الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="ترحال" data-source="post: 597487" data-attributes="member: 3060"><p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">الفصل الرابع</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">الليل ساج.. والهدوء يرمي بثقله على كل شئ، لا يقطعه إلا حفيف أوراق الشجر اليابسة، تحركها نسائم الخريف التي بدأت تتسلل إلى غرفة عصام، وقد فتح نافذتها، ليطرد رائحة المواد الكيماوية التي تراكمت في جوها، والتي كان يستعملها في تلوين بعض المحضرات الطبية حتى يتمكن من تمييز معالمها التشريحية الدقيقة تحت المجهر.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وجذبته رائحة الخريف، فتقدم من النافذة وراح يتأمل منظر الحديقة الكئيب، وقد تعرت أشجارها إلا شجرة من الورد ظلّت محتفظة بخضرتها الزاهية تتيه ببضع براعم جميلة قد انتصبت في خيلاء تتحدى البرد والريح، وتعطر الجو بأريجها الطيب...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وأغراه قربها بقطف أحد براعمها، فتطاول بجسمه، ومدّه إلى أقصى ما يستطيع، فالتقطت أنامله ساق البرعم، فعالجه محاولا قطفه، فانفصل عن أمه بصعوبة، بعد أن أدمت إحدى أشواكه إبهامه الأيمن.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ارتد عصام إلى الخلف، وراح يستنشق راحة البرعم الزكية.. لكم يفتنه منظر الورد.. إنه يبعث في نفسه سعادة غامرة ويحرك في صدره أشواقاً لا يدري كنهها.. أحياناً يحس وكأن الوجود قد </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">طوي في يمينه، لكن هذه اللحظات الجميلة سرعان ما تتسرب من نفسه، لتلح عليه همومه الكبرى.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وندت عن الجرح ومضة ألم خفيفة، فنظر إلى قطرة الدم التي تجمدت على فوهته، وقد مرّ بخاطره شريط سريع تخيل فيه كل التفاعلات الحيوية التي حدثت داخل هذه القطرة الصغيرة من الدم حتى تخثرت لتشكل سدادة دموية تمنع استمرار النزيف.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((سبحان الله))...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالها عصام وهو يتجه إلى صيدليته ليعالج جرحه الصغير، ثم مضى إلى الغرفة المجاورة فصب كأساً من الماء وغرس فيه ساق البرعم، ووضعه على منضدته، ثم استرخى على كرسيه وراح يتأمل برعم الورد الذي تألق مزهوا بين أكداس من الكتب والأوراق.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وبعد لحظات من التأمل تناول عصام كراسة أنيقة تضم محاضرات الدكتور إياد، ليراجع محاضرة اليوم قبل أن ينام. لقد كانت محاضرة ممتعة حقاً، وأمتع ما فيها كلام الدكتور الذي في نفسه ينابيع الطموح، وفتح أمامه آفاقاً جديدة بلور من خلالها تطلعاته إلى المستقبل. إن الاهتمام بمرض السرطان يسيطر عليه... هذا المرض اللغز الذي يتحدى فضوله، ويدفعه لمنازلته بكل ما </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">أوتي من علم وعزم وتصميم. لقد استقرت في فكره قناعة ثابتة بأن طريقه إلى مجده الذي يحلم به، لا بد أن يمر على أشلاء هذا المرض الفتّاك!.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">إن كلمات الدكتور إياد لا تزال تدوي في أعماقه...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ((حقاً لماذا لا يفكر شبابنا وأطباؤنا أن يشاركوا في صنع حضارة اليوم بدلاً من استيرادها من الشرق والغرب. صحيح أنه يجب علينا تقبل كل جديد مفيد، لأن المعرفة ليست مقيدة بجنس أو قوم أو مذهب ولأنها تراث إنساني لكل البشر، لكننا في الوقت نفسه يجب ألا نلغي عقولنا ونجمدها ليفكر لنا الآخرون..)