عۈد بطرآنيـے
¬°•| فخر المنتدى |•°¬
- إنضم
- 7 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 3,883
عُمان تقف اليوم فخورة بما تم إنجازه على امتداد العقود الأربعة الماضية مجددة الولاء والعرفان لجلالة القائد المفدى
،
،
(في الثالث والعشرين من يوليو، يوم النهضة المباركة الذي يصادف اليوم يحتفل أبناء عمان الأوفياء بيوم تاريخي مجيد، أشرقت فيه شمس النهضة العمانية الحديثة، وأعلن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مولد عهد جديد ومجيد في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م)
واليوم مع إكمال مسيرة النهضة المباركة عامها الأربعين من عمرها المديد، تقف عمان ، وطنا ومواطنا ، دولة ومجتمعا فخورة بما تم إنجازه على امتداد العقود الأربعة الماضية ، سعيدة ومعتزة بما تحقق على امتداد هذه الأرض الطيبة ، مجددة الولاء والعرفان لجلالة القائد المفدى ، فبفضل قيادته الحكيمة، وإيمان جلالته العميق بقدرات المواطن العماني الكبيرة ، وعزيمته القوية، وقدرته على حشد كل طاقات الوطن ، بشرية ومادية ، تاريخية ومعاصرة انطلقت مسيرة النهضة العمانية الحديثة نحو غاياتها وفي مقدمتها إسعاد المواطن العماني بتوفير سبل الحياة الكريمة له ، وبتمكينه في الوقت ذاته من الإسهام والمشاركة بشكل فعال في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية في كل المجالات وتشييد صرح الدولة العصرية القادرة على تحقيق طموحاته .
لقد كان يوم الثالث والعشرين من يوليو بالفعل، وكما قال جلالة السلطان المعظم "فاتحة عهد جديد لمستقبل عظيم" للوطن والمواطن ، فعلى امتداد السنوات الأربعين الماضية دارت عجلة البناء والتنمية في كل المجالات ، وعلى امتداد هذه الأرض الطيبة ، ضرب جلالة القائد المفدى المثل والقدوة في العمل والتفاني والعطاء اللامحدود لعمان ، أرضا ووطنا ومواطنا من أجل أن تنهض وتعود لممارسة دورها الإيجابي الفعال من أجل أن تعود مرفأ سلام وقوة استقرار وموطن ازدهار لأبنائها وللمنطقة من حولها .
ومع أن أربعين عاما ليست مدة طويلة في عمر الشعوب إلا أنها شهدت نهضة شاملة تحددت منذ البداية أهدافها ، ومساراتها ، وملامحها الأساسية ، بفكر مستنير ورؤية استراتيجية شاملة ، أحاطت بخبرة التاريخ ومعطيات الحاضر، وحددت الأهداف الوطنية وعملت على تنفيذها بخطى ثابتة واعية ومتدرجة ، وبما يستجيب ويعتز بالتقاليد والخصوصية العمانية في الوقت ذاته لذا فإن ما تحقق على امتداد السنوات الأربعين الماضية هو في الواقع ـ وبرغم ضخامته ـ ثمرة تخطيط عملي واع ومثابرة وقدرة على متابعة العمل لتحقيق الأهداف الوطنية التي تحظى دوما بالأولوية دون الانشغال كثيرا بما عداها ، ومع الحرص كذلك على أن يكون للسلطنة دور إيجابي ملموس في كل ما يمكن أن يحقق الخير والسلام والأمن والاستقرار لهذه المنطقة الحيوية وعلى كل المستويات الإقليمية والدولية من حولها كذلك.
إن من أبرز السمات التي تميز مسيرة النهضة العمانية الحديثة منذ انطلاقها بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ هي تلك العلاقة الخاصة والعميقة بين جلالة القائد المفدى وأبنائه على امتداد هذه الأرض الطيبة وفي ظلها يشغل المواطن العماني منذ البداية بؤرة الاهتمام والأولوية الأولى باعتباره أغلى ثروات الوطن من ناحية ، وإدراكا للأهمية الكبيرة للتنمية البشرية كركيزة أساسية من ركائز التنمية الشاملة والمستدامة من ناحية ثانية.
