الرئيسية
المنتديات
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
ما الجديد
المشاركات الجديدة
جديد مشاركات الحائط
آخر نشاط
الأعضاء
الزوار الحاليين
مشاركات الحائط الجديدة
البحث عن مشاركات الملف الشخصي
تسجيل الدخول
تسجيل
ما الجديد
البحث
البحث
بحث بالعناوين فقط
بواسطة:
المشاركات الجديدة
بحث بالمنتديات
قائمة
تسجيل الدخول
تسجيل
Install the app
تثبيت
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
(احســن القصص) .. سلسله قصصيه متجدده ..
تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة.
أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح.
يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام
أحد المتصفحات البديلة
.
الرد على الموضوع
الرسالة
<blockquote data-quote="جعلاني ولي الفخر" data-source="post: 408820" data-attributes="member: 2363"><p style="margin-right: 20px"><p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><strong><span style="color: #c11111">موقع القصة في القرآن الكريم:</span></strong></span></span></p> <p style="text-align: center"></p> </p> <p style="margin-right: 20px"><p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 60-82.</span></span></p> </p> <p style="margin-right: 20px"><p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><strong><span style="color: #c11111">القصة</span></strong><strong><span style="color: #c11111">:</span></strong></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">قال تعالى:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا</span> (60) (الكهف)</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذا التصميم قائلا (<span style="color: #ff0000">أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا</span><span style="color: #000000">).</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="color: #000000">نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكان الذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة، وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياق القرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة.. مكان اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر.. لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: (<span style="color: #ff0000">عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا</span>) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل، وأحد </span></span><a href="http://alnoor-world.com/prophets/azem.asp"><strong><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #800080">أولي العزم</span></span></span></strong></a><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"> من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي العظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر -عليه السلام- كما حدثتنا أن الفتى هو </span></span><a href="http://alnoor-world.com/prophets/yousha3.asp"><strong><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff">يوشع بن نون</span></span></span></strong></a><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">، ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبته بشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">والخضر هو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وقد اختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصته كما أوردها القرآن الكريم.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">قال موسى مندفعا: لا..</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ويظهر عزم موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. (<span style="color: #ff0000">فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا</span>).. وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب.. (<span style="color: #ff0000">قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا</span>).. ولمع في ذهن الفتى ما وقع.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ساعتئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت (<span style="color: #ff0000">سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا</span>).. كان أمرا عجيبا ما رآه </span></span><a href="http://alnoor-world.com/prophets/yousha3.asp"><strong><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #0000ff">يوشع بن نون</span></span></span></strong></a><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و(<span style="color: #ff0000">قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ</span>).. هذا ما كنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #008000">فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="color: #008000">قال موسى: أنا موسى.