شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم، التي تستضيفها جنوب أفريقيا في الفترة الممتدة بين 11 حزيران/يونيو و11 تموز/يوليو القادمين.
ولاشك فإن تحضيرات الجماهير العربية للبطولة العالمية كانت سباقة كالعادة، حيث سارع كل منهم لشراء علم منتخبه المفضل، أو القميص الخاص به بالإضافة إلى "الإكسسوارات" المرافقة، وذلك للدلالة إلى دعمهم لهذا المنتخب أو ذاك.
ولم يقتصر الأمر في هذا العام على المنتخبات الكبيرة كالبرازيل (صاحبة خمسة ألقاب سابقة)، وإيطاليا (بطلة النسخة الأخيرة، وحاملة أربعة ألقاب)، وألمانيا (ثلاث ألقاب)، والأرجنتين (لقبان)، وإنكلترا وفرنسا (لقب واحد لكل منهما)، وهولندا وإسبانيا، بل هناك أيضاً دعم كبير للمنتخب الجزائري الممثل الوحيد للكرة العربية.
وكما في كل استحقاق كروي كبير، بدأ المحللون والمتابعون لشؤون وشجون كرة القدم بترشيح من برأيهم سيحصد في النهاية اللقب الغالي، معتمدين بذلك على مستوى الفريق، ونتائجه، وأسماء لاعبيه، وجهازه الفني، وتاريخه، والمجموعة التي أوقعته القرعة فيها، وحظوظه بتحقيق النتائج الإيجابية.
لكن وللوصول إلى النتائج الحقيقية ولمعرفة من سيكون البطل، فإن كل ما سلف، قد لا يكون معياراً، لاسيما أن من يعرف كرة القدم معرفة جيدة، يعلم أن لا أحد يستطيع التنبؤ في عالم المستديرة، باعتبار أن النتائج لا تحسم إلا على المستطيل الأخضر بأقدام ورؤوس اللاعبين، وأحياناً بصافرة حكم.
غير أن ذلك لا يمنع من التعرف على المنتخبات الـ32 المشاركة في كأس العالم، وحظوظ كل منها، وأبرز اللاعبين الذين سيمتعوننا على امتداد شهر كامل.
قُسمت المنتخبات الـ32 المشاركة في الـ"مونديال" إلى ثماني مجموعات، كل منها تضم أربعة منتخبات. وقد روعي خلال القرعة عدم وقوع منتخبان من قارة واحدة في المجموعة نفسها (باستثناء أوروبا).
وسوف ننشر تقاريراً عن هذه المجموعات على مدى أربع حلقات، حيث سنتطرق في كل حلقة لمجموعتين.
المجموعة الأولى
رغم التعثر الذي لاحق المنتخب الفرنسي خلال التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم، واحتياجه إلى خوض الملحق الفاصل مع جمهورية ايرلندا، وتسجيله هدفاً إثر لمسة يد من تييري هنري للكرة التي مررها إلى ويليام غالاس، ما منحه التأهل، فإن القرعة جاءت نوعاً ما في صالحه، حيث لم توقعه مع أي منتخب من الكبار.
ورغم استبعاد نجم ريال مدريد الإسباني كريم بنزيمه، فإن "منتخب الديوك" يمتلك كل المفاتيح التي تخوّله اجتياز الدور الأول دون عوائق، فخطوطه مكتملة ولا يشكو من الإصابات ولديه مدرب خبير هو ريمون دومينيك، الذي وإن اختلف حوله الكثيرون فهو يبقى من المدربين الأكفاء.
وتزخر صفوف المنتخب الفرنسي بترسانة كبيرة من الأسماء كـ تييري هنري، وفرانك ريبيري، ونيكولا انيلكا، وغيرهم من النجوم التي تسطع في سماء الملاعب العالمية.
لكن العقبة الوحيدة التي تقف في وجه الفرنسيين هي الفضيحة التي عصفت بهم خلال الأسابيع الماضية وكان أبطالها أربعة من "الديوك".
وكانت الصحف الفرنسية قد نشرت تحقيقات للشرطة مع فتاة، تعمل في مجال الدعارة السرية، اعترفت خلالها بأنها أقامت علاقات مع كل من نجم بايرن ميونخ الألماني فرانك ريبيري، ولاعب ليون الفرنسي سيدني غوفو، وبنزيمه، ولاعب مرسيليا الفرنسي حاتم بن عرفة قبل إتمامها الثامنة عشرة من عمرها.
أما منتخب جنوب أفريقيا، فهو سيعوّل بشكل أساسي على جماهيره التي ستكون اللاعب الثاني عشر. وما قدمّه خلال بطولة القارات التي استضافها خلال العام الماضي استعداداً لكأس العالم يعكس مستوى جيداً، رغم أنه خسر أمام البرازيل العريقة (0-1)، وإسبانيا القوية (0-2).
وتاريخياً لم يخفق أي من منتخبات الدول المضيفة في عبور الدور الأول خلال جميع البطولات الـ18 السابقة لكأس العالم، وهو ما يجعل التأهل غير بعيد عن أصحاب الأرض، إذا عرفوا كيفية حصد النقاط، والتعامل مع كل مباراة على حدا، بالاعتماد على حنكة المدرب الخبير البرازيلي كارلوس البرتو باريرا الذي قاد المنتخب البرازيلي للفوز بلقب البطولة في العام 1994 في الولايات المتحدة الأميركية.
سادس مشاركة لباريرا كمدرب في بطولات العالم بعدما قاد أربعة منتخبات مختلفة في خمس بطولات سابقة (الكويت 1982)، (الإمارات 1990)، (البرازيل 1994 و2006)، (السعودية 1998).
ولا يقل منتخب المكسيك شأناً عن سابقيه وقد يكون له كلمته، لاسيما أن صفوفه تضم مزيجاً من اللاعبين الشبان الطموحين والنجوم الكبار المخضرمين.
فقد طعم المدرب خافيير اغيري منتخبه بمجموعة من الشبان في بداية العشرينيات من العمر ويبرز من بينهم حارس المرمى جييرمو أوتشوا (24 عاماً) واللاعبين إيفرين خواريز (22 عاماً)، هيكتور مورينو (22 عاماً) جوناثان دوس سانتوس (20 عاماً)، أندريس جواردادو (23 عاماً)، جيوفاني دوس سانتوس (21 عاماً)، وكارلوس فيلا (21 عاماً)، بابلو باريرا (22 عاماً)، وخافيير هيرنانديز (22 عاماً).
ويحلم المنتخب المكسيكي بتحقيق إنجاز تاريخي يتخطى ما حققه في العامين 1970 و1986، عندما وصل إلى الدور ربع النهائي عندما كانت النهائيات على أرضه. خاصة أنه لم يتجاوز الدور الثاني في كل النسخات التي شارك بها، وكانت تقام خارج ملاعبه.
من جهته يسعى منتخب أورغواي إلى استعادة أمجاد الماضي الغابر حينما رفع لاعبوه الكأس العالمية في العامين 1930 و1950. لكن مهمته تعتبر صعبة لأنه سيواجه أخصاماً ليست سهلة على الإطلاق.
ويعتمد أوسكار تاباريز مدرب منتخب أورغواي على مجموعة من اللاعبين معظمهم من المحترفين خارج حدود البلاد، مثل لويس سواريز نجم اياكس أمستردام الهولندي ودييغو فورلان مهاجم أتلتيكو مدريد الإسباني وإدينسون كافاني لاعب باليرمو الإيطالي.
ويعلم تاباريز جيداً أن مهمته لن تكون سهلة، لاسيما أن نتائجه في التصفيات لم تكن مشجعة، خصوصاً أن تأهله جاء من المركز الأخير.
المجموعة الثانية
يعتبر المنتخب الأرجنتيني من أبرز المرشحين للتأهل عن هذه المجموعة، ليس ذلك فحسب، وإنما هو مرشح أساسي للظفر باللقب في 11 تموز/يوليو عند إطلاق الصافرة النهائية للبطولة.
ولا يختلف اثنان على أن منتخب "التانغو"، يشكل قوة ضاربة لكافة دفاعات المنتخبات المقابلة، باعتبار أن صفوفه تضم أفضل لاعب في العالم للعام الحالي، وأحد أبرز من أنجبتهم الملاعب في السنوات الماضية، ليونيل ميسي نجم نادي برشلونة الإسباني.
ولا يقتصر الأمر على ميسي النسخة الجديدة من "المارد القصير" وهو لقب المدرب الحالي للمنتخب الأرجنتيني وأسطورته الراسخة في أذهان كل عاشقي كرة القدم، دييغو ارماندو مارادونا، لأن الكتيبة الأرجنتينية مجهزة بكل الأسلحة اللازمة لكسب المعركة الكروية، بدءاً من الحارس سيرخو روميرو مروراً بالمدافعين والتر صامويل ومارتين ديميكيليس، وخوان سيباستيان فيرون وخافيير ماسكيرانو وخافيير ماسكيرانو في خط الوسط ووصولاً إلى دييغو ميليتو وغونزالو هيغواين وكارلوس تيفييز وسيرخيو أغويرو في الهجوم.
ورغم أن لاعبي مارادونا حجزوا بطاقتهم لكأس العالم بشق الأنفس، بعدما ظهروا بمستوى متواضع خلال التصفيات، حيث كانت صفوفهم مفككة بشكل واضح، نتيجة لعدم الانسجام، وعدم ظهور ميسي بالشكل الذي يقدمه مع فريقه برشلونة، فأن راقصي التانغو لن يفوتوا الفرصة عليهم للفوز بالكأس الغالية للمرة الثالثة في تاريخهم، بعدما كان مدربهم رفعها قبلهم في العام 1986.
وقد يكون الخصم الأصعب للأرجنتين هو المنتخب اليوناني الذي فاجأ الجميع في العالم 2004 بفوزه بلقب بطولة كأس أمم أوروبا.
وشهدت الكرة اليونانية منذ ذلك الحين تطوراً لافتاً إن على صعيد المنتخب أو الفرق التي تشارك في مسابقتي دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي.
ويدير المنتخب "الإغريقي" واحداً من أفضل المدربين على الساحة العالمية هو الألماني اوتو ريهاغل الذي يمتلك خبرة واسعة في الملاعب تجعله قادراً على تحليل الخصم، ومعرفة كيفية التعامل مع كل مباراة وظروفها.
وهو الظهور الثاني لليونان في المونديال، بعد تجربة أولى فاشلة كانت في العام 1994، عندما خسر مبارياته الثلاث في الدور الأول دون تسجيل أي هدف، بينما استقبلت شباكه عشرة أهداف كان منها أربعة أهداف في مباراته الافتتاحية أمام المنتخب الأرجنتيني بقيادة مارادونا "اللاعب"، ما يجعل المباراة ثأرية.
ويعتمد ريهاغل في أسلوبه على الطريقة "الإيطالية" في اللعب، فهو يتكل على الدفاع المحكم الإغلاق، لتأمين عدم هز شباكه، واستغلال أخطاء الخصم، لشن الهجمات المرتدة وخطف الأهداف، مستفيداً من سرعة عناصره الشابة التي ضمها لتشكيلته، بالإضافة إلى أصحاب الخبرة كالمهاجم المخضرم تيوفانيس جيكاس الذي تصدر هدافي التصفيات الأوروبية المؤهلة لمونديال 2010 برصيد عشرة أهداف في 11 مباراة، وأنجيلوس كاريستياس صاحب الهدف الذي أهدى اليونان اللقب الأوروبي.
ولا يستبعد أن يشكل منتخب كوريا الجنوبية مطباً للفرق الطامحة بالوصول إلى الدور الثاني. خصوصاً إذا ما كرر ما فعله في العام 2002، عندما استضاف البطولة بالاشتراك مع اليابان، حينما أقصى إيطاليا وإسبانيا ووصل إلى الدور نصف النهائي وحل رابعاً خلف البرازيل وألمانيا وتركيا على التوالي.
ويسعى المنتخب الكوري الجنوبي إلى محو الصورة السيئة التي ظهر بها خلال بطولة العام 2006 التي أقيمت في ألمانيا، عندما ودّعها من الدور الأول.
ويعتبر "النمر الكوري" أكثر المنتخبات الآسيوية مشاركة في بطولات كأس العالم (8 مشاركات)، والأكثر نجاحاً (المركز الرابع)، وهو لا يمني النفس باللقب على حد تعبير مدربه هوه جونغ موو الذي قال: "دعونا ننهي الدور الأول بنجاح، وثم نتحدث عن أهدافنا".
ولن يكون المنتخب النيجري الحلقة الأضعف في المجموعة، فهو لا يقل شأناً عن منافسيه، علماً أن تأهله جاء بسبب إخفاق المنتخب التونسي خلال التصفيات الأفريقية، حيث كان الأخير بحاجة للتعادل بأية نتيجة أمام موزامبيق المتواضع جداً لتضمان تأهله إلى المونديال، لكن المنتخب العربي خسر (0-1)، في الوقت الذي فاز فيه المنتخب النيجيري (3-2) على نظيره الكيني ليظفر بمقعد له في جنوب أفريقيا.
ويمني الاتحاد النيجيري النفس ببلوغ المربع الذهبي، وهو ما طُلب من المدرب لارس لاغرباك الذي قال: "نيجيريا لديها فرصة جيدة لتقديم عروض ونتائج جيدة في كأس العالم. اللاعبون كلهم إصرار على تحقيق نتائج طيبة وإيجابية في المونديال، وإذا لم تكن لديك الثقة في قدرتك على الفوز بالمباريات في بطولة ما، سواء كفريق أو كمدرب، فإنك لا تستحق المشاركة في البطولة، لذا أنا أرى أن نيجيريا ستصل إلى أدوار متقدمة".