الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ترحال" data-source="post: 602131" data-attributes="member: 3060"><p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">قال سعد في فرح غامر:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">-كلنا مقصرون. ولن نتجاوز التقصير إلاّ بالمزيد من الوعي والعمل، إني أهنئك يا عصام على هذا الشعور فهو دليل على إيمانك العميق.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">وانتبه سعد إلي والدته وهي تشير له من النافذة فغاب برهة ثم عاد يحمل عصير البرتقال وقال وهو يقدم كأساً مثلجة منه إلى عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- تجاوبك الرائع يا عصام مع أفكاري يملأني غبطة وسعادة.. كم هو جميل أن تجد من يفهمك ويلتقي معك في تصورك للحياة.. هنا تكمن السعادة الحقيقية.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لو أن كل الناس بإيجابيتك وإصغائك لصوت الحق لقطعنا رحلة التغيير المنشود في سنوات.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">صمت عصام ملياً وهو يتفكر ثم تساءل قائلاً:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- سعد.. ألا ترى معي أن عملية التغيير هذه عملية صعبة؟!.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">أرسل سعد تنهيدة عميقة وقال:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- هي صعبة فعلاً.. وقد تبدو مستحيلة عندما يري المرء العقبات الكؤود التي تعترض طريق العودة إلى الإسلام، لكني أعتقد أن المستقبل لهذا الدين...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- كيف؟.. ما الذي يدفعك لهذا الاعتقاد؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ((سأقول لك: لقد جربت البشرية كل المذاهب والفلسفات فلم تجنِِ منها إلاّ التمزق والضياع. لقد أخفقت كل الأنظمة الأرضية في تأمين السعادة الحقيقية للإنسان.. في أيجاد التصور الذي ينسجم مع إنسانيته بجوانبها المختلفة.. التصور المتوازن الذي يشبع جسم الإنسان وعقله وروحه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">لقد استطاعت حضارة اليوم أن تشبع جسد الإنسان وأن تقدم له كل ما يحتاجه من وسائل المتعة والراحة، واستطاعت أن تشبع عقله بالتقدم العلمي المذهل الذي أوصله إلى القمر، وحلّ له الكثير من أسرار الكون وألغاز الحياة. لكن روحه بقيت خاوية عطشى يعذبها الظمأ إلى القيم العليا، ويقلقل كيانها الضياع، فلا هي تدري لماذا وجدت ولا إلى أين تسير؟.، تجهل غاية وجودها ومعناه.. ويلف مصيرها الغموض)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">وافقه عصام رأيه قائلاً:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- هذا حق. إن انتشار الشذوذ والجريمة، وشيوع الأمراض العصبية والنفسية وارتفاع معدلات الانتحار دليل واضح على ما تقول .</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">قال سعد وهو يخض كأس العصير ليزداد برودة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لعلك قرأت أن أعلى نسبة للانتحار في العالم توجد في الدول (( الاسكندنافية)) التي تعتبر من أرقى دول العالم، حيث يبلغ فيها دخل الفرد أعلى مستوى.. ومنذ أيام سمعت من ((الراديو)) لدى متابعتي لأحد البرامج الثقافية خبراً طريفاً يدلك إلى أي مدى استبد الشقاء بإنسان قرننا هذا!