شووق قطر
¬°•| مراقبة عامة سابقة وصاحبة العطاء المميز |•°¬
تُستخدم عبارة "التسمم الغذائي" لوصف الحالات المرضية المفاجئة والناجمةعن تناول أطعمة تحتوي على عناصر ضارة.
والعناصر الضارة المعنية بهذه العبارة تقتصر على تلوث الطعام بالأشياء
الغريبة عن مكوناته الأصلية، مثل تلوث تلك الأطعمة بالميكروبات أو المواد
الكيميائية.
ويجب التفريق بين حالات "التسمم الغذائي" وبين حالات مرضية، ناجمة عن
الإفراط في تناول عناصر غذائية معينة، كالسكريات أو الدهون أو
البروتينات، والتي قد تُؤدي بالبعض لاحقاً إلى الإصابة بالسمنة أو مرض
السكري أو اضطرابات الكولسترول أو الفشل الكلوي أو غيرها.
وتلوث الأطعمة بالعناصر الضارة، والمتسببة بـ "التسمم الغذائي"، يُمكن أن
يحصل في واحد من المراحل المختلفة لعمليات إعداد الطعام وتجهيزه للتناول،
كالحفظ أو الطهي أو التقديم.
وتعتبر حالات "التسمم الغذائي" من الحالات المرضية الشائعة، بين
المُقيمين وبين المسافرين. والمضاعفات الصحية لحالات التسمم تلك يُمكن أن
تكون مزعجة أو مؤذية بشكل قد يصل إلى تهديد سلامة الحياة أو سلامة عدة
أعضاء في الجسم.
تختلف الأعراض التي قد تبدو على المُصاب بـ "التسمم الغذائي"، وذلك تبعاً
للحالة الصحية للشخص وعمره، وتبعاً أيضاً للسبب في تلوث الطعام.
وغالبية حالات التسمم الغذائي تُؤدي إلى بعض من الأعراض التالية:
- الغثيان والرغبة في القيء.
- القيء.
- إسهال.
- ألم في البطن.
- تقلصات مُؤلمة في المعدة.
- فقد الشهية للأكل.
- الشعور بالإعياء والتعب.
- ارتفاع حرارة الجسم.
وقد يبدأ الشعور بأي من هذه الأعراض خلال ساعات من تناول الطعام الملوث،أو بعد بضعة أيام من ذلك.
والاعتلال الصحي، نتيجة "التسمم الغذائي" قد يستمر بالعموم لمدة تتراوح
ما بين يوم وعشرة أيام.
أسباب متعددة
الأطعمة التي نتناولها عُرضة للتلوث بالميكروبات أو بالمواد الكيميائية
الضارة، في أي نقطة من الإنتاج إلى حين تجهيزها كلقمة للابتلاع، أي إما
في مرحلة النمو للمُنتج الحيواني أو النباتي أو البحري.
أو في مرحلة القطاف للمنتجات النباتية، أو الذبح للمنتجات الحيوانية، أو
الصيد للمنتجات البحرية. أو في مرحلة عملية الإعداد للمستهلك طازجة، أو
مرحلة الحفظ بأنواعها، كالتعليب أو التجميد أو التبريد، أو في مراحل
النقل من مكان الإنتاج إلى مكان الاستهلاك، أو في مراحل الإعداد لتقديمها
للتناول المباشر، كالطهي والوضع في الآنية أو الأطباق وغيرها.
وهذه المراحل مهمة في حالات الأطعمة التي يتم تناولها طازجة، مثل سلطات
الخضار، أو الفواكه أو أصناف اللحوم النيئة أو غيرها. وذلك لأن الطهي،
بالحرارة، يُقلل نسبياً من احتمالات بقاء الميكروبات في الأطعمة.
وتُعتبر الميكروبات السبب المهم والأكثر شيوعاً لحالات "التسمم الغذائي".
والميكروبات أنواع، تشمل الفيروسات والبكتيريا والفطريات والطفيليات
والديدان. وكلها قد تكون السبب في التلويث الميكروبي للأطعمة.
وتختلف في ما بين أنواع الميكروبات، تلك الأعراض الناجمة عن الإصابة بها
نتيجة تلويها للأطعمة، وأيضاً وقت ظهور الأعراض المرضية بعد تناول الطعام
الملوث بها، وكذلك نوعية الأطعمة التي قد تتلوث بها.
