بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيد ولد آدم أجمعين
وآله وصحابته أجمعين
أما بعد .........،
إخواني في الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أستطيع يوما أن أنسى تلك الكلمات القليلة المباني
العظيمة المعاني التي وردت في قوله تعالى عن نبيه العظيم
عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام
حين قال لقومه
(( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً
بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ
بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ )) (الصف:6)
لا أنسى أبدا كيف تجرأ هؤلاء على ذلك النبي الذي كان
مولده معجزا
(( إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من
تراب ثم قال له كن فيكون ))
ولا أنسى كلماته وهو في المهد يقول لقومه :
(( فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً *
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً *
فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً *
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً
أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً *
وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً * وَالسَّلامُ عَلَيَّ
يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً )) (سورة مريم )
وأستحضر هنا موقفا عجيبا
حصل مع نبي عظيم من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام
ألا وهو موسى عليه السلام مع قومه الذين قست قلوبهم
وآذوا نبيهم
(( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي
رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ
لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )) (الصف:5)
ومع ذلك تمحلوا دور المتابعين له
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال :قدم
النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى
اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال ما هذا
قالوا هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله
بني إسرائيل من عدوهم
فصامه موسى قال
((فأنا أحق بموسى منكم ))
فصامه وأمر بصيامه
متفق عليه
وقد رأيت أن هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم لعيسى عليه السلام
قد آذوه أشد الأذية فأعداؤه اليهود هموا بقتله
فأنجاه الله من كيدهم
أما أتباعه فغلوا فيه حتى جعلوه ربا معبودا من دون الله
قال سبحانه
(( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي
وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا
لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ
مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ
أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا
تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ )) (سورة المائدة)
فكانت هذه هي أشد الأذية له عليه الصلاة والسلام
وعدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم أذية أخرى
له وهو الذي جاء مبشرا به بكل ما تحمله كلمة البشرى
من الابتهاج به والمحبة له والاعتراف بفضله
ومع ذلك لم يرعوا ذلك النبي العظيم من أنبياء الله
فآذوا كما آذى أعداؤه نبي الله موسى من قبله
فقلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في موسى
(( نحن أولى بعيسى عليه السلام منكم يا عباد الصليب ))
سمعت كغيري إقدام الدنمارك على الإساءة لنبي الله عيسى
عليه الصلاة والسلام حيث يقيمون معرضا إباحيا
ويقوم أحد المشاركين بتقليده وهو يرتدي ملابس إباحية فاضحة
على حد ما وصلنا من أخبار
وهنا نقول لهم يا أعداء الله
نحن أولى بعيسى منكم
يقول الله تعالى فيه
(( إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ
الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ *
وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ ))
(سورة آل عمران)
فعيسى عليه السلام خلقه الله وجيها
قال ابن جرير الطبري رحمه الله
(( ...يعني بقوله"وجيهًا"، ذا وَجْهٍ ومنزلة عالية
عند الله، وشرفٍ وكرامة. ومنه يقال للرجل
الذي يَشرُف وتعظمه الملوك والناس"وجيه"،
يقال منه:"ما كان فلان وَجيهًا، ولقد وَجُهَ
وَجاهةً" ="وإن له لَوجْهًا عند السلطان
وَجاهًا ووَجاهةً"، و"الجاه" مقلوب، قلبت،
واوه من أوّله إلى موضع العين منه،
فقيل:"جاه"، وإنما هو"وجه"، ))
قلت (أبو ضياء الدين )
فعيسى عليه السلام وجيه في الدنيا بما أيده الله به
من النبوة والآيات والمعجزات
فكان يبرأ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذن الله
حتى صار قبلة للناس في زمانه يذهب له أصحاب الحاجات
فيشفي الله على يديه ودان له الناس بالفضل
لولا مؤامرة اليهود لقتله وقد نجاه الله تعالى
وبقي عيسى وجيها شريفا عظيما لا عند قومه الذين غلوا فيه
ولا عند أعدائه الذين جفوا عنه
بل عند أمة محمد الذي أعادته إلى منزلته العظمى كنبي
من أولي العزم من الرسل نؤمن برسالته التي بعث بها
ونصدقه في معجزاته التي أيده الله بحدوثها
ونشهد الله على محبتنا له في الله
بل قد أعلى الله ذكره إلى يوم القيامة
فالمسلمون يعتقدون أنه يكون آية آخر الزمان
كما قال تعالى
(( وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ
هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ ))
(الزخرف:61)
فنؤمن بأنه ينزل آخر الزمان حكما عدلا في أمة
محمد يقتل الخنزير ويكسر الصليب ويضع الجزية
ويهلك الله بسيفه الأعور الدجال
فعيسى بن مريم وجيه في الدنيا وأكثر من يرفع ذكره
هو محمد صلى الله عليه وسلم وأمته الكرام
ما من ملك من ملوكها الصالحين ولا خليفة من خلفاء
نبيها الكريم إلا ويعظمه ويشرفه ويضع نفسه أمامه
أخرج البخاري في صحيحه
أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ
حَكَمًا عَدْلًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ
وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ
الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ
وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ
** وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ
وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } ))....الحديث
وفي صحيح مسلم من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ::
(( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَو
ْ بِدَابِقٍ فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ
الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ فَإِذَا تَصَافُّوا قَالَتْ الرُّومُ خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ
الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ لَا وَاللَّهِ لَا
نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا فَيُقَاتِلُونَهُمْ فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ
وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ
فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ
إِذْ صَاحَ فِيهِمْ الشَّيْطَانُ إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ
فَيَخْرُجُونَ وَذَلِكَ بَاطِلٌ فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ فَبَيْنَمَا
هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ
فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّهُمْ
فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللَّهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ
فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ
اللَّهُ بِيَدِهِ فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ))
الحديث
فعندنا عيسى عليه السلام إمام
من أئمة المسلمين
وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين
من رب العالمين
فمن في الخلق اليوم يحب عيسى عليه السلام حبنا
دعونا نباهي يا عباد الله بإيماننا في هذا اليوم
فيحق لنا أن نقول
لا للدنمارك ولا لفرنسا ولا لأمريكا ولا لبريطانيا فقط
بل لكل من يدعي النسبة _ زورا _ بهذا النبي العظيم
ثم يعبدونه من دون الله وهو لا يرضى ثم يتخلون
عن تعاليمه وهو لا يرضى
ثم يهينونه بدعوى حرية التعبير لعنهم الله
والله إن عرض عيسى عندنا كعرض
محمد صلى الله عليه وسلم
فمن نال منه فكأنما نال من محمد صلى الله عليه وسلم
( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ
كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ
وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)
(البقرة:285)
( قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ
مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ
بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
(البقرة:136)
دعونا نقولها لهم
(( نحن أولى بعيسى عليه السلام منكم يا عباد الصليب ))
وليعلم جميع بني آدم مسلمهم وكافرهم
أن ما يجب علينا فعله تجاه من أساء لنبينا
محمد صلى الله عليه وسلم
هو ما ينبغي علينا فعله تجاه من
أساء لعيسى عليه السلام
اللهم انتقم ممن آذى محمدا وعيسى عليهما السلام
اللهم انتقم ممن آذى محمدا وعيسى عليهما السلام
اللهم انتقم ممن آذى محمدا وعيسى عليهما السلام
اللهم احشرنا في زمرة محمد وعيسى عليهما السلام
اللهم احشرنا في زمرة محمد وعيسى عليهما السلام
اللهم احشرنا في زمرة محمد وعيسى عليهما السلام
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا
محمد وعلى آله وصحابته أجمعين
كتبه أخوكم
أبو ضياء الدين
المصري
منقووول
