بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
حكم صلاة الكسوف
ما حكم صلاة الكسوف؟ وهل يدل قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فافزعوا إلى الصلاة)) على الوجوب؟
صلاة الكسوف سنة مؤكدة؛ لما ورد فيها من الأحاديث الصحيحة، وليست واجبة عند أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بعض الوفود عن الصلاة، وأخبره بأن عليه الصلوات الخمس، فقال السائل: ((هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع)).
بن باز رحمه الله
عدد ركعات صلاة الكسوف
يسأل سماحتكم عن صلاة الكسوف كم عدد ركعاتها؟
صلاة الكسوف سنة مؤكدة, إذا كسفت الشمس أو القمر شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف، وقد بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- بفعله وبقوله -عليه الصلاة والسلام- فالسنة فيها أن تُصلَّى ركعتان بقراءتين وركوعين وسجدتين هذه هي السنة التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكبر ويقرأ قراءة طويلة بعد الاستفتاح ثم يركع ويطيل، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة، ويقرأ بعدها ما تيسر، ويطيل لكن دون القراءة الأولى، ثم يركع ويطيل لكن دون الركوع الأول، ثم يرفع ويطيل لكن دون الرفع الأول، ثم يسجد سجدتين طويلتين. ثم يقوم فيقرأ ويطيل لكن دون القراءة السابقة، ثم يركع فيطيل لكن دون الركوع السابق، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها ويطيل لكن دون ما قبله، ثم يركع ويطيل لكن دون ما قبله، ثم يرفع بعد الركوع الثاني فيطيل بعض الإطالة دون ما قبله ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يقرأ التشهد التحيات والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والدعاء ثم يسلم، ثم يذكر الناس ويخطب بالناس ويبين لهم شرعية صلاة الكسوف ثم يذكرهم بالله، ويأمرهم بالإكثار من التكبير عند رؤية الكسوف والصدقة وعتق الرقاب والصلاة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا) فافزعوا إلى ذكر الله ودعاءه واستغفاره وأمر بالتكبير والعتق عند الكسوف -عليه الصلاة والسلام- فالسنة للمسلمين عند الكسوف الإكثار من ذكر الله وتكبيره واستغفاره والصدقة والعتق, الصلاة التي فعلها -صلى الله عليه وسلم- وأمر بها، قراءتان وركوعان وسجدتان، كل قراءة دون التي قبلها كل ركوع دون الذي قبله، ويطيل في السجدتين إطالة لا تشق على المأمومين لا تشق على الناس حسب الاستطاعة حسب التيسير، لكنها صلاة متميزة عن غيرها في الطول؛ خوفاً من الله وتعظيماً له؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (إن الله يرسل الكسوف تخويفاً لعباده) وقال: (إن الشمس والقمر لا تنكسفان لموت ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف فيهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) وفي اللفظ الآخر: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره) وأمر بالتكبير عند الكسوف وبالعتق وبالصدقة. فالمؤمن وهكذا المؤمنة يشرع لهما الصلاة والصدقة والاستغفار والإكثار من الذكر عند رؤية الكسوف، وينادى لها "الصلاة جامعة". ينادى لها على المنارات أو في المكبرات "الصلاة جامعة, الصلاة جامعة" يكرروها مرتين ثلاث أكثر حتى يبلغ الناس، حيثُ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينادى لها الصلاة جامعة. جزاكم الله خيراً.
بن باز رحمه الله
هل تصلى صلاة الكسوف في وقت النهي؟
قد يحدث كسوف الشمس بعد العصر، فهل تصلى صلاة الكسوف في وقت النهي؟ وكذا تحية المسجد؟
في المسألتين خلاف بين أهل العلم، والصواب جواز ذلك، بل شرعيته؛ لأن صلاة الكسوف وتحية المسجد من ذوات الأسباب.
والصواب: شرعيتها في وقت النهي بعد العصر وبعد الصبح، كبقية الأوقات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) متفق على صحته. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) متفق على صحته.
وهكذا ركعتا الطواف إذا طاف المسلم بعد الصبح أو العصر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن جبير بن مطعم رضي الله عنه.
بن باز رحمه الله
القراءة في صلاة الكسوف جهرية
في صلاة الكسوف – أي كسوف الشمس - هل القراءة سراً أم جهراً؟
السنة في الكسوف جهراً، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كسفت الشمس قرأ جهراً- عليه الصلاة والسلام - في الليل والنهار، كسوف أو خسوف القمر يقرأ جهراً.
