الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ترحال" data-source="post: 602125" data-attributes="member: 3060"><p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">وآذت سمعهما ضحكات خافتة وهمسات ماجنة، فانتبها إلى مصدرها، ففوجئا بـ ((صفوان)) و ((منى)) وهما مستغرقان في وضع فاضح مريب وقد ظنا أنَّ هذا المكان الهادئ البعيد خال من الطلبة والرقباء وأثار المشهد اشمئزاز ((سعد)) و ((عصام)) فغادرا المكان في ضيق وانزعاج بالغ..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">هتف عصام بنبرات ثائرة وهو يلوح بقبضته في الهواء:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- أنا لا أفهم كيف يتجرأ هذان العابثان على حرمة الجامعة!!.. ألا من إدارة حازمة توقف هذه المهازل؟!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown"></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">قال سعد وقد تلونت ملاحمه بحمرة الغضب:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- قد تحمي الإدارة الحازمة الجامعة من مظاهر العبث والفجور. لكنَّها لن تستطيع أن تسيطر على تيار الانحلال الجارف الذي يجتاح الوطن، أو توقف التردي والانحدار الذي يقود مجتمعنا إلى الهاوية.. نحن في حاجة ماسة إلى عملية تغيير عميقة داخل المواطن.. إلى إدارة حازمة واعية داخل الإنسان..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">نحن في حاجة إلى ضمير.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- وما الحل لأزمة الضمير هذه؟.. يجب أن يكون هناك حل ما يحمي الأمة من الضياع!.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- الحل موجود.. لكنه يحتاج قبل كل شئ إلى إرادة قوية للتغيير.. إرادة تنبثق من قناعة الناسب الأذى والدمار الذي يحمله تيار الميوعة واللامبالاة لمجتمعنا ونهضتنا، وحتى تتولد هذه القناعة نحتاج إلى قراءة واعية عميقة في التجربة الأوروبية والأمريكية التي يحصد الغرب الآن نتائجها المأساوية المريرة بسبب تمرده على الأخلاق والمثل العليا.. الناس في بلادنا مبهورون بالحضارة الغربية ويعتقدون أن التقدم المذهل الذي وصلت إليه أوربا وهو نتيجة لتفلتها من الأخلاق والقيم الإنسانية الفاضلة، بينهما الحقيقة الصارخة التي يقرها كل عقلاء العالم ويتنادون إليها هي أن الإباحية التي تغرق أوربا وأمريكا الآن هي جرثومة الفناء التي تهدد الحضارة الفتية هناك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">قال عصام وهو يجوب أرجاء الحديقة باحثاً عن مكان هادئ يجلسان فيه:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- هذه مهمة وسائل الإعلام.. وسائل الإعلام هي المسئولة عن نقل مساوئ التجربة الغربية وثغراتها إلى الجماهير ومع هذا فإني أعتقد أنه لا مفر من الردع.. من الحزم في مكافحة هذا الوباء..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- الردع حلّ، لكنه آخر الحلول.. علينا قبله بالتربية.. تربية الأجيال على القيم الأخلاقية والحضارية الأصيلة.. تربية مدروسة تسلك أنجح الطرق العلمية والنفسية.. تربية شاملة منسجمة في البيت والمدرسة والمجتمع.. تدعمها حملة اجتماعية منظمة تكرس القيم الأخلاقية والمفاهيم الحضارية البالية عبر وسائل الإعلام المؤثرة من صحافة و ((راديو)) و ((سينما)) و ((تلفزيون)).. ((التلفزيون)) بات الآن أخطر وسيلة إعلامية في حياتنا فهو يعيش مع الناس جزءاً كبيراً من أوقاتهم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">قاطعه عصام بقوله:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- إنه يقاسم الناس ثلث حياتهم الواعية تقريباً..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- الأخطر من ذلك أنه يعيش مع الطفل أكثر من أهله في البيت ومعلميه في المدرسة وهو يجلس أمامه في أقصى حالات الوعي والتركيز، يتلقف كل ما يبثه من أفكار ومفاهيم وهو الصفحة النقية البيضاء الجاهزة للإملاء، فإذا لم يكن ((التلفزيون)) تربوياً هادفاً، كان خرباً هداماً يدمر الأجيال تلو الأجيال..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">تساءل عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">وماذا بعد التربية؟.. ما الخطوة التي تليها؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- لا بد لنا من حل المشاكل الاجتماعية التي مهدت لهذا الفساد.. مجتمعنا ليس شرا محضاً.. ثمة عوامل كثيرة تدفعه إلى أتون الشر.. الفقر مثلا.. الحرمان الفظيع الذي يدفع الكثيرين إلى هاوية الانحراف.. ((منى)) هذه التي رأيتها منذ قليل بهذا الوضع المخجل، ما الذي دفعها لهذا السلوك؟.. إنه الفقر والحرمان.. فتاة ناضجة تفيض أنوثة وجمالاً تتراقص في أعماقها أحلام وأشواق شتى.. فتاة فقيرة لم تذق يوماً طعم الحياة الهانئة السعيدة، تجد فجأة من يعدها بتحقيق كل أحلامها دفعة واحدة مستغلاً اندفاعاتها العاطفية العارمة فتنساق وراءه مبهورة، وتتدرج معه في مجاهل الضياع.. ثم مشاكل وأمراض أخرى تساهم في صنع المأساة.. الجهل.. التخلف.. الرشوة.. ((الواسطة))، لكن التربية الفاسدة تقف دائماً على رأس هذه السلسلة الرهيبة من الأمراض التي تكبل نهضتنا.. والد صفوان مثلاً.. رجل واسع الثراء والنفوذ، ربى ابنه تربية مائعة مدللة.. صفوان هذا لم يسمع من أبيه كلمة (لا) واحدة في حياته.. دائماً يجيبه لكل ما يطلب، ويضع بين يديه الأموال الطائلة ليبعثرها على أهوائه ورغباته، فيزيده المال طغياناً على طغيان.. وكلما تورط ابنه في خطأ أو انحراف سارع أبوه لإنقاذه بما يملك من مال ونفوذ.. أنقذه من تهمة تهريب مخدرات.. أنقذه من تهمة أخلاقية في أحد بيوت الدعارة منذ سنتين، فما تنتظر من شاب هذا شأنه؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">زوى عصام ما بين حاجبيه دهشة وقال:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- وكيف توصلت إلى كل هذه المعلومات؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- هذه المعلومات ليست سراً.. إنه يتصرف في تبجح ووقاحة.. لعلك فوجئت بها لأنك لا تهتم بهذه الأمور، لكني مهتم بالقضية الاجتماعية وصفوان نموذج من نماذج الانحراف في مجتمعنا يحلو لي أن أراقب تصرفاته وأتتبع أخباره وأحلل سلوكه.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">ولاحت لهما خميلة خضراء فلجآ إلى أفيائها، وجلسا على بساط الأرض السندسي الممتد، ثم ما لبث عصام أن قال في محاولة ليصل ما انقطع من حديثهما حول الموت:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- سعد.. بماذا كان الموت يوحي إليك عندما كنت تقوم بتشريح الأجساد في المشرحة؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">أجابه سعد وقد تذكر الحوار الذي كان قبل هذا الحادث العابر:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- عندما كنت أتأمل الأجساد الميتة الممدة أمامي على طاولات التشريح كان تفكيري يمتد إلى ما بعد الموت.. إلى اليوم الآخر. فيبدو لي الموت أنه البداية.. حقيقة أنه نهاية حياتنا على الأرض، لكنه البداية لمرحلة جديدة يتحدد فيها مصيرنا الخالد، تقرره العدالة الإلهية الرحيمة التي لا تظلم أو تتعسف، فتفرز البشر حسب أعمالهم وبواعثهم..