فبينما أكد جلالة القائد المفدى دوما على أهمية وضرورة العناية بالموطن العماني وبالتنمية البشرية باعتبار أن العنصر البشري هو الأساس في تحويل أحلامنا إلى واقع معاش ـ ومن هنا كان بناء البشر هو هاجس الدولة العمانية ـ فإن ثقة جلالته في قدرات وإمكانات المواطن العماني هي ثقة غير محدودة حيث أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم في خطابه في افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان في 16 نوفمبر الماضي "أن المستقبل المشرق المحقق للتقدم والنماء، والسعادة والرخاء لا يبنى إلا بالهمم العالية والعزائم الماضية، والصبر والإخلاص والمثابرة ونحن واثقون بأن أبناء وبنات عمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية يشهد بهذا ماضيهم وحاضرهم ونحن لا ريب لدينا بأنهم قادرون على بناء مستقبل سعيد ـ بإذن الله ـ ".
جدير بالذكر أن السنوات الأربعين الماضية شهدت، ومنذ بزوغ النهضة العمانية الحديثة اهتماما واسعا ومتواصلا ليس فقط بالتعليم بكل مراحله ، (الأساسي والعام والجامعي والفني) ولكن أيضا بالصحة ورعاية المواطن صحيا في كل مراحل حياته مع الاهتمام بالعلاج والتصدي للأمراض التي تصاحب التطور الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، هذا إلى جانب الاهتمام بتدريب المواطن العماني وتأهيله للعمل في مختلف الوظائف والأعمال المتاحة والحرص دوما على تطوير مناهج وسياسات ومؤسسات التعليم في السلطنة لكي تفي مخرجاتها بمتطلبات التنمية الوطنية في مرحلتها الحالية الأكثر تطورا.
وإذا كانت مخصصات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية للمواطن العماني هي الأكثر في الموازنة العامة للسلطنة وحصلت على النصيب الأكبر على الإنفاق من خارج الموازنة لتمويل مشروعات بأمر جلالة السلطان المعظم بتنفيذها في مناطق ومحافظات السلطنة خلال الجولة السنوية السامية لجلالته من ناحية ثانية، فإن مما له دلالة عميقة أن تفوز السلطنة هذا العام 2010 بالمركزين الأول والثاني في جائزة الأمم المتحدة للخدمة العامة وهي أعلى الجوائز العالمية التقديرية في مجال الخدمات الإلكترونية التي تقدمها المؤسسات الخدمية.
فقد فازت وزارة الصحة بالمركز الأول عن فئة استحداث مفهوم جديد وفكرة جديدة في نظام الشفاء الإلكتروني وفازت وزارة القوى العاملة بالمركز الثاني عن فئة تطوير وتحسين الخدمة حيث فاز نظام القوى العاملة الإلكتروني بالجائزة، وكلا الجائزتان تعنى بخدمة المواطن العماني وهو أمر له دلالته العميقة .
وفي الوقت الذي تقدم فيه جامعة السلطان قابوس والجامعات الأهلية في نزوى وظفار وصحار والبريمي ، وعشرات الكليات الجامعية سواء التابعة لبعض الوزارات أو المؤسسات، أو الأهلية آلاف الخريجين سنويا في مختلف التخصصات، فإن الرعاية الاجتماعية للمواطن العماني تحظى باهتمام كبير ومستمر من جانب جلالة السلطان المعظم ومن جانب حكومته سواء فيما يتصل برعاية أسر الضمان الاجتماعي ، أو محدودي الدخل.
