صمت العيون"
¬°•| عضو فعّال |•°¬
! رح ـــل وتركني أبكي حظي العاثر ..
هاهي تجلس وحيدة في ذلك البيت الذي قد بدى كأنه مقبرة اعدت من أجلها. فبعد ان كان كل شيء في يدها، ضاع، وكأنها استيقظت من حلم جميل. انها لا تزال تذكر ذلك الانسان الذي أحبها وأعطاها عمره لتعيش، وكيف تستطيع نساينه وهو يسكن قلبها.
سافرت في عالم ذكرياتها منذ ان تعرفت عليه، وبدأت تستعيد كل شيء، فهي تذكر كم مرة بكت ولم تجد يداً تمسح دموعها الا يده، وتذكر كيف كان يصغي اليها عندما تختنق الكلمات في داخلها. لطالما قال لها انه على استعداد لأن يقدم حياته مقابل ان تكون سعيدة.
ولكن الايام استطاعت ان تقلب مشاعرها، فقد أحست انه يبالغ في تعابيره، وتملكها شعور قاتل انه يخادعها، وبدأت تبحث عما يضايقه وتفعله، اما هو فلم تظهر عليه علامات الكذب او الخداع، بل كان دائم الابتسامة يتلقى ضرباتها مدارياً جراحه. وفي احدى الليالي وبينما هو يجلس الى جانبها سألها: أي خطأ ارتكبت بحقك، لما قسوت علي هكذا، أأستحق منك كل هذا ؟
- أعرف انك تحب ان أكون صريحة معك، في الحقيقة انا أشعر انك تكذب علي ولا تحبني، واذا اردت ان اكون صريحة معك اكثر، فانا اتمنى ان تبتعد عني...
فقال وعلامات الحزن ترافق نبرات صوته: أتفكرين بهذه الطريقه ؟ حسناً لك ما تريدين، لن اكون ضعيفا هذه المره، سأذهب ولن تري وجهي أبداً بعد اليوم، ولكن تذكري انني احببتك من كل قلبي وانك ستبقين في داخلي حتى وان كنت بعيداً...
عندها شعرت بالخساره لكن بعد فوات الاوان، فقد بحثت عنه لتكسر وحدتها بمواسته، فوالدها منشغل عنها باعماله التي لا تكاد تنتهي، وامها لا تنفك متذمرة والصراخ هو لغتها الوحيده. فعلاً شعرت بالخساره ولكنه هذه المرة لن يكون الى جانبها، فقد علمت انه سافر وترك البلاد.
وتمر عليها أيام من أصعب أيام عمرها، فلطالما بكت بسبب أمها التي توبخها دائماً، ولكنها هذه المرة لم تجد تلك اليد التي تمسح دموعها، ولطالما شعرت انها تريد الحديث عن اشيائها الخاصه وأحلامها الصغيرة، لكنها فقدت الاذن المصغيه. كم تمنت لو انها لم تفعل ذلك، كم تمنت لو انها عاشت على كذبته، ولكن ما الفائده فكل شيء قد ضاع. هكذا هو الانسان، لا يشعر انه بحاجه لما معه الا بعد فقدانه.
ومرت سنة دون ان تسمع عنه اي خبر، وان ما زاد عليها الامر سوأً، هو مرضها الذي اكتشفته بعد شعورها القاتل بالالم، واستقرت أخيراً بالمستشفى بانتظار موعد موتها، فقد أصبحت لا تقوى على الحراك، وكانت بحالة أغماء دائمة.
اما هو فلا أحد يعرف اي طائرة تلك التي أقلته طريق العوده، وما الذي أعاده بعد ان أقسم ان لا يعود، أيكون قد شعر بالخطر المحيط بها؟ وكيف لا وقد جعلها روحه وحياته كلها.
وها هو يذهب كالمجنون الى المستشفى الذي ترقد فيه بعد ان تلقى الخبر من الجيران. وقف أمام باب غرفتها ليجد والداها والدموع في عينيهما، فسألهما عن حالها.
وما كاد يفعل حتى جاء الطبيب وهو يقول: تفضل يا سيدي، سنجري العملية الآن.
فأوقفهما قائلاً: أي عملية، أريد ان اعرف ماذا حل بها؟
فقال الاب: انها بحاجة الى كلية، وسأتبرع لها بكليتي...