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ما هو؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لقد قامت في بريطانيا جمعية تضم المؤمنين بفكرة الانتحار وأطلقت على نفسها اسم ((جمعية الموت من أجل الرحمة)) كما أصدرت مرشداً خاصاً بأعضائها، سمته ((المرشد الخاص للتحرير الذاتي ))وفيه تشرخ الجمعية طرق الانتحار بدون ألم، وقد قدم للكاتب الكتاب الإِنجليزي المعروف ((آرثر كسلر)) ثم انتحر بالطريقة المعتمدة لدى الجمعية، كما انتحر كثيرون من أعضاء الجمعية الذين بلغ عددهم عشرة آلاف منتم في غضون أشهر.....</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">قال عصام وابتسامة داهشة تحف بكلماته:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لقد أصبح للانتحار عندهم فلسفة ودعاة!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- إنًّها حقائق تستحق التأمل.. إنها صدى ليأس الإنسان وفشله وضياعه..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">تساءل عصام في حيرة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لكن كيف نقنع البشرية بالإسلام كبديل ؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">أجاب سعد:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لن تؤمن البشرية بالإسلام كبديل فيما لو عرضناه عليها في قوالب نظرية وفكرية بحتة.. لقد ملّت النظريات والأفكار، وأصبحت تنظر إليها في شك وحذر بعد أن فقدت ثقتها بجدارتها في عالم الواقع وبعد أن حصدت منها الفشل المرير، البشرية اليوم تبحث عن مثل حي متحرك، وتتطلع إلى تجربة ناجحة تحظى بأيمانها وثقتها، وتجد فيها الإخلاص...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ولكن، ألم يكن الإسلام تجربة ناجحة في التاريخ؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ((لقد كان، ليس تجربة ناجحة فحسب، بل وفريدة في نجاحها. لكن الإنسانية اليوم تشك في تكرار هذا التجربة، بعد التطور المذهل الذي طرأ على حياة الناس في العصر الحاضر. وعلى المسلمين أن يبددوا شكوكها بصناعة التجربة من جديد، وإخراجها عصرية ناجحة.. وبذالك تتحقق القفزة الحاسمة إلى الحياة الإِسلامية المنشودة..)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لكن.. ألا تشك معي يا سعد في قدرة المجتمعات الإسلامية على تقديم الصورة الصحيحة الناصعة للإسلام؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ((أنا متأكد من أنها لن تستطيع، لأن الإِسلام الحق قد انحسر من حياتنا منذ زمن، وذوت شعلته اللاهبة التي كانت تبعث فيها الحياة، وتنير لها دروب الحرية والتطور والحضارة.. الإسلام اليوم في أذهان المسلمين أجزاء ناقصة مبتورة.. وأفكار مشوهة مغلوطة وصور ساذجة بسيطة.. ومظاهر فارغة منفردة. ليس للمسلمين اليوم من إسلامهم إلا الاسم والعنوان.. تحمله أمة متخلفة ممزقة مقهورة.. المسلمون اليوم يا صديقي يسيئون للإسلام وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!!))</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">تمتم عصام بعد أن تناول رشفة من عصيره:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- تبدو متشائماً إلى أبعد الحدود!!</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- أبداً، فأنا شديد التفاؤل. إن بذور الخير موجودة رغم ما تراه.. إ ني أراهن على هذا.. فقط تحتاج لمن يصل إليها بوعي وروية، فينزع عنها قشرت التبلد، وينفض عنها غبار الضياع، ثم يغرسها في القلوب من جديد.