غيثة السحايب
¬°•| مُشرفَة سابقة |•°¬
بسم الله الرحمن الرحيم
ثمة حكاية طويلة لتلك ''المكيّفات''، فبعض النقوش الحجرية للفراعنة تكشف عن تشكيلات صناديق حجرية مفرّغة أفقياً، الغرض منها تهوية الدور الفرعونية، بما يعني أن تاريخ اكتشافها أو بنائها يعود إلى آلاف السنين!.
كذلك في بلاد الشام والمغرب ومصر، ابتكر الناس ''المشربيات'' المصنوعة من الخشب المنقوش المزخرف بالرسوم، وكانت وسيلة مثلى لتكييف الهواء أثناء الصيف، حيث كان التيار الهوائي الناجم عن دخول الهواء من فتحات متقابلة يسبب البرودة إلى حد ما طيلة فصل الصيف.
واشتهرت إيران قديماً بتصاميم براجيل إسمنتية وأخرى من الحجر المرجاني أو الجص بأعمدة خشبية أو حديدية للسقف، تناقل نموذجها سكان الخليج العربي، وابتكر الحرفيون الشعبيون في الإمارات -المناطق الساحلية- وسائل تبريد وتهوية مشابهة لها، فصنعوا ''البراجيل'' من الأقمشة والأكياس والأغطية كـ''اليزايا'' و''الطربال'' وأحياناً غطوا أسقفها بالأخشاب والسعف.
شكّلت تلك ''البراجيل'' ما يمكن اعتباره ''مكيفا'' أشبه بمكيفات الجو -الكهربائية- الحديثة، على الرغم من بدائية صنعها، وبساطة موادها الخام.
عن تلك ''البراجيل'' وكيفية عملها، سألنا الباحث في التراث عبيد راشد بن صندل، فأخبرنا قائلاً:
''عاش آباؤنا وأجدادنا حياة صعبة قاسية، ولاقوا الكثير من المتاعب، خاصة مع حرارة الطقس المرتفعة جداً، فنجم عن هذه الظروف المناخية ابتكارات وصناعات تقيهم من حرارة الشمس، كبناء البرجيل (برج الهواء) حصراً في -المناطق الساحلية- لجلب بعض النسمات، وتبريد البيت.
وكان (البرجيل) ينصب فوق (بيت العريش) المبني من سعف النخيل، وهو عبارة عن أربعة أعمدة أو مربعات، يساهم ارتفاعه في جلب الهواء، ويحاط من الداخل والخارج بقماش الأشرعة مع تشبيك سعف النخيل وإحاطته بالحصير والسجاد، وتثبيته بأوتاد من كل الأطراف ليتماسك ويصمد في وجه التيارات الهوائية، ويزود بسقف من السعف (الدعون) على شكل مظلة تقي من أشعة الشمس الحارة.
وهناك (برجيل) آخر حجري أو من الجص، تكون أسياخ الحديد دعامته، بينما القسم العلوي منه يجهز بشبكة حديدية، تستخدم بغرض دعم (البرجيل)، ومنع دخول الطيور إلى داخل البرج''.
......