بن باز رحمه الله
صلاة الكسوف مشروعة بالرؤية وليس بخبر أهل الحساب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد نشرت صحيفة الرياض في عددها الصادر في يوم الأحد 14 جمادى الأولى 1416هـ، نقلاً عن عبد العزيز بن سلطان الشمري مدير مراصد الأهلة بمعهد بحوث الفلك والجيوفيزياء بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن القمر سيكسف مساء اليوم المذكور، كما نشرت الصحيفة المذكورة في عددها الصادر يوم الاثنين 29 جمادى الأولى 1416هـ، أن عبد الرحمن بن محمد أبو عمة، عميد كلية العلوم في جامعة الملك سعود ذكر للرياض أن الشمس ستكسف صباح يوم الثلاثاء 30 جمادى الأولى 1416هـ.
وبلغني أن بعض أئمة المساجد عملوا بذلك ليلة 15 من الشهر المذكور مع عدم وجود الكسوف، فرأيت أن من الواجب على مثلي بيان الحكم الشرعي في هذا الأمر، فأقول:
قد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بصلاة الكسوف والذكر والدعاء عندما يرى المسلمون كسوف الشمس أو القمر، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم))، وفي لفظ آخر: ((فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره))، فعلق صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار برؤية الكسوف لا بخبر الحسابين.
فالواجب على المسلمين جميعا التمسك بالسنة والعمل بها والحذر من كل ما يخالفها.
وبذلك يعلم أن الذين صلوا صلاة الكسوف ليلة الاثنين 15/ 5 اعتمادا على خبر الحسابين قد أخطئوا وخالفوا السنة.
ويعلم أيضا أنه لا يشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الأمر بالصلاة وما ذكر معها برؤية الكسوف لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع، ولا بوقوعه في بلد آخر، وقد قال الله عز وجل: ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [1]، وقال سبحانه: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [2]، وهو صلى الله عليه وسلم إنما صلى صلاة الكسوف لما وقع ذلك في المدينة وشاهده الناس، وقال عز وجل: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) [3].
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس وأنصح الناس، وأنه هو المبلغ عن الله أحكامه.
فلو كانت صلاة الكسوف تشرع بأخبار الحسابين، أو بوقوع الكسوف في مناطق أو أقاليم لا يشاهدها إلا أهلها، لبين ذلك وأرشد الأمة إليه، فلما لم يبين ذلك، بل بين خلافه، وأرشد الأمة إلى أن يعتمدوا على الرؤية للكسوف، علم بذلك أن الصلاة لا تشرع إلا لمن شاهد الكسوف أو وقع في بلده.
ولما شرع الله من بيان الحق والنصيحة للخلق والدعوة إلى سبيل الهدى والتحذير مما يخالف ذلك، جرى تحرير هذه الكلمة.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به، وأن يعيذنا وجميع إخواننا من القول على الله بغير علم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
بن باز رحمه الله
هل تعاد صلاة الكسوف إذا لم ينجلي أم ماذا يُعمل
صلينا مرة صلاة الكسوف، فلما انتهينا منها ولم ينجلي بعد أعاد الإمام الصلاة، فهل هذا الفعل مشروع أم لا؟
المشروع في هذا هو الصلاة عند كسوف الشمس وخسوف القمر, مع الذكر, والاستغفار, والتكبير, والصدقات, وإعتاق الرقاب كل هذا مشروع كما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه ذكر خسوف الشمس والقمر وقال: ( إنهما آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته ) ، ثم قال- عليه الصلاة والسلام-: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره)، وفي اللفظ آخر: (فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم), فالسنة أن يصلي الأمام ركعتين في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان, فإذا انكشف الكسوف فالحمد لله, وإلا اشتغل الناس بذكر الله, والدعاء, والاستغفار, والتكبير, والصدقات, ويكفي ولا تشرع إعادة الصلاة هذا هو المعروف عند أهل العلم.
بن باز رحمه الله
إذا وقع الكسوف وقت الجمعة فبأيهما يبدأ
السؤال : ما الحكم إذا تعارض وقت حصول الكسوف مع وقت صلاة الجمعة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
إذا كسفت الشمس يوم الجمعة ، فإن كان ذلك قبل الجمعة بوقت يسع صلاة الكسوف المعتادة ، كما لو كان الكسوف في الضحى أو قريبا منه ، بدئ بالكسوف ، ثم صليت الجمعة في وقتها ، وإن وقع الكسوف في وقت الجمعة ، فإن خيف فوات الجمعة ، قدمت اتفاقا .