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- إنني موقن بذلك، لكن قليلاً ما يراودني التفكير فيه!.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- كلنا نقتنع باليوم الآخر، لكن الكثير من قناعاتنا تظل في أذهاننا فحسب، وكأنها معادلة رياضية مجردة أقنعتنا بها قواعد المنطق، بيد أنها لا تتجاوز العقل في الشعور، لتتحول إلى حس داخلي ننظر من خلاله للحياة لذلك ترانا نقتنع عقلاً بأن الموت ليس هو النهاية، ونشعر حساً بأنه النهاية لكل شئ ونشفق على آمالنا ومنجزاتنا ونخاف عليها على الرغم من أننا أبقى منها...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">قال عصام:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- تحليل مقنع ودقيق، ولكن لا يمكن للإنسان إلا أن يحلم ويطمح ويحيا على أمل...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- أنا معك في هذا. فالحياة بلا طموح وأمل تافهة لا معنى لها، لكن النقطة الأهم في آمالنا وأحلامنا ونشاطنا على هذه الأرض هو الغاية التي من أجلها نحيا ونعمل ونحلم.. إنّها الحلقة المفقودة التي نحتاج إليها ليستقيم تصورنا للكون والحياة والإنسان...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- الغاية؟!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- أجل.. لماذا نعيش؟.. لماذا نحلم؟.. لماذا تعيش أنت مثلاً؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">أجاب عصام بلهجة حائرة وقد باغته السؤال وكأنه يسمعه للوهلة الأولى:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- أنا أحيا.. أحيا من أجل أن أصبح طبيباً ناجحاً مفيداً.. ومن أجل أن أساعد والدتي وأوفر لها حياة سعيدة وعندي طموحات علمية وشخصية لا تخفى عليك و.. وفقط!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- لكن الموت سوف يطوي معه كل هذه الغايات والآمال...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">صدمت هذه الحقيقة عصاماً فوجم ولاذ بالصمت بينما تابع سعد:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- كل هذه الغايات التي طرحتها غايات جزئية.. غايات مرحلة ينبغي أن تكون في إطار غاية أساسية جامعة. لا بد أن يكون لوجودنا الإنساني غاية كبرى توجه نشاطنا وأعمالنا.. غاية شاملة لحياتنا على الأرض وحياتنا فيما بعد الموت.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">قال عصام وقد تحمس للنقاش الذي أثار فضوله:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- ما هي غاية وجودنا الإنساني في رأيك أنت؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- إنها في كلمة واحدة ((العبودية لله)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- العبودية لله؟! لعلك تريد الصلاة والصيام؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">ابتسم سعد وقال بنبراته الهادئة الرزينة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">الصلاة والصيام وغيرهما من العبادات والشعائر ليست هي العبودية التي أعنيها بل هي مظهر من مظاهرها... العبودية في حد ذاتها أكثر من صوم وصلاة... العبودية هي أن نعيش حياتنا كلها لله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- كيف؟.. كيف يمكن ذلك؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- بأن نوظف كل ألوان نشاطنا الإنساني وكل أعمالنا وكل طموحاتنا لتحقيق دين الله الذي ارتضاه لنا منهجاً ونظام حياة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- ولكن هناك أمور لا علاقة للدين بها!!...