</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="color: #008000">قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: #00008b"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #008000">قال موسى: وما أدراك بي..؟</span></span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: #00008b"><span style="color: #008000"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟</span></span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: #00008b"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="color: #008000">قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير: (</span></span></span><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا</span></span></span></span><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #008000">).</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="color: #00008b"><span style="color: #00008b"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى (</span></span></span><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا</span></span></span></span><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #008000">).</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">قال الخضر لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه: (<span style="color: #ff0000">قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا</span>).</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر عليه (<span style="color: #ff0000">قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا</span>)، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه (<span style="color: #ff0000">قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا</span>).</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه (<span style="color: #ff0000">قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا</span>).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه (<span style="color: #ff0000">قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا</span>).</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني (<span style="color: #ff0000">قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا</span>).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: (<span style="color: #ff0000">هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ</span>).</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر، من ماء البحر..</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ثم ينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'"><strong><span style="color: #0000ff">والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟</span></strong></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته من وجوه:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">1. أحدها قوله تعالى:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا </span><span style="color: #000000">(65)</span> (الكهف)</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">2. والثاني قول موسى له:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا </span><span style="color: #000000">(66)</span><span style="color: #ff0000"> قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا </span><span style="color: #000000">(67)</span><span style="color: #ff0000"> وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا </span><span style="color: #000000">(68)</span><span style="color: #ff0000"> قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا </span><span style="color: #000000">(69)</span><span style="color: #ff0000"> قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا </span><span style="color: #000000">(70)</span> (الكهف)</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">فلو كان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما من ولي غير واجب العصمة.