a picky girl
¬°•| مُشرِِفَة سابقة |•°¬
'جزيرة الأقزام' هو اسم مقهى مصري من نوع خاص، إذ يقتصر عماله على 'قصار القامة' الذين نجحوا في جذب الزبائن إلى طاولاتهم الصغيرة المصممة لتناسب طول العاملين، الذين لا تتعدى قاماتهم الـ85 سنتيمتراً.
صاحب المقهى هو مرشد سياحي في أواخر العشرينات من العمر، يؤكد عدم سعيه للكسب التجاري من المكان، خاصة أن ميزانيته بالكاد تغطي رواتب العاملين فيه.
ويتذكر الحادثة التي دفعته لإنشاء المقهى، قبل أربعة أشهر تقريباً، حينما حينما رأى قزماً يسير مع زوجته فتهجم عليه بعض الصبية وظلوا يقذفونه بالطوب ويسخرون منه، ويقول 'كان هذا أكبر دافع لي لإنشاء هذا المقهى، فضلاً عن ارتباطي بصديق قزم عشت معه معاناته اليومية'.
كما اتفق مع محامٍ لإشهار جمعية 'قصار القامة' تتولى مساعدتهم على الاندماج في المجتمع بصورة إيجابية لتكسر حالة الخوف الرهيب التي تتملكهم عندما يختلطون بالناس، ما يدفعهم في أحيان كثيرة للانعزال ورفض الخروج إلى الشارع الذي يستهزئ بهم، حتى إن كثيراً منهم لا يستكملون تعليمهم أو يتسربون قهراً من التعليم.
وروى صاحب المقهى الصعوبات الكبيرة التي واجهته في تدريب الأقزام على خدمة الزبائن، 'فمتوسط أطوالهم تتراوح ما بين 76 و85 سنتيمتراً، وهناك بعض الطاولات الطويلة على أجسامهم وأيديهم صغيرة، لذلك حاول تصميم طاولات قصيرة بحيث يستطيع القزم تقديم الطلبات للزبائن بسهولة'.
ويتقاسم العمل بالمقهى ثمانية 'أقزام'، بينهم ستة ذكور وفتاتان، من هؤلاء محمد عزو الشهير بـ'بوجي'، وهو في الـ23 من العمر، يرتدي زي المقهى الرسمي البرتقالي اللون، يتذكر خشيته في السابق من العمل خوفاً من سخرية الناس، لكن تشجيع والده دفعه للمبادرة، إذ أن الحل 'ليس في العزلة والانطواء، لأن الحياة مليئة بالصعوبات، والاستسلام ليس الحل'.
أما محمد المصري، فيتولى 'تقديم المشروبات والمأكولات في المقهى'. إلا أنه لا ينسى شغفه بالإعلام، الذي يحمل شهادته الجامعية بتقدير جيد جداً، مع أمنية أن يكون مذيعاً، وتكون معاناة الأقزام أول قضية يطرحها في برنامجه'. ويقول المصري 'نعيش في عالم مظلم تضيع فيه مطالبنا فلا أحد يهتم باحتياجاتنا على عكس المعاقين الذين يمثلون 5% من السكان'، مطالباً المجتمع بأن يغير نظرته للقزم، 'فهو إنسان وليس كائناً غريباً يثير السخرية'.
كذلك تعمل في المقهى هالة حمدي، وهي فتاة أتت من محافظة الإسكندرية بحثاً عن لقمة العيش، حاملة دبلوم تعليم متوسط. أما طريقها إلى المقهى فكان عبر أحد زملائها في مسرحية كانت تقدمها على خشبة المسرح القومي للطفل، مضيفة أن تصميم المقهى شدها لأنه يتلائم مع الأقزام، 'فالطاولات قصيرة تساعد على وضع الطلبات للزبائن عليها بسهولة'، مشيرة إلى أن المقهى 'ربما يغير المفهوم السائد عن القزم بأنه شاذ عن المجتمع'.
وأشارت إلى أن هذه التجربة 'أفادتنا في التعامل الشخصي مع الآخرين بصورة مستمرة، خاصة أن الناس كانوا عندما يرونني في الطريق يصابون برهبة وكأنني أعاني من عيب خلقي!'.
أما عبدالرحمن إبراهيم، الشهير بـ 'سلطان الشيشة' لم يكمل تعليمه واكتفى بالإعدادية، إذ كان يفضل العزلة عن الناس 'لأنهم يسخرون مني ويضحكون عليّ، ولكني وجدت في المقهى أغلب الزبائن يتعاملون معنا معاملة طيبة'.