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">هتف سعد في حماس:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- هنا تكمن النقطة الحاسمة في الموضوع.. إنها فهمنا للإسلام... نحن - في الحقيقة - لا نفهم إسلامنا الفهم السليم.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">أرجو أن تعذرني بهذا الكلام، فأنا لا أقصد الإساءة أو الادعاء.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">قال عصام وهو في شغف لمتابعة الحوار:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- أستمر أرجوك.. إني أفهمك، ثم إني مقر بجهلي حول الكثير من قضايا الدين.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: SandyBrown">- أنا لا أقصد التفاصيل، فلا يمكن لإنسان مهما أوغل في العلوم والمعارف الإسلامية أن يحيط بكل التفاصيل، ما أريده هو المبادئ.. فهمنا لمبادئ الإسلام.. إدراكنا لروحة وخصائصه العامة بحيث يتكون لدينا حس إسلامي دقيق.. نتحسس به الحقائق.. ونتلمس الصواب.. ونصنع المواقف.. ونرصد الأحداث.. المهم يا عصام أن تستقر في حسنا أبجدية إسلامية واضحة.. تصيغ بأحرفها فهمنا للإسلام. فينطق بها سلوكنا، وتعبر عنها حركتنا في الحياة.. هذا أضعف الإيمان.</span></p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ترحال, post: 602125, member: 3060"] [CENTER][COLOR="SandyBrown"]وآذت سمعهما ضحكات خافتة وهمسات ماجنة، فانتبها إلى مصدرها، ففوجئا بـ ((صفوان)) و ((منى)) وهما مستغرقان في وضع فاضح مريب وقد ظنا أنَّ هذا المكان الهادئ البعيد خال من الطلبة والرقباء وأثار المشهد اشمئزاز ((سعد)) و ((عصام)) فغادرا المكان في ضيق وانزعاج بالغ.. هتف عصام بنبرات ثائرة وهو يلوح بقبضته في الهواء: - أنا لا أفهم كيف يتجرأ هذان العابثان على حرمة الجامعة!!.. ألا من إدارة حازمة توقف هذه المهازل؟!.. قال سعد وقد تلونت ملاحمه بحمرة الغضب: - قد تحمي الإدارة الحازمة الجامعة من مظاهر العبث والفجور. لكنَّها لن تستطيع أن تسيطر على تيار الانحلال الجارف الذي يجتاح الوطن، أو توقف التردي والانحدار الذي يقود مجتمعنا إلى الهاوية.. نحن في حاجة ماسة إلى عملية تغيير عميقة داخل المواطن.. إلى إدارة حازمة واعية داخل الإنسان.. نحن في حاجة إلى ضمير. - وما الحل لأزمة الضمير هذه؟.. يجب أن يكون هناك حل ما يحمي الأمة من الضياع!. - الحل موجود.. لكنه يحتاج قبل كل شئ إلى إرادة قوية للتغيير.. إرادة تنبثق من قناعة الناسب الأذى والدمار الذي يحمله تيار الميوعة واللامبالاة لمجتمعنا ونهضتنا، وحتى تتولد هذه القناعة نحتاج إلى قراءة واعية عميقة في التجربة الأوروبية والأمريكية التي يحصد الغرب الآن نتائجها المأساوية المريرة بسبب تمرده على الأخلاق والمثل العليا.. الناس في بلادنا مبهورون بالحضارة الغربية ويعتقدون أن التقدم المذهل الذي وصلت إليه أوربا وهو نتيجة لتفلتها من الأخلاق والقيم الإنسانية الفاضلة، بينهما الحقيقة الصارخة التي يقرها كل عقلاء العالم ويتنادون إليها هي أن الإباحية التي تغرق أوربا وأمريكا الآن هي جرثومة الفناء التي تهدد الحضارة الفتية هناك. قال