فقاطعه قائلاً: بل انا من سيفعل ذلك، أرجوك يا سيدي دعني أتبرع لها بكليتي، فانا قد ذهبت الى آخر العالم بسببها، واليوم عدت من أجلها، هي كل حياتي ، فأرجوك ان تدعني أقوم بالعملية انا...
فما كان من الاب الا ان يرضخ امام هذا الاصرار، وبعد اجراء الفحوصات اللازمه قام الطبيب بنصحه قائلاً: ان واجبي كطبيب يحتم علي ان انصحك بعدم القيام بهذه العملية، فان نجحت العملية ستعيش حياة مهددة، فان كليتك الثانية ليست بخير.
فأجاب وهو يبتسم: لا عليك ايها الطبيب، المهم عندي هو ان تعيش هي...
فقال الطبيب: انا لا أفهم سبب اصرارك، يمكن لوالدها ان يقوم بذلك، لما تعرض حياتك للخطر...
فقال : ارجوك ان لا تمنعني، فقد أقسمت لها في السابق انني على استعداد لأضحي بحياتي من أجلها، ولم تصدق ذلك، واليوم يبدو انه قد آن الاوان...
فقال الطبيب: أفهم حقيقة شعورك، ولكن اذا اردت ان أقوم باجراء العملية، يجب عليك ان توقع لنا بأنك تتحمل المسؤولية فوقع الورقة.
وقبل ان يدخل غرفة العمليات دخل غرفتها وأمسك بيدها وقال: أعلم انه مغماً عليك وانك لن تسمعينني، انا لا أعرف ان كنت سأقوم مرة أخرى لأراك ام لا، ولكن تأكدي من حبي لك، فأنا لم أكذب عليك في حياتي، لقد وعدتك ان أضحي بحياتي من أجلك، ويبدو ان الوقت قد حان، فأرجوك ان تسامحيني ان قمت ولم تجديني الى جانبك...
ثم يقبل يدها ويذهب مع الطبيب الى غرفة العمليات، وهناك يقدم له الطبيب نصيحته الاخيره: أنصحك ان لا تفعل، فأنا لا أضمن لك ان تقوم من هذا الفراش مرة ثانية.
فقال: لا عليك ان كانت هي ستقوم.
فقال الطبيب: انا متأكد من نجاح العملية لها، أما انت فلا أستطيع ان أأكد ذلك...
فقال وهو يبتسم: اذن فباشر عملك واترك الباقي على الله عز وجل...
وبعد ساعات طويلة ينجح الطبيب بانتزاع احشائه ليزرعها بداخلها. ولم يمر وقت طويل حتى استفاقت من غيبوبتها، فتحت عينيها فلم تجد الى جانبها سوى والداها. نظرت يميناً ويساراً كأنها تبحث عن شيء. ثم سألت: أين هو، لقد سمعته يتحدث الي، أم انه كان تأثير المخدر علي؟
رأت الدموع في عيني والداها، فقالت وهي تبكي: لم يكن حلماً اذن، هل جاء حقاً، هل ضحى بحياته من أجلي، أيكون قد مات حقاً...
فهز والدها رأسه، عندها شعرت كم كانت ظالمة، لقد ضحت بحياته من أجلها، من أجل ان تعيش. ولكنه لم يجد منها سوى الظلم والقهر والقسوه. صرخت لكن دون فائده، فكل شيء قد انتهى، انها لن تستطيع رؤيته مرة أخرى لتعتذر منه.
وبعد ان خرجت من المستشفى ذهبت الى قبره، وقفت امامه وقالت بأعلى صوتها: أنا آسفة يا أغلى انسان على قلبي، لما أعطيتني حياتك على الرغم اني لا استحقها. لقد علمتني معنى الحب، علمتني ان الحب الصادق يعيش على الرغم من كل شيء، لذا فأنا أعدك ان لا أكون لأحد سواك، أعدك انني سأحافظ على حياتك التي أهديتني، فأنت بالنسبة لي، تلك الشمس التي لا ولن تغيب أبداً.
وفعلاً مرت عليها السنون دون ان تعرف الابتسامة لها طريقاً، فهي تشعر انها ظلمت ذلك الذي أحبها بصدق، ولم تتزوج من غيره على الرغم من جمالها، أما الآن فهي عجوز تنتظر اللحاق بمن أحبت وستحب الى آخر ايامها...