وقد تفضل جلالته ـ حفظه الله ووعاه ـ بمكرمات سامية عديدة على صعيد منحهم أراضي سكنية وتجارية وكذلك إعفاء المهنيين والحرفيين والمتقاعدين المستفيدين من القروض الميسرة من المتأخرات المتبقية عليهم بالإضافة إلى استيعاب كل طلبات قروض الإسكان المقدمة من فئة محدودي الدخل والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والمستوفاة حتى نهاية عام 2009 وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
وفي إطار الحرص على الرعاية المتكاملة لحقوق الإنسان وهو ما يوفره النظام الأساسي للدولة من خلال ما يتضمنه من مبادئ العدل والمساواة والتمتع بحقوق المواطنة العمانية، فإنه تم تعيين أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في يناير الماضي لتقوم بدورها في هذا المجال كما حظيت المرأة العمانية برعاية شاملة على امتداد السنوات الأربعين الماضية لتمكينها من القيام بدورها الاجتماعي والتنموي حيث تشكل نصف المجتمع وكانت ندوة المرأة العمانية التي عقدت في شهر أكتوبر الماضي بالمخيم السلطاني بسيح المكارم بولاية صحار بتوجيهات سامية من جلالة السلطان المعظم بالغة الدلالة في مضامينها وتوصياتها التي حظيت بمباركة جلالة القائد المفدى ومن ثم تشارك المرأة العمانية جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل في جهود التنمية والبناء حيث يمثلان معا جناحا التقدم والرخاء على امتداد هذه الأرض الطيبة.
وكانت السنوات 40 الماضية سنوات العمل والجهد المتواصل من أجل بناء صرح الدولة العصرية ، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي والبنية الأساسية، ولكن أيضا على الصعيدين السياسي والمؤسسي ، وعلى نحو يحقق أقصى حد من المشاركة الفعالة للمواطن العماني وللقطاع الخاص من أجل صياغة وتوجيه التنمية في كل المجالات وعلى كافة المستويات.
ومع أن الحكومة اضطلعت بدور أساسي كبير خاصة في السنوات الأولى لمسيرة النهضة المباركة إلا أن المواطن العماني والقطاع الخاص استطاعا أن يقوما بدورهما النشط والمتزايد باعتبار المواطن العماني هو هدف التنمية وصانعها وصاحب المصلحة الأساسية في تطويرها والحفاظ عليها ، والآن يتحمل القطاع الخاص النصيب الأكبر في تنفيذ البرنامج الاستثماري للموازنة العامة للدولة لهذا العام كما أنه يتمتع بفرص عديدة ومنسقة في كافة قطاعات الاقتصاد العماني دون استثناء ، بما في ذلك التعليم العالي والإعلام ، والمياه والصحة والكهرباء والاتصالات، والسياحة وغيرها من المجالات وذلك في إطار أولويات وبرامج خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يتم تنفيذها .
جدير بالذكر أن هذا العام 2010 هو العام الخامس من خطة التنمية الخمسية السابعة (2006 ـ 2010) ويتم الآن العمل على إعداد الخطة الخمسية الثامنة (2011 ـ 2015) والتي ستكون بمثابة خطة للانطلاق بخطى أكبر على طريق التقدم الاقتصادي في السلطنة ، ومن المعروف أن مجلسي الدولة والشورى يشاركان في إعداد خطط التنمية الخمسية ، كما أن مجلس الشورى يقوم بمناقشة الخطة وإقرارها، وكذلك الموازنة العامة السنوية للدولة ، وذلك قبل اتخاذ إجراءات إصدارها والعمل بها وذلك ضمن مهام وصلاحيات المجلس الذي يشكل من خلال أعضائه قناة اتصال بين الحكومة والمواطنين ، وسبيلا للتفاعل فيما بينهما تحقيقا لكل ما يعود بالفائدة على الوطن والمواطن .
لقد استطاع الاقتصاد العماني قطع خطوات عديدة على طريق التقدم والقدرة على التفاعل الإيجابي مع مختلف التطورات الاقتصادية والمالية والإقليمية والدولية، خاصة وأنه في اندماجه المتزايد مع الاقتصاد العالمي يظل ملتزما بدرجة عالية من الحرص على صعيد الأداء والسياسات المالية والنقدية التي يحرص البنك المركزي العماني على تطبيقها والالتزام بها ، لذا فإنه لم يكن مصادفة على أي نحو أن يتمكن الاقتصاد العماني من التعامل مع الأزمة المالية العالمية وأن يتجنب الكثير من نتائجها وسلبياتها التي عانت منها اقتصاديات الكثير من الدول في المنطقة وخارجها.