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">3. والثالث أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدام الخضر على قتل الغلام دليل نبوته.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">4. والرابع قول الخضر لموسى:</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px"><span style="color: #ff0000">رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="font-size: 22px">يعني أن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.</span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'"><span style="color: #008000">ومن كلمات الخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.</span></span></span></p> <p style="text-align: center"><span style="font-size: 22px"><span style="font-family: 'Arial Black'">ونحن نميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه الله بعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصلي للقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من الزمن.</span></span></p> </p></blockquote><p></p>
[QUOTE="جعلاني ولي الفخر, post: 408820, member: 2363"] [INDENT][CENTER][FONT=Arial Black][SIZE=6][B][COLOR=#c11111]موقع القصة في القرآن الكريم:[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT] [/CENTER] [/INDENT][INDENT][CENTER][SIZE=6][FONT=Arial Black]ورد ذكر القصة في سورة الكهف الآيات 60-82.[/FONT][/SIZE][/CENTER] [/INDENT][INDENT][CENTER][FONT=Arial Black][SIZE=6][B][COLOR=#c11111]القصة[/COLOR][/B][B][COLOR=#c11111]:[/COLOR][/B][/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]قال تعالى:[/FONT][/SIZE] [FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#ff0000]وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا[/COLOR] (60) (الكهف)[/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Black][SIZE=6]كان لموسى -عليه السلام- هدف من رحلته هذه التي اعتزمها،, وأنه كان يقصد من ورائها امرا، فهو يعلن عن تصميمه على بلوغ مجمع البحرين مهما تكن المشقة، ومهما يكن الزمن الذي ينفه في الوصول. فيعبر عن هذا التصميم قائلا ([COLOR=#ff0000]أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا[/COLOR][COLOR=#000000]).[/COLOR][/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black][COLOR=#000000]نرى أن القرآن الكريم لا يحدد لنا المكان الذي وقت فيه الحوادث، ولا يحدد لنا التاريخ، كما أنه لم يصرح بالأسماء. ولم يبين ماهية العبد الصالح الذي التقاه موسى، هل هو نبي أو رسول؟ أم عالم؟ أم ولي؟[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]اختلف المفسرون في تحديد المكان، فقيل إنه بحر فارس والروم، وقيل بل بحر الأردن أو القلزم، وقيل عند طنجة، وقيل في أفريقيا، وقيل هو بحر الأندلس.. ولا يقوم الدليل على صحة مكان من هذه الأمكنة، ولو كان تحديد المكان مطلوبا لحدده الله تعالى.. وإنما أبهم السياق القرآني المكان، كما أبهم تحديد الزمان، كما ضبب أسماء الأشخاص لحكمة عليا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]إن القصة تتعلق بعلم ليس هو علمنا القائم على الأسباب.. وليس هو علم الأنبياء القائم على الوحي.. إنما نحن أمام علم من طبيعة غامضة أشد الغموض.. علم القدر الأعلى، وذلك علم أسدلت عليه الأستار الكثيفة.. مكان اللقاء مجهول كما رأينا.. وزمان اللقاء غير معروف هو الآخر.. لا نعرف متى تم لقاء موسى بهذا العبد.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وهكذا تمضي القصة بغير أن تحدد لك سطورها مكان وقوع الأحداث، ولا زمانه، يخفي السياق القرآني أيضا اسم أهم أبطالها.. يشير إليه الحق تبارك وتعالى بقوله: ([COLOR=#ff0000]عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا[/COLOR]) هو عبد أخفى السياق القرآني اسمه.. هذا العبد هو الذي يبحث عنه موسى ليتعلم منه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]لقد خص الله تعالى نبيه الكريم موسى -عليه السلام- بأمور كثيرة. فهو كليم الله عز وجل، وأحد [/FONT][/SIZE][URL="http://alnoor-world.com/prophets/azem.asp"][B][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#800080]أولي العزم[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/URL][FONT=Arial Black][SIZE=6] من الرسل، وصاحب معجزة العصا واليد، والنبي الذي أنزلت عليه التوراة دون واسطة، وإنما كلمه الله تكليما.. هذا النبي العظيم يتحول في القصة إلى طالب علم متواضع يحتمل أستاذه ليتعلم.. ومن يكون معلمه غير هذا العبد الذي يتجاوز السياق القرآني اسمه، وإن حدثتنا السنة المطهرة أنه هو الخضر -عليه السلام- كما حدثتنا أن الفتى هو [/SIZE][/FONT][URL="http://alnoor-world.com/prophets/yousha3.asp"][B][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#0000ff]يوشع بن نون[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/URL][FONT=Arial Black][SIZE=6]، ويسير موسى مع العبد الذي يتلقى علمه من الله بغير أسباب التلقي الني نعرفها.