وبكتيريا إي كولاي الشهيرة E. coli ، تتسبب ببدء ظهور الأعراض فيما بين 1
إلى 8 أيام من تناول الأطعمة الملوثة بها. ومن أمثلة الأطعمة تلك لحوم
الحيوانات في مراحل الذبح بالمسالخ، والحليب غير المبستر، ومياه الشرب
الملوثة، وغيرها.
وبكتيريا "كامبيلوبكتر" Campylobacter تتسبب بظهور أعراض التسمم ما بين 2
إلى 5 أيام. ويحصل التلوث بها في اللحوم عند إتساخ اللحم بفضلات طعام
الحيوانات أو الدواجن، في المسلخ، وكذلك من الحليب غير المبستر، أو مياه
الشرب الملوثة.
وهناك أنواع أخرى من البكتيريا، مثل "كولستريديوم" Clostridium و
"ليستيريا" Listeria ، تظهر غالباً أعراض التسمم فيها خلال أقل من 24
ساعة.
وتظهر أعراض التسمم ببكتيريا "سالمونيلا" خلال ما بين يوم وثلاثة أيام.
وقد تُلوث هذه البكتيريا اللحوم أو البيض أو الحليب ومشتقات الألبان. وهي
قادرة على مقاومة عملية الطهي غير المكتملة.
وقد تنتقل من تلك الأطعمة إلى أطعمة أخرى، كالسلطة مثلاً، حينما تُستخدم
سكين سبق استخدامها في تقطيع لحم ملوث أو حينما لا يحرص الطاهي على تنظيف
يديه بعد لمس اللحوم أو غيرها.
ولا يكفي مجرد لبس قفازات بلاستيكية واحدة طوال عمليات إعداد أطباق
الوجبات، لأن الميكروبات قادرة على الالتصاق بها والانتقال من اللحوم
مثلاً إلى الخضار أو غيرها.
وتظهر أعراض عدوى ميكروبات "ساتفيلوكوكس أوريس" خلال ما بين ساعة إلى ست ساعات.
ولأن الكثيرين يحملون هذه البكتيريا على جلد أجزاء مختلفة من الجسم، فإن
من السهل على هذه ميكروبات أن تنتقل إلى الطعام عبر الأيدي الملوثة بتلك
البكتيريا، أو عبر العطس أو السعال نحو الطعام أو على الأيدي.
ويسهل أيضاً على هذه النوعية من البكتيريا النمو والتكاثر في أوساط بيئة
أنواع الطعام غير المطبوخ.
وتظهر أعراض طفيليات "غيارديا" فيما بين أسبوع إلى أسبوعين من تناول
لحوم، أو شرب مياه، ملوثة بها. ومن السهولة انتقال هذه الميكروبات
المزعجة جداً للأمعاء.
وهناك مجموعة من الفيروسات التي قد تتسبب بحالات التسمم الغذائي، منها ما
تظهر أعراضها خلال ساعات ومنها ما تظهر خلال بضعة أسابيع.
ويُمكن للفيروسات أن تُلوث مجموعات متنوعة جداً من الأطعمة، وقد يحصل
التلوث فيها في مراحل متأخرة، أو قد تتلوث تلك الأطعمة بالفيروسات وهي في
منشأها، أي مثل الأطعمة البحرية أو الخضار وغيرها.
والمقصود من عرض هذه الأسماء للميكروبات، ومن عرض تفاوت وقت بدء ظهور
الأعراض الناجمة عن التسمم بها، هو توضيح دواعي سؤال الطبيب عن نوعية
الطعام الذي تناوله المُصاب، وعن وقت ظهور الأعراض، في محاولته تجميع
المعلومات المفيدة في تشخيص السبب الميكروبي لحالة التسمم الغذائي لدى
المُصاب.
عوامل خطورة
هناك عدة عوامل وراء تأثر البعض بدرجات متفاوتة بتناول أطعمة ملوثة
بالميكروبات أو المواد الكيميائية.
ولذا نلحظ أحياناً أن مجموعة من الناس تتناول نفس الطعام الملوث، ولكن
يختلف تأثرهم وشدة الأعراض التي قد يشكون منها، لدرجة أن بعضهم قد يُعاني
بشكل كبير، وبعضهم الآخر لا يشكو من شيء.
وعدم شكوى البعض، ممن تناولوا نفس الطعام، لا يعني البتة أن الطعام كان
نقياً وخالياً من الميكروبات التي تضرر منها أشخاص آخرين تناولوا نفس
الطعام، بل من السذاجة التفكير بتلك الطريقة.