وبينما يواصل الاقتصاد العماني مسيرته في إطار الرؤية الاستراتيجية للاقتصاد العماني 2020، حيث يشهد تنفيذ العديد من المشروعات الصناعية والخدمية والسياحية الكبيرة في السلطنة في صحار والدقم وصلالة والبريمي ومسقط وصور ونزوى وغيرها فإن السلطنة حصلت على المرتبة الأولى كأكثر الدول العربية نموا خلال السنوات الخمسين الماضية وذلك وفق الدراسة التي أصدرها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالكويت وهي الدراسة التي شملت 20 دولة عربية بين عامي 1960 و2008 حيث حققت السلطنة نسبة في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 9.6 بالمائة خلال تلك الفترة وهي أعلى نسبة نمو بين الدول العربية خلال فترة الدراسة .
وفي الدراسة التي أصدرها منتدى دافوس الاقتصادي العالمي حول مؤشر تمكين التجارة العالمي لعام 2010 حققت السلطنة المرتبة الثالثة عربيا والتاسعة والعشرين على المستوى العالمي متقدمة عما كانت عليه خلال العام الماضي وهو ما يشير إلى ملاءمة وفعالية السياسات الاقتصادية والمالية التي تتبعها السلطنة .
وإذا كان النجاح على الصعيد الداخلي يشكل ركيزة أساسية وركيزة لما يمكن أن تحققه الدولة على الصعيد الخارجي، فإن السياسة الخارجية للسلطنة اتسمت على امتداد السنوات الأربعين الماضية بالحكمة وبعد النظر وبالقدرة على كسب الأصدقاء والقيام بدور نشط ومتزايد للسلطنة في كل ما من شأنه تحقيق الخير والاستقرار والأمن التي وضعها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لسياسة السلطنة الخارجية ولعلاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة من ناحية وإلى الوضوح والصراحة والشفافية التي اتسمت بها المواقف العمانية حيال مختلف القضايا الخليجية والعربية والإقليمية والدولية من ناحية ثانية ، خاصة وأن جلالة السلطان المعظم يحظى بتقدير بالغ وعميق من جانب قادة وشعوب الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة وخارجها.
وفي الوقت الذي تدعم فيه السلطنة التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مختلف المجالات ، وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة لكل دول وشعوب المجلس فإنها لم تدخر وسعا في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية حول كل ما يدعم التكامل بينها كما أن السلطنة تحرص على بذل كل ما تستطيع من جهد من أجل بناء أفضل العلاقات وتدعيمها بين مجلس التعاون وكل من الجمهورية اليمنية الشقيقة والجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة إدراكا لأهمية وضرورة ترسيخ سبل التعاون والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية بما يعود بالخير على كل دولها وشعوبها الآن وفي المستقبل.
وإلى جانب ذلك فإن للسلطنة دورا نشطا على الصعيدين العربي والإقليمي سواء في دعم القضايا العربية ومساندة كل ما يمكن أن يعزز فرص السلام والاستقرار وحل مختلف المشكلات العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية عبر السبل السلمية ووفق قرارات الشرعية الدولية ، أو بالنسبة لتوسيع وتعميق نطاق علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة لخدمة المصالح المشتركة والمتبادلة في كل المجالات حيث يحظى البعد التنموي للدبلوماسية العمانية باهتمام كبير، خاصة في علاقات السلطنة مع العديد من الدول الصديقة في آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وفي هذا الإطار فإن الزيارات التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى العديد من الدول الشقيقة والصديقة، وكذلك سلسلة الزيارات العديدة التي قام بها عدد كبير من القادة من مختلف مناطق العالم خلال الأشهر الماضية تشير على نحو واضح وعميق إلى ما يحظى به جلالة السلطان المعظم من تقدير عميق لدى قادة المنطقة والعالم، وإلى ما تحرص السلطنة على القيام به من جهد وإسهام إيجابي لدعم فرص الاستقرار والسلام وحل الخلافات بالطرق السلمية على كافة المستويات خليجيا وعربيا وإقليميا ودوليا من أجل أن تعيش شعوب المنطقة والعالم في سلام وطمأنينة .