هاهي تجلس وحيدة في ذلك البيت الذي قد بدى كأنه مقبرة اعدت من أجلها. فبعد ان كان كل شيء في يدها، ضاع، وكأنها استيقظت من حلم جميل. انها لا تزال تذكر ذلك الانسان الذي أحبها وأعطاها عمره لتعيش، وكيف تستطيع نساينه وهو يسكن قلبها.
سافرت في عالم ذكرياتها منذ ان تعرفت عليه، وبدأت تستعيد كل شيء، فهي تذكر كم مرة بكت ولم تجد يداً تمسح دموعها الا يده، وتذكر كيف كان يصغي اليها عندما تختنق الكلمات في داخلها. لطالما قال لها انه على استعداد لأن يقدم حياته مقابل ان تكون سعيدة.
ولكن الايام استطاعت ان تقلب مشاعرها، فقد أحست انه يبالغ في تعابيره، وتملكها شعور قاتل انه يخادعها، وبدأت تبحث عما يضايقه وتفعله، اما هو فلم تظهر عليه علامات الكذب او الخداع، بل كان دائم الابتسامة يتلقى ضرباتها مدارياً جراحه. وفي احدى الليالي وبينما هو يجلس الى جانبها سألها: أي خطأ ارتكبت بحقك، لما قسوت علي هكذا، أأستحق منك كل هذا ؟
- أعرف انك تحب ان أكون صريحة معك، في الحقيقة انا أشعر انك تكذب علي ولا تحبني، واذا اردت ان اكون صريحة معك اكثر، فانا اتمنى ان تبتعد عني...
فقال وعلامات الحزن ترافق نبرات صوته: أتفكرين بهذه الطريقه ؟ حسناً لك ما تريدين، لن اكون ضعيفا هذه المره، سأذهب ولن تري وجهي أبداً بعد اليوم، ولكن تذكري انني احببتك من كل قلبي وانك ستبقين في داخلي حتى وان كنت بعيداً...
عندها شعرت بالخساره لكن بعد فوات الاوان، فقد بحثت عنه لتكسر وحدتها بمواسته، فوالدها منشغل عنها باعماله التي لا تكاد تنتهي، وامها لا تنفك متذمرة والصراخ هو لغتها الوحيده. فعلاً شعرت بالخساره ولكنه هذه المرة لن يكون الى جانبها، فقد علمت انه سافر وترك البلاد.
وتمر عليها أيام من أصعب أيام عمرها، فلطالما بكت بسبب أمها التي توبخها دائماً، ولكنها هذه المرة لم تجد تلك اليد التي تمسح دموعها، ولطالما شعرت انها تريد الحديث عن اشيائها الخاصه وأحلامها الصغيرة، لكنها فقدت الاذن المصغيه. كم تمنت لو انها لم تفعل ذلك، كم تمنت لو انها عاشت على كذبته، ولكن ما الفائده فكل شيء قد ضاع. هكذا هو الانسان، لا يشعر انه بحاجه لما معه الا بعد فقدانه.
ومرت سنة دون ان تسمع عنه اي خبر، وان ما زاد عليها الامر سوأً، هو مرضها الذي اكتشفته بعد شعورها القاتل بالالم، واستقرت أخيراً بالمستشفى بانتظار موعد موتها، فقد أصبحت لا تقوى على الحراك، وكانت بحالة أغماء دائمة.
اما هو فلا أحد يعرف اي طائرة تلك التي أقلته طريق العوده، وما الذي أعاده بعد ان أقسم ان لا يعود، أيكون قد شعر بالخطر المحيط بها؟ وكيف لا وقد جعلها روحه وحياته كلها.
وها هو يذهب كالمجنون الى المستشفى الذي ترقد فيه بعد ان تلقى الخبر من الجيران. وقف أمام باب غرفتها ليجد والداها والدموع في عينيهما، فسألهما عن حالها.
وما كاد يفعل حتى جاء الطبيب وهو يقول: تفضل يا سيدي، سنجري العملية الآن.
فأوقفهما قائلاً: أي عملية، أريد ان اعرف ماذا حل بها؟
فقال الاب: انها بحاجة الى كلية، وسأتبرع لها بكليتي...