وإن أمن فواتها ، فالجمهور على تقديم الكسوف ، وذهب الحنابلة في قول اختاره ابن قدامة رحمه الله إلى تقديم الجمعة ؛ لأن البدء بالكسوف يفضي إلى المشقة ، ويقتضي حبس الناس لأجله وإلزامهم بصلاته ، وهي غير واجبة في الأصل .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/146) : " وإذا اجتمع صلاتان , كالكسوف مع غيره من الجمعة , أو العيد , أو صلاة مكتوبة , أو الوتر , بدأ بأخوفهما فوتا , فإن خيف فوتهما بدأ بالصلاة الواجبة , وإن لم يكن فيهما واجبة كالكسوف والوتر أو التراويح , بدأ بآكدهما , كالكسوف والوتر , بدأ بالكسوف ; لأنه آكد , ولهذا تسن له الجماعة , ولأن الوتر يقضى , وصلاة الكسوف لا تقضى .
فإن اجتمعت التراويح والكسوف , فبأيهما يبدأ ؟ فيه وجهان ، هذا قول أصحابنا ، والصحيح عندي أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة مقدمة على الكسوف بكل حال ; لأن تقديم الكسوف عليها يفضي إلى المشقة , لإلزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم , وانتظارهم للصلاة الواجبة , مع أن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخفيف الصلاة الواجبة , كي لا يشق على المأمومين , فإلحاق المشقة بهذه الصلاة الطويلة الشاقة , مع أنها غير واجبة , أولى ، وكذلك الحكم إذا اجتمعت مع التراويح , قدمت التراويح لذلك , وإن اجتمعت مع الوتر في أول وقت الوتر قدمت ؛ لأن الوتر لا يفوت , وإن خيف فوات الوتر قدم ; لأنه يسير يمكن فعله وإدراك وقت الكسوف , وإن لم يبق إلا قدر الوتر , فلا حاجة بالتلبس بصلاة الكسوف ; لأنها إنما تقع في وقت النهي ، وإن اجتمع الكسوف وصلاة الجنازة , قدمت الجنازة وجها واحدا ; لأن الميت يخاف عليه , والله أعلم " انتهى .
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/61) : " قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : إذا اجتمع صلاتان في وقت واحد قدم ما يخاف فوته , ثم الأوكد , فإذا اجتمع عيد وكسوف , أو جمعة وكسوف وخيف فوت العيد أو الجمعة لضيق الوقت قدم العيد والجمعة ؛ لأنهما أوكد من الكسوف وإن لم يخف فوتهما فالأصح وبه قطع المصنف [أبو إسحاق الشيرازي] والأكثرون: يقدم الكسوف ، لأنه يخاف فوته " انتهى بتصرف .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (27/258) .
والذي يظهر رجحان ما ذهب إليه ابن قدامة رحمه الله ؛ لما ذكر من المشقة ، ولأن الجمعة آكد وأهم .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا اجتمعت صلاتان صلاة الكسوف مع غيرها ، كصلاة الفريضة ، أو الجمعة ، أو الوتر ، أو التراويح ، فأيهما يقدم ؟
فأجاب : " الفريضة مقدمة على الكسوف والخسوف ؛ لأنها أهم ، ولأن الله تعالى قال في الحديث القدسي: ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/307) .
ثانيا:
إذا بدأ الإمام بالجمعة ، خطب لها وصلاها ، ثم صلى الكسوف وخطب له ، وإذا بدأ بصلاة الكسوف وفرغ منها ، خطب للجمعة ، وذكّر فيها بالكسوف ، ثم صلى الجمعة ، واستغنى بخطبتي الجمعة عن الخطبة للكسوف .
قال النووي رحمه الله في الموضع السابق : " ولو اجتمع جمعة وكسوف واقتضى الحال تقديم الجمعة خطب لها ثم صلى الجمعة , ثم الكسوف , ثم خطب للكسوف .