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]ومع منزلة موسى العظيمة إلا أن الخضر يرفض صحبة موسى.. يفهمه أنه لن يستطيع معه صبرا.. ثم يوافق على صحبته بشرط.. ألا يسأله موسى عن شيء حتى يحدثه الخضر عنه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]والخضر هو الصمت المبهم ذاته، إنه لا يتحدث، وتصرفاته تثير دهشة موسى العميقة.. إن هناك تصرفات يأتيها الخضر وترتفع أمام عيني موسى حتى لتصل إلى مرتبة الجرائم والكوارث.. وهناك تصرفات تبدو لموسى بلا معنى.. وتثير تصرفات الخضر دهشة موسى ومعارضته.. ورغم علم موسى ومرتبته، فإنه يجد نفسه في حيرة عميقة من تصرفات هذا العبد الذي آتاه الله من لدنه علما.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وقد اختلف العلماء في الخضر: فيهم من يعتبره وليا من أولياء الله، وفيهم من يعتبره نبيا.. وقد نسجت الأساطير نفسها حول حياته ووجوده، فقيل إنه لا يزال حيا إلى يوم القيامة، وهي قضية لم ترد بها نصوص أو آثار يوثق فيها، فلا نقول فيها إلا أنه مات كما يموت عباد الله.. وتبقى قضية ولايته، أو نبوته.. وسنرجئ الحديث في هذه القضية حتى ننظر في قصته كما أوردها القرآن الكريم.[/FONT][/SIZE] [FONT=Arial Black][SIZE=6]قام موسى خطيبا في بني إسرائيل، يدعوهم إلى الله ويحدثهم عن الحق، ويبدو أن حديثه جاء جامعا مانعا رائعا.. بعد أن انتهى من خطابه سأله أحد المستمعين من بني إسرائيل: هل على وجه الأرض أحد اعلم منك يا نبي الله؟[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]قال موسى مندفعا: لا..[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وساق الله تعالى عتابه لموسى حين لم يرد العلم إليه، فبعث إليه جبريل يسأله: يا موسى ما يدريك أين يضع الله علمه؟[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]أدرك موسى أنه تسرع.. وعاد جبريل، عليه السلام، يقول له: إن لله عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]تاقت نفس موسى الكريمة إلى زيادة العلم، وانعقدت نيته على الرحيل لمصاحبة هذا العبد العالم.. سأل كيف السبيل إليه.. فأمر أن يرحل، وأن يحمل معه حوتا في مكتل، أي سمكة في سلة.. وفي هذا المكان الذي ترتد فيه الحياة لهذا الحوت ويتسرب في البحر، سيجد العبد العالم.. انطلق موسى -طالب العلم- ومعه فتاه.. وقد حمل الفتى حوتا في سلة.. انطلقا بحثا عن العبد الصالح العالم.. وليست لديهم أي علامة على المكان الذي يوجد فيه إلا معجزة ارتداد الحياة للسمكة القابعة في السلة وتسربها إلى البحر.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]ويظهر عزم موسى -عليه السلام- على العثور على هذا العبد العالم ولو اضطره الأمر إلى أن يسير أحقابا وأحقابا. قيل أن الحقب عام، وقيل ثمانون عاما. على أية حال فهو تعبير عن التصميم، لا عن المدة على وجه التحديد.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وصل الاثنان إلى صخرة جوار البحر.. رقد موسى واستسلم للنعاس، وبقي الفتى ساهرا.. وألقت الرياح إحدى الأمواج على الشاطئ فأصاب الحوت رذاذ فدبت فيه الحياة وقفز إلى البحر.. ([COLOR=#ff0000]فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا[/COLOR]).. وكان تسرب الحوت إلى البحر علامة أعلم الله بها موسى لتحديد مكان لقائه بالرجل الحكيم الذي جاء موسى يتعلم منه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]نهض موسى من نومه فلم يلاحظ أن الحوت تسرب إلى البحر.. ونسي فتاه الذي يصحبه أن يحدثه عما وقع للحوت.. وسار موسى مع فتاه بقية يومهما وليلتهما وقد نسيا حوتهما.. ثم تذكر موسى غداءه وحل عليه التعب.. ([COLOR=#ff0000]قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا[/COLOR]).. ولمع في ذهن الفتى ما وقع.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]ساعتئذ تذكر الفتى كيف تسرب الحوت إلى البحر هناك.. وأخبر موسى بما وقع، واعتذر إليه بأن الشيطان أنساه أن يذكر له ما وقع، رغم غرابة ما وقع، فقد اتخذ الحوت ([COLOR=#ff0000]سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا[/COLOR]).. كان أمرا عجيبا ما رآه [/FONT][/SIZE][URL="http://alnoor-world.com/prophets/yousha3.asp"][B][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#0000ff]يوشع بن نون[/COLOR][/SIZE][/FONT][/B][/URL][FONT=Arial Black][SIZE=6]، لقد رأى الحوت يشق الماء فيترك علامة وكأنه طير يتلوى على الرمال.