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">إن عصاماً يشعر الآن بأن اكتشاف علاج هذا المرض العضال بات أمانة في عنقه حملته إياها البشرية بأكملها:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">(( - آه.. المشهد المأساوي الباكي يتكرر كل يوم.. مريض مصاب بالسرطان.. والسرطان ينمو ويكبر.. الآلام تشتد، والحياة تذوي في جسد المريض المسكين رويداً رويداً.. أما أعين أهله وأحبائه وأطبائه الذين لا يملكون له أكثر من المهدئات والمسكنات، وكلمات التبرير والمواساة التي تنضح بالعجز عن الإنقاذ.. كلمة هذه لكم أكرهها على الرغم من أنها أوضح من كل الحقائق التي توصل إليها الطب الحديث لكنها أقسى الحقائق </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">على الإطلاق!.. يجب أن نحاول.. لا بد من المحاولة حتى تتم السيطرة على هذا الداء))...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وأفاق عصام من خواطره مستجيباً لشحنة من النشاط التي دبت في عروقه فراح يقرأ المحاضرة بإمعان..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وانتبه على طرق خفيف على الباب:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أمّاه!.. أما زلت ساهرة بعد؟!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">ثم ابتسم لأمه، التي أطلت بوجهها السمح وسمتها الهادئ، وهي تحمل فنجان الشاي وقد تصاعد منه بخار كثيف استثار شهيته.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قال عصام وهو يتناول فنجانه:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أماه أنت دائماً تزعجين نفسك من أجلي. شكراً لك يا أحلى أم في الدنيا.. ما أريد إلا راحتك ورضاك..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">هتفت الأم وهي ترفع إلى السماء كفَّين ضارعين:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- الله يرضى عليك يا ابني عدد أوراق الشجر وحبات المطر...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ما أحلاه من دعاء.. سترين مني إن شاء الله كل ما يسرك...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- إن سروري لا يتم إلا بسرورك، وشئ آخر ستكتمل به </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">فرحتي..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">هتف عصام وكأنه يجيب على ((حزُّورة)) طريفة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لقد حزرت.. التخرُّج؟... أليس كذلك؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت الأم وهي تلملم الكتب التي كانت مبعثرة فوق السرير:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لستَ بالذي يحلم بالتخرج يا بني، فهو شئ مضمون إن شاء الله وما هي الَّا أشهر حتى تدخل تزف إليَّ البشرى بتخرجك، لكن ما أقصده هو بنت الحلال، هل فهمت الآن؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">(( بنت الحلال.. آه.. لقد وضعت يدك على الجرح يا ماما!!)).</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">بذلك حدّث عصام نفسه بعد أن هزت أمه بكلماته أدق وتر في وجدانه ليعزف لحن الحرمان، وقفز إلى خياله طيف ((سامية)) فاضطرب فؤاده.. لكم تشده هذه الفتاة إليها بجمالها الوادع وشخصيتها القوية، وهي فوق ذلك ابنة الأستاذ الذي يحبه ويحترمه، ولا بد أن البنت قد ورثت عن أبيها الكثير من طباعه وأخلاقه النبيلة، غير أن ((سامية)) كانت قد دخلت قلبه منذ زمن بعيد..