وإن اقتضى الحال تقديم الكسوف بدأ بها , ثم خطب للجمعة خطبتها , وذكر فيهما شأن الكسوف وما يندب في خطبتيه ولا يحتاج إلى أربع خطب , وقال أصحابنا : ويقصد بالخطبتين الجمعة خاصة ، وكذا نص عليه الشافعي في الأم " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي
أصبح من المعروف أن الكسوف ليست إلا ظاهرة تحدث في فترة ( يمكن أن تكون معلومة الوقت) يكون فيها القمر بين الشمس والأرض .
فلماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ذلك الوقت ؟ فهي لا تسبب أي أذى.
الحمد لله وحده
وبعد .. فإنه لما كسفت الشمس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر مناديا ينادي ، الصلاة جامعة . فصلى بالناس ثم خطبهم ، وبين لهم حكمة الكسوف وأبطل اعتقادات الجاهلية ، وبين لهم ما ينبغي لهم أن يفعلوه من الصلاة ، والدعاء ، والصدقة ، قال عليه الصلاة والسلام : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا " . ومعنى ذلك أن المسلمين لا يعرفون موعداً للكسوف ، لكن متى حدث سارعوا إلى ما شرع الله لهم من الصلاة وغيرها.
وكانوا عند حدوث الكسوف يخافون أن يكون منذرا بنزول بلاء ، فيلجأون إلى الله بالدعاء أن يصرف عنهم ما يحذرون . ولما انتـشر في الأعصار المتأخرة علم الهيئة وحساب سير الشمس والقمر ، وعُلم أن المختصين بذلك قد يدركون وقت الكسوف . بيّن العلماء أن العلم بذلك لا يغير الحكم ، وأن على المسلمين أن يفعلوا ما أمروا به عند حدوث الكسوف ولو كانوا قد علموا بذلك من قبل . ولكن لا يشرع الاهتمام برصد مواعيد الكسوف ، فإن ذلك مما لم يأمرنا به الله ورسوله ، كما بين العلماء أن الكسوف قد يكون علامة أو سببا لحدوث شر يتضرر به العباد . وقول السائل أن الكسوف لايسبب أذى ، قولٌ بغيرعلم ، واعتراض على شرع الله ، وليس بلازم أن يعلم الناس بما يحدثه الله عند الكسوف ، وقد يعلم بذلك بعض الناس دون بعض ، وقد يدفع الله بصلاة المسلمين ودعائهم عن العباد من الشرور ما لا يعلمه إلا الله . فالواجب على المسلم التسليم لحكم الله والعمل بشرعه ، والإيمان لحكمته ، فإنه العليم الحكيم سبحانه وتعالى .
أملاه فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
وكسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهماعباده ويذكّرهم بعض ما يكون يوم القيامة إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم انكدرت وإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر وهذا وجه التخويف وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة خشيته لله قد خرج فزعا يظنّ الساعة قد قامت لما كسفت الشمس في عهده وهذا من قوّة استحضاره لقيام الساعة وشفقته منها وأمّا نحن فقد أصابتنا الغفلة حتى لم يعد أكثر الناس يرون فيها إلا مجرّد ظاهة طبيعية يعمدون فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها دون أن يدركوا ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة وهذا من علامات قسوة القلب وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة والجهل بمقاصد الشّريعة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفزع عند حدوث الكسوف والخسوف ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون لصلاة الكسوف والخسوف وفي أنفسهم أنها لو كانت لقيام الساعة لم يكونوا بصلاتهم غافلين وإن كان الكسوف والخسوف ليس لأنّ القيامة قد قامت فلم يخسروا بصلاتهم وإنما غنموا أجرا كبيرا نسأل الله أن يجعلنا ممن يخشونه وهم من الساعة مشفقون وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
حكم صلاة الكسوف
ما حكم صلاة الكسوف؟ وهل يدل قوله صلى الله عليه وسلم: ((فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا))، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((فافزعوا إلى الصلاة)) على الوجوب؟
صلاة الكسوف سنة مؤكدة؛ لما ورد فيها من الأحاديث الصحيحة، وليست واجبة عند أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله بعض الوفود عن الصلاة، وأخبره بأن عليه الصلوات الخمس، فقال السائل: ((هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع)).