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]سعد موسى من مروق الحوت إلى البحر و([COLOR=#ff0000]قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ[/COLOR]).. هذا ما كنا نريده.. إن تسرب الحوت يحدد المكان الذي سنلتقي فيه بالرجل العالم.. ويرتد موسى وفتاه يقصان أثرهما عائدين.. انظر إلى بداية القصة، وكيف تجيء غامضة أشد الغموض، مبهمة أعظم الإبهام.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]أخيرا وصل موسى إلى المكان الذي تسرب منه الحوت.. وصلا إلى الصخرة التي ناما عندها، وتسرب عندها الحوت من السلة إلى البحر.. وهناك وجدا رجلا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]يقول البخاري إن موسى وفتاه وجدا الخضر مسجى بثوبه.. وقد جعل طرفه تحت رجليه وطرف تحت رأسه.[/FONT][/SIZE] [FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#008000]فسلم عليه موسى، فكشف عن وجهه وقال: هل بأرضك سلام..؟ من أنت؟[/COLOR][/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black][COLOR=#008000]قال موسى: أنا موسى.[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black][COLOR=#008000]قال الخضر: موسى بني إسرائيل.. عليك السلام يا نبي إسرائيل.[/COLOR][/FONT][/SIZE] [COLOR=#00008b][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#008000]قال موسى: وما أدراك بي..؟[/COLOR][/SIZE][/FONT] [COLOR=#008000][FONT=Arial Black][SIZE=6]قال الخضر: الذي أدراك بي ودلك علي.. ماذا تريد يا موسى..؟[/SIZE][/FONT][/COLOR] [SIZE=6][FONT=Arial Black][COLOR=#008000]قال موسى ملاطفا مبالغا في التوقير: ([/COLOR][/FONT][/SIZE][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#ff0000]هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا[/COLOR][/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#008000]).[/COLOR][/SIZE][/FONT] [COLOR=#00008b][COLOR=#00008b][FONT=Arial Black][SIZE=6]قال الخضر: أما يكفيك أن التوراة بيديك.. وأن الوحي يأتيك..؟ يا موسى ([/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#ff0000]إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا[/COLOR][/SIZE][/FONT][/COLOR][FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#008000]).[/COLOR][/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]نريد أن نتوقف لحظة لنلاحظ الفرق بين سؤال موسى الملاطف المغالي في الأدب.. ورد الخضر الحاسم، الذي يفهم موسى أن علمه لا ينبغي لموسى أن يعرفه، كما أن علم موسى هو علم لا يعرفه الخضر.. يقول المفسرون إن الخضر قال لموسى: إن علمي أنت تجهله.. ولن تطيق عليه صبرا، لأن الظواهر التي ستحكم بها على علمي لن تشفي قلبك ولن تعطيك تفسيرا، وربما رأيت في تصرفاتي ما لا تفهم له سببا أو تدري له علة.. وإذن لن تصبر على علمي يا موسى.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]احتمل موسى كلمات الصد القاسية وعاد يرجوه أن يسمح له بمصاحبته والتعلم منه.. وقال له موسى فيما قال إنه سيجده إن شاء الله صابرا ولا يعصي له أمرا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]تأمل كيف يتواضع كليم الله ويؤكد للعبد المدثر بالخفاء أنه لن يعصي له أمرا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]قال الخضر لموسى -عليهما السلام- إن هناك شرطا يشترطه لقبول أن يصاحبه موسى ويتعلم منه هو ألا يسأله عن شيء حتى يحدثه هو عنه.. فوافق موسى على الشرط وانطلقا..[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]انطلق موسى مع الخضر يمشيان على ساحل البحر.. مرت سفينة، فطلب الخضر وموسى من أصحابها أن يحملوهما، وعرف أصحاب السفينة الخضر فحملوه وحملوا موسى بدون أجر، إكراما للخضر، وفوجئ موسى حين رست السفينة وغادرها أصحابها وركابها.. فوجئ بأن الخضر يتخلف فيها، لم يكد أصحابها يبتعدون حتى بدأ الخضر يخرق السفينة.. اقتلع لوحا من ألواحها وألقاه في البحر فحملته الأمواج بعيدا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]فاستنكر موسى فعلة الخضر. لقد حملنا أصحاب السفينة بغير أجر.. أكرمونا.. وها هو ذا يخرق سفينتهم ويفسدها.. كان التصرف من وجهة نظر موسى معيبا.. وغلبت طبيعة موسى المندفعة عليه، كما حركته غيرته على الحق، فاندفع يحدث أستاذه ومعلمه وقد نسي شرطه الذي اشترطه عليه: ([COLOR=#ff0000]قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا[/COLOR]).