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- الحل؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- الحل يكمن في مجموعة من الناس تؤمن بالإسلام بشموله وعمقه ونصاعته وتفهم العصر بظروفه ومعطياته.. بسلبياته وإيجابياته، وتعيش الإسلام في حياتها العصرية الواقعية، فترسم بسلوكها الوضعي وتعاملها النظيف، وتحركها الإيجابي المفيد في المجتمع صورة الإسلام الصافي الأصيل كما أنزل الله. </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">ثم تبني هذه المجموعة المؤمنة جسور المحبة والتفاهم مع الآخرين، وتنقل إليهم على متنها تصوراتها وأفكارها في حكمة وهدوء، فتأخذهم باللين وترحم ضعفهم وحداثة عهدهم بالإسلام، وتشجعهم على الارتقاء فلا تحملهم ملا يطيقون، وتستمر في رعايتهم وتستمر في رعايتهم وتشجيعهم حتى يصبحون مسلمين صادقين.. الإسلام اليوم قضيتهم الأولى، ومنهجهم الوحيد في الحياة، ومع الأيام ستزداد بقعة النور حتى تبدد الظلام.. وسينمو المجتمع الوليد حتى يشب على أنقاض المجتمع القديم المتهافت الذي نخره سوس الضياع والانحراف والطغيان.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">همس عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لكنّ هذا طريق طويل!!.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">وأطول مما قد نتصور، لكنه الطريق.. الطريق الصحيح الذي مرت به التجربة الإسلامية الأولى فوصلت إلى ذروة النجاح.. الطريق الذي يرسمه المنطق وتؤيده التجارب الفاشلة التي سلكت غيره فأخفقت...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- على هذا فقد نغادر الحياة دون أن نحقق واقعنا في التغيير الإسلامي المنشود!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- قد يتحقق وقد لا يتحقق، المهم أن نضئ على دربه المشاعل الهادية، وأن نضع في بنيانه بضع لبنات لتأتي الأجيال القادمة فتكمل البنيان..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- إذن فقد تستغرق رحلة التغيير أجيالاً طويلة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- المهم أن نبدأ... </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- والبداية؟.. ما البداية؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">صمت سعد ملياً ثم قال:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- البداية تنطلق من أنفسنا. ما لم يقم الإسلام في نفوسنا فلن يقوم في الأرض.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ثم؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- ثم علينا أن نتعاون ونتكامل ونتكافل حتى تنمو الجهود المخلصة وتتجمع في تيار واحد..تيار قوى فعال.. يطوي حياة الفساد والضياع والتخلف التي نحياها، ويبعث في ظلمة عصرنا الرديء تباشير فجر مشرق جديد.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">أطرق عصام مفكراً وأخذته سَنة من الشرود ثم همس:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- سعد.. إن كلامك هذا ينقلني إلى عوالم جديدة كانت محجوبة عني. لا أكتمك ، فأنا الآن إنسان جديد..صاحب قضية في الحياة.. قضية مقدسة سوف تلون تفكري وطموحي وتوجه خطاي إلى المستقبل...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- يسرّني أن أسمع هذا.. عصام.. أنت دليل جديد على ثقتي ببذور الخير التي ينطوي عليها مجتمعنا.. مجتمعنا يا عزيزي يزخر بالنفوس النقية المؤمنة، لكنها حائرة ضائعة لا تجد من يأخذ بيدها إلى شاطىء الحقيقة وبَّر الأَمان. لنتعاون معاً على إيصال الحقيقة إلى عشاقها... لنبدأ رحلة التغيير في دأب وأناة ولنتعاهد على ذلك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- إني أعاهدك على ذلك، وبعد التخرج سنتفرغ لإِنجاز الكثير....</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">وران صمت قصير ما لبث أن قطعه عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- سعد.. لماذا لم تطرح علي أفكارك هذه قبل الآن، بالرغم من أن علاقتنا قد توطدت منذ سنوات؟!