بن باز رحمه الله
عدد ركعات صلاة الكسوف
يسأل سماحتكم عن صلاة الكسوف كم عدد ركعاتها؟
صلاة الكسوف سنة مؤكدة, إذا كسفت الشمس أو القمر شرع للمسلمين أن يصلوا صلاة الكسوف، وقد بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- بفعله وبقوله -عليه الصلاة والسلام- فالسنة فيها أن تُصلَّى ركعتان بقراءتين وركوعين وسجدتين هذه هي السنة التي فعلها النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكبر ويقرأ قراءة طويلة بعد الاستفتاح ثم يركع ويطيل، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة، ويقرأ بعدها ما تيسر، ويطيل لكن دون القراءة الأولى، ثم يركع ويطيل لكن دون الركوع الأول، ثم يرفع ويطيل لكن دون الرفع الأول، ثم يسجد سجدتين طويلتين. ثم يقوم فيقرأ ويطيل لكن دون القراءة السابقة، ثم يركع فيطيل لكن دون الركوع السابق، ثم يرفع ويقرأ الفاتحة وما تيسر معها ويطيل لكن دون ما قبله، ثم يركع ويطيل لكن دون ما قبله، ثم يرفع بعد الركوع الثاني فيطيل بعض الإطالة دون ما قبله ثم يسجد سجدتين طويلتين، ثم يقرأ التشهد التحيات والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- والدعاء ثم يسلم، ثم يذكر الناس ويخطب بالناس ويبين لهم شرعية صلاة الكسوف ثم يذكرهم بالله، ويأمرهم بالإكثار من التكبير عند رؤية الكسوف والصدقة وعتق الرقاب والصلاة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا) فافزعوا إلى ذكر الله ودعاءه واستغفاره وأمر بالتكبير والعتق عند الكسوف -عليه الصلاة والسلام- فالسنة للمسلمين عند الكسوف الإكثار من ذكر الله وتكبيره واستغفاره والصدقة والعتق, الصلاة التي فعلها -صلى الله عليه وسلم- وأمر بها، قراءتان وركوعان وسجدتان، كل قراءة دون التي قبلها كل ركوع دون الذي قبله، ويطيل في السجدتين إطالة لا تشق على المأمومين لا تشق على الناس حسب الاستطاعة حسب التيسير، لكنها صلاة متميزة عن غيرها في الطول؛ خوفاً من الله وتعظيماً له؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: (إن الله يرسل الكسوف تخويفاً لعباده) وقال: (إن الشمس والقمر لا تنكسفان لموت ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوف فيهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم) وفي اللفظ الآخر: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره) وأمر بالتكبير عند الكسوف وبالعتق وبالصدقة. فالمؤمن وهكذا المؤمنة يشرع لهما الصلاة والصدقة والاستغفار والإكثار من الذكر عند رؤية الكسوف، وينادى لها "الصلاة جامعة". ينادى لها على المنارات أو في المكبرات "الصلاة جامعة, الصلاة جامعة" يكرروها مرتين ثلاث أكثر حتى يبلغ الناس، حيثُ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينادى لها الصلاة جامعة. جزاكم الله خيراً.
بن باز رحمه الله
هل تصلى صلاة الكسوف في وقت النهي؟
قد يحدث كسوف الشمس بعد العصر، فهل تصلى صلاة الكسوف في وقت النهي؟ وكذا تحية المسجد؟
في المسألتين خلاف بين أهل العلم، والصواب جواز ذلك، بل شرعيته؛ لأن صلاة الكسوف وتحية المسجد من ذوات الأسباب.
والصواب: شرعيتها في وقت النهي بعد العصر وبعد الصبح، كبقية الأوقات؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم)) متفق على صحته. ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) متفق على صحته.
وهكذا ركعتا الطواف إذا طاف المسلم بعد الصبح أو العصر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) رواه الإمام أحمد وأهل السنن الأربع بإسناد صحيح عن جبير بن مطعم رضي الله عنه.
بن باز رحمه الله
القراءة في صلاة الكسوف جهرية
في صلاة الكسوف – أي كسوف الشمس - هل القراءة سراً أم جهراً؟
السنة في الكسوف جهراً، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كسفت الشمس قرأ جهراً- عليه الصلاة والسلام - في الليل والنهار، كسوف أو خسوف القمر يقرأ جهراً.