[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وهنا يلفت العبد الرباني نظر موسى إلى عبث محاولة التعليم منه، لأنه لن يستطيع الصبر عليه ([COLOR=#ff0000]قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا[/COLOR])، ويعتذر موسى بالنسيان ويرجوه ألا يؤاخذه وألا يرهقه ([COLOR=#ff0000]قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا[/COLOR]).[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]سارا معا.. فمرا على حديقة يلعب فيها الصبيان.. حتى إذا تعبوا من اللعب انتحى كل واحد منهم ناحية واستسلم للنعاس.. فوجئ موسى بأن العبد الرباني يقتل غلاما.. ويثور موسى سائلا عن الجريمة التي ارتكبها هذا الصبي ليقتله هكذا.. يعاود العبد الرباني تذكيره بأنه أفهمه أنه لن يستطيع الصبر عليه ([COLOR=#ff0000]قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِي صَبْرًا[/COLOR]).. ويعتذر موسى بأنه نسي ولن يعاود الأسئلة وإذا سأله مرة أخرى سيكون من حقه أن يفارقه ([COLOR=#ff0000]قَالَ إِن سَأَلْتُكَ عَن شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّي عُذْرًا[/COLOR]).[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]ومضى موسى مع الخضر.. فدخلا قرية بخيلة.. لا يعرف موسى لماذا ذهبا إلى القرية، ولا يعرف لماذا يبيتان فيها، نفذ ما معهما من الطعام، فاستطعما أهل القرية فأبوا أن يضيفوهما.. وجاء عليهما المساء، وأوى الاثنان إلى خلاء فيه جدار يريد أن ينقض.. جدار يتهاوى ويكاد يهم بالسقوط.. وفوجئ موسى بأن الرجل العابد ينهض ليقضي الليل كله في إصلاح الجدار وبنائه من جديد.. ويندهش موسى من تصرف رفيقه ومعلمه، إن القرية بخيلة، لا يستحق من فيها هذا العمل المجاني ([COLOR=#ff0000]قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا[/COLOR]).. انتهى الأمر بهذه العبارة.. قال عبد الله لموسى: ([COLOR=#ff0000]هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ[/COLOR]).[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]لقد حذر العبد الرباني موسى من مغبة السؤال. وجاء دور التفسير الآن..[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]إن كل تصرفات العبد الرباني التي أثارت موسى وحيرته لم يكن حين فعلها تصدر عن أمره.. كان ينفذ إرادة عليا.. وكانت لهذه الإرادة العليا حكمتها الخافية، وكانت التصرفات تشي بالقسوة الظاهرة، بينما تخفي حقيقتها رحمة حانية.. وهكذا تخفي الكوارث أحيانا في الدنيا جوهر الرحمة، وترتدي النعم ثياب المصائب وتجيد التنكر، وهكذا يتناقض ظاهر الأمر وباطنه، ولا يعلم موسى، رغم علمه الهائل غير قطرة من علم العبد الرباني، ولا يعلم العبد الرباني من علم الله إلا بمقدار ما يأخذ العصفور الذي يبلل منقاره في البحر، من ماء البحر..[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]كشف العبد الرباني لموسى شيئين في الوقت نفسه.. كشف له أن علمه -أي علم موسى- محدود.. كما كشف له أن كثيرا من المصائب التي تقع على الأرض تخفي في ردائها الأسود الكئيب رحمة عظمى.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]إن أصحاب السفينة سيعتبرون خرق سفينتهم مصيبة جاءتهم، بينما هي نعمة تتخفى في زي المصيبة.. نعمة لن تكشف النقاب عن وجهها إلا بعد أن تنشب الحرب ويصادر الملك كل السفن الموجودة غصبا، ثم يفلت هذه السفينة التالفة المعيبة.. وبذلك يبقى مصدر رزق الأسرة عندهم كما هو، فلا يموتون جوعا.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]أيضا سيعتبر والد الطفل المقتول وأمه أن كارثة قد دهمتهما لقتل وحيدهما الصغير البريء.. غير أن موته يمثل بالنسبة لهما رحمة عظمى، فإن الله سيعطيهما بدلا منه غلاما يرعاهما في شيخوختهما ولا يرهقهما طغيانا وكفرا كالغلام المقتول.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وهكذا تختفي النعمة في ثياب المحنة، وترتدي الرحمة قناع الكارثة، ويختلف ظاهر الأشياء عن باطنها حتى ليحتج نبي الله موسى إلى تصرف يجري أمامه، ثم يستلفته عبد من عباد الله إلى حكمة التصرف ومغزاه ورحمة الله الكلية التي تخفي نفسها وراء أقنعة عديدة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]أما الجدار الذي أتعب نفسه بإقامته، من غير أن يطلب أجرا من أهل القرية، كان يخبئ تحته كنزا لغلامين يتيمين ضعيفين في المدينة. ولو ترك الجدار ينقض لظهر من تحته الكنز فلم يستطع الصغيران أن يدفعا عنه.. ولما كان أبوهما صالحا فقد نفعهما الله بصلاحه في طفولتهما وضعفهما، فأراد أن يكبرا ويشتد عودهما ويستخرجا كنزهما وهما قادران على حمايته.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]ثم ينفض الرجل يده من الأمر. فهي رحمة الله التي اقتضت هذا التصرف. وهو أمر الله لا أمره. فقد أطلعه على الغيب في هذه المسألة وفيما قبلها، ووجهه إلى التصرف فيها وفق ما أطلعه عليه من غيبه.