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">ابتسم سعد وأجاب:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- سأقول لك.. أنا أكره الاندفاع، ولا أميل إلى التسرع، كان لا بد من التمهيد الهادئ.. لا بد من بناء جسور المودة والصراحة والتفاهم بيننا، حتى يتم عبرها تبادل الأفكار والآراء في يسر وتقبل وقناعة...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- لكم يروقني هذا الأسلوب الحكيم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- الدعوة يا صديقي فنّ.. عليك حتى تتقنها أن تفهم النفوس وتدرك طبائعها.. أن تختار اللحظة المناسبة التي تلقي فيها فكرتك.. أن تختار المكان المناسب.. أن لا تثقل عليها.. فللنفس طاقة محدودة للاستقبال إذا ما نفذت حلّ مكانها الضجر والملل وسقطت الكلمات على أرض عقيمة لا تنبت إلا الرفض والضيق، لذا لا بد من التدرج، فالقناعة لا تتولد من كثافة الأفكار بل من وضوحها وترابطها، ومع ذلك فليست كل النفوس مهيأة لاستقبال الحقيقة إلاّ أن تكون نفوساً إيجابية طيبة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">ثم أردف سعد وهو مطرق:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- عصام.. هناك أمر هام.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- تفضل.. قل ما عندك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- هل نتكلم بصراحة؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- الصراحة مذهبي...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- إن الالتزام بالإسلام يتطلب خطوات عملية.. خطوات سريعة حاسمة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">قاطعه عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- إني أفهم ما ترمي إليه.. لكم يعذبني تقصيري.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: RoyalBlue">- الندم شرط من شروط التوبة الصادقة، لكنه ينبغي أن لا يتحول إلى عقدة الذنب.. فالله تواب رحيم</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ترحال, post: 602131, member: 3060"] [CENTER][COLOR="RoyalBlue"]قال سعد في فرح غامر: -كلنا مقصرون. ولن نتجاوز التقصير إلاّ بالمزيد من الوعي والعمل، إني أهنئك يا عصام على هذا الشعور فهو دليل على إيمانك العميق. وانتبه سعد إلي والدته وهي تشير له من النافذة فغاب برهة ثم عاد يحمل عصير البرتقال وقال وهو يقدم كأساً مثلجة منه إلى عصام: - تجاوبك الرائع يا عصام مع أفكاري يملأني غبطة وسعادة.. كم هو جميل أن تجد من يفهمك ويلتقي معك في تصورك للحياة.. هنا تكمن السعادة الحقيقية. - لو أن كل الناس بإيجابيتك وإصغائك لصوت الحق لقطعنا رحلة التغيير المنشود في سنوات. صمت عصام ملياً وهو يتفكر ثم تساءل قائلاً: - سعد.. ألا ترى معي أن عملية التغيير هذه عملية صعبة؟!. أرسل سعد تنهيدة عميقة وقال: - هي صعبة فعلاً.. وقد تبدو مستحيلة عندما يري المرء العقبات الكؤود التي تعترض طريق العودة إلى الإسلام، لكني أعتقد أن المستقبل لهذا الدين... - كيف؟.. ما الذي يدفعك لهذا الاعتقاد؟ - ((سأقول لك: لقد جربت البشرية كل المذاهب والفلسفات فلم تجنِِ منها إلاّ التمزق والضياع. لقد أخفقت كل الأنظمة الأرضية في تأمين السعادة الحقيقية للإنسان.. في أيجاد التصور الذي ينسجم مع إنسانيته بجوانبها المختلفة.. التصور المتوازن الذي يشبع جسم الإنسان وعقله وروحه. لقد استطاعت حضارة اليوم أن تشبع جسد الإنسان وأن تقدم له كل ما يحتاجه من وسائل المتعة والراحة، واستطاعت أن تشبع عقله بالتقدم العلمي المذهل الذي أوصله إلى القمر، وحلّ له الكثير من أسرار الكون وألغاز الحياة. لكن روحه بقيت خاوية عطشى يعذبها الظمأ إلى القيم العليا، ويقلقل كيانها الضياع، فلا هي تدري لماذا وجدت ولا إلى أين تسير؟.