بن باز رحمه الله
صلاة الكسوف مشروعة بالرؤية وليس بخبر أهل الحساب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد نشرت صحيفة الرياض في عددها الصادر في يوم الأحد 14 جمادى الأولى 1416هـ، نقلاً عن عبد العزيز بن سلطان الشمري مدير مراصد الأهلة بمعهد بحوث الفلك والجيوفيزياء بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية أن القمر سيكسف مساء اليوم المذكور، كما نشرت الصحيفة المذكورة في عددها الصادر يوم الاثنين 29 جمادى الأولى 1416هـ، أن عبد الرحمن بن محمد أبو عمة، عميد كلية العلوم في جامعة الملك سعود ذكر للرياض أن الشمس ستكسف صباح يوم الثلاثاء 30 جمادى الأولى 1416هـ.
وبلغني أن بعض أئمة المساجد عملوا بذلك ليلة 15 من الشهر المذكور مع عدم وجود الكسوف، فرأيت أن من الواجب على مثلي بيان الحكم الشرعي في هذا الأمر، فأقول:
قد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بصلاة الكسوف والذكر والدعاء عندما يرى المسلمون كسوف الشمس أو القمر، فقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم))، وفي لفظ آخر: ((فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره))، فعلق صلى الله عليه وسلم الأمر بالصلاة والدعاء والذكر والاستغفار برؤية الكسوف لا بخبر الحسابين.
فالواجب على المسلمين جميعا التمسك بالسنة والعمل بها والحذر من كل ما يخالفها.
وبذلك يعلم أن الذين صلوا صلاة الكسوف ليلة الاثنين 15/ 5 اعتمادا على خبر الحسابين قد أخطئوا وخالفوا السنة.
ويعلم أيضا أنه لا يشرع لأهل بلد لم يقع عندهم الكسوف أن يصلوا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علق الأمر بالصلاة وما ذكر معها برؤية الكسوف لا بالخبر من أهل الحساب بأنه سيقع، ولا بوقوعه في بلد آخر، وقد قال الله عز وجل: ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ) [1]، وقال سبحانه: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) [2]، وهو صلى الله عليه وسلم إنما صلى صلاة الكسوف لما وقع ذلك في المدينة وشاهده الناس، وقال عز وجل: ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) [3].
ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم هو أعلم الناس وأنصح الناس، وأنه هو المبلغ عن الله أحكامه.
فلو كانت صلاة الكسوف تشرع بأخبار الحسابين، أو بوقوع الكسوف في مناطق أو أقاليم لا يشاهدها إلا أهلها، لبين ذلك وأرشد الأمة إليه، فلما لم يبين ذلك، بل بين خلافه، وأرشد الأمة إلى أن يعتمدوا على الرؤية للكسوف، علم بذلك أن الصلاة لا تشرع إلا لمن شاهد الكسوف أو وقع في بلده.
ولما شرع الله من بيان الحق والنصيحة للخلق والدعوة إلى سبيل الهدى والتحذير مما يخالف ذلك، جرى تحرير هذه الكلمة.
والله المسئول أن يوفقنا وجميع المسلمين للعلم النافع والعمل به، وأن يعيذنا وجميع إخواننا من القول على الله بغير علم، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا ويمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم ويصلح قادتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان.
بن باز رحمه الله
هل تعاد صلاة الكسوف إذا لم ينجلي أم ماذا يُعمل
صلينا مرة صلاة الكسوف، فلما انتهينا منها ولم ينجلي بعد أعاد الإمام الصلاة، فهل هذا الفعل مشروع أم لا؟
المشروع في هذا هو الصلاة عند كسوف الشمس وخسوف القمر, مع الذكر, والاستغفار, والتكبير, والصدقات, وإعتاق الرقاب كل هذا مشروع كما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإنه ذكر خسوف الشمس والقمر وقال: ( إنهما آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولا لحياته ) ، ثم قال- عليه الصلاة والسلام-: (إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله وإلى دعائه واستغفاره)، وفي اللفظ آخر: (فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم), فالسنة أن يصلي الأمام ركعتين في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان, فإذا انكشف الكسوف فالحمد لله, وإلا اشتغل الناس بذكر الله, والدعاء, والاستغفار, والتكبير, والصدقات, ويكفي ولا تشرع إعادة الصلاة هذا هو المعروف عند أهل العلم.
بن باز رحمه الله
إذا وقع الكسوف وقت الجمعة فبأيهما يبدأ
السؤال : ما الحكم إذا تعارض وقت حصول الكسوف مع وقت صلاة الجمعة ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا:
إذا كسفت الشمس يوم الجمعة ، فإن كان ذلك قبل الجمعة بوقت يسع صلاة الكسوف المعتادة ، كما لو كان الكسوف في الضحى أو قريبا منه ، بدئ بالكسوف ، ثم صليت الجمعة في وقتها ، وإن وقع الكسوف في وقت الجمعة ، فإن خيف فوات الجمعة ، قدمت اتفاقا .