،
،
(في الثالث والعشرين من يوليو، يوم النهضة المباركة الذي يصادف اليوم يحتفل أبناء عمان الأوفياء بيوم تاريخي مجيد، أشرقت فيه شمس النهضة العمانية الحديثة، وأعلن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مولد عهد جديد ومجيد في الثالث والعشرين من يوليو عام 1970م)
واليوم مع إكمال مسيرة النهضة المباركة عامها الأربعين من عمرها المديد، تقف عمان ، وطنا ومواطنا ، دولة ومجتمعا فخورة بما تم إنجازه على امتداد العقود الأربعة الماضية ، سعيدة ومعتزة بما تحقق على امتداد هذه الأرض الطيبة ، مجددة الولاء والعرفان لجلالة القائد المفدى ، فبفضل قيادته الحكيمة، وإيمان جلالته العميق بقدرات المواطن العماني الكبيرة ، وعزيمته القوية، وقدرته على حشد كل طاقات الوطن ، بشرية ومادية ، تاريخية ومعاصرة انطلقت مسيرة النهضة العمانية الحديثة نحو غاياتها وفي مقدمتها إسعاد المواطن العماني بتوفير سبل الحياة الكريمة له ، وبتمكينه في الوقت ذاته من الإسهام والمشاركة بشكل فعال في صياغة وتوجيه التنمية الوطنية في كل المجالات وتشييد صرح الدولة العصرية القادرة على تحقيق طموحاته .
لقد كان يوم الثالث والعشرين من يوليو بالفعل، وكما قال جلالة السلطان المعظم "فاتحة عهد جديد لمستقبل عظيم" للوطن والمواطن ، فعلى امتداد السنوات الأربعين الماضية دارت عجلة البناء والتنمية في كل المجالات ، وعلى امتداد هذه الأرض الطيبة ، ضرب جلالة القائد المفدى المثل والقدوة في العمل والتفاني والعطاء اللامحدود لعمان ، أرضا ووطنا ومواطنا من أجل أن تنهض وتعود لممارسة دورها الإيجابي الفعال من أجل أن تعود مرفأ سلام وقوة استقرار وموطن ازدهار لأبنائها وللمنطقة من حولها .
ومع أن أربعين عاما ليست مدة طويلة في عمر الشعوب إلا أنها شهدت نهضة شاملة تحددت منذ البداية أهدافها ، ومساراتها ، وملامحها الأساسية ، بفكر مستنير ورؤية استراتيجية شاملة ، أحاطت بخبرة التاريخ ومعطيات الحاضر، وحددت الأهداف الوطنية وعملت على تنفيذها بخطى ثابتة واعية ومتدرجة ، وبما يستجيب ويعتز بالتقاليد والخصوصية العمانية في الوقت ذاته لذا فإن ما تحقق على امتداد السنوات الأربعين الماضية هو في الواقع ـ وبرغم ضخامته ـ ثمرة تخطيط عملي واع ومثابرة وقدرة على متابعة العمل لتحقيق الأهداف الوطنية التي تحظى دوما بالأولوية دون الانشغال كثيرا بما عداها ، ومع الحرص كذلك على أن يكون للسلطنة دور إيجابي ملموس في كل ما يمكن أن يحقق الخير والسلام والأمن والاستقرار لهذه المنطقة الحيوية وعلى كل المستويات الإقليمية والدولية من حولها كذلك.
إن من أبرز السمات التي تميز مسيرة النهضة العمانية الحديثة منذ انطلاقها بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ هي تلك العلاقة الخاصة والعميقة بين جلالة القائد المفدى وأبنائه على امتداد هذه الأرض الطيبة وفي ظلها يشغل المواطن العماني منذ البداية بؤرة الاهتمام والأولوية الأولى باعتباره أغلى ثروات الوطن من ناحية ، وإدراكا للأهمية الكبيرة للتنمية البشرية كركيزة أساسية من ركائز التنمية الشاملة والمستدامة من ناحية ثانية.