عصام وهو يجوب أرجاء الحديقة باحثاً عن مكان هادئ يجلسان فيه: - هذه مهمة وسائل الإعلام.. وسائل الإعلام هي المسئولة عن نقل مساوئ التجربة الغربية وثغراتها إلى الجماهير ومع هذا فإني أعتقد أنه لا مفر من الردع.. من الحزم في مكافحة هذا الوباء.. - الردع حلّ، لكنه آخر الحلول.. علينا قبله بالتربية.. تربية الأجيال على القيم الأخلاقية والحضارية الأصيلة.. تربية مدروسة تسلك أنجح الطرق العلمية والنفسية.. تربية شاملة منسجمة في البيت والمدرسة والمجتمع.. تدعمها حملة اجتماعية منظمة تكرس القيم الأخلاقية والمفاهيم الحضارية البالية عبر وسائل الإعلام المؤثرة من صحافة و ((راديو)) و ((سينما)) و ((تلفزيون)).. ((التلفزيون)) بات الآن أخطر وسيلة إعلامية في حياتنا فهو يعيش مع الناس جزءاً كبيراً من أوقاتهم. قاطعه عصام بقوله: - إنه يقاسم الناس ثلث حياتهم الواعية تقريباً.. - الأخطر من ذلك أنه يعيش مع الطفل أكثر من أهله في البيت ومعلميه في المدرسة وهو يجلس أمامه في أقصى حالات الوعي والتركيز، يتلقف كل ما يبثه من أفكار ومفاهيم وهو الصفحة النقية البيضاء الجاهزة للإملاء، فإذا لم يكن ((التلفزيون)) تربوياً هادفاً، كان خرباً هداماً يدمر الأجيال تلو الأجيال.. تساءل عصام: وماذا بعد التربية؟.. ما الخطوة التي تليها؟.. - لا بد لنا من حل المشاكل الاجتماعية التي مهدت لهذا الفساد.. مجتمعنا ليس شرا محضاً.. ثمة عوامل كثيرة تدفعه إلى أتون الشر.. الفقر مثلا.. الحرمان الفظيع الذي يدفع الكثيرين إلى هاوية الانحراف.. ((منى)) هذه التي رأيتها منذ قليل بهذا الوضع المخجل، ما الذي دفعها لهذا السلوك؟.. إنه الفقر والحرمان.. فتاة ناضجة تفيض أنوثة وجمالاً تتراقص في أعماقها أحلام وأشواق شتى.. فتاة فقيرة لم تذق يوماً طعم الحياة الهانئة السعيدة، تجد فجأة من يعدها بتحقيق كل أحلامها دفعة واحدة مستغلاً اندفاعاتها العاطفية العارمة فتنساق وراءه مبهورة، وتتدرج معه في مجاهل الضياع.. ثم مشاكل وأمراض أخرى تساهم في صنع المأساة.. الجهل.. التخلف.. الرشوة.. ((الواسطة))، لكن التربية الفاسدة تقف دائماً على رأس هذه السلسلة الرهيبة من الأمراض التي تكبل نهضتنا.. والد صفوان مثلاً.. رجل واسع الثراء والنفوذ، ربى ابنه تربية مائعة مدللة.. صفوان هذا لم يسمع من أبيه كلمة (لا) واحدة في حياته.. دائماً يجيبه لكل ما يطلب، ويضع بين يديه الأموال الطائلة ليبعثرها على أهوائه ورغباته، فيزيده المال طغياناً على طغيان.. وكلما تورط ابنه في خطأ أو انحراف سارع أبوه لإنقاذه بما يملك من مال ونفوذ.. أنقذه من تهمة تهريب مخدرات.. أنقذه من تهمة أخلاقية في أحد بيوت الدعارة منذ سنتين، فما تنتظر من شاب هذا شأنه؟ زوى عصام ما بين حاجبيه دهشة وقال: - وكيف توصلت إلى كل هذه المعلومات؟ - هذه المعلومات ليست سراً.. إنه يتصرف في تبجح ووقاحة.. لعلك فوجئت بها لأنك لا تهتم بهذه الأمور، لكني مهتم بالقضية الاجتماعية وصفوان نموذج من نماذج الانحراف في مجتمعنا يحلو لي أن أراقب تصرفاته وأتتبع أخباره وأحلل سلوكه. ولاحت لهما خميلة خضراء فلجآ إلى أفيائها، وجلسا على بساط الأرض السندسي الممتد، ثم ما لبث عصام أن قال في محاولة ليصل ما انقطع من حديثهما حول الموت: - سعد.. بماذا كان الموت يوحي إليك عندما كنت تقوم بتشريح الأجساد في المشرحة؟ أجابه سعد وقد تذكر الحوار الذي كان قبل هذا الحادث العابر: - عندما كنت أتأمل الأجساد الميتة الممدة أمامي على طاولات التشريح كان تفكيري يمتد إلى ما بعد الموت.. إلى اليوم الآخر. فيبدو لي الموت أنه البداية.. حقيقة أنه نهاية حياتنا على الأرض، لكنه البداية لمرحلة جديدة يتحدد فيها مصيرنا الخالد، تقرره العدالة الإلهية الرحيمة التي لا تظلم أو تتعسف، فتفرز البشر حسب أعمالهم وبواعثهم.. - إنني موقن بذلك، لكن قليلاً ما يراودني التفكير فيه!. - كلنا نقتنع باليوم الآخر، لكن الكثير من قناعاتنا تظل في أذهاننا فحسب، وكأنها معادلة رياضية مجردة أقنعتنا بها قواعد المنطق، بيد أنها لا تتجاوز العقل في الشعور، لتتحول إلى حس داخلي ننظر من خلاله للحياة لذلك ترانا نقتنع عقلاً بأن الموت ليس هو النهاية، ونشعر حساً بأنه النهاية لكل شئ ونشفق على آمالنا ومنجزاتنا ونخاف عليها على الرغم من أننا أبقى منها... قال عصام: - تحليل مقنع ودقيق، ولكن لا يمكن للإنسان إلا أن يحلم ويطمح ويحيا على أمل... - أنا معك في هذا. فالحياة بلا طموح وأمل تافهة لا معنى لها، لكن النقطة الأهم في آمالنا وأحلامنا ونشاطنا على هذه الأرض هو الغاية التي من أجلها نحيا ونعمل ونحلم.. إنّها الحلقة المفقودة التي نحتاج إليها ليستقيم تصورنا للكون والحياة والإنسان... - الغاية؟!.. - أجل.. لماذا نعيش؟.. لماذا نحلم؟.. لماذا تعيش أنت مثلاً؟ أجاب عصام بلهجة حائرة وقد باغته السؤال وكأنه يسمعه للوهلة الأولى: - أنا أحيا.. أحيا من أجل أن أصبح طبيباً ناجحاً مفيداً.. ومن أجل أن أساعد والدتي وأوفر لها حياة سعيدة وعندي طموحات علمية وشخصية لا تخفى عليك و.. وفقط!.. - لكن الموت سوف يطوي معه كل هذه الغايات والآمال... صدمت هذه الحقيقة عصاماً فوجم ولاذ بالصمت بينما تابع سعد: - كل هذه الغايات التي طرحتها غايات جزئية.. غايات مرحلة ينبغي أن تكون في إطار غاية أساسية جامعة. لا بد أن يكون لوجودنا الإنساني غاية كبرى توجه نشاطنا وأعمالنا.. غاية شاملة لحياتنا على الأرض وحياتنا فيما بعد الموت. قال عصام وقد تحمس للنقاش الذي أثار فضوله: - ما هي غاية وجودنا الإنساني في رأيك أنت؟ - إنها في كلمة واحدة ((العبودية لله)). - العبودية لله؟! لعلك تريد الصلاة والصيام؟.. ابتسم سعد وقال بنبراته الهادئة الرزينة: الصلاة والصيام وغيرهما من العبادات والشعائر ليست هي العبودية التي أعنيها بل هي مظهر من مظاهرها... العبودية في حد ذاتها أكثر من صوم وصلاة... العبودية هي أن نعيش حياتنا كلها لله. - كيف؟.. كيف يمكن ذلك؟ - بأن نوظف كل ألوان نشاطنا الإنساني وكل أعمالنا وكل طموحاتنا لتحقيق دين الله الذي ارتضاه لنا منهجاً ونظام حياة. - ولكن هناك أمور لا علاقة للدين بها!!... هتف سعد في حماس: - هنا تكمن النقطة الحاسمة في الموضوع.. إنها فهمنا للإسلام... نحن - في الحقيقة - لا نفهم إسلامنا الفهم السليم. أرجو أن تعذرني بهذا الكلام، فأنا لا أقصد الإساءة أو الادعاء. قال عصام وهو في شغف لمتابعة الحوار: - أستمر أرجوك.. إني أفهمك، ثم إني مقر بجهلي حول الكثير من قضايا الدين. - أنا لا أقصد التفاصيل، فلا يمكن لإنسان مهما أوغل في العلوم والمعارف الإسلامية أن يحيط بكل التفاصيل، ما أريده هو المبادئ.. فهمنا لمبادئ الإسلام.. إدراكنا لروحة وخصائصه العامة بحيث يتكون لدينا حس إسلامي دقيق.. نتحسس به الحقائق.. ونتلمس الصواب.. ونصنع المواقف.. ونرصد الأحداث.. المهم يا عصام أن تستقر في حسنا أبجدية إسلامية واضحة.. تصيغ بأحرفها فهمنا للإسلام. فينطق بها سلوكنا، وتعبر عنها حركتنا في الحياة.. هذا أضعف الإيمان.[/COLOR][/CENTER] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
أعلى