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]واختفى هذا العبد الصالح.. لقد مضى في المجهول كما خرج من المجهول.. إلا أن موسى تعلم من صحبته درسين مهمين:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]تعلم ألا يغتر بعلمه في الشريعة، فهناك علم الحقيقة.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]وتعلم ألا يتجهم قلبه لمصائب البشر، فربما تكون يد الرحمة الخالقة تخفي سرها من اللطف والإنقاذ، والإيناس وراء أقنعة الحزن والآلام والموت.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]هذه هي الدروس التي تعلمها موسى كليم الله عز وجل ورسوله من هذا العبد المدثر بالخفاء.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black][B][COLOR=#0000ff]والآن من يكون صاحب هذا العلم إذن..؟ أهو ولي أم نبي..؟[/COLOR][/B][/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]يرى كثير من الصوفية أن هذا العبد الرباني ولي من أولياء الله تعالى، أطلعه الله على جزء من علمه اللدني بغير أسباب انتقال العلم المعروفة.. ويرى بعض العلماء أن هذا العبد الصالح كان نبيا.. ويحتج أصحاب هذا الرأي بأن سياق القصة يدل على نبوته من وجوه:[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]1. أحدها قوله تعالى:[/FONT][/SIZE] [FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#ff0000]فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا [/COLOR][COLOR=#000000](65)[/COLOR] (الكهف)[/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Black][SIZE=6]2. والثاني قول موسى له:[/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#ff0000]قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا [/COLOR][COLOR=#000000](66)[/COLOR][COLOR=#ff0000] قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا [/COLOR][COLOR=#000000](67)[/COLOR][COLOR=#ff0000] وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا [/COLOR][COLOR=#000000](68)[/COLOR][COLOR=#ff0000] قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا [/COLOR][COLOR=#000000](69)[/COLOR][COLOR=#ff0000] قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا [/COLOR][COLOR=#000000](70)[/COLOR] (الكهف)[/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Black][SIZE=6]فلو كان وليا ولم يكن نبي، لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد. ولو أنه كان غير نبي، لكان هذا معناه أنه ليس معصوما، ولم يكن هناك دافع لموسى، وهو النبي العظيم، وصاحب العصمة، أن يلتمس علما من ولي غير واجب العصمة.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]3. والثالث أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام بوحي من الله وأمر منه.. وهذا دليل مستقل على نبوته، وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولي لا يجوز له الإقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى في خلده، لأن خاطره ليس بواجب العصمة.. إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق.. وإذن ففي إقدام الخضر على قتل الغلام دليل نبوته.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]4. والرابع قول الخضر لموسى:[/FONT][/SIZE] [FONT=Arial Black][SIZE=6][COLOR=#ff0000]رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي[/COLOR][/SIZE][/FONT] [FONT=Arial Black][SIZE=6]يعني أن ما فعلته لم أفعله من تلقاء نفسي، بل أمر أمرت به من الله وأوحي إلي فيه.[/SIZE][/FONT] [SIZE=6][FONT=Arial Black]فرأى العلماء أن الخضر نبيا، أما العباد والصوفية رأوا أنه وليا من أولياء الله.[/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black][COLOR=#008000]ومن كلمات الخضر التي أوردها الصوفية عنه.. قول وهب بن منبه: قال الخضر: يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها. وقول بشر بن الحارث الحافي.. قال موسى للخضر: أوصني.. قال الخضر: يسر الله عليك طاعته.[/COLOR][/FONT][/SIZE] [SIZE=6][FONT=Arial Black]ونحن نميل إلى اعتباره نبيا لعلمه اللدني، غير أننا لا نجد نصا في سياق القرآن على نبوته، ولا نجد نصا مانعا من اعتباره وليا آتاه الله بعض علمه اللدني.. ولعل هذا الغموض حول شخصه الكريم جاء متعمدا، ليخدم الهدف الأصلي للقصة.. ولسوف نلزم مكاننا فلا نتعداه ونختصم حول نبوته أو ولايته.. وإن أوردناه في سياق أنبياء الله، لكونه معلما لموسى.. وأستاذا له فترة من الزمن.[/FONT][/SIZE][/CENTER] [/INDENT] [/QUOTE]
الإسم
التحقق
رد
الرئيسية
المنتديات
,, البُريمِي الأَدَبِيـَة ,,
,, البُريمِي لِلقِصَص والرِوَايات ,,
(احســن القصص) .. سلسله قصصيه متجدده ..
أعلى