شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
لحظات مهمة في تاريخ المونديال - الحلقة الثالثة
كانت الحقبة الأولى من بطولات كأس العالم قد انتهت باندلاع الحرب العالمية الثانية لتتوقف تماماً كرة القدم في العالم، الأمر الذي أجبر الاتحاد الدولي لكرة القدم على إلغاء بطولتي عام 1942 و1946، وكادت فكرة إقامة كأس العالم أن تندثر بعد ذلك بسبب الدمار الذي حل بأوروبا عقب انتهاء الحرب، لدرجة أن الفيفا لم يجد أي استجابة له عندما طالب في مؤتمره غير الاعتيادي الذي أقيم عام 1946، الدول الراغبة في استضافة كأس العالم أن تتقدم بطلباتها، فبعد أن كانت الدول الأوروبية تتنافس على نيل شرف التنظيم، امتنعت هذه المرة لسببين هامين أولهما أن الدمار والخراب الذي تركته الحرب العالمية قضى على أي رغبة للاستمتاع بالرياضة وأثر بشدة على نفسية الشعوب في العالم بوجه عام وفي أوروبا بالأخص، أما السبب الثاني فهو أن جميع الدول الأوروبية لم يكن لديها أي أموال لتغطية نفقات البطولة وكانت تسعى جاهدة لتوفير نفقات إعادة الإعمار وهو ما جعل كرة القدم تأتي في المرتبة الثانية أو الثالثة أو حتى العاشرة لدى هذه الدول.
وكاد اليأس والإحباط أن يضربان جهود الفيفا لبث الحياة في بطولته الكبرى، لولا أن طوق النجاة جاء هذه المرة من البرازيل حيث أعلنت الحكومة البرازيلية موافقتها على استضافة أول مونديال يقام عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، شريطة أن يمنح الاتحاد البرازيلي لكرة القدم مهلة زمنية تستمر لأربع سنوات لكي يعد نفسه لاستضافة الحدث الكبير، وكان مسؤولو الاتحاد الدولي ينون أن تقام البطولة عام 1949 ولكن ونزولاً على رغبة البرازيليين فقد تم تأجيل البطولة عاماً واحداً لتقام سنة 1950.
وأراد مسؤولو الاتحاد الدولي وقتها أن ينشروا اللعبة في الدول التي لم تكن كرة القدم تحظى بشعبية كبيرة فيها، لذلك تم توجيه الدعوة إلى الهند وتركيا للمشاركة.
ولكن انسحبت تركيا لأسباب سياسية فقد كانت لازالت متأثرة من هزيمة حليفتها ألمانيا في الحرب، إضافة إلى أن تغير النظام السياسي في تركيا وقتها فرض على الأتراك عزلة إجبارية حتى يتم ترتيب البيت من الداخل في كافة المجالات.
خوض المنافسات بدون أحذية
وجاء الانسحاب الثاني من البطولة من جانب الهند التي كانت قد وافقت قبلاً على أن تخوض المنافسات إلا أن الاتحاد الهندي لكرة القدم تنبه إلى أمر بالغ الأهمية وهو أن اللاعبين الهنود دائماً ما يلعبون كرة القدم بدون أحذية وأنهم اعتادوا خوض المنافسات وهم حفاة لذلك أبلغ الهنود الفيفا بأن المنتخب الهندي سيلعب في كأس العالم بدون أحذية وهو الأمر الذي أثار استياء واستغراب الاتحاد الدولي الذي اشترط على الهند ارتداء الأحذية باعتبارها شرطاً هاماً ورئيسياً لممارسة اللعبة، هنا أعلن الاتحاد الهندي الانسحاب من البطولة، لأنه لا يملك ترف شراء أحذية جديدة للاعبيه.
والملاحظ في مونديال عام 1950 أن المنتخب الإنكليزي أنهى مقاطعته للبطولة وشارك لأول مرة بعد أن غاب عن الدورات الثلاث الماضية، إلا أنها كانت مشاركة باهته بعد أن خرج من الدور الأول باحتلاله المركز الثاني في مجموعته.