فبينما أكد جلالة القائد المفدى دوما على أهمية وضرورة العناية بالموطن العماني وبالتنمية البشرية باعتبار أن العنصر البشري هو الأساس في تحويل أحلامنا إلى واقع معاش ـ ومن هنا كان بناء البشر هو هاجس الدولة العمانية ـ فإن ثقة جلالته في قدرات وإمكانات المواطن العماني هي ثقة غير محدودة حيث أكد حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم في خطابه في افتتاح الانعقاد السنوي لمجلس عمان في 16 نوفمبر الماضي "أن المستقبل المشرق المحقق للتقدم والنماء، والسعادة والرخاء لا يبنى إلا بالهمم العالية والعزائم الماضية، والصبر والإخلاص والمثابرة ونحن واثقون بأن أبناء وبنات عمان يتمتعون بقسط كبير من تلك الصفات السامية يشهد بهذا ماضيهم وحاضرهم ونحن لا ريب لدينا بأنهم قادرون على بناء مستقبل سعيد ـ بإذن الله ـ ".
جدير بالذكر أن السنوات الأربعين الماضية شهدت، ومنذ بزوغ النهضة العمانية الحديثة اهتماما واسعا ومتواصلا ليس فقط بالتعليم بكل مراحله ، (الأساسي والعام والجامعي والفني) ولكن أيضا بالصحة ورعاية المواطن صحيا في كل مراحل حياته مع الاهتمام بالعلاج والتصدي للأمراض التي تصاحب التطور الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع، هذا إلى جانب الاهتمام بتدريب المواطن العماني وتأهيله للعمل في مختلف الوظائف والأعمال المتاحة والحرص دوما على تطوير مناهج وسياسات ومؤسسات التعليم في السلطنة لكي تفي مخرجاتها بمتطلبات التنمية الوطنية في مرحلتها الحالية الأكثر تطورا.
وإذا كانت مخصصات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية للمواطن العماني هي الأكثر في الموازنة العامة للسلطنة وحصلت على النصيب الأكبر على الإنفاق من خارج الموازنة لتمويل مشروعات بأمر جلالة السلطان المعظم بتنفيذها في مناطق ومحافظات السلطنة خلال الجولة السنوية السامية لجلالته من ناحية ثانية، فإن مما له دلالة عميقة أن تفوز السلطنة هذا العام 2010 بالمركزين الأول والثاني في جائزة الأمم المتحدة للخدمة العامة وهي أعلى الجوائز العالمية التقديرية في مجال الخدمات الإلكترونية التي تقدمها المؤسسات الخدمية.
فقد فازت وزارة الصحة بالمركز الأول عن فئة استحداث مفهوم جديد وفكرة جديدة في نظام الشفاء الإلكتروني وفازت وزارة القوى العاملة بالمركز الثاني عن فئة تطوير وتحسين الخدمة حيث فاز نظام القوى العاملة الإلكتروني بالجائزة، وكلا الجائزتان تعنى بخدمة المواطن العماني وهو أمر له دلالته العميقة .
وفي الوقت الذي تقدم فيه جامعة السلطان قابوس والجامعات الأهلية في نزوى وظفار وصحار والبريمي ، وعشرات الكليات الجامعية سواء التابعة لبعض الوزارات أو المؤسسات، أو الأهلية آلاف الخريجين سنويا في مختلف التخصصات، فإن الرعاية الاجتماعية للمواطن العماني تحظى باهتمام كبير ومستمر من جانب جلالة السلطان المعظم ومن جانب حكومته سواء فيما يتصل برعاية أسر الضمان الاجتماعي ، أو محدودي الدخل.
وقد تفضل جلالته ـ حفظه الله ووعاه ـ بمكرمات سامية عديدة على صعيد منحهم أراضي سكنية وتجارية وكذلك إعفاء المهنيين والحرفيين والمتقاعدين المستفيدين من القروض الميسرة من المتأخرات المتبقية عليهم بالإضافة إلى استيعاب كل طلبات قروض الإسكان المقدمة من فئة محدودي الدخل والمستفيدين من الضمان الاجتماعي والمستوفاة حتى نهاية عام 2009 وذلك على سبيل المثال لا الحصر.