والواقع أن البعض قد يكون تناول أجزاء من الطعام ملوثة بشكل أكبر
بالميكروبات من أجزاء أخرى تناولها أشخاص آخرون شاركوهم في التناول من
نفس الصنف.
وقد يكون البعض تناول كميات أكبر من الميكروبات مقارنة بمن تناول القليل
منها. كما أن لمقدار العمر والحالة الصحية الأساسية للشخص تأثير في
الموضوع. ومجموعات الناس الأكثر عرضة للمعاناة من تسمم الغذاء تشمل:
- كبار السن. ولأن "لا شيء يستحي من آوانه"، فإنه كلما تقدم أحدنا في
عمره، كلما أصبح جهاز مناعته أقل نشاطاً في القدرة على مقاومة تأثر الجسم
بالميكروبات، وكذلك أقل سرعة في المبادرة بالتخلص من الميكروبات، بل حتى
أقل تنبهاً إلى دخول الميكروبات إلى الجسم.
وهذه الحقائق تفرض على الشخص الكبير في السن ملاحظة الأمر، وبالتالي
مراعاة واقع حال قدرات جهاز مناعته، ما يعني ضرورة الحرص على تناول
الأطعمة الطازجة بشكل نظيف، والأطعمة المطبوخة بصفة طهي سليمة وكافية.
- المرأة الحامل. والتغيرات التي تعتري جسم المرأة في خلال فترة الحمل،
من نواحي التمثيل الغذائي لتعامل الجسم مع المواد الغذائية التي تتناولها
المرأة، ومن نواحي الدورة الدموية، كلها ترفع من احتمالات حصول حالات
"التسمم الغذائي" خلال فترة الحمل
والواقع أن "حساسية" المرأة لأنواع الأطعمة لا تختص بـ "اشتهاء" الحامل
تناول أطعمة دون أخرى، أي التي "تتوحم" عليها، بل حتى تعامل جهازها
الهضمي مع ما تتناوله من أطعمة يتغير كذلك، وبالإضافة إلى الشكوى من
الحموضة ومن الإمساك ومن الغازات، ترتفع احتمالات المعاناة من تناول
الأطعمة الملوثة بالميكروبات أو المواد الكيميائية الضارة.
والضرر قد لا يقتصر على الحامل نفسها، بل ثمة أنواعاً من ميكروبات الطعام
التي قد تخترق المشيمة، عبر الدم مثلاً، وتصل إلى الجنين. ولذا فإن من
أوليات تغذية الحامل، إضافة إلى تناول الأغذية المفيدة والطازجة،
الاهتمام بنظافة الطعام وطهيه بشكل كافي وسليم.
- الأطفال الصغار والرُضّع. وبديهي أن جهاز مناعة هؤلاء الأطفال الصغار
غير قادر على مقاومة التأثر المرضي بأنواع الميكروبات المختلفة، حال
تلويثها لما يتناولوه من أطعمة أو مشروبات.
ويستغرق الأمر وقتاً كي تتكون قدرات لدى جهاز مناعة الطفل بإمكانها
ملاحظة دخول الميكروبات في وقت مبكر من العدوى بها، والبدء بمحاربة
الميكروبات تلك.
- الاصابة بالأمراض المزمنة. مثل مرض السكري أو فشل الكبد أو فشل الكلى
أو ضعف القلب، كلها عوامل تُؤدي إلى تدني قدرات جهاز مناعة الجسم. كما أن
بعض الأمراض تتطلب المعالجة بأدوية قد تُؤثر بشكل سلبي على قدرات جهاز
مناعة الجسم، كمرضى الربو أو التهابات المفاصل أو مرضى السرطان الذين
يتلقون علاجاً كيميائياً.
وهناك من الحالات المرضية التي قد تتطلب زراعة أحد الأعضاء، ما يتبعه
تلقائياً وضع المريض على نظام تناول أدوية "خفض نشاط جهاز مناعة الجسم"،
وبالمحصلة يكون هؤلاء الأشخاص عُرضة للتأثر بحالات "التسمم الغذائي" بشكل
أبلغ من غيرهم، ممن هم في نفس مقدار العمر.
فحوصات طبية
وغالباً ما يتم تشخيص حصول "تسمم غذائي"، وتوقع سببه المباشر بشكل
تقريبي، بمراجعة إجابات الأسئلة التي يطرحها الطبيب حول ملابسات الحالة.
