شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
لسلامة القلب عظيم الأثر في سعادة المرء في الدنيا والآخرة, فلا يكاد العبد ينتفع بشيء في دنياه وأخراه أعظم من انتفاعه بسلامة قلبه، سلامته من الشرك, والنفاق, والرياء, والكبر, والعجب, وسائر الأمراض التي تعتريه، لاأمراض البدن التي منها أمراض القلوب، وإنما, تلكم الأمراض التي تعتري القلب مما يتعلق بدينه؛ فهي أعظم الأمراض فتكًا على الإطلاق وأشدها تدميرًا وأسوأها أثرًا, بل وليست هناك مقارنة على الإطلاق بين مرضٍ بدني يعتري القلب ويحتاج إلى بعض الأدوية والمُسكِّنات، وبين مرض يجرح دينه ويُذهب تقواه,فالأخير يجلب على العبد نكدًا وهمًا وغمًّا وعذابًا في الدنيا والآخرة,أما الأول فقد يُثاب عليه العبد المؤمن إذا صبر واحتسب, كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال(ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم ,حتى الشوكة يشاكها,إلا كفَّر الله بها من خطاياه)والمرض المتعلق بالدين, أدنى أهمية، وفي المقابل إذا شعر أحدهم بأي مرض عضوي يعتري قلبه من قلة نبضات أو سرعتها, فإنه يبادر وبسرعة بالذهاب إلى الأطباء، ويسأل عن أعلم أهل الطب بطب القلوب، ويبحث عن أكثرهم مهارة وأحذقهم تطبيبًا،ولو كلَّفه ذلك الغالي والنفيس من دنياه,وخفي على هؤلاء أن هذه الحياة الدنيا إنما هي سنوات قليلات وأيام معدودات، وبعد ذلك فهناك الدار الآخرة التي هي الحيوان، ولو كانوا يعلمون، تلكم الدار التي يحتاج القرار فيها إلى سلامة القلب من الشرك والنفاق والعجب والرياء، وسائر الأمراض؛ لخطورتها وسوء أثرها,قال خليل الله إبراهيم صلى الله عليه وسلم(وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ, يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ, إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)قلبٌ سليمٌ من الشك والشرك والشقاق والنفاق, سليم من الغل للذين آمنوا,سليم من الرياء, سليم من الأحقاد لم يُصب بالقسوة ,لم يتلوث بآثار الجرائم والذنوب والمعاصي,ولم يتدنس بالبدع والخرافات والأوهام وظن السوء,هذا هو القلب الذي ينفع صاحبه يوم القيامة,بصلاح هذا القلب يصلح سائر الجسد،هذا القلب المنيب الذي يورث صاحبه الجنان،قال الله تبارك وتعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ,هَذَا مَا تُوعَدُون لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ ,مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيب,ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ, لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ)قال الله تعالى(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلِ لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى إِن يَعْلَم اللهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخذ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)كفارٌ أُسروا ووقعوا في الأسر في أيدي المسلمين فمنهم من يقول, إني كنت مسلمًا وكان في قلبي خير,فالله يؤتي الخير بناءً على الخير الذي في القلوب,وهو سبحانه يغفر الذنوب؛ للخير الذي في القلوب,فلما علم الله ما في قلوب أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم,أنزل السكينة عليهم, وأثابهم فتحًا قريبًا,ومغانم كثيرة يأخذونها, كل هذا لما علمه الله من الخير الذي في القلوب,فالخيرات والبركات, والنصر,وكذلك رفع الدرجات ,وعلو المنازل ووراثة الجنان,وتعلق القلب بالمساجد,كل ذلك يتنزل من عند الله سبحانه على قدر ما في القلوب من خير, والله سبحانه وتعالى ينظر إلى القلوب والأعمال، ويُجازي عليها ويثيب ويعاقب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)سبحان الله ما أسعد أصحاب القلب السليم,هنيئًا لهم هؤلاء الذين وحَّدوا ولم يشركوا به شيئًا, ولم يراءوا ولم ينافقوا,والذين باتوا وليس في قلوبهم غلٌّ للذين آمنوا,والذين أحبوا للمؤمنين ما أحبوه لأنفسهم,وهنيئًا لهم هؤلاء الذين حافظوا على قلوبهم ولم يلوثوها، بذنوب ترسب عليها السواد والنكت والران والختم,
أسأل الله العظيم أن يهدينا بهدايته التي تنشرح لها الصدور، وأن يغفر لنا ما سلف من المعاصي والذنوب، إنه هو الرحيم الغفور.
التعديل الأخير: