شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
على الرغم من أن عجلة تنظيم بطولات كأس العالم كانت قد دارت فإن ذلك لم يعني إطلاقاً أن البطولة الثانية كانت ستنطلق عام 1934 بدون أي عقبات. ويمكن القول أن السياسة عرفت طريقها إلى كرة القدم مبكراً جداً وبداية من التحضيرات لتنظيم مونديال 1934.
ويعتبر بينيتو موسوليني رئيس إيطاليا في ذلك الوقت هو أول من أقحم السياسة في كرة القدم؛ حيث عمد إلى طلب استضافة كأس العالم وهو طلب قوبل بالرفض الشديد من قبل العديد من الدول والحكومات الأوروبية نظراً لمقاطعتها لموسوليني ولنظامه الفاشي الذي كان يسيطر على إيطاليا آنذاك.
ويعتبر مونديال 1934 هو الأول الذي يشهد جدلاً حاداً في تنظيمه حيث انعقدت الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم في العاصمة السويدية ستوكهولم للتصويت على الدولة المنظمة للمونديال ووقتها أعيد التصويت ثماني مرات حتى نجحت إيطاليا في الفوز بشرف التنظيم بصعوبة بالغة وذلك في التاسع من تشرين الأول / أكتوبر عام 1932، ورصدت الحكومة الإيطالية وقتها 3.5 مليون ليرة للتنظيم.
ويمكن القول أن كأس العالم الثانية هي الوحيدة التي شهدت خوض الدولة المنظمة للتصفيات المؤهلة، حيث خاض الإيطاليون مباراة مصيرية أمام المنتخب اليوناني للتأهل للمونديال، والطريف أن معظم الدول الأوروبية كانت تتمنى فوز المنتخب اليوناني حتى تحرم إيطاليا من اللعب في المونديال وبالتالي من استضافة البطولة، إلا أن المنتخب الإيطالي خيب آمال الجميع وحقق فوزاً كبيراً على نظيره اليوناني برباعية نظيفة.
وبعيداً عن قصة تنظيم البطولة فإن هذا المونديال هو الأول الذي شهد إقامة تصفيات تأهيلية وذلك بسبب ارتفاع عدد الدول المشاركة إلى 32 دولة خاضت جميعها التصفيات بنظام خروج المغلوب وتأهل ستة عشر فريقاً بعد ذلك للنهائيات.
ولم تشهد هذه البطولة مشاركة الأوروغواي التي أرادت أن ترد التحية للمنتخبات الأوروبية التي امتنعت عن السفر إلى أميركا الجنوبية لخوض غمار البطولة الأولى، كما أن المنتخب المصري أصبح أول المنتخبات الأفريقية والعربية التي شاركت في التصفيات بعد أن نجح في تخطي عقبة المنتخب الفلسطيني بسهولة في مباراة انتهت لصالح المصريين بسبعة أهداف مقابل هدف.
واستمر غياب المنتخبات البريطانية عن المونديال؛ حيث فضلت منتخبات إنكلترا واسكتلندا وأيرلندا بالإضافة إلى ويلز المشاركة في بطولة قومية تجمع هذه المنتخبات واعتبر البريطانيون "مخترعو اللعبة" أنهم أقوى وأكبر من أن يشاركوا في بطولة عالمية تجمع منتخبات حديثة العهد وقتها بكرة القدم.
ظاهرة لويس مونتي
وسيظل التاريخ يشهد أن لويس مونتي هو أول لاعب مجنس في عالم كرة القدم، حيث أنه شارك في كأس العالم الأولى عام 1930 ووصل إلى المباراة النهائية مع الأرجنتين، ثم حصل على الجنسية الإيطالية قبل كأس العالم الثانية وشارك مع الأزوري وتوّج معه بلقب البطولة ليصبح أول لاعب يلعب في كأس العالم مع بلدين مختلفين كما أنه اللاعب الوحيد في تاريخ كأس العالم الذي خاض نهائيين متتاليين مع بلدين مختلفين، فسجل بذلك أسمه بأحرف من ذهب في تاريخ بطولات كأس العالم بل وتاريخ كرة القدم بوجه عام.
وولد مونتي في الخامس عشر من أيار / مايو لعام 1901 في العاصمة الأرجنتينية بونيس أيريس وبدأ حياته في الملاعب محترفاً في فريق أوركان عام 1921 ثم انتقل إلى بوكا جونيورز ومنه إلى سان رونزو الذي قاده للفوز ببطولة الدوري الأرجنتيني أعوام 1923 و1924 و1927، كما شارك مع المنتخب الأرجنتيني في بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية عام 1927.