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">حدث ذلك حين سمع طرفاً من حديثها مع صديقتها ((منى)) </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">بعد إحدى الجلسات، فبعد أن خرج الطلبة من الجلسة العملية، اضطر عصام للعودة، ليتفقد قلمه، فاسترعى انتباهه حديث يدور بين فتاتين ولم تكن كلتاهما قد شعرتا بدخوله لوجود حواجز من الزجاج الأبيض الشفاف تفصل بين المناضد التي تُجرى عليها التجارب. وبعد أن يئس عصام من العثور على قلمه الضاع همّ بالخروج إلاَّ أن طرافة الحديث استوقفته، فأصاخ السمح بانتباه شديد...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">كانت سامية تقول لصديقتها ((منى)) في حزم أوحى له بقوة شخصيتها:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- منى.. هل تريدين رأيي؟.. إن صفوان هذا يخدعك.. إن يستغل براءتك وطيبة قلبك ليغرر بك.. إنه يلعب بعواطفك يا عزيزتي، وستجدين أن كلماته زيف وعواطفه سراب في صحراء من الغش والنفاق..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت ((منى)) تدافع عن ((صفوان)) الذي استحوذ على قلبها وعقلها:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- سامية.. إنّك تظلمينه بهذا الكلا..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أبداً لست بالتي تظلم الآخرين.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لكنك تبالغين...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- بل هي الحقيقة بمرارتها أضعها بين يديك ما أريد بها إلا النصيحة أبذلها لك كصديقة...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لكني أحبه...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- وما قيمة الحب إذا لم يوجهه العقل ويكبح جماحه؟!...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- وأثق به...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- ما الذي أوحى لك بهذه الثقة؟!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- كلماته... نظراته... كل شئ ... كل شئ...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت سامية وقد نفذ صبرها:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- منى؟ هل أنت إلى هذا الحد من السذاجة بحيث تثقين بشاب لا تعرفين عنه أكثر من اسمه ولون بدلته و ((موديل)) سيارته... هل تصدقين؟.. لقد سمعت عنه كل ما يعيب.. فكيف ترضين بالذهاب إلى ((شقة)) شاب تدور حول سلوكه الشبهات بحجة الدراسة والمذاكرة؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">أجابت ((منى)) متهربة:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- الجو في بيتنا لا يساعدني على الدراسة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- تعالي فذاكري عندي.. سأفتح لك بيتي وقلبي..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لكني وعدته..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- اعتذري له..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- سيؤلمه اعتذاري..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت سامية في ثقة وهي تضغط على مخارج الحروف:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- بل سيتضاهر بالتألم لاعتذارك إمعاناً في استدراجك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هذا رأيك..