أما فرنسا فقد غابت عن المشاركة للمرة الأولى في تاريخها حيث كانت قد تأهلت للنهائيات عقب فوزها على يوغوسلافيا في مباراة حاسمة في التصفيات، ولكن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لفت انتباهه أن المسافة بين المدن البرازيلية المستضيفة لمباريات المجموعات التمهيدية ومباريات الأدوار النهائية تبلغ 3000 كيلو متر على الأقل، الأمر الذي كان سيعرض لاعبي فرنسا للإرهاق الشديد جراء السفر البري بين هذه المدن لذلك طالب الفرنسيون بإقامة البطولة في مدينة واحدة أو مدينتين متجاورتين وهو ما تم رفضه من قبل اللجنة المنظمة، فكان الرد الفرنسي هو الانسحاب والغياب للمرة الأولى عن المونديال.
وكادت إيطاليا أن تلتحق بقائمة الدول الممتنعة عن السفر إلى البرازيل بسبب عدم قدرة الاتحاد الإيطالي على تحمل نفقات السفر وتكاليف المشاركة خاصة أن إيطاليا كانت قد خرجت لتوها من وطأة الفاشية بعد انكسارها في الحرب، فما كان من الفيفا إلا أنه تكفل بكل نفقات السفر للمنتخب الإيطالي حفاظاً على سريان مبدأ عدم غياب حامل اللقب عن البطولة.
ويومها رفض لاعبو المنتخب الإيطالي السفر بالطائرة بعد الحادث المأساوي الذي تعرض له لاعبو فريق تورينو "الأشهر والأقوى والأفضل" في إيطاليا آنذاك عندما سقطت طائرتهم وتحطمت على جبال الألب في أيار / مايو عام 1949، لذلك سافر المنتخب الإيطالي إلى البرازيل على متن الباخرة "لوسيز"
نيلسون وبيكيل
وسيظل التاريخ يذكر أن السويدي إريك نيلسون والسويسري ألفريد بيكيل هما الوحيدان اللذان شاركا في كأس العالم قبل وبعد الحرب العالمية الثانية، كما أن هذه البطولة ضربت الرقم القياسي لعدد المتفرجين حيث حضر مباريات البطولة 1.337.000 متفرجاً وهو أحد أعلى المعدلات في تاريخ حضور مباريات كأس العالم فعلى الرغم من أنه توجد بطولات شهدت حضور عدد أكبر من الجماهير إلا أن رقم الحضور في بطولة 1950 تحقق في 22 مباراة فقط، بمتوسط 60.773 وهو رقم قياسي لم يتم كسره إلا بعد هذه البطولة بــ44 سنة وتحديداً في كأس العالم التي أقيمت عام 1994 في الولايات المتحدة الأمريكية والتي وصل فيها عدد الحاضرين إلى 3.587.538 مليون متفرج شاهدوا 52 مباراة بمتوسط حضور بلغ 68.991 متفرجاً.
وشهد مونديال 1950 مفاجأة صارخة تمثلت بفوز أمريكا على إنكلترا بهدف دون رد في مباراة الفريقين ضمن المجموعة الثانية في الدور الأول، والطريف أن المفاجئة سببت صدمة قاسية للصحافة الإنكليزية التي رفضت أن تصدق الخسارة واعتقدت في بادئ الأمر أنه هناك خطأ مطبعياً في البرقية التي حملت نتيجة المباراة إلى لندن وأن النتيجة الحقيقية هي فوز إنكلترا (10-1).
وبقدر حرص البرازيل على استضافة البطولة وتوفير جميع الإمكانيات لإعادة الحياة إلى كأس العالم بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، كانت صدمة البرازيليين في المباراة النهائية من البطولة عندما خسر راقصو السامبا بغرابة أمام الأوروغواي في الدور النهائي بهدفين مقابل هدف أمام 199.954 ألف متفرجاً اكتظت بهم مدرجات إستاد ماركانا الشهير في العاصمة البرازيلية وقتها ريو دي جانييرو.