وفي إطار الحرص على الرعاية المتكاملة لحقوق الإنسان وهو ما يوفره النظام الأساسي للدولة من خلال ما يتضمنه من مبادئ العدل والمساواة والتمتع بحقوق المواطنة العمانية، فإنه تم تعيين أعضاء اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في يناير الماضي لتقوم بدورها في هذا المجال كما حظيت المرأة العمانية برعاية شاملة على امتداد السنوات الأربعين الماضية لتمكينها من القيام بدورها الاجتماعي والتنموي حيث تشكل نصف المجتمع وكانت ندوة المرأة العمانية التي عقدت في شهر أكتوبر الماضي بالمخيم السلطاني بسيح المكارم بولاية صحار بتوجيهات سامية من جلالة السلطان المعظم بالغة الدلالة في مضامينها وتوصياتها التي حظيت بمباركة جلالة القائد المفدى ومن ثم تشارك المرأة العمانية جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل في جهود التنمية والبناء حيث يمثلان معا جناحا التقدم والرخاء على امتداد هذه الأرض الطيبة.
وكانت السنوات 40 الماضية سنوات العمل والجهد المتواصل من أجل بناء صرح الدولة العصرية ، ليس فقط على الصعيد الاقتصادي والبنية الأساسية، ولكن أيضا على الصعيدين السياسي والمؤسسي ، وعلى نحو يحقق أقصى حد من المشاركة الفعالة للمواطن العماني وللقطاع الخاص من أجل صياغة وتوجيه التنمية في كل المجالات وعلى كافة المستويات.
ومع أن الحكومة اضطلعت بدور أساسي كبير خاصة في السنوات الأولى لمسيرة النهضة المباركة إلا أن المواطن العماني والقطاع الخاص استطاعا أن يقوما بدورهما النشط والمتزايد باعتبار المواطن العماني هو هدف التنمية وصانعها وصاحب المصلحة الأساسية في تطويرها والحفاظ عليها ، والآن يتحمل القطاع الخاص النصيب الأكبر في تنفيذ البرنامج الاستثماري للموازنة العامة للدولة لهذا العام كما أنه يتمتع بفرص عديدة ومنسقة في كافة قطاعات الاقتصاد العماني دون استثناء ، بما في ذلك التعليم العالي والإعلام ، والمياه والصحة والكهرباء والاتصالات، والسياحة وغيرها من المجالات وذلك في إطار أولويات وبرامج خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي يتم تنفيذها .
جدير بالذكر أن هذا العام 2010 هو العام الخامس من خطة التنمية الخمسية السابعة (2006 ـ 2010) ويتم الآن العمل على إعداد الخطة الخمسية الثامنة (2011 ـ 2015) والتي ستكون بمثابة خطة للانطلاق بخطى أكبر على طريق التقدم الاقتصادي في السلطنة ، ومن المعروف أن مجلسي الدولة والشورى يشاركان في إعداد خطط التنمية الخمسية ، كما أن مجلس الشورى يقوم بمناقشة الخطة وإقرارها، وكذلك الموازنة العامة السنوية للدولة ، وذلك قبل اتخاذ إجراءات إصدارها والعمل بها وذلك ضمن مهام وصلاحيات المجلس الذي يشكل من خلال أعضائه قناة اتصال بين الحكومة والمواطنين ، وسبيلا للتفاعل فيما بينهما تحقيقا لكل ما يعود بالفائدة على الوطن والمواطن .
لقد استطاع الاقتصاد العماني قطع خطوات عديدة على طريق التقدم والقدرة على التفاعل الإيجابي مع مختلف التطورات الاقتصادية والمالية والإقليمية والدولية، خاصة وأنه في اندماجه المتزايد مع الاقتصاد العالمي يظل ملتزما بدرجة عالية من الحرص على صعيد الأداء والسياسات المالية والنقدية التي يحرص البنك المركزي العماني على تطبيقها والالتزام بها ، لذا فإنه لم يكن مصادفة على أي نحو أن يتمكن الاقتصاد العماني من التعامل مع الأزمة المالية العالمية وأن يتجنب الكثير من نتائجها وسلبياتها التي عانت منها اقتصاديات الكثير من الدول في المنطقة وخارجها.