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- لقد جردك هذا الفتى من إرادتك!..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أنا واثقة بنفسي.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أنت واثقة بعواطفك وأهوائك.. أما نفسك فسوف تخونك تحت إغراء الخلوة حيث تستيقظ الغرائز ويعربد الشيطان..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أنا أقوى من الشيطان..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت سامية وقد أحس عصام أنها تتأهب للفراق:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أتمنى ذلك من كل قلبي، ولكني أخشى أن يهزأ بمشاعرك ويستغل عواطفك ليحقق عن طريقها مآرب مريضة تسئ لسمعتك وتهدد مستقبلك.. وثمة حقيقة أخرى أود أن ألفت انتباهك إليها..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">سألت ((منى)) في فتور ساخر:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- وهي ؟..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هي أن والده من الأغنياء أصحاب النفوذ في البلد، وسوف يخرج ابنه من أي ورطة كانت كما تخرج الشعرة من العجين إن لم يكن من أجل ابنه فمن أجل سمعته ومركزه. لقد حذرتك يا عزيزتي فاحترسي من عواطفك أن تقودك إلى ما لا تحمد عقباه.. والآن وداعا...</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">عندما خرجت سامية رآها عصام فطبعت صورتها في قلبه.. لقد أعجب بمنطقها الواعي، وأخلاقها الرفيعه، وحرصها على الآخرين، ولما رآها ازداد إعجابه بهذه الفتاة التي جمعت في شخصيتها الكثير من الصفات الرائعة العظيمة..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وألح عليه الفضول فسأل عنها –ولم يكن يعرفها آنذاك- فأجيب: (( أن هذه الفتاة تدعى ((سامية إياد عزت)) وهي ابنة الدكتور ((إياد عزت)) رئيس قسم ((التشريح المرضي)) في الكلية وعندما تعرف على الدكتور ((إياد)) من خلال محاضراته الشيقة وأحاديثه العميقة أعجب بشخصيته الفذة، ورأى فيه مثالاً يحتذى، فاندفع للاهتمام بسامية أكثر، والتفكير بها كزوجة وشريكة حياة.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">إن حبه الطاهر ينمو ويكبر مع الأيام، لكنه يكتمه عن الآخرين لأنه يؤمن بأن المكان الطبيعي لهذه العاطفة الفطرية النبيلة لا يكون إلا في ظلال الزواج وهو لا يفكر بالإقدام على هذه الخطوة قبل التخرج، وتندّ عن القلب آهات فيخفيها عن أمه، وهي المسكينة التي قسم لها القدر من الهموم ما يكفيها منذ أن فجعت بزوجها الفقيد.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">وأيقظ عصاماً من شروده صوت كتاب سقط على الأرض من بين مجموعة الكتب، كانت تحملها أمه لتعيدها إلى مكانها في المكتبة..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- أماه.. أرجوك لا تتعبي نفسك بترتيب المكتبة، بودي لو تنامين.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قالت الأم مازحة وهي ترمي ابنها بنظرات تصنعت فيها العتاب: </span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هل مللت مني؟</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">هتف عصام وقد تملكه شعور بالذنب:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- معاذ الله.. ما أريد إلا راحتك، فأنت لا تفترين عن الحركة طوال النهار.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- هل سمعت بإنسان ينام وعيناه ساهرتان؟!.. أنت عيناي اللتان أبصر بهما فلا أستطيع النوم حتى أطمئن عليك، ولن أترك هذه العادى حتى أزفك إلى عروسك.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">قال عصام وهو يستسلم أمام عناد أمه:</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- من أجل عينيك يا ((ماما)) سأترك كل شئ بين يديّ لأنام.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- خذ راحتك يا بني، وأنهِ عملك كما تراه مناسباً ريثما أغسل بعض الأواني ثم أنام. تصبح على خير..</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">- وأنت من أهله.</span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: DarkOrchid">عندما نام عصام كان طيف أمه وطيف سامية آخر ما ودع من أطياف الحياة.</span></p><p>* * *</p></blockquote><p></p>
[QUOTE="ترحال, post: 597487, member: 3060"] [CENTER][COLOR="DarkOrchid"]الفصل الرابع الليل ساج.. والهدوء يرمي بثقله على كل شئ، لا يقطعه إلا حفيف أوراق الشجر اليابسة، تحركها نسائم الخريف التي بدأت تتسلل إلى غرفة عصام، وقد فتح نافذتها، ليطرد رائحة المواد الكيماوية التي تراكمت في جوها، والتي كان يستعملها في تلوين بعض المحضرات الطبية حتى يتمكن من تمييز معالمها التشريحية الدقيقة تحت المجهر. وجذبته رائحة الخريف، فتقدم من النافذة وراح يتأمل منظر الحديقة الكئيب، وقد تعرت أشجارها إلا شجرة من الورد ظلّت محتفظة بخضرتها الزاهية تتيه ببضع براعم جميلة قد انتصبت في خيلاء تتحدى البرد والريح، وتعطر الجو بأريجها الطيب... وأغراه قربها بقطف أحد براعمها، فتطاول بجسمه، ومدّه إلى أقصى ما يستطيع، فالتقطت أنامله ساق البرعم، فعالجه محاولا قطفه، فانفصل عن أمه بصعوبة، بعد أن أدمت إحدى أشواكه إبهامه الأيمن. ارتد عصام إلى الخلف، وراح يستنشق راحة البرعم الزكية.. لكم يفتنه منظر الورد.. إنه يبعث في نفسه سعادة غامرة ويحرك في صدره أشواقاً لا يدري كنهها.. أحياناً يحس وكأن الوجود قد طوي في يمينه، لكن هذه اللحظات الجميلة سرعان ما تتسرب من نفسه، لتلح عليه همومه الكبرى. وندت عن الجرح ومضة ألم خفيفة، فنظر إلى قطرة الدم التي تجمدت على فوهته، وقد مرّ بخاطره شريط سريع تخيل فيه كل التفاعلات الحيوية التي حدثت داخل هذه القطرة الصغيرة من الدم حتى تخثرت لتشكل سدادة دموية تمنع استمرار النزيف. - ((سبحان الله))... قالها عصام وهو يتجه إلى صيدليته ليعالج جرحه الصغير، ثم مضى إلى الغرفة المجاورة فصب كأساً من الماء وغرس فيه ساق البرعم، ووضعه على منضدته، ثم استرخى على كرسيه وراح يتأمل برعم الورد الذي تألق مزهوا بين أكداس من الكتب والأوراق. وبعد لحظات من التأمل تناول عصام كراسة أنيقة تضم محاضرات الدكتور إياد، ليراجع محاضرة اليوم قبل أن ينام. لقد كانت محاضرة ممتعة حقاً، وأمتع ما فيها كلام الدكتور الذي في نفسه ينابيع الطموح، وفتح أمامه آفاقاً جديدة بلور من خلالها تطلعاته إلى المستقبل. إن الاهتمام بمرض السرطان يسيطر عليه... هذا المرض اللغز الذي يتحدى فضوله، ويدفعه لمنازلته بكل ما أوتي من علم وعزم وتصميم. لقد استقرت في فكره قناعة ثابتة بأن طريقه إلى مجده الذي يحلم به، لا بد أن يمر على أشلاء هذا المرض الفتّاك!. إن كلمات الدكتور إياد لا تزال تدوي في أعماقه... - ((حقاً لماذا لا يفكر شبابنا وأطباؤنا أن يشاركوا في صنع حضارة اليوم بدلاً من استيرادها من الشرق والغرب. صحيح أنه يجب علينا تقبل كل جديد مفيد، لأن المعرفة ليست مقيدة بجنس أو قوم أو مذهب ولأنها تراث إنساني لكل البشر، لكننا في الوقت نفسه يجب