ويعد هذا هو أكبر حضور جماهيري في تاريخ نهائيات كأس العالم لذلك كانت الصدمة عنيفة على هذا الجمهور الذي حضر وقتها لمشاهدة منتخب بلاده يحتفل بالفوز بأول بطولة عالمية في تاريخه فخرج محملاً بخيبة أمل كبيرة لم ينساها البرازيليين حتى الآن على الرغم من فوزهم بخمس كؤوس عالم بعد ذلك (1958 و1962 و1970 و1994 و2002).
العودة إلى سويسرا
وقررت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم منح سويسرا شرف تنظيم النسخة الخامسة من المونديال، وذلك احتفالاً بمرور الذكرى الخمسين لإنشاء الفيفا، كون سويسرا هي دولة المقر والتي شهدت انعقاد الجمعية العمومية الأولى للاتحاد الدولي في الحادي والعشرين من أيار / مايو عام 1904، والتي أقيمت في مدينة زيورخ.
وتتميز بطولة كأس العالم الخامسة أنها الأولى في التاريخ التي شهدت تغطية تلفزيونية لأحداثها كما أنها البطولة الأولى التي أصدرت لها خصيصاً عملات تذكارية، واعتمد الفيفا في مونديال 1954 لأول مرة نظام التصنيف الذي يقضي بتقسيم المنتخبات الستة عشر المشاركة إلى قسمين، الأول يضم منتخبات مصنفة، وهي الفرق صاحبة المشاركات السابقة والإنجازات في البطولات الأربع الأولى وهي منتخبات (النمسا – البرازيل – بريطانيا – فرنسا – المجر – إيطاليا – تركيا – الأوروغواي).
أما القسم الآخر فضم المنتخبات حديثة العهد بكرة القدم أو التي لم تشارك من قبل في البطولات السابقة والطريف أن هذا القسم ضم منتخب ألمانيا الغربية الذي فاز باللقب كما ضم منتخب إنكلترا أقدم وأعرق المنتخبات العالمية لأن هذه كانت المرة الأولى التي يشارك فيها في المونديال، على الرغم من أن المنتخب الإنكليزي خاض أول مباراة دولية في التاريخ وكانت ضد اسكتلندا وجرت في 20 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1872.
المعجزة والمعركة
وارتبط اسم العاصمة السويسرية "بيرن" بمباراتين من أهم المواجهات في تاريخ كأس العالم الأولى كانت في الدور ربع النهائي وجمعت بين المجر والبرازيل وسميت وقتها بمعركة بيرن بسبب الخشونة الزائدة التي تعامل بها لاعبو الفريقين مع بعضهم البعض والمشاحنات والمشاجرات التي حدثت بينهم منذ بداية المباراة وحتى بعد أن ترك اللاعبون الملعب واتجهوا إلى غرف خلع الملابس، لدرجة أنها كانت المرة الأولى التي يطرد فيها ثلاثة لاعبين في مباراة واحدة حيث طرد حكم اللقاء الإنكليزي أرثر إليس المجري بوسزيك والبرازيليين سانتوس وتوزي.
أما المباراة الأخرى التي لقبت بـ "معجزة بيرن" فكانت نهائي البطولة بين ألمانيا الغربية والمجر والتي تمكن فيها الألمان من قلب تخلفهم أمام المنتخب المجري الرهيب (0-2) إلى الفوز (3-2) في واحده من أكثر نهائيات كأس العالم إثارة وغرابة، وخلّد الألمان تلك المباراة في فيلم سينمائي يحمل اسم "معجزة بيرن" تم إنتاجه عام 2003.