فقاطعه قائلاً: بل انا من سيفعل ذلك، أرجوك يا سيدي دعني أتبرع لها بكليتي، فانا قد ذهبت الى آخر العالم بسببها، واليوم عدت من أجلها، هي كل حياتي ، فأرجوك ان تدعني أقوم بالعملية انا...
فما كان من الاب الا ان يرضخ امام هذا الاصرار، وبعد اجراء الفحوصات اللازمه قام الطبيب بنصحه قائلاً: ان واجبي كطبيب يحتم علي ان انصحك بعدم القيام بهذه العملية، فان نجحت العملية ستعيش حياة مهددة، فان كليتك الثانية ليست بخير.
فأجاب وهو يبتسم: لا عليك ايها الطبيب، المهم عندي هو ان تعيش هي...
فقال الطبيب: انا لا أفهم سبب اصرارك، يمكن لوالدها ان يقوم بذلك، لما تعرض حياتك للخطر...
فقال : ارجوك ان لا تمنعني، فقد أقسمت لها في السابق انني على استعداد لأضحي بحياتي من أجلها، ولم تصدق ذلك، واليوم يبدو انه قد آن الاوان...
فقال الطبيب: أفهم حقيقة شعورك، ولكن اذا اردت ان أقوم باجراء العملية، يجب عليك ان توقع لنا بأنك تتحمل المسؤولية فوقع الورقة.
وقبل ان يدخل غرفة العمليات دخل غرفتها وأمسك بيدها وقال: أعلم انه مغماً عليك وانك لن تسمعينني، انا لا أعرف ان كنت سأقوم مرة أخرى لأراك ام لا، ولكن تأكدي من حبي لك، فأنا لم أكذب عليك في حياتي، لقد وعدتك ان أضحي بحياتي من أجلك، ويبدو ان الوقت قد حان، فأرجوك ان تسامحيني ان قمت ولم تجديني الى جانبك...
ثم يقبل يدها ويذهب مع الطبيب الى غرفة العمليات، وهناك يقدم له الطبيب نصيحته الاخيره: أنصحك ان لا تفعل، فأنا لا أضمن لك ان تقوم من هذا الفراش مرة ثانية.
فقال: لا عليك ان كانت هي ستقوم.
فقال الطبيب: انا متأكد من نجاح العملية لها، أما انت فلا أستطيع ان أأكد ذلك...
فقال وهو يبتسم: اذن فباشر عملك واترك الباقي على الله عز وجل...
وبعد ساعات طويلة ينجح الطبيب بانتزاع احشائه ليزرعها بداخلها. ولم يمر وقت طويل حتى استفاقت من غيبوبتها، فتحت عينيها فلم تجد الى جانبها سوى والداها. نظرت يميناً ويساراً كأنها تبحث عن شيء. ثم سألت: أين هو، لقد سمعته يتحدث الي، أم انه كان تأثير المخدر علي؟
رأت الدموع في عيني والداها، فقالت وهي تبكي: لم يكن حلماً اذن، هل جاء حقاً، هل ضحى بحياته من أجلي، أيكون قد مات حقاً...
فهز والدها رأسه، عندها شعرت كم كانت ظالمة، لقد ضحت بحياته من أجلها، من أجل ان تعيش. ولكنه لم يجد منها سوى الظلم والقهر والقسوه. صرخت لكن دون فائده، فكل شيء قد انتهى، انها لن تستطيع رؤيته مرة أخرى لتعتذر منه.
وبعد ان خرجت من المستشفى ذهبت الى قبره، وقفت امامه وقالت بأعلى صوتها: أنا آسفة يا أغلى انسان على قلبي، لما أعطيتني حياتك على الرغم اني لا استحقها. لقد علمتني معنى الحب، علمتني ان الحب الصادق يعيش على الرغم من كل شيء، لذا فأنا أعدك ان لا أكون لأحد سواك، أعدك انني سأحافظ على حياتك التي أهديتني، فأنت بالنسبة لي، تلك الشمس التي لا ولن تغيب أبداً.
وفعلاً مرت عليها السنون دون ان تعرف الابتسامة لها طريقاً، فهي تشعر انها ظلمت ذلك الذي أحبها بصدق، ولم تتزوج من غيره على الرغم من جمالها، أما الآن فهي عجوز تنتظر اللحاق بمن أحبت وستحب الى آخر ايامها...