شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
أدت الفتوى التي أطلقها عالم الدين السعودي الشيخ عبد الرحمن البراك، بقتل من يجيز الاختلاط في ميادين العمل والتعليم إلى حجب موقعه على شبكة الإنترنت في السعودية.
ويأتي الحجب بعد سيل من الانتقادات التي وجهها علماء دين في السعودية ومصر، وعدد من الكتاب، انتقدوا فيها هذه الفتوى التي تأتي في وقت تعيش فيه المنطقة انحساراً نسبياً لمثل هذه الفتاوى التي اعتبرها الكثيرون أنها فتاوى متطرفة.
وأجمع كتاب سعوديون على أن فتوى البراك الأخيرة أعادت للأذهان فتاوى التكفير التي تسببت في تشويه صوره الإسلام المعتدل، خصوصاً وأن الإعلام الغربي نشرها على نطاق واسع في الصحف والمواقع الإلكترونية، واستغلها للإساءة للإسلام والمسلمين.
وكان الشيخ عبد الرحمن البراك (77 عاماً) قد أكد في فتواه على موقعه الإلكتروني "جواز قتل من يبيح الاختلاط في ميادين العمل والتعليم واصفاً من يقوم بهذا العمل بالإنسان المرتد الكافر الواجب قتله".
وقال: "من استحل الاختلاط فهو مستحل للمحرمات، ومن استحلها فهو كافر، ومعنى ذلك أنه يصير مرتداً، فيُعرَّف وتقام الحجة عليه فإن رجع وإلا وجب قتله".
كما وصف البراك الرجل الذي يسمح لأخته أو زوجته بالعمل أو الدراسة مع الرجال بالشخص "الديوث"، أي الذي لا يملك الغيرة على عرضه.
انتقادات واسعة
وانتقد علماء في الأزهر، وهي المؤسسة الدينية في مصر، فتوى البراك وطالبوه بسحبها مباشرة، وقالوا في حديث لـ "العربية.نت" إن الاختلاط بين الرجال والنساء جائز شرعاً فى حدود الحشمة والأدب والوقار وإذا دعت إليه الضرورة. لقد بايع النبي محمد صلى الله عليه وسلم النساء في صلح الحديبية- صحيح أنه لم يسلم عليهن-، لكنه خرج إليهن ورآهن ورأينه، وأشار إليهن بيديه الشريفتين، فهذا دليل قاطع على جواز الاختلاط ولكن وفق الحشمة والوقار".
وحول جواز الاختلاط في العمل والتعليم قال الشيخ عبد الحميد الأطرش "لا مانع أن تخرج المرأة إلى العمل إذا كانت فقيرة وتحتاج إلى هذا العمل ولكن أيضاً بشرط الالتزام بالآداب وألا ترتدي زياً ملفتاً أو أن تتعطر".
فيما قال الشيخ عبد الله مجاور مستشار شيخ الأزهر للإفتاء "للعربية.نت" "إن فتوى الشيخ البراك فتوى جريئة، وتحتاج إلى دراسة وتأنى"، مؤكداً أن "الاختلاط ليس حراماً على إطلاقه، ولكن ما المانع إن خرجت المرأة وهى محتشمة إلى العمل أو الدراسة وقضت وقتها باحترام ووقار فهذا لا شيء فيه. واعتبر أن الاختلاط المحرم هو ما خرج عن حدود الدين، وكانت المرأة فيه غير محتشمة، وتتحدث بين الناس بطريقة تثير الغرائز، أو الاختلاط في الأماكن العامة التي تشهد تناول المحرمات مثلاً، ونحن نقول إن مثل هذا الاختلاط هو المحرم، ولكن حتى هذا النوع الأخير من الاختلاط لا يكفر من يفعله، فالتكفير هو الخروج عن الملة، ومن يجيز الاختلاط بالطريقة المحرمة يعتبر مرتكباً لمعصية، وليس كافراً يستوجب قتله".
وفي السعودية، لم يختلف الأمر، فقد قال مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة مكة المكرمة، الشيخ أحمد الغامدي "للعربية.نت" عن فتوى البراك: "يقول أن من أسباب الفتوى، الدعوة لحياة الغرب الكاذبة واتباع الشهوات، مستدلاً بقوله تعالى {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًاً عَظِيمًا} ثم قال، ومن استحل هذا الاختلاط ـ وإن أدى إلى هذه المحرمات ـ فهو مستحل لهذه المحرمات، ومن استحلها فهو كافر: فهو علق موضوع الاختلاط بالتعلق بالمحرمات وما يؤدي إليها والتي حددها بالنظر الحرام والتبرج الحرام والسفور الحرام والخلوة الحرام والكلام الحرام بين الرجال والنساء: والجملة الاعتراضية الموجودة في نص الفتوى تعلقها ولا تعطيها الأهمية ولا يجعلها تستحق النظر إليها..".
ويضيف "البراك يقول (ومن استحلها فهو كافر) فهو أرجعها للمحرمات واستحلالها وليس للاختلاط وهذا واضح، وبإمكان أي شخص أن يقول إن فتوى البراك بعضها ينقض بعضاً، فلم يقل أحد بجواز الاختلاط بجواز تلك المحرمات. وأرى أنه ليس في الفتوى ما يستحق المرور عليها..".
من جهته، قال الباحث الشرعي وعضو هيئة تحقيق سابق والكاتب بصحيفة "الرسالة" عبد الله العلويط "بالنسبة لتقنين الفتوى نستطيع أن نقول أن الفتوى التي يُعمل بها على المستوى الرسمي والحكومي من الممكن تقنينها لكن على المستوى الشعبي يصعب ذلك لأن ذلك يسبب احتكار الفتوى وهذا سيتداخل مع المرحلة الكهنوتية أو ما أشبه".
وطالب كتاب ورجال دين، هيئة كبار العلماء في السعودية بعقد سلسلة جلسات لتقنين الفتوى في المملكة، وتحدد المخولين رسمياً وشرعياً لها، استناداً إلى الأهلية الشرعية المعتبرة، منعاً لتداخل وتعدد الفتاوى، خاصة مع انتشار فتاوى الفضائيات والمواقع الإلكترونية.
وأصبحت الفتوى مجال جدل وتنافر نتيجة نقص العلم الشرعي، والتأهيل العلمي، خاصة مع عدم وجود ضبط للمصادر المحددة والمعتمدة، ما أحدث تخبطاً كبيراً في الفترة الماضية في قضايا التحليل والتحريم والإجازة والنهي، وخلطاً في المسائل الفقهية والشرعية عند كثير من الناس، كما أن تحديد وضبط الفتوى على جهات معينة وتحديد علماء بعينهم يسهم في منح هذه الجهات صفة وصبغة اعتماد الفتوى.
قـلـب آلـحـدث