(مبآريآت خآلدة في ذآكرة المونديآل)
نهائي كأس العالم 1966 بين إنكلترا وألمانيا الغربية
منذ أن شارك الإنكليز في كأس العالم للمرة الأولى عام 1950 حاولوا أن يبسطوا سيطرتهم على المونديال ويتوّجوا باللقب إلا أنهم فشلوا في البطولات المختلفة الواحدة تلو الأخرى، ففي بطولة 1950 ودّع المنتخب الإنكليزي المونديال من الدور الأول وفي كأس العالم عام 1954 خرج من ربع النهائي، ثم ودع البطولة من الدور الأول أيضاً في مونديال السويد 1958 أما مونديال تشيلي 1962 فكان أفضل حالاً بعد أن أنهى مشاركته عند ربع النهائي.
ووجد الإنكليز ضالتهم في مونديال 1966 والذي جرت أحداثه على أرضهم ووسط أنصارهم، وشعر الجمهور الإنكليزي أن الوقت قد حان للفوز باللقب العالمي، خاصة أنهم يمتلكون منتخباً قادراً على ذلك بقيادة قائد الفريق بوبي مور نجم وستهام يونايتد وقتها، بجانب عدد من أبرز اللاعبين الموهوبين أمثال المهاجمين هارست وهانت، إضافة إلى أحد أهم وأمهر اللاعبين في تاريخ إنكلترا وهو الأسطورة بوبي شارلتون لاعب مانشستر يونايتد آنذاك.
على الجانب الآخر كان المنتخب الألماني أيضاً فريقاً لا يستهان به، وحاولت ألمانيا الغربية بشتى الطرق أن تعيد لقب كأس العالم إلى خزائنها بعد أن حصلت عليه مرة واحدة فقط عام 1954.
وامتاز المنتخب الألماني هو الآخر بأنه ضم بين صفوفه نخبة من أفضل وأمهر اللاعبين وقتها بقيادة القيصر فرانتس بكينباور إضافة إلى لوثر إيميرتش وقائد الفريق ومهاجمه سيلير.
منتخبان متشابهان
وحتى المباراة النهائية كان الفريقان متشابهان في كل شئ أثناء البطولة، فكلاهما تصدر مجموعته برصيد خمس نقاط بعد أن حقق فوزين وتعادل في مباراة واحده، كما أن المنتخبين صعدا إلى المباراة النهائية بعد أن تخطيا عقبة منتخبين من أمريكا الجنوبية، إذ فاز المنتخب الألماني على الأوروغواي بأربعة أهداف مقابل هدف واحد بينما فازت إنكلترا على الأرجنتين بهدف وحيد دون رد، إضافة إلى أن الفريقين تأهلا إلى النهائي بعد أن فازا بنتيجة هدفين مقابل هدف في نصف النهائي، حيث فازت ألمانيا الغربية على الاتحاد السوفيتي (2-1)، بينما تخطت إنكلترا عقبة أبرز منتخبات البطولة البرتغال ونجمها إيزيبيو بالنتيجة ذاتها.
اختلاف الخطة والتكتيك
تشابه المنتخبان إذاً في كل شئ، عدا خطة اللعب فالمنتخب الألماني بقيادة مدربه هيلموت شون كان يعتمد على الطريقة الكلاسيكية المعتادة وقتها وهي (4-2-4) وهي طريقة هجومية بحته تعتمد على الأجنحة والكثافة العددية في خط الهجوم، بينما اعتمد السير ألف رامسي على خطة حديثه في ذالك الوقت ومتوازنة دفاعاً وهجوماً وهي (4-1-3-2) والتي كانت تعتمد على التأمين الدفاعي والكثافة في وسط الملعب، والطريف أن المنتخب الإنكليزي سُمي وقتها بالمنتخب "مكسور الجناحين" إذ أنه لم يعتمد على الاختراق عن طريق الأطراف وإنما من العمق ومن خلال الكرات العالية الساقطة داخل منطقة الجزاء.
وأقيمت المباراة وسط جماهير غفيرة امتلأت بهم مدرجات إستاد ويمبلي في لندن، بلغ عددها 98 ألف متفرج، وأدارها الحكم السويسري غوتفيرد دونست.
بداية ألمانية
وعلى الرغم من الجماهير الإنكليزية التي اكتظت بها مدرجات ويمبلي فإن لاعبي ألمانيا الغربية لم يتأثروا بذلك بل على العكس استهلوا المباراة مهاجمين بكل قوتهم الأمر الذي أصاب أصحاب الأرض بالارتباك وجعلهم ينكمشون دفاعاً عن مرمى حارسهم غوردان بانكس، وتعددت التصويبات بعيدة المدى على مرمى بانكس وهو ما لم يخطط له على الإطلاق السير رامسي الذي كان يتوقع أن يحاول الألمان الاختراق من العمق.
وسريعاً ما حصل المنتخب الألماني على مبتغاه بعد 12 دقيقة فقط عندما أرسل هيلد كرة عرضية داخل منطقة الجزاء الإنكليزية، فأبعدها راي ويلسون برأسه لتصل إلى هلموت هيلر الذي أطلق تصويبة مباشرة لتستقر الكرة في مرمى الحارس الإنكليزي بانكس بعد أن فشل المدافع القدير جاكي شارلتون في إبعادها فتقدمت ألمانيا بالهدف الأول.
تصميم إنكليزي
لم يهدأ أصحاب الأرض أبداً، وبدا وكأن منتخب ألمانيا الغربية قد استفز الأسد الإنكليزي الذي سرعان ما استعاد قدراته الهجومية وفي الدقيقة 19 ارتكب لاعب الوسط فولفغانغ أوفرات خطأً لتحتسب ركلة حرة مباشرة نفذها بإتقان ومهارة بوبي مور ومررها إلى هداف المنتخب الإنكليزي جيوف هيرست الذي حولها مباشرة برأسه إلى الشباك الألمانية محرزاً هدف التعادل.
وبدا للجميع وقتها أنهم أمام نهائي مختلف عن معظم النهائيات السابقة وأن كفتي المنتخبين متساويتين لدرجة صعب معها توقع من سيحسم اللقاء لصالحه، وبالفعل استمر التعادل الإيجابي حتى نهاية الشوط الأول، بل ومعظم فترات الشوط الثاني، الذي ضاعت فيه العديد من الفرص الخطرة على مهاجمي المنتخبين.
وحصل المنتخب الإنكليزي على ضربة ركنية في الدقيقة 77، انبرى لها ألان بول ولعبها بإتقان لتصل إلى نجم المنتخب الإنكليزي هيرست فلعبها الأخير بمهارة وذكاء مباشرة في المرمى لترتد من أقدام المدافعين الألمان وتصل إلى لاعب الوسط مارتن بيترز الذي كان خالياً تماماً من الرقابة على بعد ثماني ياردات من المرمى فسدد الكرة بعنف لتستقر في شباك الحارس الألماني تلكوفيسكي فتقدمت إنكلترا في الوقت القاتل بهدفين مقابل هدف.
الماكينات لا تستسلم
انفجرت مدرجات إستاد ويمبلي فرحاً وسعادة ولم لا وقد شعر الجميع أنه أخيرا سيذهب اللقب إلى خزائن مخترعي كرة القدم، كل من في الملعب شعروا بذلك إلا احد عشر شاباً ألمانيا
لم يدب اليأس في قلوبهم وكانت اللحظة التي اهتزت فيها شباكهم هي نفس اللحظة التي استجمعوا فيها قواهم ونظموا صفوفهم وانطلقوا من جديد يبحثون عن هدف التعادل.
وتعددت محاولات التعادل بدون ملل أو يأس من الجانب الألماني وانطلق بكينباور ورفاقه صوب مرمى بانكس بحثاً عن هدف الإنقاذ، وأخيراً حدث ما اجتهد من أجله منتخب ألمانيا الغربية ولكن متى؟ في الدقيقة الأخيرة، فعندما كان مدرب إنكلترا وأحد عمالقة التدريب في تاريخ كرة القدم العالمية السير ألف رامسي يهيئ نفسه للسلام على الملكة إليزابيث ملكة إنكلترا ومعانقة الكأس الغالية، فاجأ المدافع الألماني وولفغانغ ويبر الجميع بإحرازه هدف التعادل للماكينات الألمانية وسط ذهول وصدمة الجمهور الإنكليزي.
وانتهى الوقت الأصلي بالتعادل (2-2) فلعب المنتخبان شوطين إضافيين، فكان نهائي مونديال 1966 هو الثاني الذي يتم الاحتكام فيه إلى وقت إضافي منذ انطلاق كأس العالم عام 1930 وكان الأول هو نهائي مونديال 1934 بين إيطاليا وتشيكسلوفاكيا والذي انتهى بفوز إيطاليا (2-1) والطريف أنه في المرتين كان أحد طرفي اللقاء النهائي هو منتخب الدولة المنظمة.
لحظة تاريخية
وبعد مرور إحدى عشرة دقيقة على بداية الشوط الإضافي الأول انطلق ألان بول ومرر كرة عرضية إلى هيرست الذي امتصها بمهارة ثم أطلق قذيفة صاروخية ارتطمت بالقائم ونزلت على خط المرمى... هنا وفي تلك اللحظة احتبست أنفاس كل من في الملعب وسكت الجميع وكأنها لحظة صمت إجبارية فقد كان السؤال وقتها "هل تجاوزت الكرة خط المرمى أم لا؟"، إذ كانت الكرة سريعة وخاطفة، فأدرك الجميع أنهم أمام لحظة تاريخية بطلها هو حكم اللقاء غوتفريد الذي تحتم عليه اتخاذ قراراً سريعاً ظل محل جدل واختلاف بين جميع عشاق ومحبي كرة القدم إلى الآن، فقد ذهب غوتفريد بسرعة إلى حامل الراية وهو الحكم السوفيتي توفيق باخراموف، فأشار الأخير ودون تردد إلى دائرة منتصف الملعب معلناً تقدم المنتخب الإنكليزي بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وسط اعتراض واحتجاج لاعبي المنتخب الألماني.
استقبل لاعبو المنتخب الإنكليزي وأنصاره هذا الهدف بفرحة غامرة ولكنها ممزوجة بالحيطة والحذر خوفاً من أن يكرر الألمان فعلتهم ويفسدوا الاحتفال الإنكليزي في اللحظات الأخيرة، ولكن هذه المرة لم يتمكن رجال ألمانيا الغربية من تصحيح أوضاعهم، فبعد أن انطلق جميع اللاعبين الألمان صوب مرمى إنكلترا بحثاً عن هدف التعادل، انكشف تماماً الدفاع الألماني أمام أصحاب الأرض واستغل القائد المحنك بوبي مور ذلك بذكاء وإبداع فأرسل تمريرة عالية ضربت دفاعات ألمانيا وتهيأت أمام الهداف القدير هيرست فاستلمها الأخير بهدوء وثقة وسدد في المرمى محرزاً الهدف الرابع لإنكلترا، فأدرك الجميع وقتها أن اللقب ذهب إلى الجزر البريطانية لأول مرة في تاريخ البطولة.
وبالفعل أطلق حكم اللقاء السويسري دينست غوتفريد صافرته أخيراً معلناً فوز المنتخب الإنكليزي بالمباراة النهائية بأربعة أهداف مقابل هدفين، وسط جدل مستعر حول صحة الهدف الثالث للمنتخب الإنكليزي ليس فقط بين الجماهير التي حضرت اللقاء أو في الصحف التي صدرت في اليوم التالي للمباراة النهائية، بل أيضاً بين ما يقرب من 400 مليون مشاهد تابعوا نهائي مونديال 1966 عبر شاشات التلفاز في جميع أنحاء العالم.
جــمـيع الـحـقوق محفوظـه لـدى( مـنتديـآت البــريـمي)
شـــــوووق قــــــــطــــــــر