ألا نلغي عقولنا ونجمدها ليفكر لنا الآخرون..)). إن عصاماً يشعر الآن بأن اكتشاف علاج هذا المرض العضال بات أمانة في عنقه حملته إياها البشرية بأكملها: (( - آه.. المشهد المأساوي الباكي يتكرر كل يوم.. مريض مصاب بالسرطان.. والسرطان ينمو ويكبر.. الآلام تشتد، والحياة تذوي في جسد المريض المسكين رويداً رويداً.. أما أعين أهله وأحبائه وأطبائه الذين لا يملكون له أكثر من المهدئات والمسكنات، وكلمات التبرير والمواساة التي تنضح بالعجز عن الإنقاذ.. كلمة هذه لكم أكرهها على الرغم من أنها أوضح من كل الحقائق التي توصل إليها الطب الحديث لكنها أقسى الحقائق على الإطلاق!.. يجب أن نحاول.. لا بد من المحاولة حتى تتم السيطرة على هذا الداء))... وأفاق عصام من خواطره مستجيباً لشحنة من النشاط التي دبت في عروقه فراح يقرأ المحاضرة بإمعان.. وانتبه على طرق خفيف على الباب: - أمّاه!.. أما زلت ساهرة بعد؟!.. ثم ابتسم لأمه، التي أطلت بوجهها السمح وسمتها الهادئ، وهي تحمل فنجان الشاي وقد تصاعد منه بخار كثيف استثار شهيته. قال عصام وهو يتناول فنجانه: - أماه أنت دائماً تزعجين نفسك من أجلي. شكراً لك يا أحلى أم في الدنيا.. ما أريد إلا راحتك ورضاك.. هتفت الأم وهي ترفع إلى السماء كفَّين ضارعين: - الله يرضى عليك يا ابني عدد أوراق الشجر وحبات المطر... - ما أحلاه من دعاء.. سترين مني إن شاء الله كل ما يسرك... - إن سروري لا يتم إلا بسرورك، وشئ آخر ستكتمل به فرحتي.. هتف عصام وكأنه يجيب على ((حزُّورة)) طريفة: - لقد حزرت.. التخرُّج؟... أليس كذلك؟.. قالت الأم وهي تلملم الكتب التي كانت مبعثرة فوق السرير: - لستَ بالذي يحلم بالتخرج يا بني، فهو شئ مضمون إن شاء الله وما هي الَّا أشهر حتى تدخل تزف إليَّ البشرى بتخرجك، لكن ما أقصده هو بنت الحلال، هل فهمت الآن؟.. (( بنت الحلال.. آه.. لقد وضعت يدك على الجرح يا ماما!!)). بذلك حدّث عصام نفسه بعد أن هزت أمه بكلماته أدق وتر في وجدانه ليعزف لحن الحرمان، وقفز إلى خياله طيف ((سامية)) فاضطرب فؤاده.. لكم تشده هذه الفتاة إليها بجمالها الوادع وشخصيتها القوية، وهي فوق ذلك ابنة الأستاذ الذي يحبه ويحترمه، ولا بد أن البنت قد ورثت عن أبيها الكثير من طباعه وأخلاقه النبيلة، غير أن ((سامية)) كانت قد دخلت قلبه منذ زمن بعيد.. حدث ذلك حين سمع طرفاً من حديثها مع صديقتها ((منى)) بعد إحدى الجلسات، فبعد أن خرج الطلبة من الجلسة العملية، اضطر عصام للعودة، ليتفقد قلمه، فاسترعى انتباهه حديث يدور بين فتاتين ولم تكن كلتاهما قد شعرتا بدخوله لوجود حواجز من الزجاج الأبيض الشفاف تفصل بين المناضد التي تُجرى عليها التجارب. وبعد أن يئس عصام من العثور على قلمه الضاع همّ بالخروج إلاَّ أن طرافة الحديث استوقفته، فأصاخ السمح بانتباه شديد... كانت سامية تقول لصديقتها ((منى)) في حزم أوحى له بقوة شخصيتها: - منى.. هل تريدين رأيي؟.. إن صفوان هذا يخدعك.. إن يستغل براءتك وطيبة قلبك ليغرر بك.. إنه يلعب بعواطفك يا عزيزتي، وستجدين أن كلماته زيف وعواطفه سراب في صحراء من الغش والنفاق.. قالت ((منى)) تدافع عن ((صفوان)) الذي استحوذ على قلبها وعقلها: - سامية.. إنّك تظلمينه بهذا الكلا.. - أبداً لست بالتي تظلم الآخرين. - لكنك تبالغين... - بل هي الحقيقة بمرارتها أضعها بين يديك ما أريد بها إلا النصيحة أبذلها لك كصديقة... - لكني أحبه... - وما قيمة الحب إذا لم يوجهه العقل ويكبح جماحه؟!... - وأثق به... - ما الذي أوحى لك بهذه الثقة؟!.. - كلماته... نظراته... كل شئ ... كل شئ... قالت سامية وقد نفذ صبرها: - منى؟ هل أنت إلى هذا الحد من السذاجة بحيث تثقين بشاب لا تعرفين عنه أكثر من اسمه ولون بدلته و ((موديل)) سيارته... هل تصدقين؟.. لقد سمعت عنه كل ما يعيب.. فكيف ترضين بالذهاب إلى ((شقة)) شاب تدور حول سلوكه الشبهات بحجة الدراسة والمذاكرة؟ أجابت ((منى)) متهربة: - الجو في بيتنا لا يساعدني على الدراسة. - تعالي فذاكري عندي.. سأفتح لك بيتي وقلبي.. - لكني وعدته.. - اعتذري له.. - سيؤلمه اعتذاري.. قالت سامية في ثقة وهي تضغط على مخارج الحروف: - بل سيتضاهر بالتألم لاعتذارك إمعاناً في استدراجك. - هذا رأيك.. - لقد جردك هذا الفتى من إرادتك!.. - أنا واثقة بنفسي. - أنت واثقة بعواطفك وأهوائك.. أما نفسك فسوف تخونك تحت إغراء الخلوة حيث تستيقظ الغرائز ويعربد الشيطان.. - أنا أقوى من الشيطان.. قالت سامية وقد أحس عصام أنها تتأهب للفراق: - أتمنى ذلك من كل قلبي، ولكني أخشى أن يهزأ بمشاعرك ويستغل عواطفك ليحقق عن طريقها مآرب مريضة تسئ لسمعتك وتهدد مستقبلك.. وثمة حقيقة أخرى أود أن ألفت انتباهك إليها.. سألت ((منى)) في فتور ساخر: - وهي ؟.. - هي أن والده من الأغنياء أصحاب النفوذ في البلد، وسوف يخرج ابنه من أي ورطة كانت كما تخرج الشعرة من العجين إن لم يكن من أجل ابنه فمن أجل سمعته ومركزه. لقد حذرتك يا عزيزتي فاحترسي من عواطفك أن تقودك إلى ما لا تحمد عقباه.. والآن وداعا... عندما خرجت سامية رآها عصام فطبعت صورتها في قلبه.. لقد أعجب بمنطقها الواعي، وأخلاقها الرفيعه، وحرصها على الآخرين، ولما رآها ازداد إعجابه بهذه الفتاة التي جمعت في شخصيتها الكثير من الصفات الرائعة العظيمة.. وألح عليه الفضول فسأل عنها –ولم يكن يعرفها آنذاك- فأجيب: (( أن هذه الفتاة تدعى ((سامية إياد عزت)) وهي ابنة الدكتور ((إياد عزت)) رئيس قسم ((التشريح المرضي)) في الكلية وعندما تعرف على الدكتور ((إياد)) من خلال محاضراته الشيقة وأحاديثه العميقة أعجب بشخصيته الفذة، ورأى فيه مثالاً يحتذى، فاندفع للاهتمام بسامية أكثر، والتفكير بها كزوجة وشريكة حياة. إن حبه الطاهر ينمو ويكبر مع الأيام، لكنه يكتمه عن الآخرين لأنه يؤمن بأن المكان الطبيعي لهذه العاطفة الفطرية النبيلة لا يكون إلا في ظلال الزواج وهو لا يفكر بالإقدام على هذه الخطوة قبل التخرج، وتندّ عن القلب آهات فيخفيها عن أمه، وهي المسكينة التي قسم لها القدر من الهموم ما يكفيها منذ أن فجعت بزوجها الفقيد. وأيقظ عصاماً من شروده صوت كتاب سقط على الأرض من بين مجموعة الكتب، كانت تحملها أمه لتعيدها إلى مكانها في المكتبة.. - أماه.. أرجوك لا تتعبي نفسك بترتيب المكتبة، بودي لو تنامين. قالت الأم مازحة وهي ترمي ابنها بنظرات تصنعت فيها العتاب: - هل مللت مني؟ هتف عصام وقد تملكه شعور بالذنب: - معاذ الله.. ما أريد إلا راحتك، فأنت لا تفترين عن الحركة طوال النهار. - هل سمعت بإنسان ينام وعيناه ساهرتان؟!.. أنت عيناي اللتان أبصر بهما فلا أستطيع النوم حتى أطمئن عليك، ولن أترك هذه العادى حتى أزفك إلى عروسك. قال عصام وهو يستسلم أمام عناد أمه: - من أجل عينيك يا ((ماما)) سأترك كل شئ بين يديّ لأنام. - خذ راحتك يا بني، وأنهِ عملك كما تراه مناسباً ريثما أغسل بعض الأواني ثم أنام. تصبح على خير.. - وأنت من أهله. عندما نام عصام كان طيف أمه وطيف سامية آخر ما ودع من أطياف الحياة.[/COLOR][/CENTER] * * * [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
((دموع على سفوح المجد)) ... قصة رااااائعه اجتماعية ...
أعلى