، تجهل غاية وجودها ومعناه.. ويلف مصيرها الغموض)). وافقه عصام رأيه قائلاً: - هذا حق. إن انتشار الشذوذ والجريمة، وشيوع الأمراض العصبية والنفسية وارتفاع معدلات الانتحار دليل واضح على ما تقول . قال سعد وهو يخض كأس العصير ليزداد برودة: - لعلك قرأت أن أعلى نسبة للانتحار في العالم توجد في الدول (( الاسكندنافية)) التي تعتبر من أرقى دول العالم، حيث يبلغ فيها دخل الفرد أعلى مستوى.. ومنذ أيام سمعت من ((الراديو)) لدى متابعتي لأحد البرامج الثقافية خبراً طريفاً يدلك إلى أي مدى استبد الشقاء بإنسان قرننا هذا!.. - ما هو؟.. - لقد قامت في بريطانيا جمعية تضم المؤمنين بفكرة الانتحار وأطلقت على نفسها اسم ((جمعية الموت من أجل الرحمة)) كما أصدرت مرشداً خاصاً بأعضائها، سمته ((المرشد الخاص للتحرير الذاتي ))وفيه تشرخ الجمعية طرق الانتحار بدون ألم، وقد قدم للكاتب الكتاب الإِنجليزي المعروف ((آرثر كسلر)) ثم انتحر بالطريقة المعتمدة لدى الجمعية، كما انتحر كثيرون من أعضاء الجمعية الذين بلغ عددهم عشرة آلاف منتم في غضون أشهر..... قال عصام وابتسامة داهشة تحف بكلماته: - لقد أصبح للانتحار عندهم فلسفة ودعاة!.. - إنًّها حقائق تستحق التأمل.. إنها صدى ليأس الإنسان وفشله وضياعه.. تساءل عصام في حيرة: - لكن كيف نقنع البشرية بالإسلام كبديل ؟ أجاب سعد: - لن تؤمن البشرية بالإسلام كبديل فيما لو عرضناه عليها في قوالب نظرية وفكرية بحتة.. لقد ملّت النظريات والأفكار، وأصبحت تنظر إليها في شك وحذر بعد أن فقدت ثقتها بجدارتها في عالم الواقع وبعد أن حصدت منها الفشل المرير، البشرية اليوم تبحث عن مثل حي متحرك، وتتطلع إلى تجربة ناجحة تحظى بأيمانها وثقتها، وتجد فيها الإخلاص... - ولكن، ألم يكن الإسلام تجربة ناجحة في التاريخ؟.. - ((لقد كان، ليس تجربة ناجحة فحسب، بل وفريدة في نجاحها. لكن الإنسانية اليوم تشك في تكرار هذا التجربة، بعد التطور المذهل الذي طرأ على حياة الناس في العصر الحاضر. وعلى المسلمين أن يبددوا شكوكها بصناعة التجربة من جديد، وإخراجها عصرية ناجحة.. وبذالك تتحقق القفزة الحاسمة إلى الحياة الإِسلامية المنشودة..)). - لكن.. ألا تشك معي يا سعد في قدرة المجتمعات الإسلامية على تقديم الصورة الصحيحة الناصعة للإسلام؟.. - ((أنا متأكد من أنها لن تستطيع، لأن الإِسلام الحق قد انحسر من حياتنا منذ زمن، وذوت شعلته اللاهبة التي كانت تبعث فيها الحياة، وتنير لها دروب الحرية والتطور والحضارة.. الإسلام اليوم في أذهان المسلمين أجزاء ناقصة مبتورة.. وأفكار مشوهة مغلوطة وصور ساذجة بسيطة.. ومظاهر فارغة منفردة. ليس للمسلمين اليوم من إسلامهم إلا الاسم والعنوان.. تحمله أمة متخلفة ممزقة مقهورة.. المسلمون اليوم يا صديقي يسيئون للإسلام وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً!!)) تمتم عصام بعد أن تناول رشفة من عصيره: - تبدو متشائماً إلى أبعد الحدود!! - أبداً، فأنا شديد التفاؤل. إن بذور الخير موجودة رغم ما تراه.. إ ني أراهن على هذا.. فقط تحتاج لمن يصل إليها بوعي وروية، فينزع عنها قشرت التبلد، وينفض عنها غبار الضياع، ثم يغرسها في القلوب من جديد. - الحل؟.. - الحل يكمن في مجموعة من الناس تؤمن بالإسلام بشموله وعمقه ونصاعته وتفهم العصر بظروفه ومعطياته.. بسلبياته وإيجابياته، وتعيش الإسلام في حياتها العصرية الواقعية، فترسم بسلوكها الوضعي وتعاملها النظيف، وتحركها الإيجابي المفيد في المجتمع صورة الإسلام الصافي الأصيل كما أنزل الله. ثم تبني هذه المجموعة المؤمنة