وهي أسئلة تشمل محاولة معرفة منذ متى بدأ الشعور بالمشكلة، ونوعية ودرجة
شدة الأعراض والمظاهر المرضية على المُصاب، ونوعية الأطعمة التي تناولها
الشخص، والتي يُشتبه بتسببها بالحالة.
وبناءً على المُعطيات التي يجدها الطبيب، بسؤال الطبيب للمريض وفحصه له،
قد يلجأ الطبيب إلى طلب بعض الفحوصات الطبية، مثل تحليل الدم وعينة من
البراز.
والغاية من تحاليل الدم تحديد مدى الارتفاع أو الانخفاض في خلايا الدم
البيضاء والصفائح الدموية ونسبة هيموغلوبين الدم، إضافة إلى تحديد مؤشرات
وظائف الكلى والكبد.
وبالفحص الميكروسكوبي لعينة من البراز، وإجراء زراعة لها، قد يتم تشخيص
نوعية الميكروبات المتسببة بالحالة. وربما يتطلب الأمر تكرار فحص عينة
البراز وزراعتها.
وفي كثير من الأحيان لا تتوصل تلك الفحوصات إلى معرفة السبب الميكروبي
بدقة، وخاصة حينما يكون السبب أحد الفيروسات.
ولذا فإن الطبيب يلجأ إلى الاعتماد على دقة أخذ المعلومات المتعلقة بشكوى
المريض، في سبيل معرفة السبب، وعلى تلك المعلومات وعلى نتائج الفحص
السريري للمريض في سبيل تحديد مدى حصول مضاعفات "التسمم الغذائي"
ومعالجته بطريقة سليمة.
وأحد أهم مضاعفات "التسمم الغذائي" ومظاهره المرضية، وخاصة القيء
والإسهال، هو الجفاف. وهو ما يتطلب تعويض الجسم بالسوائل والأملاح، وخاصة
البوتاسيوم والصوديوم والكالسيوم.
ومشكلة الجفاف تكون أكثر وضوحاً، وأعمق في تأثيرها على أعضاء عدة في
الجسم، كالقلب والجهاز الدوري والكلى والدماغ، لدى الأطفال الصغار
والبالغين الكبار في السن والحوامل والمُصابين بأحد الأمراض المزمنة.
وقد لا يكفي تعويض النقص في سوائل الجسم عبر النُصح بالإكثار من تناولها
عبر الفم، بل قد يضطر الطبيب إلى إدخال المريض إلى المستشفى لإعطائه
السوائل والأملاح عبر الوريد.ومما تجدر معرفته أن هناك أنواعاً من الميكروبات التي قد تتسبب بمضاعفات
بالغة جراء "التسمم الغذائي" بها. مثل تأثير بكتيريا "ليستريا" على قدرة
احتفاظ الحوامل بالجنين، وتأثير أنواع شرسة من بكتيريا "إي كولاي" على
وظائف الكلى وصفائح الدم وخلايا الدم الحمراء.
المعالجة الدوائية
وثمة عاملان يتحكمان في نوعية العلاج الدوائي لحالات الإسهال، وهما نوع
الميكروب المتسبب بحالة "التسمم الغذائي"، ومستوى الأعراض والمظاهر
المرضية للحالة.
ولغالبية الحالات، تكون المعالجة دونما الحاجة لتناول أي أدوية، عبر
تعويض الجسم بالسوائل والأملاح وتجنب تناول الأطعمة المثيرة للإسهال أو
القيء.
ومما يجب أن يكون حاضراً في الذهن، حال محاولات معالجة "التسمم الغذائي"،
أن تعويض السوائل والأملاح هو الأساس.
والأصل أن يتم تعويض السوائل والأملاح من خلال تناولها عبر الفم. وفي
حالات خاصة، كتكرار القيء أو انخفاض ضغط الدم وزيادة النبض، أو ارتفاع
حرارة الجسم، أو الإعياء المرضي الشديد، أو حصول تأثر في وظائف الكلى،
وخاصة لدى كبار السن أو الأطفال أو المُصابين بأحد الأمراض المزمنة، قد
يتطلب تعويض السوائل والأملاح إعطائها عبر الوريد.
وهناك حالات تتطلب تناول أحد المضادات الحيوية، والتي أفضلها
"سيبروفولكساسين". وذلك حينما يكون ثمة ارتفاع في درجة حرارة الجسم أو
انخفاض في ضغط الدم مع ارتفاع نبض القلب أو خروج دم مع البراز، أو عزل
البكتيريا المتسببة بالحالة في نتائج زراعة عينة البراز أو الدم