الفوز أو الموت
وكعادة البطولتين السابقتين، شهد مونديال عام 1938 جدلاً تنظيمياً، وذلك عندما قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم على هامش فعاليات أولمبياد عام 1936 أن تتولى فرنسا استضافة وتنظيم المونديال الثالث عام 1938، وهو ما أغضب دول أميركا الجنوبية التي كانت تتوقع أن تستضيف كأس العالم عملاً بمبدأ المداورة، إلا أن توقعاتها خابت لتنسحب "كالعادة" معظم دول أميركا الجنوبية من البطولة وفي مقدمتها الأوروغواي، بينما قررت البرازيل المشاركة وواصلت دول أميركا الشمالية ممثلة في المكسيك وكوبا مشاركتها المنتظمة، بينما شهد العالم الظهور الآسيوي الأول في المونديال عن طريق منتخب إندونيسيا التي شاركت تحت اسم "جزر الهند الهولندية"، بينما غابت الدول الأفريقية تماماً عن الحدث العالمي.
وبدا أن كأس العالم بكل ما فيه من أحداث وفعاليات أصبح الشغل الشاغل لموسيليني حاكم إيطاليا، فقد اجتمع "الدوتشي" بلاعبي الأزوري قبل السفر إلى فرنسا وحثهم على الحفاظ على لقب البطولة، وهو ما بدا أمراً مقبولاً، ولكن هذا الأمر تطور إلى قرار وتهديد ووعيد وليس مجرد طلب ورجاء، فعندما وصلت إيطاليا إلى النهائي وجدت نفسها وجهاً لوجه أمام منتخب المجر الرهيب الذي قدم أداءً لافتاً واكتسح جزر الهند بستة أهداف دون رد في الدور الأول ثم فاز على سويسرا بثنائية نظيفة في ربع النهائي قبل أن يسحق السويد بخمسة أهداف مقابل هدف في نصف النهائي، وقتها أرسل موسيليني برقية واضحة المعالم ولا تتحمل أي تأويل للاعبي منتخب بلاده تقول " أيها اللاعبون .. إما الفوز أو الموت .. النصر لإيطاليا".
وبالفعل فاز المنتخب الإيطالي على نظيره المجري (4-2) في النهائي، وهو ما دفع أنتال سزابو حارس مرمى المجر وقتها ليقول بسخرية شديدة: "بالفعل لقد خسرنا أمام إيطاليا في النهائي ولكننا من جهة أخرى أنقذنا حياة أحد عشر رجلاً إيطالياً".
ويبدو أن سزابو لم يكن الوحيد الذي تعاطف مع موقف الإيطاليين الصعب، ففي الدور نصف النهائي من البطولة ذاتها أقدم المدير الفني للمنتخب البرازيلي أديمار بيمنتا على أغرب قرار فني في تاريخ بطولات كأس العالم عندما قرر إراحة نجمه وهداف البطولة ليونيداس الذي كان قد أحرز في الأدوار الأولى ستة أهداف، من مواجهة إيطاليا في نصف النهائي حتى يكون مستعداً للمباراة النهائية، في تصرف بالغ الغرابة قوض من قدرة البرازيل الهجومية وأراح مدافعي إيطاليا وحارس مرماهم ففاز الأزوري بهدفين مقابل هدف.
والطريف أن ليونيداس عاد وأحرز هدفين في مرمى السويد في مباراة تحديد الثالث والرابع التي انتهت بفوز البرازيل (4-2) وحصولها بالتالي على المركز الثالث.
وفي النهاية يمكن القول أن هذه كانت أهم أحداث وطرائف الحقبة الأولى من المونديال والتي شهدت إقامة ثلاث بطولات قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية في الأول من أيلول/سبتمبر عام 1939 أي بعد عام واحد من نهاية مونديال فرنسا، لتتوقف كرة القدم بل والرياضة عموماً في العالم أجمع، ويتحول اللاعبون إلى جنود يستبسلون في الدفاع عن أوطانهم بعدما كانوا يدافعون عن نظافة شباكهم في الملاعب الخضراء.
((جــمــيع الــحــقــوق مــحـفوظــه لدى منتديآت البريمي))
شـــــــــووق قــطـــــــــــــر