جسور المحبة والتفاهم مع الآخرين، وتنقل إليهم على متنها تصوراتها وأفكارها في حكمة وهدوء، فتأخذهم باللين وترحم ضعفهم وحداثة عهدهم بالإسلام، وتشجعهم على الارتقاء فلا تحملهم ملا يطيقون، وتستمر في رعايتهم وتستمر في رعايتهم وتشجيعهم حتى يصبحون مسلمين صادقين.. الإسلام اليوم قضيتهم الأولى، ومنهجهم الوحيد في الحياة، ومع الأيام ستزداد بقعة النور حتى تبدد الظلام.. وسينمو المجتمع الوليد حتى يشب على أنقاض المجتمع القديم المتهافت الذي نخره سوس الضياع والانحراف والطغيان. همس عصام: - لكنّ هذا طريق طويل!!. وأطول مما قد نتصور، لكنه الطريق.. الطريق الصحيح الذي مرت به التجربة الإسلامية الأولى فوصلت إلى ذروة النجاح.. الطريق الذي يرسمه المنطق وتؤيده التجارب الفاشلة التي سلكت غيره فأخفقت... - على هذا فقد نغادر الحياة دون أن نحقق واقعنا في التغيير الإسلامي المنشود!.. - قد يتحقق وقد لا يتحقق، المهم أن نضئ على دربه المشاعل الهادية، وأن نضع في بنيانه بضع لبنات لتأتي الأجيال القادمة فتكمل البنيان.. - إذن فقد تستغرق رحلة التغيير أجيالاً طويلة. - المهم أن نبدأ... - والبداية؟.. ما البداية؟ صمت سعد ملياً ثم قال: - البداية تنطلق من أنفسنا. ما لم يقم الإسلام في نفوسنا فلن يقوم في الأرض. - ثم؟ - ثم علينا أن نتعاون ونتكامل ونتكافل حتى تنمو الجهود المخلصة وتتجمع في تيار واحد..تيار قوى فعال.. يطوي حياة الفساد والضياع والتخلف التي نحياها، ويبعث في ظلمة عصرنا الرديء تباشير فجر مشرق جديد. أطرق عصام مفكراً وأخذته سَنة من الشرود ثم همس: - سعد.. إن كلامك هذا ينقلني إلى عوالم جديدة كانت محجوبة عني. لا أكتمك ، فأنا الآن إنسان جديد..صاحب قضية في الحياة.. قضية مقدسة سوف تلون تفكري وطموحي وتوجه خطاي إلى المستقبل... - يسرّني أن أسمع هذا.. عصام.. أنت دليل جديد على ثقتي ببذور الخير التي ينطوي عليها مجتمعنا.. مجتمعنا يا عزيزي يزخر بالنفوس النقية المؤمنة، لكنها حائرة ضائعة لا تجد من يأخذ بيدها إلى شاطىء الحقيقة وبَّر الأَمان. لنتعاون معاً على إيصال الحقيقة إلى عشاقها... لنبدأ رحلة التغيير في دأب وأناة ولنتعاهد على ذلك. - إني أعاهدك على ذلك، وبعد التخرج سنتفرغ لإِنجاز الكثير.... وران صمت قصير ما لبث أن قطعه عصام: - سعد.. لماذا لم تطرح علي أفكارك هذه قبل الآن، بالرغم من أن علاقتنا قد توطدت منذ سنوات؟!.. ابتسم سعد وأجاب: - سأقول لك.. أنا أكره الاندفاع، ولا أميل إلى التسرع، كان لا بد من التمهيد الهادئ.. لا بد من بناء جسور المودة والصراحة والتفاهم بيننا، حتى يتم عبرها تبادل الأفكار والآراء في يسر وتقبل وقناعة... - لكم يروقني هذا الأسلوب الحكيم. - الدعوة يا صديقي فنّ.. عليك حتى تتقنها أن تفهم النفوس وتدرك طبائعها.. أن تختار اللحظة المناسبة التي تلقي فيها فكرتك.. أن تختار المكان المناسب.. أن لا تثقل عليها.. فللنفس طاقة محدودة للاستقبال إذا ما نفذت حلّ مكانها الضجر والملل وسقطت الكلمات على أرض عقيمة لا تنبت إلا الرفض والضيق، لذا لا بد من التدرج، فالقناعة لا تتولد من كثافة الأفكار بل من وضوحها وترابطها، ومع ذلك فليست كل النفوس مهيأة لاستقبال الحقيقة إلاّ أن تكون نفوساً إيجابية طيبة. ثم أردف سعد وهو مطرق: - عصام.. هناك أمر هام. - تفضل.. قل ما عندك. - هل نتكلم بصراحة؟ - الصراحة مذهبي... - إن الالتزام بالإسلام يتطلب خطوات عملية.. خطوات سريعة حاسمة. قاطعه عصام: - إني أفهم ما ترمي إليه.. لكم يعذبني تقصيري. - الندم شرط من شروط التوبة الصادقة، لكنه ينبغي أن لا يتحول إلى عقدة الذنب.. فالله تواب رحيم[/COLOR][/CENTER] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
أعلى