وإن أمن فواتها ، فالجمهور على تقديم الكسوف ، وذهب الحنابلة في قول اختاره ابن قدامة رحمه الله إلى تقديم الجمعة ؛ لأن البدء بالكسوف يفضي إلى المشقة ، ويقتضي حبس الناس لأجله وإلزامهم بصلاته ، وهي غير واجبة في الأصل .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/146) : " وإذا اجتمع صلاتان , كالكسوف مع غيره من الجمعة , أو العيد , أو صلاة مكتوبة , أو الوتر , بدأ بأخوفهما فوتا , فإن خيف فوتهما بدأ بالصلاة الواجبة , وإن لم يكن فيهما واجبة كالكسوف والوتر أو التراويح , بدأ بآكدهما , كالكسوف والوتر , بدأ بالكسوف ; لأنه آكد , ولهذا تسن له الجماعة , ولأن الوتر يقضى , وصلاة الكسوف لا تقضى .
فإن اجتمعت التراويح والكسوف , فبأيهما يبدأ ؟ فيه وجهان ، هذا قول أصحابنا ، والصحيح عندي أن الصلوات الواجبة التي تصلى في الجماعة مقدمة على الكسوف بكل حال ; لأن تقديم الكسوف عليها يفضي إلى المشقة , لإلزام الحاضرين بفعلها مع كونها ليست واجبة عليهم , وانتظارهم للصلاة الواجبة , مع أن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتخفيف الصلاة الواجبة , كي لا يشق على المأمومين , فإلحاق المشقة بهذه الصلاة الطويلة الشاقة , مع أنها غير واجبة , أولى ، وكذلك الحكم إذا اجتمعت مع التراويح , قدمت التراويح لذلك , وإن اجتمعت مع الوتر في أول وقت الوتر قدمت ؛ لأن الوتر لا يفوت , وإن خيف فوات الوتر قدم ; لأنه يسير يمكن فعله وإدراك وقت الكسوف , وإن لم يبق إلا قدر الوتر , فلا حاجة بالتلبس بصلاة الكسوف ; لأنها إنما تقع في وقت النهي ، وإن اجتمع الكسوف وصلاة الجنازة , قدمت الجنازة وجها واحدا ; لأن الميت يخاف عليه , والله أعلم " انتهى .
وقال النووي رحمه الله في "المجموع" (5/61) : " قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله : إذا اجتمع صلاتان في وقت واحد قدم ما يخاف فوته , ثم الأوكد , فإذا اجتمع عيد وكسوف , أو جمعة وكسوف وخيف فوت العيد أو الجمعة لضيق الوقت قدم العيد والجمعة ؛ لأنهما أوكد من الكسوف وإن لم يخف فوتهما فالأصح وبه قطع المصنف [أبو إسحاق الشيرازي] والأكثرون: يقدم الكسوف ، لأنه يخاف فوته " انتهى بتصرف .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (27/258) .
والذي يظهر رجحان ما ذهب إليه ابن قدامة رحمه الله ؛ لما ذكر من المشقة ، ولأن الجمعة آكد وأهم .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا اجتمعت صلاتان صلاة الكسوف مع غيرها ، كصلاة الفريضة ، أو الجمعة ، أو الوتر ، أو التراويح ، فأيهما يقدم ؟
فأجاب : " الفريضة مقدمة على الكسوف والخسوف ؛ لأنها أهم ، ولأن الله تعالى قال في الحديث القدسي: ( ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ) " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/307) .
ثانيا:
إذا بدأ الإمام بالجمعة ، خطب لها وصلاها ، ثم صلى الكسوف وخطب له ، وإذا بدأ بصلاة الكسوف وفرغ منها ، خطب للجمعة ، وذكّر فيها بالكسوف ، ثم صلى الجمعة ، واستغنى بخطبتي الجمعة عن الخطبة للكسوف .
قال النووي رحمه الله في الموضع السابق : " ولو اجتمع جمعة وكسوف واقتضى الحال تقديم الجمعة خطب لها ثم صلى الجمعة , ثم الكسوف , ثم خطب للكسوف .
