع فإني ألخصه لك في كلمة واحدة. إنني أنا الذي أخطب ابنك عصام لابنتي سامية، لأنني أكون بذلك قد توخيت الرجولة والأخلاق والشرف، ولا أطلب لابنتي أكثر من ذلك. وأردفت زوجة الدكتور إياد: - قد تكون معرفتي بعصام قليلة، لكنني بعد ما سمعته عنه وعن أخلاقه، وبعد أن تعرفت بأختي ((أم عصام)) وخبرت أخلاقها ومعاملتها الكريمة، فإني أتشرف أن يكون الدكتور عصام زوجاً لابنتي أأتمنه عليها. قال عصام بنبرات مرتجفة خنقها الانفعال: - أرجو أن أكون عند حسن ظنكم جميعاً. قالت أم عصام: - هل نفهم...؟ لكن الدكتور إياد سرعان ما التقط الحديث منها ليزيد موقفه إيضاحاً وتفصيلاً: - ((أرجو أن يكون الأمر كما يتمنى الجميع، لكن رأينا يبقى ثانويا بالنسبة لرأي الفتاة، فهي صاحبة الشأن في هذا الأمر، وتبقى الكلمة الأخيرة الحاسمة لأنها حرَّة في حياتها وفيمن تختاره شريكاً لها وليس لنا إلا أن ننصحها ونوجهها.. أليس كذلك يا عصام؟.. تبدو خجولاً هذه الليلة!)). ضحك الجميع لهذه الدعابة بينما أرسل عصام ابتسامة عريضة فضحت ما يجول في داخله من سرور وارتياح لهذا المنحى الذي يسلكه الحديث، وقال وهو يفرك يديه ليداري انفعالاته: - ((إني أوافقك على ما تقول، فاستشارة الفتاة في أمر الزواج مبدأ أصيل من مبادئ الإسلام)). وأضافت أم عصام: - هل نؤجل الموضوع يوماً أو أكثر حتى تعرفوا رأي الفتاة؟ أجاب الدكتور بعد أن تبادل مع زوجته نظرة تفاهم: - (( لا داعي للتأجيل.. سنسألها عن رأيها الآن، فأنا واثق من قدرة ابنتي على اتخاذ قراراتها بشجاعة ووضوح، وإذا ما أرادت مهلة لتحديد موقفها أمهلناها،.. عن إذنكم... )). ثم أومأ لزوجته فلحقت به.. كانت غرفة سامية قريبة من الصالة بحيث كانت تستمع لكل ما يقال، ورغم أنّها كانت تتوقع هذا الحدث وتترقبه، إلاّ أنّ الأمر أربكها تماماً، ووضعها فجأة في مواجهة حلم لذيذ. وسرت الفرحة في أوصالها، فاجتاحتها موجة من السعادة والحبور. وأرادت أن تستعلي على مشاعرها المتدفقة لتبدو في تماسك طبيبة رصينة توشك أن تحتل موقعها المميز في المجتمع، لكن الفرحة كانت أقوى منها، فأطلّت من عينيها، ورفرفت فوق شفتيها، وعندما سمعت وقع أقدام أبويها وهي تقترب من حجرتها، حاولت عبثاً إخفاء الفرح والسعادة التي أشرق بها وجهها، لكنها لم تستطع، فتضرجت وجنتاها بحمرة الحياء وخشيت أن تفضح ملامحها مشاعرها، فتناولت كتاباً وتظاهرت بأنها منهمكة في قراءته.. وسمعت طرقاً خفيفاً على الباب فاضطربت له، وماتت الكلمات على شفتيها فلم تنبس. وفتح الباب فخفق قلبها بعنف وانتشرت أمواج الانفعال في أغوارها وراحت تضغط على صدرها فأرسلت تنهيدة لتنفس بها عن جيشان مشاعرها المستبدة العارمة. أغلقت أمها الباب، وقالت مداعبة: - لا تقولي بأنك منهمكة في القراءة، لا بد أنك سمعت حديثنا مع عصام وأمه. لم تجرأ سامية أن ترفع رأسها من شدة الحياء، فلاذت بالصمت والإطراق، وازدادت ابتسامتها اتساعاً: ووجنتاها احمراراً، وأحاسيسها اضطراماً. قال الأب وقد فهم موقف ابنته الذي خمنه منذ مدة: - هل أفهم أنك موافقة؟.. فالسكوت علامة الرضا. أردفت الأم : - يجب أن تحددي موقفك، فالجماعة بانتظار جوابك.. عصام شاب ممتاز تعرفين عنه أكثر مما أعرف، وأمه سيدة طيبة.. إنكما لائقان ببعضكما فلا داعي للتردد. هل أفهم اعتصامك بالصمت على أنه الجواب؟ صمت الأبوان بانتظار جواب ابنتهما غير أنها داومت الصمت والإطراق وأخذ الحياء منها كل مأخذ فمدّ الأب يده إلى وجهها المورد ورفعه من ذقنها فأمالت رأسها في دلال وأسبلت جفنيها في وداعة، وقد أشرق وجهها بابتسامة تشي بالرضا والقبول، وأذاعت ملامحها الباسمة السعيدة السر المكنون، ونطقت بالقرار.. فامتلأت نفس الدكتور إياد بالغبطة وقال وهو يطبع على جبينها قبلة حانية: - مبروك يا ابنتي.. مبروك.. وفقك الله وكتب لكما السعادة والهناء. بينما مالت الأم على ابنتها وراحت تمطرها بالقبلات. * * * كان قلب عصام يخفق بشدة رغم أنه كان موقناً بالموافقة، أم الأم فقد كانت تنتظر الجواب على أحر من الجمر، فلقد أحبّت سامية وشعرت نحوها بارتياح عجيب إنها تشفق أن تفلت هذه الفتاة من يدها، لأنها أنسب من رأت لابنها الحبيب الذي باتت تشعر بأحاسيسه وتفكر بعقله وتنطق بلسانه وتنظر إلى الوجود بعينيه، وما إن عاد الدكتور إياد حتى تعلقت العيون بشفتيه الباسمتين أن تنفرج عن القرار الأخير. - ((مبروك يا بني.. على بركة الله...)). هكذا هتف الدكتور إياد وهو يتجه إلى عصام.. وتصافح الرجلان، وشد كل منهما على يد الآخر في ود وحرارة وقال عصام بنبرات منفعلة: - بارك الله فيك يا عماه.. أطمئنك بأني سأضع سامية في عيني هاتين، وسأسعى لإسعادها السعادة التي تليق بها، ليس لأنها ستكون زوجتي الغالية فحسب، ولكن لأنها إبنة الرجل الذي هو في مقام والدي – رحمه الله - . - رحمهُ الله رحمهُ الله .. أنا واثق من أن سامية قد أحسنت الإختيار.. بارك الله لكما في زواجكما ومد في عمركما حتى تفرحا بأولادكما وأحفادكما يا.. يا صهري العزيز. ولم تستطع الأم أن تلجم فرحتها فأرسلت لسانها بالزغاريد، وعندما حاولت أن تبارك لابنها خانها لسانها، فهبت دموع الفرح لتكون ابلغ تهنئة في هذه المناسبة السعيدة. ودخلت زوجة الدكتور إياد والفرحة تطل في عينيها وهتفت في نبرات تضج بالسرور: - مبروك يا عصام.. لكم يسعدني أن تكون زوجاً لابنتي سامية. وصاح الدكتور إياد في إنكار تصنع ليداعب القلوب الفرحة: - ألا تجلسون؟.. لستم أول من خطب وتزوج!!. ثم وهو يرفع صوته أكثر: - سامية.. أين الشاي يا سامية؟ وقالت زوجته ترجوه: - بالله عليك لا تحرجها هكذا.. ثم وهي تتجه بالحديث إلى أم عصام: - لو ترين وجهها ونحن نسألها عن رأيها.. إنه بحمرة الورد من شدة الحياء.. قالت أم عصام: - لأنها فتاة أصيلة ومرباة. لو تعلمين كم أحببتها.. لقد دخلت إلى قلبي منذ أن رأيتها أول مرة. ثم وقد جلست بجانب ابنها الذي كان يعاني من الارتباك والخجل: - والآن ما رأيكما لو نتحدث عن المهر والذهب وكتب الكتاب وغير ذلك من الأمور؟... قال الدكتور إياد بعد أن تبادل مع زوجته نظرة فهمت مرماها فوافقته بإيماءة من رأسها: - ((أرجو أن تسمعا رأيي في هذه الأمور.. أنا لا أحب الوقوف عن المسائل المادية كثيرا، لا سيما مع من أحبهم واحترمهم وأثق بمعاملتهم.. مهر هذه الفتاة خاتم من الذهب، هذا المقدم، أما المتأخر فأترك تقديره لعصام، على أن لا يتجاوز المقدار المتوسط الذي اعتاد عليه الناس في مجتمعنا، وبعد ذلك فإن عصاماً حر فيما يقدمه لبيته وزوجته، أما بالنسبة لكتب الكتاب فأرجو أن يتم في أسرع وقت ممكن، حتى يتاح للعريسين حرية الالتقاء في ظلال الشرع والحلال، أما العرس فيتم حسب اتفاق العروسين.. بقي شئ آخر.. هديتي لابنتي سامية بمناسبة زواجها ستكون الشقة المقابلة للشقة التي تقيمان بها، وسأكتبها باسمها في أقرب وقت.. هذه شروط لا أتنازل عنها بحال.. ثمة رجاء أخير.. أرجو من عصام وسامية أن لا تلهيهما الخطبة والزواج عند دراستهما وطموحاتهما الكبيرة، التي تحتاج إلى جهد كبير، هذا كل ما عندي بصراحة وإصرار)).[/COLOR][/CENTER] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
أعلى