وبينما يواصل الاقتصاد العماني مسيرته في إطار الرؤية الاستراتيجية للاقتصاد العماني 2020، حيث يشهد تنفيذ العديد من المشروعات الصناعية والخدمية والسياحية الكبيرة في السلطنة في صحار والدقم وصلالة والبريمي ومسقط وصور ونزوى وغيرها فإن السلطنة حصلت على المرتبة الأولى كأكثر الدول العربية نموا خلال السنوات الخمسين الماضية وذلك وفق الدراسة التي أصدرها الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي بالكويت وهي الدراسة التي شملت 20 دولة عربية بين عامي 1960 و2008 حيث حققت السلطنة نسبة في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 9.6 بالمائة خلال تلك الفترة وهي أعلى نسبة نمو بين الدول العربية خلال فترة الدراسة .
وفي الدراسة التي أصدرها منتدى دافوس الاقتصادي العالمي حول مؤشر تمكين التجارة العالمي لعام 2010 حققت السلطنة المرتبة الثالثة عربيا والتاسعة والعشرين على المستوى العالمي متقدمة عما كانت عليه خلال العام الماضي وهو ما يشير إلى ملاءمة وفعالية السياسات الاقتصادية والمالية التي تتبعها السلطنة .
وإذا كان النجاح على الصعيد الداخلي يشكل ركيزة أساسية وركيزة لما يمكن أن تحققه الدولة على الصعيد الخارجي، فإن السياسة الخارجية للسلطنة اتسمت على امتداد السنوات الأربعين الماضية بالحكمة وبعد النظر وبالقدرة على كسب الأصدقاء والقيام بدور نشط ومتزايد للسلطنة في كل ما من شأنه تحقيق الخير والاستقرار والأمن التي وضعها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لسياسة السلطنة الخارجية ولعلاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة من ناحية وإلى الوضوح والصراحة والشفافية التي اتسمت بها المواقف العمانية حيال مختلف القضايا الخليجية والعربية والإقليمية والدولية من ناحية ثانية ، خاصة وأن جلالة السلطان المعظم يحظى بتقدير بالغ وعميق من جانب قادة وشعوب الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة وخارجها.
وفي الوقت الذي تدعم فيه السلطنة التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في مختلف المجالات ، وبما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة لكل دول وشعوب المجلس فإنها لم تدخر وسعا في تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية حول كل ما يدعم التكامل بينها كما أن السلطنة تحرص على بذل كل ما تستطيع من جهد من أجل بناء أفضل العلاقات وتدعيمها بين مجلس التعاون وكل من الجمهورية اليمنية الشقيقة والجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة إدراكا لأهمية وضرورة ترسيخ سبل التعاون والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية بما يعود بالخير على كل دولها وشعوبها الآن وفي المستقبل.
وإلى جانب ذلك فإن للسلطنة دورا نشطا على الصعيدين العربي والإقليمي سواء في دعم القضايا العربية ومساندة كل ما يمكن أن يعزز فرص السلام والاستقرار وحل مختلف المشكلات العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية عبر السبل السلمية ووفق قرارات الشرعية الدولية ، أو بالنسبة لتوسيع وتعميق نطاق علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة لخدمة المصالح المشتركة والمتبادلة في كل المجالات حيث يحظى البعد التنموي للدبلوماسية العمانية باهتمام كبير، خاصة في علاقات السلطنة مع العديد من الدول الصديقة في آسيا وأفريقيا وأوروبا.
وفي هذا الإطار فإن الزيارات التي قام بها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى العديد من الدول الشقيقة والصديقة، وكذلك سلسلة الزيارات العديدة التي قام بها عدد كبير من القادة من مختلف مناطق العالم خلال الأشهر الماضية تشير على نحو واضح وعميق إلى ما يحظى به جلالة السلطان المعظم من تقدير عميق لدى قادة المنطقة والعالم، وإلى ما تحرص السلطنة على القيام به من جهد وإسهام إيجابي لدعم فرص الاستقرار والسلام وحل الخلافات بالطرق السلمية على كافة المستويات خليجيا وعربيا وإقليميا ودوليا من أجل أن تعيش شعوب المنطقة والعالم في سلام وطمأنينة .
جريدة الوطن
23/7/2010م
23/7/2010م