يأتي السابع عشر من أكتوبر في كل عام لتحتفل السلطنة بيوم المرأة العمانية ، تقديرًا لدورها ومساهمتها في مختلف المجالات ، وتكريمًا للنهج السامي الذي وجه به جلالة السلطان قابوس - طيب الله ثراه - ، والذي تواصل العمل به حكومة مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ، للتأكيد بدور المرأة العمانية في بناء وطنها والدفع بعجلة التنمية يداً بيد مع الرجل .
وللحديث حول هذا الموضوع فإني سوف أخرج عن المألوف الذي اعتاد عليه الجميع بطرحه في هذه المناسبة ، من خلال الحديث عن مساهمات المرأة والشراكة المطلوبة بين الرجل والمرأة لبناء هذا الوطن ، لأسلط الضوء عن قرب حول شخصية نسائية آمنت بأهمية خدمة الوطن والمجتمع وعشقت العمل التطوعي رغم الإعاقة التي قدر الله لها منذ ولادتها ، مريم بنت صقر المقبالية من ولاية صحار نشأت في أسرة ذات دخل محدود وذلك بعد وفاة والدها رحمه الله ، ورغم الظروف الصعبة التي واجهتها إلا أنها أكملت دراستها الثانوية ، ولكن التوفيق لم يحالفها في تحقيق نسبة كبيرة تكمل بها دراستها العليا .
هذه الفتاة ومنذ ولادتها كانت تحمل إعاقة في قدمها ، ولكنها رغم ذلك لم تقف عاجزة بل أصرت على تثقيف نفسها ومن ثم إثبات وجودها في المجتمع ، لذلك اتجهت المقبالية إلى عالم الأعمال التطوعية ، الذي يعتبر خير وسيلة تفرغ فيها طاقتها لأجل خدمة مجتمعها ، حيث بدأت عام 1993م العمل التطوعي لتصبح رائدة لجماعات دعم صحة المجتمع ورئيسة فريق أصدقاء البلدية في بلدية صحار ، كما أنها تعتبر أحد المؤسسين لفرع الجمعية العمانية للمعوقين بولاية صحار ، إضافة إلى أنها كانت ضمن أعضاء اللجنة الصحية للمتطوعين بالولاية في ذلك الوقت ، وتولت كذلك رئاسة شؤون المسنين في مبادرة ( فنر بيتنا ) ، إضافة إلى أنها من أبرز الداعمين والمتعاونين مع جمعية المرأة العمانية ومركز الوفاء بصحار ، متحدية الإعاقة مريم المقبالية نالت لقب سفيرة العطاء عام 2017م في احتفالية إمارة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة ، وكذلك لقب سفيرة التحدي من هيئة الاستثمار والتعاون الدولي ، وحصلت أيضا على جواز التطوع السياحي من الشبكة العمانية للتطوع .
السيرة الذاتية للمقبالية تحظى بالعديد من المشاركات في الورش والمؤتمرات والندوات في السلطنة وخارجها حيث لا يسمح الوقت لسرد مشاركاتها العديدة ، ونظرًا لجهودها المبذولة بالأعمال الإنسانية الداعمة للمجتمع والأفراد ، فقد نالت التكريم من المنظمات والجمعيات المعنية بالعمل التطوعي وكذلك بالجوانب الإنسانية ، وكذلك نالت التكريم من الشخصيات البارزة على المستوى المحلي والخليجي والعربي التي تدعم مثل هذه الأعمال الخيرة ، حيث كرمتها الشيخة سهيلة السالم الصباح من دولة الكويت ، والشيخ دعيج ال خليفة الرئيس الفخري للجمعية الخليجية للإعاقة ، وسعادة الدكتورة معصومة حسن النائب البرلماني بمملكة البحرين الشقيقة ، والسيدة حجيجة آل سعيد رئيسة مجلس إدارة جمعية رعاية الأطفال المعوقين من سلطنة عمان ، وغيرهم الكثير ولكن لضيق الوقت لا يمكن ذكرهم جميعاً.
بعدما استمعنا للجانب المشرق لسفيرة التحدي مريم المقبالية ، دعونا الآن نتعرف على الجانب المحزن من سيرة هذه السيدة العمانية المثابرة صاحبة الابتسامة الدائمة ، وتتلخص مأساتها أنها ومنذ أن أنهت دراستها الثانوية كانت تحلم بالحصول على وظيفة تعين بها نفسها وكذلك عائلتها ، إلا أنها لم تتوفق لوظيفة لا في الحكومة ولا بالقطاع الخاص ، على الرغم أنها وجهت رسائل عديدة منذ عام 1994م للحصول على وظيفة وسلمتها للعديد من المسوؤلين الذين وعدوها بالنظر لطلبها ولكن للآن لم يلتفت إليها أي مسؤول أو جهة ، وكأن الجميع يقول لا مكان معنا لتوظيف فتاة تعاني من إعاقة ، ولكن يبقى الأمل بالله كبير في تحقيق أمنية هذه الفتاة العمانية ، ولعل الاحتفال بيوم المرأة العمانية يوجد لها خبر يرفع من معنوياتها ويحقق لها حلم طال انتظاره ، والله سبحانه قادر على كل شي .
د.حميد بن فاضل الشبلي
Humaid.fadhil@yahoo.com