وإن اقتضى الحال تقديم الكسوف بدأ بها , ثم خطب للجمعة خطبتها , وذكر فيهما شأن الكسوف وما يندب في خطبتيه ولا يحتاج إلى أربع خطب , وقال أصحابنا : ويقصد بالخطبتين الجمعة خاصة ، وكذا نص عليه الشافعي في الأم " انتهى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
إذا كان الكسوف ظاهرة طبيعية فلماذا نفزع ونصلي
أصبح من المعروف أن الكسوف ليست إلا ظاهرة تحدث في فترة ( يمكن أن تكون معلومة الوقت) يكون فيها القمر بين الشمس والأرض .
فلماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ذلك الوقت ؟ فهي لا تسبب أي أذى.
الحمد لله وحده
وبعد .. فإنه لما كسفت الشمس على عهد رسول الله عليه الصلاة والسلام أمر مناديا ينادي ، الصلاة جامعة . فصلى بالناس ثم خطبهم ، وبين لهم حكمة الكسوف وأبطل اعتقادات الجاهلية ، وبين لهم ما ينبغي لهم أن يفعلوه من الصلاة ، والدعاء ، والصدقة ، قال عليه الصلاة والسلام : " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا ، وصلوا ، وتصدقوا " . ومعنى ذلك أن المسلمين لا يعرفون موعداً للكسوف ، لكن متى حدث سارعوا إلى ما شرع الله لهم من الصلاة وغيرها.
وكانوا عند حدوث الكسوف يخافون أن يكون منذرا بنزول بلاء ، فيلجأون إلى الله بالدعاء أن يصرف عنهم ما يحذرون . ولما انتـشر في الأعصار المتأخرة علم الهيئة وحساب سير الشمس والقمر ، وعُلم أن المختصين بذلك قد يدركون وقت الكسوف . بيّن العلماء أن العلم بذلك لا يغير الحكم ، وأن على المسلمين أن يفعلوا ما أمروا به عند حدوث الكسوف ولو كانوا قد علموا بذلك من قبل . ولكن لا يشرع الاهتمام برصد مواعيد الكسوف ، فإن ذلك مما لم يأمرنا به الله ورسوله ، كما بين العلماء أن الكسوف قد يكون علامة أو سببا لحدوث شر يتضرر به العباد . وقول السائل أن الكسوف لايسبب أذى ، قولٌ بغيرعلم ، واعتراض على شرع الله ، وليس بلازم أن يعلم الناس بما يحدثه الله عند الكسوف ، وقد يعلم بذلك بعض الناس دون بعض ، وقد يدفع الله بصلاة المسلمين ودعائهم عن العباد من الشرور ما لا يعلمه إلا الله . فالواجب على المسلم التسليم لحكم الله والعمل بشرعه ، والإيمان لحكمته ، فإنه العليم الحكيم سبحانه وتعالى .
أملاه فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك .
وكسوف الشمس وخسوف القمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهماعباده ويذكّرهم بعض ما يكون يوم القيامة إذا الشمس كوّرت وإذا النجوم انكدرت وإذا برق البصر وخسف القمر وجُمع الشمس والقمر وهذا وجه التخويف وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة خشيته لله قد خرج فزعا يظنّ الساعة قد قامت لما كسفت الشمس في عهده وهذا من قوّة استحضاره لقيام الساعة وشفقته منها وأمّا نحن فقد أصابتنا الغفلة حتى لم يعد أكثر الناس يرون فيها إلا مجرّد ظاهة طبيعية يعمدون فيها إلى لبس النظّارات وحمل الكاميرات والاقتصار على التفسير العلمي الدنيوي لها دون أن يدركوا ما وراء ذلك من التذكير بالآخرة وهذا من علامات قسوة القلب وقلة الاهتمام بأمر الآخرة وضعف الخشية من قيام الساعة والجهل بمقاصد الشّريعة وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الفزع عند حدوث الكسوف والخسوف ، وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقومون لصلاة الكسوف والخسوف وفي أنفسهم أنها لو كانت لقيام الساعة لم يكونوا بصلاتهم غافلين وإن كان الكسوف والخسوف ليس لأنّ القيامة قد قامت فلم يخسروا بصلاتهم وإنما غنموا أجرا كبيرا نسأل الله أن يجعلنا ممن يخشونه وهم من الساعة مشفقون وصلى الله على نبينا محمد .
الشيخ محمد صالح المنجد